Grammar American & British

Wednesday, July 8, 2020

الحج عام 629 م -اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 18 )

اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 18 )

                                           الحج عام 629 م . 

 يمضى المؤلف قائلا " وفى العام التالى قصد النبى صلى الله عليه وسلم على رأس الحجاج الى مكة ، فلما أصبحوا على مرمى النظر ، خرج المكيون من منازلهم ، وتركوا المدينة وعسكروا خارجها ، ودخلها المسلمون ، فلما لمحوا الكعبة أنبعثت من حناجرهم التكبيرات " لبيك اللهم لبيك " ، وبعد أن أدوا مناسك الحج ( المراد العمرة ) باتوا ليلتهم حول الكعبة ، فلما أصبحوا أمر النبى بلالا أن يؤذن فأذن قائلا " الله أكبر ، الله أكبر " ، لقد كان لهذا الأذان وقع لايبارى .. لقد سمعه أهل مكة جليا ، ورأوا آلهتهم جامدة كالصخر ، لم تشر ولم تغضب لانتهاك حرمتها ، ولم ترسل الصواعق مدرارا على رؤوس أولئك الكفرة ... ولم تفجر ينابيع الأرض أو تشقق جوفها تحت أقدامهم .

رأى القرشيون ذلك وتأثروا به ، فكان أن قصد خالد بن الوليد ، وعمرو بن العاص وعثمان بن طلحة الى النبى بعد ثلاثة أشهر فى المدينة وأعلنوا اسلامهم ، ولم يقتصر الأمر على أهل مكة ، بل قصدته القبائل من كل أنحاء الجزبرة تعلن اسلامها " . وفى مقال للكتور محمد عمارة فى مجلة الأزهر بتحدث فيقول "لقد أبصرت العبقرية السياسية والحربية والدعوية للرسول صلى الله عليه وسلم فى هذا الصلح وهذه الهدنة المقدمة للفتح الأكبر والمبين ، الذى سيطوى صفحة الشرك والوثنية من شبه الجزيرة العربية فتعلوها رايات التوحيد فى الدين ، ورايات الوحدة فى الدولة ، لأول مرة فى التاريخ ، كانت قريش الشرك والوثنية هى العدو الأكبر ، الذى استمر فى جمع الحلفاء من الأعراب واليهود ، وتجييش الجيوش ، وفرض الحروب على المسلمين أكثر من عشرين غزوة وموقعة فى ست سنوات ! ، فجاء هذا الصلح – الهدنة  ليحيد العدو الأكبر والأشرس والأخطر للاسلام والمسلمين ، والدولة الاسلامية ، وكانت قريش حتى عقد الصلح لا تعترف بالدولة الاسلامية ، فكان اعترافها بها فى هذا الصلح لأول مرة فى تاريخ هذا الصراع ، لقد اعترفت بالدولة وان لم تعترف بالدين ... لكن هذه الدولة التى اعترفت بها كانت هى " دولة الدين " ، ولقد قلب هذا الاعتراف من قريش بالدولة الاسلامية موازين القوى فى سبه الجزيرة العربية بأسرها ، فالقبائل التى كانت تميل عن لاسلام ودولته استنادا الى قريش أو التى كانت مترددة فى حسم مكوقفها من هذا الصراع بدأت بعد هذا الاعتراف تفكر بالصلح هى الأخرى مع الدولة الاسلامية ، بل والدخول فى الدين الجديد ، كما أدى هذا الصلح الى عزل يهود خيبر ، أخطر المتآمرين على الاسلام وأمته ودولته ، وأخطر حلفاء قريش فى مناوأة الاسلام ، لقد عزلهم هذا الصلح ، فكان فتح خيبر من قبل المسلمين بعد أقل من شهرين على صلح الحديبية ، وبفتح خيبر التى كان يهودها قد تحلفوا مع يهود وادى القرى وتيماء للزحف على المدينة المنورة ، والذين كانوا الممول الأكبر لمرتزقة الأعراب وحشدهم وراء قريش فى محاربة الاسلام ... بفتح خيبر وهزيمة يهودها أصبحت الدولة الاسلامية هى القوة الأولى والكبرى فى شبه الجزيرة العربية كما