1 - ) حكم كلمة " قل" فى القرآن الكريم
حكم كلمة "قل" فى القرآن
وردت
كلمة "قل" فى مواضع كثيرة فى سور القرآن الكريم , وهو فعل أمر من الله
سبحانه وتعالى تردد فى
القرآن
وآياته , والأمر من الله كان لرسوله صلى الله عليه وسلم ، والأمر للرسول صلى الله عليه
وسلم أمر للمسلمين فى عهده ومن بعده ، وأمر الله جاء به الوحى ، وفى كل موضع كلمة
"قل" لها حكم بالاضافة للحكم العام
أن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم هو أمر من الله يأتى به الوحى ،
وكلمة "قل " جاءت فى معظم آيات القرآن كما سنستعرض ذلك فى سور القرآن ،
وكلمة "قل " هى كلمة الربط بين وحى السماء الذى استمر طوال دعوة الرسول
صلى الله عليه وسلم وهدى الارض الذى جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان
أول أمر من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم هو " اقرأ باسم ربك الذى خلق
" وهو أمر عظيم من الله أن ما سيأتى من وحى الله ومفتاح العلم هو القراءة ولم
يتكرر هذا الأمر ولكن الأمر الذى تكرر هو " قل " والواسطة هو جبريل عليه
السلام واسطة السماء لوحى السماء الى الأرض رسول السماء المرسل بالأمر من ربه الى
رسول الله للثقلين الانس والجن يتلقى من ربه القول ويبلغه ، وان هذا القول الذى هو من الله لرسوله وهو فعل
الأمر له والصلة من الله استمر طوال الدعوة الاسلامية ، وهذا أكبر دليل وبرهان على
أن هذا القرآن هو من عند الله وبوحى من الله منزل من عنده ، وجاء هذا الفعل عندما
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن أمور أما فقهية أو تشريعية ، أو عندما
كان يدخل فى مناظرات مع المشركين واليهود فيوحى اليه الله ويعلمه للرد عليهم ، كل
هذا يثبت ويدلل ان هذا القرآن هو من عند الله وأنه وحى يوحى واستمر طوال حياة
الرسول صلى الله عليه وسلم , وسوف نستعرض فى سور القرآن حكم ورودها فى كل سورة .
فى
سورة البقرة
وردت كلمة "قل" فى هذه الآيات ، وفيها
وحى من الله لرسوله ليرد على مزاعم اليهود علما لرسوله ومرشدا له كما فى هذه
الآيات .
1
. واذا قيل لهم آمنوا بما أنزل
الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما ورآءه وهو الحق مصدقا لما معهم قل فلم
تقتلون أنبياء الله من قبل ان كنتم مؤمنين "91
يقول
تعالى اذا قيل لليهود وأمثالهم من أهل الكتاب آمنوا بما أنزل الله على محمد صلى
الله عليه وسلم وصدقوه واتبعوه يقولون يكفينا الايمان بما أنزل علينا من التوراة
والانجيل ولا نقر الا بذلك ولا نؤمن بما
دون ذلك وهم يعلمون أن ما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم هو الحق من عند الله ويقول
تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يرد عليهم ويقول لهم ان كنتم صادقين فى دعواكم
الايمان بما انزل اليكم فلم قتلتم بغيا وعنادا الأنبياءالذين جاؤكم بتصديق التوراة
التى بأيديكم والحكم بها وعدم نسخها وأنتم تعلمون صدقهم ؟
2 . " قل ان كانت لكم الدار الآخرة عند
الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت ان كنتم صادقين " 94
يقول
ابن عباس أن الله تعالى يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم ويوحى الله سبحانه وتعالى
أن يرد على اليهود فيما يدعونه أنهم أحباء الله وأنهم هم الموعودون بالجنة دون
غيرهم يوم القيامة يتحداهم الله أن يتمنوا الموت فيموتوا ، وهذه الآية مرتبطة
بغيرها من الآيات فى سورة الجمعة "قل ياأيها الذين هادوا ان زمتم أنكم أولياء
لله من دون الناس فتمنوا الموت ان كنتم صادقين * ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم
والله عليم بالظالمين " ، وهم قد زعموا أنه لن يدخل الجنة الا من كان هودا أو
نصارى ، وهذه الآية مما احتج الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم على اليهود وفضح
بها أحبارهم وعلماءهم وذلك أن الله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يدعوهم
الى قضية عادلة فيما كان بينه وبينهم من الخلاف فقال لفريق اليهود ان كنتم محقين
فتمنوا الموت فان ذلك غير ضاركم ان كنتم محقين فيما تدعونه من الايمان وقرب
المنزلة من الله لكم لكى يعطيكم أمنيتكم من الموت اذا تمنيتم فانما تصيرون الى
الراحة من تعب الدنيا ونصبها وكدر عيشها والفوز بجوار الله فى جناته ان كان الأمر
كما تزعمون من أن الدار الآخرة خالصة لكم دوننا .
