2 -) حكم كلمة "قل" فى القرآن
فى
سورة آل عمران
1 . " قل للذين كفروا ستغلبون
وتحشرون الى جهنم وبئس المهاد " 12
يقول
الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم ليعطيه البشارة بالنصر بأمره ليخبر الكفار
ويبشرهم بالهزيمة فى الدنيا وبنصر الله عليهم ويبشرهم بالخسران فى الآخرة بأن جهنم
سيحشرون فيها جميعا وستكون المقر الدائم لهم فهى بئس المقر والمقام ، فالله معز دينه وناصر رسوله ومظهر كلمته ،
وهذه الآية تتحدث عن غزوة بدر وكذلك الآيات اللاحقة لها وعن قتادة أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم لما أصاب من أهل بدر ما أصاب ورجع الى المدينة جمع اليهود فى
سوق بنى قينقاع وقال " يا معشر يهود أسلموا قبل أن يصيبكم الله مما أصاب
قريشا " فقالوا " يا محمد لا يغرنك من نفسك أن قتلت نفرا من قريش كانوا
أغمارا لا يعرفون القتال انك والله لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس وانك لم تلق
مثلنا فأنزل الله فى ذلك من قولهم هذه الآية الى قوله " لعبرة لأولى الأبصار
" .
2
. " زين للناس حب الشهوات
من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام
والحرث ذلك متاع الدنيا والله عنده حسن المآب * قل أؤنبئكم بخير من ذلك للذين
اتقوا عند ربهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من
الله والله بصير بالعباد" - 14 - 15
تتحدث
الآيات عن متاع الدنيا المحبب لكل الناس من النساء والأولاد والذهب والفضة وهنا لم
يذكر المال وسبق القرآن عصره فان الدول تقيم عملاتها بما لديها من ذهب ومعادن
نفيسة تحافظ على قيمة العملة الورقية والمعدنية فهى ليست لها قيمة حقيقية والخيل
وكل وسيلة للركوب من متغيرات العصر فى عصرنا الطائرات والسيارات والسفن الفخمة
التى تعتبر بيوت وقصور ومدن فيها كل الرفاهية وكذلك بما يكون من أنعام أى الثرو
الحيوانية والزراعة والنبات وهى أسس الحياة والمعيشة كل ذلك هو متاع الدنيا الزائل
، فأخبر الله رسوله أن يقول للناس ويعطيعم النبأ اليقين الذى هو خير من ذلك كله وهو
ما أعده الله فى الآخرة من جنات تحتها الأنهار خالدين فيها ويتمتعون بالأزواج
المطهرة من الحور العين فى الجنة فهم مطهرون لا يصيبهن الحيض والأذى والنفاس وغير
ذلك مما يعترى نساء الدنيا ويحل عليهم رضوان الله فلا يسخط عليهم أبدا وهو أكبر
مما أعطاهم من النعيم المقيم وهو بصير بالعباد يعطى كلا بحسب ما يستحقه من العطاء
،
فى
هذه الآية يبشر الله عباده المؤمنين بما يحل بهم من خير فى الآخرة وهذا قول من
الله لرسوله وأمر منه لعظم هذا الأمر فكل أمر مهم يسبقه الله بالقول والتأكيد على
أهمية هذا الأمر وهو أمر ما يسعدهم فى الحياة الأزلية ليخبر به المؤمنين من حوله
ومن بعده .
