Grammar American & British

Showing posts with label زيجات الرسول صلى الله عليه وسلم -. Show all posts
Showing posts with label زيجات الرسول صلى الله عليه وسلم -. Show all posts

Friday, August 13, 2021

زيجات الرسول صلى الله عليه وسلم - من سمات مدرسة النبوة لأمهات المؤمنين ( 13 )

زيجات الرسول صلى الله عليه وسلم ( 13 ) 

من سمات مدرسة النبوة لأمهات المؤمنين

اتسمت مدرسة النبوة بعدة صفات منها

1- ) أنها تسير بوحى من الله سبحانه وتعالى : فكل أفعال الرسول ﷺ موحاة له من الله وتتم بمشيئة الله ، وبعضها كان يتم بتدخل مباشر من الوحى ، مثل رؤية الرسول ﷺ لزواجه بالسيدة عائشة رضى الله عنها كما سبق شرح ذلك ، والأمر الآلهى بالوحى المنزل فى القرآن ليتزوج ابنة عمته زينب بنت جحش " فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكيلا يكون على المؤمنين حرج فى أزواج أدعيائهم اذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مقعولا " الأحزاب 37

والانسان منا فى أحواله العادية فى كتاب من عند الله يكتب فيه مصيره وعمله ، فما بالنا برسول أرسله الله ليكون خاتما اانبيين ومعلما للبشرية .

2- ) تنوع الثقافات فى مدرسة النبوة والأنساب والديانات التنى توحدت تحت راية الاسلام : فالرسول ﷺ تزوج سيدات من أعمار مختلفة والبكر الوحيدة كانت السيدة عائشة رضى الله عنها وباقى زوجاته كن ثيبات ومنهن من كانت معيلة ( السيدة خديجة ، وسودة بنت زمعة ، وأم سلمة ، وهند بنت أبى سفيان ) ، ومن كانت يهودية ( صفية بنت حيى بن اخطب ) ، ومن كانت نصرانية ( السيدة مارية القبطية التى أهداها له المقوقس فتزوجها بعد أن دعاه لدخول الاسلام ، وقيل عنها أنها سرية ولكن لم يكن هناك فارق فى ذلك ) ، ومن كانت قريبته ( انبة عمته زينب بنت جحش ) ، ومن كانت من القبائل المعادية الاسلام ( جويرية بنت الحارث ، وهند بنت أبى سفيان ) .

3- ) حرص الرسول ﷺ على توطيد العقيدة من بعده فقال " عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدى تمسكوا بها " وهذه العقيدة توطدت من خلال النسب والمصاهرة لتتم الوحدة فى فى أعلى صورها وكانت عادة عند العرب أن يزوج الرجل ابنته لمن يحب أو أن يتزوج من ابنة من يحب لتكون هناك وحدة دم ورباط دائم ، فزوج الرسول ﷺ بناته لأقرب أصحابه فزوج السيدة فاطمة ابنته لابن عمه على بن أبى طالب رضى الله عنه ، وزوج ابنتيه رقية وأم كلثوم لعثمان بن عفان رضى الله عنه وسمى ذو النورين لذلك ، وتزوج انبة صاحبة أبى بكر الصديق رضى الله عنه السيدة عائشة رضى الله عنها ، وتزوج السيدة حفصة رضى الله عنها ابنة صاحبه عمر بن الخطاب رضى الله عنه .

لقد كان رباط عقيدة وتوطد بالنسب والمصاهرة وكان هناك الشرف الحاصل بأن يصبحن من آل البيت النبوى فقد قال الله سبحانه وتعالى فى القرآن الكريم " سلام الله عليكم آل البيت " ، فكل من انضم الى البيت النبوى الشريف نال هذا السلام من الله وهذه منزلة عظيمة من الله سبحانه وتعالى ، وفى يومنا هذا وعلى مساحة العالم العربى وما تعداه انتشرت صلة النسب بين عرب الجزيرة العربية وسائر الشعوب الأخرى بالمصاهرة والدين وكانت الأمة العربية وكان هناك النسب الذى امتد كذلك مع الفنح الاسلامى الى بلدان أخرى فى آسيا وافريقيا ولازال النسب والمصاهرة حتى الآن يقويان العقيدة ويدخل الكثيرون فى الاسلام مع هذه المصاهرة .

4- ) تنوع الأعمار والانساب والديانات أثرى العقيدة الاسلامية  فزوجات الرسول ﷺ حفظن عنه الكثير من الأحاديث التى أفادت الأمة الاسلامية وبخاصة السيدة عائشة رضى الله عنها وأثبت أن العقيدة تتخطى الحدود والثقافات ولا تعترف بالفوارق الدينية والعرقية والقبلية ، فالكل سواسية وحديثنا هنا عن مدرسة النساء ، أما مدرسة الرجال من الصحابة الأكثر انساعا يتضح فيها ذلك بشكل كبير ، فيها الفارسى ( سليمان الفارسى ) والرومى ( صهيب الرومى ) والحبشى ( بلال بن رباح ) والنصرانى واليهودى والوثنى والأبيض والأسود كل ينصهر فى بوتقة العقيدة ، وهناك الكثير من الأمثلة بل ان الاسلام كان هو الحديث على كل ذلك حتى فرض نفسه .

5- ) براعة الرسول ﷺ فى التعامل مع زوجاته فى حالة التعدد  فلم نسمع عن واحدة اشتكت منه ، وحتى فى حالة التخيير تمسكن بالحياة معه رغم شظف العيش وما كان عليه من عيش رغيد كما كان الحال بالنسبة للسيدة صفية التى كان أبوها رئيس قومه ، وكذلك بعد آية التحديد ، كذلك ضرب لنا الرسول ﷺ أروع الأمثلة فى العدل بين الزوجات فى كل شىء مما يحتاج الى حديث آخر موسع .

6- ) الزواج كان ضرورة للمرأة فى بيئة الصحراء القاسية وبخاصة من فقدت العائل  ولنا أن نتخيل أن نعيش فى صحراء الجزيرة العربية القاسية القاحلة التى لا يوجد بها ماء أو نبات الا القليل الذى ينبت على المطر وبعض الآبار على خلاف البيئة الزراعية التى تنعم بالرخاء والاستقرار ، وفى عصر بدائى لا يشبه عصرنا الحالى الذى توافرت فيه المياه والكهرباء والمواصلات وكل وسائل العيش الرغيد ، فلو أن انسانا وبخاصة اذا كان امرأة توجه الى الصحراء ليعيش فى خيمة أو بيت بدائى من الطوب اللبن أو الحجارة أو الشعر وطعامه تمر وماء وخبز شعيروعنده بعض الماعز والابل والغنم ماذا يفعل ؟ ، فلو كانت امرأة وحيدة ومات عنها زوجها وترك لها أولادا كيف تتصرف فى هذه الحياة ! ، حتى قضاء الحاجة كان يحتاج الخروج الى بيت الخلاء بما فى ذلك من مشقة وبخاصة فى الحر والبرد الشديد أو الظلمة فلم تكن البيوت والمساكن مجهزة بشىء مما نحن فيه الآن ، لايمكن لأى امرأة أن تعيش بمفردها لساعات ، بل لابد من وجود رجل يرعاها ويرعى مصالحها ، لايمكن أن تستمر فى العيش فى بيت أبيها أو أخيها وكلنا يعرف ذلك ، لابد من وجود بيت زوجية مستقل لها تنعم فيه بحريتها وتكون لها حياتها الخاصة مع زوج يصونها ، فلابد أن يتزوجها أحد وبخاصة اذا فقدت الجمال والمال وكانت مسؤولة عن أولاد وفى هذا الموقف لابد أن نقدر عظيم التقدير موقف الرسول ﷺ عندما تزوج من ترملن وفقدن الزوج فكل من يريد الزواج يتزوج بكرا أو ذات ثروة أو عائلة وليس من فقدت الجمال والزوج ولها أولاد فى أمس الحاجة الى عائل .

7- ) ان زيجات الرسول ﷺ بعد السيدة خديجة رضى الله عنها كانت فى المدينة  أم فى مكة لم يتزوج بعدها سوى سودة بنت زمعهة لفترة قصيرة جدا ورحل الى المدينة ، وبالنسبة للسيدة عائشة رضى الله عنها كانت الخطبة فى مكة  وبنى بها فى المدينة فكان التعدد بمعناه فى المدينة وليس فى مكة وقد نتساءل لماذا حدث ذلك ؟ وللرد يمكن أن نقول ان حياة الرسول ﷺ فى مكة كان أغلبها فى وجود السيدة خديجة وكانت تملأ حياته برجاحة عقلها لأنه تزوجها فى سن الأربعين وهى سن النضج بالنسبة للمرأة ، وكانت الودود التى ملأت عليه حياته الأولى التى يحتاج فيها الى المساندة والتى كانت فيها الدعوة ضعيفة وتحتاج الى المساعدة والدعم ، وكانت الولود التى أنجبت له ذريته استثناء وحيد هو ابنه ابراهيم الذى أنجبته السيدة مارية القبطية وملت صغيرا ومن عاش من ذريته هى السيدة فاطمة التى شاء الله أنيكون امتداد الذرية النبوية منها بعد زواجها من سيدنا على رضى الله عنه ، وقد تزوج سيدنا عثمان رضى الله عنه من ابنتى الرسول ﷺ وقد توفيتا ، وزيجات الرسول ﷺ اللاحقة فى المدينة لم ينتج عنها ذرية ، لكن تشكلت فى المدينة مدرسة النبوة لأمهات المؤمنين ، فلم يكن زواجا كما كان الحال بالنسبة للسيدة خديجة رضى الله عنها ، لقد كان قسم كبير فى حياتها قبل نزول الوحى وبداية الدعوة فكانت حياة زوجية أكثر منها دعوية ، وبدأت الحياة الدعوية بعد نزول الوحى على الرسول ﷺ ، والسيدة خديجة هى من توجه الى ورقة بن نوفل الذى أعلن لها أن ما أنزل على الرسول ﷺ فى غار حراء هو الوحى الذى ينزل على الأنبياء وبذلك أعلنت بداية الدعوة من بيتها ، وكانت الدعوة فى بدايتها تحتاج الى تثبيت ودعم العقيدة على التوحيد وتحتاج الى القضاء على عقيدة الشرك التى كان عليها العرب فى مكة معقل الأصنام التى كانت حول الكعبة ، اذن تغيير العقيدة لابد أن ينبع من منبع الشرك ومن مركز الثقل وهى مكة ، واستمرت الدعوة وكان القرآن الذى نزل فى مكة معظمه يدعو الى توحيد الله سبحانه وتعالى واثارة الحجج على وحدانية الله وقدرته فى الكون من خلال السور المكية وكانت الدعوة يتبعها أفراد قلائل مستضعفون ، ولم يتكون المجتمع الاسلامى بل كانت نواة العقيدة التى بدأت تمد جذورها فكان زواج الرسول ﷺ يتسم بالتفرد فتزوج بالسيدة خديجة تبعها بسودة بنت زمعة ، وبعد أن ترسخت العقيدة كان لابد أن تنطلق الى المرحلة المجتمعية بدخول الاسلام أفواجا فى مجتمع المدينة بدخول الأوس والخزرج فى الاسلام وهم سكان المدينة مع وجود اليهود فيها فانضم المهاجرون من مكة الى مجتمع المدينة وتشكلت نواة الدعوة الاسلامية التى اختلفت احتياجاتها فكانت تحتاج الى التشريع فلابد أن تختلف حياة الرسول ﷺ حتى حياته الاجتماعية والمجتمعية لابد أن تختلف لأنه قائد ومشرع لأمة فحياته هى حياة أمة وهى النبع الهادى لهذه الأمة فتشكلت مدرسة النبوة التى لابد أن تكون متعددة الأفراد ، فتعددت زيجات الرسول ﷺ بعد أن كبر سنه ودخلت الدعهوة فى منعطف جديد ، ودخلت فى الصراع المسلح مع أعدائها من الكفار وغيرهم فبدأت الغزوات وكان هناك الشهداء الذين خلفوا من ورائهم أرامل وذرية لابد أن يعيلها المجتمع الاسلامى ، اذن لابد أن يكون هناك التعدد ، وكانت هناك السبايا كما هى عادة الحروب قديما وحديثا تكثر الأرامل وذلك كان هو السبب الأول لتعدد زيجات الرسول ﷺ وذلك التعدد أتى بفائدة عظيمة وهى تشكيل مدرسة النبوة لأمهات المؤمنين ، فقد كانت هناك حاجة الى التشريع الأسرى والاجتماعى والحياتى ، وهذا الجانب لا يكتمل الا فى وجود المرأة المسلمة التى لابد أن تكون معايشة للرسول ﷺ تشاركه حياته الخاصة لتنقل الصورة الى باقى المسلمين ، وليس أدل على ذلك من الاحاديث التى روتها زوجات الرسول ﷺ فأكبر عدد روى من الأحاديث كان للسيدة عائشة رضى الله عنها بعد زواجه منها لما لها من عقلية وذاكرة حافظة لأن الذاكرة قدرة خاصة وليست قدرة عامة ، فليس كل شخص يتمتع بقوة الذاكرة التى تحفظ ما تسمع ، ومن زوجات الرسول ﷺ من كانت ذات ذرية شغلتها تربيتها عن الالتفات الى التلقى والحفظ ، فليست كل واحدة فى الظروف مثل الأخرى .