3
. "قل من كان عدوا لجبريل
فانه نزله على قلبك باذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين" 97
قال
الامام أبو جعفر بن جرير الطبرى أجمع أهل العلم بالتأويل جميعا أن هذه الآية نزلت
جوابا لليهود من بنى اسرائيل اذ زعموا أن جبريل عدو لهم وأن ميكائيل ولى لهم ، ثم
اختلفوا فى السبب الذى من أجله قالوا ذلك فقال بعضهم انما كان سبب قيلهم ذلك من
أجل مناظرة جرت بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أمر نبوته ومن ضمن ما
سألوه " فحدثنا من وليك من الملائكة فعندها نجامعك أو نفارقك قال "فان
وليى جبريل ولم يبعث الله نبيا الا هو وليه " قالوا فعندها نفارقك ولو كان
وليك سواه من الملائكة تابعناك وصدقناك " قال " فما يمنعكم أن تصدقوه ؟
" قالوا " انه عدونا فأنزل الله عز وجل الآية ليرد الرسول صلى الله عليه
وسلم عليهم وفيها أمره قل أى تحدث بامر ربك وتوجيهه ورد عليهم فهو الذى يعلمك
بعلمه ، وفى قول آخر " ليس من نبى الا وله ملك يأتيه بالخبر فأخبرنا من صاحبك
؟ " قال "جبريل عليه السلام " قالوا " جبريل ذاك الذى ينزل
بالحرب والقتال والعذاب عدونا ، لو قلت ميكائيل الذى ينزل بالرحمة والقطر والنبات
لكان فأنزل الله تعالى الآية ردا عليهم .
4. " يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم
من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فان
الله به عليم " 215
فى
هذه الآية وحى من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم فى موضوع النفقة نفقة التطوع ،
وقال السدى نسختها الزكاة ومعنى الآية : يسألونك كيف تنفقون ؟ قال ابن عباس ومجاهد
فبين لهم تعالى ذلك فقال لهم أن يصرفوا فى هذه الوجوه بالترتيب كما جاء فى الحديث
" أمك وأباك وأختك وأخاك ثم أدناك أدناك " ، تلا ميمون بن مهران هذه
الآية ثم قال : هذه مواض النفقة تكون للوالدين والأقارب واليتامى والمساكين وابن
السبيل وهو المسافر الذى لا يجد نفقة سفره أو تقطعت به السبل فى السفر فلا يجد ما
ينفق .
