Grammar American & British

Tuesday, June 2, 2020

الفرعونية فى القران الكريم ( 11 )

الفرعونية فى القران الكريم 11
الفارق بين صفات الفرعون فى القرآن وصفاته فى الواقع الثقافى الحاضر 
الأشخاص فى القصة القرآنية رموز معبرة عن مواقف ومعا نى ودلالات ، ولاتذكر الشخصية الا فى موطن التعبير عن معانى معينة دالة على أحداث القصة القرآنية ، ولا تراد الشخصية بذاتها  ، فالقرآن ليس قصة ولا رواية تاريخية ، وليس ذلك من أهدافه ، ولهذا تقتصر الرواية على ما يدل على الهدف ، وتركزت العبارات حول ذلك الحدث المراد ، والذى يبرز ظاهرة الفرعونية وسماتها على مدار الزمان ومع اختلاف المكان متمثلة فى فرعون وسلوكه وصفاته التى يحملها ، والجزئيات الخارجة عن نطاق الهدف من القصة ليست مرادة وليست ضرورية ، ولهذا جاءت القصة فى القرآن موجزة ، بآيات قليلة وباشارات واضحة ، ولكنها تبرز الكثير ، وأشخاص القصة القرآنية كما وردت فى قصة موسى عليه السلام انحصرت فى موسى وأخيه الذى يمثل جانب الدعوة والايمان ، وكذلك أم موسى التى حمت ابنها الوليد من بطش الفرعونية ، وكان هناك أشخاص عابرون فى القصة القرآنية لايذكرون الا فى معرض الاشارة الى دورهم كالرجلين الذين كانا يتقاتلان ، أحدهما من شيعة موسى عليه السلام ، والآخر من شيعة فرعون ، وهذه الاشارة تبرز صفة من صفات سيدنا موسى عليه السلام ، وهى القوة الجسدية التى ساعدته فى رحلته الى سيناء قبل الدعوة ، وتبرز كيف كان يتم الاضطهاد لبنى اسرائيل على يد فرعون وقومه ، وجبروت قوم فرعون وضعف بنى اسرائيل ، وهى عوامل مهمة تبرز سطوة الفرعونية ومن يحيطون بها واضطهادهم لباقى الشعب .

وكمثال على أن التاريخ يعيد نفسه دائما ، والصفات التى وصف بها القرآن فرعون وقومه جعلت فرعون يمثل الفرعونية فى كل زمان ومكان ، وهى الحاكم المستبد الطاغية المعاند الذى يكفر بآيات الله ويكذب بها ، ويدعى الألوهية والملك والسلطان ، ويظلم ويقتل ، واتجهت دعوة الأنبياء والرسل التى تمثل معسكر المقاومة لهؤلاء الطغاة لتحرير الانسان الذى وقع عليه الظلم ، ولتقويته ولشد أزره لكى يقاوم ويرفض الظلم ، ولتقويته ولشد أزره لكى يقاوم ويرفض ويتمرد ، ومن الطبيعى أن يستجيب الضعفاء لدعوة الأبنياء وأن يسقف الأنبياء الى جانب هؤلاء المستضعفين لتخليصهم من سوء العذاب الذى يسلطه عليه الفراعنة لكى تستقيم سيرة البشرية .

وعلى سبيل المثال فقد قال آل فرعون لموسى ما قاله المشركون لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فاتهموه بالسحر ، وهذا تسليم بالعجز واعتراف بعظمة التأثير ، وقال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم للمشركين ما قاله له موسى عليه السلام لآل فرعون " انى رسول من رب العالمين وسخر فرعون من موسى عليه السلام كما سخر المشركون من محمد صلى الله عليه وسلم ، قال فرعون " ما أريكم الا ما أرى وما أهديكم الا سبيل الرشاد " غافر 29 ، وشخصية فرعون هى احدى الشخصيات التى اعتمدت علتها القصة فى القرآن الكريم لأن دعوة موسى ومحمد واحدة ، ما لاقاه محمد صلى الله عليه وسلم من القوم شبيه بما لاقاه موسى من آل فرعون والفرعونية وما تحمله ، وانتهت قصة موسى وفرعون بانتصار الحق على الباطل ، ولابد أن ينتصر محمد والمؤمنون كما انتصر موسى على فرعون وآل فرعون وقهروا الفرعونية ، وسوف يقهر ايمان أمة محمد صلى الله عليه وسلم فرعونية العصر الحديث كما قهرت من قبل ويقول الله تعالى " انا لننصر رسلنا والذين آمنوا فى الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد * يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار " غافر 51 – 52 .

