Grammar American & British

Thursday, August 26, 2021

علامات الساعة - العلامات الصغرى ( 15 )

15- ) علامات الساعة - العلامات الصغرى 


 48 - ) خروج القحطانى 

فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله " لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه " متفق عليه وسوقه الناس بعصاه كناية عن طاعة الناس له "  ، قال القرطبي في التذكرة قوله يسوق الناس بعصاه كناية عن غلبته عليهم وانقيادهم له ولم يرد نفس العصا لكن في ذكرها إشارة إلى خشونته عليهم وعسفه بهم قال وقد قيل إنه يسوقهم بعصاه حقيقة كما تساق الإبل والماشية لشدة عنفه وعدوانه قال ولعله جهجاه المذكور في الحديث الآخر وأصل الجهجاه الصياح وهي صفة تناسب ذكر العصا قلت ويرد هذا الاحتمال إطلاق كونه من قحطان فظاهره أنه من الأحرار وتقييده في جهجاه بأنه من الموالي ما تقدم أنه يكون بعد المهدي وعلى سيرته وأنه ليس دونه ثم وجدت في كتاب التيجان لابن هشام ما يعرف منه إن ثبت اسم القحطاني وسيرته وزمانه فذكر أن عمران بن عامر كان ملكا متوجا وكان كاهنا معمرا وأنه قال لأخيه عمرو بن عامر المعروف بمزيقيا لما حضرته الوفاة إن بلادكم ستخرب وإن لله في أهل اليمن سخطتين ورحمتين فالسخطة الأولى هدم سد مأرب وتخرب البلاد بسببه والثانية غلبة الحبشة على أرض اليمن والرحمة الأولى بعثة نبي من تهامة اسمه محمد يرسل بالرحمة ويغلب أهل الشرك والثانية إذا خرب بيت الله يبعث الله رجلا يقال له شعيب بن صالح فيهلك من خربه ويخرجهم حتى لا يكون بالدنيا إيمان إلا بأرض اليمن انتهى وقد تقدم في الحج أن البيت يحج بعد خروج يأجوج ومأجوج وتقدم الجمع بينه وبين حديث لا تقوم الساعة حتى لا يحج البيت وأن الكعبة يخرّبها ذو السويقتين من الحبشة فينتظم من ذلك أن الحبشة إذا خربت البيت خرج عليهم القحطاني فأهلكهم وأن المؤمنين قبل ذلك يحجون في زمن عيسى بعد خروج يأجوج ومأجوج وهلاكهم وأن الريح التي تقبض أرواح المؤمنين تبدأ بمن بقي بعد عيسى ويتأخر أهل اليمن بعدها ويمكن أن يكون هذا مما يفسر به قوله الإيمان يمان أي يتأخر الإيمان بها بعد فقده من جميع الأرض وقد أخرج مسلم حديث القحطاني عقب حديث تخريب الكعبة ذو السويقتين فلعله رمز إلى هذا وسيأتي في أواخر الأحكام في الكلام على حديث جابر بن سمرة في الخلفاء الإثني عشر شيء يتعلق بالقحطاني وقال الإسماعيلي هنا ليس هذا الحديث من ترجمة الباب في شيء وذكر ابن بطال أن المهلب أجاب بأن وجهه أن القحطاني إذا قام وليس من بيت النبوة ولا من قريش الذين جعل الله فيهم الخلافة فهو من أكبر تغير الزمان وتبديل الأحكام بأن يطاع في الدين من ليس أهلا لذلك انتهى وحاصله أنه مطابق لصدر الترجمة وهو تغير الزمان وتغيره ".

الأحاديث الواردة في خبر قحطان وخروجه  آخر الزمان

الحديث الأول :

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَلَغَ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ عِنْدَهُ فِي وَفْدٍ مِنْ قُرَيْشٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَيَكُونُ مَلِكٌ مِنْ قَحْطَانَ فَغَضِبَ مُعَاوِيَةُ فَقَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رِجَالًا مِنْكُمْ يَتَحَدَّثُونَ أَحَادِيثَ لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا تُؤْثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ فَأُولَئِكَ جُهَّالُكُمْ فَإِيَّاكُمْ وَالْأَمَانِيَّ الَّتِي تُضِلُّ أَهْلَهَا فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ لَا يُعَادِيهِمْ أَحَدٌ إِلَّا كَبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ مَا أَقَامُوا الدِّينَ.

  هذا الحديث أخرجه  البخاري بسنده في صحيحه  في موضعين الاول في كتاب المناقب عند ذكر باب مناقب قريش  برقم (3239)  والثاني أورده  تحت باب الامراء من قريش برقم (6606)

ورواه أحمد في مسنده  برقم (16249) في مسند معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.

وأخرجه الطبراني في الاوسط برقم (3246) وفي الكبير برقم (16135) ورواه الطبراني ايضا في كتابه مسند الشاميين  روايته عن المدنيين برقم (3130).

مسألة  إنكار وغضب الصحابي الجليل معاوية بن ابي سفيان تملك رجل من  قحطان

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح عند شرحه للحديثوفي إنكار معاوية ذلك نظر لأن الحديث الذي استدل به مقيد بإقامة الدين فيحتمل أن يكون خروج القحطاني إذا لم تقم قريش أمر الدين وقد وجد ذلك، فإن الخلافة لم تزل في قريش والناس في طاعتهم إلى أن استخفوا بأمر الدين فضعف أمرهم وتلاشى إلى أن لم يبق لهم من الخلافة سوى اسمها المجرد في بعض الأقطار دون أكثرها.

وذكر ايضا أن مفهوم حديث معاوية (ما أقاموا الدين) أنهم إذا لم يقيموا الدين خرج الأمر عنهم، ويؤخذ من بقية الأحاديث أن خروجه عنهم إنما يقع بعد إيقاع ما هددوا به من اللعن أولا وهو الموجب للخذلان وفساد التدبير، وقد وقع ذلك في صدر الدولة العباسية، ثم التهديد بتسليط من يؤذيهم عليهم، ووجد ذلك في غلبة مواليهم بحيث صاروا معهم كالصبي المحجور عليه يقتنع بلذاته ويباشر الأمور غيره، ثم اشتد الخطب فغلب عليهم الديلم فضايقوهم في كل شيء حتى لم يبق للخليفة إلا الخطبة، واقتسم المتغلبون الممالك في جميع الأقاليم، ثم طرأ عليهم طائفة بعد طائفة حتى انتزع الأمر منهم في جميع الأقطار ولم يبق للخليفة إلا مجرد الاسم في بعض الأمصار.انتهى كلامه يرحمه الله

قلت : والذي يظهر لي أن معاوية رضي الله عنه لم يسمع بخبر قحطان ولم يعلم به وقد أوضح ذلك في سياق الحديث بقوله(أَنَّ رِجَالًا مِنْكُمْ يَتَحَدَّثُونَ أَحَادِيثَ لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا تُؤْثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ  الحديث.

ولو علمه لم يعارضه ولم ينكره وعلى اعتبار بلوغه بالحديث فيحمل فهمه أن الخلافة ماضية على إطلاقها في قريش كما استدل بقوله (إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ لَا يُعَادِيهِمْ أَحَدٌ إِلَّا كَبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ ) والله اعلم.

الحديث الثاني

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ يَسُوقُ النَّاسَ بِعَصَاهُ.

الحديث أخرجه البخاري في صحيحه برقم (3256) وبوّب له باب ذكر قحطان وساق الحديث بسنده عن ابي هريرة رضي الله تعالى عنه وأخرجه ايضا في باب تغير الزمان حتى تعبد الاوثان برقم (6584)

ورواه مسلم في صحيحه برقم (5182) وأحمد في مسنده (9037)

في تعريف قحطان  وتوضيح حاله

لم يرد في الأحاديث اسم قحطان المعني بالحديث  وقد استشكل ذكره وهو من الغيب الذي اخبرنا به عن النبي   ولم  يتضح حال اسلامه وايمانه ايضا وذكرالعلماء انه لم يخرج  وغاية ماورد  فيه انه  يخرج قبل قيام الساعة  ويملك ويحكم بدلالة  انسياق الناس له حيث يسوقهم بعصاه وهو حديث من أعلام النبوة.

 وذكر الحافظ ابن حجر في الفتح  عند شرحه للحديث قوله نقلا عن القرطبي  قال القرطبي في التذكرة: قوله: "يسوق الناس بعصاه " كناية عن غلبته عليهم وانقيادهم له، ولم يرد نفس العصا، لكن في ذكرها إشارة إلى خشونته عليهم وعسفه بهم، قال: وقد قيل إنه يسوقهم بعصاه حقيقة كما تساق الإبل والماشية لشدة عنفه وعدوانه.

ويوضح الحافظ ابن حجر ان كون الإمام البخاري أورد الحديث في باب تغير الزمان حتى تعد الاوثان  إشارة إلى أن ملك القحطاني يقع في آخر الزمان عند قبض أهل الإيمان ورجوع كثير ممن يبقى بعدهم إلى عباده الأوثان وهم المعبر عنهم بشرار الناس الذين تقوم عليهم الساعة.