8- ) تشابه المجتمعات فى اعتقاداتها وعاداتها فى هذه الفترة  وذلك نلاحظه فى ارسال المقوقس الى الرسول ﷺ لمارية القبطية ، فالمقوقس كان على النصرلنية عند دعوة الرسول ﷺ له للاسلام  وارساله رسالته اليه فمعنى ارسال المقوقس مارية لتكون جارية له كان يشير الى وجود التعدد فى كل المجتمعات ووجود المحظيات كظاهرة فى كافة المجتمعات القديمة وكذلك وجود السرارى وليس مجتمع الجزيرة العربية وحده الذى قد يكون أقلها حظا نظرا لمحدوديته وقلة موارده وعدم استقراره وقلة اختلاطه مقارنة بمجتمعات الروم والفرس التى كانت فى بيئات زراعية غنية وكثرت حروبها نتيجة لعقيدتها التوسعية فكثر فيها سبايا الحروب من النساء وقد أشار الرسول ﷺ الى ذلك حيث قال فى وصية له " استوصوا بمصر خيرا فان لها نسبا وصهرا " فالنسب هو سيدنا اسماعيل أبو العرب فأمه السيدة هاجر مصرية ، وجد سيدنا محمد ﷺ من سيدنا ابراهيم عليه السلام وكذلك نلاحظ أن ترسيخ الصلات كان من خلال الصهر والنسب ليس عند العرب فى شبه الجزيرة العربية فحسب فكانت المصاهرة عادة موجودة فى كل مكان وبخاصة بالنسبة للملوك والحكام فالمقوقس اتجه الى تقوية الرابطة مع الرسول ﷺ بايجاد صلة للمصاهرة والنسب وكان ذلك من أقوى الاسباب لزيجات الرسول ﷺ .

خاتمة

أرجو أن أكون قد وفقت بعون الله وحوله فى تغطية هذا الموضوع ، وقد بذلت قصارى جهدى لتقديم الحقيقة للمسلم فى المقام الأول فهو المستهدف من التشكيك فى اخلاق رسوله الكريم ﷺ وهو المنزه عن كل الشبهات وأدعو الله سبحانه وتعالى أن يكون ذلك قربى اليه وأن يكون قربى ليشفع لى رسوله الكريم ﷺ يوم الحساب يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم وعمل مقبول ، أتمنى من الله أن يكون عملى مقبولا وكل ما أرجو من أى مسلم أن يتحرى الحقيقة حول رسوله الكريم ﷺ ولا يصدق ما يقال عنه من الحاقدين وأعداء الاسلام بحجة ما يسمونه حرية الفكر وكأن حرية الفكر لا تكون الا بالتطاول على رسول الله ﷺ وكما حدث بالنسبة للرسوم المسيئة للرسول ﷺ والتى تتهمه بالارهاب لتتهم المسلمين بالارهاب ولا يتجرأ أحدهم فى بلاد الحرية أن ينفى المحرقة النازية لليهود وقد شملت يهود وغيرهم ، لابد أن نرجع الى كتاب الله وسنة رسوله ﷺ ، لابد أن يكون رسول الله ﷺ أحب الينا من أنفسنا حيث يقول " لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب اليه من نفسه " ويقول الله فى القرآن الكريم " وما كان لمؤمن أو مؤمنة اذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم " فعلينا بطاعة الله والتمسك بسنة رسوله ﷺ .


Monday, August 2, 2021

زيجات الرسول صلى الله عليه وسلم _ موقف الرسول صلعم بعد التحديد والحكمة من زيجاته ( 12 )

( 12 ) زيجات الرسول صلى الله عليه وسلم  



موقف الرسول ﷺ بعد نزول آية التحديد والحكمة من زيجاته 

ان الاسلام جاء لاصلاح المجتمع الجاهلى ولاصلاح حال البشرية قاطبة ، وكانت هناك أمور ج\يدة على النفوس وبخاصة فى مسائل التحريم ، فمثلا عند تحريم الخمر كان هناك تحريم على مراحل لأن الخمر كانت متمكنة من النفوس فحرمت الخمر فى البداية أثناء الصلاة فقط " لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى " ، ثم حرمت مطلقا ، وبالنسبة للمجتمع الجاهلى بل العالم القديم بأثره كان الزواج المبكر بمجرد سن البلوغ وكان هناك التعدد فى الزوجات دون تحديد رغبة من الاستكثار من الذرية ومن البنين خاصة ليكونوا للقبيلة عزا ومنعة بين القبائل ، وكان هناك السبايا والسرارى والمحظيات بل انتشر الزنا وامتلأ المجتمع الجاهلى بشرائح من الزانيات والبغايا اللاتى كان لهن بيوت يستقبلن فيها الزناة ويضعن عليها " رايات " ليعرفها طلاب المتعة ، فى وسط هذا التطرف فى الانحلال لابد أن تتمكن العقيدة من النفوس أولا ثم يبدأ التشريع الاجتماعى وبعد أن تمكنت العقيدة من النفوس تدخل الشرع الآلهى فنزلت آية التحديد بأربع زوجات فى سورة النساء " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع وان خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت ايمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا " وقد سرت آية التحديد على الرسول ﷺ فأمره الله بقوله " لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن أزواج ولو أعجبك حسنهن الا ما ملكت يمينك وكان الله على كل شىء رقيبا " الأحزاب 52 وفى آية أخرى " يا أيها النبى انا أحللنا لك أزواجك اللاتى آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتى هاجرن معك وامرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبى ان أراد النبى أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم فى أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفورا رحيما " الأحزاب 50

تدخل الرسول ﷺ فخير زوجاته حسب الآية الكريمة فى أن يسرحهن بالمعروف أو أن يستمررن معه " يا أيها النبى قل لأزواجك ان كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا * وان كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فان الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما * يا نساء النبى من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا * ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقا كريما * يا نساء النبى لستن كأحد من النساء ان اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذى فى قلبه مرض وقلن قولا معروفا * وقرن فى بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا * واذكرن ما يتلى فى بيوتكن من آيات الله والحكمة ان الله كان لطيفا خبيرا " الأحزاب 28 – 34

الآيات السابقة حددت العلاقة بين الرسول ﷺ وزوجاته فتركت لهن الحرية فى الاستمرار معه فى مدرسته والفوز بالجزاء والثواب من عند الله تعالى فى الجنة وكذلك حذرمن يأت منهن بعمل يخرج عن طاعة الله وليس الفاحشة هنا هى أرتكاب الكبائر فأى عمل منهن محسوب عليهن فهن لسن كأحد من النساء " يا نساء النبى لستن كأحد من النساء " والله قد ضاعف العذاب والعقاب لمن تخضع حتى بمجرد القول الذى يجعل الغير أسوياء من البشر يقولون الأقاويل على رسول الله ﷺ وعلى الاسلام ككل وليس حديث الافك منا ببعيد وأمرن أن يقرن فى بيوتهن ، فالمرأة ليست مكلفة بالعمل والسعى فى طلب الرزق فزوجها من يكفلها ولأمرن بعدم التبرج وهو ابداء الزينة للناس وقد سبقت هذه الأمور أمر العبادة من اقامة الصلاو وايتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله باتباع كتاب الله وسنة رسوله ﷺ وهذا ليس بغريب فالمرأة بالتزامها تسد كل الفتن والطرق المؤدية الى الزنى من قول ومظهر وهذا يسبق العبادة المطلوبة منها وهذا يوضح دقة الفرآن واعجازه عندما يوجه الكلام لنساء النبى ﷺ ويقصد به كذلك سائر نساء المسلمين من حولهم فى كافة العصور ونساء النبى ﷺ بزواجهن منه دخلن فى مدرسة التربية النبوية التى سوف تعلم باقى النساء وباقى المجتمع كله وقد تعدد النسوة فى هذه المدرسة ليكثر العلم والتشريع فلو كانت واحدة لكان التشريع محدودا ولكن تعددت الحالات .

