3-) مرحلة الدولة وتكوين نواة المجتمع الاسلامى .
لما أراد الله تعالى اظهار دينه ساق الرسول صلى الله عليه وسلم الى الانصار فانتهى الى نفر منهم ستة وقيل ثمانية وهم يحلقون رؤوسهم عند عقبة منى أثناء موسم الحج فجلس اليهم ودعاهم الى وقرأ عليهم القرآن فاستجابوا لله ولرسوله ورجعوا الى المدينة فدعوا قومهم الى الاسلام حتى فشا فيهم ولم يبق دار من دور الأنصار الا وفيه ذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأول مسجد قرىء فيه القرآن بالمدينة مسجد بنى زريق ، ثم قدم مكة فى العام القابل اثنا عشر رجلا من الأنصار منهم خمسة من الستة الأولين فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيعة النساء عند العقبة ثم انصرفوا الى المدينة فقدم عليه فى العام القابل منهم ثلاثة وسبعون رجلا وأمرأتان وهم أهل العقبة الأخيرة فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم وأنفسهم فترحل هو وأصحابه اليهم واختار رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أثنى عشر نقيبا وأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالهجرة الى المدينة فقدموا على الأنصار فى دورهم فآووهم ونصروهم وفشا الاسلام بالمدينة ثم أذن الله لرسوله صلى الله عليه وسلم فى الهجرة فخرج من مكة يوم الأثنين فى شهر ربيع الأول وقيل فى صفر وله اذ ذاك ثلاث وخمسون سنة ومعه أبو كر الصديق رضى الله عنه وعامر بن فهير مولى أبى بكر ودليلهم عبد الله بن الأريقط الليثى ، وأول عمل قام به الرسول صلى الله عليه وسلم هو بناء أول مسجد فى الاسلام ، فقد بركت ناقة الرسول صلى الله عليه وسلم موضع مسجده ، وكان مربدا لسهل وسهيل – غلامين يتيمين من الأنصار كانا فى حجر أسعد بن زرارة ، فساوم رسول الله صلى الله عليهوسلم الغلامين بالمربد ليتخذه مسجدا فقالا بل نهبه لك يا رسول الله فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم فابتاعه منهما بعشرة دنانير ، وكان جدارا ليس له سقف وفبلته الى بيت المقدس وكان يصلى فيه أسعد بن زرارة قبل مقدم الرسول صلى الله عليه وسلم وجعل أساسه قريبا من ثلاثة أذرع ثم بنوه باللبن وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يبنى معهم وينقل اللبن والحجارة بنفسه ويقول : اللهم لا عيش الا عيش الأخرة * فاغفر للانصار والمهاجرة ، فلما فرغ من البناء بنى بعائشة رضى الله عنها فى البيت الذى بناه لها شرقى المسجد ، وجعل لسودة بنت زمعة بيتا آخر ، ثم آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار فى دار أنس بن مالك ، وكانوا تسعين رجلا نصفهم من المهاجرين ونصفهم من الأنصار ، آخى بينهم على المواساة ، ووادع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بالمدينة من اليهود وكتب بينه وبينهم كتابا وبادر حبرهم عبد الله بن سلام فدخل فى الاسلام وأبى عامتهم الا الكفر وكانوا ثلاث قبائل بنو قينقاع وبنو النضير وبنو قريظة وحاربته الثلاثة ونزلت سورة الحشر فى بنى النضير وسورة الأحزاب فى بنى قريظة ،
علاقة الرسول صلى الله عليه وسلم باليهود قبل قدومه الى المدينة
ان اليهود فى
المدينة لم يكونوا يجهلون ظهور النبى صلى اللهة عليه وسلم فى مكة للأسباب الآتية
1-) كان بعض اليهود يأتون الى مكة لأشغال تجارية وأعمال مختلفة وأهل مكة أنفسهم
كانوا يقصدون خيبر ليجلبوا منها حلى آل أبى الحقيق التى كانت نساؤهم وفتياتهم
تتحلى بها حين زفافهن ، وكان سكان المدينة أيضا من الأوس والخزرج يأتون الى مكة
لقصد التجارة والطواف بالكعبة وغير ذلك من أنواع الأعمال ، ولا شك أن هذه