ومال القرطبي إلي ان القحطاني ربما يكون هو الجهجاه الذي ورد  ذكره في صحيح مسلم

عن  أبي هريرة عن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال : لا تذهب الأيام والليالي حتى يملك رجل يقال له   الجهجاه. صحيح مسلم برقم(5183)

قال القرطبي: واصل الجهجاه الصياح وهي صفة تناسب ذكر العصا  ورد عليه ابن حجر بان الجهجاه من الموالي وقحطان من الاحرار.

وذكر الإمام ابن كثير في كتابه النهاية في الفتن والملاحم: أن جهجاه هو اسم لذي السويقتين

وقال : إشارة إلى ظهور ظالم من قحطان قبل قيام الساعة وساق الحديث يسوق الناس بعصاه وقال : وقد يكون هذا الرجل هو ذا السويقتين، ويحتمل أن يكون غيره فإن هذا من قحطان، وذاك من الحبشة فالله أعلم. انتهى كلام ابن كثير يرحمه الله

وذكرالمقدسي في كتابه البدء والتاريخ  :قيل رجل من قحطان واختلفوا فيه من هو؟ فروي عن ابن سيرين أنه قال القحطاني رجل صالح وهو الذي يصلى خلفه عيسى وهو المهدي وروي عن كعب أنه قال يموت المهدي ويبايع بعده القحطاني.

وأورد ابن بطال في شرحه للبخاري :قال المهلب: وأما حديث عبد الله بن عمرو أنه سيكون ملك من قحطان، فيحتمل أن يكون ملكًا غير خليفة على الناس من غير رضا به، وإنما أنكر ذلك معاوية لئلا يظن أحد أن الخلافة تجوز فى غير قريش، ولو كان عند أحد فى ذلك علم من النبى  - صلى الله عليه وسلم -  لأخبر به معاوية حين خطب بإنكار ذلك عليهم، وقد روى فى الحديث أن ذلك إنما يكون عند ظهور أشراط الساعة وتغيير الدين، روى أبو هريرة عن النبى  - صلى الله عليه وسلم -  أنه قال:  « لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه »  فقوله:  « لا تقوم الساعة »  يدل أن ذلك من أشراط القيامة ومما لا يجوز، ولذلك ترجم البخارى بهذا الحديث فى كتاب الفتن فى باب تغير الزمان حتى تعبد الأوثان، وفهم منه هذا المعنى.

مسألة وقت خروجه ومدة لبثه وبقائه

ورد في الحديث الصحيح أنه يخرج قبل قيام الساعة كما دل عليه قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ  ) الحديث

ولم نقف على حديث صحيح يبين ويحدد وقت خروجه ومدة لبثه وحكمه بالتفصيل  على أن نعيم بن حماد ذكر في كتابه الفتن أنه بعد المهدي ومدة لبثه عشرين سنه ويموت قتلا بالسلاح وأنه  على سيرة المهدي وذكر أثرا عن عبدالله بن عمر : كلهم صالح.

ومن هذه المرويات التي ذكرها نعيم بن حماد حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة رضى الله عنه قال لا تذهب الأيام والليالي حتى يسوق الناس رجل من قحطانحدثنا الوليد بن مسلم عن شيخ عن يزيد بن الوليد الخزاعي عن كعب قال يملك ثلاثة من ولد العباس المنصور والمهدي والسفاححدثنا الوليد عن ابن لهيعة عن عبد الرحمن بن قيس بن جابر الصدفي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون بعد الجبابرة رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا ثم القحطاني بعده والذي بعثني بالحق ما هو دونهحدثنا الوليد عن ابن لهيعة عن عبد الرحمن بن قيس بن جابر الصدفي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما القحطاني بدون المهدي).

حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة رضى الله عنه قال لا تذهب الأيام والليالي حتى يسوق الناس رجل من قحطان.حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن ثور بن زيد الدئلي عن أبي الغيث عن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه)حدثنا ابن لهيعة عن عبد الرحمن بن قيس بن جابر الصدفي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (سيكون من أهل بيتي رجل يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا ثم من بعده القحطاني والذي بعثني بالحق ما هو دونه).حدثنا ابن ثور وعبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن محمد عن عقبة بن أوس عن عبد الله بن عمرو قال السفاح ثم المنصور ثم جابر ثم المهدي ثم الأمين ثم سين وسلام ثم أمير العصب ستة منهم من ولد كعب بن لؤي ورجل من قحطان لا يرى مثلهم كلهم صالحوهي مرويات لاتخلو من علة وفي أسانيدها نظر .

وتطرق الحافظ ابن حجر في الفتح  لبعضها  وعلق عليها بقولهوقد روى نعيم بن حماد في الفتن من طريق أرطأة بن المنذر - أحد التابعين من أهل الشام - أن القحطاني يخرج بعد المهدي ويسير على سيرة المهدي. وأخرج أيضا من طريق عبد الرحمن بن قيس بن جابر الصدفي عن أبيه عن جده مرفوعا: "يكون بعد المهدي القطحاني، والذي بعثني بالحق ما هو دونه" وهذا الثاني مع كونه مرفوعا ضعيف الإسناد، والأول مع كونه موقوفا أصلح إسنادا منه، فإن ثبت ذلك فهو في زمن عيسى ابن مريم

الحديث الثالث

حدثنا علي بن سعيد قال : نا الحسين بن عيسى بن ميسرة الرازي قال : نا سلمة بن الفضل ، عن محمد بن إسحاق ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن سالم ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ليسوقن الناس القحطاني بعصاه » « لم يرو هذا الحديث عن عبد الله بن أبي بكر إلا محمد بن إسحاق ، تفرد به : سلمة بن الفضل » أخرجه الطبراني في الاوسط برقم (3975) والحديث  ضعيف  لعنعنة ابن إسحاق وهو مدلس ولانفراده  بالحديث  وتلميذه سلمة بن الفضل  ضعفه النسائي وقال عنه البخاري  يروي مناكير  وقال ابو حاتم :   محله الصدق في حديثه انكار يكتب حديثه ولايحتج به.

الحديث الرابع

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بن سَعِيدٍ الرَّازِيُّ , حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بن عِيسَى بن مَيْسَرَةَ الرَّازِيُّ , حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بن الْفَضْلِ , عَنْ مُحَمَّدِ بن إِسْحَاقَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن أَبِي بَكْرٍ , عَنْ سَالِمٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:لَيَسُوقَنَّ رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ النَّاسَ بِعَصًارواه الطبراني في المعجم الكبير(13020)  وفي الاوسط برقم (3975) بلفظ القحطاني وليس قحطان  والحديث فيه عنعنة محمد ابن إسحاق وهو مدلس كما سبق

الحديث الخامس

حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ النَّحْوِيُّ، ثنا سُلَيْمَانُ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ، ثنا حُسَيْنُ بن عَلِيٍّ الْكِنْدِيِّ مَوْلَى جَرِيرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ قَيْسِ بن جَابِرٍ الصَّدَفِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:سَيَكُونُ مِنْ بَعْدِي خُلَفَاءُ، وَمِنْ بَعْدِ الْخُلَفَاءِ أُمَرَاءُ، وَمِنْ بَعْدِ الأُمَرَاءِ مُلُوكٌ، وَمِنْ بَعْدِ الْمُلُوكِ جَبَابِرَةٌ، ثُمَّ يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَمْلأُ الأَرْضَ عَدْلا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا، ثُمَّ يُؤَمَّرُ الْقَحْطَانِيُّ، فَوَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ مَا هُوَ دُونَهُ.

أخرجه الطبراني في الكبير برقم (18372) والحديث  ضعيف 

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 8 / 198ضعيف

رواه ابن منده في "المعرفة" (2/ 236/ 2) عن حنين بن علي الكندي مولى جذع ، عن الأوزاعي ، عن قيس بن جابر ، عن أبيه ، عن جده مرفوعاً .

وأخرجه ابن عساكر في "التاريخ" (17/ 200/ 2) من هذا الوجه ؛ إلا أنه وقع فيه : "الحسين بن علي الكندي مولى ابن خديج" ، وسواء كان الصواب هذا أو ذاك ، فإني لم أعرفه ، وكذلك لم أعرف قيس بن جابر ومن فوقه .

والحديث أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (5/ 190) عن قيس بن جابر الصدفي ، عن أبيه ، عن جده مرفوعاً به . وقال :"رواه الطبراني ، وفيه جماعة لم أعرفهم" .

ورواه  السيوطي في الجامع الصغير برقم (4768) عن جاحل الصدفي وقال عنه الالباني في  ضعيف الجامع  موضوع .

