16- ) حكم كلمة " قل " فى القرآن الكريم
فى سورة الجمعة
1
. " قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ هَادُوٓاْ إِن زَعَمۡتُمۡ
أَنَّكُمۡ أَوۡلِيَآءُ لِلَّهِ مِن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلۡمَوۡتَ إِن
كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ٦ وَلَا يَتَمَنَّوۡنَهُۥٓ أَبَدَۢا بِمَا قَدَّمَتۡ
أَيۡدِيهِمۡۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلظَّٰلِمِينَ ٧ قُلۡ إِنَّ ٱلۡمَوۡتَ ٱلَّذِي
تَفِرُّونَ مِنۡهُ فَإِنَّهُۥ مُلَٰقِيكُمۡۖ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَٰلِمِ
ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ ٨
" قُلۡ
يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ هَادُوٓاْ إِن زَعَمۡتُمۡ أَنَّكُمۡ أَوۡلِيَآءُ لِلَّهِ
مِن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلۡمَوۡتَ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ " يقول
الله لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى يقول مخاطبا اليهود بقوله ان
كنتم تزعمون أنكم على هدى وأن محمدا وأصحابه على ضلالة فادعوا بالموت على الضال من
الفئتين ان كنتم صادقين أى فيما تزعمونه وقال تعالى " وَلَا يَتَمَنَّوۡنَهُۥٓ أَبَدَۢا بِمَا
قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ" يستبعد الله تعالى عن اليهود أن يفعلوا ذلك بما
يعملون من الكفر والظلم والفجور ، " وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلظَّٰلِمِينَ "
والله يعلم بأحوال هؤلاء الظالمين من أقوال وأفعال وقد تقدم الكلام فى سورة البقرة
على هذه المباهلة لليهود حيث قال تعالى " قل ان كانت لكم الدار الآخرة عند
الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت ان كنتم صادقين * ولن يتمنوه أبدا بما قدمت
أيديهم والله عليم بالظالمين * ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا يود
أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر والله بصير بما يعملون
" وتقدمت مباهلة النصارى فى آل عمران
"فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا
وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين
" ومباهلة المشركين فى سورة مريم "قل من كان فى الضلالة فليمدد له
الرحمن مدا " وعن ابن عباس قال : قال
أبو جهل ان رأيت محمدا عند الكعبة لآتينه حتى أطأ على عنقه فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم " لو فعل لأخذته الملائكة عيانا ولو أن اليهود تمنوا الموت
لماتوا ورأوا مقاعدهم من النار ، ولو خرج الذين يباهلون رسول الله صلى الله عليه
وسلم لرجعوا لا يجدون أهلا ولا مالا " ، يرد الله على اليهود فيما طلب منهم
اثباتا على صدقهم من تمنى الموت واستبعاده أن يفعلوا ذلك فهم أشد الناس على الحياة
وما فيها من ملذات وأمور مادية حتى يومنا هذا ويخاطب رسوله صلى الله عليه وسلم أن
يقول " قُلۡ إِنَّ ٱلۡمَوۡتَ ٱلَّذِي تَفِرُّونَ مِنۡهُ فَإِنَّهُۥ
مُلَٰقِيكُمۡۖ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَٰلِمِ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ
فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ " الموت الذى يبعدون عنه ولا
يطيقون حتى الحديث عنه فهم أهل دنيا وعملهم لها ولا يفكرون أبدا فى آخرتهم وكأن
الموت أمر بعيد عنهم هو حتما آخرتهم وآخرة كل الأحياء وكل الأشياء " كل من
عليها فان " والعودة لله وحده يوم القيامة الذى يعلم ما هو باطن مخفى وما هو
ظاهر علنى واضح ويكون الحساب يوم القيامة ويخبر الانسان بكل أقواله وأفعاله لا
تخفى منه خافية وهذا كقوله فى سورة النساء " أينما تكونوا يدركم الموت
ولوكنتم فى بروج مشيدة " .
