12- ) خكم كلمة " قل " فى القرآن الكريم
فى سورة سبأ
1 . " وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَا تَأۡتِينَا
ٱلسَّاعَةُۖ قُلۡ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتَأۡتِيَنَّكُمۡ عَٰلِمِ ٱلۡغَيۡبِۖ لَا
يَعۡزُبُ عَنۡهُ مِثۡقَالُ ذَرَّةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ
وَلَآ أَصۡغَرُ مِن ذَٰلِكَ وَلَآ أَكۡبَرُ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مُّبِينٖ ٣
"وَقَالَ
ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَا تَأۡتِينَا ٱلسَّاعَةُ" يخبر الله تعالى عن الذين
كفروا قولهم وانكارهم لأمر الساعة ،"قُلۡ بَلَىٰ وَرَبِّي
لَتَأۡتِيَنَّكُمۡ" أمر الله تعالى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم أن يقسم
بربه العظيم على وقوع المعاد وهذه احدى الآيات الثلاث التى لا رابع لهن مما أمر
الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقسم بربه العظيم على وقوع المعاد فاحداهن
فى سورة يونس عليه السلام فى قوله تعالى " ويستنبئونك أحق هو قل اى وربى انه
لحق وما أنتم بمعجزين " والثانية فى سورة التغابن فى قوله " زعم الذين
كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربى لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير
" وهذه الآية فى سورة سبأ الثالثة ، "عَٰلِمِ ٱلۡغَيۡبِۖ لَا يَعۡزُبُ
عَنۡهُ مِثۡقَالُ ذَرَّةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَآ
أَصۡغَرُ مِن ذَٰلِكَ وَلَآ أَكۡبَرُ إِلَّا فِي
كِتَٰبٖ مُّبِين" قال مجاهد وقتادة لا يعزب عنه لا يغيب عنه أى
الجميع مندرج تحت علمه فلا يخفى عليه شىءمثل الذرة فى محيط السموات والأرض ولا
أصغر من الذرة ولا أكبر منها وهذا من باب الاعجاز العلمى الذى كشف تركيب الذرة وما
تحويه وتفتيت الذرة كل ذلك عند الله فى كتاب واضح بين .
2
. " قُلِ ٱدۡعُواْ
ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ لَا يَمۡلِكُونَ مِثۡقَالَ
ذَرَّةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا لَهُمۡ فِيهِمَا مِن
شِرۡكٖ وَمَا لَهُۥ مِنۡهُم مِّن ظَهِيرٖ ٢٢
بين الله تبارك وتعالى أنه الاله الواحد الفرد الصمد الذى
لا نظير له ولا شريك له بل هو المستقل بالأمر وحده من غير مشارك ولا منازع ولا
معارض " قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ " يقول
تعالى لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين وغيرهم أن يدعوا من
أشركوا لله من أوثان وأصنام وأن يبرزوهم وهم لا يملكون حولا ولا قوة ولا نفع
أنفسهم ولا دفع الضر عنها ، " لَا يَمۡلِكُونَ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖ فِي
ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا لَهُمۡ فِيهِمَا مِن
شِرۡك" لا يملكون شيئا ولو يسيرا مثقال الذرة فى السموات والأرض
استقلالا ولا على سبيل الشركة ، "وَمَا لَهُۥ مِنۡهُم مِّن
ظَهِير" وليس لله من هذه الأنداد من ظهير يستظهر به فى الأمور بل الخلق
كلهم فقراء اليه عبيد لديه وقال قتادة فى قوله عز وجل " وما له منهم من ظهير
" وليس لله من عون يعينه بشىء .
