Grammar American & British

Showing posts with label اصطفاء الله لرسولمحمد صلعم. Show all posts
Showing posts with label اصطفاء الله لرسولمحمد صلعم. Show all posts

Wednesday, July 8, 2020

اصطفاء الرسول صلعم فى الذرية والاسراء والمعراج اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 4 )

اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 4 ) 

اصطفاء فى الذرية .

أراد الله سبحانه وتعالى أن تكون ذرية الرسول صلى الله عليه وسلم من السيدة خديجة وأن يتوفى كل أبنائه من الذكور حتى ابراهيم ابنه من السيدة مارية القبطية مات وحزن عليه حزنا شديدا ، كل من عاش من أبنائه الاناث وكان فى ذلك حكمة من الله ، فالعرب كانت تأد البنات ، فكرم الله البنات فى ذلك ، ونعرف قصة جد الرسول صلى الله عليه وسلم ونذره اذا رزق بعشرة من الذكور أن يذبح أحدهم تقربا لله وقصة الافتداء ، ما يهمنا من القصة مدى حب العرب للذكور وبخاصة عبد المطلب الجد ، فكانت فلسفة الدين الاسلامى بث روح جديدة وانصاف المرأة والأنثى " ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون *  واذا بشر أحدهم بالانثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم  * يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه فى التراب ألا ساء ما يحكمون" النحل 57 -  59

والسيدة فاطمة زوجة الامام على رضى الله عنهما هى التى كان منها ذرية الرسول صلى الله عليه وسلم متمثلة فى أبناء سيدنا على ابن أبى طالب – الحسن والحسين ، وذلك على خلاف سيدنا ابراهيم وأبنائه فهم من الذكور – اسماعيل واسحاق ويعقوب ، وسيدنا عيسى عليه السلام هو معجزة الله خلق روحه فى بطن أمه دون أن تمر بمرحلة الأب ، وهذا أمر محسوم ، فالله هو الخالق والانسان مجرد وسيلة لكسب الروح الوجود المادى ، فروح سيدنا عيسى عليه السلام كانت مخلوقة عند الله منذ خلق آدم عليه السلام ، وأكتست الوجود المادى فى بطن أمه مباشرة ، وهذا أمر غير صعب فأيسر شىء على الله الوجود المادى ، فسيدنا عيسى عليه السلام هو روح من الله مخلوقة كسائر البشر منذ خلق آدم ولكنها نفخت دون المرور بمرحاة الأب مرحلة معاشرة الرجال للزوجات ، " ان مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون " آل عمران 59  ، وفى سورة النساء " يا أهل الكتاب لا تغلوا فى دينكم ولا تقولوا على الله الا الحق انما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمة منه ألقاها الى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم انما الله اله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما فى السموات وما فى الأرض وكفى بالله وكيلا " النساء 171 وتكفل الله عيسى عليه السلام ونسبه الى أمه ، فهل النطفة أو الماء المهين هو الذى يخلق بشرا ، ان الذى يخلق هو الله سبحانه وتعالى ، فالماء المهين يقذف ولا ينشأ عنه ميلاد الا بمشيئة الله سبحانه وتعالى ، فكم منسيدة عاقر وكم منرجدل عقيم وكم من سيدة ورجل يتعاشرا ولا ينتج من ذلك ذرية ، فما الفرق أن يخلق سيدنا عيسى من أم وأن تنفخ فيه الروح مباشرة .

قلت ذلك حتى نعرف أن الله هو الذى يسير الأمور ، قيجعل سيدنا ابراهيم الذى تربى على الحنفية أبا لسلسلة من الأنبياء على الكبر " الحمد لله الذى وهب لى على الكبر اسماعيل واسحاق ان ربى لسميع الدعاء " ابراهيم 39 ، وجعل مريم البتول العذراء أما لنبى ، وجعل محمد عليه الصلاة والسلام رسولا ينشأ يتيما وتكن ذريته من ابنته ، فحكم الله فى خلقه وفى رعايته وفى بعثه واختياره لرسله كثيرة .

اصطفاء برحلة الاسراء والمعراج ولقاء الله فى السموات العليا .

لقد اصطفى الله سبانه وتعالى رسوله الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم برحلة أرضية للمسجد الأقصى هى رحلة الاسراء من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى " سبحان الذى أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذى باركنا حوله لنريه من آياتنا انه هو السميع البصير " الاسراء 1 ، ورحلة المعراج التى فرضت فيها الصلاة ، وكانت هذه الرحلة فى عام الحزن ، وهو العام الذى توفيت فبه زوجته السيدة خديجة وعمه أبو طالب وهما السند له فى الدعوة ، واشتداد أذى قريش له ولاصحابه ، ووقف ينادى ربه بعد أن توجه الى الطائف وأدميت قدماه بعد أن تعرض للرضخ بالحجارة من صبيان وسغهاء ثقيف وآوى الى بستان يحتمى بحائطه وناجى ربه :" اللهم اليك أشكو ضعف قوتى ، وقلة حيلتى وهوانى على الناس ...... " ، وقد تم التطرق الى رحلة الاسراء والمعراج وما فيها من اصطفاء فى بحث مطول ، ولكنها رحلة لم تكن لرسول أو نبى قبله ، فحتى سيدنا موسى عندما كان بالطور وأراد أن ينظر الى الله دك الجبل وخر على الأرض " ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرنى أنظر اليك قال لن ترانى ولكن أنظر الى الجبل فان استقر مكانه فسوف ترانى فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت اليك وأنا أول المؤمنين * قال ياموسى انى اصطفيتك على الناس برسالاتى وبكلامى فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين " الأعراف 143 – 144 ،فسيدنا موسى كلمه الله ، أما رحلة الاسراء والمعراج وما كان فيها من تجليات من الله على حبيبه ورسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فهذا اختصاص مابعده وما قبله اختصاص ونعلم كيف أم النبيين فى بيت المقدس ، ويعتبر اصطفاء ما قبله ولا بعده اصطفاء " لقد رأى من آيات ربه الكبرى " النجم 18.

