13- ) حكم كلمة " قل " فى القرآن الكريم
فى سورة ص
1 . " قُلۡ إِنَّمَآ أَنَا۠ مُنذِرٞۖ وَمَا مِنۡ إِلَٰهٍ إِلَّا ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ
ٱلۡقَهَّارُ ٦٥ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا ٱلۡعَزِيزُ
ٱلۡغَفَّٰرُ ٦٦ قُلۡ هُوَ نَبَؤٌاْ عَظِيمٌ ٦٧ أَنتُمۡ عَنۡهُ مُعۡرِضُونَ ٦٨ مَا
كَانَ لِيَ مِنۡ عِلۡمِۢ بِٱلۡمَلَإِ ٱلۡأَعۡلَىٰٓ إِذۡ يَخۡتَصِمُونَ ٦٩ إِن
يُوحَىٰٓ إِلَيَّ إِلَّآ أَنَّمَآ أَنَا۠ نَذِيرٞ مُّبِينٌ ٧٠
" قُلۡ إِنَّمَآ أَنَا۠ مُنذِرٞۖ وَمَا
مِنۡ إِلَٰهٍ إِلَّا ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ " يقول الله تعالى آمرا
رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول للكفار بالله المشركين به المكذبين لرسوله صلى
الله عليه وسلم انما هو منذر لهم من عذاب الله وعصيان أمره وعدم اتباع رسالته وأن
الله هو اله واحد هو وحده قد قهر كل شىء وغلبه أى يدعوهم الى ترك الشرك والايمان
بوحدانية الله ، " رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا
ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡغَفَّٰرُ " هذا استمرار الى الدعوة الى الله والتعريف به فهو
خالق السموات والأرض وما فيهما وما بينهما وهو مالك جميع ذلك ومتصرف فيه وهو غفار
لذنوب من تاب اليه واتبع طريقه وحاد عن عصيانه مع عظمته وعزته فهو عزيز ورب العزة
وغفار للذبوب يقبل من تاب اليه ويعفو عنه ، " قُلۡ هُوَ نَبَؤٌاْ عَظِيمٌ
" يخبر الله تعالى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم أن يقول للكفار وغيرهم أن
ارسال الله تعالى اياى اليكم هو خبر عظيم وشأن بليغ ، " أَنتُمۡ عَنۡهُ
مُعۡرِضُونَ " هذا الأمر العظيم أنت عنه مبتعدون غافلون له منكرون ، "
مَا كَانَ لِيَ مِنۡ عِلۡمِۢ بِٱلۡمَلَإِ ٱلۡأَعۡلَىٰٓ إِذۡ يَخۡتَصِمُونَ "
الملأ الأعلى هو الملائكة والاختصام هو فى شأن آدم عليه السلام وامتناع ابليس فى
السجود له ومحاجته ربه فى تفضيلع عليه كما
سيأتى ذلك فى الآيات التى فصلته والمعنى هو لولا الوحى من أين كنت أدرى باختلاف
الملأ الأعلى ؟ ، " إِن يُوحَىٰٓ إِلَيَّ إِلَّآ أَنَّمَآ أَنَا۠ نَذِيرٞ مُّبِينٌ
" هذا تأكيد من الله تعالى كما جاء فى أول الآية " قل انما أنا منذر
" ومعناه أن ما جاءنى من وحي من عند ربى بالرسالة أنذركم به فأنا منذر ونذير
لكم واضح الانذار وكل هذا ليؤكد المعنى ويصله الى هؤلاء الكفار المشركين فى اختلاف
اللفظ المستخدم للانذار واستخدام كلمة مبين .