2 . " وَإِذَا
رَأَوۡاْ تِجَٰرَةً أَوۡ لَهۡوًا ٱنفَضُّوٓاْ إِلَيۡهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِمٗاۚ قُلۡ مَا عِندَ
ٱللَّهِ خَيۡرٞ مِّنَ ٱللَّهۡوِ وَمِنَ ٱلتِّجَٰرَةِۚ وَٱللَّهُ
خَيۡرُ ٱلرَّٰزِقِينَ ١١
يعاتب الله تبارك وتعالى على ما كان وقع من الانصراف عن
الخطبة يوم الجمعة الى التجارة التى قدمت الى المدينة يومئذ وعن جابر بن عبد الله قال : بينما النبى صلى
الله عليه وسلم يخطب يوم لجمعة فقدمت عير الى المدينة فابتدرها أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم حتى لم يبق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الا اثنا عشر رجلا
وقال كان فى الاثنى عشر الذين ثبتوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر
رضى الله عنهما فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم " والذى نفسى بيده لو تتابعتم حتى لم يبق منكم أحد لسال بكم الوادى
نارا " ونزلت هذه الآية فقال تعالى " وَإِذَا رَأَوۡاْ تِجَٰرَةً أَوۡ
لَهۡوًا ٱنفَضُّوٓاْ إِلَيۡهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِمٗاۚ" أى
على المنبر تخطب وفى قوله " وتركوك قائما " دليل على أن الامام يخطب يوم
الجمعة قائما ، وقال مقاتل بنحيان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى الجمعة
قبل الخطبة مثل العيدين حتى اذا كان يوم والنبى صلى الله عليه وسلم يخطب وقد صلى
الجمعة فدخل رجل فقال : ان دحية بن خليفة قد قدم بتجارة ، يعنى فانفضوا ولم يبقى
معه الا نفر يسير ، " قُلۡ مَا عِندَ
ٱللَّهِ " أى الذى عند الله من الثواب فى الدار الآخرة ، " خَيۡرٞ مِّنَ ٱللَّهۡوِ وَمِنَ ٱلتِّجَٰرَةِ" أى افضل مما فى
الدنيا من لهو يشغل عن ذكر اللهو تجارة فى دنيا زائلة فما عند الله خير وأبقى ،
" وَٱللَّهُ خَيۡرُ ٱلرَّٰزِقِينَ " الله خير الرازقين لمن توكل عليه
وطلب الرزق فى وقته كقوله " ومن يتوكل على الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث
لا يحتسب " .
فى سورة الملك
1 . " قُلۡ هُوَ ٱلَّذِيٓ أَنشَأَكُمۡ وَجَعَلَ لَكُمُ
ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَٱلۡأَفِۡٔدَةَۚ قَلِيلٗا مَّا تَشۡكُرُونَ ٢٣
قُلۡ هُوَ ٱلَّذِي ذَرَأَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَإِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ ٢٤
وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا ٱلۡوَعۡدُ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ٢٥ قُلۡ إِنَّمَا ٱلۡعِلۡمُ
عِندَ ٱللَّهِ وَإِنَّمَآ أَنَا۠ نَذِيرٞ مُّبِينٞ ٢٦ فَلَمَّا رَأَوۡهُ زُلۡفَةٗ سِيَٓٔتۡ وُجُوهُ
ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقِيلَ هَٰذَا ٱلَّذِي كُنتُم بِهِۦ تَدَّعُونَ ٢٧
" قُلۡ هُوَ ٱلَّذِيٓ أَنشَأَكُمۡ " يقول
الله عز وجل أنه هو وحده الذى ابتدأ خلقكم بعد أن لم تكونوا شيئا مذكورا ، "
وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَٱلۡأَفِۡٔدَةَ" ويتحدث عزوجل عن
قدرته فى خلق الأسماع والأبصار والعقول والادراك وخص الله هذه الأعضاء بالذكر
فالسمع أعم من البصر فبدأ به لأن من فقد
نعمة البصر يمكن أن يعيش ويفهم ويشق طريقه من خلال السمع ونحن نعلم كم من ملايين
الأكفاء فى العالم يعيشون حياتهم ويتعلمون ويتفوقون وهناك أمثلة كثيرة لمن كف
بصرهم وحتى يمكن للانسان أن يسمع فى كل الأحوال حتى فى الظلام ثم يأتى البصر وتأتى
الأفئدة والعقول التى تعى ما تسمع وترى وهذه هى عملية الادراك التى يفهم بها
الانسان ويتعلم ، " قَلِيلٗا مَّا تَشۡكُرُونَ "
أى رغم هذه النعم من الله على العباد فقليل منهم الشكور لله على نعمه ولهذا قال
" ان تعدو نعمة الله لا تحصوها " وفى قول آخر أى قلما تستعملون هذه
القوى التى أنعم الله بها عليكم فى طاعته وامتثال أوامره وترك زواجره ، " قُلۡ هُوَ ٱلَّذِي ذَرَأَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ "
يتحدث الله عن فضله على عباده أنه هو الذى أسكنكم فى الأرض وبثكم ونشركم فى أقطار
الأرض وأرجائها مع اختلاف ألسنتكم فى لغاتكم وألوانكم وأشكالكم وصوركم ، وَإِلَيۡهِ
