4- ) شخصيات من القرآن الكريم
من هو ذو الكفل
النبي ذو الكفل
ذُكر نبيّ الله ذو الكفل في القرآن الكريم في موضعين من الآيات الكريمة،
جاء الموضع الأول في سورة الأنبياء في قول الله -تعالى-: (وَإِسْمَاعِيلَ
وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ)، والموضع الثاني في سورة
ص في قول الله -تعالى-: (وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ
وَكُلٌّ مِّنَ الْأَخْيَارِ). نبوة ذي الكفل نفى بعض العلماء كون ذو الكفل نبياً
وقالوا إنّه كان رجلاً صالحاً، تكفّل بتقديم المساعدات لقومه، وإعانة المحتاج
منهم، والقيام على حاجاتهم، والحكم بينهم وفق عدل الله، وبناءً على ذلك سمّي ذي
الكفل. وقيل إنّه سُمّي بذلك لأنّه وعد فأوفى بعهده، وقال مجاهد وقتادة إنّما
سُمّي بذلك لأنّه حمل العبء عن غيره في العمل، فنال ثواباً ضعف ثواب غيره، أمّا
الحسن، وابن تيمية، والرازي والأكثر من العلماء فقد قالوا بكونه نبياً من أنبياء
الله. وقال أبو موسى إنّه كان رجلاً من النّاس يصلّي في اليوم مئة صلاة، فلما توفي
تكفّله ذو الكفل بهذه الصلاة فسُمّي بذلك، وقال ابن السائب: كان هناك ملكاً قام
بقتل ثلاثمئة نبيّ، ونجى منه مئةً استطاعوا الفرار منه، فقام ذو الكفل بكفالة
هؤلاء المئة، يُطعمهم ويسقيهم ويقوم على حاجاتهم حتى استطاعوا القيام على أنفسهم،
فسُمّي لذلك بذي الكفل. أوصافه في القرآن اتّصف ذو الكفل بثلاثة صفات تمّ
استخلاصها ممّا ورد عنه في سورتي الأنبياء، وص، وهذه الصفات على النحو التالي:
القيام بما عهد الله إليه وما كلّفه به من الدعوة وتبليغ الناس، وقد تعهّد بتقديم
المساعدات للآخرين والتعاون معهم، ممّا ساعده من قيام علاقة بينه وبينهم، ممّا
يكون أدعى لإجابتهم لدعوته. الصّبر وقد اتّصف بها لتساعده على القيام بمهمته،
ليصبر على معارضة الناس وتكذيبهم له، ويتقبّل الناس على اختلافهم، فيقوم بحقّ الله
على أكمله وحق العباد. الخيريّة إنّ هدف النبي ووظيفته في الأساس نشر الخير بين
الناس وهدايتهم، بما يعود بالخير على نفسه وعلى الناس. وفاة ذو الكفل قضى ذو الكفل
حياته كلّها في الشام، ولمّا بلغ من العمر الرابع والخمسين عاماً توفي فيها ودفن
فيها.
ذي الكفل مع بني إسرائيل
ذُكر أنَّ نبياً من أنبياء بني
إسرائيل أعطاه الله -تعالى- المُلك والنبوة، ثم أوحى إليه أنَّه يريد أن يقبض روحه
فأمره الله -تعالى- أن يعرض هذا المُلك الذي رزقه إياه على قومه، فمن سيعطى الملك
من قومه من بني إسرائيل يجب أن يصوم طوال النهار ولا يفطر ويصلي بالليل حتى تُصبح
ويقضي بين خصومات الناس فلا يغضب. قام النبي وأخبر قومه بذلك، فقام شاب منهم وهو
ذو الكفل وقال للنبي: أنا أتكفل بذلك"، فقال بعض رجال من القوم: "اجلس
فهناك من هو أكبر منك"، ثم رفع صوته وقال: "أنا أفعل ذلك" ثلاث
مرات، فأعطاه النبي مُلكه ثم قُبض النبي ومات، وقام الشاب بما تكفل به فسمي ذا
الكفل.
إبليس مع ذي الكفل
رأى إبليس ما فعل ذو الكفل فقال للشياطين عليكم بهذا الرجل، لكنَّ الشياطين استصعب عليها ذا الكفل، فقال إبليس دعوه لي، وتفصيل القصة ما يأتي: ذهب إبليس إلى ذي الكفل بصورة رجل كبير في السن ودق الباب فقال ذو الكفل: من هذا، فقال إبليس: أنا شيخ كبير ومظلوم، فقام ذي الكفل وفتح الباب، فقال إبليس: "إن بيني وبين قومي خصومة ومنازعات وقد ظلموني كثيراً". كان ينام ذا الكفل ساعة من النهار فذهب وقت نومه بسبب إبليس، فأخبره ذو الكفل: "عندما أذهب لحلِّ الخصومات بين الناس ائتني لكي آخذ لك حقك". ذهب إبليس وعندما ذهب ذي الكفل لمجلسه لحلِّ منازعات الناس، بقي ينتظر الشيخ الكبير فلم يأت، ثم عندما جاء اليوم التالي قام ذو الكفل ليقضي بين الناس الخصومات وينتظره، فلما أراد أن ينام جاءه إبليس ودق عليه الباب ففتح له. قال له ذو الكفل: "ألم أخبرك بأن تأتي إذا جلست بين الناس لحلِّ الخصومات، فقال له إبليس:"إنَّ القوم إذا عرفوا أنك جالس يقولون لي سنعطيك حقك، وإذا قمت من مجلسك أنكروا حقي"، فقال له ذو الكفل عندما أجلس بين الناس فأتني. جلس ذو الكفل يقضي بين الناس وينتظره، وإذا به يغلبه النعاس، فقال ذو الكفل لرجل من أهله: "لا تدع أحداً يدخل حتى أنام"، فجاء إبليس بهيئة الشيخ الكبير وأراد الدخول عليه فمنعه الرجل وقال له: "انتظر ليصحو من نومه فقد أمرنا أن لا نسمح لأحد أن يقربه وهو نائم". ماذا أخبر إبليس ذا الكفل قال الشيخ الكبير أي إبليس، لقد جئته البارحة وعرضت عليه قصتي، ولكن لم يسمح له الرجل بالدخول، فلمَّا ظنَّ إبليس أنَّه لن يدخل رأى كوة في البيت فدخل منها، فاستيقظ ذو الكفل وعندما رأى الباب مغلقاً ودخل عليه الشيخ الكبير علم أنَّه إبليس، فقال له إبليس: "لقد قمت بحسدك ولم أستطع أن أغويك وحاولت أن أفعل ما يغضبك ولكنك قد وفيت بما قلت".
No comments:
Post a Comment