رعاية الله لرسوله محمد صلعم قبل البعثة - اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 3 )

اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 3 ) 
رعاية الله لرسوله محمد صلعم قبل البعثة .

أربعون عاما من حياة النبى صلى الله عليه وسلم قبل بعثته كلها صفاء ونقاء وتجلت فيها الصفات الحميدة وظهرت فيها العناية الربانية فى اعداد سيد البرية  ، توفى الوالد قبل الولادة ودفن فى أرض يثرب حتى جاء ميلاد ممد صلى الله عليه وسلم فيولد بشعب بنى هاشم فى صبيحة يوم الأثنين التاسع من شهر بيع الأول لأول عام من حادثة الفيل ، وقيل الثانى عشر من شهر ربيع على الأرجح ، وهو الذى نحتفل فيه بميلاده كل عام من حادثة الفيل ، وقبل هجرته بثلاث وخمسين سنة ، ويوافق ذلك العشرين أو الثانى والعشرين من ابريل 571 م حسبما ذكره بعض المحققين ، ولد بين أحضان أمه وأم أيمن وثويبة مولاة أبى لهب ، وانتقل مع أمه حليمة السعدية لترضعه فى مضارب بنى سعد بن بكر على عادة العرب ، ونشأ فيها صغيرا ولعب مع أقرانه الصغار ورعى الغنم حتى بلغ أربع سنين ، وبينما هو يلعب مع الغلمان اذ به يصرع ويضجع من رجلين عليهما ثياب بيض لينطلق المنادى الى أمه بنداء الرعب والخوف " لقد قتل محمد ! " ، فكان ذلك القتل هو شق الصدر ، فقد أضجعه الرجلان ثم أخرجا منه علقة سوداء وألقياها فانتهت حظوظ الشيطان منه ، ثم غسلا قلبه فى طست من ذهب بماء زمزم ، ثم أعادا قلبه الى مكانه ، فجاء الصغير الى القوم وهو متقع اللون ، يقول أنس رضى الله عنه :" وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط فى صدره " ، فلما رأت حليمة ذلك خافت على لصغير من أن يصبه شىء فاتخذت قرارا برده الى أمه فرجع الى أحضان أمه ترعاه وتحنو عليه حتى بلغ ست سنين ، فعزمت على السفر الى يثرب ومكثت شهرا ، وفى رحلة الرجوع بين يثرب ومكة توفيت ودفنت فى مكان يقال له الأنواء ، وروى بريدة رضى الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم مر يوما على قبر فانتهى اليه وجلس ، وجلس الناس حوله ، فجعل يحرك رأسه كامخاطب ثم بكى بكاءا لم يبكه من قبل ، فاستقبله عمر فقال :" يا رسول الله ما يبكيك ؟ " ، فقال :" هذا قبر آمنة بنت وهب " ، وبعد وفاة الأم انتقل الى جده عبد المطلب الذى كان يعطف عليه وجعله مقدما على أولاده وبنيه ، ويروى أن لعبد المطلب فراشا لايجلس عليه غيره اجلالا له واحتراما ، فكان ممد الصغير هو الوحيد المصرح له بالجلوس ، فيأتى الأولاد والأبناء ليبعدوه فيقول الجد :" دعوه والله ان لهذا شأنا ! " ، وتمر الأيام حتى يبلغ ثمان سنين ويموت جده لينتقل الى عمه أبا طالب ، فنهض باليتيم على أكمل وجه ، وضمه الى بنيه وقدمه عليهم واختصه بمزيد احترام وتقدير ، وتمر الأيام .... ويأتى على قريش سنون عجف : أجدبت الأرض ، وكاد يهلك بها القوم ، فبات الناس فى شظف من العيش ، فما كان من قريش الا أن طلبوا من سيدهم أبا طالب أن يستسقى لهم ، فخرج أبو طالب يستسقى والسماء ما فيها من قزعة ! ، ومعه الغلام اليتيم الصغير وهو يتذكر كلمات عبد المطلب ( والله ان لهذا شأنا ) ، فألصق ظهره بالكعبة واستسقى فأقبل السحاب من كل جانب وانفجرت السماء بماء منهمر فقال أبو طالب : وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * بمال اليتامى عصمة للأرامل .