تُحۡشَرُونَ " يقول عز وجل لعباده أنكم تجمعون بعد هذا التفرق والشتات يوم
الحشر وهو يوم القيامة كما فرقكم ويعيدكم كما بدأكم ، " وَيَقُولُونَ مَتَىٰ
هَٰذَا ٱلۡوَعۡدُ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ " يقول تعالى مخبرا عن الكفار
المشركين المنكرين للمعاد المستبعدين وقوعه متى يقع هذا الذى تخبرنا بكونه من
الاجتماع بعد هذا التفرق ، " قُلۡ إِنَّمَا ٱلۡعِلۡمُ عِندَ ٱللَّهِ "
يقول الله عزوجل مخبرا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين لا يعلم وقت ذلك
المعاد للبعث والحشر على التعيين الا الله عز وجل لكنه أمرنى أن أخبركم أن هذا
كائن وواقع لا محالة فاحذروه ، " وَإِنَّمَآ أَنَا۠ نَذِيرٞ مُّبِين" يقول
الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين انما على البلاغ الواضح
وقد أديته اليكم ، " فَلَمَّا رَأَوۡهُ زُلۡفَةٗ سِيَٓٔتۡ وُجُوهُ
ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ " أى لما قامت الساعة وشاهدها الكفار ورأوا أن الأمر كان
قريبا لأن كل ما هو آت آت وان طال زمنه فلما وقع ما كذبوا به ساءهم ذلك لما يعلمون
ما لهم هناك من الشر أى فأحاط بهم ذلك وجاءهم من أمر الله ما لم يكن لهم فى بال
ولا حساب كقوله تعالى " وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون وبدا لهم
سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون " ولهذا يقال على وجه التقريع
والتوبيخ " وَقِيلَ هَٰذَا ٱلَّذِي كُنتُم بِهِۦ تَدَّعُونَ " هذا هو
اليوم الذى كنتم تستعجلون .
2 . " قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِنۡ أَهۡلَكَنِيَ ٱللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوۡ
رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ ٱلۡكَٰفِرِينَ مِنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ ٢٨ قُلۡ هُوَ
ٱلرَّحۡمَٰنُ ءَامَنَّا بِهِۦ وَعَلَيۡهِ تَوَكَّلۡنَاۖ فَسَتَعۡلَمُونَ مَنۡ هُوَ
فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ ٢٩ قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِنۡ أَصۡبَحَ مَآؤُكُمۡ غَوۡرٗا فَمَن يَأۡتِيكُم بِمَآءٖ مَّعِينِۢ ٣٠
"
قُلۡ " يقول تعالى مخبرا رسوله صلى الله عليه وسلم قل يا محمد لهؤلاء
المشركين بالله الجاحدين لنعمه "أَرَءَيۡتُمۡ " هذا لجذب الانتباه وشحذ
الحواس لتلتفت وتفهم وتعى بمعنى ها تدبرتم وفكرتم فى هذا الأمر وهم ،" إِنۡ أَهۡلَكَنِيَ ٱللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوۡ
رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ ٱلۡكَٰفِرِينَ مِنۡ عَذَابٍ أَلِيم" لو أن الله قد أوقع بنا وبكم الهلاك ورحم من شاء وأهلك
من شاء أيها الكافرين خلصوا أنفسكم فانه لا منقذ لكم من الله الا التوبة والرجوع
الى دينه ولا ينفعكم وقوع ما تتمنون من العذاب والنكال فسواء عذبنا الله أو رحمنا
فلا مناص لكم من نكاله وعذابه الأليم الواقع بكم ، " قُلۡ هُوَ ٱلرَّحۡمَٰنُ
ءَامَنَّا بِهِۦ وَعَلَيۡهِ تَوَكَّلۡنَا" يقول الله عز وجل لرسوله أن يقول
نحن آمنا برب العالمين الرحمن الرحيم وعليه توكلنا فى جميع أمورنا كما قال تعالى "
فاعبده وتوكل عليه " ولهذا قال تعالى " فَسَتَعۡلَمُونَ مَنۡ هُوَ فِي
ضَلَٰلٖ مُّبِين" أيها الكفارستعلمون من منا
ومنكم تكون له العاقبة فى الدنيا والآخرة ، " قُلۡ أَرَءَيۡتُم" يلفت الله عزوجل الأسماع
والأبصار وكل الحواس للتدبر والاعتبار فيقول لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يخبر
الكفار " إِنۡ أَصۡبَحَ مَآؤُكُمۡ غَوۡرٗا " غورا أى ذاهبا فى
الأرض الى أسفل فلا يمكن أن ينال والغائر عكس النابع أى لو ذهب منكم الماء وتاه فى
الأرض " فَمَن يَأۡتِيكُم بِمَآءٖ مَّعِينِۢ " هل يمكن لأحد أن يأتيكم
بماء نابع سائح جار على وجه الأرض ، أى لا يقدر على ذلك الا الله عز وجل فمن فضله
وكرمه أن أنبع لكم المياه وأجراها فى سائر أقطار الأرض بحسب ما يحتاجه العباد من
القلة والكثرة - فلو قل وذهب وغار هلكتم وان فاض وتدفق أغرقكم وأهلككم .
