8 _ ) حكم كلمة " قل " فى القرآن الكريم
فى سورة الكهف
1 . "سَيَقُولُونَ
ثَلَٰثَةٞ رَّابِعُهُمۡ كَلۡبُهُمۡ وَيَقُولُونَ خَمۡسَةٞ سَادِسُهُمۡ
كَلۡبُهُمۡ رَجۡمَۢا بِٱلۡغَيۡبِۖ وَيَقُولُونَ سَبۡعَةٞ وَثَامِنُهُمۡ
كَلۡبُهُمۡۚ قُل رَّبِّيٓ أَعۡلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعۡلَمُهُمۡ إِلَّا قَلِيلٞۗ فَلَا تُمَارِ
فِيهِمۡ إِلَّا مِرَآءٗ ظَٰهِرٗا وَلَا تَسۡتَفۡتِ فِيهِم مِّنۡهُمۡ أَحَدٗا ٢٢
يقول الله تعالى مخبرا
عن اختلاف الناس فى عدد أصحاب الكهف فحكى ثلاثة أقوال " سَيَقُولُونَ
ثَلَٰثَةٞ رَّابِعُهُمۡ
كَلۡبُهُمۡ "منهم من قال عددهم ثلاثة ورابعهم كلبهم ، " وَيَقُولُونَ
خَمۡسَةٞ سَادِسُهُمۡ كَلۡبُهُمۡ
رَجۡمَۢا بِٱلۡغَيۡبِ " وقال آخرون خمسة وسادسهم كلبهم قولا بلا
علم كمن يرمى الى مكان لا يعرفه فانه لا يكاد يصيب وان أصاب فلا قصد ،
" وَيَقُولُونَ سَبۡعَةٞ وَثَامِنُهُمۡ كَلۡبُهُمۡ " وقال القول الثالث سبعة
وثامنهم كلبهم ليدل على صحته ، " قُل رَّبِّيٓ أَعۡلَمُ
بِعِدَّتِهِم " يقول الله تعلى لرسوله صلى الله عليه وسلم ارشاد الى أن الأحسن فى مثل هذا المقام رد
العلم الى الله تعالى اذ لا احتياج الى الخوض فى مثل ذلك بلا علم لكن اذا أطلعنا
على أمر قلنا به والا وقفنا ، " مَّا يَعۡلَمُهُمۡ إِلَّا قَلِيل " لايعلمهم
الا قليل من الناس ، " فَلَا تُمَارِ فِيهِمۡ إِلَّا مِرَآءٗ ظَٰهِرٗا " قال تعالى فلا
تتجادل فيهم الا جدالا سهلا لينا فان الأمر فى معرفة ذلك لا يترتب عليه كبير فائدة
، " وَلَا تَسۡتَفۡتِ فِيهِم مِّنۡهُمۡ أَحَدٗا " وقد جاءك ربك
يامحمد بالحق الذى لا شك فيه ولا مرية فلا تسأل أحدا منهم أى من أهل الكتاب فى أمر
أصحاب الكهف فانهم لا علم لهم بذلك الا ما يقولونه من تلقاء أنفسهم رجما بالغيب أى
من غير استناد الى كلام معصوم .
