Grammar American & British

Saturday, October 29, 2022

7 _ ) حكم كلمة "قل " فى القرآن الكريم

7 _ ) حكم كلمة "قل" فى القرآن الكريم 

فى سورة هود

1 . " أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين " 13

يتحدث الله تعالى عن ادعاء المشركين ان الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذى وضع القرآن من عنده وهو الذى افتراه على الله وما هو منزل من عند الله فيقول الله له متحديا لهم قل لهم أن يفتروا ويأتوا بعشر سور كالتى جاء بها القرآن وأن يدعوا ويستعينوا بالذين عبدوا من دون الله أن يعينوهم فى ذلك ان كانوا صادقين فيما يزعمون ويدعون .

2 . " أم يقولون افتراه قل ان افتريته فعلى اجرامى وأنا برىء مما تجرمون " 35

" أم يقولون افتراه " يقول الله تعالى أن هؤلاء الكافرون الجاحدون يدعون أن الرسول صلى الله عليه وسلم افترى هذا الذى أتى به من عند الله وهو القرآن وافتعله من عنده، "  قل ان افتريته فعلى اجرامى" يقول الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم ان يقول للمشركين ان افتريت هذا فاثم ذلك على ،"وأنا

برىء مما تجرمون " أى ليس ذلك مفتعلا ولا مفترى لأنى أعلم ما عند الله من العقوبة لمن كذب عليه .

3 . " وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم انا عاملون * وانتظروا انا منتظرون  "  121- 122

"وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم انا عاملون " يقول الله تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول للذين لا يؤمنون بما جاء به من ربه على وجه التهديد اعملوا على طريقتكم ومنهجكم فانا عاملون على طريقتنا ومنهجنا ، " وانتظروا انا منتظرون "أى ترقبوا ما سيحل بكم ونحن كذلك مترقبون ومنتظرون ما سيحدث بيننا وبينكم  كما قال " فستعلمون من تكون له عاقبة الدار انه لا يفلح الظالمون " وقد أنجز الله رسوله وعده ونصره وأيده وجعل كلمته هى العليا وكلمة الذين كفروا السفلى والله عزيز حكيم .

فى سورة يوسف

1 . " قل هذه سبيلى أدعوا الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعنى وسبحان الله وما أنا من المشركين " 108

يقول الله تعالى لرسوله الى الثقلين الانس والجن محمد صلى الله عليه وسلم آمرا له أن يخبر الناس أن هذه سبيله أى طريقته ومسلكه وسنته وهى الدعوة الى شهادة أن لا اله الا الله وحده لا شريك له يدعو بها على بصيرة من ذلك ويقين وبرهان هو وكل من اتبعه يدعوا الى ما دعا اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم على بصيرة ويقين وبرهان عقلى وشرعى ، وقوله " وسبحان الله وما أنا من المشركين " أى وأنزه الله واجله وأعظمه وأقدسه على أن يكون له شريك أو نظير أو عديل أو نديد أو ولد أو والد أو صاحبة أو وزير أو مشير تبارك وتقدس وتنزه تعالى عن ذلك كله علوا كبيرا  .

فى سورة الرعد

1 . " قل من رب السموات والأرض قل الله قل أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا قل هل يستوى الأعمى والبصير أم هل تستوى الظلمات والنور أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شىء وهو الواحد القهار " 16

تكررت كلمة "قل" فى الآية خمس مرات لتقرير قدرة الله ووحدانيته وتنزيهه عن الشرك والاقرار بذلك   " قل من رب السموات والأرض قل الله " يقول الله لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يسأل المشركين عن من خلق السموات والأرض وهو ربها ومدبرها ويأتى لجدواب بالاقرار والقول أنه الله وحده لا شريك له ، "قل أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا " ويأتى الاقرار الآخر وهو أنه مع قدرة الله وتفرده بالألوهية أنهم مع هذا قد اتخذوا من دونه أولياء يعبدونهم وأولئك الآلهة لا تملك لأنفسها بطريق الأولى نفعا ولا ضرا أى لا تحصل لهم منفعة ولا تدفع عنهم مضرة ، " قل هل يستوى الأعمى والبصير أم هل تستوى الظلمات والنور " الاقرار الثالث هل بعد ذلك يستوى من عبد هذه الآلهة مع الله ومن عبد الله وحده لا شريك له فهو على نور من ربه هل يستوى من كان يتخبط فى عمى الضلال والشرك زمن يبصر طريقه طريق الهدى والنور هل يستوى نور الهدى وظلمات الكفر والشرك والتخبط فى الضلال لأن الحق أبلج ، " أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شىء وهو الواحد القهار " أى أجعل هؤلاء المشركون مع الله آلهة تناظر الرب وتماثله فى الخلق فخلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم فلا يدرون أنها مخلوقة من غيره أى ليس الأمر كذلك فانه لا يشابهه شىء ولا يماثله ولا ند له ولا عدل له ولا وزير له ولا والد ولا صاحبة .

2 . " ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه قل ان الله يضل من يشاء ويهدى اليه من أناب " 27

" ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه " أى ويقول هؤلاء الكفرة المكذبون المعاندون لولا أنزل على محمد آية من ربه حتى يهتدوا ويؤمنون به يعنون كما أعطى الله ثمود الناقة أو ان يحول لهم الصفا ذهبا أو أن يزيح عليهم جبال مكة ويجعل مكانها بساتين وأنهارا أو نحو ذلك مما الله عليه قادر ولكنه حكيم فى أفعاله كقوله " وما منعنا أن نرسل بالآيات ى أن كذب بها الأولون " ولهذا لما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين اعطائهم ما سألوا ، فان آمنوا والا عذبوا ، وبين انظارهم اختار انظارهم كما حلم عنهم غير مرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، " قل ان الله يضل من يشاء ويهدى اليه من أناب "يرد الله تعالى عليهم ويبلغ رسوله صلى الله عليه وسلم أن الضلال والهداية من الله سبحانه وتعالى وهو الذى يجازى كل بما يستحق فمن سعى الى الايمان هداه ومن عاند وكابر ووقف فى سبيل الحق بالعناد وضل ويضل عن سبيل الله زاده الله ضلالا  .

3 . " كذلك أرسلناك فى أمة قد خلت من قبلها أمم لتتلوا عليهم الذى أوحينا اليك قل هو ربى لا اله الا هو عليه توكلت واليه متاب " 30

" كذلك أرسلناك فى أمة قد خلت من قبلها أمم لتتلوا عليهم الذى أوحينا اليك وهم يكفرون بالرحمن " يقول تعالى وكما أرسلناك يا محمد فى هذه الأمة لتبلغهم رسالة الله اليهم كذلك أرسلنا فى الأمم الماضية الكافرة بالله وقد كذب الرسل فلك بهم أسوة ، وكما أوقعنا باسنا ونقمتنا بأولئك فيحذر هؤلاء من حلول النقم بهم فان تكذيبهم لك أشد من تكذيب غيرك من المرسلين وقال تعالى " ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين " أى كيف نصرناهم وجعلنا العاقبة لهم ولأتباعهم فى الدنيا والآخرة ، " وهم يكفرون بالرحمن " أى هذه الأمة التى بعثناك فيهم يكفرون بالرحمن لا يقرون به لأنهم كانوا يأنفون من وصف الله بالرحمن الرحيم ، ولهذا أنفوا يوم الحديبية أن يكتبوا بسم الله الرحمن الرحيم وقالوا ما ندرى ما الرحمن الرحيم وفى صحيح مسلم أن عبد الله بن مر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ان أحب الأسماء الى الله تعالى عبد الله وعبد الرحمن " وقد قال الله تعالى " قل ادعو الله أو ادعو الرحمن أيما تدعو فله الأسماء الحسنى " ، " قل هو ربى لا اله الا هو " يقول الله تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يرد عليهم ويقول لهم هذا الذى تكفرون به أنا مؤمن به معترف مقر له بالربوبية والألوهية هو ربى لا اله الا هو "عليه توكلت " عليه توكلت فى جميع أمورى وفوضتها اليه وحده " واليه متاب " واليه أرجع وأنيب فانه لا يستحق ذلك أحد سواه .