فى سورة الجن
1 . " قُلۡ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسۡتَمَعَ نَفَرٞ مِّنَ ٱلۡجِنِّ
فَقَالُوٓاْ إِنَّا سَمِعۡنَا قُرۡءَانًا عَجَبٗا ١ يَهۡدِيٓ إِلَى
ٱلرُّشۡدِ فََٔامَنَّا بِهِۦۖ وَلَن نُّشۡرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَدٗا ٢
" قُلۡ أُوحِيَ
إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسۡتَمَعَ نَفَرٞ مِّنَ ٱلۡجِنِّ " يقول تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم
أن يخبر قومه أن الجن استمعوا القرآن فآمنوا به وصدقوه وانقادوا له ، " فَقَالُوٓاْ إِنَّا سَمِعۡنَا قُرۡءَانًا عَجَبٗا * يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلرُّشۡدِ فََٔامَنَّا بِهِۦۖ
وَلَن نُّشۡرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَدٗا " يذكر الله عز وجل ما قالته الجن عن القرآن الكريم ومدحهم
له أنه عجب أى عجيب أى يعجب من يستمع اليه من حسنه والأمر العجيب الحسن الذى يختلف
عن ما حوله من حسنه وهذا القرآن يهدى الى السداد والنجاح فآمنا به وهو منزل من عند
الله الواحد الأحد وسوف نتبع ما يدعو اليه من وحدانية الله ونكون بعيدين عن الشرك
بالله كما هوحال المشركين فى مكة وهذا المقام شبيه بقوله " واذ صرفنا اليك
نفرا من الجن يستمعون القرآن " .
2 . " قُلۡ
إِنَّمَآ أَدۡعُواْ رَبِّي وَلَآ أُشۡرِكُ بِهِۦٓ أَحَدٗا ٢٠ قُلۡ إِنِّي لَآ أَمۡلِكُ لَكُمۡ ضَرّٗا وَلَا رَشَدٗا ٢١ قُلۡ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ ٱللَّهِ أَحَدٞ وَلَنۡ أَجِدَ مِن دُونِهِۦ مُلۡتَحَدًا ٢٢ إِلَّا بَلَٰغٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِسَٰلَٰتِهِۦۚ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ
فَإِنَّ لَهُۥ نَارَ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا ٢٣ حَتَّىٰٓ إِذَا
رَأَوۡاْ مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعۡلَمُونَ مَنۡ أَضۡعَفُ نَاصِرٗا وَأَقَلُّ عَدَدٗا ٢٤
قُلۡ إِنَّمَآ
أَدۡعُواْ رَبِّي وَلَآ أُشۡرِكُ بِهِۦٓ أَحَدٗا " أى قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم لما آذوه وخالفوه
وكذبوه وتظاهروا عليه ليبطلوا ما جاء به من الحق واجتمعوا على عداوته " انما
أدعو ربى أى انما أعبد ربى وحده لا شريك له وأستجير به وأتوكل عليه " ولا
اشرك به أحدا " ، " قُلۡ إِنِّي
لَآ أَمۡلِكُ لَكُمۡ ضَرّٗا وَلَا رَشَدٗا " لأى انما أنا بشر مثلكم يوحى الى وعبد من عباد الله ليس
الى من الأمر شىء فى هدايتكم ولا غوايتكم بل المرجع فى ذلك كله الى الله عز وجل ،
" قُلۡ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ ٱللَّهِ أَحَدٞ وَلَنۡ أَجِدَ مِن
دُونِهِۦ مُلۡتَحَدًا " ثم أخبر عن نفسه أيضا أنه لا يجيره من الله أحد أى لو
عصيته فانه لا يقدر أحد على انقاذى من عذابه وقال قتادة أيضا أى لا نصير ولا ملجأ
وفى رواية لا ولى ولا موئل ، " إِلَّا
بَلَٰغٗا مِّنَ ٱللَّهِ
وَرِسَٰلَٰتِهِ" قال بعضهم هومستثنى من قوله " قُلۡ إِنِّي لَآ
أَمۡلِكُ لَكُمۡ ضَرّٗا وَلَا رَشَدٗا * قُلۡ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ ٱللَّهِ أَحَدٞ وَلَنۡ أَجِدَ مِن
دُونِهِۦ مُلۡتَحَدًا " إِلَّا بَلَٰغٗا مِّنَ الله " ويحتمل أن يكون اشتثناء من قوله " قُلۡ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي
مِنَ ٱللَّهِ أَحَد" أى لا يجيرنى منه ويخلصنى الا ابلاغى الرسالة التى أوجب أداءها
على كما قال تعالى " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك وان لم تفعل فما
بلغت رسالته والله يعصمك من الناس "
،" وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ
وَرَسُولَهُۥ فَإِنَّ لَهُۥ نَارَ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا " أى
أنا أبلغكم رسالة الله فمن يعص بعد ذلك فله جزاء على ذلك نار جهنم خالدين فيها
أبدا ألا لا محيد لهم عنها ولا خروج لهم منها ، " حَتَّىٰٓ إِذَا رَأَوۡاْ مَا يُوعَدُونَ
فَسَيَعۡلَمُونَ مَنۡ أَضۡعَفُ نَاصِرٗا وَأَقَلُّ عَدَدٗا " أى حتى اذا رأى هؤلاء المشركون من الجن والانس ما يوعدون
يوم القيامة فسعلمون يومئذ من أضعف ناصرا وأقل عددا ، هم أم المؤمنون الموحدون لله
تعالى ؟ أى بل المشركون لا ناصر لهم بالكلية وهم أقل عددا من جنود الله عز وجل .
