عذاب القبر
مفهوم عذاب القبر
ان الانسان روح ومادة تتمثل فى
الجسد وهو من مادة الأرض فعناصر جسم الانسان هى نفس العناصر الموجودة فى مادة
الأرض ، والروح هى النفخة الآلهية التى تحرك الانسان فى الحياة والتى اذا نزعت منه
انتهت حياته وعند موت الانسان تنزع منه وحه ويظل جسده فى مادة الأرض أو فى جو
الأرض أو فى بحر الأرض أو كائنات الأرض حسب ميتته ولكن الذى يقبض ويظل منه هو
الروح ، فالانسان يموت محروقا تنطلق مادة جسمه فى جو الأرض الأرض ويتبقى منه
الرماد وآخر تأكله كائنات البر وآخر تأكله كائنات البحر وآخر يموت على فراشه أو فى ساحة المعركة ويدفن فى قبر أو ما تبقى منه يدفن فى
قبر ، وهكذا تتعدد الأسباب لخروج الروح والموت واحد ، وتصعد الروح الى بارئها ،
ويسأل سائل اذا كان الكيان المادى ينتهى اذن ما الذى يعذب من الانسان وما الذى
يثاب منه ؟ ، نخلص من ذلك أن الروح التى تبقى هى التى تظل عند ربها "
ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربى وما أوتيتم من العلم الا قليلا " .
ونخلص من ذلك أن قبر الانسان
هو انتقاله من الحياة الدنيا الى الحياة الأخرى بحدوث موته ، وليس القبر هو الكيان
المادى المبنى الذى بضم جسد الميت أو رفاته ، لذلك تعتبر الأرض هى قبر الانسان وكل
الكائنات " كل من عليها فان " فالأرض هى قبر كل من عليها " ويبقى
وجه ربك ذو الجلال والاكرام " .
متى يبدأ عذاب القبر ؟
يبدأ
العذاب عند سكرة الموت ونزع الروح وآيات القرآن شاهد على ذلك قال الله تعالى
" وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد " ق 19
واذا كان عذاب القبر هو عذاب
الروح فبدايته عند خروج الروح يقول الله تعالى فى سورة الواقعة " حتى اذا بلغت الحلقوم * وأنتم حينئذ
تنظرون * ونحن أقرب اليكم ولكن لا تبصرون
* فلولا ان كنتم غير مدينين * ترجعونها ان كنتم صادقين * فأما ان كان من المقربين
* فروح وريحان وجنة نعيم * وأما ان كان من
أصحاب اليمين * فسلام لك من أصحاب اليمين * وأما ان كان من المكذبين الضالين *
فنزل من حميم * وتصلية جحيم * ان هذا لهو حق اليمين * فسبح باسم ربك العظيم "
الواقعة 83 – 96
هذه الآيات من سورة الواقعة توضح كل ما سبق من خروج الروح الى عالم آخر لا يبصره البشر ولا يملكون الا النظر الى الميت وهو يموت ويكون أقرب الى عالم ربه الذى يدخله فى القبر والتحدى للبشر باسترجاع ذلك الكيان لكن هيهات هيهات فقد انتقطع عمله ودخل فى مرحلة أخرى ، مرحلة الحساب التى يسبقا عذاب القبر أو نعيم القبر.
عند حلول الأجل تبدأ مرحلة سكرة الموت والموت حق واجب الأداء على كل البشر كما قال تعالى " وما كان لنفس أن تموت الا باذن الله كتابا مؤجلا ----- " 145 آل عمران ويقول " كل نفس ذائقة الموت وانما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور " آل عمران 185 ويقول " أينما تكونوا يدركم الموت ولو كنتم فى بروج مشيدة ------ " النساء 78
وحين تحين لحظة الموت يا لها
من لحظة على الكافرين والأشقياء التى يحيد عن ذكرها الكافر والشقىولكن هيهات هيهات
وتكون لحظة تحدى للكافر الذى أنكر وجود ربه وأشرك به يقول الله سبحانه وتعالى
" ولو ترى اذالظالمون فى غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم
اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون " الأنعام 93 ، فلقد حلت لحظة دفع ثمن الكفر ، فالآية
بليغة بلاغة القرآن وكذلك الآية الأخرى " ولو ترى اذا يتوفى الذين
كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق * ذلك بما قدمت أيديكم
وأن الله ليس بضلام للعبيد " الأنفال 50 – 51
كلتا الآيتان تبدأ " ولو ترى
" وذلك أسلوب يفيد التنبيه والانتباه لما سيأتى ، واستخدم القرآن هذا الاسلوب فى عبارات مماثلة كثيرة " ألم ترى فعل ربك بعاد "
وكذلك " ألم ترى كيف فعل ربك بأصحاب الفيل " قبل أن تأتى الموعظة وهذا
أسلوب يجر السامع أو القارىء حتى يركز كل حواسه ويستوعب ما يلى لأهميته ويتبع ذلك
"اذ " ويبدأ الحديث عن الظالمين وهم فى غمرات الموت والملائكة يبسطون
أيديهم لنزع روح هؤلاء لا يتركونها تخرج فى راحة وهنا تحدى للكافرين بأن يخرجوا
أنفسهم من الموت وسكراته ونزع الروح وتذكر أنهم فى هذا اليوم وما يليه يجزون أى
يأخذون جزاء أفعالهم وهو العذاب الهون أى المذل لهم المقلل من شأنهم لما قالوه على
الله من كفر وهو مخالف للحق وعن استكبارهم واستهذائهم بدعوة الله وآياته وكم تعرض الرسول ﷺ والمسلمون من استخفاف
واستهزاء من جانب الكفار وما أشبه الليلة بالبارحة وما يتعرض له الاسلام والرسول
الكريم والاتهام بالارهاب والرسوم التى بدأت فى الدنمارك وفرنسا خير شاهد على ذلك
، والآية الثانية تؤكد ما أشارت له سابقتها من معانى وهذه المرة الملائكة يضربون
وجوه وأدبار الكفار عند نزع أرواحهم وتأتى الواو لتكون حلقة الوصل فبعد الموت
يذوقوا عذاب الحريق ولم تحدد موعده فقد يكون فى القبر وحتى يوم القيامة فالقبر اما
روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار والله يحاسبهم بما قدمت أيديهم والله لا
يظلم عباده أو عبيده " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا
يره " ، ولكن هناك اختلاف بسيط لاختلاف موضع الآيتين فالأولى فى سورة الأنعام
وأتت عند الحديث عن مدعى النبوة والوحى " ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا
أو قال أوحى الى ولم يوح اليه شىء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ثم يأتى باقى
الآية فهم ظالمون فى كل شىء متجاوزون لحدودهم بادعاء النبوة وادعاء الوحى وهم لا
يملكون شيئا فروحهم فى يد الله ويتبع الآية الحديث عن البعث " ولقد جئتمونا
فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم " والمجىء هو
الرجوع الى الله بالبعث يوم القيامة يوم الحشر ويقول الله " وكل آتيه يوم القيامة فردا " وكذلك " ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم
أول مرة " والرجوع ممكن أن يكون بالموت نفسه كما قال " يا أيتها النفس
المطمئنة ارجعى الى ربك راضية مرضية فادخلى فى عبادى وادخلى جنتى " .