4 . " أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت وجعلوا لله شركاء قل سموهم أم تنبؤنه بما لا يعلم فى الأرض أم بظاهر من القول بل زين للذين كفروا مكرهم وصدوا عن السبيل ومن يضلل الله فما له من هاد " 33

" أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت " أفمن هو حفيظ عليم رقيب على كل نفس منفوسة ويلم ما يعمل الاملون من خير وشر ولا يخفى عليه خافية أمن هو كذلك كالأصنام التى يعبدونها لا تسمع ولا تبصر ولا تعقل ولا تملك نفعا لأنفسها ولا لابديها ولا مشف ضر عنها ولا عن عابديها ؟وحذف ذا الحواب اكتفاء بدلالة السياق عليه وهو قوله " وجعلوا لله شركاء " أى جعلوا شركاء عبدوها معه من أصنام وأنداد وأوثان ، " قل سموهم " أى أعلمونا بهم واكشفوا عنهم حتى يعرفوا فانهم لا حقيقة لهم ولهذا قال " أم تنبؤنه بما لا يعلم فى الأرض " يقول الله تعالى أتخبرون الله بما خفى عليه فى الأرض ولا يعلمه أى أنها لا وجود لها لأنه لو كان لها وجود فى الأرض لعلمها لأنه لا تخفى عليه خافية ، " أم بظاهر من القول " قال الضحاك وقتادة بباطل من القول أى انما عبدتم هذه الأصنام بظن منكم أنها تنفع وتضر وسميتموها آلهة كما قال تعالى " ان هى الا أسماء سميتموها أنت وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان * ان يتبعون الا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى " ، " بل زين للذين كفروا مكرهم " قال مجاهد قولهم أى زين لهم ما هم عليه من الضلال والدعوة اليه آناء الليل وأطراف النهار ، " وصدوا عن السبيل " من قرأ بفتح الصاد معناه أنه لما زين لهم ما هم فيه وأنه حق دعوا اليه وصدوا الناس عن اتباع طريق الرسل ، ومن قرأها بالضم أى بما زين لهم من صحة ما هم عليه صدوا به عن سبيل الله ولهذا قال " ومن يضلل الله فما له من هاد " أى من يرد الله به ضلالا فليس له هاد من دون الله وهذا جزاءا له على فعله .

5 . " والذين أتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل اليك ومن الأحزاب من ينكر بعضه قل انما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به اليه ادعوا واليه مآب " 36

" والذين أتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل اليك " يقول الله تعالى لرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الذين أتاهم الكتاب من اليهود والنصارى وهم قائمون بمقتضاه يفرحون بما أنزل اليه من القرآن لما فى كتبهم من الشواهد على صدقه والبشارة به كما قال تعالى " الذين آنيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته " ،" ومن الأحزاب من ينكر بعضه " قال مجاهد عن الأحزاب هم اليهود والنصارى منهم من ينكر بعض ما جاءك من الحق كما قال تعالى " وان من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله " ، " قل انما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به" أى انما بعثت بعبادة الله وحده لا شريك له كما أرسل الأنبياء من قبلى ، " اليه ادعوا " أى الى سبيله أدعو الناس ، " واليه مآب " أى اليه مرجعى ومصيرى .

6 . " ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله شهيد بينى وبينكم ومن عنده علم الكتاب " 43

" ويقول الذين كفروا لست مرسلا " يقول تعالى لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم يكذبك الكفار ويقولون ما أرسلك الله ، "  قل كفى بالله شهيد بينى وبينكم " يقول الله لرسوله صلى الله عليه وسلم قل لهؤلاء حسبى الله هو الشاهد على وعليكم : شاهد على فيما بلغت عنه من الرسالة وشاهد عليكم أيها المكذبون فيما تفترونه من البهتان ، " ومن عنده علم الكتاب " قيل نزلت فى عبد الله بن سلام وهذا غير صحيح لأن السورة مكية وهو اسلم بالمدينة والصحيح فى هذا أن " من عنده " اسم جنس يشمل علماء أهل الكتاب الذين يجدون صفة محمد صلى الله عليه وسلم ونعته فى كتبهم المتقدمة من بشارات الأنبياء به كما قال تعالى " ورحمتى وسعت كل شىء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبى الأمى الذى يجدونه مكتوبا عندهم فى التوراة والانجيل " وقال تعالى " أو لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بنى اسرائيل " وأمثال ذلك مما فيه من الأخبار عن علماء بنى اسرائيل أنهم يعلمون ذلك من كتبهم المنزلة .

فى سورة ابراهيم

1 . " وجعلوا لله أندادا ليضلوا عن سبيله قل تمتعوا فان مصيركم النار " 30

" وجعلوا لله أندادا ليضلوا عن سبيله " يتحدث الله تعالى عن المشركين أنهم أشركوا بالله وجعلوا له شركاء عبدوهم معه ودعوا الناس الى ذلك ، ثم قال الله مهددا لهم ومتوعدا لهم على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم " قل تمتعوا فان مصيركم النار " أى مهما قدرتم عليه فى الدنيا فافعلوا فمهما يكن من شىء فالنار مرجعكم وموئلكم اليها كما قال تعالى " نمتعهم قليلا ثم نضطرهم الى عذاب غليظ " وكما قال تعالى " متاع فى الدنيا ثم الينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون " .

2 . " قل لعبادى الذين آمنوا أن يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية من قبل أن يأتى يوم لا بيع فيه ولا خلال " 31

" قل لعبادى الذين آمنوا أن يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية " يقول الله تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لعباده المؤمنين ويأمرهم بعبادة الله وطاعته والقيام بحقه والاحسان الى خلقه بأن يقيموا الصلاة وهى عبادة لله وحده لا شريك له وأن ينفقوا مما رزقهم الله بأداء الزكوات والنفقة على القربات والاحسان الى الأجانب والمراد باقامتها هو المحافظة على وقتها وحدودها وركوعها وخشوعها وسجودها ، وأمر تعالى بالانفاق مما رزق فى السر أى فى الخفية والعلانية وهى الجهر ، " من قبل أن يأتى يوم " يدعو الله تعالى الى المبادرة لفعل ما أمر به من الأعمال الصالحة من قبل يوم القيامة يوم الحساب فالدنيا عمل بلا حساب والآخرة أى يوم القيامة حساب بلا عمل لذلك قال تعالى عنه " لا بيع فيه ولا خلال " أى ولا يقبل من أحد فدية أن تباع نفسه كما قال تعالى " فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا " والخلال مصدر من قول القائل خاللت فلانا فأنا أخاله مخالة وخلالا وقال ابن جرير " ولا خلال " أى ليس هناك مخالة خليل فيصفح عمن استوجب العقوبة عن العقاب لمخالفته ، بل هناك العدل والقسط وقال قتادة أن المراد من هذا أنه يخبر تعالى أنه لا ينفع أحد بيع ولا فدية ، ولو افتدى بملء الأرض ذهبا لو وجده ، ولا تنفعه صداقة أحد اذا لقى الله كافرا كما قال تعالى " يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتى يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون " .

فى سورة الحجر

1 . " وقل انى أنا النذير المبين "89

" وقل " يأمر الله تعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن يقول للناس " انى أنا النذير المبين " النذير البين النذارة وهى التحذير الشديد اذن فهو نذير للناس من عذاب أليم أن يحل بهم على تكذيبه كما حل بمن تقدمهم من الأمم المكذبة وما أنزل الله عليهم من العذاب والانتقام .

فى سورة النحل

1 . "واذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا انما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون * قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين "101 - 102

يخبر الله تعالى عن ضعف عقول المشركين وقلة ثباتهم وايقانهم وأنه لا يتصور منهم الايمان وقد كتب عليهم الشقاوة وذلك أنهم اذا رأوا تغيير الأحكام ناسخها بمنسوخها قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم " انما أنت مفتر " يقولون له انما أنت كذاب وانما هو الرب تعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وقال مجاهد " بدلنا آية مكان آية " أى رفعناها وأثبتنا غيرها وقال قتادة هو كقوله تعالى " ما ننسخ من آية أو ننسها " ،" قل" قال تعالى لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم قل لهم " نزله روح القدس من ربك بالحق" أى جبريل عليه السلام تنزل به من الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم من الله بالصدق والعدل ، " ليثبت الذين آمنوا " أى ليرسخ ويقوى ايمان المؤمنين فم يصدقوا بما أنزل الله أولا وثانيا وتخبت له قلوبهم ، " وهدى وبشرى للمسلمين " أى وجعله هاديا وبشارة للمسلمين الذين آمنوا بالله ورسله .

فى سورة الاسراء

1 . " قل لو كان معه آلهة كما يقولون اذا لابتغوا الى ذى العرش سبيلا " 42

يقول الله تعالى قل يا محمد لهؤلاء المشركين الزاعمين أن لله شريكا من خلقه العابدين معه غيره ليقربهم اليه زلفى لو كان الأمر كما يقولون وأن معه آلهة تعبد لتقرب اليه وتشفع لديه لكان أولئك المعبودون يعبدونه ويتقربون اليه ويبتغون اليه الوسيلة والقربة فاعبدوه أنتم وحده كما يعبده من تدعونه ولا حاجة لكم الى معبود يكون واسطة بينكم وبينه فانه لا يحب ذلك ولا يرضاه بل يكرهه ويأباه وقد نهى عن ذلك على ألسنة جميع رسله وأنبيائه .

