Grammar American & British

Friday, November 11, 2022

11- ) حكم كلمة " قل " فى القرآن الكريم

 11-) حكم كلمة " قل " فى القرآن الكريم 

فى سورة العنكبوت

1 .  "أَوَ لَمۡ يَرَوۡاْ كَيۡفَ يُبۡدِئُ ٱللَّهُ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥٓۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ ١٩ قُلۡ سِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ بَدَأَ ٱلۡخَلۡقَۚ ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِئُ ٱلنَّشۡأَةَ ٱلۡأٓخِرَةَۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ ٢٠

  " أَوَ لَمۡ يَرَوۡاْ كَيۡفَ يُبۡدِئُ ٱللَّهُ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥٓۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِير" يقول الله تعالى مخبرا عن الخليل عليه السلام أنه أرشد قومه الى اثبات المعاد الذى ينكرونه بما يشاهدونه فى أنفسهم من خلق الله اياهم بعد أن لم يكونواشيئا مذكورا ثم وجدوا وصاروا اناسا سامعين مبصرين فالذى بدأ هذا الخلق قادر على اعادته فانه سهل عليه يسير لديه ، " قُلۡ سِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ بَدَأَ ٱلۡخَلۡقَۚ ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِئُ ٱلنَّشۡأَةَ ٱلۡأٓخِرَةَۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِير" أرشد ابراهيم عليه السلام  قومه الى الاعتبار بما فى الآفاق من الآيات المشاهدة من خلق الله الأشياء : السموات وما فيها والأرض وما فيها كل ذلك دال على حدوث الخلق واستمراره وتكراره فهذا دليل على وجود الصانع الفاعل المختار الذى يقول للشىء كن فيكون كقوله تعالى " وهو الذى يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه " والنشأة الآخرة هى يوم البعث يوم القيامة كقوله تعالى " سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق " وكقوله " أم خلقوا من غير شىء أم هم الخالقون أم خلقوا السموات والأرض بل لا يوقنون " .

2 ." وَقَالُواْ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ ءَايَٰتٞ مِّن رَّبِّهِۦۚ قُلۡ إِنَّمَا ٱلۡأٓيَٰتُ عِندَ ٱللَّهِ وَإِنَّمَآ أَنَا۠ نَذِيرٞ مُّبِينٌ ٥٠ أَوَ لَمۡ يَكۡفِهِمۡ أَنَّآ أَنزَلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ يُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَرَحۡمَةٗ وَذِكۡرَىٰ لِقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ ٥١ قُلۡ كَفَىٰ بِٱللَّهِ بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡ شَهِيدٗاۖ يَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱلۡبَٰطِلِ وَكَفَرُواْ بِٱللَّهِ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ ٥٢