مسألة  إشكال في خروج القحطاني في بعض النواحي  والرد على ذلك

أجاب عليها الشيخ سعد بن الشيخ حمد بن عتيق رحمهم الله اجمعين

وردت في كتاب الدرر السنية ومسائل نجدية الجزء الاول هذا نصها

الشيخ سعد بن الشيخ حمد بن عتيق، عفا الله عنه :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، أشرف المرسلين، وعلى آله، وأصحابه والتابعين أما بعد : فقد وقع البحث في الحديث، الذي في الصحيحين، حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة، حتى يخرج رجل من قحطان، يسوق الناس بعصاه " فصرح بعض الحاضرين، بأن القحطاني المذكور في هذا الحديث، هو : محمد بن رشيد، الذي خرج في أواخر المائة الثالثة بعد الألف من الهجرة، وعظمت شوكته، وانتشرت دولته في أوائل المائة الرابعة، واستولى على كثير من البلدان، النجدية، وقهر جماعات من أهل، البادية، حتى استسلم لأمره كثير من أهل نجد، واليمامة، أو أكثرهم ؛ فسألني بعض الخواص، هل يسوغ القول بما قاله هذا القائل ؟ وهل ينبغي الجزم به ؟ أم لا ؟

ثم بلغني عن الإخوان : أنه نسب هذا إلى صديق حسن الهندي، وأنه نقل عن صديق، أن الحديث يفيد : أن القحطاني المذكور في الحديث، مسلم، وليس بمؤمن ؛ فعنَّ لي أن أذكر بعض ما وقفت عليه من كلام أهل العلم، على هذا الحديث، مع كلمات يسيرة، يستفيد بها السائل ؛ وإن كنتُ لست أهلاً لذلك، لقلة العلم، وعدم وجود من استفيد منه، من أهل التحقيق .

ولأن الكلام على أحاديث الرسول، مما يحجم عنه الجهابذة الفحول، فكيف بمن هو مزجى البضاعة، قاصر الباع ؟ وإني لمعترف - والصدق منجاة - بأن : طلب الإفادة، ممن هو مثلي، من عجائب الدهر، ولكن الضرورة قد تلجيء إلى أعظم من ذلك، فأقول في الجواب :اعلم : أن قول القائل، إن القحطاني المذكور في الحديث، هو الرجل الذي وصفنا، لاشك أنه تعيين لمراد المعصوم صلى الله عليه وسلم، وتبيين لمقصوده، وهذا مفتقر إلى أحد شيئين ؛ الأول : النقل الثابت عنه صلى الله عليه وسلم، برواية الثقات ؛ ونقل : العدول، المعتبرين عند أهل النقل بالتنصيص، على المقصود بكلامه، إنه هذا الرجل بعينه ؛ وهذا : مما لا سبيل إليه البتة .

الثاني : وجود القرائن، وقيام الشواهد، الدالة على أن المراد بقوله صلى الله عليه وسلم هو هذا ؛ ولكن لا يطلع عليها إلا من حصل المعرفة التامة بمدلول لفظ الحديث وضم إلى ذلك النظر في سيرة هذا، الذي يدعى انه المقصود واعتبار حاله وما كان عليه، وأما الجزم بالتعيين مع تخلف العلم بمدلول الفظ أو وجود بعض الاحتمالات التي يتعذر معها الجذم بالمفهوم أو عدم اعتبار حال المدعى انه المراد، والإعراض عن التفتيش في سيرته فلا يخفى بعده عن العلم المفيد عند أهل المعرفة .وإذا عرف هذا فنقول : قال بعض أهل العلم في معنى الحديث، هو كناية عن استقامة الناس وانقيادهم لهم واتفاقهم عليه، قال إلا أن في ذكرها - يعنى العصا -دليل على عسفه لهم وخشونته عليهم وقال بعضهم هو حقيقة أو مجاز عن القهر، والضرب، ونقل : محمد طاهر الهندى، في شرح غريب الآثار عن شرح الصابيح، أنه عبارة عن التسخير، كسوق الراعي، فظهر بهذا : إن المذكور في الحديث يكون له تسلط على الناس حتى يقهرهم ويستولي عليهم كاستلاء الراعي على غنمه بحيث لا يتخلف أحد من رعيته عن طاعته ومن تأمل ما وقع من كثير من الناس من التخلف عن متابعة هذا الأمير والخروج عن طاعته والعصيان لأمره وعرف ما قاله العلماء في معنى الحديث، أوجب له ذلك : التوقف فيما قاله هؤلاء العلماء والإنكفاف عما أقدموا عليه هذا لو لم ينقل في شأن القحطاني إلا هذا فكيف وقد قال القرطبي : يجوز أن يكون القحطانى هو : الجهجاه، المذكور في الحديث الذي رواه مسلم يشير إلى حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تذهب الأيام والليالى، حتى يملك رجل، يقال له الجهجاه " ونقل في بعض الأخبار : أن خروج القحطاني بعد المهدي كما سيأتي بيانه وأما إسلام القحطاني، أو إيمانه، فليس في حديث الصحيحين تعرض لذلك، وقد تقدم الحديث، ولفظه : " لا تقوم الساعة، حتى يخرج رجل من قحطان، يسوق الناس بعصاه " وليس في هذا ما يدل على إسلامه، ولا إيمانه، كما أنه لا يدل على كفره، ولا نفاقه، بل هذا : خبر مجرد كإخباره صلى الله عليه وسلم بالجهجاه وهذا من أنباء الغيب التي أخبر بها صلى الله عليه وسلم كما أخبر بالفتن، والملاحم، والدخان، والدابة، وخروج الدجال، وخروج يأجوج ومأجوج، وطلوع الشمس من مغربها، وغير ذلك مما أخبره به صلى الله عليه وسلم مما سيكون نعم : إن ثبت ما رُوى : أن خروج القحطاني يكون بعد المهدى، وأنه يسير على سيرة المهدى، فلا شك أنه من أهل الإسلام والإيمان ومن الدعاة إلى شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فقد وردت أحاديث تدل : على خروج المهدي، وحكمه بالقسط والعدل، وهى: مذكورة في سنن أبي داود، وابن ماجة وغيرهما، منها : حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لو لم يبقى من الدنيا إلا يوم، لطوّله الله حتى يبعث فيه رجلا من أهل بيتي، يوطء اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا" وقد ورد حديث، فيه : " لا مهدى إلا عيسى بن مريم " قال شيخ الإسلام :ابن تميمة رحمه الله تعالى هو حديث ضعيف رواه يونس عن الشافعي عن شيخ من أهل اليمن ولا يقوم بإسناده حجه وقال الذهبي في الميزان يونس ابن عبد الأعلى، أبو موسى الصدفي، روى عن ابن عيينة وابن وهب وعنه ابن خزيمة، وأبي عوانه، وخلق، وثقه : أبو حاتم وغيره، ونعتوه بالحفظ، والعقل إلا انه تفرد عن الشافعي بذلك الحديث : " لا مهدي إلا ابن مريم " فهو منكر جداً، وقال : صديق - في عون الباري بعد ذكر حديث القحطانى يكون بعد المهدي ويسير على سيرته، رواه أبو نعيم بن حماد في الفتن، انتهى، فإن ثبت هذا فهو يدل مع أحاديث المهدي على تأخر خروج القحطاني وأنه لا يخرج إلا بعد خروج المهدى وأنه يكون على سيرة حسنة وحالته مرضية، لا كما نقل عن البعض، أن حديث الصحيحين، يدل على أنه : مسلم، وليس بالمؤمن فإن الحديث لا يدل على ذلك لا بمنطوقه، ولا بمفهومه، فإن كان صديق قال ذلك، فلا يخفى ما فيه .وكذلك النقل عن صديق أنه قال :أقرب ما يكون القحطاني الذكور في الحديث، أنه محمد بن رشيد في ثبوته عنه نظر، فقد قدمنا في هذا جزم صديق في كتابه بأن خروج القحطاني يكون بعد خروج المهدى واستدلاله على ذلك بما رواه أبو نعيم، فكيف يتفق هذا، وذاك ؟! ولا شك في عدم ثبوت هذه المقالة عمن اخذ عن صديق وسمع كلامه . فلذلك : أقول ينبغي أن ينظر فيمن نقل هذا عن صاحبنا، الذي نقل عن : صديق، وعلى تقدير ثبوت هذا فهو قولٌ مجردٌ عن الدليل، ومناقض لما قرره، هو واستدل عليه، كما عرفناك قريبا ( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً ) [ النساء :82] والله أعلم

الخاتمة

من خلال دراستنا الحديثية لما ورد في خبر قحطان في أخر الزمان نستنتج عدة أمور

1-ثبوت خبر قحطان  وأنه من أشراط الساعة  المأمورين بتصديقها والايمان بها.

2-أن وقت خروج قحطان يكون  في آخر الزمان قبل قيام الساعة كما دلت على ذلك

مجموع الأحاديث الواردة فيه.

3- أن الناس ينساقون وينقادون له  ويهيمن عليهم بعصاه التي معه .

4- أن مدة بقاءه غير محددة بزمن صحيح فربما يبقى أياما أو شهرا أو أكثر من ذلك والعبرة بخروجه وغلبته على الناس وليست بمدة بقائه.

5-أنه لم يثبت لدينا  بدليل قاطع وخبر ثابت أنه مسلم أو مؤمن أو كافر فغاية ماصح في خبره انه يخرج في آخر الزمان يسوق الناس بعصاه .

