17 - ) علامات الساعة - العلامات الصغرى
فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله ﷺ " لا تقوم الساعة حتى
يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى بختبىء اليهود من وراء الحجر والشجر
فيقول الحجر والشجر : يا مسلم يا عبد الله هذا يهودى خلفى فتعال فاقتله ، الا
الغرقد فانه من شجر اليهود " متفق عليه
فقد صح عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون
حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر يا مسلم يا عبد الله
هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود. متفق عليه.
وقد غضب الله على اليهود بسبب رفضهم الحق وهم يعلمون به، فهم أهل كتاب وعلم،
ولكنهم كذبوا الرسول صلى الله عليه وسلم وهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، وحرفوا التوراة
وبدلوها. الحديث صحيح رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين وغيرهما، ولفظه: يقاتل
المسلمون اليهود فينصرون عليهم حتى يقول الشجر والحجر: يا مسلم! يا عبد الله! هذا يهودي
تعال فاقتله أو قريب من هذا اللفظ.
فالمقصود أنه ثابت عن رسول الله ﷺ، وأن المسلمين يقاتلون اليهود وأنهم ينصرون
عليهم حتى إن الحجر والشجر يقول للمسلم: يا عبد الله! تعال هذا يهودي تعال فاقتله.
أما كون ذلك في وقتنا هذا محل نظر فإن الذي يقاتلهم المسلمون والمقاتلون الآن
ليسوا على المستوى الكامل من جهة الإسلام، فيهم المسلم وفيهم غير المسلم، وليس هناك
تطبيق فيما بلغنا من المسلمين هناك للشريعة المطهرة كما ينبغي، بل هناك العاصي وهناك
الكافر وهناك المسلم المستقيم، فالقتال الذي أخبر به النبي ﷺ يكون من المسلمين الملتزمين
المستقيمين فلهذا ينصرهم الله على اليهود بسبب استقامتهم على دين الإسلام ونصرهم لدين
الله، فيحتمل أن يكون هذا بعد وقت تتحسن فيه أحوال المسلمين ويجتمعون على الحق والهدى
فينصرون عليهم، ويحتمل أن هذا في وقت عيسى كما هو معلوم، فإنه في وقت عيسى يقتل اليهود
وينصر الله عيسى والمسلمين عليهم، ويقتل الدجال هذا لا شك في وقت عيسى، لكن يحتمل أن
يقع قبل عيسى، وأن المسلمين تتحسن أحوالهم وتستقيم أمورهم على شريعة الله، ويقودهم
أمير صالح أو إمام صالح يقودهم إلى الحق والهدى ويستقيمون على شريعة الله ثم يتوجهون
لقتال اليهود فينصرون عليهم، هذا كله محل احتمال.
أما في وقت عيسى فلا شك أنه يقتلهم وأنه ينصر عليهم عليه الصلاة والسلام مع
المسلمين عند قتله للدجال.
فقتال المسلمين لليهود يكون بعد الملحمة الكبرى مع النصارى؛ ففي صحيح مسلم عن
أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم
بالأعماق أو بدابق، فيخرج إليهم جيش من المدينة، من خيار أهل الأرض يومئذ، فإذا تصافوا،
قالت الروم: خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم، فيقول المسلمون: لا، والله لا
نخلي بينكم وبين إخواننا، فيقاتلونهم، فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبدا، ويقتل ثلثهم،
أفضل الشهداء عند الله، ويفتتح الثلث، لا يفتنون أبدا، فيفتتحون قسطنطينية، فبينما
هم يقتسمون الغنائم، قد علقوا سيوفهم بالزيتون، إذ صاح فيهم الشيطان: إن المسيح قد
خلفكم في أهليكم، فيخرجون، وذلك باطل، فإذا جاءوا الشأم خرج، فبينما هم يعدون للقتال،
يسوون الصفوف، إذ أقيمت الصلاة، فينزل عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم، فأمهم، فإذا
رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح في الماء، فلو تركه لانذاب حتى يهلك، ولكن يقتله الله
بيده، فيريهم دمه في حربته".
ففي هذا الحديث أن قتال الروم قبل خروج الدجال، فإذا هزمهم المسلمون خرج الدجال،
والدجال يتبعه اليهود؛ ففي صحيح مسلم عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: "يتبع الدجال من يهود أصبهان، سبعون ألفا عليهم الطيالسة".
