Grammar American & British

Friday, November 11, 2022

9- ) حكم كلمة " قل " فى القرآن الكريم

9- ) حكم كلمة " قل " فى القرآن الكريم

فى سورة المؤمنون

1 . "قُل لِّمَنِ ٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِيهَآ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ٨٤ سَيَقُولُونَ لِلَّهِۚ قُلۡ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ٨٥ قُلۡ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱلسَّبۡعِ وَرَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِيمِ ٨٦ سَيَقُولُونَ لِلَّهِۚ قُلۡ أَفَلَا تَتَّقُونَ ٨٧ قُلۡ مَنۢ بِيَدِهِۦ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيۡءٖ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيۡهِ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ٨٨ سَيَقُولُونَ لِلَّهِۚ قُلۡ فَأَنَّىٰ تُسۡحَرُونَ ٨٩ بَلۡ أَتَيۡنَٰهُم بِٱلۡحَقِّ وَإِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ ٩٠

يقرر الله تعالى وحدانيته واستقلاله بالخلق والتصرف والملك ليرشد الى أنه الله الذى لا اله الا هو ولا ينبغى العبادة الا له وحده لا شريك له  " قُل لِّمَنِ ٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِيهَآ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ " قال الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين العابدين معه غيره من له الأرض وما فيها وما عليها من الحيوانات والنباتات والثمرات وسائر صنوف المخلوقات ان كان لهم عقول وأفهام تعى وتفهم وتعلم ،"  سَيَقُولُونَ لِلَّهِۚ قُلۡ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ " لايملكون الا أن يقولوا كل ذلك لله فهم يعترفون أن الذين عبدوهم لا يخلقون شيئا ولا يملكون شيئا ولا يستبدون بشىء بل اعتقدوا أنهم يقربوهم الى الله زلفى كقوله " ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى " ، "  قُلۡ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱلسَّبۡعِ وَرَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِيمِ " قل لهم من خالق العالم العلوى بما فيه من الكواكب والملائكة وكل شىء وهو رب العرش العظيم الذى هو سقف المخلوقات فى الحديث " ما السموات السبع والأرضون السبع وما بينهن وما فيهن فى الكرسى الا كحلقة ملقاة بأرض فلاة ، وان الكرسى بما فيه بالنسبة الى العرش كتلك الحلقة فى تلك الفلاة " وقال أبن عباس العرش لا يقدره أحد الا الله عز وجل وفى هذه الآية " رب العرش العظيم " أى الكبير وفى آخر السورة " رب العرش الكريم" أى الحسن البهى فقد جمع العرش بين العظمة فى الاتساع والعلو والحسن الباهر  ، " سَيَقُولُونَ لِلَّهِۚ قُلۡ أَفَلَا تَتَّقُونَ " لا يملكون الا أن يقولوا ان كل ذلك لله فقل لهم اذا كنتم تعترفون بأنه رب السموات ورب العرش العظيم أفلا تخافون عقابه وتحذرون عذابه فى عبادتكم معه غيره واشراككم به ، " قُلۡ مَنۢ بِيَدِهِۦ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيۡء" قل لهم يا محمد أيضا من بيده الملك متصرف فيه ملكوت كل شىء  ، "وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيۡهِ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ" وهوالله السيد العظيم الذى لا أعظم منه يجير من استجار به وينصره الذى له الخلق والأمر لا معقب لحكمه وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن وكانت العرب اذا كان السيد فيهم فأجار أحدا ليس لمن دونه أن يجير عليه   " سَيَقُولُونَ لِلَّهِۚ " سيعترفون أن السيد العظيم الذى يجير ولا يجار عليه هو الله تعالى وحده لا شريك له  " قُلۡ فَأَنَّىٰ تُسۡحَرُونَ " قل لهم فكيف تذهب عقولكم فى عبادتكم معه غيره مع اعترافكم وعلمكم بذلك  ، " بَلۡ أَتَيۡنَٰهُم بِٱلۡحَقِّ " الحق هو ما أتى الله به من اعلام بأنه لا اله الى الله وأقام الأدلة الصحيحة الواضحة القاطعة على ذلك ، " وَإِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ "  وهم كاذبون فى عبادتهم مع الله غيره ولا دليل لهم على ذلك كما قال تعالى " ومن يدع مع الله الها آخر لا برهان له به فانما حسابه عند ربه انه لا يفلح الكافرون " فالمشركون لا يفعلون ذلك عن دليل قادهم الى ماهم فيه من الافك والضلال ، وانما يفعلون ذلك اتباعا لآبائهم وأسلافهم كما قال تعالى عنهم " انا وجدنا آباءنا على أمة وانا على آثارهم مقتدون " .

