Grammar American & British

Monday, January 30, 2023

7- ) شحصيات من القرآن الكريم - أيوب عليه السلام

7- ) شخصيات من القرآن الكريم 

أيوب

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

أيوب

الولادة  القرن 16 قبل الميلاد

الوفاة   القرن 15 قبل الميلاد

سهل حوران

في الإسلام، المسيحية، اليهودية، الدرزية.

النسب  أيوب بن موص بن رعويل بن العيص بن اسحاق بن ابراهيم.

أَيُّوْب (بالإنجليزية: Job) (بالعبرية: אִיּוֹב) (باليونانية:Ιώβ) (بالقبطية: Iwb). هو الشخصية الرئيسية في سفر أيوب في الكتاب العبري ويعتبره الكتاب العبري نبياً، وقد ورد ذكره في القرآن. وهو أيضا دائمًا ما يضرب به العرب المثل في الصبر فيقولون: «يا صبر أيوب». يُعتبر أيوب أحد أنبياء الأديان الإبراهيمية: اليهودية، والمسيحية والإسلام.

أيوب في الإسلام

أيوب في الإسلام هو نبي ويتم احترامه من قبل المسلمين عند ذكر اسمه مفترض قول «عليه السلام» كما أن تم ذكر نبوته في القرآن عند قول الله تعالي:﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا﴾ [النساء:163]

قصته

يؤمن المسلمون بأنّ أيوب كانَ يمتلك أموالاً كثيرة حيثُ كانَ يمتلك العديد منَ المواشي والأنعام والعبيد والأراضي الواسعة، فقدْ كانت أرض الثنية من أرض حُوران في بِلاد الشّام مِلكاً له، كما كانَ لديه أيضَاً الكَثير منَ الأقارب والأبناء وورَد عن الحسن البَصْريِّ وعن وهب بِن منبِّه، أنَّه كانَ جَوادًا سَخيًّا عابدًا لله تَعالى مؤدِّيًا واجباته قائماً بحقوق الناس، حتَّى بلَغ من رضا الله تعالى عنه أنَّ الملائكةَ كانت تصلَّي عليهِ في السّماواتِ، وقد سمعَ إبليس صلوات الملائكة، وكانَ هو وجنوده يقعدون مقاعدَ يستمعون فيها إلى كلام الملأِ الأعلى، وأنَّه طَعَن أمامَ الله تعالى في صِدقِ إِيمان أيوب.وزَعَم إبليس أنَّ أيوب يعبدُ الله تعالى بسبب ما أنعَم به عليهِ منْ مالٍ وخدم وأولاد وصحةٍ تامَّة، وأنَّه إذا سُلِّطَ عليهِ وأذهبَ عنهُ كلَ هذه النعم فسيترك كلَ خيرٍ كان يفعله لله ولن يشكرَ الله أبداً، وقد أَذِنَ الله تعالى باختبارِ أيوب فجَعَلَ للشيطانِ سلطانًا في أذيتهِ عليه السلام في كلِّ ما يزول من متاع الدنيا، دونَ أن يكونَ له سلطانٌ على روحه وقلبه وضميره، ويؤيد هذا قول أيوب في القرآن، كما قال الله تعالى عنه: )أنِّي مسَّني الشيطان بنُصبٍ وعذاب(

أعلنَ الشيطان حربه على ممتلكات أيوب أوَّلًا، فسلَّطَ جنودَه وأتباعه ليحرقوا كلَّ ما يملك، وكان يأتيه كلَّ مرَّةٍ بخبر شيءٍ من ممتلكاته من مواشي، ويقول له: ما أغنت عنك عبادتك شيئًا؛ هلك كلُّ ما تملك من (كذا)، فيجيبه أيوب: (إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، لله ما أعطَى، ولله ما أخذ، لا ينبغي أن نفرح حين يعطينا الله من فضله عاريةً، ثمَّ نجزع إن استردَّ منَّا عاريتَه(

وعندما رأى صبرَه وثباته، جاءَ إلى بيتٍ مجتمع فيه كلُّ أولادِه، فجعل زلزال عليهم حتَّى انهار فوقَهم فقتلَهم جميعاً، فجاءَه بخبرهم، فأجابه بجوابِه الأوَّل، وسلَّم ورضيَ بحُكمِ الله تعالى، فلمَّا رأى ثباتَه؛ تسلَّط على جسدِه، فنَفَخ على جسدِه نفخةً وأَلقى في جَوفِه شيئًا، فأصابه بعلَّةٍ جعَلته يضعف ويهزل وتخورُ قواه، وبقيَ أيوب صابراً على ما أصابهُ من بلاءٍ، يحمدُ الله تعالى سرًّا وعلانية، مواظبًا على تأدية واجبات الطاعةِ والعبادة لمدَّة 18 عاماً، حتى أحسَ بأنّ الناس الصالحين قد أساؤوا الظنَّ بالله تعالى بسبب ما يرونَه من كثرة الابتلاءات وطولها على أيوب؛ هنالك دعا ربَّه أن يزيل عنه الضرَّ وتسلُّطَ الشيطان،(وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ). وأذهب الله عنه البلاء وشفاه وأرجع له عافيته وصحته ورزقه بدل أولاده وقد زاد ماله.

حديث صحيح

إنَّ أيوب نبي الله لبث به بلاؤه خمسة عشر سنة، فرفضه القريب والبعيد، إلا رجلين من إخوانه، كانا من أخصِّ إخوانه، قد كانا يغدوان إليه، ويروحان.

فقال أحدهما لصاحبه ذات يوم: نعلم والله، لقد أذنبَ أيوب ذنباً ما أذنبه أحد من العالمين.

فقال له صاحبه: وما ذاك؟

قال: منذ ثمانية عشر سنة لم يرحمهُ الله، فكشف عنه ما به.

فلما ذهبا إلى أيوب، لم يصبر الرجل حتى ذكر له ذلك.

فقال له أيوب: لا أدري ما تقول، غير أنَّ الله يعلم أني كنت أمرُّ بالرجلين يتنازعان يذكران الله، فأرجع إلى بيتي، فأكفر عنهما، كراهية أن يذكر الله إلا في حق.

وكان يخرج لحاجتهِ، فإذا قضى حاجته أمسكت امرأته بيدهِ حتى يبلغ.

فلما كان ذات يوم أبطأ عليها، فأوحى الله إلى أيوب في مكانهِ: أن اركض برجلك، هذا مغتسل بارد وشراب.

فاستبطأته، فتلقته، وأقبل عليها، وقد أذهب الله ما به من البلاء، وهو أحسن مما كان.

فلما رأته، قالت: أي بارك الله فيك، هل رأيت نبي الله هذا المبتلى؟ والله على ذلك ما رأيت رجلا أشبه به منك إذ كان صحيحاً!

قال: فإني أنا هو.

وكان له أندران: أندر للقمح، وأندر للشعير.

فبعث الله سحابتين، فلما كانت إحداهما على أندر القمح أفرغت فيه الذهب حتى فاض، وأفرغت الأخرى في أندر الشعير الورق حتى فاض

عدم اتفاق المسلمين مع قصة الكتاب المقدس

كما أن هناك بعض المسلمين يقولون أنّ الجميع كانَ ينفر منه بسبب خروج الديدان من جسدهِ وتمزق جلده لكن ما يؤمن بهِ المسلمون هو أنّ الأنبياء معصومين من أي مرض يجعل الناس تنفر منهم سواء كانت هذهِ الأمراض جسدية أو نفسية لذلك تعتبر هذهِ الأقاويل غير صحيحة بالنسبة للمعتقد الإسلامي  .

أيوب في المسيحية

يسمي أيوب البار وأيوب الصديق وهو قديس في المسيحية.سفر أيوب يقع من ضمن تقسيم «الأسفار الشعرية» في الكتاب المقدس، وليس الأسفار النبوية، وذلك بسبب أسلوب كتابته الشِعري، وليس من وجهة نظر مُحتواه..  فهو تقسيم عام، وليس تقسيم يُحدِّد طبيعة السفر ومُجمَل محتواه..  فهناك نبوات في في الأسفار التاريخية والشعرية وغيره..