2 . " وقالوا أاذا كنا عظاما ورفاتا أءنا لمبعوثون خلقا جديدا * قل كونوا حجارة أو حديدا * أو خلقا مما يكبر فى صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذى فطركم أول مرة فسينغضون اليك رؤوسهم ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا " 49 - 51

" وقالوا أاذا كنا عظاما ورفاتا أءنا لمبعوثون خلقا جديدا" ورفاتا كما قال مجاهد ترابا وقال ابن عباس غبارا يقول تعالى مخبرا عن الكفار المستبعدين وقوع يوم القيامة والبعث استفهام انكار منهم لذلك أى بعد أن بليت أجسامنا وتحولت الى عظام وتراب وصرنا عدما نبعث خلق جديد يوم القيامة فهم يستبعدون وقوع ذلك كما أخبر عنهم فى الموضع الآخر " يقولون أئنا لمردودون فى الحافرة أئذى كنا عظاما نخرة قالوا تلك اذا كرة خاسرة "  ، فأمر الله تعالى أن يجيبهم فقال له أن يقول لهم ويبلغهم " قل كونوا حجارة أو حديدا"أى لو تحولتم فاصبحت أجسادكم الى حجارة أو حديد وهما أشد امتناعا من العظام والرفات ، " أو خلقا مما يكبر فى صدوركم " أو خلقا آخر شديدا وقال مجاهد الخلق المقصود يعنى السماء والأرض والجبال يعنى اذا صرتم مثل ذلك وفى رواية : كونوا ما شئتم فسيعيدكم الله بعد موتكم ، " فسيقولون من يعيدنا : أى من يعيدنا اذا كنا حجارة أو حديد أو خلقا آخر شديدا ، " قل الذى فطركم أول مرة " يقول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يبلغهم ويقول لهم الذى خلقكم ولم تكونوا شيئا مذكورا ثم صرتم بشرا تنتشرون فانه قادر على اعادتكم ولو صرتم الى أى حال كما قال تعالى " وهو الذى يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه " ، " فسينغضون اليك رؤوسهم " قال ابن عباس وقتادة ينغضون رؤوسهم يحركونها استهزاء وهذا الذى قالاه هو الذى تعرفه العرب من لغاتها لأن الانغاص هو التحرك من أسفل الى أعلى أو من أعلى الى أسفل ، ومنه قيل للظليم وهو ولد النعامة نغضا لأنه اذا مشى عجل بمشيته وحرك رأسه "ويقولون متى هو " وهم يستعجلون بوقوع يوم القيامة استبعادا منهم لوقوعه واستحالته كقوله تعالى  "ويقولون متى هذا الوعد ان كنتم صادقين " وقال تعالى "يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها " ، "قل عسى أن يكون قريبا " فيبلغ الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم  أن يقول لهم احذروا ذلك فانه قريب اليكم سيأتيكم لامحالة فكل ماهو آت آت .

3 . " وقل لعبادى يقولوا التى هى أحسن ان الشيطان ينزغ بينهم ان الشيطان كان للانسان عدوا مبينا " 53

يأمر تبارك وتعالى عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمر عباد الله المؤمنين أن يقولوا فى مخاطبتهم ومحاوراتهم الكلام الأحسن والكلمة الطيبة انهم ان لم يفعلوا ذلك نزغ الشيطان بينهم وأخرج الكلام الى الفعال ووقع الشر والمخاصمة والمقاتلة فانه عدو لآدم وذريته من حين امتنع عن السجود لآدم ، وعداوته ظاهرة بينه ولهذا نهى أن يشير الرجل الى أخيه المسلم بحديدة فان الشيطان ينزع فى يده أى فربما أصابه بها فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يشيرن أحدكم الى أخيه بالسلاح فانه لا يدرى أحدكم لعل الشيطان أن ينزع فى يده فيقع فى حفرة من النار " .

4 . " قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا " 56

يقول تعلى قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين عبدوا غير الله ادعوا الذين زعمتم من الأصنام والأنداد فارغبوا اليهم فانهم لا يملكون كشف الضر عنكم أى بالكلية ولا تحويلا أى بأن يحولوه الى غيركم والمعنى أن الذى يقدر على ذلك هو الله وحده لا شريك له الذى له الخلق والأمر وعن ابن عباس فى قوله " ادعو الذين زعمتم " قال كان أهل الشرك يقولون نعبد الملائكة والمسيح وعزيرا وهم الذين يدعون يعنى يدعون الملائكة والمسيح وعزيرا .

5 . " وقل رب أدخلنى مدخل صدق وأخرجنى مخرج صدق واجعل لى من لدنك سلطانا نصيرا * وقل جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا " 80 - 81

عن ابن عباس قال كان النبى صلى الله عليه وسلم بمكة ثم أمر بالهجرة فأنزل الله " وقل رب أدخلنى مدخل صدق وأخرجنى مخرج صدق واجعل لى من لدنك سلطانا نصيرا " وقال الحسن البصرى فى تفسير هذه الآية : ان كفار أهل مكة لما ائتمروا برسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتلوه أو يطردوه أو يوثقوه فأمره الله أن يخرج الى المدينة فهو الذى أنزل عز وجل " وقل رب أدخلنى مدخل صدق وأخرجنى مخرج صدق واجعل لى من لدنك سلطانا نصيرا " وقال قتادة " وقل رب أدخلنى مدخل صدق " يعنى المدينة  "وأخرجنى مخرج صدق " يعنى مكة وهذا القول هو أشهر الأقوال ، " واجعل لى من لدنك سلطانا نصيرا" قال الحسن البصرى فى تفسيرها وعده ربه لينزعن ملك فارس وعز فارس وليحعلنه له وملك الروم وعز الروم ، " وقل جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا " ويقول الله لرسوله صلى الله عليه وسلم ان يبلغ المشركين بنصرة الحق على الشرك وفى هذا تهديد ووعيد لكفار قريش فانه قد جاءهم من الله الحق الذى لا مرية فيه ولا قبل لهم به وهو ما بعثه الله به من القرآن والايمان والعلم النافع وزهق الباطل أى اصمحل وهلك ، فان الباطل لا ثبات له مع الحق ولا بقاء .

6 . " قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا " 84

يقول الله تعالى مخبرا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ المشركين ويقول لهم كل منا يعمل على ماهو عليه فنحن على الايمان بالله ونعمل به وأنتم على الشرك وتعملون به والله هو الذى يعلم من الذى يتبع الحق والطريق المستقيم ومن يتبع الشرك والضلال منا ومنكم وسيجزى كل عامل بمله فانه لا تخفى عليه خافية .

7 . " ويسالونك عن الروح قل الروح من أمر ربى وما أوتيتم من العلم الا قليلا " 85

عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال : كنت أمشى مع رسول الله صلى الله علي وسلم فى حرث المدينة وهو متوكىء على عسيب اذ مر اليهود فقال بعضهم لبعض سلوه عن الروح فقال بعضهم لا تسألوه ، قال فسألوه عن الروح فقالوا يا محمد ما الروح ؟ فما زال متوكئا على العسيب فظننت أنه يوحى اليه فقال   " ويسالونك عن الروح قل الروح من أمر ربى وما أوتيتم من العلم الا قليلا " فقال بعضهم لبعض قد قلنا لكم لا تسألوه ، وقال بعضهم هذه الآية مدنية مع أن السورة كلها مكية  ، وقد يجاب عن ذلك بأنه قد تكون نزلت عليه بالمدينة مرة ثانية كما نزلت عليه بمكة قبل ذلك أو أنه نزل عليه الوحى بأنه يجيبهم عما سألوه بالآية المتقدم انزالها عليه وهى هذه الآية ، ومما يدل على نزول هذه الآية بمكة ما قال الامام أحمد عن ابن عباس قال : قالت قريش ليهود أعطونا شيئا نسأل عنه هذا الرجل فقالوا سلوه عن الروح فنزلت "ويسالونك عن الروح قل الروح من أمر ربى وما أوتيتم من العلم الا قليلا "  قالوا أوتينا علما كثيرا أوتينا التوراة ومن أوتى التوراة فقد أوتى خيرا كثيرا قال وأنزل الله " قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربى لنفد البحر " ، وقد اختلف المفسرون فى المراد بالروح على أقوال ( أحدها ) أن المراد أرواح بنى آدم وعن ابن عباس فى قوله " ويسألونك عن الروح " ذلك أن اليهود قالوا للنبى صلى الله عليه وسلم أخبرنا عن الروح وكيف تعذب الروح التى فى الجسد وانما الروح من الله ولم يكن نزل عليه شىء فيه فلم يجر اليهم شيئا فأتاه جبريل فقال له " قل الروح من أمر ربى وما أوتيتم من العلم الا قليلا "  فأخبره النبى صلى الله عليه وسلم بذلك فقالوا من جاءك بهذا قال جاءنى به جبريل من عند الله فقالوا له والله ما قاله لك الا عدونا فأنزل الله " قل من كان عدو لجبريل فانه نزله على قلبك باذن الله مصدقا لما بين يديه " وقيل أن المراد بالروح هنا جبريل ، " قل الروح من أمر ربى " أى من شأنه ومما استأثر بعلمه دونكم ولهذا قال " وما أوتيتم من العلم الا قليلا " أى وما أطلعكم من علمه الا على القليل فانه لا يحيط أحد بشىء من علمه الا بما شاء تبارك وتعالى من العطاء والمن وأن علمكم فى علم الله قليل وهذا الذى تسألون عنه من أمر الروح مما استأثر به تعالى ولم يطلعكم عليه كما أنه لم يطلعكم الا على  قليل من علمه تعالى .

8 . " قل لئن اجتمعت الانس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا " 88

" قل لئن اجتمعت الانس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا " نبه الله تعالى على شرف هذا القرآن العظيم فأخبر رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ان يقول ويبلغ أنه لو اجتمعت الانس والجن كلهم واتفقوا على أن ياتوا بمثل ما أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم لما أطاقوا ذلك ولما استطاعو ولو تعاونوا وتساعدوا وتظافروا فان هذا أمر لا يستطاع وكيف يشبه كلام المخلوقين كلام الخالق الذى لا نظير له ولا مثال له ولا عديل له .