" وَقَالُواْ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ ءَايَٰتٞ مِّن رَّبِّهِۦ" يقول الله تعالى مخبرا عن المشركين فى تعنتهم وطلبهم آيات ترشدهم الى أن محمد صلى الله عليه وسلم رسول الله كما أتى صالح بناقته ، " قُلۡ إِنَّمَا ٱلۡأٓيَٰتُ عِندَ ٱللَّهِ" انما أمر ذلك الى الله فانه لو علم أنكم تهتدون لأجابكم الى سؤالكم لأن هذا سهل عليه يسير لديه ، ولكنه يعلم انما قصدتم التعنت فلا يجيبكم الى ذلك كما قال تعالى " وما منعنا أن نرسل بالآيات الا أن كذب بها الأولون * وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها " ، " وَإِنَّمَآ أَنَا۠ نَذِيرٞ مُّبِينٌ " يقول الله تعالى أخبرهم يا محمد وقل لهم انما بعثت نذيرا لكم واضح بين النذارة فعلى أن أبلغكم رسالة الله تعالى كما قال تعالى " ليس عليك هداهم ولكن الله يهدى من يشاء " ،" أَوَ لَمۡ يَكۡفِهِمۡ أَنَّآ أَنزَلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ يُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ " قال الله تعالى مبينا كثرة جهل المشركين وسخافة عقلهم حيث طلبوا آيات تدل على صدق محمد صلى الله عليه وسلم فيما جاءهم فرد الله عليهم أنه جاءهم بالكتاب العزيز الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه الذى هو أعظم من كل معجزة اذ عجزت الفصحاء والبلغاء عن معارضته بل عن معارضة عشر سور من مثله بل عن معارضة سورة منه فقال أو لم يكفهم آية أنا أنزلنا عليك هذا الكتاب العظيم الذى فيه خبر ما قبلهم ونبأ ما بعدهم وحكم ما بينهم وأنت رجل أمى لا تقرأ ولا تكتب ولم تخالط أحدا من أهل الكتاب فجئتهم بأخبار ما فى الصحف الأولى ببيان الصواب مما اختلفوا فيه وبالحق الواضح الجلى وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من الأنبياء من نبى الا قد أعطى من الآيات ما مثله آمن عليه البشر ، وانما كان الذى أوتيته وحيا أوحاه الله الى فأرجوا أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة " ،" إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَرَحۡمَةٗ وَذِكۡرَىٰ لِقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ " وقال تعالى ان فى هذا القرآن لرحمة أى بيانا للحق وازاحة للباطل وذكرى بما فيه من حلول النقمات ونزول العقاب بالمكذبين والعاصين لقوم يؤمنون ، " قُلۡ كَفَىٰ بِٱللَّهِ بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡ شَهِيدٗا" الله هو الشاهد على وعليكم وأعلم بكل شىء وهو أعلم بما تفيضون فيه من التكذيب ويعلم ما أقول لكم من اخبارى عنه بأنه أرسلنى فلو كنت كاذبا لأنتقم منى كما قال تعالى " ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين " وانما أنا صادق فيما أخبرتكم به ولهذا أيدنى بالمعجزات الواضحات والدلائل القاطعات ، " يَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ" الله يعلم كل شىء فى السموات والأرض لا تخفى عليه خافية وهذا تعقيب على ما سبق من أن الله هو الشهيد وهو كذلك العليم فشهادته على صدقى بعلمه الذى لا يأتيه الباطل بين يديه ولا من خلفه ولا يخفى عليه خافية فشهادته هى الحق ، "وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱلۡبَٰطِلِ وَكَفَرُواْ بِٱللَّهِ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ " يعقب الله سبحانه على قضية الايمان والكفر وجزاء من يكفر بآياته فالذين اتبعوا الباطل وصدقوه وكذبوا بما ارسل الله به رسله من الهدى والآيات سيجزيهم يوم القيامة على ما فعلوا ويقابلهم على ما صنعوا فى تكذيبهم بالحق واتباعهم الباطل كذبوا برسل الله مع قيام الأدلة على صدقهم وآمنوا بالطواغيت والأوثان بلا دليل فسيجزيهم على ذلك انه حكيم عليم .

3 . "وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَحۡيَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ مِنۢ بَعۡدِ مَوۡتِهَا لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ قُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ ٦٣

" وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَحۡيَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ مِنۢ بَعۡدِ مَوۡتِهَا لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ " لئن سألت هؤلاء الكفار عن تنزيل المطر من السماء فيخرج به الزرع من الأرض القفراء فتدب فيها الحياة وتعيش المخلوقات من الناس والأنعام يعترفون بأن هذا من فعل الله وحده ، " قُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ " يقول الله لرسوله صلى الله عليه وسلم ويأمره بأن يقول الحمد لله هو الذى يتستوجب الحمد على رزقه وتعالى وتنزه فى خلقه وهو المستقل بخلق الأشياء المنفرد بتدبيرها ، فاذا كان الأمر كذلك فلم يعبد غيره ؟ ولم يتوكل على غيره ؟ فكما أنه الواحد فى ملكه فليكن الواحد فى عبادته ، وكثيرا ما يقرر تعالى مقام الالهية بالاعتراف بتوحيد الربوبية ، وقد كان المشركون يعترفون بذلك كما كانوا يقولون فى تلبيتهم لبيك لا شريك لك الا شريكا هو لك تملكه وما ملك ، فاكثر هؤلاء ليس لهم عقول تتدبر وتفكر .