وبلغ النبى صلى الله عليه وسلم اثنتى عشرة سنة ورافق ركائب قريش نحو الشام فاصطبه عمه ، فلما وصلوا الى بصرى نزل القوم للراحة ، فخرج اليهم بحيرى الراهب ، ولم تكن من عادته الخروج اليهم ، فتخللهم حتى جاء الى الفتى الصغير وأخذ بيده وقال :" هذا سيد العالمين ! هذا رسول رب العالمين ! هذا يبعثه الله رحمة للعالمين ! " ، فقال أبو طالب وأشياخ قريش : " وما علمك بذلك ؟ " ، فقال :" انكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق حجر ولا شجر الا خر ساجدا ، ولا يسجد الا لنبى ، وانى أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة ، وانا نجده فى كتبنا " ، ثم سأل أبا طالب ألا يذهب به الى الشام خوفا عليه من الروم واليهود ، فرده أبو طالب بغلمان معه الى مكة ، وتمر الأيام وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يرعى الغنم الذى رعاها فى بنى سعد ثم فى مكة على قراريط لأهلها ، ويتحدث النبى الكريم صلى الله عليه وسلم عن نفسه فى تلك الفترة فيقول :" ما هممت بشىء مما كان أهل الجاهلية يهمون به من النساء ، الا ليلتين ، كلتاهما عصمنى الله تعالى منهما ، قلت ليلة لبعض فتيان من مكة – ونحن فى رعاية غنم أهلنا – فقلت لصاحبى :" أبصر لى غنمى حتى أدخل مكة ، فأسمر فيها كما يسمر الفتيان فقال :" بلى ! " ، فدخلت حتى اذا جئت أول دار من دور مكة سمعت عزفا بالغرابيل والمزامير ، فقلت :" ما هذا ؟ " ، فقيل :" تزوج فلان فلانة " ، فجلست أنظر ، وضرب الله على أذنى ، فو الله ما أيقظنى الا مس الشمس ، فرجعت الى صاحبى فقال :" ما فعلت ؟" ، فقلت :" ما فعلت شيئا " ، ثم أخبرته بالذى رأيت ، ثم قلت له ليلة أخرى :" أبصر لى غنمى حتى أسمر بمكة ففعل "، فدخلت فلما جئت مكة سمعت مثل الذى سمعت تلك الليلة ، فسألت فقيل فلان نكح فلانة ، فجلست أنظر ، وضرب الله على أذنى ، فوالله ما أيقظنى الا مس الشمس ، فرجعت الى صاحبى فقال :" ما فعلت ؟" ، قلت:" لا شىء " ، ثم أخبرته بالخبر ، فو الله ما هممت ولا عدت بعدها لشىء ، حتى أكرمنى الله بنبوته "