2 . "وَلَا
تَقُولَنَّ لِشَاْيۡءٍ إِنِّي فَاعِلٞ ذَٰلِكَ غَدًا ٢٣ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ
وَٱذۡكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَهۡدِيَنِ رَبِّي لِأَقۡرَبَ
مِنۡ هَٰذَا رَشَدٗا ٢٤
سبب نزول الآيتين قول
النبى صلى الله عليه وسلم لما سئل وفد من قريش بايعاذ من اليهود ليتبينوا صدقه عن
قصة أصحاب الكهف " أخبركم غدا عما سألتم عنه ولم يستثن
" فتأخر الوحى خمسة عشر يوما حتى أرجف أهل مكة وقالوا
وعدنا محمد غدا واليوم خمس عشرة قد أصبحنا فيها لا يخبرنا بشىء عما سألناه عنه
وحتى أحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث الوحى عنه وشق عليه ما يتكلم به أهل
مكة ثم جاءه جبريل عليه السلام من الله عز وجل بسورة أصحاب الكهف فيها معاتبتة
اياه لعدم الاستثناء " وَلَا تَقُولَنَّ لِشَاْيۡءٍ إِنِّي فَاعِلٞ ذَٰلِكَ غَدًا
" هذا ارشاد من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم الى الأدب فيما اذا عزم
على شىء ليفعله فى المستقبل ، " إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ
" عليه أن يرد ذلك الى مشيئة الله عز وجل علام الغيوب الذى يعلم ما كان وما
يكون وما لم يكن كيف يكون ، " وَٱذۡكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ " قال
أبن عباس أن تقول ان شاء الله ، يرشد الله تعالى من نسى الشىء فى كلامه الى ذكر
الله تعالى لأن النسيان منشؤه من الشيطان كما قال فتى موسى " وما أنسانيه الا
الشيطان أن أذكره " وذكر الله تعالى يطرد الشيطان فاذا ذهب الشيطان ذهب
النسيان فذكر الله سبب للذكر ، وقال أبن عباس كذلك اذا نسيت الاستثناء فاستثن عند
ذكرك له ومعن قوله يستثنى ولو بعد سنة أى اذا نسى أن يقول فى حلفه وفى كلامه ان
شاء الله وذكر ولو بعد سنة فالسنة له أن يقول ذلك ليكون آتيا بسنة الاستثناء حتى
لوكان بعد الحنث وقال أبن عباس هى خاصة برسول الله صلى الله عليه وسلم وليس لأحد
منا أن يستثنى الا فى صلة من يمينه ، " وَقُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَهۡدِيَنِ رَبِّي
لِأَقۡرَبَ مِنۡ هَٰذَا رَشَدٗا " اذا سئلت عن شىء لا تعلمه فاسأل الله تعالى فيه وتوجه
اليه فى أن يوفقك للصواب والرشد فى ذلك ، وفى الصحيحين عن أبى هريرة رضى الله عنه
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " قال سليمان بن داود عليهما السلام
لأطوفن الليلة على سبعين امرأة - وفى رواية تسعين امرأة وفى رواية مائة امرأة تلد
كل امرأة منهن غلاما يقاتل فى سبيل الله فقيل له - وفى رواية قال له الملك - قل ان
شاء الله فلم يقل فطاف بهن فلم يلد منهن الا امرأة واحدة نصف انسان ، فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : والذىنفسى بيده لو قال ان شاء الله لم يحنث وكان دركا
لحاجته " وفى رواية " ولقاتلوا فى سبيل الله فرسانا أجمعين " .
