Grammar American & British

Saturday, October 29, 2022

8 - ) حكم كلمة "قل " فى القرآن الكريم

 8 _ ) حكم كلمة " قل " فى القرآن الكريم

فى سورة الكهف

1 .  "سَيَقُولُونَ ثَلَٰثَةٞ رَّابِعُهُمۡ كَلۡبُهُمۡ وَيَقُولُونَ خَمۡسَةٞ سَادِسُهُمۡ كَلۡبُهُمۡ رَجۡمَۢا بِٱلۡغَيۡبِۖ وَيَقُولُونَ سَبۡعَةٞ وَثَامِنُهُمۡ كَلۡبُهُمۡۚ قُل رَّبِّيٓ أَعۡلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعۡلَمُهُمۡ إِلَّا قَلِيلٞۗ فَلَا تُمَارِ فِيهِمۡ إِلَّا مِرَآءٗ ظَٰهِرٗا وَلَا تَسۡتَفۡتِ فِيهِم مِّنۡهُمۡ أَحَدٗا ٢٢

يقول الله تعالى مخبرا عن اختلاف الناس فى عدد أصحاب الكهف فحكى ثلاثة أقوال " سَيَقُولُونَ ثَلَٰثَةٞ رَّابِعُهُمۡ كَلۡبُهُمۡ "منهم من قال عددهم ثلاثة ورابعهم كلبهم ، " وَيَقُولُونَ خَمۡسَةٞ سَادِسُهُمۡ كَلۡبُهُمۡ رَجۡمَۢا بِٱلۡغَيۡبِ "  وقال آخرون خمسة وسادسهم كلبهم قولا بلا علم كمن يرمى الى مكان لا يعرفه فانه لا يكاد يصيب وان أصاب فلا قصد  ، " وَيَقُولُونَ سَبۡعَةٞ وَثَامِنُهُمۡ كَلۡبُهُمۡ " وقال القول الثالث سبعة وثامنهم كلبهم ليدل على صحته  ، " قُل رَّبِّيٓ أَعۡلَمُ بِعِدَّتِهِم " يقول الله تعلى لرسوله صلى الله عليه وسلم  ارشاد الى أن الأحسن فى مثل هذا المقام رد العلم الى الله تعالى اذ لا احتياج الى الخوض فى مثل ذلك بلا علم لكن اذا أطلعنا على أمر قلنا به والا وقفنا ، " مَّا يَعۡلَمُهُمۡ إِلَّا قَلِيل " لايعلمهم الا قليل من الناس ، " فَلَا تُمَارِ فِيهِمۡ إِلَّا مِرَآءٗ ظَٰهِرٗا " قال تعالى فلا تتجادل فيهم الا جدالا سهلا لينا فان الأمر فى معرفة ذلك لا يترتب عليه كبير فائدة ، "  وَلَا تَسۡتَفۡتِ فِيهِم مِّنۡهُمۡ أَحَدٗا " وقد جاءك ربك يامحمد بالحق الذى لا شك فيه ولا مرية فلا تسأل أحدا منهم أى من أهل الكتاب فى أمر أصحاب الكهف فانهم لا علم لهم بذلك الا ما يقولونه من تلقاء أنفسهم رجما بالغيب أى من غير استناد الى كلام معصوم .

2 .  "وَلَا تَقُولَنَّ لِشَاْيۡءٍ إِنِّي فَاعِلٞ ذَٰلِكَ غَدًا ٢٣ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ وَٱذۡكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَهۡدِيَنِ رَبِّي لِأَقۡرَبَ مِنۡ هَٰذَا رَشَدٗا ٢٤

سبب نزول الآيتين قول النبى صلى الله عليه وسلم لما سئل وفد من قريش بايعاذ من اليهود ليتبينوا صدقه عن قصة أصحاب الكهف " أخبركم غدا عما سألتم عنه ولم يستثن "  فتأخر الوحى خمسة عشر يوما  حتى أرجف أهل مكة وقالوا وعدنا محمد غدا واليوم خمس عشرة قد أصبحنا فيها لا يخبرنا بشىء عما سألناه عنه وحتى أحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث الوحى عنه وشق عليه ما يتكلم به أهل مكة ثم جاءه جبريل عليه السلام من الله عز وجل بسورة أصحاب الكهف فيها معاتبتة اياه لعدم الاستثناء " وَلَا تَقُولَنَّ لِشَاْيۡءٍ إِنِّي فَاعِلٞ ذَٰلِكَ غَدًا " هذا ارشاد من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم الى الأدب فيما اذا عزم على شىء ليفعله فى المستقبل ، "  إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ " عليه أن يرد ذلك الى مشيئة الله عز وجل علام الغيوب الذى يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن كيف يكون ، " وَٱذۡكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ " قال أبن عباس أن تقول ان شاء الله ، يرشد الله تعالى من نسى الشىء فى كلامه الى ذكر الله تعالى لأن النسيان منشؤه من الشيطان كما قال فتى موسى " وما أنسانيه الا الشيطان أن أذكره " وذكر الله تعالى يطرد الشيطان فاذا ذهب الشيطان ذهب النسيان فذكر الله سبب للذكر ، وقال أبن عباس كذلك اذا نسيت الاستثناء فاستثن عند ذكرك له ومعن قوله يستثنى ولو بعد سنة أى اذا نسى أن يقول فى حلفه وفى كلامه ان شاء الله وذكر ولو بعد سنة فالسنة له أن يقول ذلك ليكون آتيا بسنة الاستثناء حتى لوكان بعد الحنث وقال أبن عباس هى خاصة برسول الله صلى الله عليه وسلم وليس لأحد منا أن يستثنى الا فى صلة من يمينه ، " وَقُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَهۡدِيَنِ رَبِّي لِأَقۡرَبَ مِنۡ هَٰذَا رَشَدٗا " اذا سئلت عن شىء لا تعلمه فاسأل الله تعالى فيه وتوجه اليه فى أن يوفقك للصواب والرشد فى ذلك ، وفى الصحيحين عن أبى هريرة رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " قال سليمان بن داود عليهما السلام لأطوفن الليلة على سبعين امرأة - وفى رواية تسعين امرأة وفى رواية مائة امرأة تلد كل امرأة منهن غلاما يقاتل فى سبيل الله فقيل له - وفى رواية قال له الملك - قل ان شاء الله فلم يقل فطاف بهن فلم يلد منهن الا امرأة واحدة نصف انسان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذىنفسى بيده لو قال ان شاء الله لم يحنث وكان دركا لحاجته " وفى رواية " ولقاتلوا فى سبيل الله فرسانا أجمعين " .

3 . " وَلَبِثُواْ فِي كَهۡفِهِمۡ ثَلَٰثَ مِاْئَةٖ سِنِينَ وَٱزۡدَادُواْ تِسۡعٗا ٢٥ قُلِ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا لَبِثُواْۖ لَهُۥ غَيۡبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ أَبۡصِرۡ بِهِۦ وَأَسۡمِعۡۚ مَا لَهُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَلِيّٖ وَلَا يُشۡرِكُ فِي حُكۡمِهِۦٓ أَحَدٗا ٢٦

" وَلَبِثُواْ فِي كَهۡفِهِمۡ ثَلَٰثَ مِاْئَةٖ سِنِينَ وَٱزۡدَادُواْ تِسۡعٗا " هذاخبر من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم بمقدار ما لبث أصحاب الكهف فى كهفهم منذ أرقدهم الى أن بعثهم الله وأعثر عليهم أهل ذلك الزمان وأنه كان مقداره ثلثمائة سنة تزيد تسع سنين قمرية وهى ثلثمائة سنة بالشمسية فان تفاوت ما بين كل مائة سنة بالقمرية الى الشمسية ثلاث سنين فلهذا قال بعد الثلثمائة وازدادوا تسعا  ، " قُلِ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا لَبِثُواْۖ " اذا سئلت عن لبثهم وليس عندك علم فى ذلك وتوقيف من الله تعالى فلا تتقدم فيه بشىء وقل الله أعلم لاعلم ذلك الا هو ومن أطلعه عليه من خلقه ، "لَهُ غَيۡبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ " فهو الذى يعلم الغيب فى السموات وفى الأرض ، " أَبۡصِرۡ بِهِۦ وَأَسۡمِعۡ " قال قتادة فلا أبصر من الله وأسمع وقال أبن زيد يرى أعمالهم ويسمع ذلك منهم سميعا بصيرا ، " مَا لَهُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَلِيّٖ وَلَا يُشۡرِكُ فِي حُكۡمِهِۦٓ أَحَدٗا " الله تعالى هو الذى له الخلق والأمر الذى لا معقب لحكمه وليس له وزير ولا نصير ولا شريك ولا مشير تعالى وتقدس .  