وفي سنن ابن ماجه، عن أبي أمامة الباهلي مرفوعاً، وفيه: "ووراءه الدجال
معه سبعون ألف يهودي، كلهم ذو سيف محلى وساج، فإذا نظر إليه الدجال ذاب، كما يذوب الملح
في الماء، وينطلق هاربا، ويقول عيسى عليه السلام: إن لي فيك ضربة، لن تسبقني بها، فيدركه
عند باب اللد الشرقي، فيقتله، فيهزم الله اليهود، فلا يبقى شيء مما خلق الله يتوارى
به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء، لا حجر، ولا شجر، ولا حائط، ولا دابة، إلا الغرقدة؛
فإنها من شجرهم، لا تنطق، إلا قال: يا عبد الله المسلم هذا يهودي، فتعال اقتله".
ضعفه الألباني.
وقد جاء في بعض الروايات ما يدل على أن قتال اليهود المذكور في هذا الحديث سيكون
في آخر الزمان حين يخرج الدجال وينزل المسيح عيسى بن مريم عليه السلام ، فيقتله .
روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( يَنْزِلُ الدَّجَّالُ فِي هَذِهِ السَّبَخَةِ بِمَرِّ قَنَاةَ [واد في المدينة] ،
فَيَكُونُ أَكْثَرَ مَنْ يَخْرُجُ إِلَيْهِ النِّسَاءُ ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَرْجِعُ
إِلَى حَمِيمِهِ وَإِلَى أُمِّهِ وَابْنَتِهِ وَأُخْتِهِ وَعَمَّتِهِ ، فَيُوثِقُهَا
رِبَاطًا مَخَافَةَ أَنْ تَخْرُجَ إِلَيْهِ ، ثُمَّ يُسَلِّطُ اللهُ الْمُسْلِمِينَ
عَلَيْهِ ، فَيَقْتُلُونَهُ وَيَقْتُلُونَ شِيعَتَهُ ، حَتَّى إِنَّ الْيَهُودِيَّ
لَيَخْتَبِئُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ أَوِ الْحَجَرِ فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرَةُ
لِلْمُسْلِمِ : هَذَا يَهُودِيٌّ تَحْتِي فَاقْتُلْهُ ) رواه الإمام أحمد في
" المسند " (9/255) ، ولكن في إسناده ضعف بسبب عنعنة محمد بن إسحاق ، وله
شواهد أخرى تنظر في تحقيق المسند من طبعة مؤسسة الرسالة .
وقد أورد هذه الشواهد الحافظ ابن حجر رحمه الله في " فتح الباري
" (6/610) ، وحسَّن منها حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه ، ثم قال : " فالمراد
بقتال اليهود : وقوع ذلك إذا خرج الدجال ونزل عيسى "
وقال ابن الملقن : " المراد بقوله (تقاتلون اليهود) إذا نزل عيسى ، فإن
المسلمين معه ، واليهود مع الدجال" انتهى من "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" (17/663).
وهو ما جزم به جمع من شراح الحديث ، بل أخرج الإمام الترمذي (2236) حديث عبد
الله بن عمر السابق في باب " علامة الدجال ".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :"
اليهود إنما ينتظرون
المسيح الدجال ، فإنه الذي يتبعه اليهود ، ويخرج معه سبعون ألف مطيلس من يهود أصبهان
، ويقتلهم المسلمون معه ، حتى يقول الشجر والحجر : يا مسلم ! هذا يهودي ورائي تعال
فاقتله " انتهى من " الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح " (2/ 30) .
ويقول الشيخ ابن باز رحمه الله :" فإن عيسى عليه الصلاة والسلام يغزوه ،
ومعه المسلمون ، فيقتله بباب اللد ، باب هناك في فلسطين ، قرب القدس ، يقتله بحربته
كما جاء في الحديث الصحيح ، والمسلمون معه يقتلون اليهود قتلة عظيمة ، جاء في الحديث
عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المسلمين يقاتلون اليهود ، فيقتلونهم ، ويسلطون عليهم
، ينادي الشجر والحجر : يا مسلم ، يا عبد الله ، هذا يهودي تعال فاقتله ، فيقتل عيسى
الدجال وينتهي أمره
" .
من " فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر " (4/ 290) .
وإذا خرج الدجال تبعه عشرات الآلاف من اليهود واجتمعوا معه يريدون قتال المسلمين
، فينزل المسيح عيسى بن مريم عليه السلام ويجتمع معه المسلمون لقتال الدجال وأتباعه
، فيدعو عيسى ابن مريم اليهود للإسلام ، ولا يقبل منهم في ذلك الوقت إلا الإسلام ،
فيسلم منهم من يسلم ، ويبقى منهم من يبقى على يهوديته ، فتكون المعركة التي ذكرها النبي
صلى الله عليه وسلم
.
وبهذا يتبين أن المعركة من جانب المسلمين معركة عادلة مشروعة يحبها الله تعالى
بلا شك ، ومما يدل على ذلك
:
-
أنها ضد الدجال
ومؤيديه الذين اجتمعوا لقتال المسلمين : (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ
بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)
التوبة/32.
-
ولأنها معركة
يخوضها المسلمون تحت قيادة عيسى بن مريم عليه السلام أحد الرسل الكرام .
-
أن الله تعالى
يكرم المسلمين في هذه المعركة بهذه الكرامة وهي نطق الحجر والشجر ومناداته على المسلم
حتى يقتل اليهودي الذي يختبئ وراءه
.
فكل ذلك يدل على أنها معركة عادلة يحبها الله ، كما هو الشأن في المعارك الإسلامية
كلها التي يكون المقصد منها إعلاء كلمة الله في الأرض ، : (مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ
كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) رواه مسلم (1915). ، وقد ورد فى سورة الاسراء
الحديث عن ذلك فى قوله تعالى :
وَقَضَيۡنَآ إِلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ فِي ٱلۡكِتَٰبِ لَتُفۡسِدُنَّ
فِي ٱلۡأَرۡضِ مَرَّتَيۡنِ وَلَتَعۡلُنَّ عُلُوّٗا كَبِيرٗا ٤ فَإِذَا جَآءَ
وَعۡدُ أُولَىٰهُمَا بَعَثۡنَا عَلَيۡكُمۡ عِبَادٗا لَّنَآ أُوْلِي بَأۡسٖ
شَدِيدٖ فَجَاسُواْ خِلَٰلَ ٱلدِّيَارِۚ وَكَانَ وَعۡدٗا مَّفۡعُولٗا ٥ ثُمَّ
رَدَدۡنَا لَكُمُ ٱلۡكَرَّةَ عَلَيۡهِمۡ وَأَمۡدَدۡنَٰكُم بِأَمۡوَٰلٖ وَبَنِينَ
وَجَعَلۡنَٰكُمۡ أَكۡثَرَ نَفِيرًا ٦ إِنۡ أَحۡسَنتُمۡ أَحۡسَنتُمۡ لِأَنفُسِكُمۡۖ
وَإِنۡ أَسَأۡتُمۡ فَلَهَاۚ فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ ٱلۡأٓخِرَةِ لِيَسُُٔواْ
وُجُوهَكُمۡ وَلِيَدۡخُلُواْ ٱلۡمَسۡجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٖ
وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوۡاْ تَتۡبِيرًا ٧ عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يَرۡحَمَكُمۡۚ
وَإِنۡ عُدتُّمۡ عُدۡنَاۚ وَجَعَلۡنَا جَهَنَّمَ لِلۡكَٰفِرِينَ حَصِيرًا ٨
"
وَقَضَيۡنَآ
إِلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ فِي ٱلۡكِتَٰبِ " يخبر الله أنه تقدم الى بنى
اسرائيل وكتب عنده او أخبرهم فى الكتاب الذى أنزله عليهم وهو التوراة وهذا كقوله
" وقضينا اليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين " أى تقدمنا اليه
وأخبرناه وأعلمناه " لَتُفۡسِدُنَّ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَرَّتَيۡنِ " أخبرهم
الله أنهم سيفسدون فى الأرض مرتين ، " وَلَتَعۡلُنَّ عُلُوّٗا كَبِيرٗا