3 . " وَلَبِثُواْ
فِي كَهۡفِهِمۡ ثَلَٰثَ مِاْئَةٖ سِنِينَ وَٱزۡدَادُواْ تِسۡعٗا ٢٥ قُلِ ٱللَّهُ
أَعۡلَمُ بِمَا لَبِثُواْۖ لَهُۥ غَيۡبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ أَبۡصِرۡ
بِهِۦ وَأَسۡمِعۡۚ مَا لَهُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَلِيّٖ وَلَا يُشۡرِكُ
فِي حُكۡمِهِۦٓ أَحَدٗا ٢٦
" وَلَبِثُواْ فِي
كَهۡفِهِمۡ ثَلَٰثَ مِاْئَةٖ سِنِينَ وَٱزۡدَادُواْ تِسۡعٗا " هذاخبر من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم بمقدار ما
لبث أصحاب الكهف فى كهفهم منذ أرقدهم الى أن بعثهم الله وأعثر عليهم أهل ذلك
الزمان وأنه كان مقداره ثلثمائة سنة تزيد تسع سنين قمرية وهى ثلثمائة سنة بالشمسية
فان تفاوت ما بين كل مائة سنة بالقمرية الى الشمسية ثلاث سنين فلهذا قال بعد
الثلثمائة وازدادوا تسعا ، " قُلِ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا لَبِثُواْۖ
" اذا سئلت عن لبثهم وليس عندك علم فى ذلك وتوقيف من الله تعالى فلا تتقدم
فيه بشىء وقل الله أعلم لاعلم ذلك الا هو ومن أطلعه عليه من خلقه ، "لَهُ
غَيۡبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ " فهو الذى يعلم الغيب فى السموات وفى
الأرض ، " أَبۡصِرۡ بِهِۦ وَأَسۡمِعۡ " قال قتادة فلا أبصر من الله
وأسمع وقال أبن زيد يرى أعمالهم ويسمع ذلك منهم سميعا بصيرا ، " مَا لَهُم
مِّن دُونِهِۦ مِن وَلِيّٖ وَلَا يُشۡرِكُ فِي حُكۡمِهِۦٓ أَحَدٗا " الله تعالى
هو الذى له الخلق والأمر الذى لا معقب لحكمه وليس له وزير ولا نصير ولا شريك ولا
مشير تعالى وتقدس .
4 . "وَقُلِ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكُمۡۖ فَمَن
شَآءَ فَلۡيُؤۡمِن وَمَن شَآءَ فَلۡيَكۡفُرۡۚ إِنَّآ أَعۡتَدۡنَا
لِلظَّٰلِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمۡ سُرَادِقُهَاۚ وَإِن يَسۡتَغِيثُواْ
يُغَاثُواْ بِمَآءٖ كَٱلۡمُهۡلِ يَشۡوِي ٱلۡوُجُوهَۚ بِئۡسَ
ٱلشَّرَابُ وَسَآءَتۡ مُرۡتَفَقًا٢٩
" وَقُلِ ٱلۡحَقُّ
مِن رَّبِّكُم " يقول الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم قل يا محمد
للناس هذا الذى جئتكم به من ربكم هو الحق لا مرية فيه ولا شك ، " فَمَن
شَآءَ فَلۡيُؤۡمِن وَمَن شَآءَ فَلۡيَكۡفُرۡۚ " هذا من باب التهديد والوعيد
الشديد فالله ترك للانسان حرية العقيدة والعمل وعليه الحساب فى الآخرة بعد أن وضح
له الحق الذى أرسل به رسوله صلى الله عليه وسلم ، " إِنَّآ أَعۡتَدۡنَا
لِلظَّٰلِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمۡ سُرَادِقُهَا " فالله أعد فى الآخرة
للكافرين به وبرسوله وكتابه نارا شديدة يحيط بهم سورها وهى مغلقة محيطة بهم من كل
مكان وعن أبى سعيد الخدرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " لسرادق
النار أربعة جدر كثافة كل جدار مسافة أربعين سنة " وأخرجه الترمذى فى صفة
النار وأبن جرير فى تفسيره . وقال أبن عباس فى ذلك سرادقها حائط من نار ، "
وَإِن يَسۡتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٖ كَٱلۡمُهۡلِ يَشۡوِي ٱلۡوُجُوهَ " قال أبن عباس المهل
الماء الغليظ مثل دردى الزيت وقال مجاهد هو كالدم والقيح وقال عكرمة هو الشىء الذى
انتهى حره وقال آخرون هو كل شىء أذيب وقال قتادة : أذاب أبن مسعود شيئا من الذهب
فى أخدود فلما انماع وأزبد قال : هذا أشبه شىء بالمهل وهذه الأوصاف الرذيلة كلها
يجمع فيها المهل فهو أسود منتن غليظ حار فهو يشوى الوجوه من شدة حره واذا استغاث
الكافر من شدة الحر قدم له ماء كالمهل اذا أراد الكافر أن يشربه وقربه من وجهه
شواه حتى تسقط جلدة وجهه وعن سعيد الخدرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه
قال " ماء كالمهل قال كعكر الزيت فاذا قربه اليه سقطت فروة وجهه فيه
" ، " بِئۡسَ ٱلشَّرَابُ " يذم الله هذا الشراب كما قال فى آية
أخرى " وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم " وقال تعالى " تسقى من عين
آنية " عين حارة شديدة الحرارة كما قال " وبين حميم آن " أى شديد
الحرارة ، " وَسَآءَتۡ مُرۡتَفَقًا " وساءت النار منزلا
ومقيلا وموضعا للارتفاق كما قال " انها ساءت مستقرا ومقاما " .