4 . "وَقُلِ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكُمۡۖ فَمَن شَآءَ فَلۡيُؤۡمِن وَمَن شَآءَ فَلۡيَكۡفُرۡۚ إِنَّآ أَعۡتَدۡنَا لِلظَّٰلِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمۡ سُرَادِقُهَاۚ وَإِن يَسۡتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٖ كَٱلۡمُهۡلِ يَشۡوِي ٱلۡوُجُوهَۚ بِئۡسَ ٱلشَّرَابُ وَسَآءَتۡ مُرۡتَفَقًا٢٩

" وَقُلِ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكُم " يقول الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم قل يا محمد للناس هذا الذى جئتكم به من ربكم هو الحق لا مرية فيه ولا شك ، " فَمَن شَآءَ فَلۡيُؤۡمِن وَمَن شَآءَ فَلۡيَكۡفُرۡۚ " هذا من باب التهديد والوعيد الشديد فالله ترك للانسان حرية العقيدة والعمل وعليه الحساب فى الآخرة بعد أن وضح له الحق الذى أرسل به رسوله صلى الله عليه وسلم ، " إِنَّآ أَعۡتَدۡنَا لِلظَّٰلِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمۡ سُرَادِقُهَا " فالله أعد فى الآخرة للكافرين به وبرسوله وكتابه نارا شديدة يحيط بهم سورها وهى مغلقة محيطة بهم من كل مكان وعن أبى سعيد الخدرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " لسرادق النار أربعة جدر كثافة كل جدار مسافة أربعين سنة " وأخرجه الترمذى فى صفة النار وأبن جرير فى تفسيره . وقال أبن عباس فى ذلك سرادقها حائط من نار ، " وَإِن يَسۡتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٖ كَٱلۡمُهۡلِ يَشۡوِي ٱلۡوُجُوهَ " قال أبن عباس المهل الماء الغليظ مثل دردى الزيت وقال مجاهد هو كالدم والقيح وقال عكرمة هو الشىء الذى انتهى حره وقال آخرون هو كل شىء أذيب وقال قتادة : أذاب أبن مسعود شيئا من الذهب فى أخدود فلما انماع وأزبد قال : هذا أشبه شىء بالمهل وهذه الأوصاف الرذيلة كلها يجمع فيها المهل فهو أسود منتن غليظ حار فهو يشوى الوجوه من شدة حره واذا استغاث الكافر من شدة الحر قدم له ماء كالمهل اذا أراد الكافر أن يشربه وقربه من وجهه شواه حتى تسقط جلدة وجهه وعن سعيد الخدرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " ماء كالمهل قال كعكر الزيت فاذا قربه اليه سقطت فروة وجهه فيه " ، " بِئۡسَ ٱلشَّرَابُ " يذم الله هذا الشراب كما قال فى آية أخرى " وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم " وقال تعالى " تسقى من عين آنية " عين حارة شديدة الحرارة كما قال " وبين حميم آن " أى شديد الحرارة ، "  وَسَآءَتۡ مُرۡتَفَقًا " وساءت النار منزلا ومقيلا وموضعا للارتفاق كما قال " انها ساءت مستقرا ومقاما " .

5 . "وَيَسَۡلُونَكَ عَن ذِي ٱلۡقَرۡنَيۡنِۖ قُلۡ سَأَتۡلُواْ عَلَيۡكُم مِّنۡهُ ذِكۡرًا ٨٣ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُۥ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَءَاتَيۡنَٰهُ مِن كُلِّ شَيۡءٖ سَبَبٗا ٨٤

بعث كفار مكة الى أهل الكتاب يسألون منهم ما يمتحنون به النبى صلى الله عليه وسلم فقالوا سلوه عن رجل طواف فى الأرض وعن فتية لا يدرى ما صنعوا وعن الروح فنزلت سورة الكهف وذو القرنين هذا المذكور فى القرآن فكان فى زمن الخليل كما ذكره الأزرقى وغيره وأنه طاف مع الخليل عليه السلام بالبيت العتيق لما بناه ابراهيم عليه السلام وقرب الى الله قربانا وورد تناوله فى كتاب " البداية والنهاية " لأبن كثير ويقال أنه سمى ذا القرنين لأنه بلغ المشارق والمغارب من حيث يطلع قرن الشمس ويغرب أو لأنه بلغ قرنى الشمس مشرقها ومغربها  ، يقول الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم " وَيَسَۡلُونَكَ عَن ذِي ٱلۡقَرۡنَيۡنِ " يسألونك يا محمد عن خبر ذى القرنين ، " قُلۡ سَأَتۡلُواْ عَلَيۡكُم مِّنۡهُ ذِكۡرًا " أخبرهم أنى سأتحدث اليكم عن سيرته بما علمنى ربى وما أنزل على من الذكر ، " إِنَّا مَكَّنَّا لَهُۥ فِي ٱلۡأَرۡضِ " أعطاه الله ملكا عظيما فى الأرض ممكنا فيه من جميع ما يؤتى الملوك من التمكين والجنود وآلات الحرب والحصارات ولهذا ملك المشارق والمغارب من الأرض ودانت له البلاد وخضعت له ملوك العباد وخدمته الأمم ،" وَءَاتَيۡنَٰهُ مِن كُلِّ شَيۡءٖ سَبَبٗا "  وآتاه الله منازل الأرض وأعلامها ويسر الله الأسباب أى الطرق والوسائل الى فتح الأقاليم وكسر الأعداء واذلال أهل الشرك قد أوتى من كل شىء مما يحتاج اليه مثله .

6 . "قُلۡ هَلۡ نُنَبِّئُكُم بِٱلۡأَخۡسَرِينَ أَعۡمَٰلًا ١٠٣ ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعۡيُهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُمۡ يَحۡسَبُونَ أَنَّهُمۡ يُحۡسِنُونَ صُنۡعًا ١٠٤ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَِٔايَٰتِ رَبِّهِمۡ وَلِقَآئِهِۦ فَحَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ فَلَا نُقِيمُ لَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَزۡنٗا ١٠٥ ذَٰلِكَ جَزَآؤُهُمۡ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ وَٱتَّخَذُوٓاْ ءَايَٰتِي وَرُسُلِي هُزُوًا ١٠٦

" قُلۡ هَلۡ نُنَبِّئُكُم " قل يامحمد ألا أخبركم ، " بِٱلۡأَخۡسَرِينَ أَعۡمَٰلًا " عن من هم أكثر الناس خسارة فى أعمالهم الذين يخسرون الدنيا والآخرة من عباده والآية عامة فى كل من عبد الله على غير طريقة مرضية ، " ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعۡيُهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُمۡ يَحۡسَبُونَ أَنَّهُمۡ يُحۡسِنُونَ صُنۡعًا " الذين عملوا أعمالا باطلة على غير شريعة مشروعة مرضية مقبولة وهم  يحسبون أنهم مصيبون  فى عملهم فى الدنيا وأن عملهم مقبول  وهم مخطئون وعملهم مردود ، " أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَِٔايَٰتِ رَبِّهِمۡ وَلِقَآئِهِ" هؤلاء الذين جحدوا آيات الله فى الدنيا وبراهينه التى أقام على وحدانيته وصدق رسله وكذبوا بالدار الآخرة ، "  فَحَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ" خابت أعمالهم وخسروا ، فَلَا نُقِيمُ لَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَزۡنٗا " لا تثقل موازينهم لأنها خالية عن الخير وعن أبى هريرة رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " ليأتى الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة وقال - اقرءوا ان شئتم " فَلَا نُقِيمُ لَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَزۡنٗا " ،" ذَٰلِكَ جَزَآؤُهُمۡ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ وَٱتَّخَذُوٓاْ ءَايَٰتِي وَرُسُلِي هُزُوًا " انما جزاء هؤلاء جهنم جازاهم الله بهذا الجزاء بسبب كفرهم واستهزائهم بآيات الله ورسله وتكذيبهم لهم أشد التكذيب . 

فى سورة مريم

1 . "قُلۡ مَن كَانَ فِي ٱلضَّلَٰلَةِ فَلۡيَمۡدُدۡ لَهُ ٱلرَّحۡمَٰنُ مَدًّاۚ حَتَّىٰٓ إِذَا رَأَوۡاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا ٱلۡعَذَابَ وَإِمَّا ٱلسَّاعَةَ فَسَيَعۡلَمُونَ مَنۡ هُوَ شَرّٞ مَّكَانٗا وَأَضۡعَفُ جُندٗا ٧٥

يقول تعالى قل يا محمد لهؤلاء المشركين بربهم المدعين أنهم على الحق وهم على الباطل  " قُلۡ مَن كَانَ فِي ٱلضَّلَٰلَةِ "  من كان منا ومنكم على الضلال ، "  فَلۡيَمۡدُدۡ لَهُ ٱلرَّحۡمَٰنُ مَدًّا " فيمهله الرحمن فيما هو فيه حتى يلقى ربه وينقضى أجله  ، قال مجاهد فليدعه الله فى طغيانه ، " حَتَّىٰٓ إِذَا رَأَوۡاْ مَا يُوعَدُونَ " حتى يحين ويأتى ما وعد الله به ، " إِمَّا ٱلۡعَذَابَ" فسيكون عذاب الله ، " وَإِمَّا ٱلسَّاعَةَ " وأما أن يأتيه أمر الساعة بغتة ،  فَسَيَعۡلَمُونَ " حين يأتى أحد الأمرين فسيعلمون حينئذ ، " مَنۡ هُوَ شَرّٞ مَّكَانٗا وَأَضۡعَفُ جُندٗا " من هو منا فى مقابلة ما احتجوا به من خيرية المقام وحسن الندى من هو أشر مكانة عند الله ومن هو أقل منتدى ،  هذه مباهلة للمشركين الذين يزعمون أنهم على هدى فيما هم فيه من الضلال ويتباهون فيما هم فيه من الدنيا بأن لهم الخيرية وحسن الندى وهم عكس ذلك عند الله ، كما ذكر تعالى فى مباهلة اليهود فى قوله " يا أيها الذين هادوا ان زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت ان كنتم صادقين " أى أدعوا بالموت على المبطل منا ومنكم ان كنتم تدعون أنكم على الحق فانه لا يضركم الدعاء فنكلموا عن ذلك ، وكما ذكر تعالى المباهلة مع النصارى فى سورة آل عمران حين صمموا على الكفر واستمروا على الطغيان والغلو فى دعواهم أن عيسى ولد الله وقد ذكر الله حججه وبراهينه على عبودية عيسى عليه السلام وأنه مخلوق كآدم قال تعالى " فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءتا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين " فنكلوا أيضا عن ذلك .  