2 . "قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ ٩٣ رَبِّ فَلَا تَجۡعَلۡنِي فِي ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّٰلِمِينَ ٩٤ وَإِنَّا عَلَىٰٓ أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمۡ لَقَٰدِرُونَ ٩٥ ٱدۡفَعۡ بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ ٱلسَّيِّئَةَۚ نَحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَصِفُونَ ٩٦ وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنۡ هَمَزَٰتِ ٱلشَّيَٰطِينِ ٩٧ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحۡضُرُونِ ٩٨

يقول الله تعالى آمرا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يدعو بهذا الدعاء عند حلول النقم " قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ *  رَبِّ فَلَا تَجۡعَلۡنِي فِي ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّٰلِمِينَ " رب ان عاقبت القوم الظالمين وأنا أشاهد ذلك فلا تجعلنى فيهم كما جاء فى الحديث الذى رواه الامام أحمد والترمذى وصححه " واذا أردت بقوم فتنة فتوفنى اليك غير مفتون " ،  وَإِنَّا عَلَىٰٓ أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمۡ لَقَٰدِرُونَ " يقول الله تعالى لو شئنا بقدرتنا لأريناك ما نحل بهم من النقم والبلاء والمحن ، " ٱدۡفَعۡ بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ ٱلسَّيِّئَةَۚ نَحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَصِفُونَ " قال الله لرسول صلى الله عليه وسلم مرشدا له الى الترياق النافع فى مخالطة الناس وهو الاحسان الى من يسىء اليه ليستجلب خاطره فتعود عداوته صداقة وبغضه محبة كما قال " ادفع بالتى هى أحسن فاذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه وليم حميم * وما يلقاها الا الذين صبروا وما يلقاها الا ذو حظ عظيم " وما يلقى الجزاء الحسن فى الدنيا والآخرة الا الذين صبروا على أذى الناس فعاملوهم بالجميل مع اسدائهم اليهم القبيح ، " وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنۡ هَمَزَٰتِ ٱلشَّيَٰطِينِ " أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ به من الشياطين لأنهم لا تنفع معهم الحيل ولا ينقادون بالمعروف وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول " أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه " ، " وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحۡضُرُونِ " وأعوذ بك ربى أن تحضر الشياطين فى شىء من أمرى ولهذا أمربذكر الله فى ابتداء الأمور وذلك لطرد الشيطان عند الأكل والجماع والذبح وغير ذلك من الأمور وروى أبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول " اللهم انى أعوذ بك من الهرم ، وأعوذ بك من الهدم ومن الغرق ، وأعوذ بك أن يتخبطنى الشيطان عند الموت " وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال :كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات يقولهن عند النوم من الفزع " بسم الله أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون " .

3 . "وَمَن يَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ لَا بُرۡهَٰنَ لَهُۥ بِهِۦ فَإِنَّمَا حِسَابُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦٓۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡكَٰفِرُونَ ١١٧ وَقُل رَّبِّ ٱغۡفِرۡ وَٱرۡحَمۡ وَأَنتَ خَيۡرُ ٱلرَّٰحِمِينَ ١١٨

" وَمَن يَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ لَا بُرۡهَٰنَ لَهُۥ بِهِ " يقول الله تعالى متوعدا من أشرك به غيره وعبد معه سواه ومخبرا أن من أشرك بالله لا برهان له أى لا دليل له على قوله ، " فَإِنَّمَا حِسَابُهُۥ عِندَ رَبِّهِ" الله يحاسبه على كفره ، " إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡكَٰفِرُونَ " والكافرون لا فلاح لهم ولا نجاة يوم القيامة ، " وَقُل رَّبِّ ٱغۡفِرۡ وَٱرۡحَمۡ وَأَنتَ خَيۡرُ ٱلرَّٰحِمِينَ " هذا ارشاد من الله تعالى الى هذا الدعاء والغفر هو محو الذنب وستره عن الناس والرحمة معناها أن يسدده الله ويوفقه فى الأقوال والأفعال فهو خير الراحمين فلا ترجى المغفرة والرحمة الا منه .