5 . "وَيَسَۡلُونَكَ عَن ذِي ٱلۡقَرۡنَيۡنِۖ قُلۡ
سَأَتۡلُواْ عَلَيۡكُم مِّنۡهُ ذِكۡرًا ٨٣ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُۥ فِي ٱلۡأَرۡضِ
وَءَاتَيۡنَٰهُ مِن كُلِّ شَيۡءٖ سَبَبٗا ٨٤
بعث كفار مكة الى أهل
الكتاب يسألون منهم ما يمتحنون به النبى صلى الله عليه وسلم فقالوا سلوه عن رجل
طواف فى الأرض وعن فتية لا يدرى ما صنعوا وعن الروح فنزلت سورة الكهف وذو القرنين
هذا المذكور فى القرآن فكان فى زمن الخليل كما ذكره الأزرقى وغيره وأنه طاف مع
الخليل عليه السلام بالبيت العتيق لما بناه ابراهيم عليه السلام وقرب الى الله
قربانا وورد تناوله فى كتاب " البداية والنهاية " لأبن كثير ويقال أنه
سمى ذا القرنين لأنه بلغ المشارق والمغارب من حيث يطلع قرن الشمس ويغرب أو لأنه
بلغ قرنى الشمس مشرقها ومغربها ، يقول الله تعالى لرسوله محمد صلى الله
عليه وسلم " وَيَسَۡلُونَكَ عَن ذِي ٱلۡقَرۡنَيۡنِ " يسألونك يا محمد عن
خبر ذى القرنين ، " قُلۡ سَأَتۡلُواْ عَلَيۡكُم مِّنۡهُ ذِكۡرًا "
أخبرهم أنى سأتحدث اليكم عن سيرته بما علمنى ربى وما أنزل على من الذكر ، "
إِنَّا مَكَّنَّا لَهُۥ فِي ٱلۡأَرۡضِ " أعطاه الله ملكا عظيما فى الأرض
ممكنا فيه من جميع ما يؤتى الملوك من التمكين والجنود وآلات الحرب والحصارات ولهذا
ملك المشارق والمغارب من الأرض ودانت له البلاد وخضعت له ملوك العباد وخدمته الأمم
،" وَءَاتَيۡنَٰهُ مِن كُلِّ شَيۡءٖ سَبَبٗا " وآتاه الله منازل الأرض وأعلامها ويسر الله الأسباب أى
الطرق والوسائل الى فتح الأقاليم وكسر الأعداء واذلال أهل الشرك قد أوتى من كل شىء
مما يحتاج اليه مثله .