 فى سورة طه

1 . "قُلۡ كُلّٞ مُّتَرَبِّصٞ فَتَرَبَّصُواْۖ فَسَتَعۡلَمُونَ مَنۡ أَصۡحَٰبُ ٱلصِّرَٰطِ ٱلسَّوِيِّ وَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ ١٣٥

" قُلۡ " قل يا محمد لمن كذبك وخالفك واستمر على كفره وعناده ، " كُلّٞ مُّتَرَبِّص" نحن وأنتم كل منا ومنكم منتظر ، " فَتَرَبَّصُواْ" فانتظروا ، " فَسَتَعۡلَمُونَ مَنۡ أَصۡحَٰبُ ٱلصِّرَٰطِ ٱلسَّوِيِّ وَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ " فسوف تعلمون من منا على الطريق المستقيم ومن الى الحق وسبيل الرشاد وهذا كقوله " وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا ".

فى سورة الأنبياء

 "أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةٗۖ قُلۡ هَاتُواْ بُرۡهَٰنَكُمۡۖ هَٰذَا ذِكۡرُ مَن مَّعِيَ وَذِكۡرُ مَن قَبۡلِيۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ ٱلۡحَقَّۖ فَهُم مُّعۡرِضُونَ ٢٤

" أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَة " ينكر الله على الكافرين الذين اتخذوا آلهة من دون الله كيف يتخذون آلهة لا تضر ولا تنفع  ، " قُلۡ هَاتُواْ بُرۡهَٰنَكُم " قل لهم يا محمد هاتوا دليلكم أن تكون هذه آلهة  يتحداهم الله أن تكون هذه آلهة كما يزعمون فهى لا تضر ولا تنفع وليس لها حولا ولا قوة وليس لهم دليل ولا برهان على الوهيتها ، " هَٰذَا ذِكۡرُ مَن مَّعِيَ " هذا الذكر الذى معى وهو القرآن ، " وَذِكۡرُ مَن قَبۡلِيۚ " والكتب المتقدمة كلها على خلاف ما تقولونه فكل كتاب أنزل على نبى أرسل ناطق بأنه لا اله الا الله ولكن أنتم أيها المشركون لا تعلمون الحق فأنتم معرضون عنه وهذا كقوله " واسال من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من الرحمن آلهة يعبدون " ، " بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ ٱلۡحَقَّۖ فَهُم مُّعۡرِضُونَ " أكثر الناس لا يهتدون الى طريق الحق وهم معرضون عنه .

2 . " قُلۡ مَن يَكۡلَؤُكُم بِٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ مِنَ ٱلرَّحۡمَٰنِۚ بَلۡ هُمۡ عَن ذِكۡرِ رَبِّهِم مُّعۡرِضُونَ ٤٢

 " قُلۡ مَن يَكۡلَؤُكُم بِٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ مِنَ ٱلرَّحۡمَٰنِۚ " ذكر الله تعالى نعمته على عبيده فى حفظه لهم بالليل والنهار وكلاءته وحراسته لهم بعينه التى لا تنام قل يا محمد لأنبياء للكافرين المكذبين من يستطيع ذلك غيرالرحمن ،  "بَلۡ هُمۡ عَن ذِكۡرِ رَبِّهِم مُّعۡرِضُونَ " هم لايعترفون بنعمة الله عليهم واحسانه اليهم بل يعرضون عن آياته وآلائه .

3 . "قُلۡ إِنَّمَآ أُنذِرُكُم بِٱلۡوَحۡيِۚ وَلَا يَسۡمَعُ ٱلصُّمُّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ ٤٥

"  قُلۡ إِنَّمَآ أُنذِرُكُم بِٱلۡوَحۡيِ " يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم قل لهؤلاء  انما أنا مبلغ عن الله ما انذرتكم من العذاب والنكال ليس ذلك الا عما أوحاه الله الى ، " وَلَا يَسۡمَعُ ٱلصُّمُّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ " ولكن لا يجدى هذا عمن أعمى الله بصيرته وختم على سمعه وقلبه ، " وَلَئِن مَّسَّتۡهُمۡ نَفۡحَةٞ مِّنۡ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَٰوَيۡلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَٰلِمِينَ" 

4 .  "قُلۡ إِنَّمَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ فَهَلۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ ١٠٨ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَقُلۡ ءَاذَنتُكُمۡ عَلَىٰ سَوَآءٖۖ وَإِنۡ أَدۡرِيٓ أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٞ مَّا تُوعَدُونَ ١٠٩

" قُلۡ "يقول الله تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين ، " إِنَّمَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ فَهَلۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ " أن الله أوحى الى أنه لا اله الا هو اله واحد لا شريك له فهل أنتم متبعونى على ذلك مستسلمون منقادون ، " فَإِن تَوَلَّوۡاْ " فان تركوا ما دعوتهم اليه ، " فَقُلۡ ءَاذَنتُكُمۡ عَلَىٰ سَوَآء " أعلمتكم ببراءتى منكم وبراءتكم منى لعلمى بذلك كما قال " واما تخافن من قوم خيانة فانبذ اليهم على سواء " أى ليكن علمك وعلمهم بنبذ العهود على السواء ، " وَإِنۡ أَدۡرِيٓ أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٞ مَّا تُوعَدُونَ " ان ما توعدون واقع لا محالة ولكن لا أعلم بقربه ولا ببعده .

فى سورة الحج

1 . "قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَآ أَنَا۠ لَكُمۡ نَذِيرٞ مُّبِينٞ ٤٩

" قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَآ أَنَا۠ لَكُمۡ نَذِيرٞ مُّبِين" يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم حين طلب منه الكفار وقوع العذاب واستعجلوه قل لهم انما أرسلنى الله اليكم أيها الناس نذيرا بين يدى عذاب شديد وليس الى من حسابكم من شىء أمركم الى الله ان شاء عجل لكم العذاب وان شاء أخره عنكم وان شاء تاب على من يتوب اليه وان شاء أضل من كتب عليه الشقاوة وهو الفعال لما يشاء ويريد ويختار .

2 . " لِّكُلِّ أُمَّةٖ جَعَلۡنَا مَنسَكًا هُمۡ نَاسِكُوهُۖ فَلَا يُنَٰزِعُنَّكَ فِي ٱلۡأَمۡرِۚ وَٱدۡعُ إِلَىٰ رَبِّكَۖ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدٗى مُّسۡتَقِيمٖ ٦٧  وَإِن جَٰدَلُوكَ فَقُلِ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا تَعۡمَلُونَ ٦٨

" لِّكُلِّ أُمَّةٖ جَعَلۡنَا مَنسَكًا هُمۡ نَاسِكُوهُ " يخبر الله تعالى أنه جعل لكل قوم منسكا وأصل المنسك فى كلام العرب هو الموضع الذى يعتاده الانسان ويتردد اليه اما لخير أو شر ولهذا سميت مناسك الحج بذلك لترداد الناس اليها وعكوفهم عليها الله جعل لكل أمة نبى مناسك وطرق يتبعونها عن قدر الله وارادته ، " فَلَا يُنَٰزِعُنَّكَ فِي ٱلۡأَمۡرِۚ " فلا تتأثر يا محمد بمنازعتهم لك ولا يصرفك ذلك عما أنت عليه من الحق ، "وَٱدۡعُ إِلَىٰ رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدٗى مُّسۡتَقِيم " فادع الى طريق ربك وهو واضح مستقيم موصل الى المقصود ، " وَإِن جَٰدَلُوكَ فَقُلِ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا تَعۡمَلُونَ " فان هؤلاء المشركين وغيرهم شكك فيما أنزل اليك من الله فرد عليهم وقل لهم الله وحده هو الذى يعلم ما تفعلونه من شرك وكفر وهذا تهديد ووعيد أكيد كقوله تعالى" هو أعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيدا بينى وبينكم " .