والآية الأخرى وردت فى سورة
الأنفال بعد الحديث عن المنافقين والذين فى قلوبهم مرض وهم يتحدثون عن الرسول ﷺ وعن المسلمين ويقولون " غر هؤلاء دينهم " ففى الآية " اذ
يقول المنافقون والذين فى قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فان الله
عزيز حكيم " ، ولا يخفى علينا دقة وروعة وعظمة القرآن وألفاظه وبلاغته فالكافرون والمنافقون لا يختلفون كثيرا بل المنافقين أشد
وبالا فهم العدو الخفى وعند الوفاة تكون على يد ملائكة غلاظ شداد يبدأون رحلة
العذاب ويلاحظ التركيز على ضرب الوجوه والأدبار فالوجوه وجه لها الكلام كلام الله
ودعوة الحق وبها المخ والحواس والادراك وهى التى اعترضت فلم تنظر أو تسمع أو تعى
وتفهم أو تتكلم وتنطق بالحق بل تحدت وجادلت ونطقت بالكفر ، وتضرب الأدبار حيث أنهم
سمعوا كلام الله وولوا مدبرين غعير مقبلين على الحق ففى آية أخرى " يا أيها الذين آمنوا اذا لقيتم الذين كفروا
زحفا فلا تولهم الأدبار * ومن يولهم يومئذ دبره الا متحرفا لقتال أو متحيزا الى
فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير " الأنفال 15 – 16 ، وقد
ورد ذكر الأدبار فى نفس السورة ، واختصاص الوجوه والأدبار لأن الجزاء من جنس العمل
وهذا العقاب يكون بعد الموت وعند الحديث عن عذاب الحريق استخدم الواو وهى تفيد
حالتين فى اللغة اما المعية أو الاضافة وهذا يؤيد قولنا أن يكون عذاب الحريق فى
القبر ولا ننسى الآية التى تحدثت عن قوم فرعون وعذابهم كما ورد فى سورة غافر وهو
العذاب الذى يكون قبل يوم القيامة وهم أموات فى قبورهم لم يبعثوا بعد " النار
يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب "
غافر 46 ، ففى الآية عرض على النار والمقصود بالعرض قد يكون التعرض لها فى القبر
أو مشاهدتها للنار قبل يوم القيامة حتى تزيد المعاناة العذاب النفسى قبل يوم
القيامة والالقاء الفعلى فيها ، ولكن الآية استخدمت لفظ " ذوقوا عذاب الحريق
" فالذوق يعنى التعرض المباشر لها ولكن يتبع الآية " ذلك بما قدمت
أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد " هذا الجزاء بعد حساب لما قدمت أيديهم من
عمل وما قدمت من كفر فاليد كناية عن الفعل وتحدثت عن عدل الله وأنه لا يظلم عباده
أبدا مؤمنين وكافرين والجزاء من جنس العمل .
وتصديقا لذلك الضرب للوجوه
والأدبار ما ورد فى سورة محمد " فكيف اذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم
وأدبارهم * ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم "
محمد 27 – 28 .
النوم والموت
تتجلى عظمة الله سبحانه وتعالى فى أن ما يقع فى الآخرة
له مثيل حى فى الدنيا ليكون يقينا وعبرة لمن يعتبر ، فالموت وحباة ما بعد الموت
نظيرها فى الدنيا النوم وما يحدث فيه حتى يطلق على الموتالنوم الموتة الصغرى ،
فالنائم فى عالم آخر ويرى فى نومه عوالم أخرى ومن حوله فى عالم آخر ويستمر هكذا حتى يصحو فان النوم دخول فى عالم آخر كل يوم ثم عودة الى الحياة الدنيا المادى وهكذا حتى خروج الروح نهائيا
وحدوث الموتة الكبرى وانتهاء الكيان المادى حتى يوم البعث وهنا يدخل الميت فى عالم
البرزخ .
حياة
البرزخ
البرزخ
فى اللغة هو الممر الضيق فالقبر وحياة القبر جعله الله تعالى برزخا بين حياتين
وفاصلا بين مرحلتين وهو اما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار ، فهو بمثابة
محطة أو برزخ محطة للوقوف والانتظار يقف فيها من مات معذبا أو نعما ريثما تنقضى
أعمار الناس فى حياتهم الدنيا لينتقلوا جميعا الى الدار الآخرة حيث يجازى المحسن
على حسناته والمسىء على اساءته .
إن حياة البرزخ من الأمور
الغيبيّة التي لا يعلم طبيعتها إلا الله سبحانه وتعالى، فهي سرٌ من أسرار الحياة
الآخرة، والمرحلة الأولى لها، لذلك فإنّ العقل البشري مهما حاول التفكير في حقيقة
تلك المرحلة فسيعجز عن الوصول إليها، وإن كلّ ما يدركه الإنسان بعقله حول تلك
المرحلة إنّما هو مجرد فرضيّات يصدق عليها الصدق والبطلان، وقد أخفى الله سبحانه
وتعالى سرَّ تلك الفترة لحكمةٍ عنده، إلا أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي
يوحى إليه من ربه قد أخبر عن بعض الأمور التي تشير إلى ما يحصل للإنسان إذا ما دخل
القبر واستقرّ فيه، ليتَّعظ المؤمن ويزداد إيماناً، وينتهي العاصي عن معاصيه،
ويعود المذنب عن ما كان يقوم به من الذنوب والآثام، فما ثَبُتَ بخصوص حياة البرزخ
من قول النبي -صلى الله عليه وسلم- أو الآيات القرآنية التي تُشير إلى ذلك يكون
التسليم به والأخذ به حتميَّاً، بل إنه يُعتبر من كمال الإيمان وتمامه، وما لم
يثبت من الأحاديث والروايات أو جاء به العلم الحديث فإنه يبقى مجرد نظريّة بحته،
ربما تُصدّق، وربما لا تُصدّق، وستبحث هذه المقالة بعد توفيق الله في ما يتعلق
بحياة الميت في قبره مما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تحديداً، أو ما
احتوته النصوص القرآنية من الإشارة إلى حياة البرزخ.