توجد الكثير من النبوات الموجودة في سفر أيوب، سواء التي ذُكِرَت على لسانه، أم من خلال كلمات أصحابه الأربعة. ولكن ها هي ثلاثة نبوات صريحة على سبيل المثال عن السيد المسيح، وَردَت على لسان أيوب «فَغَرُوا عَلَيَّ أَفْوَاهَهُمْ. لَطَمُونِي عَلَى فَكِّي تَعْيِيرًا. تَعَأوَنُوا عَلَيَّ جَمِيعًا. دَفَعَنِيَ اللهُ إِلَى الظَّالِمِ، وَفِي أَيْدِي الأَشْرَارِ طَرَحَنِي» (سفر أيوب 16: 10,11). «أَوْقَفَنِي مَثَلًا لِلشُّعُوبِ، وَصِرْتُ لِلْبَصْقِ فِي الْوَجْهِ» (سفر أيوب 17: 6) «أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ وَلِيِّي حَيٌّ، وَالآخِرَ عَلَى الأَرْضِ يَقُومُ وَبَعْدَ أَنْ يُفْنَى جِلْدِي هذَا، وَبِدُونِ جَسَدِي أَرَى اللهَ» (سفر أيوب 19: 25، 26) .

قصته

يؤمن المسيحيون أن أيوب البار كان رجلاً صالح وكامل "كَانَ رَجُلٌ فِي أَرْضِ عَوْصَ اسْمُهُ أَيُّوبُ. وَكَانَ هذَا الرَّجُلُ كَامِلًا وَمُسْتَقِيمًا، يَتَّقِي اللهَ وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ" (سفر أيوب1:1) كان له سبع أولاد وثلاث بنات وكان له ماشية عددها 7 الآف من الغنم و3 الآف جمل و500 فدان بقر والكثير من الخدم "وَكَانَتْ مَوَاشِيهِ سَبْعَةَ آلاَفٍ مِنَ الْغَنَمِ، وَثَلاَثَةَ آلاَفِ جَمَل، وَخَمْسَ مِئَةِ فَدَّانِ بَقَرٍ، وَخَمْسَ مِئَةِ أَتَانٍ، وَخَدَمُهُ كَثِيرِينَ جِدًّا. فَكَانَ هذَا الرَّجُلُ أَعْظَمَ كُلِّ بَنِي الْمَشْرِقِ"(سفر أيوب 1: 3) وذات يوم قام الشيطان بتحدي الله لكي يجعل أيوب يجدف عليه "فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ الرَّبَّ وَقَالَ:«هَلْ مَجَّانًا يَتَّقِي أَيُّوبُ اللهَ؟ أَلَيْسَ أَنَّكَ سَيَّجْتَ حَوْلَهُ وَحَوْلَ بَيْتِهِ وَحَوْلَ كُلِّ مَا لَهُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ؟ بَارَكْتَ أَعْمَالَ يَدَيْهِ فَانْتَشَرَتْ مَوَاشِيهِ فِي الأَرْضِ.وَلكِنِ ابْسِطْ يَدَكَ الآنَ وَمَسَّ كُلَّ مَا لَهُ، فَإِنَّهُ فِي وَجْهِكَ يُجَدِّفُ عَلَيْكَ» (سفر أيوب 1 : 11,9) وذات يوم جاء رسول إلى أيوب واخبره ان السبئيون اخذوا البقر "وَكَانَ ذَاتَ يَوْمٍ وَأَبْنَاؤُهُ وَبَنَاتُهُ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ خَمْرًا فِي بَيْتِ أَخِيهِمِ الأَكْبَرِ، أَنَّ رَسُولًا جَاءَ إِلَى أَيُّوبَ وَقَالَ: «الْبَقَرُ كَانَتْ تَحْرُثُ، وَالأُتُنُ تَرْعَى بِجَانِبِهَا، فَسَقَطَ عَلَيْهَا السَّبَئِيُّونَ وَأَخَذُوهَا، وَضَرَبُوا الْغِلْمَانَ بِحَدِّ السَّيْفِ، وَنَجَوْتُ أَنَا وَحْدِي لأُخْبِرَكَ»"(سفر أيوب1: 15,13)

(وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذْ جَاءَ آخَرُ وَقَالَ: «نَارُ اللهِ سَقَطَتْ مِنَ السَّمَاءِ فَأَحْرَقَتِ الْغَنَمَ وَالْغِلْمَانَ وَأَكَلَتْهُمْ، وَنَجَوْتُ أَنَا وَحْدِي لأُخْبِرَكَ». وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذْ جَاءَ آخَرُ وَقَالَ: «الْكَلْدَانِيُّونَ عَيَّنُوا ثَلاَثَ فِرَق، فَهَجَمُوا عَلَى الْجِمَالِ وَأَخَذُوهَا، وَضَرَبُوا الْغِلْمَانَ بِحَدِّ السَّيْفِ، وَنَجَوْتُ أَنَا وَحْدِي لأُخْبِرَكَ».وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذْ جَاءَ آخَرُ وَقَالَ: «بَنُوكَ وَبَنَاتُكَ كَانُوا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ خَمْرًا فِي بَيْتِ أَخِيهِمِ الأَكْبَرِ، وَإِذَا رِيحٌ شَدِيدَةٌ جَاءَتْ مِنْ عَبْرِ الْقَفْرِ وَصَدَمَتْ زَوَايَا الْبَيْتِ الأَرْبَعَ، فَسَقَطَ عَلَى الْغِلْمَانِ فَمَاتُوا، وَنَجَوْتُ أَنَا وَحْدِي لأُخْبِرَكَ».فَقَامَ أَيُّوبُ وَمَزَّقَ جُبَّتَهُ، وَجَزَّ شَعْرَ رَأْسِهِ، وَخَرَّ عَلَى الأَرْضِ وَسَجَدَ، وَقَالَ: «عُرْيَانًا خَرَجْتُ مِنْ بَطْنِ أُمِّي، وَعُرْيَانًا أَعُودُ إِلَى هُنَاكَ. الرَّبُّ أَعْطَى وَالرَّبُّ أَخَذَ، فَلْيَكُنِ اسْمُ الرَّبِّ مُبَارَكًا». فِي كُلِّ هذَا لَمْ يُخْطِئْ أَيُّوبُ وَلَمْ يَنْسِبْ للهِ جِهَالَةً»(سفر أي 1: 16، 22).ورغم كل ما أصاب أيوب كان في لحظةٍ واحدة إلا أنّه مازال مؤمن وصالح وظل الشيطان يحاول أنْ يجعل أيوب يخطئ حتى بالقول لكنه لم يفعلْ وعندما علمَ أصحابه-أليفاز التيماني وبلدد الشوحي وصوفر النعماتي-بمرضه جاءوا ليعزوه لكن عندما قابلوه لم يعرفوه وقاموا بالصراخ والبكاء «وَرَفَعُوا أَعْيُنَهُمْ مِنْ بَعِيدٍ وَلَمْ يَعْرِفُوهُ، فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ وَبَكَوْا، وَمَزَّقَ كُلُّ وَاحِدٍ جُبَّتَهُ، وَذَرَّوْا تُرَابًا فَوْقَ رُؤُوسِهِمْ نَحْوَ السَّمَاءِ، وَقَعَدُوا مَعَهُ عَلَى الأَرْضِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَسَبْعَ لَيَال، وَلَمْ يُكَلِّمْهُ أَحَدٌ بِكَلِمَةٍ، لأَنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّ كَآبَتَهُ كَانَتْ عَظِيمَةً جِدًّا.»(سفر أي 2 :11، 13) حتى زوجته يئست من شفائه وعودة صحته كما كانت «فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: «أَنْتَ مُتَمَسِّكٌ بَعْدُ بِكَمَالِكَ؟ بَارِكِ اللهِ وَمُتْ!». فَقَالَ لَهَا: «تَتَكَلَّمِينَ كَلاَمًا كَإِحْدَى الْجَاهِلاَتِ! أَالْخَيْرَ نَقْبَلُ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَالشَّرَّ لاَ نَقْبَلُ؟»» (سفر أي 2 :9، 10) وظلت آلاعيب الشيطان ومكره طويلاً كذلك طال صبر أيوب حتى شفاه الله وبارك له في كل شيء وعوضه عمّن فقدهم من البنات والبنين.