3 . "وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَٰتٖ تَعۡرِفُ فِي وُجُوهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلۡمُنكَرَۖ يَكَادُونَ يَسۡطُونَ بِٱلَّذِينَ يَتۡلُونَ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِنَاۗ قُلۡ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرّٖ مِّن ذَٰلِكُمُۚ ٱلنَّارُ وَعَدَهَا ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ ٧٢

" وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَٰت" واذا ذكرت لهم آيات القرآن والحجج والدلائل الواضحات على توحيد الله وأنه لا اله الا هو وأن رسله الكرام حق وصدق ، " تَعۡرِفُ فِي وُجُوهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلۡمُنكَرَ " الذين كفروا من فرط كفرهم لايمكنهم انكار الكفر بل هو ظاهر واضح على وجوههم وعلى ألسنتهم وفى أفعالهم ، " يَكَادُونَ يَسۡطُونَ بِٱلَّذِينَ يَتۡلُونَ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِنَاۗ  " يكادون يبادرون الذين يحتجون عليهم بالدلائل الصحيحة من القرآن ويبسطوا اليهم أيديهم وألسنتهم بالسوء ، " قُلۡ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرّٖ مِّن ذَٰلِكُمُ ٱلنَّارُ وَعَدَهَا ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ " يقول الله تعالى قل يا محمد لهؤلاء أفأخبركم بما هو أشد وأشق وأطم وأعظم مما تخوفون به أولياء الله المؤمنين فى الدنيا عذاب النار فى الآخرة هو على صنيعكم أعظم مما تنالون منهم ان نلتم بزعمكم وارادتكم ، " وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ " وبئس النار مقيلا ومنزلا ومرجعا ومؤلا ومقاما كقوله " انها ساءت مستقرا ومقاما" .

7 _ ) حكم كلمة "قل " فى القرآن الكريم

7 _ ) حكم كلمة "قل" فى القرآن الكريم 

فى سورة هود

1 . " أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين " 13

يتحدث الله تعالى عن ادعاء المشركين ان الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذى وضع القرآن من عنده وهو الذى افتراه على الله وما هو منزل من عند الله فيقول الله له متحديا لهم قل لهم أن يفتروا ويأتوا بعشر سور كالتى جاء بها القرآن وأن يدعوا ويستعينوا بالذين عبدوا من دون الله أن يعينوهم فى ذلك ان كانوا صادقين فيما يزعمون ويدعون .

2 . " أم يقولون افتراه قل ان افتريته فعلى اجرامى وأنا برىء مما تجرمون " 35

" أم يقولون افتراه " يقول الله تعالى أن هؤلاء الكافرون الجاحدون يدعون أن الرسول صلى الله عليه وسلم افترى هذا الذى أتى به من عند الله وهو القرآن وافتعله من عنده، "  قل ان افتريته فعلى اجرامى" يقول الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم ان يقول للمشركين ان افتريت هذا فاثم ذلك على ،"وأنا

برىء مما تجرمون " أى ليس ذلك مفتعلا ولا مفترى لأنى أعلم ما عند الله من العقوبة لمن كذب عليه .

3 . " وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم انا عاملون * وانتظروا انا منتظرون  "  121- 122

"وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم انا عاملون " يقول الله تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول للذين لا يؤمنون بما جاء به من ربه على وجه التهديد اعملوا على طريقتكم ومنهجكم فانا عاملون على طريقتنا ومنهجنا ، " وانتظروا انا منتظرون "أى ترقبوا ما سيحل بكم ونحن كذلك مترقبون ومنتظرون ما سيحدث بيننا وبينكم  كما قال " فستعلمون من تكون له عاقبة الدار انه لا يفلح الظالمون " وقد أنجز الله رسوله وعده ونصره وأيده وجعل كلمته هى العليا وكلمة الذين كفروا السفلى والله عزيز حكيم .

فى سورة يوسف

1 . " قل هذه سبيلى أدعوا الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعنى وسبحان الله وما أنا من المشركين " 108

يقول الله تعالى لرسوله الى الثقلين الانس والجن محمد صلى الله عليه وسلم آمرا له أن يخبر الناس أن هذه سبيله أى طريقته ومسلكه وسنته وهى الدعوة الى شهادة أن لا اله الا الله وحده لا شريك له يدعو بها على بصيرة من ذلك ويقين وبرهان هو وكل من اتبعه يدعوا الى ما دعا اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم على بصيرة ويقين وبرهان عقلى وشرعى ، وقوله " وسبحان الله وما أنا من المشركين " أى وأنزه الله واجله وأعظمه وأقدسه على أن يكون له شريك أو نظير أو عديل أو نديد أو ولد أو والد أو صاحبة أو وزير أو مشير تبارك وتقدس وتنزه تعالى عن ذلك كله علوا كبيرا  .

فى سورة الرعد

1 . " قل من رب السموات والأرض قل الله قل أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا قل هل يستوى الأعمى والبصير أم هل تستوى الظلمات والنور أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شىء وهو الواحد القهار " 16

تكررت كلمة "قل" فى الآية خمس مرات لتقرير قدرة الله ووحدانيته وتنزيهه عن الشرك والاقرار بذلك   " قل من رب السموات والأرض قل الله " يقول الله لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يسأل المشركين عن من خلق السموات والأرض وهو ربها ومدبرها ويأتى لجدواب بالاقرار والقول أنه الله وحده لا شريك له ، "قل أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا " ويأتى الاقرار الآخر وهو أنه مع قدرة الله وتفرده بالألوهية أنهم مع هذا قد اتخذوا من دونه أولياء يعبدونهم وأولئك الآلهة لا تملك لأنفسها بطريق الأولى نفعا ولا ضرا أى لا تحصل لهم منفعة ولا تدفع عنهم مضرة ، " قل هل يستوى الأعمى والبصير أم هل تستوى الظلمات والنور " الاقرار الثالث هل بعد ذلك يستوى من عبد هذه الآلهة مع الله ومن عبد الله وحده لا شريك له فهو على نور من ربه هل يستوى من كان يتخبط فى عمى الضلال والشرك زمن يبصر طريقه طريق الهدى والنور هل يستوى نور الهدى وظلمات الكفر والشرك والتخبط فى الضلال لأن الحق أبلج ، " أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شىء وهو الواحد القهار " أى أجعل هؤلاء المشركون مع الله آلهة تناظر الرب وتماثله فى الخلق فخلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم فلا يدرون أنها مخلوقة من غيره أى ليس الأمر كذلك فانه لا يشابهه شىء ولا يماثله ولا ند له ولا عدل له ولا وزير له ولا والد ولا صاحبة .

2 . " ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه قل ان الله يضل من يشاء ويهدى اليه من أناب " 27

" ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه " أى ويقول هؤلاء الكفرة المكذبون المعاندون لولا أنزل على محمد آية من ربه حتى يهتدوا ويؤمنون به يعنون كما أعطى الله ثمود الناقة أو ان يحول لهم الصفا ذهبا أو أن يزيح عليهم جبال مكة ويجعل مكانها بساتين وأنهارا أو نحو ذلك مما الله عليه قادر ولكنه حكيم فى أفعاله كقوله " وما منعنا أن نرسل بالآيات ى أن كذب بها الأولون " ولهذا لما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين اعطائهم ما سألوا ، فان آمنوا والا عذبوا ، وبين انظارهم اختار انظارهم كما حلم عنهم غير مرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، " قل ان الله يضل من يشاء ويهدى اليه من أناب "يرد الله تعالى عليهم ويبلغ رسوله صلى الله عليه وسلم أن الضلال والهداية من الله سبحانه وتعالى وهو الذى يجازى كل بما يستحق فمن سعى الى الايمان هداه ومن عاند وكابر ووقف فى سبيل الحق بالعناد وضل ويضل عن سبيل الله زاده الله ضلالا  .

3 . " كذلك أرسلناك فى أمة قد خلت من قبلها أمم لتتلوا عليهم الذى أوحينا اليك قل هو ربى لا اله الا هو عليه توكلت واليه متاب " 30

" كذلك أرسلناك فى أمة قد خلت من قبلها أمم لتتلوا عليهم الذى أوحينا اليك وهم يكفرون بالرحمن " يقول تعالى وكما أرسلناك يا محمد فى هذه الأمة لتبلغهم رسالة الله اليهم كذلك أرسلنا فى الأمم الماضية الكافرة بالله وقد كذب الرسل فلك بهم أسوة ، وكما أوقعنا باسنا ونقمتنا بأولئك فيحذر هؤلاء من حلول النقم بهم فان تكذيبهم لك أشد من تكذيب غيرك من المرسلين وقال تعالى " ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين " أى كيف نصرناهم وجعلنا العاقبة لهم ولأتباعهم فى الدنيا والآخرة ، " وهم يكفرون بالرحمن " أى هذه الأمة التى بعثناك فيهم يكفرون بالرحمن لا يقرون به لأنهم كانوا يأنفون من وصف الله بالرحمن الرحيم ، ولهذا أنفوا يوم الحديبية أن يكتبوا بسم الله الرحمن الرحيم وقالوا ما ندرى ما الرحمن الرحيم وفى صحيح مسلم أن عبد الله بن مر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ان أحب الأسماء الى الله تعالى عبد الله وعبد الرحمن " وقد قال الله تعالى " قل ادعو الله أو ادعو الرحمن أيما تدعو فله الأسماء الحسنى " ، " قل هو ربى لا اله الا هو " يقول الله تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يرد عليهم ويقول لهم هذا الذى تكفرون به أنا مؤمن به معترف مقر له بالربوبية والألوهية هو ربى لا اله الا هو "عليه توكلت " عليه توكلت فى جميع أمورى وفوضتها اليه وحده " واليه متاب " واليه أرجع وأنيب فانه لا يستحق ذلك أحد سواه .