ما أنزله الله من أوامر ونواهى كفيل بازالة الرجس عن نساء النبى ﷺ أى الفعل القبيح المجرم فالله بهذه الأوامر يطهرهن وهن من بيت النبى ﷺ " انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " وأمرن بتلاوة آيات الله ، وهذه الآيات تحدد علاقة أمهات المؤمنين بالله ورسوله وبالناس من حولهن وقد نهى الله سبحانه وتعالى عن نكاح زوجات النبى ﷺ لأنهن أمهات المؤمنين ولا يحل للشخص أن ينكح أمه ان ذالكم كان عند الله عظيما ففى الآية الكريمة التى وردت فى سورة الأحزاب " وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده ابدا ان ذلكم كان عند الله عظيما " الأحزاب 53 ، فهذه الاية حددت علاقة المجتمع الاسلامى بزوجات الرسول ﷺ وقد كرمت الآية الرسول ﷺ حيث أن زوجاته لا يحللن لأحد من بعده مثل نساء الجنة كما ورد فى سورة الرحمن عن نساء أهل الجنة " حور مقصورات فى الخيام لم يطمثهن انس قبلهم ولا جان " ، وهذا اعلاء لشأنهن حيث تمتعن بأحد سمات أهل الجنة فى الدنيا ونساء الرسول ﷺ تشرفن به فلا يمكن أن يدانى هذا أى تشريف آخر فكان آخر عهد لهن فى الحياة به وكل واحدة فازت بلقب أم المؤمنين من الله سبحانه وتعالى وبلقب زوجة الرسول ﷺ كما ورد فى آيات القرآن ومن نظر الى الرسول ﷺ عرف أن زواجه بهذا العدد من النساء فى أواخر عمره بعد أن قضى ما يقارب ثلاثين عاما من ريعان شبابه وأجود أيامه مقتصرا على زوجة واحدة تكبره بخمسة عشر عاما ، ان هذا الزواج لم يكن لأجل أنه وجد بغتة فى نفسه قوة عارمة من الشبق بل كانت هناك أغراض أخرى أجل وأعظم من ذلك وما يحققه الزواج عامة ويمكن أن نذكر النقاط الآتية فى الحكمة من زواج الرسول ﷺ :

1- ) توثيق الصلات مع الأصحاب فاتجاه الرسول ﷺ الى مصاهرة أبى بكر وعمر رضى الله عنهما بزواجه بعائشة وحفصة رضى الله عنهما وكذلك تزويجه ابنته فاطمة رضى الله عنها لعلى ابن أبى طالب رضى الله عته وتزويجه ابنتيه رقية وأم كلثوم رضى الله عنهما الى عثمان رضى الله عنه يشير الى أنه يبغى من وراء ذلك توثيق الصلاة بالرجال الأربعة وكل واحد منهن يعتبر من الدعائم الكبرى فى مساندة الدعوة الاسلامية وله منزلته وموقفه مما يحتاج الى بيان طويل وقد كانت الدعوة فى مهدها وتحتاج الى الدعم والتأييد وهؤلاء الأربعة عرف عنهم بلاءهم وفداءهم للاسلام فى الأزمات التى مر بها وكان من تقاليد العرب الاحترام للمصاهرة فقد كان الصهر عندهم بابا من أبواب التفقرب بين البطون المختلفة وكانوا يرون مناوأة ومحاربة الأصهار سبة وعارا على أنفسهم فأراد الرسول ﷺ بزواج عدة من أمهات المؤمنين أن يكسر عداء القبائل للاسلام ويطفىء حدة بغضائها فعلى سبيل المثال كانت أم سلمة من بنى مخزوم حى أبى جهل وخالد بن الوليد فلما تزوجها رسول الله ﷺ لم يقف خلد من المسلمين نفس موقفه الشديد بأحد بل أسلم بعد مدة غير طويلة طائعا راغبا وكذلك أبى سفيان لم يواجه رسول الله ﷺ بأى محاربة بعد زواجه بابنته أم حبيبة وكذلك لم نجد من قبيلتى بنى المصطلق وبنى النضير أى استفزاز وعداء بعد زواجه بجويرية وصفية بل كانت جويرية أعظم النساء بركة على قومها فقد أطلق أصحاب الرسول ﷺ  الكثير من أسرى قومها حين تزوجها رسول الله ﷺ وقالوا : أصهار رسول الله ﷺ ، ولا يخفى ما لهذا المن من الأثر البالغ فى النفوس .

2- ) تبليغ الشرائع والتعليمات الخاصة بالنساء ومن خلال المعايشة لأن البيئة العربية وكذلك تعاليم الاسلام تمنع الاختلاط وكان هناك أمور فقهية تخص المرأة وهناك حرج أن يبينها الرسول ﷺ فكان يتكفل بذلك أزواجه وبخاصة السيدة عائشة رضى الله عنها مثل الحيض والطهارة والغسل وخلاف ذلك ، ووجود النساء من الأعمار المختلفة والمواهب والانتماءات الذين دخلن مدرسة النبوة وتعلمن منها وتربوا فيها واطلعوا على الشرائع والاحكام وتثقفن بثقافة الاسلام ثم قمن بتربية من حولهن وكان منهن رواة للحديث وبخاصة السيدة عائشة رضى الله عنها وقد قال الرسول ﷺ عنها " خذوا نصف دينكم من الحميراء " يقصد السيدة عائشة رضى الله عنها وروت الكثير من الاحاديث لما تمتعت به من ذكاء وقوة الذاكرة والمعايشة خير وسيلة للتعلم كما نعلم ، ففى العصر الحديث يكون التعليم التطبيقى والعملى أى ممارسة وكذلك معايشة العلم وجعله مشاهد واضحة وهناك معايشة مثلا للمجتمعات لدراسة سلوكها وتقاليدها وأحوالها وكذلك معايشة البيئة كما هو الحال فى دراسة النباتات والطيور والحيوانات ولا ننسى أيضا التعلم بالتلقى مباشرة من المعلم وتوجيهاته وهو التعلم بالتلقى ، بل أن أحد أفضل وسائل التعليم للطلاب هو من خلال التوضيح واللمارسة وبخاصة فى أمور الدين فكلها سلوكية فمن اللممكن اقيام بالوضوء لشرح الوضوء والصلاة والحج وكل ذلك من خلال التجربة الحية والممارسة وكذلك يمكن الرجوع الى المعلم فى كافة المسائل العارضة والاسترشاد بعلمه فما بالنا بمجتمع المرأة الذى هو نصف المجتمع ومسؤول عن تربية النصف الآخر وبخاصة فى المراحل الأولى فلا يمكن تجاهل هذا المجتمع فى دين هو منهج الحياة وليس مجرد طقوس أو شعائر أو عبادات بل هو منهاج حياة وسلوك وقد كان لأمهات المؤمنين فضل كبير فى نقل أحوال الرسول ﷺ المنزلية خصوصا من طالت حياتهن معه مثل السيدة عائشة رضى الله عنها فانها روت الكثير عن أقوال وأفعال الرسول ﷺ ولنا أن نتخيل عدم وجود هذا الكم الهائل من الأحاديث التى روتها .

ولكى نعلم شدة المحافظة التى كان عليها الرسول ﷺ نطالع الحديث الذى أخرجه أحمد فى مسنده عن أميمة بنت رقيقة قالت " أتيت النبى ﷺ فى نساء نبايعه فأخذ علينا ما فى القرآن : ألا نشرك بالله شيئا – الآية ، قال : فيما استطعتن وأطعتن " قلن " الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا " قلن : يارسول الله ألا تصافحنا ؟ قال " انى لا أصافح النساء " انما قولى لامرأة واحدة كقولى لمائة امرأة " .

من هذا الحديث نستنتج حرص الرسول ﷺ على وجود المرأة ودورها فى المجتمع فعند دخوله المدينة جمع النساء من الأنصار فى بيت ثم بعث لهن عمر بن الخطاب ومددن أيديهن من داخل البيت ومد سيدنا عمر رضى الله عنه يده من خارج البيت وقال لهن ما أمره الرسول ﷺ " ، كل ما يهمنا فى هذه الاحاديث أن نتعرف على البيئة العربية ومجتمعها الذى يمنع الاختلاط كما هو حادث فى عصرنا وخاصة فى المجتمعات الغربية الذى تعدى فيه الأمر كل الحدود من الاباحية فكل مجتمع له خصوصياته وبخاصة المجتمع الاسلامى فالرسول ﷺ أرسل سيدنا عمر رضى الله عنه لابلاغ وصاياه الى نساء المدينة للمبايعة على دين الاسلام وسيدنا عمر رضى الله عنه لم يختلط بهن أو يصافحهن كما هو الحال مع الرجال بل كانت البيعة من وراء جدار وكذلك الأمر بالنسبة للرسول ﷺ ، فعندما أتت النساء اليه لمبايعته لم يمد يديه للمصافحة وقال " أنى لا اصافح النساء " وقال " انما قولى لامرأة واحدة كقولى لمائة امرأة " . نلمس من ذلك كذلك حاجة الرسول ﷺ الى من تبلغ عنه وتعلم النساء أمور دينهن دون حرج ، كل ذلك قبل أن يتزوج السيدة عائشة رضى الله عنها فقد قيل أنه تزوجها فى السنة الآولى أو الثانية من الهجرة ، وبعد زواجه بها أدت هذا الدور وقامت به خير قيام وقد وضح ذلك من خلال الأحاديث الكثيرة التى روتها ونحن نعلم دور الاحاديث النبوية فى الدين فالسنة والقرآن شيئا واحدا وكل لا يتجزأ وكان الرسول ﷺ فى جاجة الى داعيات يبلغن عنه الاسلام مثل حاجته الى الرجال ، والوصول الى مجتمع الرجال سهل يسير فأصحابه كانوا من حوله يحفظون أحاديثه ولكن يصعب أن يكن النساء حوله الأمر الذى لا يتحقق الا بالزواج فالله قد اختار السيدة عائشة رضى الله عنها لتكون الداعية المبلغة للدعوة الاسلامية من خلال معايشة الرسول ﷺ ومن خلال ما تمتعت به من ذكاء وقوة ذاكرة وكلها صفات لا تتوافر فى معظم البشر ولا يمكن أن نتصور غياب الدور الذى قامت به السيدة عائشة فى تعليم الاسلام وحفظ الاحاديث وروايتها ، ان ذلك الدور هام وضرورى وكان لابد أن يتحقق حتى يكتمل الدين بنصفى المجتمع والله يقول " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الاسلام دينا فكيف يكتمل الدين دون الالتفات الى المرأة وتعليمها؟

3- ) كان هناك زواج لكسر تقاليد وعادات المجتمع الجاهلى المتأصلة منها مسألة كبيرة خطيرة كانت منتشرة وهى التبنى فقد كان للمتبنى عند العرب فى الجاهلية جميع الحرمات والحقوق التى كانت للابن الحقيقى من النسب وكان ينسب المتبنى الى من يتبناه ويحمل اسمه فقد كان يطلق على زيد " زيد بن محمد " ومن ضمن ما كان للمتبنى أن الأب لا يتزوج امرأة من تبناه بعد وفاته أو طلاقه لزوجته فجاء الاسلام وحرم قضية التبنى وقدر الله أن يكون هدم تلك القاعدة على يد الرسول ﷺ وبذاته الشريفة فقد كانت ابنة عمته زينب بنت جحش تحت زيد بن حارثة وتعذر بقاء الحياة الزوجية بينهما على الوجه المطلوب وزيد هذا كان الرسول ﷺ قد تبناه فجاء الاسلام وأبطل التنبى الذى من آثاره أن الأب لا يتزوج امرأة من تبناه بعد وفاته أو طلاقه لزوجته فاختار الله تعالى لهذه المهمة صاحب الرسالة ﷺ وأمره بالزواج من زينب بنت جحش بعد طلاقها الطبيعى من زيد وليس كما يدعون أنه أعجب بها فأمره أن يطلقها .