انها الرعاية الربانية تقف للحيلولة بينه وبين النوازع ، ولذلك جاء فى الأثر " أدبنى ربى فأحسن تأديبى " ، وتمر الأيام ليبلغ النبى صلى الله عليه وسلم عشرن عاما ليشهد حربا وقعت فى شهر محرم – هى حرب الفجار ، وقعت تلك الحرب سوق عكاظ بين قريش ومعهم كنانة وبين قيس عيلان ، وكان النبى صلى الله عليه ةسلم يجهز النبل للرمى ، وكثر القتل فى الطرفين ، حتى تدخل عقلاء القوم لهدم ما وقع من عداوة وشر فحدث " حلف الفضول " ، حيث تداعت قبائل من قريش فى ذى القعدة فى دار عبد الله بن جدعان التيمى فتعاهدوا وتعاقدوا على ألا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها وغيرهم من سائر الناس الا قاموا معه ، وشهد هذا الحلف النبى صلى الله عليه وسلم وقال عنه بعد أن أكرمه الله بالنبوة :" لقد شهدت فى دار عبد الله بن جدعان حلفا ما أحب أن لى به حمر النعم ، ولو أدعى به فى الاسلام لأجبت " ، ولا عجب فى ذلك فهو نبى الرحمة والعدالة ، وتمضى الأيام حتى يبلغ النبى صلى الله عليه وسلم الخامسة والعشرين من عمره ليخرج الى بلاد الشام للتجارة فى مال خديجة بنت خويلد بعد أن سمعت بأخبلر الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم ، وجعلت معه غلام لها يقال له ميسرة ، وبعد أن رجع رأت خديجة فى ما لها من الأمانة والبركة ما لم تره من قبل ، وحدثها ميسرة بما رآه من حال الصادق الأمين ، وكان سادة قريش قد تقدموا للزواج منها ولكنها أبت ، وبعد أن رأت ما رأت من محمد صلى الله عليه وسلم عزمت على نية أفصحتها لصديقتها نفيسة بنت منبه ، وهى رغبتها فى الزواج منه قذكرت ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم فرضى بذلك ، لا أن والد خديجة حاول عبثا الوقوف أمام هذا الزواج الميمون ، الا أن حبلة خديجة كانت حكما قاضيا فى الموضوع ، ويتزوج الشريف الشريفة وتمر الأيام والأعوام ويرزق منها البنين ، ويجرف مكة سيل عرم وتتصدع جدران الكعبة حتى أوشكت على الأنهيار ، فتتفق قريش على اعادة بنائها بشرط " الا يدخل فى بنائها الا طسبا " ، فلا يدخل فيها مهر بغى ، ولا بيع ربا ، ولا مظلمة لأحد من الناس " ، ويشارك النبى صلى الله عليه وسلم صاحب الخمس وثلا ثين علما فى البناء ، حتى يحدث الخلاف على شرف وضع الحجر الأسود أربع ليال أو خمس حتى كادت تقع حرب ضروس ، الا أن أبا أمية بن المغيرة المخزومى عرض عليهم أن يحكموا فيما شجر بينهم أول داخل عليهم من باب المسجد ، فكان ممد صلى الله عليه وسلم الذى اقترح أن يوضع الحجر فى رداء ويمسك الجميع بأطراف ذلك الرداء ويرفعوه حتى اذا أوصلوه الى موضعه أخذه بيده فوضعه فى مكانه ، وتمر الأيام وكان صلى الله عليه وسلم لا يحضر عيدا لوثن ولا يشهد احتفالا عند صنم ولا يحلف للآت ، ولا يتقرب بعزى ، ولا يشرب خمرا ، ولا يأكل مذبوحا على نصب ، فأبغض ذلك كله ، يقول مولاه زيد بن حارثة رضى الله عنه :" ... فو الذى أكرمه وأنزل عليه الكتاب ما أستلم صنما حتى أكرمه الله بالذى أكرمه وأنزل عليه ، فكان صلى الله عليه وسلم موحدا على ملة ابراهيم الخليل عليه السلام ، لقد جمع الصادق الأمين من الأوصاف والشمائل ما جعلت محبته لاتقف عند البشر بل تتعداه الى الحجر والشجر يقول صلى الله عليه وسلم بعد أن أكرمه الله بالرسالة :" انى لا أعرف حجرا بمكة كان يسلم على قبل أن أبعث !! ، وتمر الأيام حتى بدأ طورا جديدا من حياته فكان يرى الرؤية ثم لا يلبث حتى يراها واقعا مشهودا أمامه ، فكان ذلك باية بشرى النبوة والرسالة والاصطفاء لتكون البداية الحقيقية فى الغار ، غار حراء حيث كلن يتعبد ونزل عليه الوحى ، وهكذا نرى من رعاية الله لرسوله الكريم من خلال الوقائع السابقة قبل بعثه ، فعندما ولد الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتيم الأب وماتت الأم وهو طفل صغير ، فكان يتيم الأب فتكفل الله برعا يته  وتربيته وأجريت له عملية شرح الصدر عندما كان صغيرا حتى يخرج منه كل أثر للشيطان ، فكان بعيدا عن شباب العرب لاينغمس فى لهوهم ، وحتى فى المرة التى كان ينوى فيها حضور عرس ضرب الله على أذنيه فنام حتى لايمسه أى شىء ، ولو كان صغيرا فى هذه البيئة الجاهلية التى كانت الخمر فيها سائدة وكانت هناك القينات والمعازف التى تلهى القلب ، فكان للعرب مجالس اللهو ، ، فحتى مستصغر الشرر حفظ الله رسوله منه حتى يظل نقيا لايمس أذنيه أو فمه أو قلبه أو صدره النذر اليسير من ما به شبهة أو كان محرما ، فنشأ فى عبادة الله ، ويمكن أن نقارن بين نشأته ونشأة سيدنا يوسف مثلا ، فسيدنا يوسف نشأ فى الصحراء ثم انتقل ليعيش فى قصر عزيز مصر والت كانت تعتبر أفضل دول العالم حضارة ، وتعرض لأمرأة العزيز وفتنتها ، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعرضه الله حتى لهذه الفتنة وهو فى كفالة جده عبد المطلب ثم عمه أبى طالب ، يقول القرآن الكريم " انك بأعيننا ووحينا " ، فكان بطبعه واجتباء ربه له يعيش بعيدا عن لهو الشباب ، وكان يتعبد فى غار حراء الذى كان يشرف على بيت الله الحرام ، فيذكر الله فى خلوة حتى نزل عليه الوحى فى هذه الخلوة ، وكان من العرب من لايزال على دين ابراهيم ومن اتبع اليهودية أو النصرانية ، ولكن اليهود أو النصارى لم يعيشوا فى مكة ، أما من كان فى مكة فهم العرب الوثنيون أو من بقى على دين سيدنا ابراهيم الحنيفية السمحة مثل ورقة ابن نوفل ، وقد اختار الله له اسمه فلم يسبقه الى هذا السم أحد من العرب وهو محمد من الحمد ، فهو محمد من الله على وزن ممجد صيغة مفعل " حمد / مجد " من حمد بفتح الحاء وكسر الميم ، أى أثنى بخير على الشخص ، وحمد الشىء رضى عنه وارتاح عليه ، ويقال أحمد الرجل وغيره صار محمودا ، وفعل ما يحمد عليه ، ويقال أحمد فلانا رضى فعله أو مذهبه ، والأسم من " حمد " فلانا أثنى عليه مرة بعد مرة ، وتحمد فلان الناس واليهم بصنيعه أراهم أنه يستحق الحمد عليه ، وأستحمد الى الناس باحسانه اليهم أستوجب عليهم حمدهم له ، والحمد هو الثناء الجميل ، والحمدة وصف للمبالغة وهو الذى يكثر حمد الأشياء ويقول فيها أكثر مما فيها ، والمحمد ما يحمد المرء به أو عليه وجمعها محامد .