3
. " ان الدين عند الله
الاسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب الا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن
يكفر بآيات الله فان الله سريع الحساب * فان حاجوك فقل أسلمت وجهى لله ومن اتبعن
وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فان أسلموا فقد اهتدوا وان تولوا فانما
عليك البلاغ والله بصير بالعباد " 19 - 20
يتحدث
الله ويؤكد بلفظ "ان" الدين الحق الذى يقبله هو الاسلام وهو دين الرسل
جميعا وأنه لا دين يقبله عنده من أحد سوى الاسلام وهو اتباع الرسل فيما بعثهم الله
به فى كل حين حتى ختموا بمحمد صلى الله عليه وسلم الذى سد جميع الطرق اليه الا من
جهة محمد صلى الله عليه وسلم فمن لقى الله بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم بدين
على غير شريعته فليس بمتقبل كما قال تعالى " ان الدين عند الله الاسلام"
، وأن اهل الكتاب أى الذين أوتوا الكتاب الأول انما اختلفوا بعد ما قامت الحجة
بارسال الرسل اليهم وانزال الكتب عليهم فبغى بعضهم على بعض فاختلفوا فى الحق
لتحاسدهم وتباغضهم وتدابرهم فحمل بعضهم بغض البعض الآخر على مخالفته فى جميع
أقواله وأفعاله وان كانت حقا ويعقب الله أن من جحد ما أنزل الله فى كتابه فانه
سيجازيه على ذلك ويحاسبه على تكذيبه ويعاقبه على مخالفة كتابه ، بعد أن أبرز الله
قضية التوحيد التى لا تقبل النقاش أخبر وأمر رسوله ان من يجادله فى ذلك أن يقول
أخلصت عبادتى لله وحده لا شريك له ولا ند له ولا ولد ولا صاحبة فمن اتبعن على دينى
يقول كمقالتى ثم قال تعالى آمرا لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم أن يدعو الى
طريقته ودينه والدخول فى شرعه وما بعثه الله به الكتابيين من المليين والأميين من
المشركين فان اتبعوه فقد اهتدوا وان بعدوا عنه وتولوا فليس عليه الا البلاغ فاما
الحساب فهو على الله فهو عليم بعباده وعليه حسابهم واليه مرجعهم ومآبهم وهو الذى
يهدى من يشاء ويضل من يشاء وله الحكمة البالغة والحجة الد امغة فهو عليم بمن يستحق
الهداية ممن يستحق الضلالة .
وفى
هذه القضية الهامة وهى قضية الايمان يخبر الله ويأمر رسوله أن يبلغ العباد بان
الاسلام هو دين الله ومن يعارضه بالباطل يبعد عنه فهو مبلغ ونذير من الله لأن الله
يعلم بهذه القضية الأزلية ولأهميتها بلغها لرسوله بكلمة قل عندما يحاجه أحد أى أن
من يقول ذلك هو الله وأنه ينقل هذا الكلام عنه لأهميته .
4
. " قل اللهم مالك الملك
تؤنى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير
انك على كل شىء قدير " 26
يقول
تبارك وتعالى لأهمية الأمر قل يا محمد معظما لربك وشاكرا له ومفوضا اليه ومتوكلا
عليه أنت المعطى وأنت المان وأنت ما شئت كان وما لم تشأ لم يكن ، وفى هذه الآية
تنبيه وارشاد الى شكر نعمة الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم وهذه الأمة
لأن الله تعالى حول النبوة من بنى اسرائيل الى النبى العربى القرشى الأمى المكى
خاتم الأنبياء على الاطلاق ورسول الله الى جميع الثقلين الانس والجن ، الذى جمع
الله فيه محاسن من كان قبله وخصه بخصائص لم يعطها نبيا من الأنبياء ولا رسول من
الرسل فى العلم بالله وشريعته واطلاعه على الغيوب الماضية والاتية وكشفه له عن
حقائق آخرة ونشر أمته فى الآفاق فى مشارق الأرض ومغاربها واظهار دينه وشرعه على
سائر الأديان والشرائع فصلوات الله عليه دائما الى يوم الدين ما تعاقب الليل
والنهار ولهذا قال تعالى " قل اللهم مالك الملك " أى أن المتصرف فى خلقك
الفعال لما تريد .
لأهمية
هذه القضية قضية الملك والنبوة التى نقلها الله الى العرب واختار بها محمد صلى
الله عليه وسلم يقول لرسوله ان يبلغ الناس ويقول لهم القول الفصل الهام فى هذه
القضية وأنه وحده هو المتصرف فيها .
