11-) حكم كلمة " قل " فى القرآن الكريم
فى سورة العنكبوت
1 . "أَوَ لَمۡ يَرَوۡاْ
كَيۡفَ يُبۡدِئُ ٱللَّهُ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥٓۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى
ٱللَّهِ يَسِيرٞ ١٩ قُلۡ سِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ بَدَأَ
ٱلۡخَلۡقَۚ ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِئُ ٱلنَّشۡأَةَ ٱلۡأٓخِرَةَۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ
كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ ٢٠
"
أَوَ لَمۡ يَرَوۡاْ كَيۡفَ يُبۡدِئُ ٱللَّهُ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥٓۚ إِنَّ
ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِير" يقول الله تعالى مخبرا عن الخليل عليه السلام
أنه أرشد قومه الى اثبات المعاد الذى ينكرونه بما يشاهدونه فى أنفسهم من خلق الله
اياهم بعد أن لم يكونواشيئا مذكورا ثم وجدوا وصاروا اناسا سامعين مبصرين فالذى بدأ
هذا الخلق قادر على اعادته فانه سهل عليه يسير لديه ، " قُلۡ سِيرُواْ فِي
ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ بَدَأَ ٱلۡخَلۡقَۚ ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِئُ
ٱلنَّشۡأَةَ ٱلۡأٓخِرَةَۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِير"
أرشد ابراهيم عليه السلام قومه الى الاعتبار بما فى الآفاق من الآيات
المشاهدة من خلق الله الأشياء : السموات وما فيها والأرض وما فيها كل ذلك دال على
حدوث الخلق واستمراره وتكراره فهذا دليل على وجود الصانع الفاعل المختار الذى يقول
للشىء كن فيكون كقوله تعالى " وهو الذى يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه
" والنشأة الآخرة هى يوم البعث يوم القيامة كقوله تعالى " سنريهم آياتنا
فى الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق " وكقوله " أم خلقوا من
غير شىء أم هم الخالقون أم خلقوا السموات والأرض بل لا يوقنون " .
2 ." وَقَالُواْ
لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ ءَايَٰتٞ مِّن رَّبِّهِۦۚ قُلۡ إِنَّمَا ٱلۡأٓيَٰتُ عِندَ
ٱللَّهِ وَإِنَّمَآ أَنَا۠ نَذِيرٞ مُّبِينٌ ٥٠ أَوَ لَمۡ يَكۡفِهِمۡ أَنَّآ
أَنزَلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ يُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَرَحۡمَةٗ وَذِكۡرَىٰ
لِقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ ٥١ قُلۡ كَفَىٰ بِٱللَّهِ بَيۡنِي
وَبَيۡنَكُمۡ شَهِيدٗاۖ يَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ
وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱلۡبَٰطِلِ وَكَفَرُواْ بِٱللَّهِ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ
ٱلۡخَٰسِرُونَ ٥٢
" وَقَالُواْ
لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ ءَايَٰتٞ مِّن رَّبِّهِۦ" يقول الله تعالى مخبرا عن المشركين فى
تعنتهم وطلبهم آيات ترشدهم الى أن محمد صلى الله عليه وسلم رسول الله كما أتى صالح
بناقته ، " قُلۡ إِنَّمَا ٱلۡأٓيَٰتُ عِندَ ٱللَّهِ" انما أمر ذلك
الى الله فانه لو علم أنكم تهتدون لأجابكم الى سؤالكم لأن هذا سهل عليه يسير لديه
، ولكنه يعلم انما قصدتم التعنت فلا يجيبكم الى ذلك كما قال تعالى " وما
منعنا أن نرسل بالآيات الا أن كذب بها الأولون * وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا
بها " ، " وَإِنَّمَآ أَنَا۠ نَذِيرٞ مُّبِينٌ " يقول الله تعالى أخبرهم يا محمد وقل لهم انما
بعثت نذيرا لكم واضح بين النذارة فعلى أن أبلغكم رسالة الله تعالى كما قال تعالى
" ليس عليك هداهم ولكن الله يهدى من يشاء " ،" أَوَ لَمۡ
يَكۡفِهِمۡ أَنَّآ أَنزَلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ يُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ "
قال الله تعالى مبينا كثرة جهل المشركين وسخافة عقلهم حيث طلبوا آيات تدل على صدق
محمد صلى الله عليه وسلم فيما جاءهم فرد الله عليهم أنه جاءهم بالكتاب العزيز الذى
لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه الذى هو أعظم من كل معجزة اذ عجزت
الفصحاء والبلغاء عن معارضته بل عن معارضة عشر سور من مثله بل عن معارضة سورة منه
فقال أو لم يكفهم آية أنا أنزلنا عليك هذا الكتاب العظيم الذى فيه خبر ما قبلهم
ونبأ ما بعدهم وحكم ما بينهم وأنت رجل أمى لا تقرأ ولا تكتب ولم تخالط أحدا من أهل
الكتاب فجئتهم بأخبار ما فى الصحف الأولى ببيان الصواب مما اختلفوا فيه وبالحق
الواضح الجلى وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" ما من الأنبياء من نبى الا قد أعطى من الآيات ما مثله آمن عليه البشر ،
وانما كان الذى أوتيته وحيا أوحاه الله الى فأرجوا أن أكون أكثرهم تابعا يوم
القيامة " ،" إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَرَحۡمَةٗ وَذِكۡرَىٰ لِقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ "
وقال تعالى ان فى هذا القرآن لرحمة أى بيانا للحق وازاحة للباطل وذكرى بما فيه من
حلول النقمات ونزول العقاب بالمكذبين والعاصين لقوم يؤمنون ، " قُلۡ كَفَىٰ
بِٱللَّهِ بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡ شَهِيدٗا" الله هو الشاهد على وعليكم وأعلم بكل شىء وهو أعلم بما تفيضون
فيه من التكذيب ويعلم ما أقول لكم من اخبارى عنه بأنه أرسلنى فلو كنت كاذبا لأنتقم
منى كما قال تعالى " ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم
لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين " وانما أنا صادق فيما أخبرتكم
به ولهذا أيدنى بالمعجزات الواضحات والدلائل القاطعات ، " يَعۡلَمُ مَا فِي
ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ" الله يعلم كل شىء فى السموات والأرض لا تخفى
عليه خافية وهذا تعقيب على ما سبق من أن الله هو الشهيد وهو كذلك العليم فشهادته
على صدقى بعلمه الذى لا يأتيه الباطل بين يديه ولا من خلفه ولا يخفى عليه خافية
فشهادته هى الحق ، "وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱلۡبَٰطِلِ وَكَفَرُواْ
بِٱللَّهِ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ " يعقب الله سبحانه على قضية
الايمان والكفر وجزاء من يكفر بآياته فالذين اتبعوا الباطل وصدقوه وكذبوا بما ارسل
الله به رسله من الهدى والآيات سيجزيهم يوم القيامة على ما فعلوا ويقابلهم على ما
صنعوا فى تكذيبهم بالحق واتباعهم الباطل كذبوا برسل الله مع قيام الأدلة على صدقهم
وآمنوا بالطواغيت والأوثان بلا دليل فسيجزيهم على ذلك انه حكيم عليم .
3 . "وَلَئِن
سَأَلۡتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَحۡيَا بِهِ
ٱلۡأَرۡضَ مِنۢ بَعۡدِ مَوۡتِهَا لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ قُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ
بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ ٦٣
" وَلَئِن
سَأَلۡتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَحۡيَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ مِنۢ بَعۡدِ مَوۡتِهَا
لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ " لئن سألت هؤلاء الكفار عن تنزيل المطر من السماء
فيخرج به الزرع من الأرض القفراء فتدب فيها الحياة وتعيش المخلوقات من الناس
والأنعام يعترفون بأن هذا من فعل الله وحده ، " قُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ
أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ " يقول الله لرسوله صلى الله عليه وسلم ويأمره
بأن يقول الحمد لله هو الذى يتستوجب الحمد على رزقه وتعالى وتنزه فى خلقه وهو
المستقل بخلق الأشياء المنفرد بتدبيرها ، فاذا كان الأمر كذلك فلم يعبد غيره ؟ ولم
يتوكل على غيره ؟ فكما أنه الواحد فى ملكه فليكن الواحد فى عبادته ، وكثيرا ما
يقرر تعالى مقام الالهية بالاعتراف بتوحيد الربوبية ، وقد كان المشركون يعترفون
بذلك كما كانوا يقولون فى تلبيتهم لبيك لا شريك لك الا شريكا هو لك تملكه وما ملك
، فاكثر هؤلاء ليس لهم عقول تتدبر وتفكر .
فى سورة الروم
1 .