ونستنتج من كل ذلك أن هذا الفعل ومشتقاته كلها تندرج تحت الحمد أى الثناء والمدح سواء الذى يقع على الشخص أو الذى يصدر من الشخص ، وكل مشتقات الفعل واستخداماته حتى بتغيير حرف الجر أو الفاعل أو المفعول أو أسم الفاعل أو أسم المفعول كلها حسنة فمحمد يقع عليه الثناء من ربه الذى أطلق عليه الأسم ، ومحمد أسم مفعول من حمد فهو محمد اذا كان كثير الخصال التى يحمد عليها ولذلك كان أبلغ من محمود فان محمودا من الثلاثى المجرد زمحمد من المضاعف للمبالغة فهو الذى يحمد أكثر مما يحمد غيره من البشر ولهذا والله أعلم سمى به فى التوراة لكثرة الخصال المحمودة التى وصف الله بها هو ودينه وأمته فى التوراة حتى تمنى موسى عليه السلام أن يكون منهم ، وأما أحمد فهو أسم على زنة أفعل للتفضيل مشتق أيضا من الحمد ، وقد اختلف الناس فيه هل هو بمعنى فاعل أو مفعول فقالت طائفة بمعنى الفاعل أى حمده لله أكثر من حمد غيره له فمعناه أحمد الحامدين لربه ورجحوا هذا القول بأن قياس أفعل التفضيل أن يصاغ من فعل الفاعل لا من الفعل الواقع على المفعول ، ومدح الله لرسوله ورد فى القرآن فله سورة باسمه " سورة محمد " ومدحه الله فى خلقه " وانك لعلى خلق عظيم " ، ويقول " ورفعنا لك ذكرك " ، ويقول " انا أعطيناك الكوثر " ، وصيغ المدح والخطاب والتكريم للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فى القرآن كثير ويحتاج الى بحث آخر .

وكان ممدوحا ومحمدا من العرب ، فعرف بالصادق الأمين ، وهما أهم صفتان لمن أراده الله أن يحمل الرسالة ، الصدق والأمانة – صدق التبليغ والأمانة عليه بحيث لا يمسه التحريف " وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحى يوحى " ، فبلغ قرآن ربه الذى أنزل عليه كما أنزل وحافظ عليه مع صحابته فسجل على كل ما تيسر من مواد من جانب كتاب الوحى ، فالامانة فى تبليغ الرسالة نقية بيضاء لايشوبها تحريف على يد الصادق الأمين ، ولاننسى قصة وضع حجر الكعبة التى احتكم فيها العرب اليه ، ولا ننسى الأمانات التى كانوا يتركونها عنده حتى مع خلافهم معه ، والتى أضطر بسببها أن يترك الامام على فى مكة ليسلمها الى أصحابها رغم حرج الموقف وحالة العداء التى كانوا عليه ضده والتى وصلت الى محاولة القتل وكان ذلك ممكن أن يثير الهواجس ، وكانت رعاية الله وتربيته له ، فهو نشأ أميا لايعرف القراءة والكتابة ، فلم يقرأ شيئا من الآخرين أو عنهم وانما كان تعليمه بالتلقى من الله ، وكان الالهام له من الله فى قوله وفعله ، فهو الذى يوحى اليه ، وهو الذى يسيره بقدره ، ومن يتناول أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وما بها من معجزات وشروحات سوف يلمس ذلك ، فهو الرسول المتلقى للوحى ، وهو المبلغ ، وهو الرسول المعلم الذى يعلم دين الله ويشرحه وهذا مجال آخر .

واستمر الرسول صلى الله عليه وسلم يرعى الغنم ويعرف بالصادق الأمين حتى وصل خبره الى السيدة خديجة بنت خويلد وهى من كبار نساء قريش فتزوجته بعد أن أعجبت بخلقه وجربت هذا الخلق فى رعاية تجارتها فقد ائتمنته فكان الصادق الأمين .

اصطفاء البيئة والنشئة للرسول محمد صلعم -اصطفاء الله لرسول محمد صلعم ( 2 )

اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم (  2 )

الأصطفاء فى اختيار البيئة .

لقد اختار الله سبحانه وتعالى لرسوله الكريم أن ينشأ فى صحراء مترامية ، عزلت بحكم طبيعتها عن الاختلاط الشديد والاندماج ، فكان هناك صفاء يبعد عن الفلسفات التى فى الأمم الأخرى ، كما هو الحال فى الصين والهند وآسيا ومصر وسائر بلاد العالم القديم التى جعلت البشر يرغبون فى العيش فيها لرغد العيش ، فهذه البيئة صحراء تعتمد على الماء القليل والرزق القليل ، وعندما اقترب الميعاد واذن أوحى الله الى سيدنا ابراهيم بالرحيل من بلاد النهرين والشام ليصل الى هذا المكان الذى يتوسط العالم وهو مكة ليشع منه النور الى كل جزء فى الأرض " ربنا  انى أسكنت من ذريتى بوادى غير ذى زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة  فاجعل أفئدة من الناس تهوى اليهم وأرزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون " ابراهيم   37وقال سبحانه وتعالى " ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين * ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم " آل عمران 33-34 ،