2 . " قُلۡ مَآ أَسَۡٔلُكُمۡ
عَلَيۡهِ مِنۡ أَجۡرٖ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُتَكَلِّفِينَ ٨٦ إِنۡ هُوَ
إِلَّا ذِكۡرٞ لِّلۡعَٰلَمِينَ ٨٧ وَلَتَعۡلَمُنَّ نَبَأَهُۥ بَعۡدَ
حِينِۢ ٨٨
" قُلۡ مَآ أَسَۡٔلُكُمۡ
عَلَيۡهِ مِنۡ أَجۡر" يقول الله تعالى قل يا محمد لهؤلاء المشركين ما أسالكم
على هذا البلاغ وهذا النصح أجر تعطونيه من عرض الحياة الدنيا ، " وَمَآ
أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُتَكَلِّفِينَ "وما أريد على ما أرسلنى الله تعالى به ولا
أبتغى زيادة عليه بل ما أمرت به أديته لا
أزيد عليه ولا أنقص منه وانما أبتغى وجه الله عز وجل والدار الآخرة ، " إِنۡ
هُوَ إِلَّا ذِكۡرٞ لِّلۡعَٰلَمِينَ " يعنى القرآن ذكر لجميع المكلفين من الانس
والجن وقال ابن عباس " للعالمين " الجن والانس وهذا كقوله تعالى "
لأنذركم به ومن بلغ " ، " وَلَتَعۡلَمُنَّ نَبَأَهُۥ بَعۡدَ حِينِۢ
" يقول الله تعالى مؤكذا سوف تعلمون خبر القرآن وصدقه عن قريب وقال قتادة بعد
الموت وقال عكرمة يعنى يوم القيامة ولا منافاة بين القثولين فان من مات فقددخل فى
حكم القيامة وقال الحسن يا ابن آدم عند الموت يأتيك الخبر اليقين .
فى سورة الزمر
1 . "قُلۡ
يَٰعِبَادِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمۡۚ لِلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ فِي
هَٰذِهِ ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٞۗ وَأَرۡضُ ٱللَّهِ وَٰسِعَةٌۗ إِنَّمَا يُوَفَّى
ٱلصَّٰبِرُونَ أَجۡرَهُم بِغَيۡرِ حِسَابٖ ١٠ قُلۡ إِنِّيٓ أُمِرۡتُ أَنۡ أَعۡبُدَ ٱللَّهَ
مُخۡلِصٗا لَّهُ ٱلدِّينَ ١١ وَأُمِرۡتُ لِأَنۡ أَكُونَ أَوَّلَ
ٱلۡمُسۡلِمِينَ ١٢
" قُلۡ يَٰعِبَادِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ
رَبَّكُمۡۚ لِلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ فِي هَٰذِهِ ٱلدُّنۡيَا حَسَنَة" يقول
الله تعالى آمرا عباده المؤمنين بالاستمرار على طاعته وتقواه فلمن أحسن العمل فى
هذه الدنيا حسنة فى دنياهم وأخراهم ،
"وَأَرۡضُ ٱللَّهِ وَٰسِعَةٌ" وعن عطاء قال اذا دعيتم الى معصية فاهربوا
بعيدا عنها فارض الله واسعة ولا تركنوا وتخضعوا وقال مجاهد أرض الله واسعة فهاجروا
فيها وجاهدوا واعتزلوا الأوثان ويقول الله تعالى فى آية أخرى " ألم تكن أرض
الله واسعة فتهاجروا فيها " فلابد للمسلم أن يقيم حدود ربه واذا ضاقت عليه يسعى
وقد هاجر المسلمون الى الحبشة والى المدينة فرارا بدينهم من الكفار حتى أيدهم الله
بنصره فلابد أن يكون ذلك فى كل مكان وفى كل زمان ، " إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّٰبِرُونَ أَجۡرَهُم
بِغَيۡرِ حِسَاب" قال السدى يوفى الصابرون أجرهم فى الجنة وهنا اشارة الى
الصابرين الذين يصبرون ويقيمون دين الله يصبرون على ما يتعرضون له من مشاق ومتاعب
فى مواجهة الحياة ومواجهة الكفار والمشركين وهذا الذى يحدث للمسلمين فى عصرنا
الحالى فالقابض على دينه كالقابض على الجمر فعظم الله الجزاء وجعله بغير حساب
وأضعاف مضاعفة تعويضل لهم على صبرهم وقال الأوزاعى ليس يوزن لهم ولا يكال لهم انما
يغرف لهم غرفا وقال ابن جريج بلغنى أنه لا يحسب عليهم ثواب عملهم قط ولكن يزادون
على ذلك ، " قُلۡ إِنِّيٓ أُمِرۡتُ
أَنۡ أَعۡبُدَ ٱللَّهَ مُخۡلِصٗا لَّهُ ٱلدِّينَ " يقول الله لرسوله صلى الله عليه وسلم
ولعباده المؤمنين أن يرددوا أمره ويقولوا انما أمرت باخلاص العبادة لله وحده لا
شريك له ، " وَأُمِرۡتُ لِأَنۡ أَكُونَ أَوَّلَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ " هذا
أمر من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم قالالسدى يعنى أول المسلمين من أمته
فهو الذى أرسلت اليه الرسالة وأمر أن يبلغها من ربه وهنا الأولوية بمعنى السبق الى الاسلام ويمكن أن يكون أول المسلمين يعنى القدوة فى
الاسلام والايمان فهو الأول الذى يتبعه من بعده .