6 . "قُلۡ هَلۡ
نُنَبِّئُكُم بِٱلۡأَخۡسَرِينَ أَعۡمَٰلًا ١٠٣ ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعۡيُهُمۡ فِي
ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُمۡ يَحۡسَبُونَ أَنَّهُمۡ يُحۡسِنُونَ صُنۡعًا ١٠٤
أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَِٔايَٰتِ
رَبِّهِمۡ وَلِقَآئِهِۦ فَحَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ فَلَا نُقِيمُ لَهُمۡ يَوۡمَ
ٱلۡقِيَٰمَةِ وَزۡنٗا ١٠٥ ذَٰلِكَ جَزَآؤُهُمۡ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ
وَٱتَّخَذُوٓاْ ءَايَٰتِي وَرُسُلِي هُزُوًا ١٠٦
" قُلۡ هَلۡ
نُنَبِّئُكُم " قل يامحمد ألا أخبركم ، " بِٱلۡأَخۡسَرِينَ أَعۡمَٰلًا
" عن من هم أكثر الناس خسارة فى أعمالهم الذين يخسرون الدنيا والآخرة من
عباده والآية عامة فى كل من عبد الله على غير طريقة مرضية ، " ٱلَّذِينَ
ضَلَّ سَعۡيُهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُمۡ يَحۡسَبُونَ أَنَّهُمۡ
يُحۡسِنُونَ صُنۡعًا " الذين عملوا أعمالا باطلة على غير شريعة مشروعة مرضية
مقبولة وهم يحسبون أنهم مصيبون فى عملهم فى الدنيا وأن
عملهم مقبول وهم مخطئون وعملهم مردود ، " أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ
كَفَرُواْ بَِٔايَٰتِ رَبِّهِمۡ وَلِقَآئِهِ" هؤلاء الذين جحدوا آيات
الله فى الدنيا وبراهينه التى أقام على وحدانيته وصدق رسله وكذبوا بالدار الآخرة ،
" فَحَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ" خابت أعمالهم وخسروا ، فَلَا
نُقِيمُ لَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَزۡنٗا " لا تثقل موازينهم لأنها خالية عن الخير وعن أبى هريرة رضى
الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " ليأتى الرجل العظيم
السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة وقال - اقرءوا ان شئتم "
فَلَا نُقِيمُ لَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَزۡنٗا " ،" ذَٰلِكَ جَزَآؤُهُمۡ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ
وَٱتَّخَذُوٓاْ ءَايَٰتِي وَرُسُلِي هُزُوًا " انما جزاء هؤلاء جهنم جازاهم
الله بهذا الجزاء بسبب كفرهم واستهزائهم بآيات الله ورسله وتكذيبهم لهم أشد
التكذيب .
فى سورة مريم
1 . "قُلۡ مَن كَانَ فِي ٱلضَّلَٰلَةِ
فَلۡيَمۡدُدۡ لَهُ ٱلرَّحۡمَٰنُ مَدًّاۚ حَتَّىٰٓ إِذَا رَأَوۡاْ مَا يُوعَدُونَ
إِمَّا ٱلۡعَذَابَ وَإِمَّا ٱلسَّاعَةَ فَسَيَعۡلَمُونَ مَنۡ هُوَ شَرّٞ مَّكَانٗا
وَأَضۡعَفُ جُندٗا ٧٥
يقول
تعالى قل يا محمد لهؤلاء المشركين بربهم المدعين أنهم على الحق وهم على
الباطل " قُلۡ مَن كَانَ فِي ٱلضَّلَٰلَةِ " من
كان منا ومنكم على الضلال ، " فَلۡيَمۡدُدۡ لَهُ ٱلرَّحۡمَٰنُ
مَدًّا " فيمهله الرحمن فيما هو فيه حتى يلقى ربه وينقضى أجله ،
قال مجاهد فليدعه الله فى طغيانه ، " حَتَّىٰٓ إِذَا رَأَوۡاْ مَا يُوعَدُونَ
" حتى يحين ويأتى ما وعد الله به ، " إِمَّا ٱلۡعَذَابَ" فسيكون
عذاب الله ، " وَإِمَّا ٱلسَّاعَةَ " وأما أن يأتيه أمر الساعة بغتة ، فَسَيَعۡلَمُونَ
" حين يأتى أحد الأمرين فسيعلمون حينئذ ، " مَنۡ هُوَ شَرّٞ مَّكَانٗا وَأَضۡعَفُ جُندٗا " من هو
منا فى مقابلة ما احتجوا به من خيرية المقام وحسن الندى من هو أشر مكانة عند الله
ومن هو أقل منتدى ، هذه مباهلة للمشركين الذين يزعمون أنهم على هدى
فيما هم فيه من الضلال ويتباهون فيما هم فيه من الدنيا بأن لهم الخيرية وحسن الندى
وهم عكس ذلك عند الله ، كما ذكر تعالى فى مباهلة اليهود فى قوله " يا أيها
الذين هادوا ان زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت ان كنتم صادقين
" أى أدعوا بالموت على المبطل منا ومنكم ان كنتم تدعون أنكم على الحق فانه لا
يضركم الدعاء فنكلموا عن ذلك ، وكما ذكر تعالى المباهلة مع النصارى فى سورة آل
عمران حين صمموا على الكفر واستمروا على الطغيان والغلو فى دعواهم أن عيسى ولد
الله وقد ذكر الله حججه وبراهينه على عبودية عيسى عليه السلام وأنه مخلوق كآدم قال
تعالى " فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءتا
وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين
" فنكلوا أيضا عن ذلك .