4 . " أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت وجعلوا لله شركاء قل سموهم أم تنبؤنه بما لا يعلم فى الأرض أم بظاهر من القول بل زين للذين كفروا مكرهم وصدوا عن السبيل ومن يضلل الله فما له من هاد " 33

" أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت " أفمن هو حفيظ عليم رقيب على كل نفس منفوسة ويلم ما يعمل الاملون من خير وشر ولا يخفى عليه خافية أمن هو كذلك كالأصنام التى يعبدونها لا تسمع ولا تبصر ولا تعقل ولا تملك نفعا لأنفسها ولا لابديها ولا مشف ضر عنها ولا عن عابديها ؟وحذف ذا الحواب اكتفاء بدلالة السياق عليه وهو قوله " وجعلوا لله شركاء " أى جعلوا شركاء عبدوها معه من أصنام وأنداد وأوثان ، " قل سموهم " أى أعلمونا بهم واكشفوا عنهم حتى يعرفوا فانهم لا حقيقة لهم ولهذا قال " أم تنبؤنه بما لا يعلم فى الأرض " يقول الله تعالى أتخبرون الله بما خفى عليه فى الأرض ولا يعلمه أى أنها لا وجود لها لأنه لو كان لها وجود فى الأرض لعلمها لأنه لا تخفى عليه خافية ، " أم بظاهر من القول " قال الضحاك وقتادة بباطل من القول أى انما عبدتم هذه الأصنام بظن منكم أنها تنفع وتضر وسميتموها آلهة كما قال تعالى " ان هى الا أسماء سميتموها أنت وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان * ان يتبعون الا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى " ، " بل زين للذين كفروا مكرهم " قال مجاهد قولهم أى زين لهم ما هم عليه من الضلال والدعوة اليه آناء الليل وأطراف النهار ، " وصدوا عن السبيل " من قرأ بفتح الصاد معناه أنه لما زين لهم ما هم فيه وأنه حق دعوا اليه وصدوا الناس عن اتباع طريق الرسل ، ومن قرأها بالضم أى بما زين لهم من صحة ما هم عليه صدوا به عن سبيل الله ولهذا قال " ومن يضلل الله فما له من هاد " أى من يرد الله به ضلالا فليس له هاد من دون الله وهذا جزاءا له على فعله .

5 . " والذين أتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل اليك ومن الأحزاب من ينكر بعضه قل انما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به اليه ادعوا واليه مآب " 36

" والذين أتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل اليك " يقول الله تعالى لرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الذين أتاهم الكتاب من اليهود والنصارى وهم قائمون بمقتضاه يفرحون بما أنزل اليه من القرآن لما فى كتبهم من الشواهد على صدقه والبشارة به كما قال تعالى " الذين آنيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته " ،" ومن الأحزاب من ينكر بعضه " قال مجاهد عن الأحزاب هم اليهود والنصارى منهم من ينكر بعض ما جاءك من الحق كما قال تعالى " وان من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله " ، " قل انما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به" أى انما بعثت بعبادة الله وحده لا شريك له كما أرسل الأنبياء من قبلى ، " اليه ادعوا " أى الى سبيله أدعو الناس ، " واليه مآب " أى اليه مرجعى ومصيرى .

6 . " ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله شهيد بينى وبينكم ومن عنده علم الكتاب " 43

" ويقول الذين كفروا لست مرسلا " يقول تعالى لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم يكذبك الكفار ويقولون ما أرسلك الله ، "  قل كفى بالله شهيد بينى وبينكم " يقول الله لرسوله صلى الله عليه وسلم قل لهؤلاء حسبى الله هو الشاهد على وعليكم : شاهد على فيما بلغت عنه من الرسالة وشاهد عليكم أيها المكذبون فيما تفترونه من البهتان ، " ومن عنده علم الكتاب " قيل نزلت فى عبد الله بن سلام وهذا غير صحيح لأن السورة مكية وهو اسلم بالمدينة والصحيح فى هذا أن " من عنده " اسم جنس يشمل علماء أهل الكتاب الذين يجدون صفة محمد صلى الله عليه وسلم ونعته فى كتبهم المتقدمة من بشارات الأنبياء به كما قال تعالى " ورحمتى وسعت كل شىء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبى الأمى الذى يجدونه مكتوبا عندهم فى التوراة والانجيل " وقال تعالى " أو لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بنى اسرائيل " وأمثال ذلك مما فيه من الأخبار عن علماء بنى اسرائيل أنهم يعلمون ذلك من كتبهم المنزلة .

فى سورة ابراهيم

1 . " وجعلوا لله أندادا ليضلوا عن سبيله قل تمتعوا فان مصيركم النار " 30

" وجعلوا لله أندادا ليضلوا عن سبيله " يتحدث الله تعالى عن المشركين أنهم أشركوا بالله وجعلوا له شركاء عبدوهم معه ودعوا الناس الى ذلك ، ثم قال الله مهددا لهم ومتوعدا لهم على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم " قل تمتعوا فان مصيركم النار " أى مهما قدرتم عليه فى الدنيا فافعلوا فمهما يكن من شىء فالنار مرجعكم وموئلكم اليها كما قال تعالى " نمتعهم قليلا ثم نضطرهم الى عذاب غليظ " وكما قال تعالى " متاع فى الدنيا ثم الينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون " .

2 . " قل لعبادى الذين آمنوا أن يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية من قبل أن يأتى يوم لا بيع فيه ولا خلال " 31

" قل لعبادى الذين آمنوا أن يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية " يقول الله تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لعباده المؤمنين ويأمرهم بعبادة الله وطاعته والقيام بحقه والاحسان الى خلقه بأن يقيموا الصلاة وهى عبادة لله وحده لا شريك له وأن ينفقوا مما رزقهم الله بأداء الزكوات والنفقة على القربات والاحسان الى الأجانب والمراد باقامتها هو المحافظة على وقتها وحدودها وركوعها وخشوعها وسجودها ، وأمر تعالى بالانفاق مما رزق فى السر أى فى الخفية والعلانية وهى الجهر ، " من قبل أن يأتى يوم " يدعو الله تعالى الى المبادرة لفعل ما أمر به من الأعمال الصالحة من قبل يوم القيامة يوم الحساب فالدنيا عمل بلا حساب والآخرة أى يوم القيامة حساب بلا عمل لذلك قال تعالى عنه " لا بيع فيه ولا خلال " أى ولا يقبل من أحد فدية أن تباع نفسه كما قال تعالى " فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا " والخلال مصدر من قول القائل خاللت فلانا فأنا أخاله مخالة وخلالا وقال ابن جرير " ولا خلال " أى ليس هناك مخالة خليل فيصفح عمن استوجب العقوبة عن العقاب لمخالفته ، بل هناك العدل والقسط وقال قتادة أن المراد من هذا أنه يخبر تعالى أنه لا ينفع أحد بيع ولا فدية ، ولو افتدى بملء الأرض ذهبا لو وجده ، ولا تنفعه صداقة أحد اذا لقى الله كافرا كما قال تعالى " يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتى يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون " .

فى سورة الحجر

1 . " وقل انى أنا النذير المبين "89

" وقل " يأمر الله تعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن يقول للناس " انى أنا النذير المبين " النذير البين النذارة وهى التحذير الشديد اذن فهو نذير للناس من عذاب أليم أن يحل بهم على تكذيبه كما حل بمن تقدمهم من الأمم المكذبة وما أنزل الله عليهم من العذاب والانتقام .

فى سورة النحل

1 . "واذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا انما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون * قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين "101 - 102

يخبر الله تعالى عن ضعف عقول المشركين وقلة ثباتهم وايقانهم وأنه لا يتصور منهم الايمان وقد كتب عليهم الشقاوة وذلك أنهم اذا رأوا تغيير الأحكام ناسخها بمنسوخها قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم " انما أنت مفتر " يقولون له انما أنت كذاب وانما هو الرب تعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وقال مجاهد " بدلنا آية مكان آية " أى رفعناها وأثبتنا غيرها وقال قتادة هو كقوله تعالى " ما ننسخ من آية أو ننسها " ،" قل" قال تعالى لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم قل لهم " نزله روح القدس من ربك بالحق" أى جبريل عليه السلام تنزل به من الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم من الله بالصدق والعدل ، " ليثبت الذين آمنوا " أى ليرسخ ويقوى ايمان المؤمنين فم يصدقوا بما أنزل الله أولا وثانيا وتخبت له قلوبهم ، " وهدى وبشرى للمسلمين " أى وجعله هاديا وبشارة للمسلمين الذين آمنوا بالله ورسله .