يعدّ عالم البرزخ من عوالم
الغيب التي يجب على المسلم الإيمان بها كونها تبعاً لركن الإيمان باليوم الآخر،
ومن هنا كان لزاماً على المرء المسلم أنْ يتوقّف عن الخوض فيها برأيه وإعمال عقله،
وعليه أنْ يأخذ أخبار الغيب كلّها من مصادرها الشرعية؛ القرآن الكريم، وما صحّ عن
النبي صلّى الله عليه وسلّم. تعريف البرزخ يُعرّف البرزخ في لغة العرب بأنّه
الحاجز والحائل بين كلّ شيئين، وتسمّى قطعة الأرض التي بين بحرين وتصل أرضاً بأرضٍ
برزخاً، ويدخل في هذا المعنى قوله سبحانه: (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ*بَيْنَهُمَا
بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ)، والمعنى الاصطلاحي للبرزخ لا يبتعد عن دلالته
اللغوية؛ إذ يعرّف البرزخ شرعاً بأنّه: المرحلة الفاصلة بين دار الدنيا ودار
الآخرة، وتحدّد بأنّها ما بين أن يموت الإنسان إلى أن يُبعث يوم القيامة، فهي
الدار التي تعقب موت الإنسان وحتى يوم البعث. السؤال والجزاء في البرزخ من أهمّ
الأمور الغيبية التي يجب على المسلم الإيمان بها هو أنّ الحساب بعد الموت حقٌ
وصدقٌ، وفي هذا يقول المولى تبارك وتعالى: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ
أَجْمَعِيْنَ، عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، وقد تقرّر عند أهل العلم أنّ الحساب
بعد الموت يكون على مرحلتين؛ الأولى: بعد الموت وقبل البعث، والثانية: بعد البعث
في يوم القيامة، حيث يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، وفيه يتقاصّ الخلق في
المظالم، وسُميّ يوم القيامة بيوم الحساب، حيث يقول الله عزّ وجلّ: (هَذَا مَا
تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ)، أمّا الحساب الذي في القبر بعد الموت فثابتٌ
بنصوصٍ شرعيةٍ كثيرةٍ، منها ما روته عائشة -رضي الله عنها- أنّ رسول الله -صلّى
الله عليه وسلّم- قال: (أُوحيَ إليَّ أنكم تُفتنون في القبورِ)، وورد عن ابن حجر
العسقلاني -رحمه الله- أنّ الفتنة في القبر امتحانٌ لإيمان العبد، وذكر بعض أهل
العلم أنّ حساب أهل الإيمان في قبورهم تخفيفٌ عليهم من حساب يوم القيامة؛ فيأتي
يوم القيامة وقد طُهّر من ذنوبه، ويجازى الإنسان في حياة البرزخ، إنْ كان خيراً
فخيراً، وإنْ كان شراً فبما قدّمت يداه، أمّا دخول الجنة والنار فلا يكون إلّا بعد
يوم الحساب، فإنّ أوّل من يدخل الجنة دخولاً حقيقيّاً تامّاً في الآخرة هو النبي
صلّى الله عليه وسلّم، وذلك لما صحّ به الخبر من رواية أنس -رضي الله عنه- أنّ
النبي -عليه السلام- قال: (آتي بابَ الجنةِ يومَ القيامةِ؛ فأستفتِحُ؛ فيقولُ
الخازِنُ: مَنْ أنت؟ فأقولُ: محمدٌ، فيقولُ: بك أُمرتُ لا أفتحَ لأحدٍ قبلَك)،
ولكنّ هذا لا يمنع من أنّ الله -سبحانه- يتنعّم على بعض الأرواح الصالحة بدخول
الجنة دون أجسادها؛ ففي الحديث يقول النبي -عليه الصلاة والسلام- في نصٍ صريحٍ
صحيحٍ: (إنَّما نسمةُ المؤمنِ طيرٌ يَعْلَقُ في شجرِ الجنةِ، حتى يُرْجِعَهُ اللهُ
إلى جسدِهِ يومَ يبعثُهُ)، وفي المقابل فإنّ بعض الأرواح الشريرة تُعرض على النار؛
فتذوق من حرّها وشررها، مصداقاً لقول الله تعالى: (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا
غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ
أَشَدَّ الْعَذَابِ).
ورغم أن هذه المرحلة – القبر أو حياة البرزخ أو
المرور للآخرة غيبية محضة لا تدركها العقول ولا يصلها الحس ، فلم يخرج لنا ميت
ليخبرنا بما حدث له وما رأى ولا نزل حى الى أهل القبور ليعلم حالهم فالغيب يحيط
بهذه المرحلة من جوانبها فلا طريق لمعرفة كنهها وحقيقتها الا بالخبر فى كتاب الله
وسنة رسوله ﷺ الا أنه وجد من يشغب على تلك النصوص أحيانا بدعوى معارضتها لنصوص
أخرى وأحيانا بدعوى مخالفتها للعقل والحس وهى دعوى باطلة ، فعذاب القبر ونعيمه
حقيقة أثبتها الكتاب والسنة وهى حقيقة لا تعارضها العقول ولا ينكرها الحس .
