Grammar American & British

Saturday, May 15, 2021

دراسات تاريخية - بين الشيعة والخوارج : الخوارج ( 11 )

 دراسات تاريخية - 

بين الخوارج والشيعة 

الخوارج  ( 11 ) 

نشأة الخوارج

كان العراق أكبر الأقاليم الاسلامية ميدانا للحروب والفتن فى عهد الدولة الأموية ، فمنذ مقتل سيدنا عثمان رضى الله عنه وهو مشتعل ، واذا كان العراق ميدانا لأكثر الحروب كان أهله أكثر الناس جدالا فكان طبيعيا أن يكون منبعا للكثير من المذاهب الدينية ، فعلى أرضه حدثت الفتنة الكبرى ونتج عنها الخوارج وبعد ذلك بدأت نشأة الخوارج وتطوروا .

لما كانت وقعة صفين بين سيدنا على رضى الله عنه ومعاوية ، وطلب معاوية تحكيم كتاب الله اختلف أصحاب سيدنا على : أيقبلون التكحيم لأنهم يحاربون لاعلاء كلمة الله وقد دعوا اليها أم لا يقبلون لأنها خدعة حربية لجأ اليها معاوية وصحبه لما أحسوا بالهزيمة ؟ ، وبعد جدال وتردد قبل سيدنا على التحكيم ، عند ذلك ظهر قوم من جند سيدنا على أكثرهم من قبيلة تميم نفروا من التحكيم ورؤوا أن التحكيم خطأ لأن حكم الله فى الأمر واضح جلى والتحكيم يتضمن شك كل فريق من المحاربين أيها المحق وليس يصح هذا الشك لأنهم وقتلاهم انما حاربوا وهم مؤمنون أن الحق فى جانبهم ، هذه المعانى المختلجة فى نفوسهم صاغها أحدهم فى الجملة الآتية " لا حكم الا لله " فسرت الجملة كالنار فى الهشيم وأصبحت شعار هذه الطائفة ، طلبوا من سيدنا على رضى الله عنه أن يقر على نفسه بالخطأ بل بالكفر لقبوله التحكيم ويرجع عما أبرم مع معاوية من شروط فاذا فعل عادوا وقاتلوا معه ، لكن سيدنا على رضى الله عنه أبى ، اذ كيف يرجع عن اتفاق أمضاه والدين يأمر بالوفاء بالعهود ، وكانوا يضايقون سيدنا على ، واذا خطب فى المسجد قاطعوه " لا حكم الا لله " .

وبعد صدور الحكم بالخدعة لصالح معاوية ودهاء عمرو بن العاص وحيلته على أبى موسى الأشعرى زادت خيبة الآملين فى أن التحكيم يحقن الدماء ويعيد المسلمين الى الوئآم ، اجتمعت الجماعة المعارضة فى منزل أحدهم وخطب خطيبهم وأمرهم بالخروج من الكوفة لأنها قرية ظالمة ظالم أهلها فخرجوا الى قرية تسمى " حروراء " وسموا بالحرورية وأمروا عليهم رجلا منهم اسمه عبد الله بن وهب الراسبى .

واسم الخوارج جاء من أنهم خرجوا على الامام على رضى الله عنه وصحبه وقد حاربهم الامام على رضى الله عنه فى موقعة " نهروان " وهزمهم وقتل منهم الكثير لكنه لم يبدهم ولم يبد فكرهم وزادت الهزيمة فى كرههم له حتى دبروا مكيدة قتله فقتله عبد الرحمن بن ملجم وكان زوجا لأمرأة قتل كثير من أفراد أسرتها فى نهروان .

وظل الخوارج شوكة فى جنب الدولة الأموية يهددونها ويحاربونها وكانوا فرعين 1- ) فرعا بالعراق وما حولها وأهم مركز لهم كان " البطائح " بالقرب من البصرة واستولوا على كرمان وبلاد فارس وهددوا البصرة وحاربهم المهلب بن أبى صفرة وأشهر رجالهم نافع بن الأزرق وقطرى بن الفجاءة .

2- ) فرع جزيرة العرب استولوا على اليمامة وحضرموت واليمن والطائف ومن أشهر أمرائهم أبو طالوت ونجدة أبن عامر وأبو فديك ، واستمرت الحروب لفترة طويلة مع الدولة الأموية حتى ضعفت قوتهم فى عهد الدولة العباسية .

تعاليم الخوارج

1- ) قالوا بصحة خلافة أبى بكر وعمر رضى الله عنهما لصحة انتخابهما وبصحة خلافة عثمان رضى الله عنه فى سنينه الأولى ، فلما غير وبدل ولم يسر سيرة أبى بكر وعمر وأتى بما أتى من أحاث وجب عزله ، وأقروا بصحة خلافة على رضى الله عنه ولكنهم قالوا أنه أخطأ فى التحكيم وحكموا بكفره لما حكم وطعنوا فى أصحاب الجمل طلحة والزبير وعائشة رضى الله عنهم ، كما حكموا بكفر أبى موسى الأشعرى وعمرو بن العاص ، كل كلامهم كان يدور حول تحليل أعمال الخلفاء وأنصارهم والبحث فيمن يستحق أن يكون خليفة ومن لا يستحق ، ومن يكون مؤمنا ومن لايكون .