فى سورة النور

1 ."قُل لِّلۡمُؤۡمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِمۡ وَيَحۡفَظُواْ فُرُوجَهُمۡۚ ذَٰلِكَ أَزۡكَىٰ لَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا يَصۡنَعُونَ ٣٠

 " قُل لِّلۡمُؤۡمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِمۡ " هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم عما حرم عليهم فلا ينظروا الا الى ما أباح لهم النظر اليه وأن يغمضوا أبصارهم عن المحارم فان اتفق أن وقع البصر على محرم من غير قصد فليصرف بصره عنه سريعا كما رواه مسلم فى صحيحه عن جرير بن عبد الله البجلى رضى الله عنه قال : سألت النبى صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة فأمرنى أن أصرف بصرى وفى رواية لبعضهم فقال " اطرق بصرك " يعنى أنظر الى الأرض ،والصرف أعم فانه قد يكون الى الأرض والى جهة أخرى وعن عبد الله بن بريده عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلى " يا على لا تتبع النظرة النظرة فان لك الأولى وليس لك الآخرة " وفى الصحيح عن أبى سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اياكم والجلوس على الطرقات " قالوا : يا رسول الله لابد لنا من مجالسنا نتحدث فيها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ان أبيتم فاعطوا الطريق حقه " قالوا : وما حق الطريق يا رسول الله ؟ " قال : غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر " ، كما أمر الله بحفظ الأبصار فلا تنظر الى حرام أمر حفظ الفروج  " وَيَحۡفَظُواْ فُرُوجَهُمۡ " حفظ الفرج يكون تارة بمنعه من الزنا كما قال تعالى " والذين هم لفروجهم حافظون " وتارة يكون بحفظه من النظر اليه كما جاء فى الحديث فى مسند أحمد والسنن " احفظ عورتك الا من زوجتك أو ما ملكت يمينك " ، " ذَٰلِكَ أَزۡكَىٰ لَهُمۡ " ذلك الفعل وهو غض البصر وحفظ الفرج أطهر لقلوب المؤمنين وأنقى لدينهم كما قيل من حفظ بصره أورثه الله نورا فى بصيرته ، ويروى فى قلبه وعن أبى أمامة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال " ما من مسلم ينظر الى محاسن امرأة ثم يغض بصره الا أخلفه الله له عبادة يجد حلاوتها " وعن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ان النظر سهم من سهام ابليس مسموم ، من تركها مخافتى أبدلته ايمانا يجد حلاوته فى قلبه " وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة ، فزنا العينين النظر ، وزنا اللسان النطق ، وزنا الأذنين الاستماع ، وزنا اليدين البطش ، وزنا الرجلين الخطى ، والنفس تمنى وتشتهى ، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه " رواه البخارى ومسلم  ، " انَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا يَصۡنَعُونَ " الله يعلم ما يصنع البشر فى السر والعلن كما قال " يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور " .  

2 . " وَقُل لِّلۡمُؤۡمِنَٰتِ يَغۡضُضۡنَ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِنَّ وَيَحۡفَظۡنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنۡهَاۖ وَلۡيَضۡرِبۡنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّۖ وَلَا يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوۡ ءَابَآئِهِنَّ أَوۡ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوۡ أَبۡنَآئِهِنَّ أَوۡ أَبۡنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوۡ إِخۡوَٰنِهِنَّ أَوۡ بَنِيٓ إِخۡوَٰنِهِنَّ أَوۡ بَنِيٓ أَخَوَٰتِهِنَّ أَوۡ نِسَآئِهِنَّ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُنَّ أَوِ ٱلتَّٰبِعِينَ غَيۡرِ أُوْلِي ٱلۡإِرۡبَةِ مِنَ ٱلرِّجَالِ أَوِ ٱلطِّفۡلِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يَظۡهَرُواْ عَلَىٰ عَوۡرَٰتِ ٱلنِّسَآءِۖ وَلَا يَضۡرِبۡنَ بِأَرۡجُلِهِنَّ لِيُعۡلَمَ مَا يُخۡفِينَ مِن زِينَتِهِنَّۚ وَتُوبُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ٣١