تمتعت الدولة الاسلامية بالأمن ، بعد مهادنة قريش ، وفتح خيبر، الأمر الذى جعلها تتوجه الى دوائر وميادين كانت تشغلها عنها الحروب المتوالية والمخاطر الدائمة التى فرضتها قريش وحلفاؤها على امتداد السنوات الست الأولى من عمر دولة الاسلام ، لذلك وكثمرة من ثمرات هذا الصلح –الهدنة  الذى تجلت فيه عبقرية " الاستراتيجية السياسية والحربية للرسول صلى الله عليه وسلم سنة 7 هجرية / 628 م أى العام التالى لتحييد قريش وهزيمة اليهود ، ففى هذا العام خرج رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم حاملين كتبه ورسائله الى قيصر الروم ، وكسرى الفرس ، والفادة والأمراء والشيوخ والرؤساء فى أطراف شبه الجزيرة العربية وما وراءها ، لقد كان الرومان يحتلون الشام ومصر وشمالى افريقيا ، وكان الفرس حتلون العراق والخليج – أى مشرق الدولة الاسلامية الوليدة ، وغربها وشمالها كانت تحت الاحتلال والقهر السياسى والحضارى ، ولقد تجلت فى " السياسة الخارجية " لدولة النبوة منذ فجرها وبواكيرها ولحظاتها الأولى " القسمة التحريرية " للشرق من هذا الاحتلال والقهر الحضارى والدينى والثقافى والسياسى ، الذى دام عشرة قرون : من الاسكندر الأكبر ( 356 – 324 ق. م ) ، فى القرن الرابع قبل الميلاد الى هرقل ( 610 – 641 م ) ، فى القرن السابع للميلاد ، فهذا التحرير لشعوب الشرق المستضعفة هو ضرورة لأمن الدولة الاسلامية الوليدة ، كما أنه فريضة دينية على هذه الدولة " وما لكم لا تقاتلون فى سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها وأجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا " النساء 75 ، ولذلك حملت مراسلات رسول الله صلى الله عليه وسلم الى قادة الشرق سنة ( 7 هجرية / 628 م ) ، هذه الدلالات التحريرية لشعوب الشق المقهورة والمستضعفة ، فمع مراسلة الرسول صلى الله عليه وسلم لقيصر الروم – هرقل ، فلقد راسل المقوقس – عظيم القبط بمصر ، التى كانت يومئذ ولاية رومانية ، ليعلن بذلك عن أن مصر ليست شأنا رومانيا بيزنطيا يخاطب قيصر الروم فى شأنها ، وكذلك صنعت مراسلاته صلى الله عليه وسلم مع قادة ورؤساء القبائل التى كانت خاضعة لقهر الروم فى الشام ومع نظرائهم الذين كانوا خاضعين لقهر الفرس فى مشرق الدولة الاسلامية ، لقد خاطبتهم الدولة الاسلامية فى هذه المراسلات ، ولم تكتف بمخاطبة كسرى الفرس الساسانيين ، هكذا بدأت " الاشارات والتنبيهات " فى السياسة الخارجية لدولة النبوة ، مخاطبة أهالى المستعمرات مباشرة ، اعلانا عن ضرورة استقلالهم عن الفرس والروم ، وحتمية تحررهم من القهر الاستعمارى الى عانوا منه ويعانون ، والعام التالى لبدء هذه السياسة الخارجية سنة ( 8 هجرية / 629 م ) قد شهد أولى غزوات دولة النبوة ضد احتلال الرومان لأرض العرب فى الشام الكبير ، فكانت غزوة " مؤتة " ببلقاء لشام ، كما كانت غزوة تبوك سنة 9 هجرية / 630 م ) وهى آخر غزوات دولة النبوة ، ففى رسالته الى هرقل الروم البيزنطيين دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الاسلام وحذره من الاثم الذى يرتكبه وترتكبه دولته وكنيسته الملكانية فى حق رعاياه من النصارى الموحدين " الأريسيين " أتباع " آريوس " ( 270 – 336 م ) الرافضين لتأليه المسيح ولعقائد