فى سورة الاسراء

1 . " قل لو كان معه آلهة كما يقولون اذا لابتغوا الى ذى العرش سبيلا " 42

يقول الله تعالى قل يا محمد لهؤلاء المشركين الزاعمين أن لله شريكا من خلقه العابدين معه غيره ليقربهم اليه زلفى لو كان الأمر كما يقولون وأن معه آلهة تعبد لتقرب اليه وتشفع لديه لكان أولئك المعبودون يعبدونه ويتقربون اليه ويبتغون اليه الوسيلة والقربة فاعبدوه أنتم وحده كما يعبده من تدعونه ولا حاجة لكم الى معبود يكون واسطة بينكم وبينه فانه لا يحب ذلك ولا يرضاه بل يكرهه ويأباه وقد نهى عن ذلك على ألسنة جميع رسله وأنبيائه .

2 . " وقالوا أاذا كنا عظاما ورفاتا أءنا لمبعوثون خلقا جديدا * قل كونوا حجارة أو حديدا * أو خلقا مما يكبر فى صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذى فطركم أول مرة فسينغضون اليك رؤوسهم ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا " 49 - 51

" وقالوا أاذا كنا عظاما ورفاتا أءنا لمبعوثون خلقا جديدا" ورفاتا كما قال مجاهد ترابا وقال ابن عباس غبارا يقول تعالى مخبرا عن الكفار المستبعدين وقوع يوم القيامة والبعث استفهام انكار منهم لذلك أى بعد أن بليت أجسامنا وتحولت الى عظام وتراب وصرنا عدما نبعث خلق جديد يوم القيامة فهم يستبعدون وقوع ذلك كما أخبر عنهم فى الموضع الآخر " يقولون أئنا لمردودون فى الحافرة أئذى كنا عظاما نخرة قالوا تلك اذا كرة خاسرة "  ، فأمر الله تعالى أن يجيبهم فقال له أن يقول لهم ويبلغهم " قل كونوا حجارة أو حديدا"أى لو تحولتم فاصبحت أجسادكم الى حجارة أو حديد وهما أشد امتناعا من العظام والرفات ، " أو خلقا مما يكبر فى صدوركم " أو خلقا آخر شديدا وقال مجاهد الخلق المقصود يعنى السماء والأرض والجبال يعنى اذا صرتم مثل ذلك وفى رواية : كونوا ما شئتم فسيعيدكم الله بعد موتكم ، " فسيقولون من يعيدنا : أى من يعيدنا اذا كنا حجارة أو حديد أو خلقا آخر شديدا ، " قل الذى فطركم أول مرة " يقول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يبلغهم ويقول لهم الذى خلقكم ولم تكونوا شيئا مذكورا ثم صرتم بشرا تنتشرون فانه قادر على اعادتكم ولو صرتم الى أى حال كما قال تعالى " وهو الذى يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه " ، " فسينغضون اليك رؤوسهم " قال ابن عباس وقتادة ينغضون رؤوسهم يحركونها استهزاء وهذا الذى قالاه هو الذى تعرفه العرب من لغاتها لأن الانغاص هو التحرك من أسفل الى أعلى أو من أعلى الى أسفل ، ومنه قيل للظليم وهو ولد النعامة نغضا لأنه اذا مشى عجل بمشيته وحرك رأسه "ويقولون متى هو " وهم يستعجلون بوقوع يوم القيامة استبعادا منهم لوقوعه واستحالته كقوله تعالى  "ويقولون متى هذا الوعد ان كنتم صادقين " وقال تعالى "يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها " ، "قل عسى أن يكون قريبا " فيبلغ الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم  أن يقول لهم احذروا ذلك فانه قريب اليكم سيأتيكم لامحالة فكل ماهو آت آت .

3 . " وقل لعبادى يقولوا التى هى أحسن ان الشيطان ينزغ بينهم ان الشيطان كان للانسان عدوا مبينا " 53

يأمر تبارك وتعالى عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمر عباد الله المؤمنين أن يقولوا فى مخاطبتهم ومحاوراتهم الكلام الأحسن والكلمة الطيبة انهم ان لم يفعلوا ذلك نزغ الشيطان بينهم وأخرج الكلام الى الفعال ووقع الشر والمخاصمة والمقاتلة فانه عدو لآدم وذريته من حين امتنع عن السجود لآدم ، وعداوته ظاهرة بينه ولهذا نهى أن يشير الرجل الى أخيه المسلم بحديدة فان الشيطان ينزع فى يده أى فربما أصابه بها فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يشيرن أحدكم الى أخيه بالسلاح فانه لا يدرى أحدكم لعل الشيطان أن ينزع فى يده فيقع فى حفرة من النار " .

4 . " قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا " 56

يقول تعلى قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين عبدوا غير الله ادعوا الذين زعمتم من الأصنام والأنداد فارغبوا اليهم فانهم لا يملكون كشف الضر عنكم أى بالكلية ولا تحويلا أى بأن يحولوه الى غيركم والمعنى أن الذى يقدر على ذلك هو الله وحده لا شريك له الذى له الخلق والأمر وعن ابن عباس فى قوله " ادعو الذين زعمتم " قال كان أهل الشرك يقولون نعبد الملائكة والمسيح وعزيرا وهم الذين يدعون يعنى يدعون الملائكة والمسيح وعزيرا .

5 . " وقل رب أدخلنى مدخل صدق وأخرجنى مخرج صدق واجعل لى من لدنك سلطانا نصيرا * وقل جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا " 80 - 81

عن ابن عباس قال كان النبى صلى الله عليه وسلم بمكة ثم أمر بالهجرة فأنزل الله " وقل رب أدخلنى مدخل صدق وأخرجنى مخرج صدق واجعل لى من لدنك سلطانا نصيرا " وقال الحسن البصرى فى تفسير هذه الآية : ان كفار أهل مكة لما ائتمروا برسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتلوه أو يطردوه أو يوثقوه فأمره الله أن يخرج الى المدينة فهو الذى أنزل عز وجل " وقل رب أدخلنى مدخل صدق وأخرجنى مخرج صدق واجعل لى من لدنك سلطانا نصيرا " وقال قتادة " وقل رب أدخلنى مدخل صدق " يعنى المدينة  "وأخرجنى مخرج صدق " يعنى مكة وهذا القول هو أشهر الأقوال ، " واجعل لى من لدنك سلطانا نصيرا" قال الحسن البصرى فى تفسيرها وعده ربه لينزعن ملك فارس وعز فارس وليحعلنه له وملك الروم وعز الروم ، " وقل جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا " ويقول الله لرسوله صلى الله عليه وسلم ان يبلغ المشركين بنصرة الحق على الشرك وفى هذا تهديد ووعيد لكفار قريش فانه قد جاءهم من الله الحق الذى لا مرية فيه ولا قبل لهم به وهو ما بعثه الله به من القرآن والايمان والعلم النافع وزهق الباطل أى اصمحل وهلك ، فان الباطل لا ثبات له مع الحق ولا بقاء .

6 . " قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا " 84

يقول الله تعالى مخبرا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ المشركين ويقول لهم كل منا يعمل على ماهو عليه فنحن على الايمان بالله ونعمل به وأنتم على الشرك وتعملون به والله هو الذى يعلم من الذى يتبع الحق والطريق المستقيم ومن يتبع الشرك والضلال منا ومنكم وسيجزى كل عامل بمله فانه لا تخفى عليه خافية .

7 . " ويسالونك عن الروح قل الروح من أمر ربى وما أوتيتم من العلم الا قليلا " 85

عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال : كنت أمشى مع رسول الله صلى الله علي وسلم فى حرث المدينة وهو متوكىء على عسيب اذ مر اليهود فقال بعضهم لبعض سلوه عن الروح فقال بعضهم لا تسألوه ، قال فسألوه عن الروح فقالوا يا محمد ما الروح ؟ فما زال متوكئا على العسيب فظننت أنه يوحى اليه فقال   " ويسالونك عن الروح قل الروح من أمر ربى وما أوتيتم من العلم الا قليلا " فقال بعضهم لبعض قد قلنا لكم لا تسألوه ، وقال بعضهم هذه الآية مدنية مع أن السورة كلها مكية  ، وقد يجاب عن ذلك بأنه قد تكون نزلت عليه بالمدينة مرة ثانية كما نزلت عليه بمكة قبل ذلك أو أنه نزل عليه الوحى بأنه يجيبهم عما سألوه بالآية المتقدم انزالها عليه وهى هذه الآية ، ومما يدل على نزول هذه الآية بمكة ما قال الامام أحمد عن ابن عباس قال : قالت قريش ليهود أعطونا شيئا نسأل عنه هذا الرجل فقالوا سلوه عن الروح فنزلت "ويسالونك عن الروح قل الروح من أمر ربى وما أوتيتم من العلم الا قليلا "  قالوا أوتينا علما كثيرا أوتينا التوراة ومن أوتى التوراة فقد أوتى خيرا كثيرا قال وأنزل الله " قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربى لنفد البحر " ، وقد اختلف المفسرون فى المراد بالروح على أقوال ( أحدها ) أن المراد أرواح بنى آدم وعن ابن عباس فى قوله " ويسألونك عن الروح " ذلك أن اليهود قالوا للنبى صلى الله عليه وسلم أخبرنا عن الروح وكيف تعذب الروح التى فى الجسد وانما الروح من الله ولم يكن نزل عليه شىء فيه فلم يجر اليهم شيئا فأتاه جبريل فقال له " قل الروح من أمر ربى وما أوتيتم من العلم الا قليلا "  فأخبره النبى صلى الله عليه وسلم بذلك فقالوا من جاءك بهذا قال جاءنى به جبريل من عند الله فقالوا له والله ما قاله لك الا عدونا فأنزل الله " قل من كان عدو لجبريل فانه نزله على قلبك باذن الله مصدقا لما بين يديه " وقيل أن المراد بالروح هنا جبريل ، " قل الروح من أمر ربى " أى من شأنه ومما استأثر بعلمه دونكم ولهذا قال " وما أوتيتم من العلم الا قليلا " أى وما أطلعكم من علمه الا على القليل فانه لا يحيط أحد بشىء من علمه الا بما شاء تبارك وتعالى من العطاء والمن وأن علمكم فى علم الله قليل وهذا الذى تسألون عنه من أمر الروح مما استأثر به تعالى ولم يطلعكم عليه كما أنه لم يطلعكم الا على  قليل من علمه تعالى .