هذا أمر من الله تعالى للنساء المؤمنات وغيرة منه لأزواجهن عباده المؤمنين وتمييز لهن عن صفة نساء الجاهلية وفعال المشركات ، وكان سبب نزول الآية ما ذكره مقاتل بن حيان: بلغنا أن جابر بن عبد الله الانصارى حدث أن أسماء بنت مرتد كانت فى محل لها فى بنى حارثة فجعل النساء يدخلن عليها غير متزرات فيبدو ما فى أرجلهن من الخلاخل وتبدو صدورهن وذوائبهن فقالت أسماء ما أقبح هذا فأنزل الله تعالى"وَقُل لِّلۡمُؤۡمِنَٰتِ يَغۡضُضۡنَ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِنَّ " أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بتبليغ النساء المؤمنات أن الله حرم عليهن من النظر الى غير أزواجهن ، ولهذا ذهب كثير من العلماء الى أنه لا يجوز للمرأة النظر الى الرجال الأجانب بشهوة ولا بغير شهوة أصلا عن نبهان مولى أم سلمة أنها حدثته أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وميمونة قالت فبينما نحن عنده أقبل أبن أم مكتوم وعن كفيف البصر فدخل عليه وذلك بعدما أمرنا بالحجاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " احتجبا منه " فقلت : يا رسول الله أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا ؟ " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أوعمياوان أنتما ؟ أو لستما تبصرانه ؟ " ، " وَيَحۡفَظۡنَ فُرُوجَهُنَّ " قال سعيد بن جبير يحفظن فروجهن عن الفواحش وقال مقاتل عن الزنا وقال أبو العالية كل آية نزلت فى القرآن يذكر فيها حفظ الفروج فهومن الزنا الا هذه الآية " ويحفظن فروجهن " أن لايراها أحد ، " وَلَا يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنۡهَا " لايظهرن شيئا من الزينة للأجانب الا ما لايمكن اخفاؤه قال أبن عباس وجهها وكفيها والخاتم فعن عائشة رضى الله عنها أن أسماء بنت أبى بكر دخلت على النبى صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها وقال " يا أسماء ان المرأة اذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها الا هذا " وأشار الى وجهه وكفيه  وعن عبد الله قال الزينة القرط والدملوج والخلخال والقلادة وفى رواية عنه قال : الزينة زينتان : فزينة لا يراها الا الزوج : الخاتم والسوار ، وزينة يراها الأجانب وهى الظاهر من الثياب ، " وَلۡيَضۡرِبۡنَ " قال سعيد بن جبير وليشددن أى يغطين ، " بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ " الخمر جمع خمار وهو ما يخمر به أى يغطى به الرأس وهى التى تسميها الناس المقانع أى يشددن المقانع على النحر والصدر فلا يرى منه شىء يعنى أن المقانع يعمل لها ضيقات ضاربات على صدورهن لتوارى ما تحتها من صدرها وترائبها ليخالفن شعار نساء أهل الجاهلية فانهن لم يكن يفعلن ذلك بل كانت المرأة منهن تمر بين الرجال مسفحة بصدرها لا يواريه شىء وربما أظهرت عنقها وذوائب شعرها وأقرطة أذانها فأمر الله المؤمنات أن يستترن فى هيئاتهن وأحوالهن كما قال تعالى " يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين " وعن عائشة رضى الله عنها قالت : يرحم الله النساء المهاجرات الأول لما أنزل الله"وليضربن بخمرهن على جيبوبهن " شققن أكتف مروطهن فاختمرن بها " ، " وَلَا يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ " لا يظهرن الزينة الا لأزواجهن ، " أَوۡ ءَابَآئِهِنَّ أَوۡ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوۡ أَبۡنَآئِهِنَّ أَوۡ أَبۡنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوۡ إِخۡوَٰنِهِنَّ أَوۡ بَنِيٓ إِخۡوَٰنِهِنَّ أَوۡ بَنِيٓ أَخَوَٰتِهِنَّ " الأب والحما أى أب الزوج أو الابن أو ابناء الزوج أو الأخ أو ابن الأخ أو ابن الأخت هؤلاء هم المحارم للمرأة يجوز لها أن تظهر بزينتها ولكن من غير تبرج ولا تضع خمارها عند العم والخال فأما الزوج فان ذلك كله من أجله فتتصنع له بما لا يكون بحضرة غيره ، " أَوۡ نِسَآئِهِنَّ " يعنى تظهر بزينتها أيضا للنساء المسلمات دون نساء أهل الذمة لئلا تصفهن لرجالهن وذلك ان كان محذورا فى جميع النساء الا أنه فى نساء أهل الذمة أشد فانهن لا يمنعهن من ذلك مانع فأما المسلمة فانها تعلم أن ذلك