ان شخصية فرعون فى القرآن الكريم يتمثل فيها البعد الواقعى ، فقد تتهيأ الظروف لوجود مثل هذه الشخصية أو بعض صفاتها فى الواقع المعاصر ، وفرعون نموذج لكل حاكم طاغية ، فالفرعونية ترادف النازية والفاشية والصهيونية والبلشفية ، وهتلر وموسولينى واستالين وكثير من حكام العالم عبر التاريخ من عرب وعجم يحملون صفات فرعون والفرعونية ، فحتى فى العامية المصرية فان الفرعنة تعنى التجبر والكبر ففى المثل العامى " يا فرعون من فرعنك ؟ قال ما لقيتش حد يلمنى " ، أى ان سبب الفرعنة أو الفرعونية هو عدم التصدى للشخص التجبر أو المتكبر لنهيه عن ذلك ، والقرآن هدف الى ابراز شخصية فرعون بغض النظر عن الأسم لأنها تمثل ظاهرة الفرعونية عبر الزمان والمكان .

كما قلنا فان القرآن أراد أن يجعل من شخصية فرعون عبرة فهو نموذج بشرى لكل حاكم أو شخص مستبد يحمل الصفات التى ذكرناها آنفا ، وفى العصر الحديث كان هناك نماذج عنصرية تتسم بالكبر والطغيان والقسوة والكراهية والتعصب والعنصرية وتشترك مع فرعون فى معظم صفاته وفى العالم فان كل الحكام العسكريين والكتاتوريين هم فراعنة الأرض ، فهم يزجون بالناس فى السجون لأتفه سبب ، ويسيمونهم سوء العذاب , ويستحيون النساء وينتهكون أعراضهم من اغتصاب وتحرش وسجن ، وتمارس أشد أنواع التعذيب فى السجون , وتنتهك كرامة الانسان ، وحتى العالم الغربى الذى يدعى التحضر فهو يقهر شعوب العالم باحدث الأسلحة ، ويتهم الآخرين بالارهاب ، ومعظم دول العالم تضطهد فيها الأقليات ، وبخاصة الأقليات المسلمة ، كما هو الحال فى ميانمار أو برما سابقا ، وفى الهند حيث يضطهد المسلمين على يدى الهندوس ، وفى الصين من اضطهاد لمسلمين ويمنعون من المصاحف والصيام ،وحتى فى العالم العربى والاسلامى تضطهد المعارضة وتوجه لها تهمة الارهاب ، واثارة الفتنة ، وقلب نظام الحكم ، وغير ذلك من التهم ،، وكل يوم يقتل المئات بل الآلاف  ، وهناك الآلف الذين تمتلىء بهم السجون، وعلى سبيل المثال  الرئيس الأمريكى دونالد  ترامب الذى  يظهر كراهيته للمسلمين ، ويفرض على دول الخليج كما يقال الجزية لحمايتهم ، فهو فرعون الأرض ، ولا يردعه الا القوة ، ولا ننسى موقفه مع كوريا الشمالية ، عندما انتابه الفرح لأن زعيم هذه الدولة الصغيرة يملك السلاح الفتاك ، ونحن المسلمون فى غاية الضعف غثاء كغثاء السيل ، كل ذلك بسبب الحكام الذين لاهم لهم سوى الحكم يستعينون على شعوبهم بالخارج ويستقوون ، ويبيعون أرض بلادهم ، ونحن كشعوب مستضعفة مستذلة مستباحة يجب أن نتغير لأن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، وأثناء البحث تحدثت عن كثير من التشابه بين الغد واليوم ، بين الماضى والحاضر ، فدائما يعيد التاريخ نفسه ، وفى الواقع الثقافى المعاصر هناك حكام وأولهم حكام من  العرب والمسلمين يتصفون بالقسوة والفرعونية والكبر والتعالى على الأقل على شعوبهم ، فالصورة باختصار فى الواقع الثقافى المعاصر هى لحكام يتسمون بالفرعونية وشعوب مستباحة مستضعفة مستذلة ، وهذا وحده يحتاج لصفحات من الكتب لذكره وتوضيحه .



No comments:

214- ] English Literature

214- ] English Literature D. H. Lawrence Summary D.H. Lawrence (1885-1930)  is best known for his infamous novel 'Lady Chatterley'...