9 . " وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا الأرض ينبوعا * أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا * أة تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتى بالله والملائكة قبيلا * أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى فى السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه قل سبحان ربى هل كنت الا بشرا رسولا " 91 - 93

قال أبن جرير عن أبن عباس أن عتبة وشيبة ابنى ربيعة وأبا سفيان بن حرب ورجلا من بنى عبد الدار وأبا البخترى أخا بنى أسد والأسود بن المطلب بن أسد وزمعة بن الأسود والوليد بن المغيرة وأبا جهل بن هشام وعبد الله بن أبى أمية وأمية بن خلف والعاص بن وائل ونبيها ومنبها ابنى الحجاج السهميين اجتمعوا أو من اجتمع منهم بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة فقال بعضهم لبعض ابعثوا الى محمد فكلموه وخاصموه حتى تعذروا فيه ، فبعثوا اليه أن أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلموك فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا وهو يظن أنه قد بدا لهم فى أمره بدء وكان عليهم حريصا يحب رشدهم ويعزعليه عنتهم حتى جلس اليهم فقالوا : يا محمد انا قد بعثنا اليك لنعذر فيك وانا والله ما نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك لقد شتمت الآباء وعبت الدين وسفهت الأحلام وشتمت الآلهة وفرقت الجماعة فما بقى من قبيح الا وقد جئته فيما بيننا وبينك ، فان كنت انما جئت بهذا الحديث تطلب به مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا ، وان كنت انما تطلب الشرف فينا سودناك علينا ، وان كنت تريد ملكا ملكناك علينا ، وان كان هذا الذى يأتيك بما يأتيك رئيا تراه قد غلب عليك - وكانوا يسمون التابع من الجن الرئى - فربما كان ذلك بذلنا أموالنا فى طلب الطب حتى نبرئك منه أونعذر فيك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما بى ما تقولون ، ما جئتكم به أطلب أموالكم ولا الشرف فيكم ولا الملك عليكم ولكن الله بعثنى اليكم رسولا وأنزل على كتابا وأمرنى أن أكون لكم بشيرا ونذيرا فبلغتكم رسالات ربى ونصحت لكم فان تقبلوا منى ما جئتكم به فهو حظكم فى الدنيا والآخرة وان تردوه على أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بينى وبينكم " فقالوا : يا محمد فان كنت غير قابل منا ما عرضنا عليك فقد علمت أنه ليس أحد من الناس أضيق منا بلادا ولا أقل مالا ولا أشد عيشا منا فاسأل لنا ربك الذى بعثك بما بعثك به فليسير عنا هذه الجبال التى قد ضيقت علينا وليبسط  لنا بلادنا وليفجر فيا أنهارا كأنهار الشام والعراق وليبعث لنا من مضى من آبائنا وليكن فيمن يبعث لنا منهم قصى بن كلاب فانه كان شيخا صدوقا فنسالهم عما تقول حق هو أم باطل ؟ فان صنعت ما سألناك وصدقوك صدقناك وعرفنا منزلتك عند الله وأنه بعثك رسولا كما نقول"  فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما بهذا بعثت انما جئتكم من عند الله بما بعثنى به فقد بلغتكم ما أرسلت به اليكم فان تقبلوه فهو حظكم فى الدنيا والآخرة ،وان تردوه على أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بينى وبينكم " قالوا : فان لم تفعل لنا هذا فخذ لنفسك فسل ربك أن يبعث ملكا يصدقك بما تقول ويراجعنا عنك وتسأله فيجعل لك جنات وكنوزا وقصورا من ذهب وفضة يغنيك بهما عما نراك تبتغى فانك تقوم بالأسواق وتلتمس المعاش كما نلتمسه حتى نعرف فضل منزلتك من ربك ان كنت رسولا كما تزعم " فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أنا بفاعل ما أنا بالذى يسأل ربه هذا وما بعثت اليكم بهذا ولكن الله بعثنى بشيرا ونذيرا فان تقبلوا ما جئتكم به فهو حظكم فى الدنيا والآخرة ، وان تردوه على أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بينى وبينكم " قالوا فأسقط السماء كما زعمت أن ربك ان شاء فعل ذلك فانا لن نؤمن لك الا أن تفعل " فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " ذلك الى الله ان شاء فعل بكم ذلك "  فنزلت الآيات تخبر عن ذلك " وَقَالُواْ لَن نُّؤۡمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفۡجُرَ لَنَا مِنَ ٱلۡأَرۡضِ يَنۢبُوعًا " سألوه أن يجرى لهم عيونا معينا فى أرض الحجاز حتى يؤمنوا به ، " أَوۡ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٞ مِّن نَّخِيلٖ وَعِنَبٖ فَتُفَجِّرَ ٱلۡأَنۡهَٰرَ خِلَٰلَهَا تَفۡجِيرًا " وسألوه أن يسأل الله أن يسيرعنهم الجبال التى قد ضيقت عليهم وليبسط لهم بلادهم و يجعل لهم جنان بها النخيل والعنب وهو أطيب ما كان لديهم من الرزق الذى عرفوه ويكن فى هذه الجنان من الأنهار التى تجرى خلالها فترويها فيجتمع الماء والخضرة والثمار والرزق الطيب السهل بدل منمعيشة الصحراء الصعبة المعتمدة على الأمطار القليلة والآبار ، " أَوۡ تُسۡقِطَ ٱلسَّمَآءَ كَمَا زَعَمۡتَ عَلَيۡنَا كِسَفًا " تحدوه استهزاءا بطلب استعجال العذاب قالوا فأسقط السماء كما زعمت أن ربك ان شاء فعل ذلك فانا لن نؤمن لك الا أن تفعل  "  أَوۡ تَأۡتِيَ بِٱللَّهِ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ قَبِيلًا " وقال قائلهم نحن نعبد الملائكة وهى بنات الله لن نؤمن لك حتى تأتى بالله والملائكة من قبلك ، " أَوۡ يَكُونَ لَكَ بَيۡتٞ مِّن زُخۡرُفٍ "  وطلبوا منه أن يكون له كما قال أبن عباس بيت من زخرف أى من ذهب ، " أَوۡ تَرۡقَىٰ فِي ٱلسَّمَآءِ " وسألوه أن يصعد فى سلم الى السماء وهم ينظرون اليه ، " وَلَن نُّؤۡمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيۡنَا كِتَٰبٗا نَّقۡرَؤُهُ " ولن يؤمنوا بذلك حتى يأتى معه بصحيفة منشورة قال مجاهد مكتوب فيه الى كل واحد صحيفة هذا كتاب من الله لفلان ابن فلان تصبح موضوعة عند رأسه ، " قُلۡ سُبۡحَانَ رَبِّي هَلۡ كُنتُ إِلَّا بَشَرٗا رَّسُولٗا " يقول الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم قل للكافرين الله ربى سبحانه وتعالى وتقدس أن يتقدم أحد بين يديه فى أمر من أمور سلطانه وملكوته بل هو الفعال لما يشاء ان شاء أجابكم الى ما سألتم وان شاء لم يجبكم وما أنا الا رسول اليكم أبلغكم رسالات ربى وأنصحلكم وقد فعلت ذلك وأمركم فيما سألتم الى الله عز وجل وعن أبى أمامة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال  : " عرض على ربى عز وجل ليجعل لى بطحاء مكة ذهبا ، فقلت : لا يارب ولكن أشبع يوما وأجوع يوما - أو نحو ذلك- فاذا جعت تضرعت اليك وذكرتك ، واذا شبعت حمدتك وشكرنك " رواه الترمذى .

10 . " قل لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا " 95

قال الله تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول أن الله تعالى منبها على لطفه ورحمته بعباده أنه يبعث اليهم الرسول من جنسهم ليفقهوا عنه ويفهموا منه لتمكنهم من مخاطبته ومكالمته ولو بعث الى البشر رسولا من الملائكة لما استطاعوا مواجهته ولا الأخذ عنه كما قال تعالى " كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون " .

11 . " قل كفى بالله شهيدا بينى وبينكم انه كان بباده خبيرا بصيرا " 96

" قُلۡ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدَۢا بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡۚ " يقول تعالى مرشدا نبيه صلى الله عليه وسلم الى الحجة على قومه فى صدق ما جاءهم به ويبلغهم أن الله شاهد عليه وعليهم ، عالم بما جاءهم به بصير بما يفعلون  فلو كان كاذبا على الله لانتقم منه أشد الانتقام كما قال تعالى " ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين " ، " إِنَّهُۥ كَانَ بِعِبَادِهِۦ خَبِيرَۢا بَصِيرٗا " الله عليم  بمن يستحق من عباده الانعام والاحسان والهداية من يستحق الشقاء والاضلال والازاغة .