فى سورة الروم

1 . " قُلۡ سِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلُۚ كَانَ أَكۡثَرُهُم مُّشۡرِكِينَ ٤٢

" قُلۡ سِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلُۚ كَانَ أَكۡثَرُهُم مُّشۡرِكِينَ " يأمر الله تعالىرسوله صلى الله عليه وسلم ا، يبلغ ويقول  بالتدبر فيما حدث لمن كذب الرسل وكفر بنعم الله وأفسد من قبل وما حل به من تدمير واهلاك جراء شركه بالله ومعظم من على الأرض من الكفار والمشركين وهذا واقع حتى فى زماننا فالكفار هم أغلب سكان الأرض أما الموحدون وعباد الله المخلصين فهم قليل القليل والعباد كان أكثرهم مشركين وهم الآن كذلك .

فى سورة لقمان

1 . " وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ قُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ ٢٥

" وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ" يقول الله تعالى مخبرا عن هؤلاء المشركين به أنهم يعرفون أن الله خالق السموات وحده لا شريك له مقرين بذلك  ومع هذا يعبدون معه شركاء يعترفون أنها خلق له وملك له ، " قُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ  " يأمر الله رسول صلى الله عليه وسلم أن يتوجه الى الله بالحمد وحده اذ قامت الحجة على هؤلاء المشركين باعترافهم فهو المستحق للثناء وحده لا شريك له ، "بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ " ومع ذلك أكثر هؤلاء المشركين لايعلمون الحقائق أو يخفونها ويستكبرون وهم معاندين مكابرين ومعرضين .

فى سورة السجدة

1 . "وَقَالُوٓاْ أَءِذَا ضَلَلۡنَا فِي ٱلۡأَرۡضِ أَءِنَّا لَفِي خَلۡقٖ جَدِيدِۢۚ بَلۡ هُم بِلِقَآءِ رَبِّهِمۡ كَٰفِرُونَ ١٠ ۞قُلۡ يَتَوَفَّىٰكُم مَّلَكُ ٱلۡمَوۡتِ ٱلَّذِي وُكِّلَ بِكُمۡ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمۡ تُرۡجَعُونَ ١١

" وَقَالُوٓاْ أَءِذَا ضَلَلۡنَا فِي ٱلۡأَرۡضِ أَءِنَّا لَفِي خَلۡقٖ جَدِيدِۢ" يقول الله تعالى عن المشركين فى استبعادهم المعاد فيقولون أاذا تمزقت أجسامنا وتفرقت فى أجزاء الأرض أئنا لنعود بعد تلك الحال فهم يستبعدون ذلك ، " بَلۡ هُم بِلِقَآءِ رَبِّهِمۡ كَٰفِرُونَ " وهم يستبعدون البعث بعد الموت ولقاء الله والعودة اليه يوم القيامة هم يستبعدون ذلك وهذا بعيد بالنسبة الى قدراتهم العاجزة  بالنسبة الى قدرة الله الذى بدأهم وخلقهم من العدم الذى انما أمره اذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ، " قُلۡ يَتَوَفَّىٰكُم مَّلَكُ ٱلۡمَوۡتِ ٱلَّذِي وُكِّلَ بِكُمۡ " يرد الله عليهم بقوله أن ملك الموت الموكل من الله والذى يقبض الأرواح عند الموت هو الذى يقبض أرواحكم ولا تستطيعون رد الموت عنكم والظاهر من الآية أن ملك الموت ملك معين من الملائكة وقد سمى فى بعض الآثار بعزرائيل وهو المشهور وقال قتادة وغيره أن له أعوان وهكذاورد فى الحديث أن أعوانه ينتزعون الأرواح من سائر الجسد حتى اذا بلغت الحلقوم تناولها ملك الموت وعن جعفر بن محمد قال سمعت أبىيقول : نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم الى ملك الموت عند رأس رجل من الأنصار فقال له النبى صلى الله عليه وسلم " يا ملك الموت أرفق بصاحبى فانه مؤمن " فقال ملك الموت يا محمد طب نفسا وقر عينا فانى بكل مؤمن رفيق ، واعلم أن ما فى الأرض بيت مدر ولا شعر فى بر ولا بحر الا وأنا أتصفحهم فى كل يوم خمس مرات حتى أنى أعرف بصغيرهم وكبيرهم منهم بأنفسهم ،والله يا محمد لو أنى أردت أن أقبض روح بعوضة ما قدرت على ذلك حتى يكون الله هو الآمر بقبضها ، قال جعفر بلغنى أنه انما يتصفحهم عند مواقيت الصلاة فاذا حضرهم عند الموت فان كان ممن يحافظ على الصلاة دنا منه الملك ودفع عنه الشيطان ولقنه الملك لا اله الا الله محمد رسول الله فى تلك الحال العظيمة " ، "  ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمۡ تُرۡجَعُونَ " يخبر الله تعالى أنهم يرجعون اليه ويبعثون يوم معادهم وقيامهم من قبورهم لجزائهم . 