" وأخبر الله تعالى أنهم سيعلون علوا كبيرا أى سيرتفع شأنهم سيكون لهم الملك
مرتين ويتجبرون ويطغون ويفجرون على الناس ، " فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ أُولَىٰهُمَا
"اذا جاء ميعاد أولى الافسادتين ، " بَعَثۡنَا عَلَيۡكُمۡ عِبَادٗا
لَّنَآ أُوْلِي بَأۡسٖ شَدِيد" سلطنا عليكم جندا من خلقنا أولى قوة وعدة
وسلطنة شديدة ، " فَجَاسُواْ خِلَٰلَ ٱلدِّيَارِۚ " فتملكوا بلادكم
وسلكوا خلال بيوتكم أى بينها ووسطها فدمروها وانصرفوا ذاهبين لا يخافون أحدا ،
" وَكَانَ وَعۡدٗا مَّفۡعُولٗا " وهذا له ميعاد وقدر من الله محتم
الوقوع ، وقد اختلف المفسرون من السلف والخلف الى عصرنا الحالى فى هؤلاء المسلطين
عليهم من هم وكذلك فى المرتين عن ابن عباس قال أنه جالوت وجنوده سلط عليهم أولا ثم
أديلوا عليه بعد ذلك وقتل داود جالوت ولهذا قال " ثُمَّ رَدَدۡنَا لَكُمُ ٱلۡكَرَّةَ عَلَيۡهِمۡ
وَأَمۡدَدۡنَٰكُم بِأَمۡوَٰلٖ وَبَنِينَ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ أَكۡثَرَ
نَفِيرًا"وعن سعيد بن جبير أنه ملك الموصل سنجاريب وجنوده وعنه أيضا وعن غيره
أنه بختنصر ملك بابل وقال أبن أبى حاتم أنه سار الى بيت المقدس فقتل بها خلقا
كثيرا من بنى اسرائيل وسبى منهم الكثير وأخذه الى بابل وقد وردت فى هذا آثار كثيرة
اسرائيلية منها ما هو موضوع من وضع بعض زنادقتهم ومنها ما قد يحتمل أن يكون صحيحا
ونحن فى غنية عنها ، وفيما قص الله علينا فى كتابه وكذلك ما ورد من أحاديث فى
السنة غنية عما سواهما ولم يحوجنا الله ولا رسوله اليهم ، وقد أخبر الله عنهم أنهم
لما طغوا وبغوا سلط الله عليهم عدوهم فاستباح بيضتهم وملك خلال بيوتهم فدمرها
وأذلهم وقهرهم جزاءا وفاقا فانهم كانوا قد تمردوا وقتلوا خلقا من الأنبياء
والعلماء حتى أنه لم يبق من يحفظ التوراة وأخذ منهم خلقا كثيرا أسرى ،" إِنۡ أَحۡسَنتُمۡ أَحۡسَنتُمۡ لِأَنفُسِكُمۡۖ
وَإِنۡ أَسَأۡتُمۡ فَلَهَا " يعقب الله ذلك بقوله ان فعلكم الحسنات فهذا
لأنفسكم تنالون جزاءه وان ارتكبتم السيئات فعلى أنفسكم ستحاسبون بها كقوله "
عن عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها " ، " فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ ٱلۡأٓخِرَةِ
" اذا جاء موعد الكرة الأخرى أى اذا أفسدتم الكرة الثانية ، وقال مفسرون فى
عصرنا أن وجود اليهود فى فلسطين فى عصرنا الحالى واحتلالهم أرضها هو المرة الثانية
وكلمة " الآخرة " تعنى قرب يوم
القيامة ويؤيد ذلك ما ورد من علامات يوم القيامة مما لم يتطرق اليه أبن كثير ومن
أراد أن يطلع على ذلك فهذا بحث منفصل لوحده وتؤيده الأحاديث النبوية وما وقع حاليا
بالفعل من قيام دولة لليهود فى فلسطين تسمى اسرائيل ، " لِيَسُُٔواْ
وُجُوهَكُمۡ وَلِيَدۡخُلُواْ ٱلۡمَسۡجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّة " فى
المرة الثانية فسوف تقهروا على يد عباد الله ويدخلون المسجد كما دخلوه فى المرة
الأولى قيل ذلك عن المسلمين حينما دخلوا بيت المقدس على يد الخليفة عمر بن الخطاب
رضى الله عنه فاتحين وطردوا منها الروم وذلك لوجود لفظ " المسجد " ولم