3 . " قُلۡ مَن يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ
وَٱلۡأَرۡضِۖ قُلِ ٱللَّهُۖ وَإِنَّآ أَوۡ إِيَّاكُمۡ لَعَلَىٰ هُدًى أَوۡ فِي
ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ ٢٤ قُل لَّا تُسَۡٔلُونَ
عَمَّآ أَجۡرَمۡنَا وَلَا نُسَۡٔلُ عَمَّا
تَعۡمَلُونَ ٢٥ قُلۡ يَجۡمَعُ بَيۡنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفۡتَحُ بَيۡنَنَا
بِٱلۡحَقِّ وَهُوَ ٱلۡفَتَّاحُ ٱلۡعَلِيمُ ٢٦ قُلۡ أَرُونِيَ ٱلَّذِينَ
أَلۡحَقۡتُم بِهِۦ شُرَكَآءَۖ كَلَّاۚ بَلۡ هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ
٢٧
" قُلۡ مَن
يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ قُلِ ٱللَّهُ" يخبر الله تعالى
رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم أنه يقول سبحانه وتعالى مقررا تفرده بالخلق
والرزق وانفراده بالالهية أيضا فكما كانوا يعترفون بأنهم لا يرزقهم من السماء
والأرض أى بما ينزل من المطر وينبت الزرع الا الله فكذلك فليعلموا أنه لا اله غيره
، " وَإِنَّآ أَوۡ إِيَّاكُمۡ لَعَلَىٰ هُدًى أَوۡ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِين" أى
أحد الفريقين منا على هدى محق والأخر مبطل فى الضلال الواضح واحد منا مصيب ولا
يمكن أن تكونوا أنتم ونحن على هدى أو على الضلال بل واحد منا مصيب ونحن قد قدمنا
البرهان على التوحيد فدل على بطلان ما أنت عليه من الشرك بالله تعالى وقال قتادة
قد قال ذلك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم للمشركين والله ما نحن واياكم على أمر
واحد ان أحد الفريقين لمهتد وقال عكرمة معناها انا نحن لعلى هدى وانكم لفى ضلال
مبين ، " قُل لَّا تُسَۡٔلُونَ
عَمَّآ أَجۡرَمۡنَا وَلَا نُسَۡٔلُ عَمَّا تَعۡمَلُونَ " وكذلك يقول المؤمنون للكافرين وهم
يتبرءون منهم لستم منا ولا نحن منكم بل ندعوكم الى الله تعالى وتوحيده وافراده
بالعبادة له فان أجبتم فأنتم منا ونحن منكم وان كذبتم فنحن برآء منكم وأنتم برآء
منا كما قال تعالى " قل يا أيها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون * ولا أنتم
عابدون ما أعبد * ولا أنا عابد ما عبدتم * ولا أنتم عابدون ما أعبد * لكم دينكم
ولى دين " وما قال تعالى" فان كذبوك فقل لى عملى ولكم عملكم أنتم بريئون
مما أعمل وأنا برىء مما تعملون " ،" قُلۡ يَجۡمَعُ بَيۡنَنَا رَبُّنَا
" يوم القيامة يجمع الله بين الخلائق فى صعيد واحد بين المؤمنين والمشركين
،" ثُمَّ يَفۡتَحُ بَيۡنَنَا بِٱلۡحَقِّ " أى يحكم بيننا بالعدل فيجزى
كل عامل بعمله ان خيرا فخير وان شرا فشر ، وستعلمون يومئذ لمن العزة والنصر
والسعادة الآبدية ، " وَهُوَ ٱلۡفَتَّاحُ ٱلۡعَلِيمُ " والله هو الحاكم
العادل العالم بحقائق الأمور ، " قُلۡ أَرُونِيَ ٱلَّذِينَ
أَلۡحَقۡتُم بِهِۦ شُرَكَآءَ" ويقول لرسوله الكريم أن يخبر أن الله تعالى
يتحدى المشركين فيقول لهم أرونى هذه الآلهة التى جعلتموها لله أندادا وصيرتموها له
عدلا وكفئا ، " كَلَّاۚ " يرد الله عليهم بالزجر والرفض لما يزعمون فهو
ليس له نظير ولا نديد ولا شريك ولا عديل ، " بَلۡ هُوَ ٱللَّهُ
ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ " هو وحده الله الواحد الأحد الذى لا شريك له وهو ذو
العزة الذى قهر بها كل شىء وغلبت كل شىء الحكيم فى أفعاله وأقواله وشرعه وقدره
تبارك تعالى وتقدس عما يقولون علوا كبيرا .