8 . " قل لئن اجتمعت الانس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا " 88

" قل لئن اجتمعت الانس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا " نبه الله تعالى على شرف هذا القرآن العظيم فأخبر رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ان يقول ويبلغ أنه لو اجتمعت الانس والجن كلهم واتفقوا على أن ياتوا بمثل ما أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم لما أطاقوا ذلك ولما استطاعو ولو تعاونوا وتساعدوا وتظافروا فان هذا أمر لا يستطاع وكيف يشبه كلام المخلوقين كلام الخالق الذى لا نظير له ولا مثال له ولا عديل له .

9 . " وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا الأرض ينبوعا * أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا * أة تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتى بالله والملائكة قبيلا * أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى فى السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه قل سبحان ربى هل كنت الا بشرا رسولا " 91 - 93

قال أبن جرير عن أبن عباس أن عتبة وشيبة ابنى ربيعة وأبا سفيان بن حرب ورجلا من بنى عبد الدار وأبا البخترى أخا بنى أسد والأسود بن المطلب بن أسد وزمعة بن الأسود والوليد بن المغيرة وأبا جهل بن هشام وعبد الله بن أبى أمية وأمية بن خلف والعاص بن وائل ونبيها ومنبها ابنى الحجاج السهميين اجتمعوا أو من اجتمع منهم بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة فقال بعضهم لبعض ابعثوا الى محمد فكلموه وخاصموه حتى تعذروا فيه ، فبعثوا اليه أن أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلموك فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا وهو يظن أنه قد بدا لهم فى أمره بدء وكان عليهم حريصا يحب رشدهم ويعزعليه عنتهم حتى جلس اليهم فقالوا : يا محمد انا قد بعثنا اليك لنعذر فيك وانا والله ما نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك لقد شتمت الآباء وعبت الدين وسفهت الأحلام وشتمت الآلهة وفرقت الجماعة فما بقى من قبيح الا وقد جئته فيما بيننا وبينك ، فان كنت انما جئت بهذا الحديث تطلب به مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا ، وان كنت انما تطلب الشرف فينا سودناك علينا ، وان كنت تريد ملكا ملكناك علينا ، وان كان هذا الذى يأتيك بما يأتيك رئيا تراه قد غلب عليك - وكانوا يسمون التابع من الجن الرئى - فربما كان ذلك بذلنا أموالنا فى طلب الطب حتى نبرئك منه أونعذر فيك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما بى ما تقولون ، ما جئتكم به أطلب أموالكم ولا الشرف فيكم ولا الملك عليكم ولكن الله بعثنى اليكم رسولا وأنزل على كتابا وأمرنى أن أكون لكم بشيرا ونذيرا فبلغتكم رسالات ربى ونصحت لكم فان تقبلوا منى ما جئتكم به فهو حظكم فى الدنيا والآخرة وان تردوه على أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بينى وبينكم " فقالوا : يا محمد فان كنت غير قابل منا ما عرضنا عليك فقد علمت أنه ليس أحد من الناس أضيق منا بلادا ولا أقل مالا ولا أشد عيشا منا فاسأل لنا ربك الذى بعثك بما بعثك به فليسير عنا هذه الجبال التى قد ضيقت علينا وليبسط  لنا بلادنا وليفجر فيا أنهارا كأنهار الشام والعراق وليبعث لنا من مضى من آبائنا وليكن فيمن يبعث لنا منهم قصى بن كلاب فانه كان شيخا صدوقا فنسالهم عما تقول حق هو أم باطل ؟ فان صنعت ما سألناك وصدقوك صدقناك وعرفنا منزلتك عند الله وأنه بعثك رسولا كما نقول"  فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما بهذا بعثت انما جئتكم من عند الله بما بعثنى به فقد بلغتكم ما أرسلت به اليكم فان تقبلوه فهو حظكم فى الدنيا والآخرة ،وان تردوه على أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بينى وبينكم " قالوا : فان لم تفعل لنا هذا فخذ لنفسك فسل ربك أن يبعث ملكا يصدقك بما تقول ويراجعنا عنك وتسأله فيجعل لك جنات وكنوزا وقصورا من ذهب وفضة يغنيك بهما عما نراك تبتغى فانك تقوم بالأسواق وتلتمس المعاش كما نلتمسه حتى نعرف فضل منزلتك من ربك ان كنت رسولا كما تزعم " فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أنا بفاعل ما أنا بالذى يسأل ربه هذا وما بعثت اليكم بهذا ولكن الله بعثنى بشيرا ونذيرا فان تقبلوا ما جئتكم به فهو حظكم فى الدنيا والآخرة ، وان تردوه على أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بينى وبينكم " قالوا فأسقط السماء كما زعمت أن ربك ان شاء فعل ذلك فانا لن نؤمن لك الا أن تفعل " فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " ذلك الى الله ان شاء فعل بكم ذلك "  فنزلت الآيات تخبر عن ذلك " وَقَالُواْ لَن نُّؤۡمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفۡجُرَ لَنَا مِنَ ٱلۡأَرۡضِ يَنۢبُوعًا " سألوه أن يجرى لهم عيونا معينا فى أرض الحجاز حتى يؤمنوا به ، " أَوۡ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٞ مِّن نَّخِيلٖ وَعِنَبٖ فَتُفَجِّرَ ٱلۡأَنۡهَٰرَ خِلَٰلَهَا تَفۡجِيرًا " وسألوه أن يسأل الله أن يسيرعنهم الجبال التى قد ضيقت عليهم وليبسط لهم بلادهم و يجعل لهم جنان بها النخيل والعنب وهو أطيب ما كان لديهم من الرزق الذى عرفوه ويكن فى هذه الجنان من الأنهار التى تجرى خلالها فترويها فيجتمع الماء والخضرة والثمار والرزق الطيب السهل بدل منمعيشة الصحراء الصعبة المعتمدة على الأمطار القليلة والآبار ، " أَوۡ تُسۡقِطَ ٱلسَّمَآءَ كَمَا زَعَمۡتَ عَلَيۡنَا كِسَفًا " تحدوه استهزاءا بطلب استعجال العذاب قالوا فأسقط السماء كما زعمت أن ربك ان شاء فعل ذلك فانا لن نؤمن لك الا أن تفعل  "  أَوۡ تَأۡتِيَ بِٱللَّهِ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ قَبِيلًا " وقال قائلهم نحن نعبد الملائكة وهى بنات الله لن نؤمن لك حتى تأتى بالله والملائكة من قبلك ، " أَوۡ يَكُونَ لَكَ بَيۡتٞ مِّن زُخۡرُفٍ "  وطلبوا منه أن يكون له كما قال أبن عباس بيت من زخرف أى من ذهب ، " أَوۡ تَرۡقَىٰ فِي ٱلسَّمَآءِ " وسألوه أن يصعد فى سلم الى السماء وهم ينظرون اليه ، " وَلَن نُّؤۡمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيۡنَا كِتَٰبٗا نَّقۡرَؤُهُ " ولن يؤمنوا بذلك حتى يأتى معه بصحيفة منشورة قال مجاهد مكتوب فيه الى كل واحد صحيفة هذا كتاب من الله لفلان ابن فلان تصبح موضوعة عند رأسه ، " قُلۡ سُبۡحَانَ رَبِّي هَلۡ كُنتُ إِلَّا بَشَرٗا رَّسُولٗا " يقول الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم قل للكافرين الله ربى سبحانه وتعالى وتقدس أن يتقدم أحد بين يديه فى أمر من أمور سلطانه وملكوته بل هو الفعال لما يشاء ان شاء أجابكم الى ما سألتم وان شاء لم يجبكم وما أنا الا رسول اليكم أبلغكم رسالات ربى وأنصحلكم وقد فعلت ذلك وأمركم فيما سألتم الى الله عز وجل وعن أبى أمامة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال  : " عرض على ربى عز وجل ليجعل لى بطحاء مكة ذهبا ، فقلت : لا يارب ولكن أشبع يوما وأجوع يوما - أو نحو ذلك- فاذا جعت تضرعت اليك وذكرتك ، واذا شبعت حمدتك وشكرنك " رواه الترمذى .