بمجرد أن تخرج روح الميت من
جسده ويدخل في قبره فإنّه يدخل في حياة البرزخ، فإذا دفنه أهله وأغلقوا القبر عليه
بالتراب ونحوه، وانصرفوا عنه فإنّ أول ما ينتظره في حياة البرزخ أن يأتيه ملكان من
الله -سبحانه وتعالى- فيُقعدانه في مكانه الذي دُفن فيه، ثم يسألانه مجموعةً من
الأسئلة التي بناءً عليها تُبنى باقي حياته البرزخيّة؛ هل سيحياها في نعيمٍ أم في
جحيم، ومن تلك الأسئلة أن يسألاه عن الله سبحانه وتعالى، ثم يسألاه عن النبي محمد
صلى الله عليه وسلم لكونه خاتم الأنبياء والمرسلين، ثم عن دينه، أما الذي كان في
مرحلة حياته الدنيا يؤمن حقيقةً بتلك الأسئلة فإنه سيجيب بلسانٍ ثابتٍ عن كل تلك
الأسئلة؛ قال تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ
فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ،أما الذي كان في إيمانه خلل، أو كان
يكفر بأحد تلك الأسئلة أو جميعها فإنه سيجد نفسه عاجزاً عن الرد على شيءٍ من تلك
الأسئلة، وقد ثبتت تلك المرحلة من الحياة البرزخية في العديد من النصوص النبوية
الصحيحة، منها ما جاء من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّ رسولَ اللهِ -عليه
الصّلاة والسّلام- قال: (إنّ العبدَ إذا وُضِعَ في قَبرِه، وتولى عنه أصحابَه،
وإنه ليسمعُ قَرْعَ نعالِهم، أتاه ملكانِ، فَيُقعَدانِه فيقولانِ: ما كنتَ تقولُ
في هذا الرجلِ، لمحمدٍ صلى الله عليه وسلم، فأما المؤمنُ فيقولُ: أشهدُ أنه عبدُ
اللهِ ورسولُه، فَيُقالُ له: انظرْ إلى مقعدِكَ من النارِ، قد أبدلك اللهُ به
مقعدًا من الجنةِ، فيراهما جميعًا. قال قَتادَةُ وذكر لنا: أنه يُفْسحُ في قبرِه،
ثم رجع إلى حديثِ أنسٍ، قال: وأما المنافقُ والكافرُ فَيُقالُ له: ما كنتَ تقولُ
في هذا الرجلِ؟ فيقولُ: لا أدري، كنتُ أقولُ ما يقولُ الناسُ، فَيُقالُ: لا دَريتَ
ولا تَليتَ، ويُضْرَبُ بِمَطارِقَ من حديدٍ ضربةً، فيصيحُ صيحةً، يَسمعُها من
يليِه غيرَ الثقلين).
حياة الميِّت في أول ليلة في
القبر
يُعَدُّ القبر أوَّلُ منزلةٍ من منازل الدار
الآخِرة، وأوَّل ما يتعرَّض له الإنسانُ في قبره هي فتنةُ القبر المتمثِّلة بسؤال
المَلَكين، وهذه المرحلة ثبتت في الكِتاب والسُنَّة، وتكون هذه الأسئلة بعد أن
يأتي هذان المَلَكَان الغليظان فيُجلسان الميِّت، ويسألانهِ ثلاثة أسئلةٍ: من ربك؟
وما دينك؟ وماذا تقول في الرَّجل الذي بُعِثَ فيكم؟ قال الله -تعالى- عن ذلك:
(يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ
مَا يَشَاءُ)، حيثُ يكون التثبيت للمؤمن من الله -عز وجل- عند هذه الفتنة بإطلاق
لسانه بالجواب، فيقول: "ربّي الله، ونبيّي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وديني
الإسلام"، وتكون هذه الفتنة اختباراً حقيقيَّاً لصدق الإنسان، فكلٌّ يُبعَث
على الشيء الذي مات عليه، ويُضاف إلى هذه الفتنة ضمَّةُ القبر بعد وضع الميّت فيه.
عندما يتعرّض الكافر والمنافق
لسؤال الملكين يُعقد لسانهما فلا يستطيعا البوح بالجواب الصحيح، ووردت الإشارة
لذلك في السّنة النبوية في الحديث: (وأَمَّا المُنَافِقُ -أوِ المُرْتَابُ لا
أدْرِي أيَّ ذلكَ قالَتْ أسْمَاءُ- فيَقولُ: لا أدْرِي سَمِعْتُ النَّاسَ يقولونَ
شيئًا فَقُلتُهُ)، والمَلَكان اللّذان يسألان الموتى هُما: مُنكر ونكير، فيبشِّران
المؤمن بالنَّعيم المقيم في الجنَّة، ويتوعَّدان الكافر بالعذاب في الآخرة، ويجب
على الإنسان الإيمان بهذه المرحلة التي تكون عند نُزول الميت إلى قبره، فَيَردُّ
الله -تعالى- إليه روحه وسمعه وبصره، ثُمَّ بعد ذلك تُوجَّه إليه الأسئلة الثلاث
المذكورة سابقاً، ومن الأحاديث التي وردت في ذلك قول النبيّ -عليه الصَّلاةُ
والسلام-: (إنَّ العَبْدَ إذَا وُضِعَ في قَبْرِهِ وتَوَلَّى عنْه أصْحَابُهُ،
وإنَّه لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، أتَاهُ مَلَكَانِ فيُقْعِدَانِهِ،
فَيَقُولَانِ: ما كُنْتَ تَقُولُ في هذا الرَّجُلِ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه
وسلَّمَ، فأمَّا المُؤْمِنُ، فيَقولُ: أشْهَدُ أنَّه عبدُ اللَّهِ ورَسولُهُ...)
ولا بد من الإشارة إلى أنَّ هذه الفتنة يتعرَّض لها جميع الموتى باستثناء البعض
الذين يُعصمون من فتنة القبر وسؤال المَلَكَين، وهؤلاء هم: الأنبياء والرُّسل
-عليهم السلام-. الشُّهداء: لِقول النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (للشَّهيدِ
عِندَ اللَّهِ ستُّ خصالٍ: يُغفَرُ لَه في أوَّلِ دَفعةٍ ويَرى مقعدَه منَ
الجنَّةِ ويُجارُ مِن عذابِ القبرِ). المُرابطين في سبيل الله -تعالى-: لِقول
النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (كلُّ ميِّتٍ يُختَمُ على عملِهِ إلَّا الَّذي
ماتَ مرابطًا في سبيلِ اللَّهِ فإنَّهُ ينمي لَهُ عملُهُ إلى يومِ القيامةِ
ويأمَنُ فتنةِ القبرِ).