4 . " وَيَقُولُونَ
مَتَىٰ هَٰذَا ٱلۡوَعۡدُ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ٢٩ قُل لَّكُم مِّيعَادُ يَوۡمٖ لَّا تَسۡتَٔۡخِرُونَ
عَنۡهُ سَاعَةٗ وَلَا تَسۡتَقۡدِمُونَ ٣٠
" وَيَقُولُونَ
مَتَىٰ هَٰذَا ٱلۡوَعۡدُ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ " يتحدث الله تعالى عن تكذيب
الكفار بالساعة واستعجالهم لها والوعد هو الساعة يطلبون وقوعها لتدليل على صدق
الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ،" قُل لَّكُم مِّيعَادُ يَوۡمٖ لَّا تَسۡتَٔۡخِرُونَ
عَنۡهُ سَاعَةٗ وَلَا
تَسۡتَقۡدِمُونَ " يبلغ الله تعالى رسوله الكريم أن الله يرد على الكافرين
المكذبين المستبعدين لوقوع يوم القيامة أن لهم ميعاد مؤجل معدود لا يزاد ولا ينقص
فاذا جاء فلا يؤخر ساعة ولا يقدم كما قال تعالى " ان أجل الله اذا جاء لا
يؤخر " وكما قال عزوجل " وما نؤخره الا لاجل معدود * يوم يأت لا تكلم
نفس الا باذنه فمنهم شقى وسعيد " .
5 .
" وَقَالُواْ نَحۡنُ أَكۡثَرُ أَمۡوَٰلٗا وَأَوۡلَٰدٗا وَمَا نَحۡنُ
بِمُعَذَّبِينَ ٣٥ قُلۡ إِنَّ رَبِّي يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ
وَيَقۡدِرُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ ٣٦ وَمَآ أَمۡوَٰلُكُمۡ
وَلَآ أَوۡلَٰدُكُم بِٱلَّتِي تُقَرِّبُكُمۡ عِندَنَا زُلۡفَىٰٓ إِلَّا مَنۡ
ءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا فَأُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ جَزَآءُ ٱلضِّعۡفِ بِمَا عَمِلُواْ
وَهُمۡ فِي ٱلۡغُرُفَٰتِ ءَامِنُونَ ٣٧ وَٱلَّذِينَ يَسۡعَوۡنَ فِيٓ ءَايَٰتِنَا
مُعَٰجِزِينَ أُوْلَٰٓئِكَ فِي ٱلۡعَذَابِ مُحۡضَرُونَ ٣٨ قُلۡ إِنَّ رَبِّي
يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦ وَيَقۡدِرُ لَهُۥۚ وَمَآ
أَنفَقۡتُم مِّن شَيۡءٖ فَهُوَ يُخۡلِفُهُۥۖ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلرَّٰزِقِينَ
٣٩
" وَقَالُواْ
نَحۡنُ أَكۡثَرُ أَمۡوَٰلٗا وَأَوۡلَٰدٗا وَمَا نَحۡنُ بِمُعَذَّبِينَ " افتخر الكبراء والسادة
المترفون المكذبون بكثرة الأموال والأولاد واعتقدوا أن ذلك دليل على محبة الله
تعالى لهم واعتنائه بهموأنه ما كان ليعطيهم هذا فى الدنيا ثم يعذبهم فى الآخرة كما
قال تعالى " أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم فى الخيرات بل لا
يشعرون " ، " قُلۡ إِنَّ رَبِّي يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ
وَيَقۡدِرُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ " يرد الله على
الكفار بقوله أنه يعطى المال لمن يحب ومن لا يحب فيفقر من يشاء ويغنى من يشاء وله
الحمة التامة البالغة والحجة القاطعة الدامغة ولكن أكثر الناس لا يعلمون ذلك
،"وَمَآ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُم بِٱلَّتِي تُقَرِّبُكُمۡ
عِندَنَا زُلۡفَىٰٓ " ليست أموالكم ولا أولادكم هى التى تقربكم منا وليست
دليلا على محبتنا لكم ولا اعتنائنا بكم وعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال " ان الله تعالى لا ينظر الى صوركم وأموالكم ولكن
انما ينظر الى قلوبكم وأعمالكم " ، " إِلَّا مَنۡ ءَامَنَ وَعَمِلَ
صَٰلِحٗا " يقول الله
تعالى انما يقربكم عندنا زلفى الايمان والعمل الصالح ،" فَأُوْلَٰٓئِكَ
لَهُمۡ جَزَآءُ ٱلضِّعۡفِ بِمَا عَمِلُواْ " من آمن وعمل صالحا أولئك تضاعف
لهم الحسنات الحسنة بعشر أمثالها الى سبعمائة ضعف ، " وَهُمۡ فِي
ٱلۡغُرُفَٰتِ ءَامِنُونَ " وأولئك هم فى منازل الجنة العالية آمنون من كل بأس
وخوف وأذى ومن كل شر يحذر منه وعن على رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم" ان فى الجنة لغرفا ترى ظهورها من بطونها وبطونها منظهورها "
فقال أعرابى لمن هى ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" لمن طيب الكلام
وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى بالليل والناس نيام " ، " وَٱلَّذِينَ
يَسۡعَوۡنَ فِيٓ ءَايَٰتِنَا مُعَٰجِزِينَ " يتوعد الله الذين يسعون فى الصد
عن سبيله واتباع رسله والتصديق بآياته ،" أُوْلَٰٓئِكَ فِي ٱلۡعَذَابِ
مُحۡضَرُونَ " هؤلاء جميعهم مجزيون بأعمالهم فيها بحسبهم كل له نصيب من
العذاب ، " قُلۡ إِنَّ رَبِّي يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ مِنۡ
عِبَادِهِۦ وَيَقۡدِرُ لَهُ" يخبر الله تعالى رسوله أن يبلغ عنه أن الله بحسب
ما له من حكمة يبسط على هذا من المال الكثير ويضيق على هذا ويقتر على هذا رزقه جدا
وله فى ذلك من الحكمة ما لا يدركها غيره كما قال تعالى " انظركيف فضلنا بعضهم
على بعض والآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا " وكما هم متفاوتون فى الدنيا هذا
فقير مدقع وهذا غنى موسع عليه فكذلك هم فى الآخرة هذا فى الغرفات فى أعلى الدرجات
وهذا فى الغمرات فى أسفل الدركات وأطيب الناس فى الدنيا كما قال صلى الله عليه
وسلم " قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه " ،
" وَمَآ أَنفَقۡتُم مِّن شَيۡءٖ فَهُوَ
يُخۡلِفُهُۥۖ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلرَّٰزِقِينَ " يقول الله تعالى مهما أنفقتم من
شىء فيما أمركم به وأباحه لكم فهو يخلفه عليكم فى الدنيا بالبدل فى الآخرة بالجزاء
والثواب كما ثبت فى الحديث الصحيح " يقول الله تعالى أنفق أنفق عليك "
وكذلك فى الحديث أن ملكين يصبحان كل يوم يقول أحدهما اللهم أعط ممسكا تلفا ويقول
الآخر : اللهم أعط منفقا خلفا وعن حذيفة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم " ألا بعد زمانكم هذا زمان عضوض يعض الموسر على ما فى يده حذار
الانفاق " ثم تلا الآية .
6 . " قُلۡ
إِنَّمَآ أَعِظُكُم بِوَٰحِدَةٍۖ أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ مَثۡنَىٰ وَفُرَٰدَىٰ
ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْۚ مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍۚ إِنۡ هُوَ إِلَّا نَذِيرٞ لَّكُم بَيۡنَ
يَدَيۡ عَذَابٖ شَدِيدٖ ٤٦
" قُلۡ إِنَّمَآ
أَعِظُكُم بِوَٰحِدَةٍ" يقول الله تبارك وتعالى قل يا محمد لهؤلاء الكافرين
الزاعمين أنك مجنون انما آمركم بواحدة ، " أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ مَثۡنَىٰ
وَفُرَٰدَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْۚ مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ" هذه
الواحدة هى أن تقوموا قياما خالصا لله عز وجل من غير هوى ولا عصبية فيسأل بعضكم
بعضا هل بمحمد صلى الله عليه وسلم من جنون فينصح بعضكم بعضا وينظر الرجل لنفسه فى
أمر محمد صلى الله عليه وسلم ويسأل غيره من الناس عن شأنه ان أشكل عليه ويتفكر فى
ذلك ، " إِنۡ هُوَ إِلَّا نَذِيرٞ لَّكُم بَيۡنَ يَدَيۡ عَذَابٖ شَدِيد " يقول الله عن رسوله صلى الله عليه وسلم أنه
أرسله ليكون نذير من عذابه الشديد يوم القيامة وعن أبى امامة رضى الله عنه قال :
ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول " أعطيت ثلاثا لم يعطهن أحد قبلى
ولا فخر : أحلت لى الغنائم ولم تحل لمن قبلى كانوا قبلى يجمعون غنائمهم فيحرقونها
، وبعثت الى كل أحمر وأسود وكان كل نبى يبعث الى قومه خاصة ، وجعلت لى الأرض مسجدا
وطهورا أتيمم بالصعيد وأصلى فيها حيث أدركتنى الصلاة قال الله تعالى " أن تقوموا
لله مثنى وفرادى " وأعنت بالرعب مسيرة شهر بين يدى " وعن ابن عباس أنه
قال : صعد النبى صلى الله عليه وسلم الصفا ذات يوم فقال " ياصباحاه"
فاجتمعت اليه قريش فقالوا مالك ؟ فقال : أرأيتم لو أخبرتكم أن العدو يصبحكم أو
يمسيكم أما كنتم تصدقونى " قالوا : بلى ! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" فانى نذير لكم بين يدى عذاب شديد " فقال أبو لهب تبا لك ألهذا جمعتنا
" فأنزل الله " تبت يدا أبى لهب وتب " .