6- أن حكمه للناس لم يكن باختيار من أهل العقد والحل وإنما يكون على سبيل الغلبة  والملك والحكم

هذا وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

علامات الساعة العلامات الصغرى ( 14 )

14- ) علامات الساعة - العلامات الصغرى

 
خريطة القسطنطينية                                 حصون القسطنطينية             
السلطان محمد الفاتح                               حصار القسطنطينية           

47 - ) فتح القسطنطينية

فعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله قال " سمعتم بمدينة جانب نتها فى البر وجانب منها فى البحر ؟ قالوا : نعم يا رسول الله ، قال : لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفا من بنى اسحاق فاذا جاؤوها نزلوا فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم قالوا : لاآله الا الله والله أكبر فيسقط جانبها الأخر ثم يثول الثالثة لا آله الا الله والله أكبر فيفرج لهم فيدخلوها فيغنموا فبينما هم يقتسمون المغانم اذ جاءهم الصريخ فقال : ان الدجال قد خرج فيتركون كل شىء ويؤجعون " رواه مسلم

وهذا الفتح للقسطنطينية سيكون دون قتال، كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر؟ قالوا: نعم، يا رسول الله، قال: لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفا من بني إسحاق، فإذا جاءوها نزلوا، فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم، قالوا: لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط أحد جانبيها ـ قال ثور: لا أعلمه إلا قال ـ الذي في البحر، ثم يقولوا الثانية: لا إله إلا الله والله أكبر، فيسقط جانبها الآخر، ثم يقولوا الثالثة: لا إله إلا الله، والله أكبر، فيفرج لهم، فيدخلوها، فيغنموا، فبينما هم يقتسمون المغانم، إذ جاءهم الصريخ، فقال: إن الدجال قد خرج، فيتركون كل شيء ويرجعون.

وبهذا يتبين أن فتح القسطنطينية المذكور في النصوص لم يأت بعد، وأنه ليس هو الفتح الذي حصل في زمن الخلافة العثمانية.

قال العلامة  حمود التويجري رحمه الله في كتابه: ” إتحاف الجماعة”: ” وقد فتحت القسطنطينية في سنة سبع وخمسين وثمانمائة، على يد السلطان العثماني التركماني محمد الفاتح (وسمي الفاتح لفتحه القسطنطينية) ، ولم تزل القسطنطينية في أيدي العثمانيين إلى زماننا هذا في آخر القرن الرابع عشر من الهجرة.

وهذا الفتح ليس هو المذكور في الأحاديث التي تقدم ذكرها؛ لأن ذاك إنما يكون بعد الملحمة الكبرى، وقبل خروج الدجال بزمن يسير؛ كما تقدم بيان ذلك في عدة أحاديث .  ويكون فتحها بالتسبيح، والتهليل، والتكبير لا بكثرة العدد والعدة؛ كما تقدم مصرحا به في غير ما حديث من أحاديث هذا الباب.

 ويكون فتحها على أيدي العرب لا أيدي التركمان؛ كما يدل على ذلك قوله في حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- عند مسلم: «فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ» روا مسلم .

 وفي حديث ذي مخمر رضي الله عنه: «” فَيَقُولُ قَائِلٌ مِنَ الرُّومِ : غَلَبَ الصَّلِيبُ ، وَيَقُولُ قَائِلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ : بَلِ اللَّهُ غَلَبَ ، فَيَثُورُ الْمُسْلِمُ إِِلَى صَلِيبِهِمْ وَهُوَ مِنْهُ غَيْرُ بَعِيدٍ فَيَدُقُّهُ ، وَتَثُورُ الرُّومُ إِِلَى كَاسِرِ صَلِيبِهِمْ ، فَيَضْرِبُونَ عُنُقَهُ ، وَيَثُورُ الْمُسْلِمُونَ إِِلَى أَسْلِحَتِهِمْ فَيَقْتَتِلُونَ ، فَيُكْرِمُ اللَّهُ تِلْكَ الْعِصَابَةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِالشَّهَادَةِ ، فَتَقُولُ الرُّومُ لِصَاحِبِ الرُّومِ : كَفَيْنَاكَ الْعَرَبَ ، فَيَجْتَمِعُونَ لِلْمَلْحَمَةِ ، فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا ” صحيح ابن حبان

 فدل هذا على أن الملحمة الكبرى تكون بين العرب والروم، والذين يباشرون القتال في الملحمة الكبرى هم الذين يفتحون القسطنطينية، وأمير الجيش الذي يفتحها في آخر الزمان عند خروج الدجال هو الممدوح هو وجيشه؛ كما تقدم ذلك .

والمقصود هاهنا التنبيه على أن الفتح المنوه بذكره في أحاديث هذا الباب لم يقع إلى الآن، وسيقع في آخر الزمان عند خروج الدجال.

ومن حمل ذلك على ما وقع في سنة سبع وخمسين وثمانمائة؛ فقد أخطأ وتكلف ما لا علم له به “.

 قال العلامة  المصري أحمد شاكر رحمه الله : (فتح القسطنطينية المبشر به في الحديث سيكون في مستقبل قريب أو بعيد يعلمه الله عز وجل، وهو الفتح الصحيح لها حين يعود المسلمون إلى دينهم الذي أعرضوا عنه،

وأما فتح الترك الذي كان قبل عصرنا هذا فإنه كان تمهيدا للفتح الأعظم،

ثم هي قد خرجت بعد ذلك من أيدي المسلمين منذ أعلنت حكومتهم هناك أنها حكومة غير إسلامية وغير دينية وعاهدت الكفار أعداء الإسلام, وحكمت أمتها بأحكام القوانين الوثنية الكافرة، وسيعود الفتح الإسلامي لها إن شاء الله كما بشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم)

 هذا وقد ثبت الثناء على أول جيش يغزو القسطنطينية  كما في صحيح البخاري عن أم حرام بنت ملحان رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم يقول :  “ أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ الْبَحْرَ قَدْ أَوْجَبُوا ”  قَالَتْ أُمُّ حَرَامٍ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا فِيهِمْ ؟ قَالَ : “ أَنْتِ فِيهِمْ ”  ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “ أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ مَدِينَةَ قَيْصَرَ مَغْفُورٌ لَهُمْ ” فَقُلْتُ أَنَا فِيهِمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : “ لَا

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله  : ” مدينة قيصر هي القسطنطينية ” 

قَالَ الْمُهَلَّبُ : ” فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَنْقَبَةٌ لِمُعَاوِيَةَ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ غَزَا الْبَحْرَ ، وَمَنْقَبَةٌ لِوَلَدِهِ يَزِيدَ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ غَزَا مَدِينَةَ قَيْصَرَ ” .

وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ التِّينِ وَابْنُ الْمُنِيرِ بِمَا حَاصِلُهُ : ” أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ دُخُولِهِ فِي ذَلِكَ الْعُمُومِ أَنْ لَا يَخْرُجَ بِدَلِيلٍ خَاصٍّ ! ” 

قال الحافظ ابن حجر : “ وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ التِّينِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَمْ يَحْضُرْ مَعَ الْجَيْشِ فَمَرْدُودٌ ، إِلَّا أَنْ يُرِيدَ لَمْ يُبَاشِرِ الْقِتَالَ فَيُمْكِنُ فَإِنَّهُ كَانَ أَمِيرَ ذَلِكَ الْجَيْشِ بِالِاتِّفَاقِ 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمهُ اللهُ- :  “وبالإجماع أول جيش غزاها بقيادة يزيد بن معاوية وكان تحت أمرته بعض الصحابة منهم أبو أيوب الأنصاري ” مجموع الفتاوى 3

ومنها أى من علامات الساعة فتح مدينة القسطنطينية – قبل خروج الدجال - على يدي المسلمين, والذي تدل عليه الأحاديث أن هذا الفتح العظيم يكون بعد قتال الروم في الملحمة الكبرى وانتصار المسلمين عليهم، فعندئذ يتوجون إلى مدينة القسطنطينية فيفتحها الله للمسلمين بدون قتال، وسلاحهم التكبير والتهليل.

ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر؟ قالوا: نعم يا رسول الله! قال: لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفاً من بني إسحاق. فإذا جاؤوها نزلوا. فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم. قالوا: لا إله إلا الله والله أكبر. فيسقط أحد جانبيها. قال ثور (أحد رواة الحديث): لا أعلمه إلا قال: الذي في البحر. ثم يقولوا الثانية: لا إله إلا الله والله أكبر. فيسقط جانبها الآخر. ثم يقولوا الثالثة: لا إله إلا الله والله أكبر. فيفرج لهم. فيدخلوها فيغنموا. فبينما هم يقتسمون الغنائم، إذ جاءهم الصريخ فقال: إن الدجال قد خرج. فيتركون كل شيء ويرجعون))  (1) .

وقد أشكل قوله في هذا الحديث: ((يغزوها سبعون ألفاً من بني إسحاق)) والروم من بني إسحاق, لأنهم من سلالة العيص بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهما السلام، فكيف يكون فتح القسطنطينية على أيديهم؟

قال القاضي عياض: (كذا هو في جميع أصول صحيح مسلم من بني إسحاق, ثم قال: قال بعضهم: المعروف المحفوظ من بني إسماعيل، وهو الذي يدل عليه الحديث وسياقه لأنه إنما أراد العرب)  (2) .