يكن المسجد الا فى الاسلام وهو المسجد الأقصى كما ورد فى بداية السورة "
سبحان الذى أسرى بعبده من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى " وهذا من معجزات القرآن فكلمة مسجد لم تذكر ولم
يخص بها الا الاسلام والمسلمين ، " وَلِيُتَبِّرُواْ " قال أبن كثير
يدمروا ويخربوا وممكن هذا يحدث لأن الحروب فى عصرنا الحالى مدمرة من استخدام لأسلحة فتاكة من قنابل وصواريخ مدمرة تدمر كل
شىء ، " مَا عَلَوۡاْ تَتۡبِيرًا " قال أبن كثير ما ظهروا عليه وكررت
كلمة تتبيرا وهى تعنى التدمير والتخريب مرتين للتأكيد أن هذا سيحدث ، "
عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يَرۡحَمَكُمۡۚ " رحمة ربكم تحل بكم اذا رجعتم الى ما
أنتم فيه من استعلاء وظلم وتجبر ، " وَإِنۡ عُدتُّمۡ عُدۡنَاۚ " يتوعد
الله من يفعل معصية ويتجبر فى الأرض ولم
يتوب ويرجع عن المعاصى أن يحيق به العذاب ويسلط عليه من يهلكه ولم يرحمه ومن
أفعالكم سلط عليكم ، " وَجَعَلۡنَا جَهَنَّمَ لِلۡكَٰفِرِينَ حَصِيرًا "
بعد أن يحيق به العذاب فى الدنيا على يد أعدائه ستكون جهنم له مستقرا ومحصرا وسجنا
لا محيد له عنه جزاء كفره وعدم اتباعه منهج الله فى العدل وقال مجاهد يحصرون فيها
أى فى جهنم وقال قتادة قد عاد بنو اسرائيل فسلط الله عليهم الحى محمدا صلى الله
عليه وسلم وأصحابه يأخذون منهم الجزية عن يد وهم صاغرون وقد كان هذا فى عهد الرسول
صلى الله عليه وسلم ومن جاء بعده من الخلفاء وهو أقرب الأقوال لما حدث ولما سوف
يحدث لأن أبن كثير لم يربط التفسير فيما ورد من أحاديث علامات الساعة وكذلك ما
يحدث فى عصرنا من تجبر اليهود والصهيونية
العالمية وما تفعله من قهر وقمع وقتل فى العالم وفى فلسطين وما ترتكبه من ربا
وشبكات عصابات منظمة فى كل الأنشطة المحرمة وسيكون عقاب الله شديدا فى الدنيا وفى
الآخرة
.
تعليق : التفاسير التى سبقت عصرنا الحديث لم تفسر هذا الجزء من سورة الاسراء
واجتهدت كثيرا اختلفت فى تفسيره لأن القرآن معجز يسبق عصره ويتنبأ بما لا يستطيعه
البشر فلم يدر فى خلد المفسرين قديما أن يكون لليهود دولة وهم شتات فى العالم
وكانوا أيام دولة الخلافة تقريبا ليس لهم ذكر وكانوا قد طردوا وأجلوا عن المدينة
تماما فلم يعد لهم قوة بعد غدرهم ونقضهم العهود مع الرسول صلى الله عليه وسلم ومن
ضمن ما يعكس ذلك ما قاله أبن قتادة قد عاد بنو اسرائيل فسلط الله عليهم الحى محمدا
صلى الله عليه وسلم وأصحابه يأخذون منهم الجزية عن يد وهم صاغرون فقد كانوا لا شأن
لهم كما تنبأ القرآن بهزيمة الفرس على يد الروم فى سورة الروم " غلبت الروم
فى أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون فى بضع سنين" فى هذا العصر توقع
الجميع هزيمة الروم على يد الفرس وقد كان للفرس القوة والسيادة ولم يتوقع نهوض
الروم وانتصارهم مرة أخرى فى سنوات قليلة وتحققت نبوءة لقرآن مما يؤكذ صدق الوحى
من عند الله تعالى ونحن نجتهد فقط بامكاناتنا وتوقعاتنا البشرية التى لا يمكن أن
يمتد بصرها لما سيحدث فى الغيب وفى المستقبل الذى علمه عند الله وحده " ان هو
الا وحى يوحى " .