10-) التسلط فى الرأى
والدكتاتورية ففى سورة غافر يقول القرآن الكريم عن فرعون
"قال فرعون ما أريكم الا ما أرى وما أهديكم الا سبيل الرشاد" غافر 27 ،
فالفرعون أو الدكتاتور يرى نفسه دائما على صواب ويسخر الوسائل ليجعل شعبه على
الأقل يتبعه ، وفى العصر الحديث لا ننسى هتلر وما فعله فى ألمانيا ليجعل شعبه على
الأقل يتبعه وما جره ذلك على ألمانيا ،وما فعله استالين فيما كان يسمى بالاتحاد
السوفيتى من قتل ونفى الى سيبيريا وموت عشرين مليون من معارضيه على يديه فى الحكم
الشيوعى ، وفى حكامنا العرب والمسلمين الأمثلة كثيرة لاحصر لها .
11-) الغرور بما لديه من ثروة
وملك وقوة وسطوة كلها من عند الله ففى سورة الزخرف 51 – 53 " ونادى فرعون فى
قومه أليس لى ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتى أفلا تبصرون * أم أنا خير من هذا
الذى هو مهين ولا يكاد يبين* فلولا ألقى عليه أسورة من ذهب أو جاء معه الملائكة
مقترنين " ، وفى سورة النازعات " فأراه الآية الكبرى * فكذب وعصى * ثم
أدبر يسعى * فحشر فنادى * فقال أنا ربكم الأعلى " النازعات 20 – 24 ، وهو
مغتر بما لديه من قوة " وفرعون ذى الأوتاد "الفجر 10 ، " كذبت
قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد " ص 12 ، ان القرآن الكريم شبه هنا
فرعون فى ثبات ملكه ورسوخ سلطته ببيت ثابت أقيم عماده وتثبتت أوتاده ، وقال ابن
مسعود وابن عباس رضى الله عنهما " الأوتاد هى الجنود يقوون ملكه ، اى فرعون
ذو الجنود ( قصة موسى مع فرعون – محمد بن صالح العثيمين - )، فرعون مصاب بالغرور
وجنون العظمة الكاذبة ، وهو مرض يصيب كل حاكم مستبد وينتهى به الى ضياع الملك
وضياع بلاده ، ففرعون يتباهى بملك مصر وما فيها من أنهار وما فيها من ذهب ويسخر من
سيدنا موسى عليه السلام ويتهمه بالهوان والفقر ويسخر منه ويطلب منه أن يأتى
بالملائكة .
12- ) الاستخفاف بعقول شعبه وتضليلهم واتباعهم له وخسرانهم يقو
ل القرآن الكريم عن فرعون فاستخف قومه
فاطاعوه انهم كانوا قوما فاسقين * فلما أسفونا انتقمنامنهم فأغرقناهم أجمعين *
فجعلناهم سلفا ومثلا للأخرين " الزخرف
54 - 56 ، وكما ذكرنا فى النبذة التاريخية عن أحوال القوم وكيف ينظر لفرعون من جانب قومه على
أنه آله ابن آله وأن له كل ما فى الكون وكانوا يطيعونه فى ذلك لأنهم مثله فاسقين
خارجين عن طاعة الله فهو يقول لقومه " أنا ربكم الأعلى " ، وفى سورة
القصص " وقال فرعون يأيها الملأ ما علمت لكم من اله غيرىفأوقد لى يا هامان
على الطين فاجعل لى صرحا لعلى أطلع الى اله موسى وانى لأظنه من الكاذبين ."