" قُلۡ سِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ
مِن قَبۡلُۚ كَانَ أَكۡثَرُهُم مُّشۡرِكِينَ ٤٢
" قُلۡ سِيرُواْ
فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلُۚ كَانَ
أَكۡثَرُهُم مُّشۡرِكِينَ " يأمر الله تعالىرسوله صلى الله عليه وسلم ا، يبلغ
ويقول بالتدبر فيما حدث لمن كذب الرسل
وكفر بنعم الله وأفسد من قبل وما حل به من تدمير واهلاك جراء شركه بالله ومعظم من
على الأرض من الكفار والمشركين وهذا واقع حتى فى زماننا فالكفار هم أغلب سكان الأرض
أما الموحدون وعباد الله المخلصين فهم قليل القليل والعباد كان أكثرهم مشركين وهم
الآن كذلك .
فى سورة لقمان
1 . " وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ
لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ قُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ
٢٥
"
وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ
ٱللَّهُ" يقول الله تعالى مخبرا عن هؤلاء المشركين به أنهم يعرفون أن الله
خالق السموات وحده لا شريك له مقرين بذلك ومع هذا يعبدون معه شركاء
يعترفون أنها خلق له وملك له ، " قُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ "
يأمر الله رسول صلى الله عليه وسلم أن يتوجه الى الله بالحمد وحده اذ قامت الحجة
على هؤلاء المشركين باعترافهم فهو المستحق للثناء وحده لا شريك له ، "بَلۡ
أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ " ومع ذلك أكثر هؤلاء المشركين لايعلمون
الحقائق أو يخفونها ويستكبرون وهم معاندين مكابرين ومعرضين .
فى سورة السجدة
1 . "وَقَالُوٓاْ أَءِذَا ضَلَلۡنَا فِي ٱلۡأَرۡضِ
أَءِنَّا لَفِي خَلۡقٖ جَدِيدِۢۚ بَلۡ هُم بِلِقَآءِ رَبِّهِمۡ
كَٰفِرُونَ ١٠ ۞قُلۡ يَتَوَفَّىٰكُم مَّلَكُ ٱلۡمَوۡتِ ٱلَّذِي وُكِّلَ بِكُمۡ
ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمۡ تُرۡجَعُونَ ١١
" وَقَالُوٓاْ
أَءِذَا ضَلَلۡنَا فِي ٱلۡأَرۡضِ أَءِنَّا لَفِي خَلۡقٖ جَدِيدِۢ"
يقول الله تعالى عن المشركين فى استبعادهم المعاد فيقولون أاذا تمزقت أجسامنا
وتفرقت فى أجزاء الأرض أئنا لنعود بعد تلك الحال فهم يستبعدون ذلك ، " بَلۡ
هُم بِلِقَآءِ رَبِّهِمۡ كَٰفِرُونَ " وهم يستبعدون البعث بعد الموت ولقاء
الله والعودة اليه يوم القيامة هم يستبعدون ذلك وهذا بعيد بالنسبة الى قدراتهم
العاجزة بالنسبة الى قدرة الله الذى بدأهم وخلقهم من العدم الذى انما
أمره اذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ، " قُلۡ يَتَوَفَّىٰكُم مَّلَكُ
ٱلۡمَوۡتِ ٱلَّذِي وُكِّلَ بِكُمۡ " يرد الله عليهم بقوله أن ملك الموت
الموكل من الله والذى يقبض الأرواح عند الموت هو الذى يقبض أرواحكم ولا تستطيعون
رد الموت عنكم والظاهر من الآية أن ملك الموت ملك معين من الملائكة وقد سمى فى بعض
الآثار بعزرائيل وهو المشهور وقال قتادة وغيره أن له أعوان وهكذاورد فى الحديث أن
أعوانه ينتزعون الأرواح من سائر الجسد حتى اذا بلغت الحلقوم تناولها ملك الموت وعن
جعفر بن محمد قال سمعت أبىيقول : نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم الى ملك الموت
عند رأس رجل من الأنصار فقال له النبى صلى الله عليه وسلم " يا ملك
الموت أرفق بصاحبى فانه مؤمن " فقال ملك الموت يا محمد طب نفسا وقر عينا فانى
بكل مؤمن رفيق ، واعلم أن ما فى الأرض بيت مدر ولا شعر فى بر ولا بحر الا وأنا
أتصفحهم فى كل يوم خمس مرات حتى أنى أعرف بصغيرهم وكبيرهم منهم بأنفسهم ،والله يا
محمد لو أنى أردت أن أقبض روح بعوضة ما قدرت على ذلك حتى يكون الله هو الآمر
بقبضها ، قال جعفر بلغنى أنه انما يتصفحهم عند مواقيت الصلاة فاذا حضرهم عند الموت
فان كان ممن يحافظ على الصلاة دنا منه الملك ودفع عنه الشيطان ولقنه الملك لا اله
الا الله محمد رسول الله فى تلك الحال العظيمة " ، " ثُمَّ إِلَىٰ
رَبِّكُمۡ تُرۡجَعُونَ " يخبر الله تعالى أنهم يرجعون اليه ويبعثون يوم
معادهم وقيامهم من قبورهم لجزائهم .