وذهب الحافظ ابن كثير: إلى أن هذا الحديث (يدل على أن الروم يسلمون في آخر الزمان, ولعل فتح القسطنطينية يكون على أيدي طائفة منهم كما نطق به الحديث المتقدم أنه يغزوها سبعون ألفاً من بني إسحاق) واستشهد على ذلك بأنهم مدحوا في حديث المستورد القرشي فقد قال: ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تقوم الساعة والروم أكثر الناس، فقال له عمرو: أبصر ما تقول. قال: أقول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: لئن قلت ذلك، إن فيهم لخصالاً أربعاً: إنهم لأحلم الناس عند فتنة. وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة. وأوشكهم كرة بعد فرة. وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف. وخامسة حسنة وجميلة: وأمنعهم من ظلم الملوك))  (3) .

ويدل أيضاً على أن الروم يسلمون في آخر الزمان حديث أبي هريرة السابق في قتال الروم وفيه: أن الروم يقولون للمسلمين ((خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم، فيقول المسلمون: لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا))  (4) فالروم يطلبون من المسلمين أن يتركوهم يقاتلون من سبي منهم لأنهم أسلموا فيرفض المسلمون ذلك, ويبينون للروم أن من أسلم منهم فهو من إخواننا لا نسلمه لأحد، وكون غالب جيش المسلمين ممن سبي من الكفار ليس بمستغرب.

قال النووي: (وهذا موجود في زماننا، بل معظم عساكر الإسلام في بلاد الشام ومصر سبوا ثم هم اليوم بحمد الله يسبون الكفار وقد سبوهم في زماننا مراراً كثيرة، يسبون في المرة الواحدة من الكفار ألوفاً ولله الحمد على إظهار الإسلام وإعزازه)  (5) .

ويؤيد كون هذا الجيش الذي يفتح القسطنطينية من بني إسحاق أن جيش الروم يبلغ عددهم قريباً من ألف ألف، فيقتل بعضهم ويسلم بعضهم ويكون من أسلم مع جيش المسلمين الذي يفتح القسطنطينية والله أعلم. وفتح القسطنطينية بدون قتال لم يقع إلى الآن وقد روى الترمذي عن أنس بن مالك أنه قال: ((فتح القسطنطينية مع قيام الساعة))  (6)

ثم قال الترمذي: قال محمد أي ابن غيلان شيخ الترمذي: هذا حديث غريب، والقسطنطينية هي مدينة الروم تفتح عند خروج الدجال, والقسطنطينية قد فتحت في زمان بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم  (7) , والصحيح أن القسطنطينية لم تفتح في عصر الصحابة فإن معاوية رضي الله عنه بعث إليها ابنه يزيد في جيش فيهم أبو أيوب الأنصاري، ولم يتم لهم فتحها ثم حاصرها مسلمة بن عبد الملك ولم تفتح أيضاً, ولكنه صالح أهلها على بناء مسجد بها  (8) .

وفتح الترك أيضاً للقسطنطينية كان بقتال، ... وستفتح فتحا أخيراً كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.

قال أحمد شاكر: (فتح القسطنطينية المبشر به في الحديث سيكون في مستقبل قريب أو بعيد يعلمه الله عز وجل، وهو الفتح الصحيح لها حين يعود المسلمون إلى دينهم الذي أعرضوا عنه، وأما فتح الترك الذي كان قبل عصرنا هذا فإنه كان تمهيدا للفتح الأعظم، ثم هي قد خرجت بعد ذلك من أيدي المسلمين منذ أعلنت حكومتهم هناك أنها حكومة غير إسلامية وغير دينية وعاهدت الكفار أعداء الإسلام, وحكمت أمتها بأحكام القوانين الوثنية الكافرة، وسيعود الفتح الإسلامي لها إن شاء الله كما بشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم) 


Wednesday, August 25, 2021

علامات الساعة - العلامات الصغرى ( 13 )

13 - ) علامات الساعة - العلامات الصغرى

 

46 - ) استحلال البيت الحرام وهدم اكعبة 

فعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال سمعت رسول الله يقول " يخرب الكعبة ذو السويقين من الحبشة ويسلبها حليتها ويجردها من كسوتها ، ولكنى أنظر اليه أصلع يضرب عليها بمسحاته ومعوله " رواه أحمد باسناد صحيح

جيش يغزو الكعبة

من أشراط الساعة ومن الأشياء التي أخبر النبي ﷺ أنها ستحدث قبل قيام الساعة: جيش يغزو الكعبة و يخسف الله به وهو في الطريق.

فقال: ﷺ: إن أناساً من أمتي يؤمون هذا البيت برجل من قريش قد استعاذ بالحرم، فلما بلغوا البيداء خسف بهم، مصادرهم شتى يبعثهم الله على نياتهم، قلت: -تقول عائشة -رضي الله عنها-: كيف يبعثهم اللهعلى نياتهم ومصادرهم شتى؟

قال: جمعهم الطريق، منهم المستبصر، وابن السبيل، والمجبور، يهلكون مهلكاً واحداً ويصدرون مصادر شتى [رواه أحمد: 24782، وصححه الألباني السلسلة الصحيحة: 1924].

هؤلاء يهلكون جميعاً، الجيش يموت أفراده كلهم خيارهم و شرارهم، لكن عندما يبعثهم الله يبعثهم على مصادر، بحسب نياتهم وأعمالهم، فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ [الشورى: 7].

فبعضهم مستبصر يعرف أنه لا يجوز القتال في مكة، ولا يجوز غزو مكة، هذا يعاقبه الله، يمكن يكبه في النار، وناس لا يعرفون، وناس تبع، وناس سوقة، وناس عبيد، وناس مجبورين مغصوبين أن يسيروا في الجيش.

إذن الله أعلم بنيات كل واحد، ولو كان هلاكهم واحداً لكن يوم القيامة سيبعثون على مصادر شتى.

وفي هذا الحديث تحذير الأخيار من مصاحبة الأشرار، وإن المصير والعقوبة إذا نزلت على الجميع، لكن يوم القيامة يكون حساب هؤلاء غير حساب هؤلاء.

إذن هؤلاء الذين جمعهم الطريق، الخسف صار بالجيش كله، صار بالجيش كله.