كيف تكون حياة الميِّت في القبر بعد أول ليلة
بعد المرحلة الأُولى والليلة
الأُولى في القبر وبعد سؤال المَلَكَين، ينتقل الإنسان إلى حياته في القبر والتي
تُسمَّى بحياة البرزخ، وما يحدّد مصيرة وحاله التي يكون عليها في البرزخ هو حالهُ
في الدّنيا، فالمؤمن يُعطى نصيباً من النعيم في قبره، والكافر يُعَذَّب جزاءً
لكفره في الدُّنيا، ويبقى الإنسان على هذه الحال في قبره حتى قيام السَّاعة، وقال
العديد من العلماء إنّ هذا النَّعيم أو العذاب يكون للرُّوح والجسد معاً، بدليل
قول النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (إنَّ العَبْدَ إذَا وُضِعَ في قَبْرِهِ
وتَوَلَّى عنْه أصْحَابُهُ، وإنَّه لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، أتَاهُ
مَلَكَانِ فيُقْعِدَانِهِ، فَيَقُولَانِ: ما كُنْتَ تَقُولُ في هذا الرَّجُلِ
لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأمَّا المُؤْمِنُ، فيَقولُ: أشْهَدُ
أنَّه عبدُ اللَّهِ ورَسولُهُ)؛ ولفظ (العبد) يُطلق على الرُّوح والجسد معاً،
ممَّا يدُلُّ على وُقوع النَّعيم أو العذاب عليهما. نعيم القبر للميِّت ثبت نعيم
القبر في العديد من الأدَّلة والنصوص الشّرعية، ومنها قول النبي -عليه الصَّلاةُ
والسلام-: (إنَّ أحَدَكُمْ إذَا مَاتَ عُرِضَ عليه مَقْعَدُهُ بالغَدَاةِ
والعَشِيِّ، إنْ كانَ مِن أهْلِ الجَنَّةِ فَمِنْ أهْلِ الجَنَّةِ)، وهذا النَّعيم
يكون لأهل الطَّاعة والصلاح، وللمؤمنين الصَّادقين، لِقولهِ -تعالى-: (إِنَّ
الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ
الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ
الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ). وممَّا يُثبت نعيم القبر ما ورد في قول النبيِّ
-عليه الصلاةُ والسلام- عن المؤمن بعد سؤال المَلَكَين له: (فيُنادي منادٍ من
السَّماءِ أن صدق عبدي فأفرِشوه من الجنَّةِ، وألبِسوه من الجنَّةِ، وافتَحوا له
بابًا إلى الجنَّةِ، قال فيأتيه من روحِها وطيبِها، ويُفسَحُ له في قبرِه مدَّ
بصرِه)، ونعيم القبر من الأحداث الغيبيَّة الثابتة عن النبيِّ -عليه الصلاةُ
والسلام-، ويجبُ الإيمانُ به لكثرة الأدلة الواردة عن رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- والتي وصلت حدَّ التواتر. ونعيمُ القبر نموذجٌ مُصغّر من نعيم الجنة، وينبغي
على المؤمن الاستعداد للآخرة، والتأهّب للقاء الله -تعالى-، وأن يبتعد عن أسباب
العذاب؛ من خلال اجتهاده في الطاعة، والاستقامة على أوامر ربه، والابتعاد عن
المعاصي والمُحرّمات، فيكون بسبب ذلك في نعيمٍ في القبر، وفي روضةٍ من رياض الجنة
إلى قيام الساعة، ويكون النعيم للمؤمن بفتح أبواب الجنة له، ويُوسّع له قبره،
ويأتيه من نعيم الجنة ما تقرّ به عينُه. عذاب القبر للميِّت أدلَّة ثبوت عذاب
القبر ثبت عذاب القبر في القُرآن الكريم، والسُنَّة، والإجماع، ومن هذه الأدلَّة
ما يأتي: القُرآن: كما ورد في قولهُ -تعالى-: (وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ
الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ* فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ* وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ)،
وغير ذلك من الآيات التي أشارت لعذاب القبر. السُنَّة النَّبويَّة: قول النبيِّ
-عليه الصلاةُ والسلام-: (فيُنادي منادي من السَّماءِ أن كذب، فأفرِشوه من
النَّارِ، وافتحوا له بابًا إلى النَّارِ، فيأتيه من حَرِّها وسَمومِها، ويُضيَّقُ
عليه قبرُه حتَّى تختلِفَ أضلاعُه، ويأتيه رجلٌ قبيحُ الوجهِ قبيحُ الثِّيابِ
مُنتِنُ الرِّيحِ، فيقولُ له: أبشِرْ بالَّذي يسوءُك، هذا يومُك الَّذي كنتَ
توعدُ، فيقولُ: من أنت؟ فوجهُك الوجهُ يجيءُ بالشَّرِّ، فيقولُ: أنا عملُك
الخبيثُ، فيقولُ: ربِّ لا تُقِمِ السَّاعةَ)،والقبر أول منازل الآخرة : أما أن
يكون روضة من رياض الجنة وأما أن يكون حفرة من النار ففى سند الامام أحمد وغيره من
حديث البراء بن عازب الطويل فى شأن المؤمن الصادق أنه يفرش له فراش الجنة ويلبس من
الجنة ويفسح له فى قبره ويفتح له باب الى الجنة ، وأما الكافر يفرش له من النار
ويلبس منها ويضيق عليه قبره ويفتح له باب الى النار " ، ونعيم القبر وعذابه
مستمر بالنسبة للمؤمن والكافر الى قيام الساعة ، ويقع العذاب على الرُّوح والبدن معاً، وأحوال
الآخرة لا تُقاسُ بأحوال الدُّنيا، فليس العذاب هنا كالعذاب هناك. دليل الإجماع:
أجمع أهل السنَّة على ثبوت عذاب القبر ووجوب الإيمان به. أنواع عذاب القبر يُقسَّم
عذاب القبر إلى نوعين كما يأتي: النوع الأوَّل: ما هو دائمٌ لا ينقطع، بدليل قولهِ
-تعالى-: (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا). النوع الثَّاني:
ما هو مُنقطعٌ يتعرّض له تارةً ويتوقّف تارةً أُخرى؛ ويكون هذا النوع جزاءً لبعض
العُصاة من المُسلمين، حيثُ يُعذَّب بحسب ذُنوبه، ثُمّ يُخفَّف عنه، وقد ينقطع عنه
العذاب بالصَّدقة أو الدُّعاء.