2 . " وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا ٱلۡفَتۡحُ إِن
كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ٢٨ قُلۡ يَوۡمَ ٱلۡفَتۡحِ لَا يَنفَعُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ
إِيمَٰنُهُمۡ وَلَا هُمۡ يُنظَرُونَ ٢٩ فَأَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ وَٱنتَظِرۡ إِنَّهُم
مُّنتَظِرُونَ ٣٠
" وَيَقُولُونَ
مَتَىٰ هَٰذَا ٱلۡفَتۡحُ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ " يقول الله تعالى مخبرا عن
استعجال الكفار وقوع العذاب وبأس الله بهم وحلول غضبه ونقمته استبعادا وتكذيبا
وعنادا متى ينصر الله عليهم محمد صلى الله عليه وسلم كما يزعم أن له وقتا يدال فيه
عليهم وينتقم الله فيه منهم فمتى يكون هذا ما يروه هو وأصحابه الا مختفين خائفين
ذليلين ، " قُلۡ يَوۡمَ ٱلۡفَتۡحِ " يرد الله عليهم ويبلغ
رسوله صلى الله عليه وسلم أنه اذا حل بهم بأس الله وسخطه وغضبه فى الدنيا والآخرة
، " لَا يَنفَعُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِيمَٰنُهُمۡ وَلَا هُمۡ
يُنظَرُونَ " هنا لاينفع الكافرين بعد أن يتحقق وعد الله فيهم ووقوع أمره بهم
أن يرجعوا عما هم فيه ويؤمنوا ولا هم يمهلون حتى يعودوا الى الحق أو
يبتعد عنهم بأس الله ، " فَأَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ وَٱنتَظِرۡ إِنَّهُم
مُّنتَظِرُونَ " يبلغ الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يعرض عن هؤلاء المشركين
ويبلغ ما أرسل اليه من ربه وأن ينتظر فسوف ينجز الله وعده بنصره له وهو منتظر وهم
كذلك منتظرون وسيرى عاقبة صبره عليهم وعلى أداء رسالة الله فى نصرته وتأييده وسيجد
هؤلاء نحب ما ينتظرونه فيه وفى أصحابه من وبيل عقاب الله لهم وحلول عذابه بهم .
فى سورة الأحزاب
1 . "وَلَوۡ دُخِلَتۡ عَلَيۡهِم
مِّنۡ أَقۡطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُواْ ٱلۡفِتۡنَةَ لَأٓتَوۡهَا وَمَا تَلَبَّثُواْ
بِهَآ إِلَّا يَسِيرٗا ١٤ وَلَقَدۡ كَانُواْ عَٰهَدُواْ ٱللَّهَ مِن قَبۡلُ لَا يُوَلُّونَ
ٱلۡأَدۡبَٰرَۚ وَكَانَ عَهۡدُ ٱللَّهِ مَسُۡٔولٗا ١٥ قُل لَّن
يَنفَعَكُمُ ٱلۡفِرَارُ إِن فَرَرۡتُم مِّنَ ٱلۡمَوۡتِ أَوِ ٱلۡقَتۡلِ وَإِذٗا لَّا تُمَتَّعُونَ
إِلَّا قَلِيلٗا ١٦ قُلۡ مَن ذَا ٱلَّذِي يَعۡصِمُكُم مِّنَ ٱللَّهِ
إِنۡ أَرَادَ بِكُمۡ سُوٓءًا أَوۡ أَرَادَ بِكُمۡ رَحۡمَةٗۚ وَلَا يَجِدُونَ
لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّٗا وَلَا نَصِيرٗا ١٧
" وَلَوۡ دُخِلَتۡ
عَلَيۡهِم مِّنۡ أَقۡطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُواْ ٱلۡفِتۡنَةَ لَأٓتَوۡهَا وَمَا
تَلَبَّثُواْ بِهَآ إِلَّا يَسِيرٗا " يخبر الله تعالى عن هؤلاء الذين يقولن ان بيوتنا ليس
دونها ما يحجبها من العدو فهم يخشون عليها ليست كما يزعمون فانهم لو دخل عليهم
الأعداء من كل جانب من جوانب المدينة وقطر من أقطارها ثم سئلوا الفتنة وهى الدخول
فى الكفر لكفروا سريعا ، " وَلَقَدۡ كَانُواْ عَٰهَدُواْ ٱللَّهَ مِن قَبۡلُ
لَا يُوَلُّونَ ٱلۡأَدۡبَٰرَۚ " وهم لا يحافظون على الايمان ولا يستمسكون به
مع أدنى خوف وفزع ويذكرهم الله بما كانوا عاهدوا الله من قبل هذا الخوف ألا يولوا
الأدبار ولا يفرون من الزحف ، " وَكَانَ عَهۡدُ ٱللَّهِ مَسُۡٔولٗا
" والله تعالى سيسألهم عن ذلك العهد لابد من ذلك العهد والالتزام
به وتنفيذه فالمسؤولية عنه أمام الله ، " قُل لَّن يَنفَعَكُمُ ٱلۡفِرَارُ