نسب أيوب

هو أيوب بن موص بن رازخ بن روم بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم الخليل. وقال غيره: هو أيوب بن موص بن رغويل بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم، وقيل غير ذلك في نسبه. وقيل: كان أبوه ممن آمن بإبراهيم عليه السلام يوم ألقي في النار فلم تحرقه والمشهور الأول لأنه من ذرية إبراهيم كما قررنا عند قوله تعالى( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ.)84  

يؤمن المسلمون بأنه نبي ورسول بعثه الله للأدوميين، وبحسب ما ترويه الإسرائيليات ، وبعض الناسبون العرب أن اسمه : أيوب (يوباب) بن زراح بن رعوئيل بن روم بن عيسو بن إسحاق بن إبراهيم، وهو أحد ملوك أدوم.

مرض أيوب عليه السلام

1. لا نعرف عن مرض أيوب عليه السلام إلا ما أخبرنا القرآن عنه، وفي السنة النبوية ما يدل على براءة أيوب عليه السلام من أي ذنب يمكن أن يكون سبب المرض الذي أصابه. 2. مرض نبي الله أيوب كان بلاء في جسده وذهابا لماله، ولا حاجة بنا إلى أكثر من ذلك، بل علينا أن نتفرغ للعبر والآيات من قصته عليه السلام، وأعظمها الصبر على أقدار الله، وكثرة الطاعة والذكر، وسؤال الله تفريج الكروب، وكشف الهموم

بشرية الأنبياء

بشرية الأنبياء وجواز المرض والجوع والحدث عليهم مما وقع عليه إجماع المسلمين، وهو نص القرآن المجيد، قال تعالى:  مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ  المائدة/ 75، وقال تعالى:  قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ   إبراهيم/ 11، وقال تعالى:  قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ   فصلت/6.

قال ابن تيمية: "والأنبياء يجوز عليهم المرض والجوع والنسيان ونحو ذلك؛ بالإجماع." انتهى من"الرد على البكري" (1/ 306)

"فالأنبياء إنما هم بشر كسائر البشر يحصل لهم ما يحصل للبشر فيمرضون ويجوعون وينسون ونحو ذلك، قال تعالى:  قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ  إبراهيم/11، وقال تعالى عن أيوب عليه السلام:  وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ  ص/14 ،  وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ   الأنبياء/83.

وأخبر الله عز وجل أن للأنبياء أزواجاً وذرية كما قال تعالى:  وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً الرعد/38 بل إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق، كما قال تعالى:  وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ المُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ  الفرقان/20 ، وأخبر الله عز وجل عن آدم عليه السلام أنه نسي، فقال تعالى:  وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًاطه/ 115 ، وقال تعالى عن موسى عليه السلام وغلامه  فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا   الكهف/ 61 ، فكل هذه الصفات تبين بشرية الأنبياء، وأنهم يجوز عليهم ما يجوز على سائر البشر، وإنما يوحى إليهم كما قال تعالى على لسان نبيه:  قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ  الكهف/ 110  ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:  إنما أنا بشر مثلكم أذكر كما تذكرون وأنسى كما تنسون  رواه مسلم (572) "، انتهى من"الموسوعة العقدية" (4/ 39).

ثانيًا:

ما هو مرض نبي الله أيوب عليه السلام؟

لا نعرف عن مرض نبي الله أيوب عليه السلام إلا ما أخبرنا القرآن عنه، كما قال سبحانه:   وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ * وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ  ص/ 41 - 44.

وقد سبق أن ظاهر القرآن الكريم يدل على أن ابتلاء الله عز وجل نبيه أيوب عليه السلام لم يكن على وجه العقوبة على ذنب أو مخالفة، وإنما كان لحكمة يعلمها سبحانه وتعالى، لعل منها أن يرفعه بصبره الدرجات العلى، وينال به المقام السامي إلى يوم الدين.

فقد أثنى سبحانه وتعالى على صبره في قوله تعالى:  إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ  ص/44 ، وهو سياق ثناء ومدح ورفع مقام، يختلف عن سياق العتاب الوارد في قصة يونس عليه السلام، في قوله تعالى:  فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ. فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ. لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ   الصافات/142-145.

وفي السنة النبوية ما يدل على براءة أيوب عليه السلام من أي ذنب يمكن أن يكون سبب المرض الذي أصابه.

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  إِنَّ أَيُّوبَ نَبِيَّ اللَّهِ كَانَ فِي بَلَائِهِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَرَفَضَهُ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ، إِلَّا رَجُلَانِ مِنْ إِخْوَانِهِ كَانَا مِنْ أَخَصَّ إِخْوَانِهِ، كَانَا يَغْدُوَانِ إِلَيْهِ وَيَرُوحَانِ إِلَيْهِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أَتَعْلَمُ، وَاللَّهِ لَقَدْ أَذْنَبَ أَيُّوبُ ذَنْبًا مَا أَذْنَبَهُ أَحَدٌ، قَالَ صَاحِبُهُ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: مُنْذُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً لَمْ يَرْحَمْهُ اللَّهُ فَيَكْشِفُ عَنْهُ.

 فَلَمَّا رَاحا إِلَيْهِ لَمْ يَصْبِرِ الرَّجُلُ حَتَّى ذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ أَيُّوبُ: لَا أَدْرِي مَا يَقُولُ، غَيْرَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ أَنِّي كنْتُ أَمُرُّ عَلَى الرَّجُلَيْنِ يَتَنَازَعَانِ ، فَيَذْكُرَانِ اللَّهَ، فَأَرْجِعُ إِلَى بَيْتِي فَأُكَفِّرُ عَنْهُمَا كَرَاهِيَةَ أَنْ يُذْكَرَ اللَّهُ إِلَّا فِي حَقٍّ -

إلى آخر الحديث.

رواه أبو يعلى في " المسند " (6/299)، وابن حبان في " صحيحه " (7/159)، والحاكم في " المستدرك " (2/635) وصححه ابن حبان، وقال الحاكم: " على شرط الشيخين ولم يخرجاه "، ونص عليه الذهبي أيضا في " التلخيص "، ووصفه ابن حجر في " فتح الباري " (6/421) بأنه أصح ما في الباب، وصححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " (رقم/17)، وأعله بعض العلماء، انظر: " أحاديث معلة ظاهرها الصحة " (ص/54)، وانظر " البداية والنهاية " (1/254-259)

فالحاصل:

أنه بلاء في جسده، ومرض، وذهاب لماله، ولا حاجة بنا إلى أكثر من ذلك، بل علينا أن نتفرغ للعبر والآيات من قصته عليه السلام، وأعظمها: الصبر على أقدار الله، وكثرة الطاعة والذكر، وسؤال الله تفريج الكروب، وكشف الهموم.

وقد لخص الإمام "ابن كثير" في "تفسيره" (7/ 74 - 75) قصة أيوب عليه السلام فقال: "يذكر تعالى عبده ورسوله أيوب عليه السلام وما كان ابتلاه تعالى به من الضر في جسده وماله وولده حتى لم يبق من جسده مغرز إبرة سليما سوى قلبه ولم يبق له من حال الدنيا شيء يستعين به على مرضه وما هو فيه غير أن زوجته حفظت وده لإيمانها بالله ورسوله فكانت تخدم الناس بالأجرة وتطعمه وتخدمه نحوا من ثماني عشرة سنة.

وقد كان قبل ذلك في مال جزيل وأولاد وسعة طائلة من الدنيا فسلب جميع ذلك حتى آل به الحال إلى أن ألقي على مزبلة من مزابل البلدة هذه المدة بكمالها ورفضه القريب والبعيد سوى زوجته رضي الله عنها فإنها كانت لا تفارقه صباحا و لا مساء إلا بسبب خدمة الناس ثم تعود إليه قريبا.

فلما طال المطال واشتد الحال وانتهى القدر المقدور وتم الأجل المقدر تضرع إلى رب العالمين وإله المرسلين فقال: أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين [الأنبياء: 83] وفي هذه الآية الكريمة قال: رب إني مسني الشيطان بنصب وعذاب، قيل: بنصب في بدني وعذاب في مالي وولدي.