2 . " قُلۡ إِنِّيٓ أَخَافُ إِنۡ عَصَيۡتُ رَبِّي
عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ ١٣ قُلِ ٱللَّهَ أَعۡبُدُ مُخۡلِصٗا لَّهُۥ دِينِي ١٤
فَٱعۡبُدُواْ مَا شِئۡتُم مِّن دُونِهِۦۗ قُلۡ إِنَّ ٱلۡخَٰسِرِينَ ٱلَّذِينَ
خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ وَأَهۡلِيهِمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ
ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِينُ ١٥
"قُلۡ
إِنِّيٓ أَخَافُ إِنۡ عَصَيۡتُ رَبِّي عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيم" يقول الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم
قل يامحمد وأنت رسول الله أنى أخشى ان خالفت ربى وعصيته وما بلغت أوامره وما
أرسلنى به العذاب العظيم يوم القيامة فى هذا اليوم العظيم ، " قُلِ ٱللَّهَ أَعۡبُدُ مُخۡلِصٗا لَّهُۥ دِينِي " يقول الله تعالى
آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول ويبلغ أنه يخلص العبادة لله وحده لا شريك
له ،" فَٱعۡبُدُواْ مَا شِئۡتُم مِّن دُونِهِۦۗ قُلۡ إِنَّ ٱلۡخَٰسِرِينَ
ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ وَأَهۡلِيهِمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ أَلَا
ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِينُ " أى أيها الكفار المشركون أنا مفصول
عنكم لى دينى أما أنتم فاعبدوا ما شئتم من الأصنام والأوثان من دون الله وهذا
تهديد وتبر من الكافرين والمشركين فانما الخاسرون كل الخسران هم من يخسرون يوم
القيامة يخسرون أنفسهم ويخسرون أهليهم يوم القيامة أى تفارقوا فلا التقاء لهم أبدا
وسواء ذهب أهلوهم الى الجنة وقد ذهبوا هم الى النار أو أن الجميع خاسر اسكنوا
النار ولكن لا اجتماع لهم ولا سرور وهذا بعينه هو الخسران الواضح الجلى
الظاهر الذى لا خسران بعده ولا خسران
يساويه .
3
. " وَلَئِن سَأَلۡتَهُم
مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ قُلۡ أَفَرَءَيۡتُم
مَّا تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ إِنۡ أَرَادَنِيَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ هَلۡ هُنَّ
كَٰشِفَٰتُ ضُرِّهِۦٓ أَوۡ أَرَادَنِي بِرَحۡمَةٍ هَلۡ هُنَّ مُمۡسِكَٰتُ
رَحۡمَتِهِۦۚ قُلۡ حَسۡبِيَ ٱللَّهُۖ عَلَيۡهِ يَتَوَكَّلُ ٱلۡمُتَوَكِّلُونَ ٣٨
قُلۡ يَٰقَوۡمِ ٱعۡمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمۡ إِنِّي عَٰمِلٞۖ فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ
٣٩ مَن يَأۡتِيهِ عَذَابٞ يُخۡزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيۡهِ عَذَابٞ مُّقِيمٌ ٤٠
" وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ
وَٱلۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ " يعنى أن المشركين كانوا يعترفون أن الله
عز وجل هو الخالق للأشياء كلها ومع هذا يعبدون معه غيره مما لا يملك لهم ضرا ولا
نفعا ولهذا قال تعالى " قُلۡ
أَفَرَءَيۡتُم مَّا تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ إِنۡ أَرَادَنِيَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ
هَلۡ هُنَّ كَٰشِفَٰتُ ضُرِّهِۦٓ أَوۡ أَرَادَنِي بِرَحۡمَةٍ هَلۡ هُنَّ
مُمۡسِكَٰتُ رَحۡمَتِهِ" يتوجه الله للمشركين يخبرهم أن ما تدعون من دون الله
لا يملكون نفعا ولا ضرا ولا تستطيع شيئا من الأمر والله وحده هو القادر على النفع
والضر فلا يستطيع أحد أن يدفع ضره ولا يستطيع أحد أن يمسك رحمته وعن ابن عباس عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك
، تعرف الى الله فى الرخاء يعرفك فى الشدة ، اذا سألت فاسأل الله ، واذا استعنت
فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن يضروك بشىء لم يكتبه الله عليك
لم يضروك ، ولو اجتمعوا على أن ينفعوك بشىء لم يكتبه الله لك لم ينفعوك ، جفت
الصحف ورفعت الأقلام واعمل لله بالشكر فى اليقين ، واعلم أن فى الصبر على ما تكره
خيرا كثيرا ، وأن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا " ،
" قُلۡ حَسۡبِيَ ٱللَّهُ"يقول
الله لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يرد على هؤلاء ويقول الله هوحسبى أى الله وحده
كافى ، "عَلَيۡهِ يَتَوَكَّلُ ٱلۡمُتَوَكِّلُونَ " فالاعتماد والاتكال لمن أراد أت يتوكل هو على
الله وحده كما قال هود عليه السلام وهو يرد على قومه " ان نقول الا اعتراك
بعض آلهتنا بسوء قال انى أشهد الله واشهدوا أنى برىء مما تشركون من دونه فكيدونى
جميعا ثم لا تنظرون * انى توكلت على الله ربى وربكم ما من دابة الا هو آخذ
بناصيتها ان ربى على صراط مستقيم " وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
" من أحب أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله ، ومن أحب أن يكون أغنى الناس
فليكن بما فى يد الله عز وجل أوثق منه بما فى يديه ، ومن أحب أن يكون أكرم الناس
فليتق الله عز وجل " ، " قُلۡ يَٰقَوۡمِ ٱعۡمَلُواْ عَلَىٰ
مَكَانَتِكُمۡ إِنِّي عَٰمِلٞۖ فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ " يقول الله تعالى مهددا ومتوعدا
للمشركين ومخبرا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم اعملوا على طريقتكم أى بما
تشاءون أن تعملوا وأنا أعمل على طريقتى ومنهجى الذى أرسله الله الى من الحق فسوف
تعلمون غب ذلك ووباله،"مَن يَأۡتِيهِ عَذَابٞ يُخۡزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيۡهِ عَذَابٞ مُّقِيمٌ "
ستعلمون من سيحل به العذاب المخذى المذل فى الدنيا والآخرة ويحل عليه العذاب
الدائم المستمر فى جهنم الذى لا محيد عنه يوم القيامة .
4 . " أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُفَعَآءَۚ
قُلۡ أَوَلَوۡ كَانُواْ لَا يَمۡلِكُونَ شَيۡٔٗا وَلَا يَعۡقِلُونَ ٤٣
قُل لِّلَّهِ ٱلشَّفَٰعَةُ جَمِيعٗاۖ لَّهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ ثُمَّ
إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ ٤٤
" أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُفَعَآءَ" يقول الله تعالى ذاما للمشركين فى اتخاذهم
شفعاء من دون الله وهم الأصنام والأنداد التى اتخذوها من تلقاء أنفسهم بلا دليل
ولا برهان هداهم على ذلك باستخدام كلمة " أم" وهى تفيد الذم واللوم على
الفعل ،" قُلۡ أَوَلَوۡ كَانُواْ لَا يَمۡلِكُونَ شَيۡٔٗا وَلَا
يَعۡقِلُونَ "وهى لا تملك من ألأمر شيئا بل وليس لها عقل تعقل به ولا سمع
تسمع به ولا بصر تبصر به بل هى جمادات أسوأ حالا من الحيوان بكثير ، " قُل
لِّلَّهِ ٱلشَّفَٰعَةُ جَمِيعٗا" ثم قال الله تعالى قل يا محمد (صلى الله عليه وسلم)
لهؤلاء الزاعمين ان ما اتخذوه شفعاء لهم عند الله تعالى وأخبرهم كذلك أن الشفاعة
لا تنفع عند الله الا لمن ارتضاه وأذن له فمرجعها كلها اليه كقوله تعالى" من
ذا الذى يشفع عنده الا باذنه"،"لَّهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ"
فالله عز وجل هو المتصرف فى جميع السموات والأرض وما فيها ، " ثُمَّ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ "
الكل يرجع الى الله يوم القيامة فيحكم بينكم بعدله ويجزى كلا بعمله .