حرام فتنزجر عنه ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تباشر المرأة المرأة تنعتها لزوجها كأنه ينظر اليها " وعن الحارث بن قيس أن عمر بن الخطاب كتب الى أبى عبيدة : أما بعد فانه بلغنى أن نساء من نساء المسلمين يدخلن الحمامات مع نساء أهل الشرك فانه من قبلك فلا يحل لأمرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن ينظر الى عورتها الا أهل ملتها " ,قال مجاهد فى قوله" أو نسائهن " نساؤهن المسلمات ليس المشركات من نسائهن وليس للمرأة المسلمة أن تنكشف بين يدى مشركة وقال أبن عباس هن المسلمات لا تبديه ليهودية ولا نصرانية وهو النحر والقرط والوشاح وما لايحل أن يراه الا محرم ، وقال مجاهد لا تضع المسلمة خمارها عند مشركة فليست من نسائهن وعن مكحول وعبادة بن نسى أنهما كرها أن تقبل النصرانية واليهودية والمجوسية المسلمة ، " أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُنَّ " قال أبن جرير يعنى من نساء المشركين فيجوز لها أن تظهر زينتها لها وان كانت مشركة لأنها أمتها وعن أم سلمة ذكرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " اذا كان لاحداكن مكاتب وكان له ما يؤدى فلتحتجب منه " ، " أَوِ ٱلتَّٰبِعِينَ غَيۡرِ أُوْلِي ٱلۡإِرۡبَةِ مِنَ ٱلرِّجَالِ " يعنى كالأجراء والأتباع ليسوا بأكفاء وهم مع ذلك فى عقولهم وله وقال أبن عباس هو المغفل الذى لا شهوة له وقال مجاهد هو الأبله ولا هم لهم الى النساء ولا يشتهونهن قال عكرمة هو المخنث الذى لا يقوم ذكره وعن عائشة رضى الله عنها قالت : كان رجل يدخل على أزواج النبى صلى الله عليه وسلم مخنث وكانوا يعدونه من غير أولى الاربة فدخل النبى صلى الله عليه وسلم وهو عند بعض نسائه وهو ينعت امرأة فقال : انها اذا أقبلت أقبلت بأربع واذا أدبرت أدبرت بثمان " فقال النبى صلى الله عليه وسلم " ألا أرى هذا يعلم ما ههنا لا يدخلن عليكم هذا " فحجبوه ، " أَوِ ٱلطِّفۡلِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يَظۡهَرُواْ عَلَىٰ عَوۡرَٰتِ ٱلنِّسَآءِ " الأطفال الصغار الذين لم يبلغون الحلم لا يفهمون أحوال النساء وعوراتهن من كلامهن وحركاتهن وسكناتهن فاذا كان الطفل صغيرا لا يفهم ذلك فلا بأس بدخوله على النساء فأما ان كان مراهقا أو قريبا منه بحيث يعرف ذلك ويدريه ويفرق بين الشوهاء والحسناء فلا يمكن من الدخول على النساء وقد ثبت فى الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " اياكم والدخول على النساء " قيل يا رسول الله أفرأيت الحمو ؟ قال " الحمو والموت " ، " وَلَا يَضۡرِبۡنَ بِأَرۡجُلِهِنَّ لِيُعۡلَمَ مَا يُخۡفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ" كانت المرأة فى الجاهلية اذا كانت تمشى فى الطريق وفى رجلها خلخال صامت لا يعلم صوته ضربت برجلها الأرض فتسمع الرجال طنينه فنهى الله المؤمنات عن مثل ذلك ، وكذا اذا كان شىء من زينتها مستورا فتحركت بحركة لتظهر ما هو خفى دخل فى هذا النهى ، ومن ذلك أنها تنهى عن التعطر والتطيب عند خروجها من بيتها فيشم الرجال طيبها فعن أبى موسى رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال " كل عين زانية والمرأة اذا استعطرت فمرت بالمجلس فهى كذا وكذا " يعنى زانية ، ومن ذلك أيضا أنهن نهين عن المشى فى وسط الطريق لما فيه من التبرج وعن حمزة بن أبى أسيد الأنصارى عن أبيه أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم وهو خارج من المسجد ، وقد اختلط الرجال مع النساء فى الطريق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء " استأخرن فانه ليس لكن أن تحتضن الطريق ، عليكن بحافات الطريق " فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى أن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به ،" وَتُوبُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ " يأمر الله المؤمنين أن يفعلوا ما أمرهم به من هذه الصفات الجميلة والأخلاق الجليلة وأن يتركوا ما كان عليه أهل الجاهلية من الأخلاق والصفات الرذيلة فان الفلاح كل الفلاح فى فعل ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم وترك ما نهيا عنه .