7 . " قلۡ مَا
سَأَلۡتُكُم مِّنۡ أَجۡرٖ فَهُوَ لَكُمۡۖ إِنۡ أَجۡرِيَ إِلَّا عَلَى
ٱللَّهِۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٞ ٤٧ قُلۡ إِنَّ رَبِّي يَقۡذِفُ بِٱلۡحَقِّ
عَلَّٰمُ ٱلۡغُيُوبِ ٤٨ قُلۡ جَآءَ ٱلۡحَقُّ وَمَا يُبۡدِئُ ٱلۡبَٰطِلُ وَمَا
يُعِيدُ ٤٩ قُلۡ إِن ضَلَلۡتُ فَإِنَّمَآ أَضِلُّ عَلَىٰ نَفۡسِيۖ وَإِنِ
ٱهۡتَدَيۡتُ فَبِمَا يُوحِيٓ إِلَيَّ رَبِّيٓۚ إِنَّهُۥ سَمِيعٞ قَرِيبٞ ٥٠
" قُلۡ مَا
سَأَلۡتُكُم مِّنۡ أَجۡرٖ فَهُوَ لَكُمۡۖ" يقول الله تعالى آمرا رسوله صلى الله
عليه وسلم أن يقول للمشركين لا أريد منكم جعلا ولا عطاءا على أداء رساة الله عز
وجل اليكم ونصحى اياكم وأمركم بعبادة الله ، " إِنۡ أَجۡرِيَ إِلَّا عَلَى ٱللَّهِ"
انما أطلب ثواب ذلك من عند الله ، " وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيد"
والله هو الشاهد العالم بجميع الأمور بما أنا عليه من اخبارى عنه بارساله اياى
اليكم وما أنتم عليه ، " قُلۡ إِنَّ رَبِّي يَقۡذِفُ بِٱلۡحَقِّ عَلَّٰمُ
ٱلۡغُيُوبِ " الله هو الذى يرسل الحق من عنده وهوعلام الغيوب فلا تخفى عليه
خافية فى السموات والأرض ، " قُلۡ جَآءَ ٱلۡحَقُّ وَمَا يُبۡدِئُ
ٱلۡبَٰطِلُ وَمَا يُعِيدُ " جاء الحق من الله والشرع العظيم وذهب الباطل وزهق
واضمحل كقوله تعالى " بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فاذا هو زاهق "
ولهذا لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد الحرام يوم الفتح ووجد
تلك الأصنام منصوبة حول الكعبة جعل يطعن الصنم منها بسة قوسه ويقرأ " وقل جاء
الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا - قل جاء الحق وما يبدىء الباطل وما يعيد
" ،" ، قُلۡ إِن ضَلَلۡتُ فَإِنَّمَآ أَضِلُّ عَلَىٰ نَفۡسِيۖ وَإِنِ
ٱهۡتَدَيۡتُ فَبِمَا يُوحِيٓ إِلَيَّ رَبِّيٓۚ" الخير كله من عند الله وفيما
أنزله من الوحى والحق المبين فيه الهدى والبيان والرشاد ومن ضل فانما يضل من تلقاء
نفسه ، " إِنَّهُۥ سَمِيعٞ قَرِيب " والله سميع لأقوال عباده قريب مجيب دعوة
الداعى اذا دعاه وقد روى النسائى هنا حديث أبى موسى الذى فى الصحيحين " انكم
لا تدعون أصم ولا غائبا انما تدعون سميعا قريبا مجيبا " .