فعند ذلك استجاب له أرحم الراحمين وأمره أن يقوم من مقامه وأن يركض الأرض برجله.

ففعل فأنبع الله عينا وأمره أن يغتسل منها فأذهب جميع ما كان في بدنه من الأذى ثم أمره فضرب الأرض في مكان آخر فأنبع له عينا أخرى وأمره أن يشرب منها فأذهبت ما كان في باطنه من السوء وتكاملت العافية ظاهرا وباطنا ولهذا قال تعالى: اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب.  وقال تعالى: ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولي الألباب قال الحسن وقتادة: أحياهم الله تعالى له بأعيانهم وزادهم مثلهم معهم.

وقوله: رحمة منا أي: به على صبره وثباته وإنابته وتواضعه واستكانته وذكرى لأولي الألباب أي: لذوي العقول ليعلموا أن عاقبة الصبر الفرج والمخرج والراحة.

وقوله: وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث وذلك أن أيوب عليه السلام كان قد غضب على زوجته ووجد عليها في أمر فعلته. قيل: إنها باعت ضفيرتها بخبز فأطعمته إياه فلامها على ذلك وحلف إن شفاه الله ليضربنها مائة جلدة.

وقيل: لغير ذلك من الأسباب.

فلما شفاه الله وعافاه ما كان جزاؤها مع هذه الخدمة التامة والرحمة والشفقة والإحسان أن تقابل بالضرب فأفتاه الله عز وجل أن يأخذ ضغثا - وهو: الشمراخ - فيه مائة قضيب فيضربها به ضربة واحدة وقد برت يمينه وخرج من حنثه ووفى بنذره وهذا من الفرج والمخرج لمن اتقى الله وأناب إليه ولهذا قال تعالى: إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب أثنى الله تعالى عليه ومدحه بأنه نعم العبد إنه أواب أي: رجاع منيب ولهذا قال تعالى: ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب [الطلاق: 2، 3] "، انتهى، بتصرف.

وانظر للفائدة: بحثا مطولا حول قصة أيوب عليه السلام، وما يتعلق بها من الروايات والأخبار، وما ثبت من ذلك وما لم يثبت.

الكامل في التاريخ

عز الدين ابن الأثير - أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم

1جزءالتالي صفحة  [ ص: 115 ] قصة أيوب ، عليه السلام

وهو رجل من الروم من ولد عيص ، وهو أيوب بن موص بن رازج بن عيص بن إسحاق بن إبراهيم ، وقيل : موص بن روعيل بن عيص . وكانت زوجته التي أمر أن يضربها بالضغث ليا ابنة يعقوب بن إسحاق ، وقيل : هي رحمة ابنة أفراهيم بن يوسف ، وكانت أمه من ولد لوط ، وكان دينه التوحيد والإصلاح بين الناس ، وإذا أراد حاجة سجد ثم طلبها .

وكان من حديثه وسبب بلائه أن إبليس سمع تجاوب الملائكة بالصلاة على أيوب حين ذكره الله فحسده ، وسأل الله أن يسلطه عليه ليفتنه عن دينه ، فسلطه على ماله حسب ، فجمع إبليس عظماء أصحابه من العفاريت ، وكان لأيوب البثنية جميعها من [ ص: 116 ] أعمال دمشق بما فيها ، وكان له فيها ألف شاة برعاتها وخمسمائة فدان يتبعها خمسمائة عبد لكل عبد امرأة وولد ومال ، ويحمل آلة الفدان أتان ، ولكل أتان ولد ، واثنان وما فوق ذلك ، فلما جمعهم إبليس قال : ما عندكم من القوة والمعرفة ، فإني قد تسلطت على مال أيوب . فقال كل منهم قولا ، فأرسلهم ، فأهلكوا ماله كله ، وأيوب يحمد الله ولا يرجع عن الجد في عبادته ، والشكر له على ما أعطاه ، والصبر على ما ابتلاه .

فلما رأى ذلك إبليس من أمره سأل الله أن يسلطه على ولده ، فسلطه عليهم ولم يجعل له سلطانا على جسده ولا عقله وقلبه ، فأهلك ولده كلهم ، ثم جاء إليه متمثلا بمعلمهم الذي كان يعلمهم الحكمة جريحا مشدوخا يرققه حتى رق أيوب فبكى وقبض قبضة من التراب فوضعها على رأسه فسر بذلك إبليس .

ثم إن أيوب ندم لذلك وجد واستغفر ، فصعد حفظته من الملائكة بتوبته إلى الله قبل إبليس ، فلما لم يرجع أيوب عن عبادة ربه والصبر على ما ابتلاه به سأل الله تعالى أن يسلطه على جسده ، فسلطه على جسده ، فسلطه عليه خلا لسانه وقلبه وعقله فإنه لم يجعل له على ذلك سلطانا . فجاءه وهو ساجد فنفخ في منخره نفخة اشتعل منها جسده وصار أمره إلى أن انتثر لحمه وامتلأ جسده دودا ، فإن كانت الدودة لتسقط من جسده فيردها إليه ويقول : كلي من رزق الله ، وأصابه الجذام ، وكان أشد من ذلك عليه أنه كان يخرج في جسده مثل ثدي المرأة ثم يتفقأ ، وأنتن حتى لم يطق أحد يشم ريحه ، فأخرجه أهل القرية منها إلى الكناسة خارج القرية لا يقربه أحد إلا زوجته ، وكانت تختلف إليه بما يصلحه ، فبقي مطروحا على الكناسة سبع سنين ما يسأل الله أن يكشف ما به ، وما على وجه الأرض أكرم على الله منه .

وقيل : كان سبب بلائه أن أرض الشام أجدبت فأرسل فرعون إلى أيوب أن هلم إلينا فإن لك عندنا سعة ، فأقبل بأهله وخيله وماشيته ، فأقطعهم فرعون القطائع . ثم إن شعيبا النبي دخل إلى فرعون فقال : يا فرعون ، أما تخاف أن يغضب الله غضبة [ ص: 117 ] فيغضب لغضبه أهل السماء ، وأهل الأرض والبحار ، والجبال ؟ وأيوب ساكت لا يتكلم ، فلما خرجا أوحى الله إلى أيوب : يا أيوب ، سكت عن فرعون لذهابك إلى أرضه ، استعد للبلاء . فقال أيوب : أما كنت أكفل اليتيم وأؤوي الغريب ، وأشبع الجائع ، وأكفي الأرملة ؟ فمرت سحابة يسمع فيها عشرة آلاف من الصواعق يقولون : من فعل بك ذلك يا أيوب ؟ فأخذ ترابا فوضعه على رأسه وقال : أنت يا رب ، فأوحى الله إليه : استعد للبلاء . قال : فديني ؟ قال : أسلمه لك . قال : فما أبالي .

وقيل : كان السبب غير ذلك ، وهو نحو مما ذكرنا .

فلما ابتلاه الله واشتد عليه البلاء قالت له امرأته : إنك رجل مجاب الدعوة فادع الله أن يشفيك . فقال : كنا في النعماء سبعين سنة فلنصبر في البلاء سبعين سنة ، والله لئن شفاني الله لأجلدنك مائة جلدة .

وقيل : إنما أقسم ليجلدنها لأن إبليس ظهر لها وقال : بم أصابكم ما أصابكم ؟ قالت : بقدر الله . قال : وهذا أيضا بقدر الله فاتبعيني ، فاتبعته ، فأراها جميع ما ذهب منهم في واد ، وقال : اسجدي لي وأرده عليكم . فقالت : إن لي زوجا أستأمره . فلما أخبرت أيوب قال : ألم تعلمي أن ذلك الشيطان ؟ لئن شفيت لأجلدنك مائة جلدة ، وأبعدها ، وقال لها : طعامك وشرابك علي حرام لا أذوق مما تأتيني به شيئا فابعدي عني فلا أراك . فذهبت عنه ، فلما رأى أيوب أن امرأته قد طردها وليس عنده طعام ، ولا شراب ، ولا صديق خر ساجدا ، وقال : رب أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين كرر ذلك . فقيل له : ارفع رأسك فقد استجيب لك ، اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب ، ورد الله إليه جسده وصورته .