Friday, July 30, 2021

زيجات الرسول صلى الله عليه وسلم - زواج الرسول صلعم بميمونة بنت الحارث الهلالية فى عمرة القضاء ( 11 )

 ( 11 )زيجات الرسول صلى الله عليه وسلم 

زواج الرسول ﷺ بميمونة بنت الحارث الهلالية فى عمرة القضاء    

هى ميمونة بنت الحارث بن حزم بن هرم بن رؤبة بن عامر الهلالى نسبة الى جدها الأعلى ، وأمها هى هند بنت عوف بن زهير بن الحارث بن حماطو بن حمير الحميرية وهى أخت أم الفضل لبلبة الكبرى زوجة العباس عم الرسول ﷺ وكانت من السابقين الى الاسلام وكانت آخر أمهات المؤمنين توفى عنها زوجها أبو رهم بن عبد العزى العامرى تزوجها الرسول ﷺ فى ذى القعدة 7 هجرية فى عمرة القضاء توفيت بسرف سنة 61 هجرية ودفنت هناك ولايزال موضع قبرها معروفا ، انتهت ولاية أمرها الى زوج أختها العباس الذى زوجها رسول الله ﷺ وبنى بها الرسول ﷺ فى سرف قرب التنعيم حيث يكون بدء الاحرام للمقيمين من أهل مكة .

وقيل أنها هى التى وهبت نفسها للنبى ﷺ والتى نزل فيها قوله تعالى " وامرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبى ان أراد النبى أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين " وقيل أنه لما جاءها الخاطب بالبشرى قفزت من فوق بعيرها وقالت : البعير وما عليه لرسول الله ﷺ " ، ووصفها العباس للنبى ﷺ وقال له " قد تأيمت من أبى رهم " فكان زواج الرسول ﷺ جبرا لتأيمها واستجابة لارادة عمه العباس واكراما لاختها أم الفضل وكانت من السابقين فى الاسلام وقبولا لهبتها نفسها للنبى ﷺ .

هؤلاء احدى عشر سيدة تزوج بهن الرسول ﷺ وبنى بهن وتوفيت منهن اثنتان فى حياته : السيدة خديجة رضى الله عنها وزينب أم المساكين رضى الله عنها ، وتوفى الرسول ﷺ عن التسع الباقين ، وأما السرارى فالمعروف أنه تسرى باثنتين هما مارية القبطية أهداها له المقوقس فأولدها ابنه ابراهيم الذى توفى صغيرا بالمدينة فى حياته ﷺ فى 28 أو 29 من شوال 10 هجرية ، والسرية الثانية هى ريحانة بنت زيد النضرية أو القرظية كانت من سبايا بنى قريظة فاصطفاها لنفسه وقيل بل هى من أزواجه ﷺ أعتقها فتزوجها .

Thursday, July 29, 2021

زيجات الرسول صلى الله عليه وسلم - زواج الرسول صلعم من صفية بنت حيى بن أخطب ( 10 )

 10 ) زيجات الرسول صلى الله عليه وسلم 

زواج الرسولﷺ من صفية بنت حيى بن أخطب سيد بنى النضير من بنى اسرائيل

كانت من سبى خيبر اللائى وقعن فى الأسر بعد هزيمة بنى النضير أمام المسلمين كانت من نصيب النبى ﷺ فأعتقها وتزوجها بعد فتح خيبر سنة 7 هجرية وتوفيت سنة 50 هجرية ودفنت بالبقيع ولم يكن موقفها بدءا فى ذلك وانما كان موقفها انسانيا فهى فى كل الأحوال أسيرة وتحت يديه فأكرمها وأعطاها أفضل صك عنده وهى أن تكون زوجة بدلا من أن تكون أسيرته أو رقيقته كما كانت العادة فى الحروب ، فعل الرسول ﷺ ذلك مع عقيلة بنى النضير اليهود بعد غزوة بنى قريظة وانهزام الأحزاب وردهم مدحورين من وقعة الخندق .

فى الحديث الذى أخرجه أحمد واللفظ له وفى البخارى عن زواج النبى ﷺ بصفية بنت حيى بن أخطب عن أنس " أن رسول الله ﷺ غزا خيبر فصلينا عنده صلاة الغداة بغلس فركب رسول الله ﷺ وركب أبو طلحة وأنا رديف أبى طلحة فأجرى بنا نبى الله ﷺ فى زقاق خيبر وأن ركبتى لتمس فخذى نبى الله ﷺ فلما دخل القرية قال " الله أكبر خربت خيبر انا اذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين " قالها ثلاث مرات ، قال : وقد خرج القوم الى أعمالهم فقالوا محمد قال : عبد العزيز وقال بعض أصحابنا بنو الخميس قال : فأصبناها عنوة فجمع السبى قال : فجاء دحية ( هو دحية بن خليفة الكلبى ) فقال : يا نبى الله اعطنى جارية من السبى قال : اذهب فخذ جارية قال : فسآخذ صفية بنت حيى فجاء رجل الى النبى ﷺ فقال : يا رسول الله أعطيت دحية صفية بنت حيى سيدة قريظة ( أمها كانت بنت سيدهم ) والنضير ( أباها كان سيدهم ) والله ما تصلح الا لك ! فقال ﷺ : أدعوه بها فجاء بها فلما نظر النبى ﷺ قال : خذ جارية من السبى غيرها ثم ان النبى ﷺ أعتقها فتزوجها فقال له ثابت : يا أبا حمزة ( كنية أنس ) ما أصدقها ؟ قال : نفسها ( بأن جعل نفس العتق صداقا ) أعتقها وتزوجها حتى اذا كان بالطريق جهزتها أم سليمك ( أم أنس ) فأهدتها ( أى زفتها ) له من الليل وأصبح النبى ﷺ عروسا فقال : من كان عنده شىء فليجىء به وبسط نظعا فجعل الرجل يجىء بالاقط وجعل الرجل يجىء بالتمر وجعل الرجل يجىء بالسمن قال : وأحسبه قد ذكر السويق قال : فحاسو حيسا ( خلط السمن بالتمر والاقط لعمل حيس ) وكانت وليمة رسول الله ﷺ " .

ولا يختلف موقف صفية كثيرا عن موقف جويرية بنت الحارث التى وقعت فى سهم أحد الصحابة ثم اشتكى للرسول ﷺ وفى النهاية تدخل وسدد ما عليها من مكاتبة وتزوجها ، وهذه المرة لم ينتظر حتى يحدث ما حدث قبل ذلك فتدخل ولكن هذه المرة تقدم أحد الصحابة عند تقسيم السبى واستأذن النبى ﷺ فى اختيار من يروق لنفسه لتكون فى سهمه حتى يستطيع أن يحسن عشرتها ، ودائما النفس البشرية تبحث عن الشىء النفيس لو خيرت فاختار بنت سيد القوم من السبى تنبه بعض من لهم الحق مثله لهذا الاختيار وبلغ الرسول ﷺ وبحصافة المؤمن وفراسته قال للرسول ﷺ : انها لا تصلح الا لك لأنه مهما أخذها منهم من أحد فلا يصلح أن يتميز على سائرهم من غير أن يكون هناك تراص من الجميع وهم لا يرضون بأحد سوى رسول الله ﷺ فلو لم يأخذها الرسول ﷺ لنفسه وهم الذين تربوا على طاعته " ما كان لمؤمن أو مؤمنة اذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم " ربما ترسب فى النفوس وحدث من الشقاق ما لا تحمد عقباه ، وقد كانت ذات حسب ونسب فى قومها من بيت الملك والنبوة فلا يصلح انتهاك حرمتها بمن هو دون نسبها ، وأخرج الترمذى عن صفية قالت : دخل على ﷺ وأنا أبكى وقد بلغنى أن عائشة وحفصة قالتا : نحن أكرم على رسول الله ﷺ منها ونحن أزواجه وبنات عمه ! فقال : ما يبكيك ؟ فذكرت له ذلك فقال ألا قلت : وكيف تكونان خيرا منى وأبى هارون وعمى موسى وزوجى محمد ﷺ " .

والأمر الآخر لزواج النبى ﷺ هو قتل زوجها وأبوها وأخوها فقد روى عن جابر أنه ﷺ أتى بصفية يوم خيبر وأنه قتل أباها وأخاها وأن بلالا مر به بين المقتولين وزوجها قتل عنها وهى عروس قال فى عيون الأثر لابن سيد الناس " فقتل رسول الله ﷺ ابنى أبى الحقيق ، فأحدهما زوج صفية بنت حيى بن أخطب وسبى نسائهم وذراريهم ، وقسم أموالهم للنكث الذى نكثوا ، وورد أن الرسول ﷺ خيرها بين أن يرجعها الى من يتولى أمرها ممن بقى من أهلها فاختارته ﷺ فعن جابر أنه ﷺ خيرها بين أن يعتقها فترجع الى من بقى من أهلها أو تسلم فيتخذها لنفسه فقالت : اختار الله ورسوله وأن زواجا يؤدى الى انقاذ نفس من الكفر الى الاسلام لزواج ميمون مبارك " وروى أبو يعلى بسند جيد عنها أنها قالت : انتهيت الى رسول الله ﷺ وما من الناس أحد أكره الى منه فقال : ان قومك صنعوا كذا وكذا قالت : فما قمت من مقعدى وما من الناس أحد أحب اليه منه " .

ان الرسول ﷺ بما له من خلق عظيم يأسر من يتعامل معه بحبه وأخلاقه وكرمه فقد خيرها بين الرجوع الى أهلها أو الاستمرار معه وبعد أن ذاقت حلاوة الايمان فضلته على أهلها وعلى الدنيا ومتاعها الزائل رغم ما كانت عليه من رغد العيش وما هو عليه من شظف العيش .

Wednesday, July 28, 2021

زيجات الرسول صلى الله عليه وسلم - زواج الرسول صلعم بأم حبيبة رملة بنت أبى سفيان ( 9 )

 9 ) زيجات الرسول صلى الله عليه وسلم 

زواج الرسول ﷺ بأم حبيبة رملة بنت أبى سفيان

اسمها رملة بنت أبى سفيان بن حرب كبير مشركى مكة وأشد أهلها خصومة للرسول ﷺ وأمها صفية بنت العاص بن أمية ولدت قبل البعثة بسبعة عشر عاما تزوجها عبيد الله بن جحش بن رباب بن يعمر الأسدى من بنى أسد بن خزيمة فأسلما معا وخرجا معا مهاجرين باسلامهما الى الحبشة فى الهجرة الأولى وولدت له حبيبة وبها كانت تكنى وتعرضت لمحنة قاسية ذلك أن زوجها الذى لم يكن الاسلام قد تمكن من قلبه أعلن ارتداده عن الاسلام ودخوله فى النصرانية التى كانت سائدة فى بلاد الحبشة وتوفى بالحبشة وثبتت أم حبيبة على اسلامها ولكنها كانت فى محنة كبيرة تمثلت فى ارتداد زوجها وكفر أبيها وغربتها وقد فارقت أبيها مغاضة اياه فى مكة منذ أن دخلت فى دين الله فكيف ترجع اليه ؟ وكانت حاملا أيضا ، كانت فى محنة كبيرة لا نصير لها وهى فى حالة الحمل والضعف فبعث النبى ﷺ عمرو بن أمية الضمرى بكتابه الى النجاشى فى المحرم 7 هجرية لينفذ النجاشى فى أمرها أما هى فأرسلت الى خالد بن سعيد بن العاص فوكلته لأنه ابن عم أبيها فخطب عليه أم حبيبة فزوجها اياه وأصدقها من عنده 400 دينار وبعث بها مع شرحبيل بن حسنة فابتنى بها النبى ﷺ بعد رجوعه من خيبر وكانت خطبة الرسول ﷺ لها وزواجه منها نعم الانقاذ والنجدة لهذه المسلمة المبتلاة فى الغربة وكانت لطمة كبيرة لرأس الكفر فى مكة أبى سفيان بن حرب الذى كان تعقيبه على زواج النبى ﷺ من ابنته هو قوله " ان هذا الفحل لا يجدع أنفه ( كناية عن الاعتراف بأن محمدا ﷺ لن تنال منه الايام ولن يقوى أهل مكة وهو على رأسهم على هزيمته والخلاص منه لأنه ينتقل من نصر الى نصر ) ، توفيت سنة 42 أو 44 هجرية حسب الروايات المختلفة وكان الرسول ﷺ سريعا لنجدة أصحابه مما دعاه الى التعجيل بزواجها وهى بالحبشة وقد قرب هذا الزواج بين الرسول ﷺ وبين أبى سفيان أبيها كما حدث بعد ذلك بعد دخول أبى سفيان فى الاسلام .