12 . " قل لو أنتم تملكون خزائن ربى اذا لأمسكتم خشية الانفاق وكان الانسان قتورا " 100

" قُل لَّوۡ أَنتُمۡ تَمۡلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحۡمَةِ رَبِّيٓ إِذٗا لَّأَمۡسَكۡتُمۡ خَشۡيَةَ ٱلۡإِنفَاقِ " يقول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم قل لهم لو أنكم أيها الناس تملكون التصرف فى خزائن الله لأمسكتم خشية الانفاق قال أبن عباس خشية الانفاق أى خشية الفقر أن تذهبوها مع أنها لا تفرغ ولا تنفد أبدا لأن هذا من طباعكم وسجاياكم ولهذا قال " وَكَانَ ٱلۡإِنسَٰنُ قَتُورٗا " قال أبن عباس كان الانسان بخيلا منوعا وهذا كقوله " أم لهم نصيب من الملك فاذا لا يؤتون الناس نقيرا " أى لو أن لهم نصيبا فى ملك الله لما أعطوا أحدا شيئا ولا مقدار نقير ، والله تعالى يصف الانسان بالبخل وكقوله " ان الانسان خلق هلوعا اذا مسه الشر جزوعا واذا مسه الخير منوعا الا المصلين " البخل والجزع والهلع صفة للانسان الا من رحمه وقد جاء فى الصحيحين " يد الله ملأى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض فانه لم يغ1 ما فى يمينه " .

13 . " قل آمنوا به أو لا تؤمنوا ان الذين أوتوا العلم من قبله اذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا " 107

" قُلۡ ءَامِنُواْ بِهِۦٓ أَوۡ لَا تُؤۡمِنُوٓاْۚ " يقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم قل لهؤلاء الكافرين بما جئتهم به من هذا القرآن العظيم سواء آمنتم به أم لم تؤمنوا فهو حق فى نفسه أنزله الله ونوه بذكره فى سالف الأزمان فى كتبه المنزلة على رسله ،" إِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ مِن قَبۡلِهِ " ان الذين أوتوا العلم من صالحى أهل الكتاب الذين تمسكوا بكتابهم ويقيمونه ولم يبدلوه ولا حرفوه ، " إِذَا يُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ " اذا يتلى عليهم هذا القرآن ، "  يَخِرُّونَۤ لِلۡأَذۡقَانِۤ سُجَّدٗاۤ " يسجدون لله فى خشوع وطاعة تامة شكرا على ما أنعم به عليهم من جعله اياهم أهلا أن أدركوا هذا الرسول صلى الله عليه وسلم الذى أنزل عليه هذا الكتاب .

14 . " قل ادعو الله أو ادعو الرحمن أيما تدعو فله الأسماء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا * وقل الحمد لله الذى لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك فى الملك ولم يكن له ولى من الذل وكبره تكبيرا " 110 -  111

" قُلِ " الخطاب موجه من الله سبانه وتعالى الى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين المنكرين صفة الرحمة لله عز وجل المانعين تسميته بالرحمن ، "  ٱدۡعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدۡعُواْ ٱلرَّحۡمَٰنَۖ أَيّٗا مَّا تَدۡعُواْ فَلَهُ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ " لا فرق بين دعائكم له باسم الله أو باسم الرحمن فانه ذو الأسماء الحسنى وكلها أسماؤه  كقوله فى سورة الحشر " هو الله الذى لا اله الا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم  - الى قوله  - له الأسماء الحسنى يسبح له ما فى السموات والأرض " وقد روى مكحول وأبن عباس أن رجلا من المشركين سمع النبى صلى الله عليه وسلم وهو يقول فى سجوده " يا رحمن يا رحيم " فقال انه يزعم أنه يدعو واحدا وهو يدعوا اثنين فأنزل الله هذه الآية ، قال أبن عباس نزلت هذه الآية ورسول الله صلى الله عليه وسلم متوار بمكة كان اذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن فلما سمع ذلك المشركون سبوا القرآن وسبوا من أنزله به فقال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم " وَلَا تَجۡهَرۡ بِصَلَاتِكَ " لا تجهر بفراءتك فيسمع المشركون فيسبون القرآن ، " وَلَا تُخَافِتۡ بِهَا " لا تخفض صوتك بالقراءة عن أصحابك فلا تسمعهم القرآن حتى يأخذوه عنك ، " وَٱبۡتَغِ بَيۡنَ ذَٰلِكَ سَبِيلٗا " اتبع وأسلك أن تكون وسطا بين الجهر والخفوت فلا تجهر فيسمعك المشركون ويفعلوا ما يفعلوا ولا تخفت وتخفض صوتك فلا يسمعك أصحابك فلما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم الى المدينة سقط ذلك يفعل أى ذلك شاء ،وقال محمد بن اسحاق عن أبن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا جهر بالقرآن وهو يصلى تفرقوا عنه وأبوا أن يسمعوا منه فكان الرجل اذا أراد أن يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض ما يتلو وهو يصلى استرق السمع دونهم فرقا منهم فاذا رأى أنهم قد عرفوا أنه يستمع ذهب خشية أذاهم فلم يسمع فان خفض صوته لم يسمع الذين يستمعون من قراءته شيئا فأنزل الله " ولا تجهر بصلاتك " فينفروا عنك " ولا تخافت بها " فلا يسمع من أراد أن يسمع ممن يسترق ذلك منهم فلعله يرعوى الى بعض ما يسمع فينتفع به " وابتغ بين ذلك سبيلا " ، وقال قتادة وحسن البصرى وغيرهما نزلت هذه الآية فى القراءة فى الصلاة وعن عائشة رضى الله عنها قالت نزلت فى الدعاء ، وقال على بن أبى طلحة عن أبن عباس قال لا تصل مرآة للناس ولا تدعها مخافة الناس ، "  وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَمۡ يَتَّخِذۡ وَلَدٗا وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ شَرِيكٞ فِي ٱلۡمُلۡكِ " لما أثبت تعالى لنفسه الكريمة الأسماء الحسنى نزه نفسه عن النقائص وأنه الواحد الأحد لا شريك له ما اتخذ صاحبة ولا ولدا ولا يشاركه فى ملكه وملكوته أحدا ، "  وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ وَلِيّ مِّنَ ٱلذُّلِّۖ " ليس بذليل فيحتاج الى أن يكون له ولى أو وزير أومشير بل هو تعالى خالث الأشياء وحده لا شريك له ومدبرها ومقدرها بمشيئته وحده لا شريك له وقال مجاهد لم يحالف أحد ولم يبتغ نصر أحد ، " وَكَبِّرۡهُ تَكۡبِيرَۢا "أى عظمه وأجله عما يقول الظالمون المعتدون علوا كبيرا ، وكان القرظى يقول فى هذه الآية أن اليهود والنصارى قالوا اتخذ الله ولدا وقالت العرب لبيك لا شريك لك الا شريكا هو لك تملكه وما ملك ، وقال الصابئون والمجوس لولا أولياء الله لذل فأنزل الله هذه الآية " وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَمۡ يَتَّخِذۡ وَلَدٗا وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ شَرِيكٞ فِي ٱلۡمُلۡكِ وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ وَلِيّٞ مِّنَ ٱلذُّلِّۖ وَكَبِّرۡهُ تَكۡبِيرَۢا " ، وقد جاء فى حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمى هذه الآية آية العز وفى بعض الآثار أنها ما قرئت فى بيت فى ليلة فيصيبه سرق أو آفة والله أعلم .


6 - ) حكم كلمة "قل" فى القرآن الكريم

 6 - ) حكم كلمة "قل " فى القرآن الكريم 

فى سورة التوبة

1 . " قل ان كان آباؤكم وأبناؤكم واخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب اليكم من الله ورسوله وجهاد فى سبيله فتربصوا حتى يأتى الله بأمره والله لا يهدى القوم الفاسقين " 24

" قل ان كان آباؤكم وأبناؤكم واخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب اليكم من الله ورسوله وجهاد فى سبيله يقول الله تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يتوعد من آثر أهله وقرابته وعشيرته وأموال يكتسبها ويحصلها وتجارة يحبها لطيبها وحسنها ويخشى عليها من البوار وسكن طيب مريح محبب الى النفس ان كانت هذه الأشياء أحب اليه على الله ورسوله وجهاد فى سبيله وعن زهرة بن معبد عن جده قال " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن لخطاب فقال : والله يا رسول الله لأنت أحب الى من كل شىء الا من نفسى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب اليه من نفسه " فقال عمر : فأنت الآن أحب الى من نفسى " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الآن يا عمر " وقد ثبت فى الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال " والذى نفسى بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب اليه من والده وولده والناس أجمعين " وعن ابن عمر قال " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " اذا تبايعتم بالعينة وأخذتم بأذناب البقر ورضيتم بالزر وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى تراجعوا الى دينكم " ، " فتربصوا حتى يأتى الله بأمره " أى فانتظروا ماذا يحل بكم من عقابه ونكاله بكم ، " والله لا يهدى القوم الفاسقين" والله بعدله وحكمته لا يهدى من لا يستحق للهداية ويخرج عن طريق الحق والهداية .

2 . " قل لن يصيبنا لا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون " 51

أرشد الله تعالى رسول الله صلى الله عليه وسلم الى جواب الكفار بعد أن علمه بعداوتهم له فهم يسوءهم ما أصابه من فتح ونصر وظفر على الأعداء مما يسره ويسر اصحابه فيرد الله عليهم ويأمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول ويخبر هؤلاء نحن تحت مشيئة الله وقدره وهو سيدنا وملجؤنا ونحن متوكلون عليه وهو حسبنا ونعم الوكيل. 