3  " وَأَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ لَئِنۡ أَمَرۡتَهُمۡ لَيَخۡرُجُنَّۖ قُل لَّا تُقۡسِمُواْۖ طَاعَةٞ مَّعۡرُوفَةٌۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ ٥٣. قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا عَلَيۡهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيۡكُم مَّا حُمِّلۡتُمۡۖ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهۡتَدُواْۚ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ ٥٤

" وَأَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ" يقول الله تعالى مخبرا عن أهل النفاق الذين كلنوا يحلفون للرسول صلى الله عليه وسلم لئن أمرتهم بالخروج فى الغزو أقسموا بالله عظيم الأيمان والقسم ، " لَئِنۡ أَمَرۡتَهُمۡ لَيَخۡرُجُنَّۖ " ان أمرتهم بالخروج معك للغزو أنهم سيخرجون ، " قُل لَّا تُقۡسِمُواْۖ " قل لهم لا تحلفوا ، " طَاعَة مَّعۡرُوفَةٌ " طاعتكم طاعة معروفة أى قد علم الله طاعتكم انما هى قول لا فعل معه وكلما حلفتم كذبتم ،" كما قال تعالى " يحلفون لكماترضوا عنهم " وقال تعالى " اتخذوا أيمانهم جنة " ، "إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ " والله خبير بكم وبمن يطيع ممن يعصى ، فالحلف واظهار الطاعة والباطن خلافه وان راج على المخلوق فالخالق تعالى يعلم السر وأخفى لا يروج عليه شىء من التدليس بل هوخبير بضمائرعباده وان أظهروا خلافها، " قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ " اتبعوا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم " فَإِن تَوَلَّوۡاْ " فان تتولوا عنه وتتركوا ما جاءكم به ، "فَإِنَّمَا عَلَيۡهِ مَا حُمِّلَ " فان عليه ما حمل أى ما كلف من ابلاغ الرسالة واداء الأمانة ، " وَعَلَيۡكُم مَّا حُمِّلۡتُمۡ " أى عليكم أنتم ما كلفتم به كذلك بقبول ذلك وتعظيمه والقيام بمقتضاه ، " وَإِن تُطِيعُوهُ تَهۡتَدُوا" وان تطيعوا الرسول صلى الله عليه وسلم تهتدوا لأنه يدعو الى صراط مستقيم كقوله " فانما عليك البلاغ وعلينا الحساب " ،" وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ " مهمة الرسول هوالتبليغ لما أنزل اليه من ربه تبليغا واضحا لا ريب فيه كقوله " فذكر انما أنت مذكر ليس عليهم بمسيطر" .

فى سورة الفرقان

1 . " وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّآ إِفۡكٌ ٱفۡتَرَىٰهُ وَأَعَانَهُۥ عَلَيۡهِ قَوۡمٌ ءَاخَرُونَۖ فَقَدۡ جَآءُو ظُلۡمٗا وَزُورٗا ٤ وَقَالُوٓاْ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ ٱكۡتَتَبَهَا فَهِيَ تُمۡلَىٰ عَلَيۡهِ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلٗا ٥ قُلۡ أَنزَلَهُ ٱلَّذِي يَعۡلَمُ ٱلسِّرَّ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّهُۥ كَانَ غَفُورٗا رَّحِيمٗا ٦

يقول الله تعالى مخبرا عن سخافة عقول الجهلة من الكفار فى قولهم عن القرآن " وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّآ إِفۡكٌ " قال الذين كفروا عن القرآن انه كذب ، " ٱفۡتَرَىٰهُ وَأَعَانَهُۥ عَلَيۡهِ قَوۡمٌ ءَاخَرُونَ " يقصدون ان النبى محمد صلى الله عليه وسلم هو الذى جاء بهذا الكذاب افتراه من الفرية وهى الكذب واستعان بجمعه بقوم آخرين يقصدون أهل الكتاب من اليهود والنصارى وأنه نقل عنهم ، " فَقَدۡ جَآءُو ظُلۡمٗا وَزُورٗا " ما يقوله هؤلاء الكفار هو قول باطل ظالم يتجاوز عن الحق وهم يعرفون أن ما يقولون باطل ويعرفون كذب أنفسهم فيما زعموه ، " وَقَالُوٓاْ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ ٱكۡتَتَبَهَا " يزعم هؤلاء أن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه نقل ونسخ ما جاء به من كتب الأوائل الذين سبقوه ، " فَهِيَ تُمۡلَىٰ عَلَيۡهِ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلٗا " وأن هذه الكتب التى ترده ممن سبقه تقرأ عليه فى أول النهار وآخره وهذا الكلام لسخافته وكذبه وبهته منهم يعلم كل أحد بطلانه فانه قد علم بالتواتر وبالضرورة أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يعانى شيئا من الكتابة لا فى أول عمره ولا فى آخره فهو أمى لا يعرف القراءة والكتابة وقد نشأ بين أظهرهم من أول مولده الى أن بعثه الله نحوا من أربعين سنة وهم يعرفون مدخله ومخرجه وصدقه ونزاهته وبره وأمانته وبعده عن الكذب والفجور وسائر الأخلاق الرذيلة حتى أنهم كانوا يسمونه فى صغره والى أن بعث بالصادق الأمين لما يعلمونه من صدقه وبره فلما أكرمه الله بما أكرمه به من النبوة والرسالة نصبوا له العداوة ورموهبهذه الأقوال التى يعلمكل عاقل براءته منها وحاروا فيما يقذفونه به فتارة من افكهم يقولون ساحر وتارة يقولون شاعر وتارة يقولون مجنون وتارة يقولون كذاب ، " قُلۡ أَنزَلَهُ ٱلَّذِي يَعۡلَمُ ٱلسِّرَّ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ " قال الله تعالى فى جواب ما عاند الكفار وافتروا أنه هو الذى أنزل القرآن المشتمل على أخبار الأولين والآخرين اخبارا حقا صدقا مطابقا للواقع فى الخارج ماضيا ومستقبلا الذى يعلم السر الذى يعلم غيب السموات والأرض ويعلم السرائر كعلمه بالظواهر ، " إِنَّهُۥ كَانَ غَفُورٗا رَّحِيمٗا " دعاء من الله للكفار الى التوبة والانابة واخبار لهم بأن رحمته واسعة وأن حلمه عظيم وأن من تاب تاب عليه فهؤلاء مع كذبهم وافترائهم وفجورهم وبهتانهم وكفرهم وعنادهم وقولهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما قالوا يدعوهم الى التوبة والاقلاع عما هم فيه الى الاسلام والهدى وقال الحسن البصرى انظروا الى هذا الكرم والجود قتلوا أولياءه وهو يدعوهم الى التوبة والرحمة .