[ ص: 118 ] وأما امرأته فقالت : كيف أتركه ، وليس عنده أحد ، يموت جوعا وتأكله السباع ؟ فرجعت إليه فرأت أيوب وقد عوفي ، فلم تعرفه ، فعجبت حيث لم تره على حاله ، فقالت له : يا عبد الله ، هل رأيت ذلك الرجل المبتلى الذي كان ههنا ؟ قال : وهل تعرفينه إذا رأيته ؟ قالت : نعم . قال : هو أنا . فعرفته .

وقيل : إنما قال : مسني الضر لما وصل الدود إلى لسانه وقلبه خاف أن يبطل عن ذكر الله تعالى والفكر . ورد الله إليه أهله ومثلهم معهم ، قيل هم بأعيانهم ، وقيل : رد الله إليه امرأته ورد إليها شبابها فولدت له ستة وعشرين ذكرا وأنزل الله إليه ملكا فقال : يا أيوب ، إن الله يقرئك السلام لصبرك على البلاء . اخرج إلى أندرك . فخرج إليه ، فبعث الله سحابة فألقت عليه جرادا من ذهب ، وكانت الجرادة تذهب فيتبعها حتى يردها في أندره ، فقال الملك : أما تشبع من الداخل حتى تتبع الخارج ؟ فقال : إن هذه البركة من بركات ربي لست أشبع منها .

وعاش أيوب بعد أن رفع عنه البلاء سبعين سنة ، ولما عوفي أمره الله أن يأخذ عرجونا من النخل فيه مائة شمراخ فيضرب به زوجته ليبر من يمينه ، ففعل ذلك .

وقول أيوب : رب إني مسني الضر ، دعاء ليس بشكوى ، ودليله قوله تعالى : فاستجبنا له .

وكان من دعاء أيوب : أعوذ بالله من جار عينه تراني إن رأى حسنة سترها وإن رأى سيئة ذكرها . وقيل : كان سبب دعائه أنه كان قد اتبعه ثلاثة نفر على دينه اسم أحدهم بلدد [ ص: 119 ] والآخر اليفر ، والثالث صافر ، فانطلقوا إليه وهو في البلاء فبكتوه أشد تبكيت ، وقالوا له : لقد أذنبت ذنبا ما أذنبه أحد ، فلهذا لم يكشف العذاب عنك . وطال الجدال بينهم وبينه ، فقال فتى كان معهم لهم كلاما يرد عليهم ، فقال : قد تركتم من القول أحسنه ، ومن الرأي أصوبه ، ومن الأمر أجمله ، وقد كان لأيوب عليكم من الحق والذمام أفضل من الذي وصفتم ، فهل تدرون حق من انتقصتم وحرمة من انتهكتم ، ومن الرجل الذي عبتم ؟ ألم تعلموا أن أيوب نبي الله وخيرته من خلقه يومكم هذا ؟ ثم لم تعلموا ولم يعلمكم الله أنه سخط شيئا من أمره ولا أنه نزع شيئا من الكرامة التي كرم الله بها عباده ولا أن أيوب فعل غير الحق في طول ما صحبتموه ، فإن كان البلاء هو الذي أزرى به عندكم ووضعه في نفوسكم ، فقد علمتم أن الله يبتلي النبيين ، والصديقين ، والشهداء ، والصالحين وليس بلاؤه لأولئك دليلا على سخطه عليهم ولا على هوانهم عليه ولكنها كرامة وخيرة لهم . وأطال في هذا النحو من الكلام .

ثم قال لهم : وقد كان في عظمة الله وجلاله وذكر الموت ما يكل ألسنتكم ويكسر قلوبكم ويقطع حجتكم ، ألم تعلموا أن لله عبادا أسكتتهم خشيته عن الكلام من غير عي ولا بكم ؟ وإنهم لهم الفصحاء الألباء العالمون بالله وآياته ، ولكنهم إذا ذكروا عظمة الله انكسرت قلوبهم ، وانقطعت ألسنتهم ، وطاشت أحلامهم ، وعقولهم فزعا من الله وهيبة له ، فإذا أفاقوا استبقوا إلى الله بالأعمال الزاكية يعدون أنفسهم مع الظالمين وإنهم لأبرار ، ومع المقصرين وإنهم لأكياس أتقياء ، ولكنهم لا يستكثرون لله - عز وجل - الكثير ولا يرضون له القليل ولا يدلون عليه بالأعمال فهم أينما لقيتهم خائفون مهيمون وجلون .

فلما سمع أيوب كلامه قال : إن الله يزرع الحكمة بالرحمة في قلب الصغير ، والكبير ، فمتى كانت في القلب ظهرت على اللسان ولا تكون الحكمة من قبل السن ، والشيبة ، ولا طول التجربة ، وإذا جعل الله تعالى عبدا حكيما عند الصبا لم تسقط منزلته عند الحكام . ثم أقبل على الثلاثة ، فقال : رهبتم قبل أن تسترهبوا ، وبكيتم قبل أن [ ص: 120 ] تضربوا ، كيف بكم لو قلت لكم تصدقوا عني بأموالكم لعل الله أن يخلصني ، أو قربوا قربانا لعل الله أن يتقبل ويرضى عني ؟ وإنكم قد أعجبتكم أنفسكم فظننتم أنكم عوفيتم بإحسانكم فبغيتم وتعززتم ، لو صدقتم ونظرتم بينكم وبين ربكم لوجدتم لكم عيوبا سترها الله بالعافية ، وقد كنت فيما خلا والرجال يوقرونني وأنا مسموع كلامي ، معروف من حقي ، منتصف من خصمي ، فأصبحت اليوم وليس لي رأي ولا كلام معكم ، فأنتم أشد علي من مصيبتي .

ثم أعرض عنهم ، وأقبل على ربه مستغيثا به متضرعا إليه ، فقال : رب ، لأي شيء خلقتني ! ليتني إن كرهتني لم تخلقني ، يا ليتني كنت حيضة ملقاة ، ويا ليتني عرفت الذنب الذي أذنبت فصرفت وجهك الكريم عني ! لو كنت أمتني فالموت أجمل بي ! ألم أكن للغريب دارا ، وللمسكين قرارا ، ولليتيم وليا ، وللأرملة قيما ؟ إلهي أنا عبد ذليل إن أحسنت فالمن لك ، وإن أسأت فبيدك عقوبتي ! جعلتني للبلاء غرضا فقد وقع علي البلاء لو سلطته على جبل لضعف عن حمله فكيف يحمله ضعفي ! ذهب المال فصرت أسأل بكفي فيطعمني من كنت أعوله اللقمة الواحدة فيمنها علي ويعيرني ! هلك أولادي ، ولو بقي أحدهم أعانني . فقد ملتني أهلي وعقني أرحامي فتنكرت معارفي ، ورغب عني صديقي ، وجحدت حقوقي ، ونسيت صنائعي . أصرخ فلا يصرخونني ، وأعتذر فلا يعذرونني . دعوت غلامي فلم يجبني ، وتضرعت إلى أمتي فلم ترحمني ، وإن قضاءك هو الذي آذاني وأقمأني ، وإن سلطانك هو الذي أسقمني . فلو أن ربي نزع الهيبة التي في صدري وأطلق لساني حتى أتكلم ملء فمي ، ثم كان ينبغي للعبد أن يحاج مولاه عن نفسه - لرجوت أن تعافيني عند ذلك ، ولكنه ألقاني وعلا عني فهو يراني ولا أراه ، ويسمعني ولا أسمعه ، لا نظر إلي فرحمني ، ولا دنا مني فأتكلم ببراءتي وأخاصم عن نفسي .