هدم الكعبة جاءت به أحاديث صحيحة في البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم من كتب السنة ،
وهو في الأشهر أنه في آخر الزمان ،وإن اختلف في تحديد هذا الزمن ،والأولى عدم التعرض لتحديد الزمن ،لأنه من الغيب الذي لم نكلف بالسؤال عنه ،على أنه تجب الإشارة أن هذا يكون في آخر الزمان ،حيث تقوم الساعة على شرار الناس . قال الإمام ابن حجر في فتح الباري –باب هدم الكعبة : قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ فَيُخْسَفُ بِهِمْ : أي في آخر الزمان. وفي رواية : يغزو جيش الكعبة، حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم، ثم يبعثون على نياتهم ، ومناسبته لهذه الترجمة من جهة أن فيه إشارة إلى أن غزو الكعبة سيقع، فمرة يهلكهم الله قبل الوصول إليها وأخرى يمكنهم، والظاهر أن غزو الذين يخربونه متأخر عن الأولين. وفي موطن آخر : قوله: (يغزو جيش الكعبة) في رواية مسلم ” عبث النبي صلى الله عليه وسلم في منامه فقلنا له صنعت شيئا لم تكن تفعله، قال: العجب أن ناسا من أمتي يؤمون هذا البيت لرجل من قريش ” وزاد في رواية أخرى أن أم سلمة قالت ذلك زمن ابن الزبير، وفي أخرى أن عبد الله بن صفوان أحد رواة الحديث عن أم سلمة قال: والله ما هو هذا الجيش. ويقول الشيخ عبدالله زقيل من علماء السعودية : جاءت الأحاديث عن المصطفى صلى الله عليه وسلم في بيان حال الكعبة في آخر الزمان وإليك نص الأحاديث : ‏1 – عَنْ ‏‏سَعِيدِ بْنِ سَمْعَانَ ‏‏قَالَ : سَمِعْتُ ‏‏أَبَا هُرَيْرَةَ ‏‏يُخْبِرُ ‏‏أَبَا قَتَادَةَ ‏‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏قَالَ ‏: ‏يُبَايَعُ لِرَجُلٍ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ ‏‏وَالْمَقَامِ ،‏ ‏وَلَنْ يَسْتَحِلَّ ‏‏الْبَيْتَ ‏إِلَّا أَهْلُهُ ، فَإِذَا اسْتَحَلُّوهُ فَلَا يُسْأَلُ عَنْ هَلَكَةِ ‏‏الْعَرَبِ ،‏ ‏ثُمَّ تَأْتِي ‏الْحَبَشَةُ ‏‏فَيُخَرِّبُونَهُ خَرَابًا لَا يَعْمُرُ بَعْدَهُ أَبَدًا ، وَهُمْ الَّذِينَ يَسْتَخْرِجُونَ كَنْزَهُ . رواه الإمام أحمد في مسنده ، والحاكم في المستدرك. وقال الشيخ شاكر والشيخ الألباني والشيخ الأرناؤوط: صحيح. 2 –و ‏عَنْ ‏‏سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ‏‏أَنَّ ‏‏أَبَا هُرَيْرَةَ ‏‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ‏‏قَالَ ‏: ‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :‏ ‏يُخَرِّبُ ‏ ‏الْكَعْبَةَ ‏ ‏ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ(لَهُ سَاقَانِ دَقِيقَانِ) ‏ ‏مِنْ ‏ ‏الْحَبَشَةِ . رواه البخاري ومسلم . 3 – ‏وعَنْ ابْنَ عَبَّاسٍ ‏أَخْبَرَهُ ‏‏عَنْ النَّبِيِّ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏قَالَ ‏: ‏كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ أَسْوَدَ أَفْحَجَ يَنْقُضُهَا حَجَرًا حَجَرًا ‏. ‏يَعْنِي ‏‏الْكَعْبَةَ . رواه البخاري (1595) . أفحج : قال ابن الأثير في النهاية (3/415) : الفحج تباعد ما بين الفخذين . 4 – ‏عَنْ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ‏قَالَ ‏: ‏سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏يَقُولُ :‏ ‏يُخَرِّبُ ‏الْكَعْبَةَ ‏‏ذُوالسُّوَيْقَتَيْنِ ‏ ‏مِنْ ‏‏الْحَبَشَةِ ،‏‏ وَيَسْلُبُهَا حِلْيَتَهَا وَيُجَرِّدُهَا مِنْ كِسْوَتِهَا ، وَلَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ ‏أُصَيْلِعَ ‏، ‏أُفَيْدِعَ ‏‏يَضْرِبُ عَلَيْهَا ‏بِمِسْحَاتِهِ ‏‏وَمِعْوَلِهِ . ولكن هل هناك تعارض بين قوله تعالى : ” ‏أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا ” [ العنكبوت : 67] ، وبين الأحاديث الآنفة الذكر ؟ قال الحافظ ابن حجر في الفتح قِيلَ : هَذَا الْحَدِيث يُخَالِف قَوْله تَعَالَى : ” ‏أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا ” [ العنكبوت : 67] ، وَلِأَنَّ اللَّه حَبَسَ عَنْ مَكَّة الْفِيل وَلَمْ يُمَكِّن أَصْحَابه مِنْ تَخْرِيب الْكَعْبَة وَلَمْ تَكُنْ إِذْ ذَاكَ قِبْلَة , فَكَيْفَ يُسَلِّط عَلَيْهَا الْحَبَشَة بَعْدَ أَنْ صَارَتْ قِبْلَة لِلْمُسْلِمِينَ ؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ مَحْمُول عَلَى أَنَّهُ يَقَع فِي آخِر الزَّمَان قُرْب قِيَام السَّاعَة حَيْثُ لَا يَبْقَى فِي الْأَرْض أَحَد يَقُول اللَّهُ اللَّهُ كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيح مُسْلِم ” لَا تَقُوم السَّاعَة حَتَّى لَا يُقَال فِي الْأَرْض اللَّهُ اللَّهُ ” وَلِهَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَة سَعِيد بْن سَمْعَان ” لَا يَعْمُر بَعْده أَبَدًا ” وَقَدْ وَقَعَ قَبْلَ ذَلِكَ فِيهِ مِنْ الْقِتَال وَغَزْو أَهْل الشَّامّ لَهُ فِي زَمَن يَزِيد بْن مُعَاوِيَة ثُمَّ مِنْ بَعْده فِي وَقَائِع كَثِيرَة مِنْ أَعْظَمهَا وَقْعَة الْقَرَامِطَة بَعْدَ الثَّلَاثمِائَةِ فَقَتَلُوا مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمَطَاف مَنْ لَا يُحْصَى كَثْرَة وَقَلَعُوا الْحَجَر الْأَسْوَد فَحَوَّلُوهُ إِلَى بِلَادهمْ ثُمَّ أَعَادُوهُ بَعْدَ مُدَّة طَوِيلَة , ثُمَّ غُزِيَ مِرَارًا بَعْدَ ذَلِكَ , كُلّ ذَلِكَ لَا يُعَارِض قَوْله تَعَالَى : ” ‏أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا ” [ العنكبوت : 67] لِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا وَقَعَ بِأَيْدِي الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ مُطَابِق لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” وَلَنْ يَسْتَحِلّ هَذَا الْبَيْت إِلَّا أَهْله ” , فَوَقَعَ مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهُوَ مِنْ عَلَامَات نُبُوَّته , وَلَيْسَ فِي الْآيَة مَا يَدُلّ عَلَى اِسْتِمْرَار الْأَمْن الْمَذْكُور فِيهَا . وَاَللَّه أَعْلَم .ا.هـ. اختلافُ العلماءِ في تحديدِ زمن هدم الكعبة لقد نقل المباركفوري محقق كتاب ” السنن الواردة في الفتن وغوائلها والساعة وأشراطها لأبي عمر الداني ” (4/899) الخلاف بين العلماء فقال : ووقع اختلاف بين العلماء في تحديد الزمن الذي يقع فيه تخريب الكعبة على عدة أقوال : منها : أنه يقع في زمن عيسى عليه السلام ، وهو مروي عن كعب الأحبار ، واختاره الحليمي ، وذكره ابن كثير عن كعب ، ثم عقب عليه بقوله : ” قلت : وتقدم في الحديث الصحيح : أن عيسى عليه السلام يحج بعد نزوله إلى الأرض . وقيل : إنه يقع في زمنه ، وبعد هلاك يأجوج ومأجوج ، للحديث المذكور ، ولما ثبت : ” لحجن هذا البيت وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج ” . ويمن أن يقال في الإجابة عنه : إن المراد بذلك ليحجن مكان البيت . وقيل أيضا : إنه يقع قبل خروج الدجال ونزول عيسى عليه السلام ذكره القرطبي عن أبي حامد الغزالي . وقيل : إنه يقع بعد خروج الدابة . وقيل : إنه يقع بعد الآيات كلها قرب قيام الساعة حين ينقطع الحج ، ولا يبقى في الأرض من يقول : الله ، الله ، ذكر هذا والذي قبله البرزنجي والسفاريني ، وذكرا في تأييد الأخير أن زمن عيسى عليه السلام كله زمن سلم و بركة وأمان وخير ، وأن البيت قبلة الإسلام ، والحج إليه أحد أركان الدين ، فالحكمة تقتضي بقاءه ببقاء الدين ، فإذا جاءت الريح الباردة الطيبة ، وقبضت المؤمنين فبعد ذلك يهدم البين . ونقل السفاريني عن الشيخ مرعي الكرمي كلاما طويلا في ذلك ، خلاصته أن هدم الكعبة بعد الآيات كلها ، ثم قال : وإن كان هذا لا يخلو من تأمل . وذهب القرطبي وابن كثير إلى أن ذلك يقع بعد موت عيسى عليه السلام . ويبدو لي أن الأنسب هو عدم التعرض لتحديد الوقت الذي يقع فيه هدم الكعبة لكون أحاديث الباب مطلقة ، إلا أنه من كبرى العلامات التي تعقبها الساعة ، لأنه جاء في حديث أبي هريرة : فيخربونه خرابا لا يعمر بعده أبدا . والله أعلم

فناء قريش

ومن أشراط الساعة أو مما سيحدث قبل قيام الساعة أيضاً أن قبيلة قريش ستفنى. ولن يبقى منها أحد! فقال النبي ﷺ: أسرع قبائل العرب فناء قريش -أسرع قبائل العرب فناءاً قريش- ، ويوشك أن تمر المرأة بالنعل، فتقول: إن هذا نعل قرشي. وإسناده صحيح وكذا صححه أحمد شاكر [رواه أحمد: 8418، وصححه الألباني السلسلة الصحيحة: 738].

فناء قريش وهي رأس العرب سيكون بين يدي الساعة، ومن أشراط الساعة. ومعلوم أن الخلافة فيهم، ولكن إذا أراد اللهأن يهلكوا لم يبق في الأرض قرشي واحد.

علامات الساعة - العلامات الصغرى ( 12 )

12- ) علامات الساعة - العلامات الصغرى 

 45 - ) كثرة الروم وقتالهم المسلمين 

فعن عوف بن مالك رضى الله عنه قال  قال رسو الله " أعدد ستا بين يدى الساعة فذكر منها ثم هدنة تكون بينكم وبين بنى الأصفر فيغدون فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كل غاية اثنا عشر ألفا " رواه البخارى ، والروم هم الغرب عموما وقال " لا تقوم الساعة والروم أكثر الناس " .

قال المستورد القرشي عند عمرو بن العاص رضي الله عنهما: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((تقوم الساعة والروم أكثر الناس))، فقال له عمرو: أبصِر ما تقول، قال: أقول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم[1].

وعن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في قبة من أدم فقال: ((اعدُد ستًّا بين يدي الساعة: ومنها… ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كلّ غاية اثنا عشر ألفا))[2].