3 . " قل هل تربصون بنا الا احدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربصوا انا معكم متربصون * قل انفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم انكم كنتم قوما فاسقين " 52 - 53

يقول الله تعالى "قل" لهم يا محمد " هل تربصون بنا " أى تنتظرون بنا ، " الا احدى الحسنيين " أحدى الحسنيين الشهادة أو الظفر بكم ، " ونحن نتربص بكم " أى ننتظر بكم ، " أن يصيبكم الله بعذاب من عنده و بأيدينا " أى ننتظر بكم أن يصيبكم عذاب الله أو أن يكون العذاب لكم بأيدينا بسبى أو بقتل ، " فتربصوا انا معكم متربصون " أى انتظروا ما سيحدث ونحن كذلك ننتظر ما سيحدث وسنرى ما سيحل بأحدنا ،  "قل أنفقوا طوعا أو كرها " يقول الله لرسوله صلى الله عليه وسلم قل لهؤلاء الكفار مهما أنفقتم من نفقة طائعين أو مكرهين ، " لن يتقبل منكم انكم كنتم قوما فاسقين " ان ذلك لن يتقبل منكم لأنكم كفرتم بالله ورسوله والأعمال انما تصح بالايمان .

4 . " ومنهم الذين يؤذون النبى ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم " 61

يقول الله تعالى ومن المنافقين قوم يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكلام فيه ، "ويقولون هوأذن"  أى يقولون من قال له شيئا صدقه فينا ومن حدثه صدقه فاذا جئناه وحلفنا له صدقنا ، " قل أذن خير لكم " يرد الله تعالى على هؤلاء المنافقين ويقول لرسوله صلى الله عليه وسلم بلغهم أنه هو أذن خير يعرف الصادق من الكاذب ، " يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين " وهو كذلك يؤمن بالله ويصدق المؤمنين ، " ورحمة للذين آمنوا منكم " وهو كذلك رحمة للمؤمنين وحجة على الكافرين ولهذا قال " والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم " يتوعد الله ويهدد من يؤذى رسوله صلى الله عليه وسلم بالعذاب الأليم .

5 . " ولئن سألتهم ليقولن انما كان نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون " 65

قال قتادة بينما النبى صلى الله عليه وسلم فى غزوة تبوك وركب من المنافقين يسيرون بين يديه فقالوا يظن هذا أن يفتح قصور الروم وحصونهاهيهات هيهات فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ما قالوا فقال " على بهؤلاء النفر " فدعاهم فقال " قلتم كذا وكذا " فحلفوا ما كنا الا نخوض ونلعب ، وعن عبد الله بن عمر قال قال رجل فى غزوة تبوك فى مجلس : ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا ولا أكذب ألسنا ولا أجبن عند اللقاء " ، فقال رجل فى المسجد " كذبت ولكنك منافق لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن فقال عبد الله بن عمر : أنا رأيته متعلقا بحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم تنكبه الحجارة وهو يقول يا رسول الله انما كنا نخوض ونلعب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن "، تبرز الآية تأييد الله ورعايته لرسوله صلى الله عليه وسلم وفضحه للمنافقين وتبليغه بما يقع منهم .

6 . " فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله وقالوا لا تنفروا فى الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون " 81

" فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله " يقول تعالى ذاما المنافقين عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة تبوك وفرحوا بمقعدهم بعد خروجه ، " وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله وقالوا لا تنفروا فى الحر " يتحدث الله عن هؤلاء المنافقين الذين تخلفوا أنهم كرهوا الجهاد بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله وقال بعضهم لبض لا تخرجوا فى الحر وذلك أن الخروج فى غزوة تبوك كان فى شدة الحر عند طيب الظلال والثمار ، " قل نار جهنم أشد حرا " قال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم "قل" لهم نار جهنم التى تصيرون اليها بمخالفتكم وتخلفكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حرا مما فررتم منه من الحر بل أشد حرا من نار الدنيا ون أبى هريرة رضى الله عنه قال " نار بنى آدم التى توقدونها جزء من سبعين جزءا من نار جهنم " فقالوا يا رسول الله ان كانت لكافية فقال " فضلت عليها بتسعة وستين جزءا " ، " لو كانوا يفقهون " أى لو كانوا يفهمون ويعقلون هذا الأمر الذى بينه الله تعالى .

7 . " فان رجعك الله الى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معى أبدا ولن تقاتلوا معى عدوا انكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين " 83

يقول الله تعالى آمرا لرسوله صلى الله عليه وسلم " فان رجعك الله" أى ردك من غزوتك هذه وهى غزوة تبوك ، " الى طائفة منهم " قال قتادة : ذكر لنا لأنهم كانوا اثنى عشر رجلا ، " فاستأذنوك للخروج " أى استأذنوك للخروج معك الى غزوة أخرى ، " فقل لن تخرجوا معى أبدا ولن تقاتلوا معى عدوا " يخبر الله تعالى رسوله أن يقول لهم تعزيرا لهم وعقوبة أنهم معاقبون بالحرمان من شرف الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومقاتلة العدو وما فيه من سمو وجزاء من الله ثم علل ذلك بقوله " انكم رضيتم بالقعود أول مرة " أى لأنكم تخلفتم عن الخروج فى المرة الأولى فان جزاء السيئة السيئة بعدها وهذا كقوله تعالى " ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة " ، " فاقعدوا مع الخالفين " قال ابن عباس أى الرجال الذين تخلفوا عن الغزاة .

8 . " يعتذرون اليكم اذا رجعتم اليهم قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم وسيرى الله عملكم ورسوله ثم تردون الى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون " 94

" يعتذرون اليكم اذا رجعتم اليهم " أخبر الله تعالى عن المنافقين بانهم اذا رجعوا الى المدينة والمقصود الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه فان المنافقين يعتذرون اليهم وهذا الاعتذار لنيل عدم التأنيب لهم ، "قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم " يخبر الله تعالى رسوله أن يقول لهؤلاء لن نصدقكم ، " قد نبأنا الله من أخباركم " أى قد أعلمنا الله أحوالكم ، " وسيرى الله عملكم ورسوله " أى سيظهر ألله ورسوله أعمالكم للناس فى الدنيا ، " ثم تردون الى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون " يقول الله عز وجل لهم أنكم ستبعثون يوم القيامة من الله عالم كل الأمور الخفى منها والمعلن فيخبركم بأعمالكم خيرها وشرا ويجزيكم عليها . 

9 . " وقل أعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون الى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون " 105

" وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون "هذا وعيد من الله يبلغه لرسوله صلى الله عليه وسلم ليبلغه بالمخالفين لأوامر الله بأنهم مهما عملوا من عمل فان أعمالهم ستعرض عليه تبارك وتعالى وعلى الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين وهذا كائن لا محالة يوم القيامة كما قال تعالى " يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية " وقد يظهر الله تعالى ذلك للناس فى الدنيا كما قال الامام أحمد عن أبى سعيد مرفوعا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " لو أن أحدكم يعمل فى صخرة صماء ليس لها باب ولا كوة لأخرج الله مله للناس كائنا ما كان " ، وقد ورد أن أعمال الأحياء تعرض على الأموات من الأقرباء والعشائر فى البرزخ فعن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ان أعمالكم تعرض على أقربائكم وعشائركم فى قبورهم فان كن خيرا استبشروا به وان كان غير ذلك قالوا اللهم ألهمهم أن يعملوا بطاعتك " ، " وستردون الى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون " الآية تتحدث عن البعث يقول الله عز وجل لهم أنكم ستبعثون يوم القيامة من الله عالم كل الأمور الخفى منها والمعلن فيخبركم بأعمالكم خيرها وشرا ويجزيكم عليها . 

10 . " فان تولوا فقل حسبى الله لا اله الا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم "129

يقول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم " فان تولوا " اذا بعدوا واعرضوا عما جئتهم به من الشريعة العظيمة المطهرة الكاملة الشاملة ، " فقل حسبى الله لا اله الا هو عليه توكلت " يبلغ الله تعالى رسوله أن يقول لهؤلاء أن الله كافى لا اله الا هو عليه توكلت كما قال تعالى " رب المشرق والمغرب لا اله الا هو فاتخذه وكيلا "  ، " وهو رب العرش العظيم " أى هو مالك كل شىء وخالقه لأنه رب العرش العظيم الذى هو سقف المخلوقات وجميع الخلائق من السموات والأرضين وما فيهما وما بينهما تحت العرش مقهورين بقدرة الله تعالى ، وعلمه محيط بكل شىء وقدره نافذ فى كل شىء وهو على كل شىء وكيل .