5 . " قل ان تخفوا ما فى صدوركم أو تبدوه
يعلمه الله ويعلم ما فى السموات وما فى الأرض والله على كل شىء قدير " 29
يخبر
الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول بأمر منه لعباده أنه يعلم السرائر والضمائر
والظواهر وأنه لا يخفى عليه منهم خافية بل علمه محيط بهم فى سائر الأحوال والأزمان
والأيام واللحظات وجميع الأوقات وجميع ما فى السموات والأرض لا يغيب عنه مثقال ذرة
ولا أصغر من ذلك فى جميع أقطار الأرض والبحار والجبال وقدرته نافذة فى جميع ذلك ،
وهذا تنبيه منه لعباده على خوفه وخشيته لئلا يرتكبوا ما نهى عنه وما يبغضه منهم
فانه عالم بجميع أمورهم .
القضية
هنا مهمة وهى تقوى الله وخشيته فى السر والعلن فهو لا يخفى عليه خافية ولأهمية هذا
الأمر أبلغ رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبلغهم أمره وقوله .
6
. " قل ان كنتم تحبون الله
فاتبعونى يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم * قل أطيعوا الله والرسول
فان تولوا فان الله لا يحب الكافرين " 31 - 32
يتحدث
الله تعالى الى رسوله الكريم موجها له أمره أن يقول ويبلغ كل من ابدى محبة الله
وليس متبعا الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، فمن يحبب الله يتبعه ويتبع هديه فى
أقواله وأفعاله كما ثبت فى الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "
من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " ، فالله تعالى اشترط لكسب حبه اتباع ما
جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ومن فعل ذلك فاز بمغفرة الله فهو الذى يتولى
العباد بالعفو والصفح عن ذنوبهم برحمته فهو يقبل التوبة برحمة منه ، وهناك أمر آخر
من الله تعالى الى رسوله صلى الله عليه وسلم ليقوله ويخبره لكل الناس والعباد فهو
رسول للعالمين الانس والجن وهو الطاعة لله وللرسول فاتباع أوامرهما من كتاب وسنة
وترك نواهيهما فى الكتاب والسنة الذى لو كان الأنبياء بل المرسلون بل أولا العزم
منهم فى زمانه ما وسعهم الا اتباعه والدخول فى طاعته واتباع شريعته ، ومن بعد عن
ذلك وتولى عنه واتبع الكفر فان الله لا يحب من اتصف بالكفر ودل ذلك أن مخالفة
الرسول صلى الله عليه وسلم فى الطريقة كفر .
لأهمية
هذه القضيق قضية الايمان بالله ومحبة الله ورسوله وان محبة الله لا تتحق الا بمحبة
رسوله محمد صلى الله عليه وسلم واتباع هديه المنزل من الله سبحانه وتعالى من كتاب
وسنة ومن فعل غير ذلك فقد كفر وخرج من محبة الله ، وهذا تلخيص لقضية الايمان
والكفر ولهذا تكرر أمر "قل" .
7
. " قل آمنا بالله وما أنزل
علينا ومآ أنزل على ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والأسباط ومآ أوتى موسى وعيسى
والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون * ومن يبتغ غير الاسلام
دينا فلن يقبل منه وهو فى الآخرة من الخاسرين " 84 - 85
فى
الآيتين أمر من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم بالقول والتبليغ عنه لأهمية الأمر
الذى يلخص أن قضية الايمان واحدة وأن دين الأنبياء واحد وهو الاسلام الذى من اتبع
غيره فلن يقبله الله منه وسوف يكون يوم القيامة من الخاسرين فجزاءه جهنم وبئس
المصير فالمؤمنون من هذه الأمة يؤمنون بكل نبى أرسل وبكل كتاب أنزل لا يكفرون بشىء
من ذلك بل هم يصدقون بما أنزل من عند الله وبكل نبى بعثه الله ومن سلك طريقا سوى
ما شرعه الله فلن يقبل منه ومأواه جهنم كما قال النبى فى الحديث الصحيح " من
عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " .
8
. " كل الطعام كان حلا لبنى
اسرائيل الا ما حرم اسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة
فاتلوها ان كنتم صادقين * فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأوائك هم الظالمون
* قل صدق الله فاتبعوا ملة ابراهيم حنيفا وما كان من المشركين "93 - 95
تتحدث
الآية عن أن كل الطعام أباحه الله وأحله لبنى اسرائيل فان الله قد نص فى كتابهم
التوراة أن نوحا عليه السلام لما خرج من السفينة أباح الله له جميع دواب الأرض
يأكل منها ، ثم بعد ذلك حرم اسرائيل وهو يعقوب عليه السلام على نفسه لحوم الابل
وألبانها فاتبعه بنوه فى ذلك استنانا به واقتداء بطريقه فقد مرض مرضا شديدا وطال
سقمه فنذر لله نذرا لئن شفاه الله من سقمه ليحرمن أحب الطعام والشراب اليه وكان
أحب الطعام اليه لحم الابل وأحب الشراب اليه ألبانها حرم أحب الأشياء اليه وتركها
لله وكان هذا سائغا فى شريعتهم ، حرم ذلك من قبل أن تنزل التوراة وهى قد نزلت بعده
على موسى عليه السلام وأحلت لهم التوراة ما حرم عليهم وكذلك ما شرعه الله للمسيح
عليه السلام فى احلاله لبعض ما حرم فى التوراة فما بالهم لم يتبعوه بل كذبوه
وخافوه وكذلك ما بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم من الدين القويم والصراط
المستقيم وملة أبيه ابراهيم ، فما بالهم لا يؤمنون وتحداهم الله بأن أوحى لرسوله
صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم ويبلغهم عنه أن يتلوا ما جاء فى التوراة فانها
ناطقة بما قال الله تعالى فمن كذب على الله وادعى أنه شرع لهم السبت والتمسك
بالتوراة دائما ، وانه لم يبعث نبيا آخر يدعو الى الله تعالى بالبراهين والحجج بعد
الذى بيناه من وقوع النسخ فهم قد بعدوا وتجاوزوا عن الحق ويأمر الله تعالى رسوله
صلى الله عليه وسلم بالقول والتبليغ "قل صدق الله " أى قل يا محمد صدق
الله فيما أخبر به وفيما شرعه فى القرآن ويدعوهم الله الى اتباع ملة ابراهيم النى
شرعها الله فى القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم فانه الحق الذى لا شك فيه
ولا مرية وهى الطريقة التى لم يأت نبى بأكمل منها ولا أبين ولا أوضح ولا أتم كما
قال تعال " قل اننى هدانى ربى الى صراط مستقيم * دينا قيما ملة ابراهيم حنيفا
وما كان من المشركين " وقال تعالى " ثم أوحينا اليك أن اتبع ملة ابراهيم
حنيفا وما كان من المشركين "
فى
الآيات توجيه لرسوله الكريم أن يقول ويبلغ بنى اسرائيل أن يتخرجوا ويقولوا بما
جاءت به التوراة من نسخ عقائدى يترتب عيه كذلك نسخ ما كانوا يعتقدونوه ويتبعوا ما
جاء به خاتم النبيين من الدين الحنيف وهو الاسلام البعيد عن الزيغ عن الحق وعن
الشرك بالله .