عودة الروح الى الجسد وعودة
العقل الى الميت فى القبر
فى حديث ابن عباس مرفوعا الى
النبى ﷺ " ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه فى الدنيا فيسلم عليه
الا عرفه ورد عليه السلام " رواه ابن عبد البر وعبد الحق الاشبيلى وصححه ،
ولا نسمع رد السلام من الميت لأن الله حجب عنا ذلك ويتأكد عودة الحياة الى الجسد
فى القبر مزيد التأكيد فى حق الأنبياء فانه ورد من حديث أنس عن النبى ﷺ " الأنبياء أحياء فى قبورهم يصلون " رواه البيهقى ، وعن عبد
الله بن عمرو أن رسول الله ﷺذكر فتانى القبر ( سميا منكر ونكير ) فقال عمر بن الخطاب
رضى الله عنه " أترد علينا عقولنا يا رسول الله قال : نعم كهيئتكم اليوم قال
: فبقية الحجر " ، والفتان هنا الممتحن وهما منكر ونكير اللذان يمتحنان الناس
وسميا كذلك لأنهما مخوفان فقد ورد فى الحديث الذى رواه ابن حيان أن الرسول ﷺ قال " اذا قبر الميت أو الانسان أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال
لأحدهما منكر والآخر نكير فيقولان له ما كنت تقول فى هذا الرجل محمد " ،
وقوله رضى الله عنه " أترد علينا عقولنا " رد عليه الرسول ﷺ " نعم كهيئتكم اليوم " أى يكون الجواب من الجسم مع الروح فقال
عمر " فبقية الحجر " أى ذاك الخبر الذى لم أكن أعرفه وسكت وانقطع عن
الكلام معناه ليس له حجة على ما كان يظن هو كان يظن أنه لا ترد عليهم عقولهم فلما
قال الرسول ﷺ بأنه ترد عليهم عقولهم عرف خطأ ظنه والميت يسمع ما يدور
حوله ويعتبر ذلك من الغيب الذى لا يجوز الخوض فيه الا بأدلة من الكتاب والسنة ،
وثبت فى الصحيحين أن النبى ﷺ قال عن الميت " انه ليسمع خفق نعالهم اذا انصرفوا
" ، وهناك حديث خطاب النبى ﷺ عن قتلى بدر من المشركين بعد
أن تركهم ثلاثة أيام " يا أبا جهل بن هشام ، يا أمية بن خلف فسمع عمر رضى
الله عنه ذلك فقال :يا رسول الله كيف يسمعوا أو أنى يجيبوا وقد جيفوا ؟ فقال :
والذى نفسى بيده ما أنت بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا " ثم
أمر بهم فسحبوا فألقوا فى قليب بدر " رواه البخارى ومسلم
وفى قول آخر فى غزوة بدر خاطب الرسول ﷺ أهل القليب فقال عمر رضى الله
عنه يا رسول الله كيف تكلم أجسادا لا روح فيها ؟ فقال : أحياهم الله تعالى
حتى أسمعهم قوله توبيخا وتصغيرا وحسرة
وندامة " وروى ابن ماجه عن الحسين بن على رضى الله عنه قال : لما توفى القاسم
ابن رسول الله ﷺ قالت خديجة رضى الله عنها " وددت لو كان الله
أبقاه حتى يستكمل رضاعه " فقال رسول الله ﷺ " ان من تمام رضاعه فى
الجنة " قالت " لو أعلم ذلك يارسول الله يهون على أمره " قال : ان
شءت دعوت الله عز وجل يسمعك صوته " قالت " بل أصدق الله ورسوله "
أخرجه أبن ماجه ، وروى الحاكم عن أنس رضى الله عنه قال " بينما رسول الله ﷺ وبلال يمشيان فقال : يا بلال هل تسمع ما أسمع ؟ " قال : لا والله يا
رسول الله ما أسمع شيئا " قال " ألا تسمع أهل القبور يعذبون ؟ "
أخرجه الحاكم وأحمد ورواه الامام أحمد برجال الصحيح بلفظ قال
" صاحب القبر يعذب فسئل
عنه فوجده يهوديا " ، وروى الاما أحمد عن عائشة رضى الله عنها أنه ذكرت لرسول
الله ﷺ أطفال المشركين " فقال : ان شئت أسمعتك تضاعيهم فى النار " ،
وروى مسلم عن زيد بن ثابت رضى الله عته قال : بينما رسول الله ﷺ فى حائط بنى النجار على بغلة له ونحن معه اذ حادت به فكادت تلقيه واذا
بقبر ستة أو خمسة فقال : من يعرف أصحاب هذه الأقبر ؟ " فقال رجل : أنا فقال :
قوم هلكوا فى الجاهلية " فقال : ان هذه الأمة تبتلى فى قبورها ، فلولا أن
تدافنوا لدعوت الله عز وجل أن يسمعكم من عذاب القبر " أخرجه مسلم فى كتاب
الجنة وأحمد وأبن حيان وذكره الهيثمى فى الموارد
الأدلة على عذاب القبر فى القرآن والسنة
يقول الله عز وجل فى القرآن عن قوم فعون " النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة
أدخلوا آل فرعون أشد العذاب " غافر 46 هذه الآية صريحة بذكر عذاب القبر ( عذاب
النار ) قبل قيام الساعة " النار يعرضون عليها غدوا وعشيا " فاللفظ
المستخدم يعرضون وقدمت كلمة النار فى الآية وذكر لفظ غدوا وعشيا فكل هذه الألفاظ
لها دلالتها فالعرض هنا ليس هو العذاب النهائى لأنهم لم يدخلوا النار لأن ذلك قبل
قيام الساعة والحساب وذكر النار وكلمة عليها بعدها للتأكيد ، فالميت تظل منه روحه
التى تعذب وهى التى تعرض على النار واستخدام التحديد الزمنى " غدوا وعشيا
" يختص بالدنيا لأن فى الآخرة لن يكون زمن بل خلود يحل محل الزمن.
ومعنى ذلك أن آل فرعون أى أتباعه الذين اتبعوه على الكفر والشرك يعرضون فى البرزخ أى فى
مدة القبر يعرضون عرضا على النار من غير أن يدخلوها حتى يمتلؤا رعبا أول النهار وآخره ، فالغدو أو الغداة من الصبح الى الضحى وأما العشى فهو وقت العصر آخر النهار ، وفى سورة الكهف " يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه
" ، فهل ذكر الله يكون فى هذه الفترة أم المقصود الاختصاص لما لهذه الفترة من
اليوم فى حياة الانسان التى يقوم فيها بكل أنشطته التى من الممكن أن تنسيه ذكر
الله لأن الدعاء أو الذكر لا يقتصر على فترة " الذين يدعون ربهم بالغدو
والآصال " ، وكذلك هذا اختصاص لتأكيد أن العذاب يشمل طول الوقت ويستمر وحين
تقوم الساعة أى يوم القيامة تدخل الملائة فرعون وقومه أشد العذاب فى جهنم ، فهناك
عرض على النار ليزيد الهلع والفزع لديهم والرعب مما سيحدث لهم ، وهنا ادخال فعلى
الى أشد العذاب فى جهنم خالدين فيها .