فلما قال أيوب ذلك أظلتهم غمامة ونودي منها : يا أيوب إن الله يقول قد دنوت منك ولم أزل منك قريبا ، فقم فأدل بحجتك ، وتكلم ببراءتك ، وقم مقام جبار ، فإنه لا ينبغي أن يخاصمني إلا جبار . تجعل الزيار في فم الأسد ، واللجام في فم التنين ، [ ص: 121 ] وتكيل مكيالا من النور ، وتزن مثقالا من الريح ، وتصر صرة من الشمس ، وترد أمس . لقد منتك نفسك أمرا لا تبلغه بمثل قوتك . أردت أن تكابرني بضعفك أم تخاصمني بعيك أم تحاجني بخطلك ! أين أنت مني يوم خلقت الأرض ؟ هل علمت بأي مقدار قدرتها ؟ أين كنت معي يوم رفعت السماء سقفا في الهواء لا بعلائق ولا بدعائم تحملها ؟ هل تبلغ حكمتك أن تجري نورها ، أو تسير نجومها ، أو يختلف بأمرك ليلها ونهارها ؟ وذكر أشياء من مصنوعات الله .

فقال أيوب : قصرت عن هذا الأمر ! ليت الأرض انشقت لي فذهبت فيها ولم أتكلم بشيء يسخطك ! إلهي اجتمع علي البلاء ، وأنا أعلم أن كل الذي ذكرت صنع يديك ، وتدبير حكمتك لا يعجزك شيء ولا تخفى عليك خافية ، تعلم ما تخفي القلوب ، وقد علمت بلائي ما لم أكن أعلمه . كنت أسمع بسطوتك سمعا فأما الآن فهو نظر العين . وإنما تكلمت بما تكلمت به لتعذرني ، وسكت لترحمني ، وقد وضعت يدي على فمي ، وعضضت على لساني ، وألصقت بالتراب خدي فدسست فيه وجهي فلا أعود لشيء تكرهه . ودعا .

فقال الله : يا أيوب ، نفذ فيك حكمي ، وسبقت رحمتي غضبي ، قد غفرت لك ورددت عليك أهلك ، ومالك ، ومثلهم معهم لتكون لمن خلفك آية وعبرة لأهل البلاء وعزاء للصابرين ، فـ اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب فيه شفاء ، وقرب عن أصحابك قربانا واستغفر لهم فإنهم قد عصوني فيك . فركض برجله فانفجرت له عين ماء ، فاغتسل فيها ، فرفع الله عنه البلاء ، ثم خرج فجلس وأقبلت امرأته فسألته عنه فقال : هل تعرفينه ؟ قالت : نعم ، مالي لا أعرفه ! فتبسم ، فعرفته بضحكه ، فاعتنقته فلم تفارقه من عناقه حتى مر بهما كل مال لهما وولد .

وإنما ذكرته قبل يوسف وقصته لما ذكر بعضهم من أمره وأنه كان نبيا في عهد يعقوب .

[ ص: 122 ] وذكر أن عمر أيوب كان ثلاثا وتسعين سنة ، وأنه أوصى عند موته إلى ابنه حومل ، وأن الله بعث بعده ابنه بشر بن أيوب نبيا وسماه ذا الكفل ، وكان مقيما بالشام حتى مات ، وكان عمره خمسا وسبعين سنة ، فأوصى إلى ابنه عبدان ، وأن الله بعث بعده شعيب بن ضيعون بن عنقا بن ثابت بن مدين بن إبراهيم - عليه السلام 

وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين [ ص: 4905 ] وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين

من أخبار النبيين السابقين في هذه السورة كانت أخبار أولي العزم من الرسل؛ وجهادهم الشرك؛ وبيان لمجاهدتهم الكفر؛ وتعرضهم لأذى الشرك؛ وصبرهم؛ وكيف صبروا حتى أدوا رسالات ربهم؛ وذلك تسرية للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وتحريض له على تبليغ الرسالة؛ وبيان أنه - سبحانه - ناصره كما نصرهم؛ ولن يضيعه الله (تعالى) بخذلان أبدا.

وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصاب بشدائد؛ من شأنها أن تلقي بالرجل في غم وهم؛ كالذي أصابه يوم ذهب إلى الطائف بثقيف؛ فأغروا به صبيانهم وشبابهم؛ ولذا ساق الله (تعالى) أخبار من أصيبوا بضر أو بغم؛ وكيف أنقذهم الله (تعالى)؛ ورفع عنهم.

وقد ابتدأ - سبحانه - من أخبار هؤلاء بخبر أيوب - عليه السلام -؛ فقال (تعالى): وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين "أيوب "؛ منصوب على أنه مفعول لفعل محذوف تقديره: "اذكر "؛ والمخاطب النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ وتقديره: اذكر يا محمد؛ وتذكر أيوب؛ و "الضر "؛ هو ما يصيب الإنسان في جسمه أو نفسه وأحبائه؛ وقد أصيب أيوب - عليه السلام - في جسمه؛ فأصيب بمرض عضال؛ قيل: إنه الجذام؛ وقد ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره؛ فقد جاء فيه: ذكر (تعالى) عن أيوب عليه السلام ما كان أصابه من البلاء في ماله وولده وجسده؛ وذلك أنه كان له من الدواب والأنعام والحرث شيء كثير؛ وأولاد كثيرون؛ ومنازل مرضية؛ فابتلي في ذلك كله وذهب عن آخره؛ ثم ابتلي في جسده؛ يقال [ ص: 4906 ] بالجذام في كل بدنه؛ ولم يبق منه شيء سليم سوى قلبه؛ ولسانه؛ يذكر بهما الله (تعالى)؛ حتى عافه الجليس؛ وانفرد في ناحية في البلد؛ ولم يبق أحد من الناس يحنو عليه سوى زوجه؛ كانت تقوم بأمره؛ ويقال: إنها احتاجت فصارت تخدم الناس لأجله.

ومع هذا المرض الممض المنفر؛ ومع الانفراد؛ كان صابرا؛ كما قال الله (تعالى): إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب ؛ ولم يشك لأحد غير الله؛ والشكوى لله لا تنافي الصبر؛ وإنما الذي ينافيه الأنين والشكوى للناس؛ قال لربه: مسني الضر هذه الجملة الهادية؛ أي: أصاب نفسي وحسي؛ قال ذلك طالبا رفع الضرر؛ فقال: وأنت أرحم الراحمين لم يطلب من الله بصريح اللفظ؛ ولكنه ذكر حاله وكفى؛ وهو بها عليم؛ وإن ذكر الرحمة ينبئ عن الطلب؛ وهو أن يرحمه - سبحانه -؛ ولكن لم تتعين الرحمة كاشفة عن الضر؛ فقد يكون الضر من الرحمة؛ ففي حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يبتلى الرجل على قدر دينه؛ فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه " ؛ وصف الله (تعالى) بأنه أرحم الراحمين وأفعل التفضيل ليس على بابه؛ لأنه لا رحم يقارب رحمته؛ وإنما يفسر على أنه - سبحانه وتعالى - بلغ في رحمته أعلى درجاتها.

زهرة التفاسير » تفسير سور الأنبياء » تفسير قوله تعالى وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين

البداية والنهاية - الجزء الأول

المؤلف: ابن كثير        قصة ذي الكفل الذي زعم قوم أنه ابن أيوب

قصة نبي الله أيوب

قال ابن إسحاق: كان رجلًا من الروم وهو أيوب بن موص بن زارح بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم الخليل.

وقال غيره: هو أيوب بن موص بن رعويل بن العيص بن إسحاق بن يعقوب. وقيل غير ذلك في نسبه.

وحكى ابن عساكر أن أمه بنت لوط عليه السلام. وقيل كان أبوه ممن آمن بإبراهيم عليه السلام يوم ألقي في النار فلم تحرقه.

والمشهور الأول، لأنه من ذرية إبراهيم كما قررنا عند قوله تعالى: { وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ... } الآيات [الأنعام: 84] .

من أن الصحيح أن الضمير عائد على إبراهيم دون نوح عليهما السلام.

وهو من الأنبياء المنصوص على الإيحاء إليهم في سورة النساء في قوله تعالى: { إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ } الآية [النساء: 163] .

فالصحيح أنه من سلالة العيص بن إسحاق، وامرأته قيل: اسمها ليا بنت يعقوب، وقيل: رحمه بنت أفرائيم، وقيل: منشا بن يوسف بن يعقوب، وهذا أشهر فلهذا ذكرناه هاهنا. ثم نعطف بذكر أنبياء بني إسرائيل بعد ذكر قصته إن شاء الله وبه الثقة وعليه التكلان.