فى سورة فاطر
1 . "قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ شُرَكَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ
تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ
لَهُمۡ شِرۡكٞ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَمۡ ءَاتَيۡنَٰهُمۡ كِتَٰبٗا فَهُمۡ عَلَىٰ
بَيِّنَتٖ مِّنۡهُۚ بَلۡ إِن يَعِدُ ٱلظَّٰلِمُونَ بَعۡضُهُم بَعۡضًا إِلَّا
غُرُورًا ٤٠
"
قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ شُرَكَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ "
يقول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين هل فكرتم وتدبرتم
فيمن عبدتم من دون الله من الأصنام والأنداد ، " أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ
مِنَ ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ لَهُمۡ شِرۡكٞ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ " يقول الله موبخا
لهم هل هؤلاء خلقوا شيئا فى السموات والأرض وهل لهم شىء فى السماء والرد أنه ليس
لهم شىء من ذلك وما يملكون من قطمير ، " أَمۡ ءَاتَيۡنَٰهُمۡ كِتَٰبٗا
فَهُمۡ عَلَىٰ بَيِّنَتٖ مِّنۡهُ" يوبخ الله المشركين على ما هم عليه من
الشرك فيقول هل أنزلنا عليهم كتابا بما يقولونه من الشرك والكفر والرد أن الأمرليس
كذلك ،" بَلۡ إِن يَعِدُ ٱلظَّٰلِمُونَ بَعۡضُهُم بَعۡضًا إِلَّا غُرُورًا
"يقول الله تعالى ردا على ما وجه للمشركين من أسئلة انما اتبعوا فيما هم فيه
من الشرك أهواءهم وآراءهم وأمانيهم التى تمنوها لأنفسهم وهى غرور وباطل وزور .
فى سورة يسن
1 . " أوَ لَمۡ يَرَ ٱلۡإِنسَٰنُ أَنَّا
خَلَقۡنَٰهُ مِن نُّطۡفَةٖ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٞ مُّبِينٞ ٧٧ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلٗا وَنَسِيَ خَلۡقَهُۥۖ قَالَ مَن يُحۡيِ ٱلۡعِظَٰمَ وَهِيَ رَمِيمٞ
٧٨ قُلۡ يُحۡيِيهَا ٱلَّذِيٓ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٖۖ
وَهُوَ بِكُلِّ خَلۡقٍ عَلِيمٌ ٧٩
قال مجاهد وقتادة وعكرمة وغيرهم أن أبى بن
خلف جاء الى رسول الله صلى الله عليه وسلم
وفى يده عظم رميم وهو يفته ويذروه فى
الهواء وهو يقول يا محمد أتزعم أن الله يبعث هذا ؟ قال صلى الله عليه وسلم
" نعم يميتك الله تعالى ثم يبعثك ثم يحشرك الى النار " ونزلت هذه الايات
من آخر يس " أَوَ لَمۡ يَرَ ٱلۡإِنسَٰنُ أَنَّا خَلَقۡنَٰهُ مِن
نُّطۡفَةٖ
فَإِذَا هُوَ خَصِيمٞ مُّبِين" وعن ابن عباس قال : ان العاص بن وائل أخذ عظما من البطحاء ففته ثم
قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أيحيى الله هذا بعد ما أرى ؟ فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم " نعم يميتك الله ثم يحييك ثم يدخلك جهنم " قال نزلت
الآيات من آخر يس ، وعلى كل تقدير سواء كانت هذه الآيات قد نزلت فى أبى بن خلف أو
العاص بن وائل أو فيهما فهى عامة فىكل من أنكر البعث ،" أَوَ لَمۡ يَرَ
ٱلۡإِنسَٰنُ" هذا الخطاب موجه للجنس يعم كل منكر للبعث ، " أَنَّا خَلَقۡنَٰهُ مِن نُّطۡفَةٖ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٞ مُّبِين" يقول الله تعالى أو
لم يستدل من أنكر البعث بالبدء على الاعادة فان الله ابتدأ خلق الانسان من سلالة
من ماء مهين فخلقه من شىء حقير ضعيف مهين كما قال عز وجل " ألم نخلقكم من ماء
مهين فجعلناه فى قرار مكين الى قدر معلوم " وقال تعالى " انا خلقنا
الانسان من نطفة أمشاج " خلق الله من نطفة من أخلاط فيها من صفات وراثية من