وعذاب القبر يفهم من قوله فى سورة طه آية 124 " ومن أعرض عن ذكرى فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى " فقبل الحشر يعيش حياة الضنك فى قبره قبل حشر يوم القيامة ، والمراد بالمعيشة الحال فى البرزخ ولفظ معيشة هنا يدل على ما سبق ذكره أن الميت ترد له روحه وعقله ليعيش معيشة تختلف عن تلك التى على الأرض ، والذكر هنا هو الايمان بالله وبالرسول ، وعرف أن المراد فى هذه الآية هو عذاب القبر من الحديث الورفوع الى النبى ﷺ {صحابه " هل تدرون فى ماذا أنزلت " فان له معيشة ضنكا " ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : عذاب الكافر فى قبره " ، وقد قال الرسول ﷺ " القبر أما حفرة من حفر النار أو روضة من رياض الجنة " رواه الترمذى من حديث أبى سعيد .
- عن زيد بن ثابت رضى الله عنه
قال " بينما النبى ﷺ فى حائط لبنى النجار على بغلة له ونحن معه اذ حادت به
فكادت تلقيه ، واذا أقبر ستة أو خمسة أو أربعة فقال : من يعرف أصحاب هذه الأقبر ؟
فقال رجل : أنا قال : فمتى مات هؤلاء ؟ قال : ماتوا فى الاشراك فقال : ان هذه
الأمة تبتلى فى قبورها ، فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر
الذى أسمع منه ، ثم أقبل علينا بوجهه فقال : تعوذوا بالله من عذاب القبر "
قالوا : نعوذ بالله من عذاب القبر " رواه مسلم . – عن أبى هريرة رضى الله عنه
أن النبى ﷺ كان يتعوذ من عذاب القبر وعذاب جهنم وفتنة الدجال
" رواه مسلم . – وعن عائشة رضى الله عنها قالت " دخلت على عجوززن من عجز
يهود المدينة فقالتا : أن أهل القبور
يعذبون فى قبورهم " قالت : فكذبتهما ولم أنعم أن أصدقهما ، فخرجتا ودخل على
رسول الله ﷺفقلت له : يا رسول الله ان عجوزين من عجز يهود المدينة دخلتا
على فزعمتا أن أهل القبور يعذبون فى قبورهم فقال : صدقتا انهم يعذبون عذابا تسمعه
البهائم " قالت : فما رأيته بعد فى صلاة الا يتعوذ من عذاب القبر " رواه
مسلم
- وفى حديث
البراء بن عازب رضى الله عنهالطويل جاء فيه عن العبد المؤمن قال " فتعاد روحه
فى جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : ربى الله فيقولان له
: ما دينك ؟ فيقول : دينى الاسلام فيقولان له : ما هذا الرجل الذى بعث فيكم ؟
فيقول : هو رسول الله ﷺ فيقولان له : وما علمك ؟ فيقول : قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت فينادى مناد فى السماء : ان صدق عبدى فافرشوه فى الجنة
وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا الى الجنة قال : فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح
له فى قبره مد بصره " رواه أحمد .
- وعن ابن عباس رضى الله عنه
قال : مر النبى ﷺ بقبرين فقال : انهما ليعذبان وما يعذبان فى كبير ، أما
أحدهما فكان لا يستتر من البول ، وأما الآخر فكان يمشى بالنميمة " متفق عليه
.
لماذا اخفاء عذاب القبر ؟
ان الله قد حجب عنا معرفة
ورؤية ما يحدث للميت شفقة بنا لئلا نترك دفن موتانا قال الرسول ﷺ : ان هذه الأمة تبتلى فى قبورها ، فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن
يسمعكم من عذاب القبر " رواه مسلم ، واذا كنا لا نرى الشىء بأعيننا فليس
معناه أن هذا الشىء ليس موجودا فكثير من الأمور مخفية عنا حتى فى الحياة الدنيا
وموجودة حولنا مثل الكهرباء لا ترى فى الاسلاك والهواء لايرى وغير ذلك .
والحكمة من اخفاء الله حقائق
أمور القبر وأمور الآخرة ليكون ايمان العباد ايمانا بالغيب فيعظم ثوابهم ويحيى من
حيى عن بينة ويظهر الكافر ضعيف الايمان بالله وقد ورد فى الحديث أن الرسول ﷺ قال : والله ما رأيت منظرا قط الا والقبر أفظع منه " رواه الترمذى
والحاكم وأحمد وحسنه الألبانى .
الأسباب المؤدِّية لعذاب القبر
تُقسَّم الأسباب المؤدِّية إلى عذاب القبر إلى
قسمين كما يأتي: الأول: مُجمل: وهي عدم طاعة الله -تعالى-، وارتكاب المعاصي.
الثانيّ: مُفصّل: وهم أصحاب الذنوب من المسلمين ومرتكبي المعاصي، بدليل الحديث
الوارد عن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (أنَّهُ مَرَّ بقَبْرَيْنِ
يُعَذَّبَانِ، فَقَالَ: إنَّهُما لَيُعَذَّبَانِ، وما يُعَذَّبَانِ في كَبِيرٍ،
أمَّا أحَدُهُما فَكانَ لا يَسْتَتِرُ مِنَ البَوْلِ، وأَمَّا الآخَرُ فَكانَ
يَمْشِي بالنَّمِيمَةِ)، وكذلك تعذيب الزُّناة، وآكلي الربا، والذين تفوتهم صلاة
الفجر ويتكاسلون عنها، ومن يمنعون الزَّكاة، وغيرهم الكثير.
هول القبور وهى أول مدخل
للنجاة فى الآخرة والاستعاذة من عذاب القبر
- فى صحيح مسلم أن النبى ﷺ قال : اذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ بالله من أربع من عذاب جهنم
ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال " .
- عن عثمان
رضى الله عنه أنه اذا وقف على قبر يبكى حتى يبل لحيته فقيل له تذكر الجنة والنار
فلا تبكى وتبكى من هذا فقال : ان رسول الله ﷺ قال : القبر أول منازل الآخرة
فان ينج منه فما بعده أيسر منه ان لم ينج منه فما بعده أشد منه قال : وقال رسول
الله ﷺ " والله ما رأيت منظرا قط الا والقبر أفظع منه " رواه أحمد
والترمذى وحسنه الألبانى .
- وفى حديث عن النبى ﷺ " ان للقبر ضغطة ولو كان أحدنا ناجيا منها نجا منها سعد بن معاذ
" رواه أحمد. وممن ينجيه الله من عذاب القبر من مات مرابطا فى سبيل الله فقد
روى فضالة بن عبيد رضى الله عنه أن النبى ﷺ أنه قال " كل ميت يختم
على عمله الا الذى مات مرابطا فى سبيل الله فانه ينمى أى يزيد له عمله يوم القيامة
ويأمن من فتنة القبر " رواه الترمذى وأبو داود .