فى سورة يونس

1 . " واذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرءان غير هذا أو بدله قل ما يكون لى أن أبدله من تلقاء نفسى ان أتبع الا ما يوحى الى انى أخاف ان عصيت ربى عذاب يوم عظيم * قل لم شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون "  16 -15

" واذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله " يخبر الله تعالى عن تعنت الكفار من مشركى قريش الجاحدين المعرضين عنه اذا قرأ عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم كتاب الله محجته الواضحة قالوا له ائت بقرآن غير هذا أى رد هذا وجئنا بغيره من نمط آخر أو بدله الى وضع آخر ، " قل ما يكون لى أن أبدله من تلقاء نفسى " يقول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهؤلاء ليس هذا الى انما أنا عبد مأمور من الله ورسول مبلغ عنه ، " ان أتبع الا ما يوحى الى انى أخاف ان عصيت ربى عذاب يوم عظيم " ثم قال محتجا عليهم فى صحة ما جاءهم به أنا أتبع ما يوحيه الى ربى ولا يمكن أن أعصيه فى أمر فانى أخشى ان فعلت ذلك عذاب يوم عظيم وهو يوم القيامة ، " قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله " ويقول الله آمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ ويقول هذا الذى جئتكم به انما عن اذن الله لى فى ذلك ومشيئته وارادته والدليل على أنى لست أتقوله من عندى ولا افتريته أنكم عاجزون عن معارضته وانكم تعلمون صدقى وأمانتى منذ نشأت بينكم الى حين بعثنى الله عز وجل لا تنتقدون على شيئا تغمصونى به ولهذا قال " أفلا تقلون " أى أفليس لكم عقول تعرفون بها الحق من الباطل  ولهذا لما سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان ومن معه فيما سأله من صفة النبى صلى الله عليه وسلم قال هرقل لأبى سفيان هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قاله ؟ قال ابو سفيان فقلت لا ، وكان أبو سفيان اذ ذاك رأس الكفرة وزعيم المشركين ومع هذا اعترف بالحق ، والفضل ما شهدت به الأعداء ، فقال له هرقل فقد أعرف أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس ثم يذهب فيكذب على الله .  

2 . " ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم فى السموات ولا فى الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون " 18

ينكر الله تعالى على المشركين الذين عبدوا مع الله غيره ظانين أن تلك الآلهة تنفعهم شفاعتها عند الله فأخبر تعالى أنها لا تضر ولا تنفع ولا تملك شيئا ،ولا ينفع شىء مما يزعمون فيها ولا يكون هذا أبدا ولهذا قال تعالى " قل أتنبئون الله بما  يعلم فى السموات ولا فى الأرض "ويرد الله عليه ويخبر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم وكما قال ابن جرير معناه أتخبرون الله بما لا يكون فى السموات ولا فى الأرض ؟ ،" سبحانه وتعالى عما يشركون " تنزه الله عن شركهم له أوثانا وأصناما فى عبادته وجعل له أندادا .

3 . " ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه فقل انما الغيب لله فانتظروا انى معكم من المنتظرين " 20

" ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه " أى ويقول هؤلاء الكفرة المكذبون المعاندون لولا أنزل على محمد آية من ربه يعنون كما أعطى الله ثمود الناقة أو ان يحول لهم الصفا ذهبا أو أن يزيح عليهم جبال مكة ويجعل مكانها بساتينا وأنهارا أو نحو ذلك مما الله عليه قادر ولكنه حكيم فى أفعاله كقوله " وما منعنا أن نرسل بالآيات الا أن كذب بها الأولون " ولهذا لما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عطائهم ما سألوا ، فان آمنوا والا عذبوا ، وبين انظارهم اختار انظارهم كما حلم عنهم غير مرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولهذا قال تعالى ارشادا لنبيه صلى الله عليه وسلم الى الجواب عما سألوا "فقل انما الغيب لله" أى الأمر كله لله وهو يعلم العواقب فى الأمور ، " فانتظروا انى معكم من المنتظرين " أى ان كنتم لا تؤمنون حتى تشاهدوا ما سألتم فانتظروا حكم الله فى وفيكم ، هذا مع أنهم قد شاهدوا من آياته صلى الله عليه وسلم أعظم مما سألوا حين أشار بحضرتهم الى القمر ليلة ابداره فانشق اثنتين فرقة من وراء الجبل وفرقة من دونه ، وهذا أعظم من سائر الآيات الأرضية مما سألوا ومما لم يسألوا ، ولو علم الله منهم أنهم سألوا ذلك استرشادا وتثبيتا لأجابهم ، ولكن علم أنهم انما يسألون عنادا وتعنتا فتركهم فيما رايهم وعلم أنهم لا يؤمن منهم أحد كقوله تعالى " ولو أننا نزلنا اليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شىء قبلا ما كانوا ليؤمنوا الا أن يشاء الله " .  

4 . " واذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم اذا لهم مكر فى آياتنا قل الله أسرع مكرا ان رسلنا يكتبون ما تمكرون " 21

" واذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم اذا لهم مكر فى آياتنا " يخبر الله تعالى أنه اذا أذاق الناس رحمة من بعد ضراء مستهم كالرخاء بعد الشدة ، والخصب بعد الجدب ، والمطر بعد القحط ونحو ذلك اذا هم لهم استهزاء وتكذيب كما قال مجاهد كقوله " واذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما " ، وفى الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم الصبح على أثر سماء كانت من الليل أى مطر ثم قال " هل تدرون ماذا قال ربكم الليلة ؟ " قالوا " الله ورسوله أعلم قال " قال أصبح من عبادى مؤمن بى وكافر ، فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذاك مؤمن بى كافر بالكوكب ، وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذاك كافر بى مؤمن بالكوكب " ، " قل الله أسرع مكرا " أى أن الله أشد استدراجا وامهالا حتى يظن الظان من المجرمين أنه ليس بمعذب وانما هو فى مهلة ثم يؤخذ على غرة منه والكاتبون الكرام يكتبون عليه جميع ما يفعله ويحصونه عليه ثم يعرضونه على عالم الغيب والشهادة فيجازيه على الجليل والحقير والنقير والقطمير .

5 . " قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحى ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون " 31

" قل من يرزقكم من السماء والأرض "  يحتج الله تعالى على المشركين باعترافهم بوحدانيته وربوبيته على وحدانية الآلهة فيبلغ رسوله صلى الله عليه ويسلم أن يقول لهم من ذا الذى ينزل من السماء ماء المطر فيشق الأرض شقا بقدرته ومشيئته فيخرج منها الخير من نبات ويعيش عليه الانسان والحيوان وهو منه كل شىء حى ، " أمن يملك السمع والأبصار " ويحتج الله عليهم فيقول لهم من الذى وهبكم هذه القوة السامعة والقوة الباصرة ولو شاء لذهب بها ولسلبكم اياها كقوله تعالى " قل هو الذى انشاكم وجعل لكم السمع والأبصار " ، " ومن يخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحى " ويحتج الله عليهم بالقول بالخلق فمن غيره يخرج الحى من الميت مثل اخراج النبات الحى من البذور الميتة والأجنة التى تخرج وتولد وهى لم تكن بها حياة فدبت فيها الحياة من الكائن الحى والعكس البذور التى تخرج من هذا النبات لتستمر دورة الحياة فى الكائنات ومن الكائنات ، " ومن يدبر الأمر " أى من يدير الأمور كلها والملك العلوى والسفلى وما فيهما من ملائكة وانس وجان فقيرون له خاضعون لديه ، " فسيقولون الله " أى هم يعلمون أن الذى يفعل ذلك ويقول للأمر كان فيكون هو الله سبحانه وتعالى ويعترفون به ، " فقل أفلا تتقون" أى أفلا تخافون منه أن تعبدوا معه غيره بآرائكم وجهلكم .   

6 . " قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده قل الله يبدأ الخلق ثم يعيده فأنى تؤفكون * قل هل من شركائكم من يهدى الى الحق قل الله يهدى للحق أفمن يهدى الى الحق أحق أن يتبع امن لا يهدى الا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون " 34 - 35

هذا ابطال لدعواهم فيما أشركوا بالله غيره ، وعبدوا من الأصنام والأنداد " قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده " يقول الله عز وجل لرسوله بلغ هؤلاء وقل لهم من بدأ خلق هذه السموات والأرض ثم ينشىء ما فيهما من الخلائق ، ويفرق أجرام السموات والأرض ويبدلهما بفناء ما فيهما ثم يعيد الخلق خلقا جديدا ، " قل الله يبدأ الخلق ثم يعيده " يبلغ الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم جواب ذلك أن الذى يبدأ الخلق ثم يعيده بعد عدم هو الله وحده هو الذى يفعل ذلك ويستقل به وحده لا شريك له ، " فأنى تؤفكون " أى فكيف تصرفون عن طريق الرشد الى الباطل ، " قل هل من شركائكم من يهدى الى الحق قل الله يهدى الى الحق "يبلغ الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين هل يوجد أحد ممن تشركون من الأوثان والأصنام يهدى الى الحق والى الطريق المستقيم يقول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ هؤلاء أن الذى يهدى الى الحق هو الله الذى لا اله الا هو وهو الذى يهدى الحيارى والضلال ويقلب القلوب من الغى الى الرشد وأنتم تعلمون أن شركاءكم لا تقدر على هداية ضال ، " أفمن يهدى الى الحق أن يتبع أمن لا يهدى الا أن يهدى " أى أفيتبع العبد الذى يهدى الى الحق ويبصر بعد العمى أم الذى لا يهدى الى شىء الا أن يهدى لعماه وبكمه كما قال تعالى اخبارا عن ابراهيم عليه السلام " يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغنى عنك شيئا " وكما قال لقومه " أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون " الى غير ذلك من الآيات ، " فما لكم كيف تحكمون " أى ما بالكم أن يذهب بعقولكم أن سويتم بين الله وبين خلقه وعدلتم هذا بهذا وعبدتم هذا وهذا ؟ .

