الملائكة
كلمة الملك من " ألك " ، والمألكة
والمألك الرسالة ومن أشتق الملائك لأنهم رسل الله ، وقيل أشتق من لأك والملأكة
الرسالة ، وألكنى الى فلان أى أبلغه عنى ، والملأك الملك لأنه يبلغ عن الله تعالى
.
الجن والملائكة :
الملائكة مخلوقات نورانية لطيفة خلقهم الله
تعالى لعبادته وجعلهم عبادا مكرمين مجبولين على طاعته ليس فيهم كافر ولا عاصى .
أما الجن فقد خلقهم الله من مارج من نار أى
من لهب النار الصافى كما قال الله فى سورة الرحمن " وخلق الجان من مارج من
نار " .
والجن كالانس من حيث أنهم يتوالدون ويتناكحون
وفيهم ذكور واناث وفيهم المؤمن والكافر والتقى الصالح والعاصى الفاسق ، ويستترون
عن أعين البشر ولكنهم يتشكلون بقدرة الله عز وجل اشكالا مختلفة ولا يراهم أحد من
البشر على هيئتهم الحقيقية الأصلية " انه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم
" .
والملائكة أجسام نورانية أى من تكوين غير
مادى قادرة على التشكل بأشكال مختلفة ، روى الأئمة أحمد ومسلم والبيهقى عن السيدة
عائشة رضى الله عنها أن رسول الله ﷺ قال " خلقت الملائكة من نور ، وخلق الجان
من مارج من نار " ، وكذلك الحديث " خلقت الملائكة من نور ، وخلق الجان
من مارج من نار ، وخلق آدم كما وصف لكم " ، روى الشيخان عن أسيد بن خضير رضى
الله عنه قال " بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة وفرسه مربوطة اذ جالت
الفرس فسكت فسكتت فرفع رأسه الى السماء فاذا هو بمثل الظلة فيها أمثال المصابيح
عرجت الى السماء حتى ما يراها فلما أصبح حدث رسول الله ﷺ بذلك فقال " تلك
الملائكة دنت لصوتك ولو قرأت لأصبح الناس ينظرون اليها لا تتوارى منهم " .
الايمان بالملائكة
الايمان بالملائكة ركن من أركان الايمان ،
ومن أنكر وجودهم فهو كافر قال تعالى " ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله
واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا " النساء 136 ، وهناك آيات كثيرة توضح ذلك
من بينها فى سورة الحشر " آمن الرسول بما أنزل اليه من ربه والمؤمنون كل آمن
بالله وملائكته وكتبه ورسله لانفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك
ربنا واليك المصير " .
قوة الملائكة
قوة الملاك تختلف حسب عدد الأجنحة فهى التى
تدفعه وتعطيه القوة مثل محرك الطائرة فى العصر الحديث فهناك طائرة صغيرة بمحرك
صغير وطائرات عملاقة بمحركين لهما قدرات هائلة ، وكذلك الصواريخ والطيور وهلم جرا
، فكل شىء فى الكون له حجم ونسبة وتناسب حتى على وجه الأرض من الفيروسات الى الحوت
الضخم الى الفيل والنسر وهكذا .
وعظم خلق الملائكة دليل على عظيم سلطان الحق
سبحانه وقوته على الخلق ، ويكفى لنا خلق السماء والأرض ويقول الله سبحانه وتعالى
" الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولى أجنحة مثنى وثلاث
ورباع يزيد فى الخلق ما يشاء ان الله على كل شىء قدير " فاطر 1
ويبين الرسول ﷺ ما لدى الملائكة من عظيم قوة
فيقول فى حديث " أذن لى أن أتحدث عن ملك من حملة العرش رجلاه فى الأرض السفلى
وعلى قرنه العرش ، ومن شحمة أذنه وعاتقه خفقان الطير سبعمائة عام " أبو داود
بسند صحيح .
قال ابن عباس رضى الله عنه " خزنة النار
تسعة عشر كما فى الآية " عليها تسعة
عشر " المدثر 30 ما بين منكبى أخدهم مسيرة سنة وقوته أن يضرب القمعة فيدفع
بتلك الضربة سبعين ألفا فيقعون فى قعر جهنم " زاد المسير مجلد 1 ص 313 .