فى سورة طه
1
. "قُلۡ كُلّٞ مُّتَرَبِّصٞ فَتَرَبَّصُواْۖ فَسَتَعۡلَمُونَ مَنۡ أَصۡحَٰبُ ٱلصِّرَٰطِ
ٱلسَّوِيِّ وَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ ١٣٥
" قُلۡ " قل يا محمد لمن
كذبك وخالفك واستمر على كفره وعناده ، " كُلّٞ مُّتَرَبِّص" نحن
وأنتم كل منا ومنكم منتظر ، " فَتَرَبَّصُواْ" فانتظروا ، "
فَسَتَعۡلَمُونَ مَنۡ أَصۡحَٰبُ ٱلصِّرَٰطِ ٱلسَّوِيِّ وَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ "
فسوف تعلمون من منا على الطريق المستقيم ومن الى الحق وسبيل الرشاد وهذا كقوله
" وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا ".
فى
سورة الأنبياء
"أَمِ
ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةٗۖ قُلۡ هَاتُواْ بُرۡهَٰنَكُمۡۖ هَٰذَا ذِكۡرُ
مَن مَّعِيَ وَذِكۡرُ مَن قَبۡلِيۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ ٱلۡحَقَّۖ
فَهُم مُّعۡرِضُونَ ٢٤
" أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن
دُونِهِۦٓ ءَالِهَة " ينكر الله على الكافرين الذين اتخذوا آلهة من دون الله
كيف يتخذون آلهة لا تضر ولا تنفع ، " قُلۡ هَاتُواْ بُرۡهَٰنَكُم
" قل لهم يا محمد هاتوا دليلكم أن تكون هذه آلهة يتحداهم الله أن
تكون هذه آلهة كما يزعمون فهى لا تضر ولا تنفع وليس لها حولا ولا قوة وليس لهم
دليل ولا برهان على الوهيتها ، " هَٰذَا ذِكۡرُ مَن مَّعِيَ " هذا الذكر
الذى معى وهو القرآن ، " وَذِكۡرُ مَن قَبۡلِيۚ " والكتب المتقدمة كلها
على خلاف ما تقولونه فكل كتاب أنزل على نبى أرسل ناطق بأنه لا اله الا الله ولكن
أنتم أيها المشركون لا تعلمون الحق فأنتم معرضون عنه وهذا كقوله " واسال من
أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من الرحمن آلهة يعبدون " ، " بَلۡ
أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ ٱلۡحَقَّۖ فَهُم مُّعۡرِضُونَ " أكثر الناس لا
يهتدون الى طريق الحق وهم معرضون عنه .