3 . " قُلۡ
إِنۡ أَدۡرِيٓ أَقَرِيبٞ مَّا تُوعَدُونَ أَمۡ يَجۡعَلُ لَهُۥ رَبِّيٓ أَمَدًا ٢٥ عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ
فَلَا يُظۡهِرُ عَلَىٰ غَيۡبِهِۦٓ أَحَدًا ٢٦
" قُلۡ إِنۡ أَدۡرِيٓ أَقَرِيبٞ مَّا
تُوعَدُونَ أَمۡ يَجۡعَلُ لَهُۥ رَبِّيٓ أَمَدًا * " يقول الله تعالى آمرا
رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول للناس انه لا علم له بوقت الساعة ولا يدرى أقريب
أم بعيد وقتها والأمد هو المدة الطويلة وفى هذه الآية الكريمة دليل على عدم علم
الرسول صلى الله عليه وسلم بيوم القيامة بالتحديد وقد كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم يسئل عن وقت الساعة فلا يجيب عنها ولما تبدى له جبريل فى صورة أعرابى كان
فيما سأله أن قال يا محمد فأخبرنى عن الساعة ؟ قال " ما المسئول عنها بأعلم
من السائل "ولما ناداه ذلك الأعرابى بصوت جهورى فقال يا محمد متى الساعة ؟
قال " ويحك انها كائنة فما أعددت لها ؟ " قال أما انى لم أعد لها كثير
صلاة ولا صيام ولكنى أحب الله ورسوله قال " فأنت مع من أحببت " قال فما
فرح المسلمون بشىء من فرحهم بهذا الحديث
، " عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ فَلَا يُظۡهِرُ عَلَىٰ غَيۡبِهِۦٓ أَحَدًا *إِلَّا
مَنِ ٱرۡتَضَىٰ مِن رَّسُول" يتحدث الله عزوجل أنه يعلم الغيب والشهادة وأنه
لا يطلع أحدا من خلقه على شىء من علمه الا مما أطلعه عليه وهذا يعم الرسول الملكى
والبشرى .
فى سورة الكافرون
" قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡكَٰفِرُونَ ١ لَآ
أَعۡبُدُ مَا تَعۡبُدُونَ ٢ وَلَآ أَنتُمۡ عَٰبِدُونَ مَآ أَعۡبُدُ ٣ وَلَآ
أَنَا۠ عَابِدٞ مَّا عَبَدتُّمۡ ٤ وَلَآ
أَنتُمۡ عَٰبِدُونَ مَآ أَعۡبُدُ ٥ لَكُمۡ دِينُكُمۡ وَلِيَ دِينِ ٦
هذه السورة سورة البراءة من العمل الذى يعمله المشركون
وهى آمرة بالاخلاص فيه الكافرون يشمل كل كافر على وجه الأرض ولكن المواجهون بهذا
الخطاب هم كفار قريش وقيل انهم من جهلهم دعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الى
عبادة أوثانهم سنة ويعبدون معبوده سنة فأنزل الله هذه السورة وأمر رسوله صلى الله
عليه وسلم فيها أن يتبرا من دينهم بالكلية فقال " قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡكَٰفِرُونَ * لَآ
أَعۡبُدُ مَا تَعۡبُدُونَ " يقول عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم قل لهؤلاء
الكفار لا أعبد ما تعبدون من الأصنام والأنداد ، " وَلَآ أَنتُمۡ عَٰبِدُونَ
مَآ أَعۡبُدُ " ولا أنتم أيها الكافرون عابدون ما أعبد وهو الله وحده لا
شريك له أى ولا أعبد عبادتكم أى لا أسلكها ولا أقتدى بها وانما أعبد الله على
الوجه الذى يحبه ويرضاه ولهذا قال " وَلَآ أَنَا۠ عَابِدٞ مَّا عَبَدتُّمۡ * وَلَآ أَنتُمۡ عَٰبِدُونَ مَآ أَعۡبُدُ
" أى لا تقتدون بأوامر الله وشرعه فى عبادته بل قد اخترعتم شيئا من تلقاء
أنفسكم كما قال " ان يتبعون الا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم
الهدى " فتبرأ منهم فى جميع ما هم فيه فان العابد لابد له من معبود يعبده
وعبادة يسلكها اليه فالرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعه يعبدون الله بما شرعه
ولهذا كان كلمة الاسلام لا اله الا الله محمدرسول الله أى لا معبود الا الله ولا
طريق اليه الا ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم والمشركون يعبدون غير الله
عبادة لم يأذن بها الله ولهذا قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " لَكُمۡ
دِينُكُمۡ وَلِيَ دِينِ " أى أنتم لا تتبعون ما أنا عليه من دين فدينكم عبادة
من دون الله وأنا أعبد الله وحده فلا نتفق فلكل منا دينه الذى هو عليه كما قال