2 " . بَلۡ كَذَّبُواْ بِٱلسَّاعَةِۖ وَأَعۡتَدۡنَا لِمَن كَذَّبَ بِٱلسَّاعَةِ سَعِيرًا ١١ إِذَا رَأَتۡهُم مِّن مَّكَانِۢ بَعِيدٖ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظٗا وَزَفِيرٗا ١٢ وَإِذَآ أُلۡقُواْ مِنۡهَا مَكَانٗا ضَيِّقٗا مُّقَرَّنِينَ دَعَوۡاْ هُنَالِكَ ثُبُورٗا ١٣ لَّا تَدۡعُواْ ٱلۡيَوۡمَ ثُبُورٗا وَٰحِدٗا وَٱدۡعُواْ ثُبُورٗا كَثِيرٗا ١٤ قُلۡ أَذَٰلِكَ خَيۡرٌ أَمۡ جَنَّةُ ٱلۡخُلۡدِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَۚ كَانَتۡ لَهُمۡ جَزَآءٗ وَمَصِيرٗا ١٥ لَّهُمۡ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ خَٰلِدِينَۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعۡدٗا مَّسُۡٔولٗا ١٦

بَلۡ كَذَّبُواْ بِٱلسَّاعَةِۖ وَأَعۡتَدۡنَا لِمَن كَذَّبَ بِٱلسَّاعَةِ سَعِيرًا " هؤلاء الكفار كذبوا بيوم القيامة وبالبعث بعد الموت وأرصد الله لمن كذب بيوم القيامة عابا أليما حارا لا يطاق فى نار جهنم ، " إِذَا رَأَتۡهُم مِّن مَّكَانِۢ بَعِيدٖ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظٗا وَزَفِيرٗا " يتحدث الله عن جهنم أنها اذا رأت الكافرين يردون اليها من بعيد قال السدى من مسيرة مائة عام سمع هؤلاء الكافرون حنق جهنم عليهم وغضبها منهم كما قال تعالى " اذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهى تفور تكاد تميز من الغيظ " أى يكاد بعضها ينفصل من بعض من شدة غيظها على من كفر بالله وعنخالد بندريك باسناده عن رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من يقل على ما لم أقل أو ادعى الى غير والديه أو انتمى الى غير مواليه فليتبوأ مقعده من النار - وفى رواية - فليتبوا بين عينى جهنم مقعدا " قيل يا رسول الله وهل لها عينين ؟ قال " أما سمعتم الله يقول " اذا رأتهم من مكان بعيد " ، " وَإِذَآ أُلۡقُواْ مِنۡهَا مَكَانٗا ضَيِّقٗا مُّقَرَّنِينَ دَعَوۡاْ هُنَالِكَ ثُبُورٗا لَّا تَدۡعُواْ ٱلۡيَوۡمَ ثُبُورٗا وَٰحِدٗا وَٱدۡعُواْ ثُبُورٗا كَثِيرٗا " يتحدث الله تعالى عن حال الكفار عند القائهم فى النار قال الضحاك الثبور الهلاك والأظهر أن الثبور يجمع الهلاك والويل والحسرة والدمار كما قال موسى عليه السلام لفرعون " وانى لأظنك يا فرعون مثبورا " أى هالكا فهى تضيق عليهم فيدعون وينادون يا ثبوراه فيقال لهم لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا وقال أبن عباس لا تدعوا اليوم ويلا واحدا وادعوا ويلا كثيرا ،  " قُلۡ أَذَٰلِكَ خَيۡرٌ أَمۡ جَنَّةُ ٱلۡخُلۡدِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَۚ كَانَتۡ لَهُمۡ جَزَآءٗ وَمَصِيرٗا " يقول تعالى : يا محمد هذا الذى وصفناه لك من حال الأشقياء الذين يحشرون على وجوههم الى جهنم فتلقاهم بوجه عبوس وتغيظ وزفير ويلقون فى أماكنها الضيق مقرنين لا يستطيعون حراكا ولا استنصارا ولا فكاكا مما هم فيه أهذا خيرا أم جنة الخلد التى وعدها الله المتقين من