5 . "
قُلِ ٱللَّهُمَّ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ عَٰلِمَ ٱلۡغَيۡبِ
وَٱلشَّهَٰدَةِ أَنتَ تَحۡكُمُ بَيۡنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُواْ فِيهِ
يَخۡتَلِفُونَ ٤٦
يقول الله تبارك وتعالى
بعد ما ذكر عن المشركين من المذمة لهم فى حبهم الشرك ونفرتهم عن التوحيد "قُلِ
ٱللَّهُمَّ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ عَٰلِمَ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ
" قل يامحمد أو أيها المؤمن وتوجه بالدعوة الى الله وحده لا شريك له أنك أنت
الله خالق السموات والأرض وأنت عالم السر والعلانية وحدك ، " أَنتَ تَحۡكُمُ
بَيۡنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُواْ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ " أنت يا الله وحدك
الذى تحكم عبادك فى دنياهم وستفصل بينهم يوم معادهم ونشورهم وقيامهم من قبورهم
فيما اختلفوا فيه من الحق والباطل والكفر والايمان بميزان عدلك وتجازى كل بعمله
انخيرا فخير وان شرا فشر وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن : سألت عائشة رضى الله عنها
بأى شىء كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته اذا قام من الليل ؟ قالت
رضى الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا قام من الليل افتتح صلاته
" اللهم رب جبريل وميكائيل واسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والسهادة
أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدنى لما اختلف فيه من الحق باذنك انك
تهدى من تشاء الى صراط مستقيم " وعن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال
" ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من قال اللهم فاطر السموات
والأرض عالم الغيب والشهادة انى أعهد اليك فى هذه الدنيا أنى أشهد أن لا اله الا
أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدا عبدك ورسولك فانك ان تكلنى الى نفسى تقربنى من الشر
وتباعدنى من الخير ، وانى لا أثق الا برحمتك فاجعل لى عندك عهدا توفينيه يوم
القيامة انك لا تخلف الميعاد الا قال الله عز وجل لملائكته يوم القيامة ان عبدى قد
عهد الى عهدا فأوفوه اياه فيدخله الله الجنة " وعن عبد الله بن عمرو رضى الله
عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا نقول : اللهم فاطر السموات
والأرض عالم الغيب والشهادة أنت رب كل شىء ، أشهد أن لا اله الا أنت وحدك لا شريك لك
وأن محمدا عبدك ورسولك والملائكة شهدون ، أعوذ بك من الشيطان وشركه أ وأعوذ بك أن
أقترف على نفسى اثما أو أجره الى مسلم " قال أبوعبد الرحمن رضى الله عنه كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمه عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما أن يقول ذلك
حين يريد أن ينام .