تعالى"وان
كذبوك فقل لى عملى ولكم
عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا برىء مما تعملون " وقال البخارى
يقال"لكم
دينكم " الكفر " ولى دين " الاسلام ولم يقل دينى
لأن الآيات بالنون فحذف الياء كما قال " فهو يهدين " " ويسقين
" وقال غيره لا أعبد ما تعبدون الآن ولا أجيبكم فيما بقى من عمرى ولا أنتم
عابدون ما أعبد وهم الذين قال " وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل اليك من ربك
طغيانا وكفرا " ونقل ابن جرير عن بعض أهل العربية أن ذلك من باب التأكيد
كقوله " فان مع العسر يسرا * ان مع العسر يسرا " وكقوله " لترون
الجحيم * ثم لترونها عين اليقين " ،وقد استدل الامام الشافعى وغيره بهذه
الآية الكريمة " لكم دينكم ولى دين " على أن الكفر كله ملة واحدة فورث
اليهود من النصارى وبالعكس اذا كان بينهما نسب أو سبب يتوارث به لأن الأديان ما
عدا الاسلام كالشىء الواحد فى البطلان وذهب أحمد بن حنبل ومن وافقه الى عدم توريث
النصارى من اليهودوالعكس لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم " لا يتوارث أهل ملتين شتى ".
فى سورة الاخلاص
"قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ ١ ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ ٢
لَمۡ يَلِدۡ وَلَمۡ يُولَدۡ ٣ وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ ٤
هذه سورة الاخلاص علمها الله لرسوله باذنه وبوحيه
وبأمره وبدأها بكلمة "قل " وهى فعل أمر أى بوحينا وأمرنا قل ، " قُلۡ
هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ " يعنى هو الله الواحد الأحد الذى لا نظير له ولا وزير
ولا نديد ولا شبيه ولا عديل ولا يطلق هذا اللفظ على أحد فى الاثبات الاعلى الله عز
وجل لأنه الكامل فى جميع صفاته وأفعاله ، " ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ " قال ابن
عباس يعنى الذى يصمد اليه الخلائق فى حوائجهم ومسائلهم وفى قول آخر له هو السيد
الذى قدكمل فى سؤدده والشريف الذى قدكمل فى شرفه والعظيم الذى قدكمل فى عظمته وقال
أبو وائل السيد الذى قد انتهى سؤدده وقال مالك عن زيد بن أسلم " الصمد "
السيد وقال الحسن وقتادة هو الباقى بعد خلقه وقال الحسن أيضا الصمد الحى القيوم
الذى لا زوال له وقد قال الطبرانى فى كتاب السنة له بعد ايراده كثيرا من هذه
الأقوال فى تفسير الصمد وكل هذه صحيحة وهى صفان ربنا عز وجل هو الذى يصمد اليه فى
الحوائج وهو الذى قد انتهى سؤدده وهو الصمد الذى لا جوف له ، ولا يأكل ولا يشرب ،
وهو الباقى بعد خلقه ، " لَمۡ يَلِدۡ وَلَمۡ يُولَدۡ * وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ " أى
ليس له ولد ولا والد ولا صاحبة وقال مجاهد لا صاحبة له وهذا كما قال " بديع
السموات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شىء " أى هو مالك
كل شىء وخالقه فكيف يكون له من خلقه نظير يساميه أو قريب يدانيه تعالى وتقدس وتنزه
قال الله تعالى " وقالوا تخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا ادا تكاد السموات
يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا *
أن دعوا للرحمن ولدا وما ينبغلا للرحمن أن يتخذ ولدا * انكل من فى السموات والأرض
الا آتى الرحمن عبدا * لقد أحصاهم وعدهم عدا * وكلهم آيته يوم القيامة فردا "
، وعن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال " قال الله عز وجل كذبنى
ابن آدم ولم يكن له ذلك ، وشتمنى ولم يكن له ذلك ، فأما تكذيبه اياى فقوله لن
يعيدنى كما بدأنى وليس أول الخلق بأهون على من اعادته ، وأما شتمه اياى فقوله اتخذ
الله ولدا وأنا الأحد الصمد لم ألد ولم أولد ولم يكن لى كفوا أحد " .