وكان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من ذرية آل ابراهيم ، ذرية أبى الأنبياء ، والآية تشير الى الاصطفاء الترتيبى من ناحية البعد الزمنى ، فذكر آدم ثم نوح ثم آل ابراهيم ثم آل عمران ، وهى ذرية كما قال القرآن بعضها من بعض وليست منفصلة بل هى متصلة ، وفى داخل هذه الذرية اصطفاء ، وكانت أمة العرب أمية لاتعرف القراءة أو الكتابة وكل ما كانت تعرفه من فنون هو الشعر الذى دون تراثها القليل بالحفظ المتوارث حتى عرف بعض منهم فى مرحلة متأخرة الكتابة من بلاد الشام ذات الحضارة ، واستخدموا الحروف الآرامية فى الكتابة وهى التى نقلت عن مصر وتطورت ، ولامجال هنا لتوضيح ذلك ، وهذه الأمة كانت بعيدة عن الفلسفات بخلاف الاغريق والرومان وبلاد فارس ومصر والصين والهند ، فهذه الفلسفات قادت الى الضلال بعد أن اختلت العقائد التى تركها الرسل والأنبياء بعد وفاتهم ، وكانت البشرية تفتقد الى الاتصال السريع فكان لكل شعب فلسفته وثقافته ، وجاء الاتصال بعد أن نشأت الحضارات وعرف الانسان وسائل الاتصال وبخاصة البحرية منها ، وكان انحراف أمة العرب عن دين سيدنا ابراهيم والحنيفية السمحة بسبب هذا الاتصال فدخل اليهم عبادة الأوثان تشبها بغيرهم ، وكان منهم القليل الذى ظل على دين ابراهيم عليه السلام ، وظل يقل بمرور الأيام حتى كان ورقة بن نوفل لوحده أيام البعثة المحمدية ، يقول القرآن الكريم " هو الذى بعث فى الأميين رسولا منهم يتلو عليم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفى ضلال مبين " الجمعة 2 ، وكان لفظ " الأميين " يطلق على العرب ، وفى هذا الوسط تدخلت رعاية الله سبحانه وتعالى لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم فكان هناك اصطفاء آخر وهو

 اصطفاء الميلاد والنشأة .