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :(( لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق _ موضعان قريبان من حلب _ فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ ، فإذا تصافوا ، قالت الروم : خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم ، فيقول المسلمون : لا والله ، لا نخلي بينكم وبين إخواننا فيقاتلونهم ، فينهزم ثلث لا يتوب الله _ أي لايلهمهم التوبة _ عليهم أبداً ، ويقتل ثلثهم أفضل الشهداء عند الله ، ويفتتح الثلث لا يفتنون أبداً ، فيفتتحون قسطنطينية ، فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون ، إذ صاح فيهم الشيطان : أن المسيح قد خلفكم في أهليكم ، فيخرجون وذلك باطل ، فإذا جاؤوا الشام خرج ، فبينما هم يعدون للقتال يسوون الصفوف ، إذ أقيمت الصلاة ، فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم ، فأمهم ، فإذا رآه عدو الله ، ذاب كما يذوب الملح في الماء ، فلو تركه ، لا نذاب حتى يهلك ، ولكن يقتله الله بيده ، فيريهم دمه في حربته )) [3]

عن ذي مخبر ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” ستصالحون الروم صلحاً آمنا ، فتغزون أنتم وهم عدواً من ورائكم ، فتنصرون وتغنمون وتسلمون ، ثم ترجعون ، حتى تنزلوا بمرج ذي تلول ، فيرفع رجل من أهل النصرانية الصليب,فيقول: غلب الصليب,فيغضب رجل من المسلمين فيدقه ، فعند ذلك تغدر الروم وتجمع للملحمة فيثور المسلمون إلى أسلحتهم ، فيقتتلون فيكرم الله تلك العصابة بالشهادة “[4]

وقد جاء وصف للقتال الذي يقع بين المسلمين والروم ..

حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ حَمِيدِ بْنِ هِلَالٍ ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ ، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ جَابِرٍ ، قَالَ : هاجت ريح حمراء بالكوفة، فجاء رجل ليس له هجيرى إلا “يا عبد الله بن مسعود، جاءت الساعة”. قال: فقعد وكان متكئا فقال: إن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث، ولا يفرح بغنيمة، ثم قال بيده هكذا، ونحاها نحو الشام، فقال: عدوّ يجمعون لأهل الإسلام، ويجمع لهم أهل الإسلام، قلت: الروم تعني؟ قال: نعم، وتكون عند ذاكم القتال ردّة شديدة، فيشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل، فيفيء هؤلاء وهؤلاء كلّ غير غالب، وتفنى الشرطة، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل، فيفيء هؤلاء وهؤلاء كلّ غير غالب، ثم تفنى الشرطة، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يمسوا، فيفيء هؤلاء وهؤلاء كلّ غير غالب، وتفنى الشرطة، فإذا كان يوم الرابع، نهد إليهم بقية أهل الإسلام، فيجعل الله الدَبرة عليهم، فيقتلون مقتلة، إما قال: لا يُرى مثلها، وإما قال: لم ير مثلها، حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم، فما يخلفهم حتى يخر ميتا، فيتعادُّ بنو الأب كانوا مائة فلا يجدونه بقي منهم إلا الرجل الواحد، فبأيّ غنيمة يفرح، أو أيّ ميراث يقاسم؟ فبينما هم كذلك إذ سمعوا ببأس هو أكبر من ذلك، فجاءهم الصريخ: إن الدجال قد خلفهم في ذراريهم، فيرفضون ما في أيديهم ويقبلون، فيبعثون عشرة فوارس طليعة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني لأعرف أسماءهم وأسماء آبائهم ألوان خيولهم، هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ، أو من خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ))[5]

علامات الساعة - العلامات الصغرى ( 11 )

 11- ) علامات الساعة - العلامات الصغرى 

44- ) تمنى الموت من شدة البلاء 

فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله ﷺ " لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتنى مكانه " رواه البخارى

وقد استشرف عبدالله بن مسعود رضي الله عنه هذه الحقيقة، وعبّر عنها بصورةٍ تجسّد ذلك الصراع المرير بين الاستمرار في المقاومة والاصطبار على الحق، وبين مخاوف الفتنة في الدين، فقد أُثر عنه قوله: "سيأتى عليكم زمان، لو وجد فيه أحدكم الموت يباع لاشتراه" ذكره الإمام الداني في كتاب السنن الواردة في الفتن.

على أن هناك حالة أخرى مغايرة لتلك الحالة السُننيّة، حالةٌ تزداد فيها صور البلاء وتتنوّع، وتنهمر على الناس كالمطر، فيكون وقعها شديداً على النفوس، حتى يصل الأمر بالواحد إذا خُيّر بين الحياة –برونقها وجمالها- وبين الممات –على شدّته- أن يختار الممات على البقاء، على نحوٍ لا يتلاءم ما هو مطبوعٌ في الجبلّة من حب الدنيا وكراهية الموت، وهذه قضيّةٌ لابد من التوقّف عندها، وأن نستجلي حقيقتها، ونكشف سرّها، وذلك بإعمال العقل تفكّراً وتدبّراً في علامةٍ من علامات الساعة التي ستكون آخر الزمان.

فلنتجّه إذن إلى كتب السنّة لنجد خبر الصادق المصدوق –صلى الله عليه وسلم-، والذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه، ونصّه كالآتي: (لا تقوم الساعة حتى يمرّ الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه) متفق عليه.

يوضّح الإمام ابن عبدالبرّ ذلك فيقول: " ظن بعض الناس أن هذا الحديث معارض لنهيه -صلى الله عليه وسلم- عن تمنّي الموت، وليس كما ظن وإنما هذا خبر أن ذلك سيكون لشدة ما ينزل بالناس من فساد الحال في الدين، وضعفه وخوف ذهابه، لا لضرٍّ ينزل بالمؤمن يحطّ خطاياه" وقول الإمام وجيهٌ، ويدلّ على جواز الدعاء بالموت إن كان لمصلحة دينية، وهو خوف الفتنة في دينه، أو شوقاً إلى لقاء الله تعالى، ومما يُستدلّ به تتمّة الحديث الذي ينهى عن تمنّي الموت، وفيه: (فإن كان لا بد فاعلا، فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي).

ونختم بلطيفةٍ ذكرها الإمام ابن حجر، تتعلّق بالمذكور في حديثأبي هريرة من تمنّي الموت عند القبر، يقول الحافظ: "ويؤخذ من قوله –صلى الله عليه وسلم-: (حتى يمر الرجل بقبر الرجل) أن التمني المذكور إنما يحصل عند رؤية القبر، وليس ذلك مراداً بل فيه إشارةٌ إلى قوة هذا التمني، لأن الذي يتمنى الموت بسبب الشدة التي تحصل عنده قد يذهب ذلك التمني أو يخفّ عند مشاهدة القبر والمقبور، فيتذكر هول المقام، فيضعف تمنيه، فإذا تمادى على ذلك دلّ على تأكد أمر تلك الشدة عنده، حيث لم يصرفه ما شاهده من وحشة القبر، وتذكر ما فيه من الأهوال، عن استمراره على تمني الموت".

ثم نقول: قد أوصانا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بالثبات في مواجهة الفتن، ولا فتنة أعظم من فتنة الدجّال، الذي يُجري الله على يديه من الخوارق ما يزلزل عقائد الناس وثوابتهم، ففي مثل هذه الفتنة جاءت النصيحة النبويّة : (يا عباد الله اثبتوا) رواها الترمذي وابن ماجة، ولن يصلح أمر ديننا ولا دنيانا إلا بالصبر، وهو العامل الأهم على الثبات، نسأل الله أن يجيرنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.



Saturday, August 21, 2021

علامات الساعة - العلامات الصغرى ( 10 )

10- ) علامات الساعة - العلامات الصغرى 


43 - ) كلام السباع والجمادات الانس وهذه العلامة قد ظهرت فى عهد النبى ﷺ ففى الحديث الصحيح عن أبى هريرة رضى الله عنه قال " جاء ذئب الى راعى الغنم فأخذ شاة فطلبه الراعى حتى انتزعها منه ، قال وصعد الذئب على تل قاص ، جلس على استه واستنفر ، أدخل ذنبه بين فخذيه فقال عمدت الى رزق رزقنيه الله عز وجل وانتزعه منى ، فقال الرجل : تا الله أن رأيت كاليوم ذئبا يتكلم ! ، وقال أبو هريرة فى قصة الراعى الذى تكلم معه الذئب ثم جاء الى رسول الله ﷺ فأخبره بذلك فصدقه النبى ﷺ ثم قال " انها امارة من امارات بين يدى الساعة ، قد أوشك الرجل أن يخرج فلا يرجع حتى تحدثه نعلاه وسوطه ما أحدث أهله من بعده " رواه أحمد  

" والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الإنس وحتى تكلم الرجل عذبة سوطه وشراك نعله وتخبره فخذه بما أحدث أهله من بعده.يخرج فلا يرجع حتى تحدثه نعلاه وسوطه ما أحدث أهله بعده " رواه أحمد

الحديث حديث صحيح رواه الترمذي والحاكم في المستدرك وابن حبان في صحيحه وابن أبي شيبة في المصنف، وقد أقسم فيه النبي صلى الله عليه وسلم تأكيدا للخبر- وهو الصادق وإن لم يقسم- أن الساعة لن تقوم حتى تقع هذه الأمور الثلاث.