7 . " أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين " 38

" أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين " تنازل الله الى سورة واحدة فى تحد للكفارلادعاءهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذى وضع القرآن من عنده كذبا وزورا فأوحى الله الى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول للكفار وأن  يتحداهم أن يأتوا بسورة واحدة ليدللوا على صدق دعواهم وافترائهم بعد أن كان تحداهم فى أول سورة هود أن يأتوا بعشر سور فقال" أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين" وأن يستعينوا بمن جعلوهم شركاء لله وأندادا .

8 . " وان كذبوك فقل لى عملى ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا برىء مما تعملون " 41

يقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم وان كذبك هؤلاء المشركون فتبرأ منهم ومن عملهم وقل لهم لى عملى وهو طريق الله والهداية وأنتم لكم شرككم وما تعملون من عبادة الأصنام والأوثان لى عقيدتى التى تقوم على وحدانية الله ولكم شرككم وكفركم وما تعملون من عمل ، كل منا بعيد ويتبرأ مما يعمل الآخر  كقوله تعالى " قل يا أيها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون * ولا أنتم عابدون ما أعبد * ولا أنا عابد ما عبدتم * ولا أنتم عابدون ما أعبد * لكم دينكم ولى دين " ، وكقول ابراهيم الخليل وأتباعه لقومهم المشركين  "انا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله " .

9 . " ويقولون متى هذا الوعد ان كنتم صادقين * قل لا أملك لنفسى ضرا ولا نفعا الا ما شاء الله لكل أمة أجل اذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون * قل أرأيتم ان أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون " 48 - 50

" ويقولون متى هذا الوعد ان كنتم صادقين " يقول الله تعالى مخبرا عن كفر المشركين واستعجالهم العذاب وسؤالهم عن وقته قبل التعيين مما لا فائدة لهم فيه ليدل ذلك على ما وعدهم به الله من هذا العذاب جزاء كفرهم ، " قل لا أملك لنفسى ضرا ولا نفعا الا ما شاء الله " أرشد الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهؤلاء المشركين أنى لا أقول الا ما علمنى الله ولا أقدر على شىء مما استأثر به الا أن يطلعنى الله عليه فأنا عبده ورسوله اليكم وقد أخبرتكم بمجىء الساعة وأنها كائنة ولم يطلعنى على وقتها ولكن " لكل أمة أجل اذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون " يقول تعالى أخبر هؤلاء أن لكل أمة مدة من العمر مقدرة فاذا انقضى أجلهم فلا يستطيعون أن يأخروه ساعة أو يقدموه كقوله تعالى " ولن يؤخر الله نفسا اذا جاء أجلها " ماذا يفيدهم أمر الساعة يجب أن يفيدهم أمر آجالهم فقيامة العبد هو انتهاء أجله ، " قل أرأيتم ان أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون " يقول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم أخبر المشركين أن عذابه سيأتيهم بغتة فلماذا يستعجلون العذاب وهو ممكن أن يحل بهم  فى أى وقت فى الليل أو النهار .

10 . " ويستنبئونك أحق هو قل اى وربى وانه لحق وما أنتم بمعجزين " 53

يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم أن هؤلاء المشركون يستخبرونك أحق هو أى المعاد والقيامة من الأجداث بعد صيرورة الأجسام ترابا ، " قل اى وربى انه لحق ومآ أنتم بمعجزين " يخبر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم ان هذا اليوم حق أى سيتحقق لا محالة وليس صيرورتكم تراب بمعجز الله عن اعادتكم كما بدأكم من العدم فانما " أمره اذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " .

11 . " قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون " 58

يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم قل وأخبر المؤمنين ان يفرحوا بهذا الذى جاءهم به من الله من الهدى ودين الحق فانه أولى ما يفرحون به فذلك خير من حطام الدنيا وما فيها من الزهرة الفانية الذاهبة لا محالة وخير مما يجمعه الناس من حطامها الفانى فما عند الله باق وما عندكم ينفد . 

12 . " قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آالله أذن لكم أم على الله تفترون " 59

قال ابن عباس وغيره نزلت انكارا على المشركين فيما كانوا يحلون ويحرمون من البحائر والسوائب والوصايل كقوله تعالى " وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا " وقد أنكر الله تعالى على من حرم ما أحل الله أو أحل ما حرم بمجرد الآراء والأهواء التى لا مستند لها ولا دليل عليها وقال لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يقل لهم ذلك وينكره عليهم وأن يبلغهم أن الله لم يأذن لهم بذلك بل هم يفترون على الله بكذبهم وما يفعلونه بأهوائهم .

13 . " قالوا اتخذ الله ولد سبحانه هو الغنى له ما فى السموات وما قى الأرض ان عندكم من سلطان بهذا أتقولون على الله ما لا تعلمون * قل ان الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون " 69

" قالوا اتخذ الله ولد سبحانه هو الغنى " يقول الله منكرا على من ادعى أن له ولدا تنزه وتقدس عن ذلك هو الغنى عن كل ما سواه وكل فقير اليه "  له ما فى السموات وما قى الأرض " أى فكيف يكون له ولد مما خلق وكل شىء مملوك له عبد له ، " ان عندكم من سلطان بهذا " أى ليس عندكم دليل على ما تقولونه من الكذب والبهتان ، " أتقولون على الله ما لا تعلمون " يقول تعالى منكرا عليهم ما يقولون فى وعيد وتهديد لهم كيف تقولون على الله كذبا ما ليس لكم به علم ؟ ، " قل ان الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون " يقول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم بلغ هؤلاء الذين يفترون على الله الكذب أنهم لن يصيبهم الفلاح والتوفيق والنجاح فى الدنيا والآخرة فيما يقولن ويفترون من اتخاذ الله ولدا .

14 . " قل انظروا ماذا فى السموات والأرض وما تغنى الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون * فهل ينتظرون الا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا انى معكم من المنتظرين " 101- 102

" قل انظروا ماذا فى السموات والأرض "  يقول الله لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول ويرشد عباده الى التفكر فى آلائه وما خلق فى السموات والأرض من الآسات الباهرة لذوى الألباب مما فى السموات من كواكب نيرات وثوابت وسيارات والشمس والقمر والليل والنهار واختلافهما وارتفاع السماء واتساعها وحسنها وما أنزل الله منها من مطر فأحيا به الأرض بعد موتها وما أوجده فيها من أنهار وبحار وصحارى وسهول وثمار وزروع ونبات وحيوان وكل ذلك بتسخير من القدير الذى لا اله الا هو ولا رب سواه ، " وما تغنى الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون " وأى شىء تغنى الآيات السماوية والأرضية والرسل بآياتها وحججها وبراهينها الدالة على صدقها عن قوم لا يؤمنون كقوله تعالى " ان الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون " ، " فهل ينتظرون الا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم " أى فهل ينتظر هؤلاء المكذبون لك يا محمد من النقمة والعذاب الا مثل أيام الله فى الذين خلوا من قبلهم من الأمم الماضية المكذبة لرسلهم ،" قل فانتظروا انى معكم من المنتظرين " يقول الله لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ هؤلاء المكذبون أن ينتظروا ويترقبوا ما سيحل بهم من وعد الله وأن ينتظر معهم كذلك ما سوف يأتيه من نصر الله وقد تحقق وعد الله لرسوله صلى الله عليه وسلم من نصر الله له على أعدائه .

15 . " قل يا أيها الناس ان كنتم فى شك من دينى فلا أبد الذين تعبدون من دون الله الذى يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين " 104

يقول الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم قل يا أيها الناس ان كنتم فى شك من صحة ما جئتكم به من الدين الحنيف الذى أوحاه الله الى فأنا لا أعبد الذين تعبدون من دون الله من أصنام وأوثان ولكن أعبد الله وحده لا شريك له وهو الذى يتوفاكم كما أحياكم ثم اليه مرجعكم وأمرت من الله أن أتبع الهدى والايمان به الذى أوحاه الى.

16 . " قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فانما يهتدى لنفسه ومن ضل فانما يضل عليها وما أنا عليكم بوكيل "108

" قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فانما يهتدى لنفسه ومن ضل فانما يضل عليها " يقول الله تعالى آمرا لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يخبر الناس أن الذى جاءهم به من عند الله هو الحق الذى لا مرية فيه ولا شك فيه فمن اهتدى به واتبعه فانما يعود نفع ذلك الاتباع على نفسه ومن ضل عنه فانما يرجع وبال ذلك عليه ، " وما أنا عليكم بوكيل " أى وما أنا موكل بكم حتى تكونوا مؤمنين وانما أنا نذير لكم والهداية على الله تعالى .

209-] English Literature

209-] English Literature Charles Dickens  Posted By lifeisart in Dickens, Charles || 23 Replies What do you think about Dickens realism? ...