فى سورة الفلق
"قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلۡفَلَقِ ١ مِن شَرِّ مَا
خَلَقَ ٢ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ٣ وَمِن شَرِّ ٱلنَّفَّٰثَٰتِ فِي
ٱلۡعُقَدِ ٤ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ٥
علم الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم الاستعاذة
والتحصن وبدأها بكلمة "قل" أى باذن الله ووحيه وأمره ، " قُلۡ
أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلۡفَلَقِ " الفلق كما قال ابن عباس الصبح وهى كقوله "
فالق الاصباح " وفى قول آخر لابن عباس " الفلق " الخلق وقال الضحاك
أمر الله نبيه أن يتعوذ من الخلق كله وقال كعب الأحبار"الفلق" بيت فى جهنم اذا فتح صاح جميع أهل النار من شدة
حره وعن زيد بن على عن آبائه قالوا " الفلق " جب فى قعر جهنم عليه غطاء
فاذا كشف عنه خرجت منه نار تضج منه جهنم من شدة ما يخرج منه وقال ابن جرير والصواب
القول الأول أنه فلق الصبح وهذا هو الصحيح وهو اختيار البخارى فى صحيحه ، "
مِن شَرِّ مَا خَلَقَ " أى من شر جميع المخلوقات وقال الحسن البصرى جهنم
وابليس وذريته مما خلق ، " وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ " قال
مجاهد غاسق الليل اذا وقب غروب الشمس وقال قتادة وغيره أنه الليل اذا أقبل بظلامه
وعن عطية وقتادة اذا وقب الليل اذا ذهب وعن أبى هريرة " ومن شر غاسق اذا ةقب
" الكواكب وقال ابن زيد :كانت العرب
تقول الغاسق سقوط الثريا وكانت الأسقام والطواعين تكثر عند وقوعها وترتفع عند
طلوعها قال أصحاب القول الأول وهو آية الليل اذا ولج هذا لا ينافى قولنا لأن القمر
آية الليل ولا يوجد سلطان الا فيه وكذلك النجوم لا تضىء الا بالليل فهو يرجع الى
ما قلناه ، " وَمِن شَرِّ
ٱلنَّفَّٰثَٰتِ فِي ٱلۡعُقَدِ " قال مجاهد وغيره يعنى السواحر وقال اذا رقين
ونفثن فى العقد وعن طاوس عن أبيه قال ما من شىء أقرب الى الشرك من رقية الحية
والمجانين " وفى الحديث الآخر أن جبريل جاء الى النبى صلى الله عليه وسلم
فقال اشتكيت يا محمد ؟ فقال "نعم " فقال " بسم الله أرقيك من كل
داء يؤذيك ، ومن شر كل حاسد وعين ، الله يشفيك " ولعل هذا كان من شكواه صلى
الله عليه وسلم حين سحر ثم عافاه الله تعالى وشفاه ورد كيد السحرة الحساد من
اليهود فى رءوسهم وجعل تدميرهم فى تدبيرهم وفضحهم ، وعن زيد بن أرقم قال سحر النبى
صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود فاشتكى لذلك أياما فجاءه جبريل فقال ان رجلا من
اليهود سحرك وعقد لك عقدا فى بئر كذا وكذا فأرسل اليها من يجىء به فبعث رسول الله
صلى الله عليه وسلم فاستخرجها فجاءه بها فحللها فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم
كأنما نشط من عقال فما ذكر ذلك اليهودى ولا رآه فى وجهه حتى مات " ورواه
النسائى عن هناد عن أبى معاوية محمد بن حازم الصرير ، ( وقد يقول قائل كيف يسحر
رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو المعصوم والمحصن بحماية الله ؟ ولكن ما حدث مع
الرسول صلى الله عليه وسلم يثبت أنه بشر كقوله تعالى " انما أنا بشر مثلكم
يوحى الى " يقع عليه ما يقع على البشر من حوله وتجرى الأحداث فى مجراها
الطبيعى كما تجرى مع كل البشر ثم تتدخل العناية الالهية لتعطيه الحلول لتبين فضل
الله عليه كما هو فضله على خلقه ولكن الرسول أميز لمكانته عند ربه وهناك كثير من
المواقف تحدث للأنبياء وهم وسط قومهم كما تحدث للبشر فهم بشر ولكن لهم مكانة عند
ربهم لما هم عليه وليس للانبياء العصمة فهم ليسوا مألهين كما يؤله النصارى المسيح
عليه السلام وتأله اليهود العزير ويقولون أبناء الله ،وهذا بعيد عن الاسلام ، وقدم
الاسلام الحلول للمشاكل لكل المسلمين من عند الله من خلال القرآن وسنة رسوله ومنها
معالجة السحر والحسد ) ،" وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ " هذه
استعاذة من الحسد ومن العين ونحن نعلم أن الحسد يقع وهناك الكثير من المواقف فى
حياتنا تثبت ذلك وطابنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن نبتعد عن ذلك وأن نقول
" ما شاء الله " ونذكر الله اذا أبصرنا شيئا وأن لا ننظر اليه نظرة حسد
، وأعطانا الله الدواء بالمعوذتين .