9
. " قل ياأهل الكتاب لم
تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون * قل ياأهل الكتاب لم تصدون عن سبيل
الله من آمن تبغونها عوجا وأنتم الشهداء وما الله بغافل عما تعملون " 98 - 99
يبلغ
الله رسوله بأمره أن يقول لأهل الكتاب ويبلغهم فى تعنيف منه سبحانه وتعالى للكفرة
من أهل الكتاب على عنادهم للحق وكفرهم بآيات الله وصدهم عن سبيل الله من أراده من
أهل الايمان بجهدهم وطاقتهم مع علمهم بأن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم حق
من الله وبما عندهم من العلم عن الأنبياء الأقدمين والسادة المرسلين صلوات الله
وسلامه عليهم أجمعين ، وما بشروا به ونوهوا به من ذكر النبى الأمى الهاشمى العربى
المكى سيد ولد آدم وخاتم الأنبياء ورسول رب الأرض والسماء وقد توعدهم الله على ذلك
وأخبرهم بأنه شهيد على صنيعهم ذلك بما خالفوا ما بأيديهم عن الأنبياء ومعاملتهم
الرسول المبشر به بالتكذيب والجحود والعناد فأخبر تعالى أنه ليس بغافل عما يعملون
أى وسيجزيهم على ذلك "يوم لا ينفع مال ولا بنون "
10
- " أو لمآ أصابتكم مصيبة
قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم ان الله على كل شىء
قدير
" 165
تتحدث
الآية عما أصاب المسلمين يوم أحد من قتل السبعين منهم وهم يوم بدر قد أصابوا من
المشركين مثل ذلك فانهم قتلوا من المشركين سبعين قتيلا ، وأسروا سبعين أسيرا وتحدث
عن ذلك بالمصيبة التى وقعت بسبب ترك الرماة لأماكنهم وعدم طاعة الرسول صلى الله
عليه وسلم للجرى وراء الغنيمة بعد أن أوقعوا بالأعداء فى أول المعركة فالتف عليهم
الأعداء وأوقعوا فيهم الخسائر ، وهم يتساءلون من أين جرى علينا هذا فيرد الله
عليهم ويقول لرسوله صلى الله علبه وسلم ليقول لهم ويبلغهم أن هذا الذى وقع هو من عند
أنفسكم والله بيده كل الأمور ولكن ذلك عبرة لكم وعظة فقد نصركم من قبل فى بدروكنتم
قلة وعن عمر بن الخطاب قال : لما كان يوم
أحد من العام المقبل عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء ، فقتل منهم سبعون
وفر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه
، وسال الدم على وجهه فأنزل الله سبحانه وتعالى هذه الآية .
11
. " الذين قالوا لاخوانهم
وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرأوا عن أنفسكم الموت ان كنتم صادقين " 168
نزلت
هذه الآية فى عبد الله بن أبى سلول وأصحابه الذين رجعوا معه فى أثناء الطريق
فاتبعهم رجال من المؤمنين يحرضونهم على الاتيان والقتال والمساعدة والقرآن ينقل ما
قاله عبد الله بن أبى سلول وأصحابه عن ما حدث يوم غزوة أحد أن المسلمين لو سمعوا
من مشورتنا عليهم فى القعود وعدم الخروج ما قتلوا مع من قتل ويرد الله عليهم أنه
ان كان القعود يسلم به الشخص من القتل والموت فينبغى أنكم لا تموتون والموت لابد
آت اليكم ولو كنتم فى بروج مشيدة ، فادفعوا عن أنفسكم الموت ان كنتم صادقين ، ويبلغ
الله تعالى أن يقول ويبلغ المسلمين أن الله قد كتب الآجال وقدر الأعمار ولن يغنى
حذر من قدر وليس الأمر بطاعة البشر والامتناع عن القتال فى سبيل الله فلا طاعة
لمخلوق فى معصية الخالق فى أمر من الأمور الشرعية وان كان الظاهر هو المنفعة .
12
. "الذين قالوا ان الله عهد
الينا ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار قل قد جآءكم رسل من قبلى بالبينات
وبالذى قلتم فلم قتلتموهم ان كنتم صادقين " 183
فى
هذه الآية يرد الله على ادعاءات اليهود فهم يقولون ويزعمون أن الله عهد اليهم فى
كتبهم أن لا يؤمنوا لرسول حتى يكون من معجزاته أنه من تصدق بصدقة من أمته فتقبلت
منه أن تنزل نار من السماء تأكلها النار فيرد الله عليهم على لسان رسوله بقوله له
أن يقول لهم ويبلغهم أنه قد جاءتهم رسل من قبله بالحجج والبراهين وبنار تأكل
القرابين المتقبلة فلم قابلتموهم بالتكذيب والمخالفة والمعاندة وقتلتموهم ان كنتم
تتبعون الحق وتنقادوا للرسل .
وردت
"قل" فى سورة آل عمران لاقرار قضايا ايمانية جوهرية ، وللرد على الكفار
والمنافقين واليهود وأهل الكتاب فى زعمهم فى وحى من الله وتعليم لرسوله صلى الله
عليه وسلم فى أن يرد عليهم جميعا .
No comments:
Post a Comment