القصص 38 ، وفى سورة غافر " وقال
فرعون ياهامان ابن لى صرحا لعلى أبلغ الأسباب * أسباب السموات فأطلع الى اله موسى
وانى لأظنه كاذبا وكذلك زين لفرعون سوؤء عمله وصد عن السبيل وما كيد فرعون الأ فى
تباب " غافر37 ، وهنا ينكر فرعون
وجود الله ويستخف بعقول من حوله فطلب من وزيره هامان أن يبنى له قصرا عاليا من
الآجر او الطوب المحروق لأن البناء كان من الطين والطوب اللبن ، ولايمكن أن يرتفع
البناء ، ويقول ذلك ساخرا أنه لايوجد آله غيره ، وهنا نذكر ما فعله جاجارين رجل
الفضاء الروسى عندما ركب سفينة فضائية فى رحلة الى الفضاء الخارجى للأرض وقال لم
أجد الله على حد زعمه فى جهل مطبق ، فملة الكفر واحدة ، وفى عصرنا الحالى ماحدون
يفاخرون بالحادهم وماديتهم وينكرون وجود الله ، وعبدة للشيطان ، وعبدة للبقر والأصنام
فى الهند وغيرها يضطهدون المسلمين.
والطاغية لايجر على من اتبعه
الا الخسران فى الدنيا والآخرة ، يقول القرآن الكريم فى سورة هود " ولقد
أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين * الى فرعون وملأيه فأتبعوا أمر فرعون وما أمر
فرعون برشيد * يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود " 96 –
98 ولذا فمن صفات الفرعونية الكفر ومحاولة البرهنة الكاذبة عليه واستخفاف عقول
الدهماء لهذا الاعتقاد ، والمادية الكافرة موجودة فى عصرنا الحالى كما كانت موجودة
فى الماضى .
13-) التصلب والعناد
والاستمرار فى الضلال والاستكبار عن اتباع آيات الله والحق والاصرار على ذلك حتى
النهاية .
أيد الله رسوله موسى عليه
السلام بآيات مادية بالاضافة الى مالديه من قوة حجة وبرهان ظهر من خلال لقائه
بفرعون فقد بادل فرعون الحجة والموعظة الحسنة وظهرت براعة سيدنا موسى فى الحوار ،
وكان هناك حرب فكرية وعقائدية بين فرعون وموسى عليه السلام ، فقد حرص فرعون على أن
يحاور موسى عليه السلام أمام الملأ من قومه ليعرفهم على موسى عليه السلام ودعوته ،
ويضع أيديهم على مدى خطورتها عليهم ، وذلك ليهيجهم عليه وينشطهم فى حربه ، والملأ
هم كبار رجال دولته الذين يتولون حكم الدولة بأسمه ، فبدأ فرعون بتذكير سيدنا موسى
بما كان فى الماضى من تربيته له وفضله عليه ، وبما وقع منه من قتل لأحد أتباعه على
يديه " قال الم نربك فينا وليدا ولبثت فينا فى عمرك سنين * وفعلت فعلتك التى
فعلت وأنت من الكافرين * قال فعلتها اذا وأنا من الضالين * ففررت منكم لما خفتكم
فوهب لى ربى حكما وجعلنى من المرسلين * وتلك نعمة تمنها على أن عبدت بنى اسرائيل
" الشعراء 18 – 22 ، فرد عليه موسى عليه السلام أن ما وقع منه كان قبل أن يمن
الله عليه بالرسالة ، وأن ليس له عليه فضل فى تربيته له فهو قد أخذ الكثير من بنى
اسرئيل فى تسخيرهم وخدمتهم له ، ، ولذلك صعد فرعون فى حواره مع موسى عليه السلام
وعلت نبرته وارتفعت حدةكلامه ، وتخلى عن هدوئه الظاهرى المصطنع "قال فرعون
وما رب العالمين * قال رب السماوات والأرض وما بينهما ان كنتم موقنين * قال لمن
حوله ألا تستمعون * قال ربكم ورب آبائكم الأولين * قال ان رسولكم الذى أرسل اليكم
لمجنون * قال رب المشرق والمغرب وما بينهما ان كنتم تعقلون * قال لئن اتخذت آلها
غيرى لأجعلنك من المسجونين " ، وذكرت
قصة موسى عليه السلام مع فرعون بالتفصيل فى سورة الشعراء الى غرق فرعون وقومه
وتبرز قوة المواجهة والتحدى ، أما فى سور الأعراف كان بعث موسى عليه السلام
بالآيات الى فرعون وملئه وفى سورة الفرقان
الى القوم الذين كذبوا بآياتنا أى آيات الله ، وفىسورة طه الارسال الى فرعون وحده أما فى سورة الشعراء
فكان الاتيان الى القوم الظالمين قوم فرعون " واذ نادى ربك موسى أن أت القوم
الظالمين * قوم فرعون ألا يتقون " الشعراء 10 – 11 .
