-14)
التنكيل بالمعارضين حتى لو كانوا من أتباعه لو خالفوه الرأى أتبعوا الحق وعدلوا عن
أرائهم السابقة
ظهر ذلك فى تنكيل فرعون بمن
جاء بهم من السحرة ليناصروه ،فقد اتهم فرعون سيدنا موسى عليه السلام بالسحرعندما
جاءه بالآيات من ربه للتدليل على صدقه ، العصا واليد البيضاء ليقيم عليه الحجة
ويتراجع عن غيه
ففى سورة الشعراء " قال
أو لو جئتك بشىء مبين * قال فأت به ان كنت من الصادقين * فألقى عصاه فاذا هى ثعبان
مبين * ونزع يده فاذا هى بيضاء للناظرين * قال للملأ حوله ان هذا لساحر عليم *
يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تامرون * قٌالوا أرجه وأخاه وابعث فى المدائن
حاشرين * يأتوك بكل سحار عليم تأمرون * يأتوك بكل سحار عليم * فجمع السحرة لميقات
يوم معلوم * وقيل للناس هل أنتم مجتمعون * لعلنا نتبع السحرة ان كانوا هم الغالبين
* فلما جاء السحرة قالوا لفرعون ائن لنا لأجرا ان كنا نحن الغالبين * قال نعم
وانكم اذا لمن المقربين * قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون * فألقوا حبالهم
وعصيهم وقالوا بعزة فرعون انا لنحن الغالبون * فألقى موسى عصاه فاذا هى تلقف ما
يأفكون * فألقى السحرة ساجدين * قالوا آمنا برب العالمين * رب موسى وهارون * قال
آمنتم له قبل أن آذن لكم انه لكبيركم الذى علمكم السحر فلسوف تعلمون لأقطعن أيديكم
وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين * قالوا لاضير انا الى ربنا منقلبون * انا نطمع
أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين " الشعراء 30 – 51 ، رد سيدنا
موسى كان من جنس العمل ففرعون يؤمن بالسحر وكان السحر منتشرا وبرع فيه قوم فرعون ،
وكان ايمانهم بالسحر كبير ، ولما عجز اتهم موسى بالسحر وهدده بالسجن وتكميم
الأفواه كما يفعل الحكام المستبدون ، وهى من صفات الفرعونية ، وواجه سيدنا موسى
عليه السلام بالبرهانان من ربه ، فألقى عصاه فاذا هى ثعبان حقيقى وليس خداع بصر
كما يفعل السحرة أو من يدعون السحر ، فكان ثعبان عظيم الشكل بديع فى الضخامة
والهول حتى قيل أن فرعون لما شاهد ذلك أخذه
رهب شديد وخوف عظيم ، ولكنه كبر الكفر والفرعونية ، وقيل أنه حصل له اسهال عظيم
أستمر أكثر من أربعين مرة فى يوم ، وأدخل موسى عليه السلام يده فى جيبه واستخرجها
وهى كفلقة القمر تتلألأ نورا يبهر الأبصار واذا أعادها الى جيبه واستخرجها ترجع
الى صفتها الأولى ، ولم يتراجع فرعون لعنه الله بشىء بل استمر على ما هو عليه
وأظهر أن هذا كله سحر واستعان بالسحرة ومؤيديه كما يفعل الحكام المستبدون من
الاستعانة بمؤيديهم من اعلاميين وغيرهم فى العصر الحالى ، وجمع السحرة جميعا من
رعيته وتحت قهره ودولته .
استمرت المعركة بين الحق
والباطل بالرغم من تحذير سيدنا موسى عليه السلام " قال لهم موسى ويلكم لا
تفتروا على الله الكذب فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى * فتنازعوا أمرهم بينهم
وأسروا النجوى " طه 61 – 62
والحجة التى أوردها سيدنا موسى
عليه السلام أثارت النزاع بين قوم فرعون فقائل يقول انه كلام نبى وليس بساحر وقائل
يقول انه ساحر وأسرواالتناجى بهذا وغيره وينتظروا لقاء موسى عليه السلام والسحرة .
وأنتصر موسى عليه السلام ،
وظهر الحق على يدى سحرة فرعون ، عرفوا أن ما جاء به موسى عليه السلام ليس بسحر ،
وهم أعلم الناس بالسحر ، عرفوا أنه مؤيد من عند الله ، عرفوا أن عصاه هى من عند
الله ، خروا ساجدين لله وآمنوا به ، وتمسكوا بايمانهم ، ويتخلى السحرة عن فرعون
وعمله وطلبوا من الله المغفرة ، وأنهم أول المؤمنين بالله وبعد أن كان فرعون يقول
لهم أنهم من المقربين ، وبعد أن كانوا يطلبون منه الأجر والمكافئة ، وبعد أن
أقسموا بعزة فرعون وأنهم سوف يغلبون ، أنقلبوا بعد أن رأوا الآيات البينات وأن
موسى مرسل ومؤيد من الله ، وهنا ثارت ثورة فرعون " كيف يؤمنون بموسى عليه
السلام دون أخذ اذن منه ، وأتهم موسى عليه السلام بأنه رئيسهم فى السحر وأن كل ذلك
مؤامرة عليه ، وقرر أن ينكل بهم بعد أن أصبحوا من معارضيه ، سوف يقطع أيديهم
وأرجلهم ويصلبهم ، لكن حلاوة الايمان دخلت قلوبهم ، فلم يخفهم تهديده ، فهم سوف
يرجعون الى الله ، وطلبوا من الله المغفرة ، وادركوا أن جزاءهم عند الله هو الجنة
، " قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذى فطرنا فاقض ما أنت قاض
انما تقضى الحياة الدنيا * انا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من
السحر والله خير وأبقى * انه من يأت ربه مجرما فان له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى
* ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى * جنات عدن تجرى من
تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى " طه 72 - 76 ،
وانتصر الحق ، وهزم الباطل من حيث أراد أن ينتصر ، وذلك شبيه بما يحدث اليوم من
اتهام بقلب نظام الحكم واثارة الفتنة "قال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم ان
هذا لمكر مكرتموه فى المدينة لتخرجوا منها أهلها فلسوف تعلمون "الأعراف 123 ،
ولايعترف لباطل بفشله وظلمه بل يكيل الاتهامات للآخرين ويحملهم فشله .
No comments:
Post a Comment