– وفى حديث جابر بن عبد الله
عن النبى ﷺ قال " لا تمنوا الموت فان هول المطلع شديد "
رواه أحمد وحسنه الهيثمى .
- عن أبى هريرة عن النبى ﷺ قال : ان الميت يصير الى القبر فيجلس الرجل الصالح فى قبره غير فزع ولا
شعوف ( أى غير خائف ولا مزعور ) ثم يقال له : فيم كنت ؟ فيقول : كنت فى الاسلام
فيقال له : ما هذا الرجل ؟ فيقول : رسول الله ﷺ جاءنا بالبينات من عند الله
فصدقناه " ، ثم يفرج له فرجة قبل النار فيقال له:
أنظر الى مقعدك من النار فينظر
اليها يحطم بعضها بعضا فيقال له : انظر الى مقعدك من النار فينظر اليها يحطم بعضها
بعضا فيقال له : هذا مقعدك ويقال له : على اليقين كنت وعليه مت وعليه تبعث ان شاء
الله ،
قال : ويجلس الرجل السوء فى
قبره فزعا مشعوفا فيقال له : فيم كنت ؟ فيقول : لا أدرى فيقال له : ما هذا الرجل ؟
فيقول : سمعت الناس يقولون قولا فقلته فيفرج له قبل الجنة فينظر الى زهرتها وما
فيها فيقال له : أنظر ما صرف الله عنك ، ثم يفرج له فرجة قبل النار فينظر اليها
يحطم بعضها بعضا فيقال له : هذا مقعدك ، على الشك كنت ، وعليه مت ، وعليه تبعث ان
شاء الله " . رواه ابن ماجه وصححه البوصيرى .
- وعن أنس رضى الله عنه أن
النبى ﷺ قال : ان العبد اذا وضع فى قبره وتولى عنه أصحابه انه ليسمع قرع نعالهم
قال : يأتيه ملكان فيقعدانه فيقولان له : ما كنت تقول فى هذا الرجل ؟ قال : فأما
المؤمن فيقول : أشهد أنه عبد الله ورسوله قال : فيقال له : أنظر الى مقعدك من
النار " قال : أبدلك الله به مقعدا من الجنة قال نبى الله ﷺ فيراهما جميعا ، وأما المنافق والكافر فيقال له : ما كنت تقول فى هذا
الرجل ؟ فيقول : لا أدرى كنت ما أقول ما يقول الناس فيقال : لا دريت ولا تليت
ويضرب بمطارق من حديد ضربة فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين ( الانس والجن )
" متفق عليه .
المنجيات من عذاب القبر
قال الرسول ﷺ " زوروا القبور فانها تذكر الموت " مسلم .
وقال : نهيتكم عن زيارة القبور
فزوروها " رواه مسلم ، وعن أبى داود " فان فى زيارتها عبرة وعظة ".
المنجيات من عذاب القبر
1 – ) الرباط فى سبيل الله ،
فمن مات مرابطا فى سبيل الله ينجيه الله من عذاب القبر فقد روى فضالة بن عبيد رضى
الله عنه عن النبى ﷺ أنه قال " كل ميت يختم على عمله الا الذى مات
مرابطا فى سبيل الله فانه ينمى أى يزيد له عمله يوم القيامة ويأمن من فتنة القبر
" رواه الترمذى وأبو داود ، وما رواه مسلم فى صحيحه عن سلمان الفارسى قال :
سمعت رسول الله ﷺ يقول : رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وان مات
أجرى عليه عمله الذى كان يعمله وأجرى عليه رزقه وأمن الفتان " .
2 - ) الشهادة فى سبيل الله وذلك
لما رواه النسائى عن رجل من أصحاب النبى ﷺ أن رجلا قال : ما بال
المؤمنين يفتنون فى قبورهم الا الشهيد ؟ قال : كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة
" ، وروى الترمذى وابن ماجه وغيرهما بسند صحيح عن المقداد بن معد يكرب رضى
الله عنه عن رسول الله ﷺ قال : للشهيد عند الله ست خصال : يغفر له فى أول دفعة
من دمه ، ويرى مقعده من الجنة ، ويجار من عذاب القبر ، ويأمن من الفزع الأكبر ،
ويحلى حلة الايمان ، ويزوج من الحور العين ، ويشفع فى سبعين انسانا من أقاربه
" وهذا لفظ ابن ماجه وعند الترمذى " ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة
منه خير من الدنيا وما فيها ، ويزوج اثنين وسبعين زوجة من الحور العين ، ويشفع فى
سبعين من أقاربه " .
3 - ) قراءة سورة الملك ما ثبت
عن أبى داود والترمذى وابن ماجه والنسائى عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى ﷺ قال : سورة من القرآن ثلاثون آية تشفع لصاحبها حتى غفر له وهى سورة الملك
"، وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال : ان سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل
حتى غفر له وهى سورة تبارك الذى بيده الملك " رواه الترمذى وأبو داود وابن
ماجه ، قال الترمذى هذا حديث حسن وصححه شيخ الاسلام ابن تيمية فى مجموع الفتاوى
والشيخ الألبانى فى صحيحي ابن ماجه ، وعن عبد الله بن مسعود قال : من قرأ تبارك
الذى بيده الملك كل ليلة منعه الله بها من عذاب القبر ، وكنا فى عهد رسول الله ﷺ نسميها المانعة ، وأنها فى كتاب الله سورة من قرأ بها فى كل ليلة فقد أكثر
واطاب " رواه النسائى وحسنه الألبانى فى صحيح الترغيب والترهيب ، والمقصود أن
يقرأ الانسان السورة كل ليلة وأن يعمل بما فيها من أحكام ويؤمن بما قيها من أخبار
.
4 - ) الموت بداء البطن وذلك
لما صح عن النبى ﷺ أنه قال " من يقتله بطنه فلن يعذب فى قبره "
رواه الترمذى ، وهذا يجعل من أصيب بداء البطن أن يصبرولا يجزع ويحتسب الأجر عند
الله .
5 - ) الموت يوم الجمعة أو
ليلة الجمعة وذلك لما رواه أحمد وغيره أن رسول الله ﷺ قال : ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة الا وقاه الله تعالى
فتنة القبر " .
الاستجارة من عذاب القبر
كان يقول الرسول ﷺ لأصحابه : استجيروا بالله من عذاب القبر فان عذاب القبر حق " رواه
الطبرانى ، وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله ﷺ : اذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع يقول " اللهم انى أعوذ بك من
عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال
" رواه مسلم .
No comments:
Post a Comment