2
. " قُلۡ مَن
يَكۡلَؤُكُم بِٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ مِنَ ٱلرَّحۡمَٰنِۚ بَلۡ هُمۡ عَن ذِكۡرِ
رَبِّهِم مُّعۡرِضُونَ ٤٢
" قُلۡ مَن يَكۡلَؤُكُم بِٱلَّيۡلِ
وَٱلنَّهَارِ مِنَ ٱلرَّحۡمَٰنِۚ " ذكر الله تعالى نعمته على عبيده فى حفظه
لهم بالليل والنهار وكلاءته وحراسته لهم بعينه التى لا تنام قل يا محمد "بَلۡ هُمۡ عَن
ذِكۡرِ رَبِّهِم مُّعۡرِضُونَ " هم لايعترفون بنعمة الله عليهم واحسانه اليهم
بل يعرضون عن آياته وآلائه . للكافرين المكذبين من يستطيع
ذلك غيرالرحمن ،
3 . "قُلۡ إِنَّمَآ أُنذِرُكُم بِٱلۡوَحۡيِۚ وَلَا يَسۡمَعُ
ٱلصُّمُّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ ٤٥
" قُلۡ
إِنَّمَآ أُنذِرُكُم بِٱلۡوَحۡيِ " يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه
وسلم قل لهؤلاء انما أنا مبلغ عن الله ما انذرتكم من العذاب والنكال
ليس ذلك الا عما أوحاه الله الى ، " وَلَا يَسۡمَعُ ٱلصُّمُّ ٱلدُّعَآءَ
إِذَا مَا يُنذَرُونَ " ولكن لا يجدى هذا عمن أعمى الله بصيرته وختم على سمعه
وقلبه ، " وَلَئِن مَّسَّتۡهُمۡ نَفۡحَةٞ مِّنۡ عَذَابِ رَبِّكَ
لَيَقُولُنَّ يَٰوَيۡلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَٰلِمِينَ"
4
. "قُلۡ
إِنَّمَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ فَهَلۡ
أَنتُم مُّسۡلِمُونَ ١٠٨ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَقُلۡ ءَاذَنتُكُمۡ عَلَىٰ سَوَآءٖۖ
وَإِنۡ أَدۡرِيٓ أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٞ مَّا تُوعَدُونَ ١٠٩
"
قُلۡ "يقول الله تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين ،
" إِنَّمَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ
فَهَلۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ " أن الله أوحى الى أنه لا اله الا هو اله واحد
لا شريك له فهل أنتم متبعونى على ذلك مستسلمون منقادون ، " فَإِن تَوَلَّوۡاْ
" فان تركوا ما دعوتهم اليه ، " فَقُلۡ ءَاذَنتُكُمۡ عَلَىٰ سَوَآء
" أعلمتكم ببراءتى منكم وبراءتكم منى لعلمى بذلك كما قال " واما
تخافن من قوم خيانة فانبذ اليهم على سواء " أى ليكن علمك وعلمهم بنبذ العهود
على السواء ، " وَإِنۡ أَدۡرِيٓ أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٞ مَّا تُوعَدُونَ
" ان ما توعدون واقع لا محالة ولكن لا أعلم بقربه ولا ببعده .
فى سورة الحج
1
. "قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَآ أَنَا۠ لَكُمۡ
نَذِيرٞ مُّبِينٞ ٤٩
"
قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَآ أَنَا۠ لَكُمۡ
نَذِيرٞ مُّبِين" يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه
وسلم حين طلب منه الكفار وقوع العذاب واستعجلوه قل لهم انما أرسلنى الله
اليكم أيها الناس نذيرا بين يدى عذاب شديد وليس الى من حسابكم من شىء أمركم الى
الله ان شاء عجل لكم العذاب وان شاء أخره عنكم وان شاء تاب على من يتوب اليه وان
شاء أضل من كتب عليه الشقاوة وهو الفعال لما يشاء ويريد ويختار .