الصلب والتثليث ، كما دعاه فى هذه الرسالة الى أن يخلى بين الفلاحين وبين حرية الاعتقاد ليدخل الى الاسلام منهم من يشاء بالحرية والاختيار ، وكذلك صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى رسالته الى " كسرى أبرويز " ( 590 – 628 م ) عظيم الفرس الساسانيين ، فكما خاطبت هذه الرسائل مباشرة المقوقس – عظيم القبط بمص وقادة قبائل غساسنة الشام وشيوخها ، خاطبت مباشرة شيوخ قبائل المناذرة فى العراق والبحرين واليمامة وعمان والخليج ، وكذلك كانت المراسلات مع قادة عرب اليمن ، الذين ابتلوا باستعمار الفرس والأحباش فى كثير من الأحايين ، وهذه الاعلانات التى أفصحت عنها كتب الرسول صلى الله عليه وسلم ورسائله هى التى جسدتها وطبقتها بالفتوحات الاسلامية دولة الخلافة الرشيدة فى عهدى أبى بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضى الله عنهما بعد انتقال الرسول صلى الله عليه وسلم الى الرفيق الأعلى 11 هجرية ، فلم يغادر هذه الدنيا حتى أعلنت السياسة الخارجية لدولته " الاعلان العالمى للحرية الدينية والسياسية للأمم والقبائل والشعوب ، فلما جاءت دولة الخلافة الرشيدة السالكة طريق دولة النبوة فتحت فى ثمانين عاما أوسع مما فتح الرومان فى ثملنية قرون ، وكان فتحها فتح تحرير الأوطان والضمائر والعقائد ، بينما كان فتح الرومان فتحا استعماريا كرس القهر الحضارى والدينى والثقافى والسياسى والأقتصادى فى الشرق لأكثر من عشرة قرون ، هكذا أبصرت عبقرية رسول الله صلى الله عليه وسلم كل هذه الفتوحات الكبرى والمبينة ، وهى تعقد صلح الحديبية ، الذى بدا فى ظاهر شرطه جائرا بالاسلام والمسلمين ، ذلك أن هذه العبقرية كانت تنظر بنور الله سبحانه وتعالى ولقد أشارت الى هذه الفتوحات عندما قال الرسول صلى الله عليه وسلم :" اصبروا فان الله سيجعل هذا الصلح سببا الى ظهور دينه وسيجعل فيه للمسلمين فرجا " ( من مقال للدكتور محمد عمارة فى مجلة الأزهر – عبقرية تنظر بنور الله – عدد ربيع الأول 1434 / فبراير 2013  ، وهذه العبقرية التى تبصر بنور الله بدت واضحة جلية أثنا حفر الخندق ، فقد اعترضت المسلمين صخرة ، فذهب سلمان الفارسى الى الرسول صلى الله عليه وسلم ليتجنبوا الصخرة ، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم هوى بمعوله على الصخرة فصدر منها وهجا عاليا مضيئا يضىء جوانب المدينة ، وهتف الرسول صلى الله  عليه وسلم مكبرا فى الضربة الأولى :" الله أكبر ... أعطيت مفاتيح فارس ، ولقد أضاء لى منها قصور الحيرة ومدائن كسرى ، وان أمتى ظاهرة عليها " ، ورفع رسول الله صلى الله عليه وسلم معوله وهوى به مرة ثانية فبرقت الصخرة بوهج مضىء وهلل الرسول صلى الله عليه وسلم مكبرا :" الله أكبر ... أعطيت مفاتيح الروم ، ولقد أضاء لى منها قصورها الحمراء ، وان أمتى ظاهرة عليها " ، وضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ضربته الثالثة فأضاءت وهلل الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه وأنبأهم أنه يبصر قصور سوريا وصنعاء وسواها من مدائن الأرض التى ستخفق فوقها اية الله يوما ، وصاح المسلمون :" هذا ما وعدنا الله ورسوله ، وصدق الله ورسوله ، ولقد عاش سلمان الفارسى حتى تحققت كل هذه النبوءات .