الأول: أن تكلم السباع أي سباع الوحش كالأسد أو سباع الطير كالبازي – ولا منع من الجمع – تكلم الناس كما يكلمون بعضهم بعضا.

الثاني: أن تكلم عذبة السوط صاحبها، وعذبة السوط طرفه التي في رأسه، فتكلم صاحبها بكلام يفهمه.

الثالث: أن فخذ الإنسان نفسه يكلمه فيخبره بما فعل أهله في غيبته.

وهذه من خوارق العادات حيث إن هذه الأمور لا تتكلم في الأصل ولكن عند اقتراب الساعة تتغير بعض نواميس الكون إيذانا بقرب انتهائه فينطق الله تعالى الذي أنطق كل شيء هذه الأشياء ولله الأمر من قبل ومن بعد.

هذا الذي يدل عليه ظاهر الحديث وما ذلك على الله بعزيز ولا داعي لتكلف تأويلات أخرى ربما تكون بعيدة.

شرح حديث: «لا تقوم الساعة حتى يكلم الرجل فخذه ...»

جاء هذا الحديث بإسناد جيد رواه الترمذي وغيره: أنه لا تقوم الساعة حتى يكلم الرجل فخذه بما صنعه أهله، وحتى تكلم الرجل عذبة سوطه بما صنعه أهله.

وعذبة السوط: طرف السوط.

والمعنى: أنه يكون في آخر الزمان شيء يجعل في السوط أو في العصا أو نحو ذلك، يترتب عليه حفظ كلام الأهل، وذلك كالمسجلات التي وقعت الآن هي من هذا الباب، فقد تجعل في السوط قد تجعل في العصا، وقد تجعل في شبه ساعته في البيت صغيرة، وقد يجعلها الإنسان في عضده؛ فيحفظ كل شيء.

المقدم: أو في الأقلام.

الشيخ: كل هذا واقع، فإذا جعل المسجل في محل في البيت عند أهله وحول أهله؛ سجل عليهم كل ما يقولون.

وأما الفخذ فقد أخبر به النبي ﷺ وسيقع؛ لم نسمع به الآن ولكنه في آخر الزمان يقع ما أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام.

إذًا هذا من المعجزات النبوية لسيدنا محمد ﷺ لأنه أخبر بها قبل أن تقع فوقعت كما أخبر، وهذا مما يدل على أن الله أوحى إليه من السماء وأخبره؛ لأنه لا يعلم الغيب، وإنما يخبر بما خبره الله به، كما قال الله سبحانه: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ۝ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ۝ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ۝ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:1-4]، فقوله: مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ يعني: محمد عليه الصلاة والسلام، وَمَا غَوَى: أي: ليس بضال وهو الجاهل، وليس بغاو وهو الذي يعمل بخلاف العلم، بل هو رشيد مؤمن بصير عالم بما أوحى الله إليه عليه الصلاة والسلام، وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى: ليس ممن ينطق عن هواه وشهوته بغير علم ولا هدى، بل إنما ينطق عن علم وعن وحي من اللهأوحاه الله إليه عليه الصلاة والسلام

يقول النبي ﷺ: لا تقوم الساعة حتى يكلم الرجل فخذه بما صنعه أهله، وحتى تكلم الرجل عذبة سوطه بما صنعه أهله، السوط، السوط: يطلق على العصا ويطلق على ما يفتل من شيء من سيور أو غيرها يقال له: سوط؛ لأنه يساط به الأشياء، وتساق به الأشياء.

هل يمكن للسباع أن تتكلم؟ هذا مستحيل بالنسبة لمن عاشوا قبلنا... لكنها اليوم قد بدأت الكلام وهذه القطط قد بدأ بعضها يفصح... وغداً تلحقها السباع... لكن هذا من علامات قرب الساعة هكذا أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وغداً تقع الساعة كما وقعت اليوم بعض علاماتها وكذلك ما كان أحد يصدق أن الجماد سيتكلم لكنه الآن ينطق وبعد أن نطق الجماد، وكان من البعيد جداً أن يتمكن الجماد من التعرف على أحوال المنزل ونقل أخباره إلى الزوج بعد مغادرته بيته حتى تمكن الباحثون من صنع جهاز للتنصت ينقل الأخبار من أي مكان إلى حامل هذا الجهاز وذلك بواسطة توجيهه على موجة معينة وغداً يطور هذا الجهاز فيحمل في النعل في شكل عذبة سوطة التي تتحدث كما قد شاهدنا المذياع (الراديو) قد صنع في شكل نظارة ولكن هذا أيضاً من علامات قرب الساعة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الإنسان وحتى تكلم الرجل عذبة سوطه وشراك نعله وتخبره بما أحدث أهله من بعده " (رواه أحمد في مسنده من حديث أبي سعيد الخدري ورواه الترمذي وقال حسن صحيح غريب والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم وأبو نعيم في الحلية وغيرهم ) وهذا هو حديث السباع ونطق الجماد وهذا من علامات قرب الساعة.

هذا الحديث صحّحه الترمذي وغيره وهو يتضمن الإخبار عن أمور خارقة للعادة، والله تعالى على كل شيء قدير فهو القادر على كل شيء، قال الله تعالى: ﴿ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾2 ففي هذا الحديث يقسم النبي عليه الصلاة والسلام بقسمه الذي كثيرا ما يقسم به والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى يكلم السباعُ الإنسَ، السباع الحيوانات المفترسة كالأسد والذئب والنمر وما أشبهها، حتى يكلم السباع الإنس، وظاهر الحديث أن السباع تكلم الإنس باللسان المفهوم الذي يفهمه الإنس، يُنطق الله السباع فتخاطب الإنسان، ولا يلزم أن يكون هذا أمرًا عاما في السباع، وأنها تتحول كالإنسان كلها تتكلم، المهم أن يحدث هذا الشيء فقط جنسه.

وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم الخبر عن مثل هذا فيما مضى كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال « بينما رجل على بقرة فالتفت إليه وقالت: لم أخلق لهذا إنما خلقت للحرث »3 ما خلقت للركوب، صحيح البقرة لم تخلق للركوب إنما للحرث، لكن أنا لا يعنيني أنه لا يجوز ركوبها إذا كانت تطيق، فقالت الصحابة سبحان الله، سبحان الله دهشوا من هذا، فقال عليه الصلاة والسلام: « إني أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر »4 وقال الراوي: إنه لم يكن في المجلس أبو بكر وعمر.

وأخبر أيضا وذكر أيضا أن راعيا كان يرعى غنما فعدى الذئب فأخذ شاة، فطرده الراعي فقال فتكلم السبع وقال: من لها يوم السبع يوم لا راعي لها غيري، أو كما جاء في الحديث، فالمقصود أن هذا الجنس إنطاق السباع وخطاب الإنسان قد كان جنسه فيما مضى، ويكون جنسه فيما يأتي، والله تعالى على كل شيء قدير.

وقال في هذا الحديث: « وحتى يكلم الرجل عذبة سوطه »5 عذبة طرف السوط أو السير الذي في طرف السوط، « وشراك نعله »6 شراك النعل وهو السير الذي يكون من فوق القدم، وحتى يكلم الرجل عذبة سوطه، الظاهر في الحديث أن الله ينطق السوط وينطق شراك النعل فيكلم صاحبه « يكلم الرجل عذبة سوطه وشراك نعله ويحدث الرجلَ فخذُه بما كان من أهله »5

أمور علينا أن نؤمن بها على مراد الرسول صلى الله عليه وسلم، الله أعلم كيف يكون هذا وكيف يتم؟ ويمكن أنه بعد ظهور هذه المخترعات الهائلة الغريبة في المواصلات كما في المسجلات الدقيقة، المسجلات الدقيقة التي يسجل فيها الكلام الكثير، يبدو للإنسان أن هذا الواقع ربما كان تأويلا لمثل هذا الحديث لكن من غير جزم، يعني لا نقطع بأن المقصود من هذا الحديث هو ما وقع الآن من نطق هذه الجمادات بطريقة بعملية التسجيل، قد تكون والله أعلم عُبر عن هذا بأن هذه الجمادات يمكن أن يكون فيها ما ينطق ويكلم الإنسان، والآن هذا الجوال في أيديكم الآن، الجوال في أيدي الناس جماد كأنه قطعة حديدية أو خشب أو نحو في يده وهو يتكلم باعتبار أنه يعني وسيلة لإيصال الكلام، لأنه هو نفسه يتكلم، هل ما يتحقق فيه معنى التكلم، لكن فيها في نوع يعني يصلح لأن يتجوز فيه الجوال يكلم، ولهذا الناس الآن أصبح الواحد إذا سمعته يتكلم وهو وحده يعني خلاص لا يستغرب، كنا إذا سمعنا الإنسان يتكلم نفهم أنهم اثنين، الآن لا هما اثنان لكن أحدهما أمامك قريب، والآخر في مكان ما بعيد كان أو قريب فسبحان الله العظيم .


209-] English Literature

209-] English Literature Charles Dickens  Posted By lifeisart in Dickens, Charles || 23 Replies What do you think about Dickens realism? ...