Tuesday, July 27, 2021

زيجات الرسول صلى الله عليه وسلم - زواج الرسول صلعم من جويرية بنت الحارث ( 8 )

8- ) زيجات الرسول صلى الله عليه وسلم 


واج النبى ﷺ من جويرية بنت الحارث سيد بنى المصطلق من خزاعة

كانت بنت الحارث بن ضرار زعيم بنى المصطلق وقائدهم ، كانت ممن وقع فى الأسر بعد هزيمة بنى المصطلق فى الغزوة المسماة باسمهم فى سهم ثابت بن قيس بن شماس فكاتبها فقضى الرسول ﷺ كتابتها وتزوجها فى شعبان سنة 6 هجرية وقيل سنة 5 هجرية ، توفيت فى ربيع الأول سنة 56 هجرية فى دولة بنى أمية وصلى عليها عبد الملك بن مروان ولها 65 سنة وقيل سبعين سنة .

عندما استقر الرسول ﷺ بالمدينة عقد معاهدة مع من كان بالمدينة ، وقال ابن اسحاق " وكتب رسول الله ﷺ كتابا بين المهاجرين والانصار ووادع فيه اليهود وعاهدهم وأقرهم على دينهم وأموالهم وشرط لهم واشترط عليهم ونص المهاهدة موجود فى كتب الأحاديث وكتب السير وتعتبر المعاهدة من أفضل النصوص فى حقوق الانسان وترد على كل من يقول أن الاسلام انتشر بالسيف ومن ضمن نصوص المعاهدة " وان من تبعنا من يهود فان له النصر والأسوة غير مظلومين ومتناصر عليهم " ومن نصوصها " وأنكم مهما اختلفتم فيه من شىء فان مرده الى الله والى محمد وأن اليهود يتفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين وان يهود بنى عوف أمة من المؤمنين ، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم ، بنى النجار مثل مواليهم وأنفسهم الا من ظلم أو اثم فانه لا يوتع ( أى يهلك ) الا نفسه وأهل بيته وذكر مثل ذلك لهود ( بنى النجار ) وبنى الحارث وبنى ساعدة وبنى جشم وبنى الأوس وبنى ثعلبة وبنى الشطبة " ، ومن نصوص المعاهدة أيضا " وأن على اليهود نفقتهم وأن على المسلمين نفقتهم وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة وأن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الاثم وأن بينهم النصر على من دهم يثرب " .

هذه بعض فقرات من المعاهدة التى تبرز حرص الرسول ﷺ على الجوار والسلام يقول القرآن " وان جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله " فقد عاهد النبى ﷺ كل من كان بالمدينة ومن كان هم الأوس والخزرج واليهود فاخى بين الأوس والخزرج وهى الانصار وعاهد اليهود ولكن لم يتركوه ولم يلتزموا بنصوص المعاهدة وتآمروا عليه وتحالفوا مع قبائل الكفار من العرب لينصروهم على المسلمين وبرز ذلك فى غزوة الخندق التى حاصر فيها الكفار المسلمين لمدة شهر حتى نصرهم الله فما كان من الرسول ﷺ الا أن يرد لهم عدوانهم ليأمن نفسه من شرورهم ومن بين مؤمراتهم المحاولات المتكررة بقتله بالسم والقاء حجر عليه .

وموقف الرسول ﷺ كان دائما يميل الى السلم ولم يثبت أنه اعتدى على أحد ولكنه كان دائما يرد العدوان ، وسبب غزوة بنى المصطلق وتسمى كذلك بغزوة المريسيع حسب ما ذكره ابن كثير عن ابن اسحاق " أن الرسول ﷺ بلفه أن بنى المصطلق يجمعون له وقائدهم الحارث بن أبى ضرار أبو جويرية التى تزوجها الرسول ﷺ فلما سمع بهم خرج اليهم حتى لقيهم على ماء من مياههم يقال له المريسيع من ناحية قديد الى الساحل فتزاحم الناس واقتتلوا فهزم الله بنى المصطلق وقتل من قتل منهم ونقل رسول الله ﷺ أبناءهم وأموالهم فأفاءهم عليه وحديث السيدة عائشة رضى الله عنها يتحدث عن زواج النبى ﷺ بجويرية بنت الحارث رضى الله عنها وهو لم يستأثر بها لنفسه عند توزيع الغنائم بل كانت فى السهم لثابت بن قيس بن الشماس أو لابن عم له فكاتبته على نفسها ( والمكاتبة هى أن ينجم ( والكلمة معناها يقسط ) المالك على عبده أو أمته مقدارا من المال اذا أداه صار حرا " ونرجع الى نص الحديث لنخرج منه ببعض النتائج فقد ورد فى مسند أحمد عن عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها قالت " لم قسم رسول الله ﷺ سبايا بنى المصطلق وقعت جويرية بنت الحارث فى السهم لثابت بن قيس بن الشماس أو لابن عم له فكاتبته على نفسها ، فكانت امرأة حلوة ملاحة لا يراها رجل الا أخذت بنفسه فأتت النبى ﷺ تستعينه فى كتابتها قالت " فو الله ما هو الا أن رأيتها على باب حجرتى فكرهتها وعرفت أنه سيرى منها ما رأيت فدخلت عليه فقالت : يا رسول الله أنا جويرية بنت الحارث بن أبى ضرار سيد قومه وقد أصابنى من البلاء ما لم يخف عليك فوقعت فى السهم لثابت بن قيس بن الشماس أو لابن عم له فكاتبته على نفسى فجئت أستعينك على كتابتى قال : فهل لك فى خير من ذلك ؟ قالت : وما هو يا رسول الله ؟ قال : أقض كتابك وأتزوجك ، قالت : نعم يارسول الله قال : قد فعلت قالت : وخرج الخبر الى الناس أن رسول الله ﷺ تزوج جويرية بنت الحارث فقال الناس : أصهار رسول الله ﷺ فأرسلوا ما بأيديهم قالت : فلقد اعتق بتزويجه اياها مائة أهل من بنى المصطلق فما أعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها "

والرسول ﷺ لو كان ينظر الى الأمور نظرة أخرى لكان استبقاها لنفسه من البداية ولم يجعلها فى سهم أحد الصحابة ولكن كان كل شىء قد تم ، ولو أنها لم تأتيه شاكية لاستمرت من نصيب الصحابى ولكنا اشتكت شكوى العزيز الذى ذل وطلبت تدخل الرسول ﷺ فخيرها لتختار وتدخل الرسول ﷺ من باب ارحموا عزيز قوم ذل فهى من السبايا وفى القديم نعلم ما كان يفعل فى السبايا حتى جاء الاسلام وتدخل ليحل هذا الموضوع فأكثر من العتق وجعل تبادلا للأسرى بما يحفظ الانسان كرامته ولا ننسى موقف الرسول ﷺ من أسرى بدر وكيف طلب منهم تعليم الصحابة القراءة والكتابة فى مقابل فك أسرهم ، قالت بعد أن خيرت وكان لها حق الرفض والقبول وكان ذلك دعوة لها أن تسلم : نعم يا رسول الله " فكان ذلك اقرار منها بدخول الاسلام ولو دققنا النظر فى الحديث وربطنا نصه بما فى الواقع الموجود لخرجنا بفائدة عظيمة وأن هذا الزواج ليس مجرد زواج عادى كما يتزوج رجل امرأة وينتهى الأمر بل كان له نفع كبير على الدعوة الاسلامية وتدعيمها والرسول ﷺ كل ما يراه هو وحى يوحى من ربه لا يعرف أثره من جانب من حوله فى حينه لعمق نظرته التى تختلف عن نظرة غيره للامور فالسيدة عائشة رضى الله عنها نظرت الى الأمور نظرة المرأة المحبة لزوجها الغيورة عليه التى تتمنى ألا يشاركها أحد فى حبه وكان لها مواقف ، منها عندما تحدث الرسول ﷺ عن السيدة خديجة رضى الله عنها وقد توفيت فاصابت الغيرة قلب السيدة عائشة رضى الله عنها من فرط حب الرسول ﷺ وحديثه عنها وهذه هى الطبيعة البشرية للمرأة التى خلقها الله عليها والرسول ﷺ فى قلب الأحداث والدعوة وما يهمه ليس الأمور الشخصية فهذه الأمور يقيمها من حيث نفعها وخدمتها للدعوة ، فجويرية لم تكن فى سهمه بل فى سهم ثابت بن قيس بن الشماس أو لابن عم له ولو أنها استمرت على وضعها ولم تذهب الى الرسول ﷺ لتشتكى ما حدث لها وهى كيف أنها بنت سيد قومها وكانت عزيزة قومها وقد وقعت فى سهم فرد عادى ليس له سيادة أو نفوذ وكان العرب وغيرهم ينظرون الى الزواج من حيث أن يكون هناك تكافؤ فالمجتمع لم يتسع لقيم المساواة فى الاسلام وشكت له كذلك البلاء الذى وقع عليها وهو هزيمة قومها ووقوعها فى السبى على عادة الحروب الأمر الذى جاء الاسلام ليضع له حل من عتق رقبة فابنة سيد القوم لابد أن تتزوج أو تقع تحت من هو كفؤ لها واذا أتخذت سبية أو أمة قلل ذلك من شأنها أما الزواج فهو لها رفعة وهو الحل الشرعى ليستبقيها الرسول ﷺ والزواج فى هذا المجتمع الذى يعتمد على العصبية الجاهلية كان شرفا كبيرا فلم يكن هناك تحديد لعدد الزوجات والواضح كذلك أنها أسلمت وأن قومها كانوا على الكفر ولا يجوز أن تعود الى قومها وهم على الكفر ولو خرجت حرة بكتابتها لما وجدت عائلا فى هذا المجتمع الصعب والبيئة الصحراوية القاسية وعادة العرب كذلك كانت عدم الاختلاط وليس كما فى عصرنا الحالى وكانت جويرية بنت ألد أعداء الرسول ﷺ الذى كان يجهز العدة لمهاجمة الرسول ﷺ والمسلمين فى المدينة فتحرك الرسول ﷺليشن حربا وقائية ضد أعدائه للدفاع عن نفسه وعن المسلمين وقد نصره الله وهذا الزواج عاد بالنفع على قوم جويرية فعندما علم الصحابة بخبر هذا الزواج قالوا " أصهار رسول الله ﷺ ( أى أن ما لديهم من سبايا قومها أصبحوا أصهار رسول الله  ﷺ ولذلك يجب اكرامهم ) فأرسلوا ما بأيديهم ونتيجة لذلك أعتق مائة من أهل جويرية وروى أنهم أكثر من سبعمائة وبذلك أمن الرسول ﷺ شرهم وجانبهم فبدلا من كونهم أعداء للدعوة أصبحوا متخلين عن هذه العداوة وذلك أمر يرتفع عن الهوى والشهوة ويعضد الدعوة .