قال الله تعالى: { وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ } (الأنبياء: 83-84) .

وقال تعالى في سورة ص: { وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ * وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ } (41-44) .

وروى ابن عساكر من طريق الكلبي أنه قال: أول نبي بعث إدريس، ثم نوح، ثم إبراهيم، ثم إسماعيل، ثم إسحاق، ثم يعقوب، ثم يوسف، ثم لوط، ثم هود، ثم صالح، ثم شعيب، ثم موسى وهرون، ثم إلياس، ثم اليسع، ثم عرفي بن سويلخ بن أفرائيم بن يوسف بن يعقوب، ثم يونس بن متي من بني يعقوب، ثم أيوب بن زراح بن آموص بن لبفرز بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم.

وفي بعض هذا الترتيب نظر، فإن هودًا وصالحًا المشهور أنهما بعد نوح، وقبل إبراهيم، والله أعلم.

قال علماء التفسير والتاريخ وغيرهم: كان أيوب رجلًا كثير المال من سائر صنوفه وأنواعه، من الأنعام، والعبيد، والمواشي، والأراضي المتسعة بأرض البثينة من أرض حوران.

وحكى ابن عساكر أنها كلها كانت له، وكان له أولاد وأهلون كثير، فسلب من ذلك جميعه، وابتلى في جسده بأنواع البلاء، ولم يبق منه عضو سليم سوى قلبه ولسانه، يذكر الله عز وجل بها، وهو في ذلك كله صابر محتسب ذاكر لله عز وجل في ليله ونهاره، وصباحه ومسائه.

وطال مرضه حتى عافه الجليس، وأوحش منه الأنيس، وأخرج من بلده، وألقي على مزبلة خارجها، وانقطع عنه الناس، ولم يبق أحد يحنو عليه سوى زوجته، كانت ترعى له حقه، وتعرف قديم إحسانه إليها، وشفقته عليها، فكانت تتردد إليه، فتصلح من شأنه، وتعينه على قضاء حاجته، وتقوم بمصلحته.

وضُعف حالها، وقل ما لها، حتى كانت تخدم الناس بالأجر، لتطعمه وتقود بأوده رضي الله عنها وأرضاها، وهي صابرة معه على ما حل بهما من فراق المال والولد، وما يختص بها من المصيبة بالزوج، وضيق ذات اليد، وخدمة الناس بعد السعادة، والنعمة، والخدمة، والحرمة، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله ﷺ قال: (أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه ) .

ولم يزد هذا كله أيوب عليه السلام إلا صبرًا واحتسابًا وحمدًا وشكرًا، حتى أن المثل ليضرب بصبره عليه السلام، ويضرب المثل أيضًا بما حصل له من أنواع البلايا.

وقد روي عن وهب بن منبه وغيره من علماء بني إسرائيل، في قصة أيوب، خبر طويل في كيفية ذهاب ماله، وولده، وبلائه في جسده، والله أعلم بصحته.

وعن مجاهد أنه قال: كان أيوب عليه السلام أول من أصابه الجدري، وقد اختلفوا في مدة بلواه على أقوال؛ فزعم وهب أنه ابتلي ثلاث سنين لا تزيد ولا تنقص. وقال أنس: ابتلي سبع سنين وأشهرًا، وألقى على مزبلة لبني إسرائيل تختلف الدواب في جسده، حتى فرَّج الله عنه، وعظم له الأجر، وأحسن الثناء عليه.

وقال حميد: مكث في بلواه ثمانية عشرة سنة. وقال السدي: تساقط لحمه حتى لم يبق إلا العظم والعصب، فكانت امرأته تأتيه بالرماد تفرشه تحته، فلما طال عليها قالت: يا أيوب لو دعوت ربك لفرج عنك، فقال: قد عشت سبعين سنة صحيحًا، فهو قليل لله أن أصبر له سبعين سنة، فجزعت من هذا الكلام، وكانت تخدم الناس بالأجر وتطعم أيوب عليه السلام.

ثم إن الناس لم يكونوا يستخدمونها لعلمهم أنها امرأة أيوب، خوفًا أن ينالهم من بلائه، أو تعديهم بمخالطته، فلما لم تجد أحدًا يستخدمها عمدت فباعت لبعض بنات الأشراف إحدى ضفيرتيها، بطعام طيب كثير، فأتت به أيوب، فقال: من أين لك هذا؟ وأنكره.

فقالت: خدمت به أناسًا فلما كان الغد لم تجد أحدًا، فباعت الضفيرة الأخرى بطعام فأتته به فأنكره أيضًا، وحلف لا يأكله حتى تخبره من أين لها هذا الطعام، فكشفت عن رأسها خمارها، فلما رأى رأسها محلوقًا قال في دعائه: { أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } [الأنبياء: 83] .

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو سلمة، حدثنا جرير بن حازم، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، قال: كان لأيوب أخوان، فجاءا يومًا فلم يستطيعا أن يدنوا منه من ريحه، فقاما من بعيد، فقال أحدهما لصاحبه: لو كان الله علم من أيوب خيرًا ما ابتلاه بهذا، فجزع أيوب من قولهما جزعًا لم يجزع من شيء قط.

قال: اللهم إن كنت تعلم أني لم أبت ليلة قط شبعانًا وأنا أعلم مكان جائع فصدقني، فصدق من السماء وهما يسمعان.

ثم قال: اللهم إن كنت تعلم أني لم يكن لي قميصان قط وأنا أعلم مكان عار، فصدقني فصدق من السماء وهما يسمعان.

ثم قال: اللهم بعزتك وخر ساجدًا، فقال: اللهم بعزتك لا أرفع رأسي أبدًا حتى تكشف عني، فما رفع رأسه حتى كشف عنه.

وقال ابن أبي حاتم وابن جرير جميعًا: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، أنبئنا ابن وهب، أخبرني نافع بن يزيد عن عقيل، عن الزهري، عن أنس بن مالك أن النبي ﷺ قال: (إن نبي الله أيوب لبث به بلاؤه ثماني عشرة سنة، فرفضه القريب والبعيد إلا رجلين من إخوانه كانا من أخص إخوانه له، كانا يغدوان إليه ويروحان، فقال أحدهما لصاحبه: يعلم الله لقد أذنب أيوب ذنبًا ما أذنبه أحد من العالمين.

قال له صاحبه: وما ذاك؟

قال: منذ ثماني عشر سنة لم يرحمه ربه فكشف ما به، فلما راحا إليه لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك له.

فقال أيوب: لا أدري ما تقول غير أن الله عز وجل يعلم أني كنت أمر على الرجلين يتنازعان فيذكران الله فأرجع إلى بيتي فأكفر عنهما، كراهية أن يذكر الله إلا في حق ).

قال: ( وكان يخرج في حاجته فإذا قضاها أمسكت امرأته بيده حتى يرجع، فلما كان ذات يوم أبطأت عليه، فأوحى الله إلى أيوب في مكانه أن { ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ } [ص: 42] فاستبطأته فتلقته تنظر، وأقبل عليها قد أذهب الله ما به من البلاء وهو على أحسن ما كان، فلما رأته قالت: أي بارك الله فيك هل رأيت نبي الله هذا المبتلى، فوالله على ذلك ما رأيت رجلًا أشبه به منك إذ كان صحيحًا، قال: فإني أنا هو).

قال: ( وكان له أندران: أندر للقمح وأندر للشعير، فبعث الله سحابتين، فلما كانت إحداهما على أندر القمح أفرغت فيه الذهب حتى فاض، وأفرغت الأخرى في أندر الشعير الورق حتى فاض ).

هذا لفظ ابن جرير، وهكذا رواه بتمامه ابن حبان في (صحيحه) عن محمد بن الحسن بن قتيبة، عن حرملة، عن ابن وهب به. وهذا غريب رفعه جدًا، والأشبه أن يكون موقوفًا.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، ثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، أنبأنا علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس قال: وألبسه الله حلة من الجنة فتنحى أيوب وجلس في ناحية، وجاءت امرأته فلم تعرفه.

فقالت: يا عبد الله هذا المبتلى الذي كان ههنا لعل الكلاب ذهبت به أو الذئاب، وجعلت تكلمه ساعة.

قال: ولعل أنا أيوب.