2- ) وضعوا نظرية للخلافة وهى أن الخلافة يجب لأن تكون باختيار حر من المسلمين ، واذا أختير لا يصح أن يتنازل أو يحكم ، ويمكن أن يكون الخليفة من قريش وغيرها ولو كان عبدا حبشيا ، واذا تم الاختيار كان رئيسا للمسلمين ، ويجب أن يخضع لما أمر الله به والا وجب عزله ، وقد خالفوا نظرية الشيعة القائلة بانحصار الخلافة فى بيت النبى محمد ﷺ : على رضى الله عنه وآله ، وكذلك مخالفين لمن يقول أن الخلافة فى قريش ، ولذلك خرجوا على خلفاء بنى أمية ثم العباسيين لاعتقادهم أنهم جائرون لا تنطبق عليهم شروط الخلافة .

3- ) فى عهد عبد الملك بن مروان مزجوا السياسة بصبغة دينية وكان أبرزهم الأزارقة أتباع " نافع بن الأزرق "

وقد رأوا أن العمل بأوامر الدين من صلاة وصيام وصدق وعدل جزء من الايمان ومن اعتقد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله ولم يعمل بفروض الدين وارتكب الكبائر فهو كافر .

وقد اشتركوا فى نظريتى الخلافة وأن العمل جزء من الايمان وكان منهم من يرى أنه لا حاجة للأمة الى امام وانما على الناس أن يعملوا بكتاب الله من أنفسهم ولكن رجعوا عن ذلك القول لما أمروا عليهم عبد الله بن وهب الراسبى .

اختلاف الخوارج وأشهر فرقهم

تفرقوا الى فرق بلغت فى العدد نحو العشرين ومن أشهرها الأزارقة وكان نافع بن الأزرق من أكبر فقهائهم وقد كفر جميع المسلمين ما عداهم ، ويمكن الرجوع فى الملل والنحل للشهرستانى ، والمقالات الاسلامية للأشعرى ، والفرق بين الفرق للبغدادى .

وقال " أنه لا يحل لأصحابه المؤمنين أن يجيبوا أحدا من غيرهم الى الصلاة اذا دعاهم اليها ، ولا أن يأكلوا من ذبائحهم ، ولا أن يتزوجوا منهم ، ولا يتوارث الخارجى وغيره ، وهم مثل كفار العرب وعبدة الأوثان لا يقبل منهم الا الاسلام أو السيف ، ودارهم دار حرب ، فيحل قتل أطفالهم ونسائهم ، ولا تحل التقية ( على خلاف الشيعة تماما ) ، واستحل الغدر بمن خالفه ، وكفر الذين يقعدون عن القتال مع قدرتهم عليه ولو كان على مذهبهم " .

- من فرقهم " النجدات " أتباع " نجدة بن عامر " ، ومن تعاليمه " أن الدين أمران : معرفة الله ومعرفة الرسول ﷺ وما عدا ذلك فالناس معذورون بجهلهم الى أن تقوم عليهم الحجة وان أداه اجتهاده الى استحلال حرام أو تحريم حلال فهو معذور ، وعظم جريمة الكذب على الزنا وشرب الخمر ، ودخل مع نافع بن الأزرق فى مناقشات طويلة حول هذه المبادىء ( الجزء الثانى من الكامل للمبرد ، والجزء الأول من أبى الحديد ) .

زمن أشهر فرقهم " الاباضية " نسبة الى عبد الله بن اباض التميمى " ، ولا يزال أتباعه فى المغرب وغيره الى اليوم ، ولم يغالوا مثب الأزارقة على مخالفيهم ، بل قالوا يحل التزوج منهم ، ويتوارث الخارجى وغيره ، لايحل قتال غير الخوارج وسبيهم فى السر غيلة ، ولا يجوز قتالهم الا بعد الدعوة واقامة الحجة واعلان القتال ، وظهر " عبد الله بن اباض " فى النصف الثانى من القرن الأول من الهجرة ، وعاش أتباعه مسالمين للخليفة .

- " الصفرية  " من فرقهم ، أتباع " زياد بن الأصفر " ، ولا يختلفون كثيرا عن الأزارقة ، وتلك هى أشهر فرق الخوارج .

صفات الخوارج

من صفات الخوارج البارزة 1- ) الشدة فى الدين 2- ) الاخلاص للعقيدة 3-) والشجاعة النادرة 4- ) يضاف اليها العربية الخالصة .

ومن ناحية التشدد فى العبادة يصفهم الشهرستانى بأنهم أهل صوم وصلاة ، وقد غالوا حتى عدوا مرتكب الكبيرة وأحيانا الصغيرة كافر ، وخرجوا على أئمتهم للهفوة الصغيرة يرتكبونها ، وتشدد كثير منهم فى النظر الى غيرهم من المسلمين ، فعدوهم كفارا ، بل كانوا يعاملونهم أشد من معاملة الكفار ، واشتدوا فى معاملة مخالفيهم من المسلمين ، حتى كان كثير منهم لا يرحم المرأة ولا الطفل ولا الشيخ ، ولم يرضوا من مخالفيهم الا الاقرار بكفر سيدنا على رضى الله عنه فى التحكيم وسيدنا عثمان رضى الله عنه فيما أحدث ، وطلبوا من عبد الله بن الزبير أن يتبرأ من أبيه ، ولم يكتفوا من سيدنا عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه بعدله وجمال سيرته بل طلبوا منه أن تيبرأ مما تبرأوا منه وأن يلعن أسلافه من بنى أمية .

وقد كان لهم شجاعة نادرة فقد اشتركت نساء الخوارج فى القتال مع رجالهم ، وهناك حكايات كثيرة عن تمسكهم بعقيدتهم والموت فى سبيلها .

 

No comments:

209-] English Literature

209-] English Literature Charles Dickens  Posted By lifeisart in Dickens, Charles || 23 Replies What do you think about Dickens realism? ...