6 . " قُلۡ يَٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسۡرَفُواْ عَلَىٰٓ
أَنفُسِهِمۡ لَا تَقۡنَطُواْ مِن رَّحۡمَةِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَغۡفِرُ
ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ ٥٣ وَأَنِيبُوٓاْ
إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَأَسۡلِمُواْ لَهُۥ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَكُمُ ٱلۡعَذَابُ
ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ ٥٤ وَٱتَّبِعُوٓاْ أَحۡسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُم مِّن
رَّبِّكُم مِّن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَكُمُ ٱلۡعَذَابُ بَغۡتَةٗ وَأَنتُمۡ لَا
تَشۡعُرُونَ ٥٥ أَن تَقُولَ نَفۡسٞ يَٰحَسۡرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنۢبِ ٱللَّهِ
وَإِن كُنتُ لَمِنَ ٱلسَّٰخِرِينَ ٥٦ أَوۡ تَقُولَ لَوۡ أَنَّ ٱللَّهَ هَدَىٰنِي
لَكُنتُ مِنَ ٱلۡمُتَّقِينَ ٥٧ أَوۡ تَقُولَ حِينَ تَرَى ٱلۡعَذَابَ لَوۡ أَنَّ
لِي كَرَّةٗ فَأَكُونَ مِنَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ ٥٨ بَلَىٰ قَدۡ
جَآءَتۡكَ ءَايَٰتِي فَكَذَّبۡتَ بِهَا وَٱسۡتَكۡبَرۡتَ وَكُنتَ مِنَ
ٱلۡكَٰفِرِينَ ٥٩
هذه الآيات الكريمة
دعوة لجميع العصاة من الكفرة وغيرهم الى التوبة والانابة " قُلۡ يَٰعِبَادِيَ
ٱلَّذِينَ أَسۡرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ لَا تَقۡنَطُواْ مِن رَّحۡمَةِ
ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡغَفُورُ
ٱلرَّحِيمُ " يخبر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ عنه القول لعباده
الذين عصوه وارتكبوا الكثير من الذنوب والمعاصى واسرفوا فى المعصية ان لا ييأسوا
من رحمة الله بهم وأنها لن تشملهم لما فعلوه من المعاصى وأنه لن تقبل منهم توبة
فان الله رحمته وسعت كل شىءفالله يقبل التوبة ويغفر جميع الذنوب صغيرها
وكبيرها فالله برحمته وهو الرحيم بعباده
يتوب ويغفر لهم فهو الغفار لكل الذنوب
جميعا لمن تاب منها ورجع عنها وان كانت مهما كانت وان كثرت وكانت مثل زبد البحر
الا الشرك فان الله لا يغفره لمن لم يتب منه وهناك أحاديث كثيرة كلها دالة على أن
المراد أنه يغفر جميع ذلك مع التوبة ولا يقنطن عبد من رحمة الله وان عظمت ذنوبه
وكثرت فان باب الرحمة والتوبة واسع كما قال الله تعالى " ألم يعلموا أن الله
هو يقبل التوبة عن عباده " وكما قال تعالى " ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه
ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما " وعن ابن عباس أن ناسا من أهل الشرك
كانوا قد قتلوا فأكثروا وزنوا فأكثروا فأتوا محمدا صلى الله عليه وسلم فقالوا ان
الذى تقول وتدعوا اليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة فنزل " والذين لا
يدعون مع الله الها آخر ولا يقتلون النفس التى حرم الله الا بالحق ولا يزنون
" ونزل " قُلۡ يَٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسۡرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ
لَا تَقۡنَطُواْ مِن رَّحۡمَةِ ٱللَّهِ" وعن عمرو بن عنبسة رضى الله عنه قال
جاء رجل الى النبى صلى الله عليه وسلم شيخ كبير يدعوهم على عصا له فقال : يا رسول
الله ان لى غدرات وفجرات فهل يغفر لى ؟ فقال صلى الله عليه وسلم " ألست تشهد
أن لا اله الا الله ؟ قال : بلى وأشهد أنك رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم : قد
غفر لك غدراتك وفجراتك " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لو لم
تذنبوا لجاء الله تعالى بقوم يذنبون فيغفر لهم "، " وَأَنِيبُوٓاْ
إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَأَسۡلِمُواْ لَهُۥ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَكُمُ ٱلۡعَذَابُ
ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ " يدعو الله تعالى ويستحث عباده الى المسارعة الى
التوبة فيقول ارجعوا الى الله واستسلموا له قبل أن يقع بكم العذاب وبادروا بالتوبة
والعمل الصالح قبل حلول النقمة ولن يشفع لكم أحد ولا ينصركم أحد عند وقوع عذاب
الله بكم ولا ينقذكم أحد ، "وَٱتَّبِعُوٓاْ أَحۡسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُم
مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَكُمُ ٱلۡعَذَابُ بَغۡتَةٗ وَأَنتُمۡ لَا
تَشۡعُرُونَ " يدعو الله تعالى الى اتباع أحسن ما أنزل وهو القرآن الكريم
والسير على هديه قبل وقوع عذاب الله الذى يمكن أن يحل فجأة ومن حيث لا يعلمون ولا
يشعرون به وهو قيام الساعة أوحلول الموت الذى يمكن أن يأتى فى أى وقت فان قيامة
الشخص هى موته ، " أَن تَقُولَ نَفۡسٞ يَٰحَسۡرَتَىٰ عَلَىٰ
مَا فَرَّطتُ فِي جَنۢبِ ٱللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ ٱلسَّٰخِرِينَ " حين
يأتى أمر الله ويأتى يوم القيامة يتحسر المجرم المفرط فى التوبة والانابة ويود لو
كان من المحسنين المخلصين المطيعين لله عز وجل ويقول انما كان عملى فى الدنيا عمل
ساخر مستهزىء غير موقن مصدق ،" أَوۡ
تَقُولَ لَوۡ أَنَّ ٱللَّهَ هَدَىٰنِي لَكُنتُ مِنَ ٱلۡمُتَّقِينَ " تود هذه
النفس لو أعيدت الى الحياة الدنيا لتحسن العمل وتتمنى هدى الله واتباع تقواه ، " أَوۡ
تَقُولَ حِينَ تَرَى ٱلۡعَذَابَ لَوۡ أَنَّ لِي كَرَّةٗ فَأَكُونَ مِنَ
ٱلۡمُحۡسِنِينَ " وتتمنى هذه النفس لو أن لها عودة الى الحياة الدنيا لتحسن
العمل وقال ابن عباس أخبر الله سبحانه وتعالى ما العباد قائلون قبل أن يقولوه
وعملهم قبل أن يعملوه فأخبر الله تعالى أن لو ردوا لما قدروا على الهدى فقال
" ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وانهم لكاذبون " وعن أبى هريرة رضى الله
عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كل أهل النار يرى مقعده من الجنة
فيقول لو أن الله هدانى فتكون عليه حسرة وكل أهل الجنة يرى مقعده من النار فيقول
لولا أن الله هدانى قال فيكون له الشكر " ، " بَلَىٰ قَدۡ جَآءَتۡكَ
ءَايَٰتِي فَكَذَّبۡتَ بِهَا وَٱسۡتَكۡبَرۡتَ وَكُنتَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ "
يقول الله تعالى موبخا قدجاءتك أيها العبد النادم على ما كان منه آياتى فى الدار
الدنيا وقامت حججى عليك فكذبت بها واستكبرت عن اتباعها وكنت من الكافرين بها الجاحدين
لها .
7 . " قُلۡ أَفَغَيۡرَ ٱللَّهِ تَأۡمُرُوٓنِّيٓ أَعۡبُدُ
أَيُّهَا ٱلۡجَٰهِلُونَ ٦٤ وَلَقَدۡ أُوحِيَ إِلَيۡكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن
قَبۡلِكَ لَئِنۡ أَشۡرَكۡتَ لَيَحۡبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ
ٱلۡخَٰسِرِينَ ٦٥ بَلِ ٱللَّهَ فَٱعۡبُدۡ وَكُن مِّنَ ٱلشَّٰكِرِينَ ٦٦
" قُلۡ أَفَغَيۡرَ ٱللَّهِ تَأۡمُرُوٓنِّيٓ أَعۡبُدُ
أَيُّهَا ٱلۡجَٰهِلُونَ " ذكر فى سبب نزولها ما روى عن ابن عباس لأن المشركين
من جهلهم دعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الى عبادة آلهتهم ويعبدون معه آلهه
فيخبر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يرد عليهم ويصفهم بالجهل فى دعواهم له
بعبادة غير الله ، " وَلَقَدۡ أُوحِيَ إِلَيۡكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن
قَبۡلِكَ لَئِنۡ أَشۡرَكۡتَ لَيَحۡبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ
ٱلۡخَٰسِرِينَ " ويقول الله تعالى أنه اوحى اليه والى الرسل من قبله لئن اتبع
الشرك فان كل عمله يصاب بالفشل وتكون عاقبته أنه من الخاسرين الين يخسرون الدنيا
والآخرة وهذا كقوله تعالى " ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون "
،" بَلِ ٱللَّهَ فَٱعۡبُدۡ وَكُن
مِّنَ ٱلشَّٰكِرِينَ " دعوة من الله رسوله صلى الله عليه وسلم الى اخلاص
العبادة له وحده لا شريك له هو ومن اتبعه وصدقه.