قالت: أتسخر مني يا عبد الله؟

فقال: ويحك أنا أيوب، قد رد الله عليّ جسدي.

قال ابن عباس: ورد الله عليه ماله وولده بأعيانهم ومثلهم معهم.

وقال وهب بن منبه: أوحى الله إليه: قد رددت عليك أهلك، ومالك، ومثلهم معهم فاغتسل بهذا الماء فإن فيه شفاءك، وقرب عن صحابتك قربانًا، واستغفر لهم فإنهم قد عصوني فيك. رواه ابن أبي حاتم.

وقال ابن أبي حاتم: ثنا أبو زرعة، حدثنا عمرو بن مرزوق، حدثنا همام، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: (لما عافى الله أيوب عليه السلام أمطر عليه جرادًا من ذهب، فجعل يأخذ بيده ويجعل في ثوبه قال: فقيل له يا أيوب أما تشبع؟ قال: يا رب ومن يشبع من رحمتك ).

وهكذا رواه الإمام أحمد، عن أبي داود الطيالسي، وعبد الصمد عن همام عن قتادة به.

ورواه ابن حبان في (صحيحه)، عن عبد الله بن محمد الأزدي، عن إسحاق بن راهويه، عن عبد الصمد به. ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب، وهو على شرط الصحيح، فالله أعلم.

وقال الإمام أحمد: ثنا سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: أرسل على أيوب رجل من جراد من ذهب فجعل يقبضها في ثوبه، فقيل: يا أيوب ألم يكفك ما أعطيناك؟ قال: أي رب ومن يستغني عن فضلك.

هذا موقوف وقد روي عن أبي هريرة من وجه أخر مرفوعًا.

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: (بينما أيوب يغتسل عريانًا خرّ عليه جراد من ذهب، فجعل أيوب يحثي في ثوبه فناداه ربه عز وجل: يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى.

قال: بلى يا رب، ولكن لا غنى لي عن بركتك ). رواه البخاري من حديث عبد الرزاق به.

وقوله: { ارْكُضْ بِرِجْلِكَ } أي: اضرب الأرض برجلك فامتثل ما أمر به، فأنبع الله له عينًا باردة الماء، وأمر أن يغتسل فيها ويشرب منها، فأذهب الله عنه ما كان يجده من الألم والأذى والسقم والمرض، الذي كان في جسده ظاهرًا وباطنًا، وأبدله الله بعد ذلك كله صحة ظاهرة وباطنة، وجمالًا تامًا، ومالًا كثيرًا حتى صب له من المال صبًا مطرًا عظيمًا جرادًا من ذهب.

وأخلف الله له أهله كما قال تعالى: { وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ } [الأنبياء: 84] فقيل: أحياهم الله بأعيانهم، وقيل: آجره فيمن سلف وعوضه عنهم في الدنيا بدلهم وجمع له شمله بكلهم في الدار الآخرة.

وقوله: { رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا } أي: رفعنا عنه شدته، وكشفنا ما به من ضر رحمة منا به، ورأفة وإحسانًا.

( وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ) أي: تذكرة لمن ابتلي في جسده أو ماله أو ولده، فله أسوة بنبي الله أيوب حيث ابتلاه الله بما هو أعظم من ذلك فصبر واحتسب، حتى فرج الله عنه.

ومن فهم من هذا اسم امرأته فقال: هي رحمة من هذه الآية، فقد أبعد النجعة، وأغرق النزع.

وقال الضحاك عن ابن عباس: رد الله إليها شبابها، وزادها حتى ولدت له ستة وعشرون ولدًا ذكرًا.

وعاش أيوب بعد ذلك سبعين سنة بأرض الروم على دين الحنيفية، ثم غيروا بعده دين إبراهيم.

وقوله: { وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ } [ص: 44] هذه رخصة من الله تعالى لعبده ورسوله أيوب عليه السلام، فيما كان من حلفه ليضربن امرأته مائة سوط فقيل: حلفه ذلك لبيعها ضفائرها. وقيل: لأنه عرضها الشيطان في صورة طبيب يصف لها دواء لأيوب، فأتته فأخبرته فعرف أنه الشيطان، فحلف ليضربها مائة سوط.

فلما عافاه الله عز وجل أفتاه أن يأخذ ضغثًا، وهو كالعثكال الذي يجمع الشماريخ فيجمعها كلها ويضربها به ضربة واحدة، ويكون هذا منزلا منزلة الضرب بمائة سوط، ويبر ولا يحنث، وهذا من الفرج والمخرج لمن اتقى الله وأطاعه، ولا سيما في حق امرأته الصابرة المحتسبة المكابدة الصديقة، البارة الراشدة، رضي الله عنها.

ولهذا عقب الله هذه الرخصة وعللها بقوله: ( إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ).

وقد استعمل كثير من الفقهاء هذه الرخصة في باب الإيمان والنذور، وتوسع آخرون فيها حتى وضعوا كتاب الحيل في الخلاص من الإيمان، وصدوره بهذه الآية الكريمة وأتوا فيه بأشياء من العجائب والغرائب، وسنذكر طرفًا من ذلك في كتاب الأحكام عند الوصول إليه إن شاء الله تعالى.

وقد ذكر ابن جرير وغيره من علماء التاريخ: أن أيوب عليه السلام لما توفي كان عمره ثلاثًا وتسعين سنة، وقيل: إنه عاش أكثر من ذلك، وقد روى ليث عن مجاهد ما معناه: أن الله يحتج يوم القيامة بسليمان عليه السلام على الأغنياء، وبيوسف عليه السلام على الأرقاء، وبأيوب عليه السلام على أهل البلاء، رواه ابن عساكر بمعناه.

وأنه أوصى إلى ولده حومل، وقام بالأمر بعده ولده بشر بن أيوب، وهو الذي يزعم كثير من الناس أنه ذو الكفل فالله أعلم. ومات ابنه هذا وكان نبيًا فيما يزعمون، وكان عمره من السنين خمسا وسبعين، ولنذكر ههنا قصة ذي الكفل إذ قال بعضهم إنه ابن أيوب عليها السلام.

فلما عافاه الله عز وجل أفتاه أن يأخذ ضغثًا، وهو كالعثكال الذي يجمع الشماريخ فيجمعها كلها ويضربها به ضربة واحدة، ويكون هذا منزلا منزلة الضرب بمائة سوط، ويبر ولا يحنث، وهذا من الفرج والمخرج لمن اتقى الله وأطاعه، ولا سيما في حق امرأته الصابرة المحتسبة المكابدة الصديقة، البارة الراشدة، رضي الله عنها.

ولهذا عقب الله هذه الرخصة وعللها بقوله: ( إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ).

وقد استعمل كثير من الفقهاء هذه الرخصة في باب الإيمان والنذور، وتوسع آخرون فيها حتى وضعوا كتاب الحيل في الخلاص من الإيمان، وصدوره بهذه الآية الكريمة وأتوا فيه بأشياء من العجائب والغرائب، وسنذكر طرفًا من ذلك في كتاب الأحكام عند الوصول إليه إن شاء الله تعالى.

وقد ذكر ابن جرير وغيره من علماء التاريخ: أن أيوب عليه السلام لما توفي كان عمره ثلاثًا وتسعين سنة، وقيل: إنه عاش أكثر من ذلك، وقد روى ليث عن مجاهد ما معناه: أن الله يحتج يوم القيامة بسليمان عليه السلام على الأغنياء، وبيوسف عليه السلام على الأرقاء، وبأيوب عليه السلام على أهل البلاء، رواه ابن عساكر بمعناه.

وأنه أوصى إلى ولده حومل، وقام بالأمر بعده ولده بشر بن أيوب، وهو الذي يزعم كثير من الناس أنه ذو الكفل فالله أعلم. ومات ابنه هذا وكان نبيًا فيما يزعمون، وكان عمره من السنين خمسا وسبعين، ولنذكر ههنا قصة ذي الكفل إذ قال بعضهم إنه ابن أيوب عليهما السلام.  

No comments:

214- ] English Literature

214- ] English Literature D. H. Lawrence Summary D.H. Lawrence (1885-1930)  is best known for his infamous novel 'Lady Chatterley'...