إِن فَرَرۡتُم مِّنَ ٱلۡمَوۡتِ أَوِ ٱلۡقَتۡلِ وَإِذٗا لَّا تُمَتَّعُونَ
إِلَّا قَلِيلٗا "يقول الله
تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم قل لهم وبلغهم أن فرارهم هذا لا يؤخر آجالهم ولا
يطول أعمارهم بل ربما كان ذلك سببا فى تعجيل أخذهم غرة ولهذا قال تعالى وَإِذٗا لَّا تُمَتَّعُونَ
إِلَّا قَلِيلٗا" أى بعد هربكم
وفراركم لن تدوم لكم الحياة فالحياة متعتها قليلة كما قال تعالى " قل متاع
الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى " ، " قُلۡ مَن ذَا ٱلَّذِي
يَعۡصِمُكُم مِّنَ ٱللَّهِ " يرد الله عليهم ويقول لرسوله الكريم أن يبلغهم
أنه لا عاصم من قدر الله ولا راد لقضائه ولا أحد يستطيع أن يمنعهم من الله ومن
قدره المقدر ، " إِنۡ أَرَادَ بِكُمۡ سُوٓءًا أَوۡ أَرَادَ بِكُمۡ
رَحۡمَة" ليس لهم ولا لغيرهم من الله مجير ولا مغيث اذا وقع بهم سوء ولا
أحد يستطيع أن يمنع عنهم رحمة الله ونعمته وخيره ان أراد لهم ذلك ،
" وَلَا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّٗا وَلَا نَصِيرٗا " ليس لهم ولا
لغيرهم من الله مجير ولا مغيث .
2 . " ياَيُّهَا
ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدۡنَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا
وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيۡنَ أُمَتِّعۡكُنَّ وَأُسَرِّحۡكُنَّ سَرَاحٗا جَمِيلٗا ٢٨ وَإِن كُنتُنَّ
تُرِدۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَ فَإِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ
لِلۡمُحۡسِنَٰتِ مِنكُنَّ أَجۡرًا عَظِيمٗا ٢٩
"
يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدۡنَ
ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيۡنَ أُمَتِّعۡكُنَّ
وَأُسَرِّحۡكُنَّ سَرَاحٗا جَمِيلٗا" هذا أمر من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم بأن يخبر
نساءه بين أن يفارقهن بعد أني يعطيهن حقوقهن فيذهبن الى غيره ممن يحصل
لهن عنده الحياة الدنيا وزينتها وبين الصبر على ما عنده من ضيق الحال ولهن عند
الله تعالى فى ذلك الثواب الجزيل فاخترن رضى الله عنهن اله ورسوله والدار الآخرة
فجمع الله لهن بعد ذلك بينخير الدنيا وسعادة الآخرة وعن أبى سلمة بن عبد الرحمن أن
عائشة رضى الله عنها زوج النبى صلى الله عليه وسلم أخبرته أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم جاءها حين أمره الله تعالى أن يخير أزواجه قالت فبدأ بى فقال " انى
ذاكر لك أمرا فلا عليك أن لا تستعجلى حتى تستأمرى أبويك - وقد علم أن أبوى لم
يكونا يأمرانى بفراقه فقلت له ففى أى هذا أستأمر أبوى فانى أريد الله ورسوله
والدار الآخرة ثم فعل أزواج النبى صلى الله عليه وسلم ما
فعلت ،" وَإِن كُنتُنَّ تُرِدۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ
وَٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَ فَإِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلۡمُحۡسِنَٰتِ مِنكُنَّ أَجۡرًا
عَظِيمٗا " والله يعد من
تريد الله ورسوله بالأجر العظيم فى الدنيا والآخرة وقد حدث ذلك وكان تحت النبى صلى
الله عليه وسلم تسع نسوة خمس من قريش وهن عائشة وحفصة وأم حبيبة وسودة وأم سلمة
رضى الله عنهن وكان تحته من غير قريش صفية بنت حيى النضرية وميمونة بنت الحاث
الهلالية وزينب بنت جحش الأسدية وجويرية بنت الحارث المصطلقية رضى الله عليهن
وكلهن اخترن البقاء معه والدار الآخرة .