اصطفى الله رسوله صلى الله عليه وسلم كما أسلفنا من ناحية النسب فنسبه يرجع الى أبى الأنبياءسيدنا ابراهيم خليل الرحمن محطم الأصنام ،فهو " محمد ابن عبد الله ابن عبد المطلب ابن هاشم ابن عبد مناف ابن قصى ابن كلاب ابن مرة ابن كعب ابن لؤى ابن غالب ابن فهر ابن مالك ابن النضر ابن كنانة ابن خزيمة ابن مدركة ابن الياس ابن مضر ابن نزار ابن معد ابن عدنان ابن أد ابن آدد ابن اليسع ابن الهميسع ابن سلامان ابن تيت ابن حمل ابن قيثار ابن اسماعيل ابن ابراهيم " المرجع كتاب " الشجرة النبوية لمؤلفه الامام جمال الدين يوسف بن حسن بن الهادى المقدسى ( ابن المبرد) ، ومن عرف طريق ربه منذ أن كان فتى ، فهو سليل الأنبياء من نسل اسماعيل عليه السلام وابراهيم أبيه عليه السلام ، ومن خير قبائل العرب " قريش " سدنة بيت الله الحرام وسادة العرب وسدنة الكعبة المشرفة ، وعن عمرو بن دينار عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال :" بينما نحن جلوس بفناء رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ مرت امرأة فقال رجل من القوم هذه ابنة محمد فقال أبو سفيان :" ان مثل محمد فى بنى هاشم مثل الريحانة فى وسط النتن فانطلقت المرأة فأخبرت النبى صلى الله عليه وسلم فخرج النبى صلى الله عليه وسلم برف الغضب فى وجهه فقال :" ما بال أقوال تبلغنى عن أقوام ! ان الله تبارك وتعالى خلق السموات فاختار العليا فأسكنها من شاءمن خلقه ثم خلق الخلق فاختار من الخلق بنى آدم فاختار من بنى آدم  العرب ، واختار من العرب مضر ، واختار من مضر قريشا واختار من قريش بنى هاشم ، فأنا من بنى هاشم من خيار الى خيار ، فمن أحب العرب فبحبى أحبهم ، ومن أبغض العرب فبغضى لأبغضهم " رواه الحاكم فى المستدرك ، وروى الامام مسلم وغيره عن واثلة بن الأسقع قال :" قال رسول الله صلى اللع عليه وسلم :" ان الله اصطفى كنانة من ولد اسماعيل ، واصطفى قريشا من كنانة ، واصطفى من قريش بنى هاشم ، واصطفانى من بنى هاشم "،وفى حديث آخر :" ان الله اصطفى من ولد ابراهيم بنى اسماعيل ، واصطفى كنانة من بنى اسماعيل ، واصطفى قريشا من كنانة ، واصطفى هاشم من قريشا ، واصطفانى من بنى هاشم ، فانا خيار من خيار من خيار " الراوى المحدث ابن تيميه ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتسب الى العرب المستعربة ، وهم عرب الشمال من نسل اسماعيل عليه السلام ويقال لهم عرب الحجاز أو العدنانيون ، وقد نشؤوا فى مكة ومنها تفرقوا الى جهات كثيرة فى الحجاز وتهامة فقد اخلط جدهم اسماعيل بجرهموصاهرهم وكان من نسله عدنان ومن عدنان نشأ فرعان عظيمان – ربيعة ومضر وقد جمع لهما من الفضل والمجد ما جعلهما أرومة صالحة انبثقت عنها أطيب الفروع وأزكاها ، وكان ربيعة ومضرعلى ملة ابراهيم عليه السلام ، ففى حديث رواه الزبير بن بكار مرفوعا :" لاتسبوا مضر ولا ربيعة فانهما كانا مسلمين " ، وقد اختار الله من ولد مضر كنانة وهو شيخ جليل كان مطاعا فى قومه مهيبا بين أهله وكانت العرب تحفظ من أخبار كرمه ونبله ما سارت به الكبان حتى نقل الحافظ ابن حجر العسقلانى فى شرح البخارى :" أنهم كانوا يحجون اليه لعلمه وفضله ، وكان على سنة جده ابراهيم الخليل عليه السلام لايأكل وحده ولا يمنع رفدة  ، وقد اصطفى الله من كنانة قريشا وهم اولئك الغر الميامين الذين اختارهم لخدمة بيته الحرام وكانوا أصح ولد اسماعيل أنسابا وأشرقهم أحسابا وأعلاهم آدابا وأفصحهم ألسنة ، وفى حديث الزبير بن العوام عند الطبرانى ومثله حديث أم هانىء فى معجمه الأوسط :" فضل الله قريشا بسبع خصال : فضلهم أنهم عبدوا الله عشر سنين لا يعبد الله الا قريش ، وفضلهم بأن نصرهم يوم الفيل وهم مشركون ، وفضلهم بأن أنزل فيهم سورة من القرآن لم يدخل فيها أحدأ من العالمين وهى "لايلاف قريش " ، وفضلهم بأن جعل فيهم النبوة والخلافة والحجابة والسقاية " ، وكانت مائدة هاشم منصوبة دائما لاترفع فى السراء ولا فى الضراء وزاد عليه ولد عبد المطلب فكان يطعم الوحش وطير السماء ، وكان أول من تحنث بغار حراء ، ويروى أنه حرم الخمر على نفسه وجعل ماء زمزم قاصرا على الشرب وحرم على الناس أن يغتسلوا به ، وخلاصة القول أن بنى هاشم كانوا أكرم قريش اطلاقا وأبعدهم عن الكبر والأثرة ، قال أبو جهل فى حسده اياهم على كون الرسول صلى الله عليه وسلم منهم :" تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف ، أطعموا فأطعمنا ، وحملوا فحملنا ، وأعطوا فأعطينا ، حتى اذا زاحمناهم بالمناكب قالوا : منا نبى يأتيه الوحى من السماء فمتى ندرك هذه ! ، ومن بنى هاشم اختار الله محمدا صلى الله عليه وسلم ، اختاره الله فأدبه وأحسن تأديبه فكان على خلق عظيم ، وقد ارفق اسم قريش بأعظم بقعة عند الله على الأرض وهى مكة التى أطلق عليها القرآن " هذا البلد الأمين " فى سورة التين ،وأقسم الله بها " لا أقسم بهذا البلد * وأنت حل بهذا البلد " البلد 1-2 ، وولد الرسول صلى الله عليه وسلم فى هذه البقعة فكان اصطفاء لمحل الميلاد والمقام                                                                                                   ،

مظاهر اصطفاء الله لرسول محمد صلعم - اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 1 )

اصطفاء الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم ( 1 ) 

اصطفاء الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم .

لقد تجلى اصطفاء الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم فى عدة نقاط منها :

1-) اصطفاء منذ خلق آدم عليه السلام . 2-) اصطفاء فى اختيار البيئة . 3-) اصطفاء فى الميلاد والنشأة . 4-) اصطفاء فى الذرية . 5-) اصطفاء فى العقيدة والرسالة . 6-) اصطفاء فى الاتباع 7-) اصطفاء فى رحلة الاسراء والمعراج .8-) اصطفاء فى الاطلاع على الغيب والنبوءات الدالة على صدق الرسالة 9-) اصطفاء فى آيات الاعجاز العلمى فى الكتاب والسنة 10-)اصطفاء فى البعث والحساب يوم القيامة .  

مقدمة .

ان الله قد اصطفى رسله وأنبيائه من بين الصفوة من عباده وخلقه وأعطى كل واحد مزية أو أبتلى بنقيصة معينة تؤثر فى بلوغه الكمال ، ولم تكتمل له تلك العناصر سالفة الذكر مجتمعة الا الرسول الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، فالاصطفاء لذلك الرسول ولتلك الأمة انما جاء عن استحقاق واختيار نابع من أسس أوجدها الله برعايته وعنايته حتى يكون الرسول خاتم المرسلين وتكون الرسالة خاتم الرسالات ، ويقول الله سبحانه وتعالى " تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد " البقرة 253  ولابد لكل صاحب لب من أولى الألباب أن يبحث فى ذلك ويسعى ويجتهد فى ادراكه ويسأل الله التوفيق فى مسعاه حتى يبلغ كمال الايمان عن قلب مملوء بالاقتناع والتسليم ، وحتى يصل الى عين اليقين وترجع نفسه مطمئنة الى ربها وراضية مرضية ، وسأحاول أن أبحث فى كل اصطفاء على حدة وبقدر توفيق الله لى وانعامه على بالبصر والبصيرة .