10 . " قل لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا " 95

قال الله تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول أن الله تعالى منبها على لطفه ورحمته بعباده أنه يبعث اليهم الرسول من جنسهم ليفقهوا عنه ويفهموا منه لتمكنهم من مخاطبته ومكالمته ولو بعث الى البشر رسولا من الملائكة لما استطاعوا مواجهته ولا الأخذ عنه كما قال تعالى " كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون " .

11 . " قل كفى بالله شهيدا بينى وبينكم انه كان بباده خبيرا بصيرا " 96

" قُلۡ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدَۢا بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡۚ " يقول تعالى مرشدا نبيه صلى الله عليه وسلم الى الحجة على قومه فى صدق ما جاءهم به ويبلغهم أن الله شاهد عليه وعليهم ، عالم بما جاءهم به بصير بما يفعلون  فلو كان كاذبا على الله لانتقم منه أشد الانتقام كما قال تعالى " ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين " ، " إِنَّهُۥ كَانَ بِعِبَادِهِۦ خَبِيرَۢا بَصِيرٗا " الله عليم  بمن يستحق من عباده الانعام والاحسان والهداية من يستحق الشقاء والاضلال والازاغة .

12 . " قل لو أنتم تملكون خزائن ربى اذا لأمسكتم خشية الانفاق وكان الانسان قتورا " 100

" قُل لَّوۡ أَنتُمۡ تَمۡلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحۡمَةِ رَبِّيٓ إِذٗا لَّأَمۡسَكۡتُمۡ خَشۡيَةَ ٱلۡإِنفَاقِ " يقول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم قل لهم لو أنكم أيها الناس تملكون التصرف فى خزائن الله لأمسكتم خشية الانفاق قال أبن عباس خشية الانفاق أى خشية الفقر أن تذهبوها مع أنها لا تفرغ ولا تنفد أبدا لأن هذا من طباعكم وسجاياكم ولهذا قال " وَكَانَ ٱلۡإِنسَٰنُ قَتُورٗا " قال أبن عباس كان الانسان بخيلا منوعا وهذا كقوله " أم لهم نصيب من الملك فاذا لا يؤتون الناس نقيرا " أى لو أن لهم نصيبا فى ملك الله لما أعطوا أحدا شيئا ولا مقدار نقير ، والله تعالى يصف الانسان بالبخل وكقوله " ان الانسان خلق هلوعا اذا مسه الشر جزوعا واذا مسه الخير منوعا الا المصلين " البخل والجزع والهلع صفة للانسان الا من رحمه وقد جاء فى الصحيحين " يد الله ملأى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض فانه لم يغ1 ما فى يمينه " .

13 . " قل آمنوا به أو لا تؤمنوا ان الذين أوتوا العلم من قبله اذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا " 107

" قُلۡ ءَامِنُواْ بِهِۦٓ أَوۡ لَا تُؤۡمِنُوٓاْۚ " يقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم قل لهؤلاء الكافرين بما جئتهم به من هذا القرآن العظيم سواء آمنتم به أم لم تؤمنوا فهو حق فى نفسه أنزله الله ونوه بذكره فى سالف الأزمان فى كتبه المنزلة على رسله ،" إِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ مِن قَبۡلِهِ " ان الذين أوتوا العلم من صالحى أهل الكتاب الذين تمسكوا بكتابهم ويقيمونه ولم يبدلوه ولا حرفوه ، " إِذَا يُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ " اذا يتلى عليهم هذا القرآن ، "  يَخِرُّونَۤ لِلۡأَذۡقَانِۤ سُجَّدٗاۤ " يسجدون لله فى خشوع وطاعة تامة شكرا على ما أنعم به عليهم من جعله اياهم أهلا أن أدركوا هذا الرسول صلى الله عليه وسلم الذى أنزل عليه هذا الكتاب .

14 . " قل ادعو الله أو ادعو الرحمن أيما تدعو فله الأسماء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا * وقل الحمد لله الذى لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك فى الملك ولم يكن له ولى من الذل وكبره تكبيرا " 110 -  111

" قُلِ " الخطاب موجه من الله سبانه وتعالى الى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين المنكرين صفة الرحمة لله عز وجل المانعين تسميته بالرحمن ، "  ٱدۡعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدۡعُواْ ٱلرَّحۡمَٰنَۖ أَيّٗا مَّا تَدۡعُواْ فَلَهُ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ " لا فرق بين دعائكم له باسم الله أو باسم الرحمن فانه ذو الأسماء الحسنى وكلها أسماؤه  كقوله فى سورة الحشر " هو الله الذى لا اله الا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم  - الى قوله  - له الأسماء الحسنى يسبح له ما فى السموات والأرض " وقد روى مكحول وأبن عباس أن رجلا من المشركين سمع النبى صلى الله عليه وسلم وهو يقول فى سجوده " يا رحمن يا رحيم " فقال انه يزعم أنه يدعو واحدا وهو يدعوا اثنين فأنزل الله هذه الآية ، قال أبن عباس نزلت هذه الآية ورسول الله صلى الله عليه وسلم متوار بمكة كان اذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن فلما سمع ذلك المشركون سبوا القرآن وسبوا من أنزله به فقال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم " وَلَا تَجۡهَرۡ بِصَلَاتِكَ " لا تجهر بفراءتك فيسمع المشركون فيسبون القرآن ، " وَلَا تُخَافِتۡ بِهَا " لا تخفض صوتك بالقراءة عن أصحابك فلا تسمعهم القرآن حتى يأخذوه عنك ، " وَٱبۡتَغِ بَيۡنَ ذَٰلِكَ سَبِيلٗا " اتبع وأسلك أن تكون وسطا بين الجهر والخفوت فلا تجهر فيسمعك المشركون ويفعلوا ما يفعلوا ولا تخفت وتخفض صوتك فلا يسمعك أصحابك فلما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم الى المدينة سقط ذلك يفعل أى ذلك شاء ،وقال محمد بن اسحاق عن أبن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا جهر بالقرآن وهو يصلى تفرقوا عنه وأبوا أن يسمعوا منه فكان الرجل اذا أراد أن يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض ما يتلو وهو يصلى استرق السمع دونهم فرقا منهم فاذا رأى أنهم قد عرفوا أنه يستمع ذهب خشية أذاهم فلم يسمع فان خفض صوته لم يسمع الذين يستمعون من قراءته شيئا فأنزل الله " ولا تجهر بصلاتك " فينفروا عنك " ولا تخافت بها " فلا يسمع من أراد أن يسمع ممن يسترق ذلك منهم فلعله يرعوى الى بعض ما يسمع فينتفع به " وابتغ بين ذلك سبيلا " ، وقال قتادة وحسن البصرى وغيرهما نزلت هذه الآية فى القراءة فى الصلاة وعن عائشة رضى الله عنها قالت نزلت فى الدعاء ، وقال على بن أبى طلحة عن أبن عباس قال لا تصل مرآة للناس ولا تدعها مخافة الناس ، "  وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَمۡ يَتَّخِذۡ وَلَدٗا وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ شَرِيكٞ فِي ٱلۡمُلۡكِ " لما أثبت تعالى لنفسه الكريمة الأسماء الحسنى نزه نفسه عن النقائص وأنه الواحد الأحد لا شريك له ما اتخذ صاحبة ولا ولدا ولا يشاركه فى ملكه وملكوته أحدا ، "  وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ وَلِيّ مِّنَ ٱلذُّلِّۖ " ليس بذليل فيحتاج الى أن يكون له ولى أو وزير أومشير بل هو تعالى خالث الأشياء وحده لا شريك له ومدبرها ومقدرها بمشيئته وحده لا شريك له وقال مجاهد لم يحالف أحد ولم يبتغ نصر أحد ، " وَكَبِّرۡهُ تَكۡبِيرَۢا "أى عظمه وأجله عما يقول الظالمون المعتدون علوا كبيرا ، وكان القرظى يقول فى هذه الآية أن اليهود والنصارى قالوا اتخذ الله ولدا وقالت العرب لبيك لا شريك لك الا شريكا هو لك تملكه وما ملك ، وقال الصابئون والمجوس لولا أولياء الله لذل فأنزل الله هذه الآية " وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَمۡ يَتَّخِذۡ وَلَدٗا وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ شَرِيكٞ فِي ٱلۡمُلۡكِ وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ وَلِيّٞ مِّنَ ٱلذُّلِّۖ وَكَبِّرۡهُ تَكۡبِيرَۢا " ، وقد جاء فى حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمى هذه الآية آية العز وفى بعض الآثار أنها ما قرئت فى بيت فى ليلة فيصيبه سرق أو آفة والله أعلم .


150-] English Literature

150-] English Literature Letitia Elizabeth Landon     List of works In addition to the works listed below, Landon was responsible for nume...