Monday, July 26, 2021

زيجات الرسول صلعم - زواج الرسول صلعم بزينب بنت جحش رضى الله عنها ( 7 )

( 7 ) زيجات الرسول صلى الله عليه وسلم  



زواج الرسول ﷺ بزينب بنت جحش رضى الله عنها

هى زينب بنت جحش بن رباب من بنى أسد بن خزيمة وهى ابنة عمه الرسول ﷺ أمها أميمة بنت عبد المطلب ، تزوجها رسول الله ﷺ فى ذى القعدة سنة 5 هجرية وقيل سنة 4 هجرية وكانت من أعبد النساء وأعظمهمن صدقة ، وقد قالت عنها السيدة عائشة رضى الله عنها : لم أر امرأة خيرا فى الدين من زينب وأتقى لله وأصدق حديثا وأوصل للرحم وأعظم صدقة وأشد تبديلا الا لنفسها فى العمل الذى تتصدق وتتقرب به الى الله عز وجل ؟ " ، توفيت سنة 20 هجرية ولها 53 سنة  وكانت أول أمهات المؤمنين وفاة بعد رسول الله ﷺ ، صلى عليها عمر بن الخطاب ودفنت بالبقيع ، كانت قبل زواجها من الرسول ﷺ تحت زيد بن حارثة مولاه ، وكان الرسول ﷺ قد زوجها من زيد رغم ابائها هى وأخوها عبد الله بن جحش ولكنهما أطاعا رسول الله ﷺ ورضيا بهذا الزواج والحكمة من زواجها من زيد القضاء على نعرة الجاهلية واعلام للناس بأن الاسلام قد سوى بين الغنى والفقير والعظيم والحقير ونزل فى شأن زواجها من زيد قول الله تعالى " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعصى الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا " الأحزاب 36

أراد الله أن تلغى عادة التبنى لأن زيد بن حارثة كان متبنى من جانب الرسول ﷺ ولكن الرسول ﷺ أخفى ذلك فى نفسه حتى لا يقال تزوج امرأة ابنه والرسول ﷺ هو مصدر التشريع وكان هناك خلاف دائم بين زيد وزينب فكان يشكو ذلك الى الرسول ﷺ فكان يقول له دائما أمسك عليك زوجك فهى قد تزوجته بأمر الرسول ﷺ رغم ابائها هى وأخيها عبد الله بن جحش كما سبق وذكرنا وقد أتى زيد رضى الله عنه الى الرسول ﷺ ليشكو اليه فقال له " اتق الله وأمسك عليك زوجك " ، ولكن الأمر لم يستمر وحدث الطلاق وصور القرآن الموقف فى سورة الأحزاب " واذ تقول للذى أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفى فى نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه " الأحزاب 37

وجاء الأمر الآلهى للرسول ﷺ بالزواج منها حيث يلغى التبنى وقد كانت عادة التبنى قد تأصلت فى مجتمع الجاهلية فاختار الله الرسول ﷺ لذلك الأمر وهو القدوة التشريعية ليتم على يديه ابطال هذه العادة وقد جاءت نصوص قرآنية فى هذه المسألة " ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شىء عليما " الأحزاب 40 وفى آية أخرى " أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فان لم تعلموا آبائهم فاخوانكم فى الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما " الأحزاب 5

وانقضت عدة زينب رضى الله عنها وجاء الأمر الآلهى للرسول ﷺ ليتزوج منها حسب الآية الكريمة " فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكيلا يكون على المؤمنين حرج فى أزواج أدعيائهم اذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا * ما كان على النبى من حرج فيما فرض الله له سنة الله فى الذين خلوا من قبل وكان أمر الله قدرا مقدورا " الأحزاب 37 – 38

وقد أمر الله رسوله ﷺ بهذا الزواج ولكنه أخفى هذا الأمر حتى لا يقال أن محمدا أعجب بزوجة ابنه زيد ابن حارثة فتزوجها لأن العرب لم يعرفوا التبنى بل كان يعتبر الابن المتبنى كالابن من النسب فكان يطلق على زيد بن حارثة زيد ابن محمد ولكن الأمر الآلهى لابد أن ينفذ " وكان أمر الله مفعولا " وقد قالت زينب رضى الله عنها عن هذا الزواج وهى تتباهى به أمام ضراتها " زوجكن أهاليكن وزوجنى ربى من فوق سبع سموات " .

لقد حاول الرسول ﷺ أن يكسر حاجز الطبقية فى المجتمع فى الزواج ويطبق أوامر الله ويطبق سنته فى القرآن الذى يقول " ان أكرمكم عند الله أتقاكم " ويقول الرسول ﷺ " لا فضل لعربى على أعجمى ، ولا أبيض على أسود الا بالتقوى " ويقول " الناسسواسية كأسنان المشك " ، وحاول أن يطبق ذلك مع قريبته وهى ابنة عمته أميمة بنت عبد المطلب من أشراف قريش بينما كان زيد رقيقا عند بعض أهل زينب وكان عند الزواج بها مولى للرسول ﷺ اعتقه بعدما اشتراه ممن أسره من قريش وباعه بمكة ، فهو وان تبناه الرسول ﷺ كان يسمى فى عرف المجتمع زيد ابن محمد والنفوس البشرية فى هذا المجتمع لم تتغير فلم تطيق زينب العشرة فى ظل عدم التكافؤ الاجتماعى الذى أراد الرسول ﷺ أن يلغيه واشتكى زيد الى الرسول ﷺ من جفاء العلاقة بينه وبين زينب وجاء فى البخارى من حديث أنس قال : جاء زيد يشكو الى الرسول ﷺ يقول له " أمسك عليك زوجك واتق الله " وطلب منه الرسول ﷺ أن يحتمل ولا يطلق زوجته "، ومن ثم يتضح لنا الحكمة التشريعية لهذا الزواج الغير عادى الذى استهدف تغيير المجتمع واصلاحه.


زيجات الرسول صلعم - زواج الرسول صلعم من أم سلمة رضى الله عنها ( 6 )

6 - ) زيجات الرسول صلعم 

زواج الرسول ﷺمن أم سلمة هند بنت أبى أمية رضى الله عنها

أم سلمة هى هند بنت أبى أمية وأسمه حذيفة أو سهم ويعرف بزاد الراكب ، وهى سليلة بين كريم وأبوها أـح أجواد قريش المعروفين بلقب زاد الراكب اذ كان لا يرافقه أحد فى سفره الا كفاه زاده وهو أحد أجود العرب المشهورين بالكرم ويجتمع نسبها برسول الله ﷺ فى مرة بن كعب بن لؤى ، وأبو سلمة زوجها هو عبد الله بن عبد الأسد بن المغيرة المخزومى ، وهى من المهاجرين الأولين الىة الحبشة وكانت من أفقه النساء وأعقلهن وكانت هى وزوجها أبو سلمة ممن أسلم قديما وكانت من أول المهاجرين الى الحبشة فى أرجح الأقوال فولدت له بها زينب وولدت له بعد ذلك سلمة وعمر ودرة وكان زوجها أبو سلمة أول من هاجر الى يثرب من أصحاب الرسول ﷺ ، تزوجها الرسول ﷺ بعد أن مات عنها زوجها الصحابى من بنى مخزوم وهو ابن عمة الرسول ﷺ وأخوه من الرضاعة وقد هاجر هو وزوجته معا الى المدينة وقد حدث لها ولطفلها حداث أليمة مثيرة ذكرتها كتب السيرة ، تزوجها الرسول ﷺ بعد وفاة أم المساكين زينب بنت خزيمة الهلالية بوقت قصير توفيت سنة 59 هجرية ودفنت بالبقيع وعمرها 84 سنة .   

فى الحديث الذى أخرجه أحمد فى مسنده تتحدث أم سلمة رضى الله عنها عن زواجها من الرسول ﷺ فقالت : أتانى أبو سلمة يوما من عند رسول الله ﷺ فقال : لقد سمعت من رسول الله ﷺ قولا فسررت به قال " لا يصيب أحد من المسلمين مصيبة فيسترجع عند مصيبته ثم يقول " اللهم أجرنى فى مصيبتى واخلف لى خيرا منها الا فعل ذلك به " ، قالت أم سلمة فحفظت ذلكمنه فلما توفى أبو سلمة استرجعته وقلت اللهم أجرنى فى مصيبتى واخلف لى خيرا منه ، ثم رجعت الى نفسى قلت : من أين لى خير من أبى سلمة ؟ " ، فلما انقضت عدتى استأذن على رسول الله ﷺ وأنا أدبغ أهابا لى فغسلت يدى من القرظ ( ورق السلم وكانوا يدبغون به ) وأذنت له فوضعت له وسادة من أدم ( جلد مدبوغ أسمر ) حشوها ليف ، فقد عليها فخطبنى الى نفسه فلما فرغ من من مقالته قلت يا رسول الله ما بى الا تكون بك رغبة فى

( أى أنها ليست راغبة عن خطبة النبى ﷺ اياها غير أنها لم تسنجب لخطبته لوجود موانع ) ولكنى امرأة فى غيرة شديدة فأخاف أن ترى منى شيئا يعذبنى الله به وأنا امرأة قد قد دخلت فى السن وأنا ذات عيال فقال : أما ذكرت من الغيرة فسوف يذهبها الله عز وجل منك ، وأما ما ذكرت من السن فقد أصابنى مثل الذى أصابك وأما ما ذكرت من العيال فانما عيالك عيالى " قالت : لقد أبدلنى الله بأبى سلمة خيرا منه – رسول الله ﷺ " .

وأم سلمة كما ذكرنا كانت من أصحاب الهجرتين ومن السابقين فى الاسلام وكانت أول ظعينة تحملت أوزار السفر وحدها فى الطريق بين مكة والمدينة ابتغاء الهجرة الى زوجها رغم ارادة بنى المغيرة رهطها وتوفى زوجها من اثر ما أصابه بأحد من جرح بعد سرية أمره رسول الله ﷺ بها وترك لها أربعة صغار تعولهم ، رأى أبو بكر حاجتها الى من يعولها فعرض عليهاالزواج فأبت وكذلك عرض عليها عمر رضى الله عنه الزواج فأبت وذلك بسبب وعدها لأبى سلمة لأنها تمنت لأن تكون من أهل الجنة ، فقد روى ابن سعد عنها قالت : قلت لأبى سلمة بلغنى أنه ليس امرأة يموت زوجها وهما من أهل الجنة ثم لم تتزوج بعده الا جمع الله بينهما فى الجنة وكذلك اذا ماتت المرأة وبقى الرجل بعدها فتعال أعاهدك ألا تتزوج بعدى ولا أتزوج بعدك قال : أتعطينى ؟ قالت : ما سألتك الا لأعطيك ! قال : وأنا اذا نت فتزوجى ثم قال : اللهم ارزق أم سلمة بعدى رجلا خيرا منى لا يحزنها ولا يؤذيها فلما مات قلت : من هذا الذى هو خير لى من أبى سلمة ؟ فلبثت ما لبثت فجاء رسول الله ﷺ فوقف على الباب " .