الصيغ التى جاءت فى الحوار
أكدت وأثبتت حقيقة النبى موسى عليه السلام ، ذلك أن الداعية عليه أن يتمتع بلغة
سليمة وواضحة عقلانية منطقية ، فيها حكمة وموعظة حسنة ، عكس فرعون الذى لا يتحدث
الا بالتهديد والوعيد والقتل والتنكيل كما يحدث حاليا فى الاعلام من تشويش وتشويه
لصورة الشخص المعارض و النيل منه ،المعارض للحاكم أو التيار المستبد ، ولما أنقطع
فرعون وغلب فى الحجة رجع الى الاستعلاء والبطش متوعدا موسى عليه السلام بالتنكيل
به بالقائه فى أقبية سجون التعذيب ، وهكذا شأن الطغاة المتجبرين اذا غلبوا فى
الحجة عدلوا الى أسلوب التنكيل بدلا من أسلوب الحوار والتعذيب متذرعين بقوة الجاه
والسلطان ، يسعون الى قهر الخصم والنيل منه بمنطق الحديد والنار .
وسجن فرعون كان أشد من القتل ،
وقد اقتدى به زبانية اليوم من الطغاة المتجبرين ، يضعون الانسان فى زنزانة فى
أقبية تحت الأرض لا يرى الشمس ولا النور ولا الضياء ويسومونه سوء العذاب .
وقد نجح موسى عليه السلام
الحكيم فى استدراج فرعون وتحويل الموضوع الى حوار عام مفتوح ، فها هو فرعون يوجه
كلامه للملأ من حوله ، وها هم الملأ يستمعون الى الحوار بين فرعون وموسى عليه
السلام ، وهم يعلمون أنهم مقصودون بذلك ، وانتقال فرعون دليل على هزيمته أمام موسى
عليه السلام وعدم وقوف كلامه أمام قوة حجة موسى عليه السلام ، وبما أنه عجز عن دفع
حجة موسى عليه السلام الفكرية انشغل بتشويه شخصية موسى عليه السلام ، وما أقدم
عليه فرعون أمام موسى عليه السلام هو نفس ما يقدم عليه كل حاكم طاغية مستبد ،
فعندما يعجز الطاغية عن نقض الحجج لأصحاب الحق ، ولا يستطيع دفع الحجة بالحجة فأنه
يلجأ الى سب وشتم واتهام أصحاب الحق .
والملاحظ أن موسى عليه السلام بقى متمتعا بهدوئه
فى ذلك الحوار الموسع وبقى يحافظ على الموضوعية الحكيمة فى الحوار والجواب والكلام
، لم يخرجه فرعون عن موضوعيته وحكمته ، كما أنه لم يضعف أمامه فلم يخفه ولم يخش
تهديده وبقى يواجهه بعزة وشجاعة وجرأة هى جرأة أهل الحق ، ومن حكمة موسى عليه السلام مع فرعون أمام
الملأ أنه لم ينزل الى مستوى فرعون الهابط ، ولم يرد على الاتهام باتهام مقابل ، ففرعون الهابط يريد أن يصرف سير
المواجهة الى موضوع هامشى تافه يقوم على الملاسنة والسباب والشتم بين شخصين ،
وموسى عليه السلام يدرك هذه اللعبة الفرعونية فلم يستجب له وأبقاها فى اطارها .
تظاهر فرعون أمام الملأ من
حوله على أنه حليم موضوعى واسع الصدر يستمع للرأى المخالف ولا يصدق به ، لم يستمر
بذلك لأنه ضاق ذرعا بعلمية ومنهجية حوار موسى عليه السلام فى أدلته وكلامه وظهر
على صورته الحقيقية ، صورة الطاغية المستبد ، فهدد تهديدا واضحا صريحا بالسجن .
www wasatyea.net( المنتدى العالمى للوسطية – 1
ديسمبر 2009 )
No comments:
Post a Comment