2
. " لِّكُلِّ
أُمَّةٖ جَعَلۡنَا مَنسَكًا هُمۡ نَاسِكُوهُۖ فَلَا يُنَٰزِعُنَّكَ فِي
ٱلۡأَمۡرِۚ وَٱدۡعُ إِلَىٰ رَبِّكَۖ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدٗى
مُّسۡتَقِيمٖ ٦٧ وَإِن جَٰدَلُوكَ
فَقُلِ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا تَعۡمَلُونَ ٦٨
"
لِّكُلِّ أُمَّةٖ جَعَلۡنَا مَنسَكًا هُمۡ نَاسِكُوهُ " يخبر الله تعالى
أنه جعل لكل قوم منسكا وأصل المنسك فى كلام العرب هو الموضع الذى يعتاده الانسان
ويتردد اليه اما لخير أو شر ولهذا سميت مناسك الحج بذلك لترداد الناس اليها
وعكوفهم عليها الله جعل لكل أمة نبى مناسك وطرق يتبعونها عن قدر الله وارادته ،
" فَلَا يُنَٰزِعُنَّكَ فِي ٱلۡأَمۡرِۚ " فلا تتأثر يا محمد بمنازعتهم
لك ولا يصرفك ذلك عما أنت عليه من الحق ، "وَٱدۡعُ إِلَىٰ رَبِّكَ إِنَّكَ
لَعَلَىٰ هُدٗى مُّسۡتَقِيم " فادع الى طريق ربك وهو واضح مستقيم موصل الى
المقصود ، " وَإِن جَٰدَلُوكَ فَقُلِ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا
تَعۡمَلُونَ " فان هؤلاء المشركين وغيرهم شكك فيما أنزل اليك من الله فرد
عليهم وقل لهم الله وحده هو الذى يعلم ما تفعلونه من شرك وكفر وهذا تهديد ووعيد
أكيد كقوله تعالى" هو أعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيدا بينى وبينكم " .
3
. "وَإِذَا
تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَٰتٖ تَعۡرِفُ فِي وُجُوهِ ٱلَّذِينَ
كَفَرُواْ ٱلۡمُنكَرَۖ يَكَادُونَ يَسۡطُونَ بِٱلَّذِينَ يَتۡلُونَ عَلَيۡهِمۡ
ءَايَٰتِنَاۗ قُلۡ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرّٖ مِّن ذَٰلِكُمُۚ ٱلنَّارُ
وَعَدَهَا ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ ٧٢
" وَإِذَا
تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَٰت" واذا ذكرت لهم آيات القرآن
والحجج والدلائل الواضحات على توحيد الله وأنه لا اله الا هو وأن رسله الكرام حق
وصدق ، " تَعۡرِفُ فِي وُجُوهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلۡمُنكَرَ " الذين
كفروا من فرط كفرهم لايمكنهم انكار الكفر بل هو ظاهر واضح على وجوههم وعلى ألسنتهم
وفى أفعالهم ، " يَكَادُونَ يَسۡطُونَ بِٱلَّذِينَ يَتۡلُونَ عَلَيۡهِمۡ
ءَايَٰتِنَاۗ " يكادون يبادرون الذين يحتجون عليهم بالدلائل
الصحيحة من القرآن ويبسطوا اليهم أيديهم وألسنتهم بالسوء ، " قُلۡ
أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرّٖ مِّن ذَٰلِكُمُ ٱلنَّارُ وَعَدَهَا ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ
كَفَرُواْ " يقول الله تعالى قل يا محمد لهؤلاء أفأخبركم بما هو أشد وأشق
وأطم وأعظم مما تخوفون به أولياء الله المؤمنين فى الدنيا عذاب النار فى الآخرة هو
على صنيعكم أعظم مما تنالون منهم ان نلتم بزعمكم وارادتكم ، " وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ
" وبئس النار مقيلا ومنزلا ومرجعا ومؤلا ومقاما كقوله " انها ساءت
مستقرا ومقاما" .
No comments:
Post a Comment