وهكذا نرى كرم الرسول ﷺ فقد أراد بزواجه منها أن ينقذتأيمها ويعيل أبنائها ويذهب ألمها بفقد زوجها وبخاصة بعد قطع للصلة برهطها وأصبحت وحيدة ذات عيال كبيرة فى السن أى أن زواجها مسؤلية كبيرة تقع على عاتق من يتزوجها فاستجاب الرسول الكريم ﷺ فطمأنها على كل هواجسها فهل فى هذا الزواج داعيا من هوى وشهوة ؟ 



Sunday, June 27, 2021

زيجات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم - زواجه بحفصة بنت عمر رضى الله عنهما ( 5 )

زيجات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم

( 5 -)زواج الرسول صلى الله عليه وسلم بحفصة بنت عمر رضى الله عنهما   

زواج الرسول ﷺ بالسيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب رضى الله عنهما

حفصة بنت عمر بن الخطاب رضى الله عنهما مات عنها زوجها خنيس بن حذافة السهمى بعد غزوة أحد فلما حلت تزوجها رسول الله ﷺ فى شعبان لسنة 3 هجرية بالمدينة وماتت ولها ستون سنة ودفنت بالبقيع ، وكانت أرملة شابة وزوجها كان صحابيا جليلا من أصحاب الهجرتين بعد جراحه التى أصابته فى غزوة أحد حيث فارق الحياة ، وكان ترملها مثار ألم دائم لأبيها عمر بن الخطاب رضى الله عنه الذى كان يحزنه أن يرى جمال ابنته وحيويتها يخبوان يوما بعد يوم ، وبمشاعر الأبوة الحانية وطبيعة المجتمع الذى لا يتردد فيه الرجل أن يخطب لأبنته من يراه أهلا لها تحدث الى الصديق أبى بكر رضى الله عنه يعرض عليه الزواج من حفصة لكنه يلتزم الصمت ولا يرد بالايجاب أو السلب فيتركه ويمضى الى ذى النورين عثمان بن عفان رضى الله عنه فيعرض عليه الزواج من حفصة فيفاجئه بالرفض فتضيق الدنيا فيمضى الى الرسول ﷺ فيخبره بما حدث معه فيجبر خاطره ويرد عليه بقوله " يتزوج حفصة خير من عثمان ويتزوج عثمان خير من حفصة " ، أدرك عمر رضى الله عنه بفطرته مقصد الرسول ﷺ وهو أن يتزوج عثمان رضى الله عنه احدى بناته وأن يتزوج هو السيدة حفصة فانطلق يبشر ابنته ويفرج كربها .

والحديث الذى أخرجه البخارى والنسائى وأحمد يستعرض زواج الرسول ﷺ بالسيدة حفصة رضى الله عنها ، عن ابن عمر رضى الله عنهما " أنه حين تأيمت حفصة بنت عمر رضى الله عنهما أى صارت ايما بموت زوجها خنيس بن حذافة السهمى رضى الله عنه وكان من أصحاب النبى ﷺ ممن شهد بدرا وتوفى بالمدينة قال  عمر " فلقيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة فقلت " ان شئت أنكحتك حفصة بنت عمر " فقال : سأنظر فى أمرى " فلبث ليالى ثم لقيته فعرضت عليه فقال " قد بدا الى ألا أتزوج يومى " ، فلقيت أبا بكر رضى الله عنه فقلت له " ان شئت أنكحتك حفصة بنت عمر " فصمت ولم يرجع ( أى لم يعد اليه بالجواب فى ذلك ) الى شيئأ ، فكنت عليه أوجد ( أى كان غضبى عليه أشد ) منى على عثمان فلبثت ليالى ثم خطبها الرسول ﷺ فأنكحتها اياه فلقينى أبو بكر رضى الله عنه فقال " لعلك وجدت على ( غضبت منى ) حين عرضت على حفصة فلم أرجع اليك شيئا فقلت نعم فقال " فانه لم يمنعنى أن أرجع اليك فيما عرضت على الا أنى علمت أن رسول الله ﷺ قد ذكرها فلم أكن لأفشى سر رسول الله ﷺ ولو تركها لقبلتها ".  

فى هذا الحديث نلاحظ حرص الأب على ابنته ليسترها ، فكيف تترك فى هذه البيئة الصعبة الصحراوية لتعيش وحدها بعد وفاة زوجها لا انيس لها ولا جليس داخل منزل وبين أربع جدران ، والمنازل فىعصرها ليست مثل المنازل التنى فى عصرنا مجهزة بكل رفاهيات الحياة ، وحياة الصحراء ليست كحياة البيئة الزراعية على ضفاف الانهار السهلة الرغيدة ، بيئة يتوافر فيها الماء بصعوبة فما بالنا بباقى الحاجات ، لابد أن يكون هناك رجل يرعى شؤون الحياة للبيت الذى تعيش فيه ويكون قويا أمينا ليدبر حاجاتها ويكون قيما عليه بالاضافة الى توفير الاحتياجات المعنوية فى حياة زوجية ، حتى الماء يحتاج الى من يحضره ، فكيف تسمح امرأة بدخول رجال غرباء عليها وهى وحيدة ، والحال يزيد صعوبة اذا كان لديها أطفال ، والمجتمع كذلك لم يكن فيه اختلاط كما هو الحال فى عصرنا الحالى ، اذن ليس للمرأة الا أن ترجع الى بيت أبيها أوتعيش مع اسرتها ، لابد أن يكون لها زوج يرعى مصالحها اليومية المستمرة ، فهل تسنطيع المرأة أن تتجرأ وتعرض نفسها مباشرة على من يتزوجها ؟ ، الأمر بالنسبة الى المرأة وهى رقيقة المشاعر والاحاسيس صعب وبخاصة اذا قوبلت بالرض ، فلابد أن يتوسط من هو مقرب منها لفعل ذلك سواء أكان رجلا أم امرأة ، وليس هناك فى الكون أقرب للشخص من الأم والأب ، ومن يتزوجها فى مجتمع لم ينتشر فيه الاسلام ؟ ليس أمامه الا أصجابه من المسلمين يأتمنهم عليها ، ومن يتزوج أرملة مات عنها زوجها وفرصتها فى الزواج قليلة ؟ وهى تحتاج الى الزواج فى هذه البيئة الصحراوية الصعبة المحافظة كضرورة ملحة ، لابد أن يتم ذلك سريعا ، فنحرك سيدنا عمر رضى الله عنه بين أقرب أصحابه اليه ليجد من يتزوجها هو أو أحد أبنائه ، فرفض سيدنا عثمان رضى الله عنه ليس لعدم قدرته المالية ، ولكنه له خصوصياته التى لم يفصح عنها والتى ظهرت بارتباطه بزواجه من ابنة رسول الله ﷺ ، وهنا تحرك رسول الله ﷺ وهو دائما فى خدمة ونجدة أصحابه ، فهذه أرملة مات عنها زوجها بسبب جراح أصابته وكان قد هاجر مع زوجته ، ضحى بنفسه فى سبيل الاسلام ، وكان رد رسول الله ﷺ فيه ترضية ، فجعل له شرف المصاهرة ، فالرسول ﷺ كان سباقا لنجدة أصحابه وكان يعرف مشاكلهم ويتعامل معهم كأنها مشاكله التى تعنية فهو القائل " مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد اذا اشتكى فيه عضو تداعى له سائر الاعضاء بالسهر والحمى " أخرجه البخارى ومسلم عن النعمان بن بشير ، والصديق رضى الله عنه وهو أقرب أصحابه كان وثيق الصلة به للدرجة التى تجعله يعرف عزمه ونيته ، وكان مؤتمنا على اسراره ، فكان موقفه حرجا أمام سيدنا عمر رضى الله عنه ، فكيف يخبر عمر رضى الله عنه رفضه طلبه أن يكون زوجا لأبنته ليسترها ويصونها عنده وفى بيته وفى ذلك افشاء لسر علمه عن رسول الله ﷺ حتى تم الأمر ووضح كل شىء ، والصحابة كانوا سندا لبعضهم وبخاصة فى وقت الشدة فى الأفراح والأتراح .


Saturday, June 26, 2021

زيجات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم - زواج الرسول بالسيدة عائشة رضى الله عنها ( 4 )

 زيجات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم 


4- ) زواج الرسول صلى الله عليه وسلم بالسيدة عائشة رضى الله عنها 

الزواج بالسيدة عائشة رضى الله عنها

هى عائشة بنت أبى بكر الصديق رضى الله عنهما وأول الخلفاء الراشدين تزوجها بعد زواجه بسودة بسنة وقبل الهجرة بسنتين وخمسة أشهر وكانت بكرا ولم يتزوج بكرا غيرها وكانت من أحب الخلق اليه وأفقه نساء الأمة على الاطلاق ، توفيت فى 17 رمضان سنة 57 أو 58 هجرية ودفنت بالبقيع .

وتتحدث الأخبار عن ذلك ، فعن السيدة عائشة رضى الله عنها قال : لما توفيت خديجة قالت خولة بنت حكيم بن أمية بن الأوقص امرأة عثمان بن مطعون وذلك بمكة : أى رسول الله ألا تزوج ؟ " فقال " ومن ؟ " فقالت : ان شئت بكرا وان شئت ثيبا " فقال " فمن البكر ؟ " قالت : ابنة أحب خلق الله اليك – عائشة بنت أبى بكر " قال " ومن الثيب ؟ " قالت : سودة بنت زمعة بن قيس ، قد آمنت بك وتبعتك على ما أنت عليه " قال " فاذهبى فاذكريهما على" ومضت الى بيت أبى بكر فوافق ، ولكن زوجته والدة السيدة عائشة قال له " ان المطعم بن عدى كان قد ذكرها على ابنه ( أى تحدث عن خطبتها لابنه ) وتوجه أبو بكر الى بيت والده فقابلته والدته وقالت : يا أبن أبى قحافة لعلنا ان زوجنا ابننا ابنتك أن تصبئه وتدخله فى دينك الذى أنت عليه ؟ وكان زوجها المطعم حاضر فأقرها على كلامها ، عند ذلك خرج أبو بكر بعد أن تحلل من وعده وقال لخولة : أدعى لى رسول الله فدعته فجاء فأنكحه وهى يومئذ ابنة ست سنين وتمت الخطبة وبنى الرسول ﷺ بعائشة وهى ابنة تسع سنين فى المدينة بعد الهجرة وتوفى الرسول ﷺ وهى ابنة ثمان عشرة وقد تزوج الرسول ﷺ لعدة أمور منها حسب معرفتنا المحدودة :

 1- ) الاختيار للآلهى استنادا للحديث الذى أخرجه الشيخان والترمذى عن عائشة رضى الله عنها قالت " قال لى النبى ﷺ " اريتك فى المنام ثلاث ليال ، جاءنى الملك فى سرقة ( أى قطعة من جيد الحرير وجمعها سرق ) من حرير يقول : هذه امرأتك فكشفت عنها فاذات هى أنت فأقول " ان يك هذا من عند الله يمضه " .