كان الكفار بعد الأمر بالجهاد ثلاثة أقسام : أهل صلح ، وأهل حرب ، وأهل ذمة ، وأمر بأن يتم لأهل العهد والصلح عهدهم وأمر أن يقاتل من نقض عهده ، ولما نزلت سورة براءة نزلت لبيان حكم هذه الأقسام ، فأمر بها أن يقاتل غيره من أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية ويدخلوا فى الاسلام وأمره فيها أن يجاهد الكفار ونبذ عهدهم ، وجعل أهل العهد ثلاثة أقسام : قسم أمره بقتالهم وهم الذين نقضوا عهده ولم يستقيموا له فحاربهم وظهر عليهم ، وقسما لهم عهد مؤقت لم ينقضوه ولم يظاهروا عليه فأمره أن يتم لهم عهدهم الى مدتهم ، وقسما لم يكن لهم عهد ولم يحاربوه ، أو كان لهم عهد مطلق فأمر أن يؤجلهم أربعة أشهر فادا انسلخت قاتلهم وهى الأشهر الأربعة المذكورة " براءة من الله ورسوله الى الذين عاهدتم من المشركين * فسيحوا فى الأرض أربعة أشهر وأعلموا أنكم غير معجزى الله وأن الله مخزى الكافرين * وأذان من الله ورسوله الى الناس يوم الحج الأكبر أن الله برىء من المشركين ورسوله فان تبتم فهو خير لكم وان توليتم فاعلموا أنكم غير معجزى الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم * الا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقضوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا اليهم عهدهم الى مدتهم ان الله يحب المتقين * فاذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حبث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فان تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ان الله غفور رحيم * التوبة 1- 5 ، بعث رسول الله صلى اله عليه وسلم أبا بكر أميرا على الموسم سنة تسه هجرية ، وبعث عليا بن أبى طالب بثلاثين أو أربعين آية من براءة فقرأها على الناس ، يؤجل المشركين أربعة أشهر يسيحون فى الأرض ، فقرأ عليهم براءة يوم عرفة وقرأها عليهم فى منازلهم ، ولا يحججن بعد عامنا هذا مشرك ، ولا يطوفن بالبيت عريان ، وأجل المشركين عشرين يوما من ذى الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الأول وعشرا من ربيع الآخر ،  وأنزلت آية فرض الجزية " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " التوبة 29 ، وكان هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى عقد الذمة وأخذ الجزية فانه لم يأخذ من الكفار جزية الا بعد نزول براءة فى السنة الثامنة من الهجرة ، فلما نزلت آية الجزية أخذها من المجوس وأخذها من أهل الكتاب وأخذها من النصارى ، وبعث معاذا رضى الله عنه الى اليمن فعقد لمن لم يسلم من يهودها الذمة وضرب عليهم الجزية ولم ياخها من يهود خيبر وظن بعض الغالطين المخطئين أن هذا حكم مختص بأهل خيبر وأنه لايؤخذ منهم جزية وان أخذت من سائر أهل الكتاب ، وهذا من عدم الفقه فى السير والمغازى ، فان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلهم وصالحهم على أن يقرهم فى الأرض ما شاء ولم تكن الجزية نزلت بعد فسبق عقد صلحهم واقرارهم فى أرض خيبر ونزول الجزية ، ثم أمره الله تعالى أن يقاتل أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية فلم يدخل فى هذا يهود خيبر أنذاك لأن العقد كان قديما بينه وبينهم على اقرارهم وأن يكونوا عمالا فى الأرض بالشطر فلم يطالبهم بشىء غير ذلك وطالب سواهم من أهل الكتاب ممن لم يكن بينه وبينهم عقد كعقدهم بالجزية كنصارى نجران ويهود اليمن وغيرهم ، فلما أجلاهم عمر الى الشام تغير ذلك العقد الذى تضمن اقرارهم فى أرض خيبر