الأب والأم فالذى خلقه من هذه النطفة الضعيفة أليس بقادر على اعادته بعد موته وعن
بشر بن جحاش قال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بصق يوما فى كفه فوضع عليها
أصبعه ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قال الله تعالى يابن آدم أنى
تعجزنى وقد خلقتك من مثل هذه حتى اذا سويتك وعدلتك مشيت بين برديك وللأرض منك وئيد
فجمعت ومنعت حتى اذا بلغت التراقى قلت أتصدق وأنى أوان الصدقة ؟ " ولهذا قال
تعالى " وَضَرَبَ لَنَا مَثَلٗا وَنَسِيَ خَلۡقَهُۥۖ قَالَ مَن يُحۡيِ ٱلۡعِظَٰمَ وَهِيَ رَمِيم" استبعد
اعادة الله تعالى ذى القدرة العظيمة التى خلقت السموات والأرض للأجساد والعظام
الرميمة ونسى نفسه وأن الله تعالى خلقه من العدم الى الوجود فعلم من نفسه ماهو
أعظم مما استبعده وأنكره وجحده ورد الله عزوجل عليه بقوله " قُلۡ يُحۡيِيهَا
ٱلَّذِيٓ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٖۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلۡقٍ عَلِيمٌ " أى اخبر هذا الجاهل الكافر
المنكر للبعث أن الله الذى خلقها أول مرة من العدم أيسر عليه وهو أقدر على اعادتها
الى البعث والحياة وهو الذى يعلم العظام فى سائر أقطار الأرض وأرجائها أين ذهبت
وأين تفرقت وتمزقت وعن حذيفة رضى الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
" ان رجلا حضره الموت فلما يئس من الحياة أوصى أهله اذا أنا مت فاجمعوا لى
حطبا كثيرا جزلا ثم أوقدوا فيه نارا حتى اذا أكلت لحمى وخلصت الى عظمى فامتحشت
فخذوها فدقوها فذروها فى اليم ففعلوا فجمعه الله تعالى ثم قال له : لم فعلت ذلك؟
قال من خشيتك فغفر الله عز وجل له " وقد أخرج الحديث بألفظ كثيرة منها أنه
أمر بنيه أن يحرقوه ثم يسحقوه ثم يذروا نصفه فى البر ونصفه فى البحر فى يوم رائح
أىكثير الهواء ففعلوا ذلك ، فأمر الله تعالى البحر فجمع ما فيه وأمر البر فجمع ما
فيه ثم قال له كن فاذا هو رجل قائم فقال له ما حملك على ما صنعت ؟ قال : مخافتك
وأنت أعلم فما تلاقاه أن غفر له ".
فى سورة الصافات
1 . "
وَقَالُوٓاْ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّبِينٌ ١٥ أَءِذَا
مِتۡنَا وَكُنَّا تُرَابٗا وَعِظَٰمًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ ١٦ أَوَ
ءَابَآؤُنَا ٱلۡأَوَّلُونَ ١٧ قُلۡ نَعَمۡ وَأَنتُمۡ دَٰخِرُونَ ١٨ فَإِنَّمَا
هِيَ زَجۡرَةٞ وَٰحِدَةٞ فَإِذَا هُمۡ يَنظُرُونَ ١٩
"
وَقَالُوٓاْ إِنۡ
هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّبِينٌ " يقول الكفار للرسول صلى الله عليه
وسلم ان ذا الذى جئت به ما هو الا سحر واضح بين ، " أَءِذَا مِتۡنَا وَكُنَّا
تُرَابٗا وَعِظَٰمًا أَءِنَّا
لَمَبۡعُوثُونَ* أَوَ ءَابَآؤُنَا
ٱلۡأَوَّلُونَ " يستبعدون أنم يوف يبعثون بعد موتهم هم وأجدادهم الذين سبقوهم
فهم يستبعدون ذلك ويكذبون به ، " قُلۡ نَعَمۡ وَأَنتُمۡ دَٰخِرُونَ "
يقول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يؤكدذ ويقول قل لهم يا محمد نعم
تبعثون يوم القيامة بعدما تصيرون ترابا وعظاما وأنتم داخرون أى حقيرون تحت القدرة
العظيمة كما قال تعالى " وكل أتوه داخرين " وكما قال تعالى " ان
الذين يستكبرون عن عبادتى سيدخلون جهنم داخرين " ثم قال جلت عظمته " فَإِنَّمَا هِيَ
زَجۡرَةٞ وَٰحِدَةٞ فَإِذَا هُمۡ يَنظُرُونَ " أى فانما هو أمر واحد
من الله عز وجل يدعوهم دعوة واحدة أن يخرجوا من الأرض فاذا هم قيام بين يديه
ينظرون الى أهوال يوم القيامة .
No comments:
Post a Comment