الاتصالات من تلك الأطراف كان تخللها الحديث عن الدين الجديد الذى جاء به محمد بن
عبد الله صلى الله عليه وسلم . 2-) سبق لقريش خلال وجود الرسول صلى الله عليه وسلم
بينهم أن بعثت " النضر بن الحارث " و " عقبة بن أبى معيط " الى
أحبار اليهود بالمدينة وقالوا لهما :" سلاهما عن محمد صلى الله عليه وسلم
وصفا لهم صفته ، وأخبراهم بقوله فانهم أهل الكتاب الأول ، وعندهم علم ليس عندنا من
علم الأنبياء ، فخرجا حتى قدما المدينة فسألا أحباراليهود عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم ووصفا لهم أمره وأخبراهم ببعض قوله وقالا لهم :" انكم أهل التوراة وقد
جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا " ،
فقالت لهم أحبار اليهود :" سلوه عن ثلاث نأمركم بهن فان أخبركم بهن فهو نبى
مرسل وان لم يفعل فالرجل متقول ، سلوه عن 1-) فتية ذهبوا فىالدهر الأول ، ما كان
أمرهم فانه قد كان لهم حديث عجيب ؟ . 2-) عن رجل طواف قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها
ما كان نبؤه ؟ 3-) عن الروح ما هى ؟ ، فان أخبركم بذلك فاتبعوه فانه نبى وان لم
يفعل فهو رجل متقول فاصنعوا فيه ما بدا لكم " ، فانصرف " النضر بن
الحارث " و" عقبة بن أبى معيط " حى قدما مكة وأخبرا قريشا بما سمعا
من أحبار اليهود فجاءوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا :" يا محمد
أخبرنا عن فتية ذهبوا فى الدهر الأول وقد كانت لهم قصة عجب ، وعن رجل كان طوافا قد
بلغ مشارق الأرض ومغاربها ، وأخبرنا عن الروح ما هى ؟ " ، فقال لهم رسول الله
صلى الله عليه وسلم :" أخبركم غدا عما سألتم عنه " ولم يستثن – أى
" لم يقل ان شاء الله " فانصرفوا عنه ، ومكث الرسول صلى الله عليه وسلم
خمس عشرة ليلة لا يحدث الله له فى لك وحي ، ولا يأتيه جبريل عليه السلام حتى أرجف
أهل مكة وقالوا :" وعدنا محمد غدا واليوم خمس عشرة قد أصبحنا فيها لا يخبرنا
بشىء عما سألناه عنه " وحتى أحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث الوحى عنه
وشق عليه ما يتكلم به أهل مكة ، ثم جاء جبريل عليه السلام من الله بسورة أصحاب
الكهف ، فيها معاتبة اياه على حزنه عليهم ، وفيها خبر ما سألوه عن أمر الفتية
والرجل الطواف ، وجاءه بقوله تعالى " ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربى
وما أوتيتم من العلم الا قليلا " الاسراء 85 3-) كان اليهود فى المدينة اا ما
نشب بينهم وبين الأوس والخزرج نزاع هددوهم بقولهم :" ان نبينا مبعوثا الآن قد
أظل زمانه ، واننا سنتبعه ، فنقتلكم معه قتل عاد وارم " ، وقد أشار القرآن
الكريم الى ذلك بقوله " ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من
قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على
الكافرين " البقرة 89 ( لاستفتاح هو طلب الفتح أى النصر فقد قال تعالى "
ان تستفتحوا فقد جاءكم الفتح " الأنفال 19 ) فمعنى يستفتحون يستنصرون على
المشركين اذا قاتلوهم فيقولون :" اللهم انصرنا بالنبى المبعوث فى آخر الزمان
، والذى نجد نعته فى التوراة " فلما جاءهم هذا النبى الذى استنصروا به لم
يتبعوه وكفروا به فلعنة الله على الكافرين .4-) كان النبى صلى الله عليه وسلم فى
السنوات القليلة التى سبقت الهجرة يلتقى خلال عرض دعوته على القبائل فى موسم الحج
بأفراد من الأوس والخزرج وكان عندما يدعوهم الى الاسلام ينظر بعضهم الى بعض ويقول
:" والله انه للنبى الذى تواعدكم به يهود فلا يسبقونكم اليه ".
No comments:
Post a Comment