5
. " يسألونك عن الشهر
الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام واخراج
أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل
--------" 217
تعليم
من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم بالوحى من عنده ليرد على زعم المشركين ، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعث رهطا
وبعث عليهم عبد الله بن جحش وكتب له كتابا وأمره أن لا يقرأ الكتاب حتى يبلغ بطن
نخلة وقال " لا تكرهن أحدا على المسير معك من أصحابك ففتح الكتاب وقال : سمعا وطاعة لله ولرسوله
فخبرهم الخبر وقرا عليه الكتاب فرجع سعد بن أبى وقاص وعتبة أضلا راحلة لهما فتخلفا
يطلبانها وسار ابن جحش الى بطن نخلة فاذا هو بالحكم بن كيسان وعثمان بن عبد الله
بن المغيرة وانفلت وقتل عمروبن الحضرمى وهو مقبل من الطائف وقتله واقد بن عبد الله
فى المواجهة مع المشركين فكانت أول غنيمة غنمها أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم فلما رجعوا الى المدينة بأسيرين وما أصابوا من المال أراد أهل مكة أن يفادوا
الأسيرين وقالوا ان محمدا يزعم أنه يتبع طاعة الله وهو أول من استحل الشهر الحرام
وقتل صاحبنا فى رجب فقال المسلمون انما قتلناه فى جمادى وقتل فى أول ليلة من رجب
وآخر ليلة من جمادى وأغمد المسلمون سيوفهم حين دخل شهر رجب وأنزل الله يعير أهل
مكة " يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال كبير " أى لايحل وما
صنعتم أنتم يا معشر المشركين أكبر من القتل فى الشهر الحرام حين كفرتم بالله
وصددتم عن محمد صلى الله عليه وسلم وأصحاه واخراج أهل المسجد الحرام منه حين
أخرجوا محمدا صلى الله عليه وسلم وأصحابه أكبر من القتل عند الله .
6
. "يسألونك عن الخمر
والميسر قل فيهما اثم كبير ومنافع للناس واثمهما أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا
ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون ." 219
يوحى الله لرسوله صلى الله عليه وسلم
بالبيان الشافى فى الخمر ليبلغ المؤمنين من حوله ويعلمهم بذلك عن عمر رضى الله عنه
قال : لما نزل تحريم الخمر قال : اللهم بين لنا فى الخمر بيانا شافيا فنزلت هذه
الآية التى فى البقرة فدعى عمر فقرأت عليه فقال : اللهم بين لنا فى الخمر بيانا
ضافيا فنزلت الآية التى فى النساء " يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة
وأنتم سكارى " فكان منادى رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا أقام الصلاة نادى
: أن لا يقربن الصلاة سكران فدعى عمر فقرئت عليه فقال : اللهم بين لنا فى الخمر
بيانا شافيا فنزلت الآية الى فى المائدة " انما الخمر والميسر والأنصاب
والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون " فدعى عمر فقرئت عليه
فلما بلغ " فهل أنتم منتهون " قال عمر : انتهينا انتهينا .
7
. " ويسألونك عن المحيض قل
هو أذى فاعتزلوا النساء فى المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فاذا تطهرن فأتوهن من حيث
أمركم الله ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين " 222
فى
هذه الآية تعليم من الله سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم للرد فيما يخص
حكم المحيض ليرد على الذين سألوه عنه فعن ثابت عن أنس أن اليهود كان اذا حاضت
المرأة منهم لم يواكلوها ولم يجامعوها فى البيوت فسأل أصحاب النبى صلى الله عليه
وسلم النبى صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل حكمه فقال رسول الله صلى الله
ليه وسلم " اصنعوا كل شىء الا النكاح " ، ونهى عن قربانهن بالجماع ما
دام الحيض موجودا ومفهومه حله اذا انقطع .
كلمة
"قل" كما وردت فى سورة البقرة جاءت بوحى الله تعالى لتعليم رسوله صلى
الله عليه وسلم ليرد على ادعاءات اليهود ، وليرد على المشركين فيما زعموا من
انتهاك المسلمين للشهر الحرام ، وجاءت لتعليم المسلمين حكم النفقة قبل فرض الزكاة
، وجاءت كذلك لتعليم رسوله صلى الله عليه وسلم الحكم فى المحيض ، فهذا وحى الله يعلم رسوله ليعلم
المسلمين من حوله ومن بعده بأمره الربانى وحكمه وقوله فالقول قول الله والأمر أمر
الله والوحى وحى الله .
No comments:
Post a Comment