الاصطفاء منذ خلق آدم عليه السلام .

يقول الله سبحانه وتعالى " واذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة انا كنا من هذا غافلين * أو تقولوا انما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون * وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون " تلأعراف 172 – 174

ويقول " ألم أعهد اليكم يابنى آدم ألا تعبدوا الشيطان انه لكم عدو مبين * وأن اعبدونى هذا صراط مستقيم * ولقد أضل منكم جبلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون " ياسين 60 – 62 ان الله خلق البشر منذ خلق آدم فى عالم الروح كما توضح الآيات السابقة وقد أشهد الله البشر على أنفسهم ألا يشركوا به شيئا وأن يشهدوا له بالوحدانية وأخذ عليهم عهد بذلك ، فحقه عليهم أن يعبدوه لايشركوا به شيئا ، وحقهم عليه الا يعذبهم ويدخلهم الجنة ، وحذرهم الله من الشيطان وشركه وشركه ، ولكن هيهات هيهات فالطبيعة البشرية مجبولة على المعصية فقد أضل الشيطان من البشرجبلا كثيرا ففى حديث عن أنس رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال :" أنا أول الناس خروجا اذا بعثوا ، وأنا خطيبهم اذا وفدوا ، وأنا مبشرهم اذا يئسوا ، لواء الحمد يومئذ بيدى ، وأنا أكرم ولد آدم على ربى ولا فخر " رواه الترمذى ( يريد انفراده بالحمد يوم القيامة ) فمن الحديث السابق قوله " وأنا أكرم ولد آدم على ربى ولا فخر " ، وفى كتاب تاريخ الطبرى المجلد الثالث يقول :" حدثنى ابن أبى عدى عن عبد الرحمن يعنى المسعودى عن عمرو بن مرة عن أبى عبيدة عن أبى موسى قال :" سمى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه أسماء منها ما حفظنا قال :" أنا محمد وأحمد والمقفى والحاشر ونبى التوبة والملحمة " . ، وقال فى حديث آخر فى فصل ذكر أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم :" حدثنى ابن المثنى قال :" حدثنا أبو داود قال :" أخبرنا ابراهيم يعنى ابن سعد عن الزهرى قال :" أخبرنى محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال :" قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لى أسماء ، أنا محمد وأحمد والعاقب والماحى ، قال الزهرى :" العاقب الذى ليس بعده أحد ، والماحى الذى يمحوا الله به الكفر " وقال :" حدثنا يزيد بن هارون قال :" أخبرنا سفيان بن حسين قال :" حدثنى الزهرى ، عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال :" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا محمد وأحمد والماحى والعاقب والحاشر الذى يحشر الناس على قدمى ، قال يزيد فسألت سفيان :" ما العاقب ؟ قال : آخر الأنبياء " ، وروى الامام أحمد عن النبى صلى الله عليه وسلم " : كنت نورا بين يدى ربى قبل خلق آدم بأربعة عشر ألف عام " وكذلك رواه الامام الترمذى وغيره عن أبى هريرة رضى الله عنه قال :" قالوا يارسول الله متى وجبت لك النبوة ؟ قال : " وآدم بين الروح والجسد " ، وعن الامام البيهقى وأبن عساكر عن سيدنا عثمان بن  أبى العاص رضى الله عنه قال :" حدثننى أمى أنها شهدت ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت فما شىء أنظر اليه فى البيت الا أضاء البيت والدار حتى جعلنا لانرى الا نورا " ، وفى مسند أحمد وغيره  اسناد حسن عن العرباض بن سارية عن النبى صلى الله عليه وسلم قال :" انى عند الله  لمكتوب خاتم النبيين ، وان آدم لمنجدل فى طينته ، سأنبئكم بأول أمرى ، دعوة أبى ابراهيم ، وبشرى عيسى ، ورؤيا أمى – رأت حين ولدتنى كأنها خرج منها نور أضاءت له قصور الشام "  ، قال البيهقى عقب هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم " انى عند الله لمكتوب خاتم النبيين ، وان آدم لمنجدل فى طينته " يريد به أنه صلى الله عليه وسلم كان كذلك فى قضاء الله وتقديره قبل أن يكون أبو البشر وأول الأنبياء صلوات الله عليهم ، وروى ابن سعد أن النبى صلى الله عليه وسلم قال :"رأت أمى حين وضعتنى سطع منها نور أضاءت له قصور بصرى " ، ويرى أنه صلى الله عليه وسلم حين وضعته آمنة وقع جاثيا على ركبتيه رافعا رأسه الى السماء وخرج منه نور أضاءت له قصور الشام حتى رأت أمه أعناق الأبل ببصرى ، وأما قوله صلى الله عليه وسلم " دعوة أبى ابراهيم فقد قال :" ربنا وابعث رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم انك أنت العزيز الحكيم " البقرة  .

150-] English Literature

150-] English Literature Letitia Elizabeth Landon     List of works In addition to the works listed below, Landon was responsible for nume...