يقول الله عن ملائكة جهنم ( السدنة ) "
عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون "
التحريم 7 ، وفى سورة النجم قال الله فى حق
جبريل " علمه شديد القوى " أى علم جبريل الأمين سيدنا محمد ﷺ مانزل به
من الوحى كما أمره الله وجبريل شديد القوى أى ذو قوة شديدة كما وصفه الله فقال
" ذو مرة " أى ذو شدة فى خلقه ، وقد ورد فى الحديث " ان جبريل عليه
السلام خلق على ستمائة جناح يتناثر منها تهاويل الدر والياقوت ، والتهاويل شىء
يبهر الأنظار كالدر والياقوت " والمعنى أن جبريل يسقط من أجنحته شىء يبهر
الأنظار كالدر والياقوت .
وسرعة الضوء وهى أعظم سرعة يعرفها البشر هى
186 ألف ميل فى الثانية ، أما سرعة الملاك فهى فوق ذلك ، فقد كان السائل يأتى
النبى ﷺ فلا يكاد يفرغ من سؤاله حتى يأتى جبريل عليه السلام بالجواب من رب العزة
والسرعة لا تقاس بمقاييس البشر فهى خياية مثل الزمن " ان يوما عند ربك كألف
سنة مما تعدون " .
الملائكة يستحيل علينا ادراك قوتهم
يستحيل رؤية الملائكة بالعين الطبيعية لأنها
مخلوقات روحانية تفوق قدرة البشر على الادراك ويبعثهم الله على هيئة بشر كما بعث
الملاك الى مريم " وتمثل لها بشرا سويا " ، وحتى عندما كان ملك الوحى
يتنزل على الرسول ﷺ كان لا يأتيه بطبيعته وبخلقه بل كان يأتى على هيئة بشر كما ورد
فى الأحاديث أو كان لا يراه أحد حتى ممن حول الرسول ﷺ بل كان الرسول ﷺ يصف شعوره
حين يأتيه الوحى أنه كان يتصبب عرقا من قوة الملك ، ولو حول الله الملائكة الى
هيئة أخرى كهيئة البشر حتى تتمكن قدرة الانسان على ادراكهم لأنتهت الحقيقة ولحدث
اللبس ، فالكائن تقاس قوته بطبيعته لا أن يتحول يقول الله تعالى " ولو جعلناه
ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون " الأنعام 10 .
كيف كان يأتى الوحى الى الرسول ﷺ :
ان جبريل هو أفضل الملائكة وخصه الله بالسفارة بينه وبين رسله فكان ينزل بالوحى اليهم ، سأل الحارث بن هشام رضى الله عنه الرسول ﷺ فقال " يا رسول الله كيف يأتيك الوحى ؟ فقال الرسول ﷺ " يأتينى الملك أحيانا فى مثل صلصلة الجرس فيفصم عنى وقد وعيت ما قال ، وهو أشده على ، ويتمثل لى الملك أحيانا رجلا فيكلمنى فأعى ما يقول " البخارى ، فجبريل كان يأتى الرسول ﷺ ويتصل به وهو فى حالته الملائكية ، وهذه شديدة على الرسول ﷺ والحالة الثانية كان جبريل ينتقل من حالته الملائكية الى البشرية وهذه أخف على الرسول ﷺ ، وقد رأى الرسول ﷺجبريل على صورته التى خلقها الله عليها مرتين : مرة بعد البعثة بثلاث سنوات كما ثبت ذلك فى صحيح البخارى أن الرسول ﷺ قال " بينما أنا أمشى اذ سمعت صوتا من السماء فرفعت بصرى فاذا الملك الذى جاءنى بحراء جالس على كرسى بين السماء والأرض فرعبت منه فرجعت فقلت زملونى " ، والمرة الثانية رآه عندما عرج الى السماء ، وهاتان المرتان مذكورتان فى سورة النجم " علمه شديد القوى * ذو مرة فاستوى * وهو بالأفق الأعلى * ثم دنا فتدلى " الآيات 5 – 8
ومن قوة جبريل أنه ينزل من مقامه الذى يتلقى
فيه الوحى فوق سبع سموات ، ويسمع كلام الله الى الأنبياء بمثل طرفة عين ، هذه
المسافة الطويلة لا يستطيع أن يقدرها بشر بالسنوات الضوئية ، وروى الأئمة أحمد
ومسلم وأبن ماجه رضى الله عنهم عن سيدنا عمر رضى الله عنه قال " بينما نحن
جلوس عند رسول الله ﷺ ذات يوم ا1ا طلع علينا رجل شديد بياض الثوب ، شديد سواد
الشعر ، لا يرى عليه أثر السفر ، ولا يعرفه منا أحد ، حتى جلس الى النبى ﷺ فأسند
ركبته الى ركبته ووضع كفيه على فخذيه --- ( حتى وصل الى قوله ) ثم انطلق فلبث مليا
فقال رسول الله ﷺ " يا عمر أتدرى من السائل ؟ قلت : الله ورسوله أعلم قال
" فانه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم " .
وقد كان سيدنا جبريل عليه السلام يتمثل
لسيدنا رسول الله ﷺ على صورة أحد الصحابة وهو دحية الكلبى ، كما كان يأتى أحيانا
فى صورة غيره من الرجال ، كما تمثل لسيدتنا مريم عليها السلام بشرا سويا أى تام
الخلقة كما نعرف فى سورة مريم .
تخصصات الملائكة
كما قلنا الملائكة مخلوقات نورانية خلقهم
الله تعالى لعبادته وجعلهم عبادا مكرمين مجبولين على طاعته ليس فيهم كافر ولا عاصى
مسبحون عابدون ، لا يسأمون ولا يفترون ، وكل ملك موكل بمهام وله مساعدون ، وكل له
قوة وقدرة ، فهناك حملة العرش كل ملك رجلاه فى الأرض السفلى وعلى قرنه العرش ومن
شحمة أذنه وعاتقه خفقان الطير سبعمائة عام .
ومنهم جبريل أو جبرائيل خصه الله بالسفارة
بينه وبين رسله فكان ينزل بالوحى اليهم وخلق على ستمائة جناح ولما جاء للرسول ﷺ فى
صورته جالس على كرسي بين السماء والأرض وهو فى غار حراء رعب منه ورجع يقول زملونى
.
والملائكة منهم السماويون والأرضيون والصافون والمسبحون والمدبرون الذين يدبرون الأمر من السماء الى الأرض على ما سبق به القضاء ، قال تعالى " وانا لنحن الصافون * وانا لنحن المسبحون " وفى سورة النازعات " والنازعات فرقا * والناشطات نشطا * والسابحات سبحا * فالسابقات سبقا * فالمدبرات أمرا " وهناك ملائكة يتعاقبون فى البشر ينزلون ويصعدون كل عصر وكل صبح أى بعد الفجر يحفظون البشر الا من شىء قدر الله تعالى أنه يقع ويصيبهم ولولا وجود هؤلاء الملائكة الحفظة لجعلنا الجن كالكرة يلعب بها اللاعبون " له معقبات يحفظونه " .
وكل ملك له مساعدون كثيرون يطيعونه ، فقبض
الأرواح مستند الى عزرائيل ، ونفخ الصور الى اسرافيل وهكذا ، ولكل ملك له مساعدون
وقد جاء لفظ الملائكة بالجمع عند قبض الأرواح " ان الذين توفاهم الملائكة
ظالمى أنفسهم ----" النساء 98 ، وفى آية أخرى " ولو ترى اذ الظالمون فى
غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم ----" الأنعام 94 .
وهناك سدنة جهنم وزبانية جهنم " عليها
ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يأمرون " التحريم 7 ،
" سندعو الزبانية " ، وفى صحيح مسلم عن عبد الله قال قال رسول الله ﷺ
" يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك ، "
وتعرج الملائكة والروح اليه فى يوم مقداره خمسون ألف سنة " .
وهكذا تتجلى عظمة الله الخالق العظيم فى خلق
مسخرون لعبادته طائعون ليس لهم مهمة أخرى سوى طاعة الله وتنفيذ أوامره ، وخلق من
طين الأرض الانس وخلق الجان من مارج من نار الكل خلقهم لعبادته وطاعته وأعطاهم
الحرية " وما خلقت الانس والجن الا
ليعبدون " العبادة أى الطاعة لأوامره واجتناب معاصيه وجعل لهم أجل محدد
يرجعون فيه ليجازى المحسن والمسىء سبحانك يا الله يا خالق يا عظيم .