وصار لهم حكم غيرهم من أهل الكتاب ، وكان نزول الجزية عام تبوك بعد خيبر بثلاثة أعوام  ، لما نزلت الجزية أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثلاث طوائف : من المجوس واليهود والنصارى ، ولم يأخذها من عباد الأصنام فقيل لا يجوز أخذها من كافر غير هؤلاء ، ويقولون انما لم يأخذها من مشركى العرب لأنها انما نزل فرضها بعد أن أسلمت دارة العرب ولم يبق يها مشرك ولهذا غزا الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الفتح تبوك وكانوا نصارى ، قالوا وقد أخذها من المجوس وليسوا بأهل كتاب ، ولا يصح أنه كان لهم كتاب ورفع ولا فرق بين عباد النار وعباد الأصنام بل أهل الأوثان أقرب حالا من عباد النار وكان فيهم من التمسك بدين ابراهيم ، فاذا أخذت منهم الجزية فأخذها من عباد الأصنام أولى ، وعلى ذلك تدل سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ثبت عنه فى صحيح مسلم أنه قال :" اذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم الى احدى خلال ثلاث وأيتهن أجابوك اليها فاقبل منهم وكف عنهم ، ثم أمره أن يدعوهم الى الاسلام أو الجزية أو يقاتلهم ، وقال المغيرة لعامل كسرى :" أمرنا نبينا أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله أو تؤدوا الجزية ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقريش :" هل لكم فى كلمة تدين لكم بها العرب وتؤدى اعجم اليكم بها الجزية " ، قالوا :" ما هى ؟" ، قال :" لا آله الا الله " ، ولما كان فى مرجعه صلى الله عليه وسلم من تبوك أخذت " خيلة أكيدر دومة " فصالحه على الجزية وحقن له دمه ، وصالح أهل نجران من النصارى على ألفى حلة ، النصف فى صفر والبقية فى رجب يؤدونها الى المسلمين ، وعارية ثلاثين درعا وثلاثين فرسا وثلاثين بعيرا وثلاثين من كل صنف من أصناف السلاح يغزون بها والمسلمون ضامنون بها حتى يردها عليهم ان كان باليمن كيدة أو عذرة ، على أن لا يهدم لهم بيعة ولا يخرج لهم قسا ولا يفتنوا عن دينهم ما لم يحدثوا حدثا أو يأكلوا ربا ، وفى هذا دليل على انتقاض عهد الذمة بأحداث الحدث وأكل الربا اذا كان مشروطا عليهم ، ولما وجه معاذا الى اليمن أمره أن يأخذ من كل محتلم دينارا أو قيمته من المعارى ، وهى ثياب تكون باليمن ، وهذا دليل على أن الجزية غير مقدرة الجنس ولا القدر بل يجوز أن تكون ثيابا وذهبا وحللا وتزيد وتنقص حسب حاجة المسلمين واحتمال من تؤخذ منه وحاله فى الميسرة وما عنده من المال ، ولم يفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا خلفاؤه فى الجزية بين العرب والعجم بل أخذهل رسول الله صلى الله عليه وسلم من نصارى العرب وأخذها من مجوس هجر وكانوا عربا فان العرب أمة ليس لها فلا الأصل كتاب وكانت كل طائفة تدين بدين من جاورها من الأمم فكانت عرب البحرين مجوسا لمجاورتها فارس ، وتنوخ وبهرا وبنو تغلب نصارى لمجاورتهم الروم ، وكانت قبائل من اليمن يهود لمجاورتهم ليهود اليمن فأجرى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحكام الجزية وقوله لمعاذ :" خذ من كل حالم دينارا " دليل على أنها لا تؤخذ من صبى ولا امرأة ، وأكثر من أخذ منهم النبى صلى الله عليه وسلم الجزية العرب من النصارى واليهود والمجوس وكا يعتبرهم بأديانهم لآبائهم .

No comments:

214- ] English Literature

214- ] English Literature D. H. Lawrence Summary D.H. Lawrence (1885-1930)  is best known for his infamous novel 'Lady Chatterley'...