فى سورة الناس
" قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ ١ مَلِكِ
ٱلنَّاسِ ٢ إِلَٰهِ ٱلنَّاسِ ٣ مِن شَرِّ ٱلۡوَسۡوَاسِ ٱلۡخَنَّاسِ ٤ ٱلَّذِي
يُوَسۡوِسُ فِي صُدُورِ ٱلنَّاسِ ٥ مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ ٦
علم الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم الاستعاذة
والتحصن وبدأها بكلمة "قل" أى باذن الله ووحيه وأمره ، " قُلۡ
أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ * مَلِكِ
ٱلنَّاسِ * إِلَٰهِ ٱلنَّاسِ " الله
هو رب الناس كلهم وملك الناس
ومليكهم فهو الذى له ملكوت السموات والأرض وهو آلههم ولا اله غيره هو الله سبحانه
وتعالى يأمر الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم والمسلمين من بعده بالقول
بالاستعاذة به " مِن شَرِّ ٱلۡوَسۡوَاسِ ٱلۡخَنَّاسِ " قال ابن عباس
الشيطان جائم على قلب ابن آدم فاذا سها وغفل وسوس فاذا ذكر الله خنس وقال المعتمر
بن سليمان عن أبيه ذكر لى أن الشيطان الوسواس ينفث فى قلب ابن آدم عند الحزن وعند
الفرح فاذا ذكر الله خنس وقال العوفى عن ابن عباس فى قوله " الوسواس "
هو الشيطان يأمر فاذا أطيع خنس ، " ٱلَّذِي يُوَسۡوِسُ فِي صُدُورِ ٱلنَّاسِ "
هل يختص هذا ببنى آدم كما هو الظاهر أو يعم آدم والجن ؟ فيه قولان ويكونون قددخلوا
فى لفظ الناس تغليبا وقال ابن جرير وقد استعمل فيهم رجال من الجن فلا يدع فى اطلاق
الناس عليهم وقوله تعالى " مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ " هل هو تفصيل
لقوله " الذى يوسوس فى صدور الناس"
ثم بينهم فقال " من الجنة والناس " وهذا يقوى القول الثانى ،
وقيل قوله " من الجنة والناس " تفسير الذى يوسوس فى صدور الناس من
شياطين الانس والجن كما قال تعالى " كذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الانس
والجن يوحى بعضهم الى بعض زخرف القول غرورا " وعن ابن عباس قال : جاء رجل الى
النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله انى لأحدث نفسى بالشىء لأن أخر من
السماء أحب الى من أن أتكلم به فقال النبى صلى الله عليه وسلم " الله أكبر
الله أكبر الحمد لله الذى رد كيده الى الوسوسة " وعن أبى ذر قال أتيت رسول
الله صلى الله عليه وسلم وهو فى المسجد فجلست فقال "يا أبا ذر هل صليت ؟ قلت
لا قال - قم فصل - قال فقمت فصليت ثم جلست فقال - يا أبا ذر تعوذ بالله من شر
شياطين الانس والجن - قال فقلت يا رسول الله وللانس شياطين ؟ قال - نعم - قال فقلت
يا رسول الله الصلاة ؟ قال - خير موضوع من شاء أقل ومن شاء أكثر - قلت يا رسول
الله فالصوم ؟ قال - فرض مجزىء وعند الله مزيد - قلت يا رسول الله فالصدقة ؟ قال -
أضعاف مضاعفة ، قلت يا رسول الله فأيهما أفضل ؟ قال - جهد من مقل أوسر الى فقير -
قلت يا رسول الله أى الأنبياء كان أول ؟ قال - آدم - قلت يا رسول الله ونبيا كان ؟
قال - نعم نبى مكلم - قلت يا رسول الله كم المرسلون ؟ قال - ثلثمائة وبضعة عشر جما
غفيرا - وقال مرة - خمسة عشر قلت يا رسول الله أيما أنزل عليك أعظم ، قال آية
الكرسى " الله لا اله الا هو الحى القيوم " .
No comments:
Post a Comment