عباده التى أعدها لهم وجعلها لهم جزاءا ومصيرا على ما أطاعوه فى الدنيا ، " لَّهُمۡ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ " جعل الله لهم مآلهم اليها من الملاذ من مآكل ومشارب وملابس ومساكن ومراكب ومناظر وغير ذلك مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، " خَٰلِدِينَ" وهم فى ذلك خالدون أبدا دائما سرمدا بلا انقطاع ولا زوال ولا انقضاء ولا يبغون عنها حولا وهذا من وعد الله الذى تفضل به عليهم وأحسن به اليهم ، "  "كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعۡدٗا مَّسُۡٔولٗا " وهذا وعد الله الواجب الذى يجب أن يقع وعن أبن عباس قال يقول تعالى سلوا الذين واعدتكم وقال أبوحازم اذا كان يوم القيامة قال المؤمنون ربنا عملنا لك بالذى أمرتنا فأنجز لنا ما وعدتنا فذلك قوله " وعدا مسؤلا " .  

3 .  " وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا مُبَشِّرٗا وَنَذِيرٗا ٥٦ قُلۡ مَآ أَسَۡٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ مِنۡ أَجۡرٍ إِلَّا مَن شَآءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِيلٗا ٥٧ 

" وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا مُبَشِّرٗا وَنَذِيرٗا " يقول الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم أنه أرسله بشيرا للمؤمنين ونذيرا للكافرين ، مبشرا بالجنة لمن أطاع الله ونذيرا بين يدى عذاب شديد لمن خاف أمر الله ، "  قُلۡ مَآ أَسَۡٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ مِنۡ أَجۡرٍ " يقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن يقول أنه لا يريد عن هذا البلاغ وهذا الانذار من أجرة يطلبها من أموالهم    ، " إِلَّا مَن شَآءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِيلٗا " أنى أفعل ذلك ابتغاء وجه الله تعالى لم يريد أن يتبع سبيل الله ويتخذه طريقا ومسلكا ومنهجا يقتدى فيه بما جئت به من عند الله .

4 . " قُلۡ مَا يَعۡبَؤُاْ بِكُمۡ رَبِّي لَوۡلَا دُعَآؤُكُمۡۖ فَقَدۡ كَذَّبۡتُمۡ فَسَوۡفَ يَكُونُ لِزَامَۢا ٧٧

" قُلۡ مَا يَعۡبَؤُاْ بِكُمۡ رَبِّي لَوۡلَا دُعَآؤُكُمۡ " أبلغهم يامحمد أن الله لا يكترث بهم اذا لم يعبدوه فانه انما خلق الخلق ليعبدوه ويوحدوه ويسبحوه بكرة وأصيلا  ، " فَقَدۡ كَذَّبۡتُمۡ فَسَوۡفَ يَكُونُ لِزَامَۢا " وأخبر تعالى الكفار أنه لا حاجة له بهم اذ لم يخلقهم مؤمنين ولو كان له بهم حاجة لحبب اليهم الايمان كما حببه الى المؤمنين فقد كذبوا بما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم من عنده فسوف يكون تكذيبهم لزاما لهم مفضيا لعذابهم وهلاكهم ودمارهم فى الدنيا والآخرة وقال الحسن البصرى يلقون العذاب وسوء المنقلب يوم القيامة .

No comments:

209-] English Literature

209-] English Literature Charles Dickens  Posted By lifeisart in Dickens, Charles || 23 Replies What do you think about Dickens realism? ...