3 . " يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ
وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ يُدۡنِينَ عَلَيۡهِنَّ مِن
جَلَٰبِيبِهِنَّۚ ذَٰلِكَ أَدۡنَىٰٓ أَن يُعۡرَفۡنَ فَلَا يُؤۡذَيۡنَۗ وَكَانَ
ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا ٥٩
"
يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ
ٱلۡمُؤۡمِنِينَ يُدۡنِينَ عَلَيۡهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّۚ " يقول الله
تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمر النساء المؤمنات المسلمات - خاصة
أزواجه وبناته لشرفهن - بأن يدنين عليهن من جلابيبهن ليتميزن عن سمات نساء
الجاهلية وسمات الاماء ، والجلباب هو الرداء فوق الخمار وقال الجوهرى الجلباب
الملحفة ، وقال ابن عباس أمر الله نساء المؤمنين اذا خرجن من بيوتهن فى حاجة أن
يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة ، وقال محمد بن سيرين
سألت عبيدة السلمانى عن ذلك فغطى وجهه وأبرز عينه اليسرى وقال عكرمة تغطى ثغرة
نحرها بجلبابها تدنيه عليها ، "ذَٰلِكَ أَدۡنَىٰٓ أَن يُعۡرَفۡنَ
فَلَا يُؤۡذَيۡنَ" اذا فعلن ذلك عرفن انهن حرائر لسن باماء ولا
عواهر وقال السدى كان ناس من فساق أهل المدينة يخرجن بالليل حين يختلط الظلام طرق
المدينة فيعرضون للنساء وكانت مساكن أهل المدينة ضيقة فاذا كان الليل خرج النساء
الى الطرق يقضين حاجتهن فكان أولئك الفساق يبتغون ذلك منهن ، فاذا رأوا المرأة
عليها جلباب قالوا هذه حرة فكفوا عنها ، واذا رأوا المرأة ليس عليها جلباب قالوا
هذه أمة فوثبوا عليها , وقال مجاهد يتجلبن فيعلم أنهن حرائر فلا يتعرض لهن فاسق
بأذى ولا ريبة ،"وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا " كان الله غفورا
ورحيما بكم لما سلف فى أيام الجاهلية حيث لم يكن عندهن علم بذلك .
4
. " يَسَۡٔلُكَ ٱلنَّاسُ عَنِ ٱلسَّاعَةِۖ قُلۡ إِنَّمَا عِلۡمُهَا عِندَ
ٱللَّهِۚ وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا ٦٣
"
يَسَۡٔلُكَ ٱلنَّاسُ عَنِ
ٱلسَّاعَةِ"يقول تعالى مخبرا لرسول صلى الله عليه وسلم أنه لا علم له بالساعة
وان سأله الناس عن ذلك ،" إِنَّمَا عِلۡمُهَا عِندَ ٱللَّهِ أرشد الله
تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يرد علم الساعة الى الله عز وجل كما قال فى
سورة الأعراف وهى مكية وهذه مدنية فاستمر الحال فى رد علمها الى الله الذى يقيمها
، " وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا " لكن الله
تعالى أخبر رسوله صلى الله عليه وسلم أن الساعة قريبة كما قال تعالى " اقتربت
الساعة وانشق القمر " وكما قال تعالى " أتى أمر الله فلا تستعجلوه
" .
No comments:
Post a Comment