2- ) ضرورة وجود المرأة فى الدعوة للتشريع والسيدة عائشة كانت تتمتع بالذكاء وقوة الذاكرة على الحفظ وقد روت الكثير من الأحاديث ، وعايشت الرسول ﷺ فلم يكن هناك حرج لشرح الأمور التى تخص المرأة ، وعلاقة المرأة المسلمة بزوجها وقال رسول الله ﷺ " خذوا نصف دينكم من الحميراء " يقصد السيدة عائشة رضى الله عنها ، فكان الاختيار الآلهى لها لتكون زوجة تعايش الرسول ﷺ وتتلقى منه التشريع وأمور الدين

3- ) المصاهرة والنسب لتقوية العلاقة والرابطة السيدة عائشة رضى الله عنها ابنة صاحب الرسول ﷺ الذى رافقه فى درب الدعوة وفى رحلته من مكة الى المدينة فى الهجرة وصدقه حين كذبه المشركون فى رحلة الاسراء وهو أكبر ضلوع الدعوة الاسلامية ودعائمها وهو أول الخلفاء الراشدين وخليفة رسول الله ﷺ ، وكان من تقاليد العرب الاحترام للمصاهرة فقد كان الصهر عندهم بابا من أبواب التقرب بين البطون المختلفة ، وكانوا يروا مناوأة ومحاربة الأصهار سبة وعارا على أنفسهم ، والرسول ﷺ دعم علاقته بأصحابه من خلال علاقة المصاهرة والنسب فتحقق صلاة القربى والتقارب وصلة الدم ، فكذلك تزوج الرسول ﷺ من السيد حفصة بنت عمر بن الخطاب رضى الله عنهما ثانى الخلفاء الراشدين كما سيأتى تناول ذلك بالتفصيل ، وفى نفس الوقت زوج الرسول ﷺ بناته الى أصحابه ، فزوج ابنته فاطمة رضى الله عنها الى ابن عمه على بن أبى طالب رضى الله عنه  وهو رابع الخلفاء الراشدين ، وزوج ابنتيه رقية وأم كلثوم الى صاحبه ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان رضى الله عنه ، فكانت تلك العلاقات تدعيما للدعوة الاسلامية وكل واحد من هؤلاء الصحابة له دوره فى تدعيم الدعوة الاسلامية ، فالزواج ليس مجرد علاقة جنسية كما ينظر اليها المنحرفون بل علاقة دائمة يترتب عليها مصاهرة ، والمصاهرة من الانصهار أى تفيد الاتحاد والاندماج فى كيان واحد متجانس مثل انصهار المعدن ، وكانت البيئة العربية تنظر الى ذلك على أنه من عظائم الأمور لتقوية الأواصر ، يقول القرآن الكريم " يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله اتقاكم " ، فالقرآن وضع العلاقة فى مقامها الصحيح ، فلولا هذه العلاقة التى نشأت مع هبوط آدم وحواء الى الأرض ما استمرت الحياة ، فالتعارف بين القبائل العربية كان يقويه صلة النسب والمصاهرة بينها ، فالزواج علاقة خاصة بين الذكر والأنثى كما أشرنا وله خصوصياته ، وكذلك علاقة عامة تقوى مع كثرة المصاهرة وتشعب العلاقات وقد تحقق ذلك للرسول ﷺ فى زيجاته كما سنتناول ذلك .

4- ) الخطبة فى السن الصغيرة كانت عادة عند العرب لأهمية الارتباط بنسب قوى ومشرف  فالسيدة عائشة رضى الله عنها كان سنها ست سنوات وتقدم لخطبتها قبل الروس ﷺ أبن المطعم بن عدى ، وهذا رد على ما قد يقوله البعض كيف يخطب الرسول ﷺ طفلة عمرها ست سنوات ، فهذه عادة كانت موجودة فى المجتمع العربى ، وهى أن تتم الخطبة ولا يتم الزواج حتى تبلغ البنت سن البلوغ وهو سن المحيض ، ويختلف من واحدة الى أخرى ، فالنضج الجسدى نسبى ، وهذا موجود حتى الآن ، فهناك فتيات يكون سن البلوغ بالنسبة لهن سريعا ، ويمكن أن تتزوج فى سن مبكرة حتى سن التاسعة ، والعالم فى القديم غير ما هو عليه الآن ، فالمدنية الحديثة قد عقدت الأمور ، العالم فى الماضى كان قبلى وأسرى بمجرد أن يصل الفتى وتصل الفتاة الى سن البلوغ يتزوجا ويقيما الأسرة ويمكن أن يعيشا مع الأسرة أو فى بيت منفصل ، والفتاة بمجرد أن تبلغ سن البلوغ يتسارع الجميع الى خطبتها ، وقد تكون الخطبة قبل ذلك على أن يتم الزواج عند سن البلوغ لأن الخطبة هى مجرد وعد بالزواج ، وكان الملوك فى السابق فى العالم كله يتسابقون الى المصاهرة والنسب لتقوية الروابط والدعائم ، وقد جعل المستشرقون ومن تحمل قلوبهم الحقد من بعض أهل الكتاب من هذا الزواج اتهماما للرسول ﷺ وتشهيرا به بأنه رجل شهوانى غافلين بل عامدين الى تجاهل ما كان واقعا فى ذلك المجتمع من زواج الكبار بالصغيرات لنظرتهم الى الزواج كرابطة بين العائلات وهو مجتمع قبلى يحتاج الى تقوية القبيلة بالصهر والنسب وليس للرغبة الجنسية التى كانت متاحة مباحة ليس عليها قيود لمن أراد ، وكانت هناك نماذج مثل زواج عبد المطلب جد لرسول ﷺ من هالة بنت عم آمنة التى تزوجها أصغر أبناؤه عبد الله والد الرسول ﷺ وتزوج عمر بن الخطاب رضى الله عنه ابنة على بن أبى طاب رضى الله عنه وهو أكبر سنا من أبيها ، وعرض عمر بن الخطاب رضى الله عنه على أبى بكر رضى الله عنه أن يتزوج ابنته الشابة حفصة وبينهما من فارق السن مثل الذى بين الرسول ﷺ وبين عائشة رضى الله عنها ، كان هذا واقع المجتمع الذى تزوج فيه الرسول ﷺ بعائشة رضى الله عنها  لكن المستشرقين والممتلئة قلوبهم حقدا من بعض أهل الكتاب لم ترى أعينهم الا زواج سيدنا محمد ﷺ بالسيدة عائشة رضى الله عنها والتى جعلوها حدث الأحداث على حد مقولاتهم أن يتزوج الرجل الكهل باتلطفلة الغريرة العذراء ، وكان والد ووالدة السيدة عائشة رضوان الله عليهم من أوائل من دخل الاسلام ونصره ، فيقول الرسول ﷺعن أبى بكر صاحبه فى الهجرة رضى الله عنه " ان من أأمن الناس على ماله وصحبته أبا بكر " ويقول " لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا  ، ولكن أخوة الاسلام " ، وقال الرسول ﷺ متحدثا عن عطائه للدعوة " ما نفعنى مال قط ما نفعنى مال أبى بكر " ، أما أمها فالسيدة أم رومان بنت عامر الكنانى من الصحابيات الجليلات ، ولما توفيت نزل الرسول ﷺ الى قبرها واستغفر لها وقال " اللهم لم يخف عليك ما لقيت أم رومان فيك وفى رسولك " ، وقال عنها يوم وفاتها " من سره أن ينظر الى امرأة من الحور العين فلينظر الى أم رومان " ، ولم يدهش أهل مكة بنبأ المصاخرة بين أعز صاحبين – صاحب الغار الذى ذكره القرآن " اذ يقول لصاحبه فى الغار لا تحزن ان الله معنا " ، ولم يجد المشركون فى هذا الزواج أى مطعن وهم الذين ترصدوا للرسول ﷺ ويمكن قول نفس الشىء بالنسبة لزواج الرسول ﷺ من السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب رضى الله عنهما .

3-)  الرسول ﷺ لم يفكر فى الزواج حتى عرض عليه من قبل امرأة عثمان بن مظعون وأقره لآنه رأى فيه الرأى السديد ، وكعادته يستمع الى آراء الآخرين وبخاصة فى أمور السلم والحرب ، ومن قبل عرض عليه زواجه من السيدة خديجة رضى الله عنها فهو لم يبادر الى خطبة ، فتفكيره فى المقام الأول عبادة الله حتى قبل الدعوة عندمل كان يتعبد فى غار حراء وفى أثناء الدعوة لم يفكر فى شخصه ، ولكن اذا جاءه أمر حسن لا يتعارض معها بل يقويها رحب به كما رحب بالزواج من سودة بنت زمعة ، فهى قد آمنت به واتبعته ومات عنها زوجها وذكرته بذلك امرأة عبد الله بن وظعون كما ذكرته بما هو حريص عليه وهو العقيدة فوافق ، ولم يؤثر عنه أنه رفض طلبا لأحد فلعل ذلك يخفف عنها فراق الزوج ويساعدها على تربية أبنائها ، وكل زواج له كان له هدف ، ولكنها كلها تصب فى مصلحة العقيدة .

4- ) برز من خلال الحديث دور المرأة وشخصيتها وعلاقتها بالرسول ﷺ ، فالذى حفزه على الزواج تدخل امرأة رأته عن قرب وأشفقت عليه وعلى أمره بعد فراق الزوجة وتفاقم حمل الدعوة والأبناء عليه وتزايد أذى الكفار بعد وفاة عمه أبى طالب حتى أطلق على العام عام الحزن ، أرادت أن تخرجه من هذا الحزن ، ومن تدخل هم امرأة مما يبرز دور المرأة فى المجتمع الاسلامى فى عهد الرسول ﷺ ، وكان للمرأة دور كبير فى الدعوة ، ومن أمثلة المسلمات كانت سودة التى تحملت المشاق والرسول ﷺ كان على صلة وثيقة بكل المسلمين يشعر بآلامهم ويشاركهك فيها ، وكانت المرأة تستشار قبل أن تستنكح ، وسودة بنت زمعة استشارها والدها فقبلت رغم معارضة أخيها الذى كان على كفره حتى أنه حثى على رأسه التراب عندما علم بزواجها من الرسول ﷺ ، الأمر الذى سفه به نفسه بعد أن أسلم ، وكذلك الأمر بالنسبة لزواجه من السيدة عائشة رضى الله عنها حيث ذكرت زوجة أبى بكر الصديق رضى الله عنه زوجها عندما طلب الرسول ﷺ خطبة ابنتهما بوعده لابن المطعم بن عدى فتوجه اليه ولكن والدته رفضت الخطبة وخافت على ابنها من دخول الاسلام فتحلل من وعده بالخطبة ، فالمرأة كانت شريكة لزوجها فى أموره ولها كلمتها ولها دورها عكس ما يقال أنها كانت مهملة وأن الاسلام سلب المرأة من قول كلمتها أو أن تشارك فى الأمور ، فمن قراءة الأحداث نكتشف الحقيقة وكيف كانت المرأة تشارك فى الحياة وتدلى بدلوها وتلعب دورها فى هذا المجتمع فقد كان يؤخذ رأيها ولها كلمتها فى الأمور الحياتية والأسرية وكان للرسول ﷺ أصحابه من النساء الذين التففن حوله وأدين دورهن فى خدمة الدعوة خير قيام ، ولم يفرض عليهن زوج فكانت لهن الاستشارة .

214- ] English Literature

214- ] English Literature D. H. Lawrence Summary D.H. Lawrence (1885-1930)  is best known for his infamous novel 'Lady Chatterley'...