2 . " وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا ٱلۡفَتۡحُ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ٢٨ قُلۡ يَوۡمَ ٱلۡفَتۡحِ لَا يَنفَعُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِيمَٰنُهُمۡ وَلَا هُمۡ يُنظَرُونَ ٢٩ فَأَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ وَٱنتَظِرۡ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ ٣٠

"  وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا ٱلۡفَتۡحُ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ " يقول الله تعالى مخبرا عن استعجال الكفار وقوع العذاب وبأس الله بهم وحلول غضبه ونقمته استبعادا وتكذيبا وعنادا متى ينصر الله عليهم محمد صلى الله عليه وسلم كما يزعم أن له وقتا يدال فيه عليهم وينتقم الله فيه منهم فمتى يكون هذا ما يروه هو وأصحابه الا مختفين خائفين ذليلين ، "  قُلۡ يَوۡمَ ٱلۡفَتۡحِ " يرد الله عليهم ويبلغ رسوله صلى الله عليه وسلم أنه اذا حل بهم بأس الله وسخطه وغضبه فى الدنيا والآخرة ، "  لَا يَنفَعُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِيمَٰنُهُمۡ وَلَا هُمۡ يُنظَرُونَ " هنا لاينفع الكافرين بعد أن يتحقق وعد الله فيهم ووقوع أمره بهم أن يرجعوا عما هم فيه ويؤمنوا ولا هم يمهلون حتى يعودوا الى الحق  أو يبتعد عنهم بأس الله ، " فَأَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ وَٱنتَظِرۡ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ " يبلغ الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يعرض عن هؤلاء المشركين ويبلغ ما أرسل اليه من ربه وأن ينتظر فسوف ينجز الله وعده بنصره له وهو منتظر وهم كذلك منتظرون وسيرى عاقبة صبره عليهم وعلى أداء رسالة الله فى نصرته وتأييده وسيجد هؤلاء نحب ما ينتظرونه فيه وفى أصحابه من وبيل عقاب الله لهم وحلول عذابه بهم .

فى سورة الأحزاب

1 . "وَلَوۡ دُخِلَتۡ عَلَيۡهِم مِّنۡ أَقۡطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُواْ ٱلۡفِتۡنَةَ لَأٓتَوۡهَا وَمَا تَلَبَّثُواْ بِهَآ إِلَّا يَسِيرٗا ١٤ وَلَقَدۡ كَانُواْ عَٰهَدُواْ ٱللَّهَ مِن قَبۡلُ لَا يُوَلُّونَ ٱلۡأَدۡبَٰرَۚ وَكَانَ عَهۡدُ ٱللَّهِ مَسُۡٔولٗا ١٥ قُل لَّن يَنفَعَكُمُ ٱلۡفِرَارُ إِن فَرَرۡتُم مِّنَ ٱلۡمَوۡتِ أَوِ ٱلۡقَتۡلِ وَإِذٗا لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلٗا ١٦ قُلۡ مَن ذَا ٱلَّذِي يَعۡصِمُكُم مِّنَ ٱللَّهِ إِنۡ أَرَادَ بِكُمۡ سُوٓءًا أَوۡ أَرَادَ بِكُمۡ رَحۡمَةٗۚ وَلَا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّٗا وَلَا نَصِيرٗا ١٧

" وَلَوۡ دُخِلَتۡ عَلَيۡهِم مِّنۡ أَقۡطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُواْ ٱلۡفِتۡنَةَ لَأٓتَوۡهَا وَمَا تَلَبَّثُواْ بِهَآ إِلَّا يَسِيرٗا " يخبر الله تعالى عن هؤلاء الذين يقولن ان بيوتنا ليس دونها ما يحجبها من العدو فهم يخشون عليها ليست كما يزعمون فانهم لو دخل عليهم الأعداء من كل جانب من جوانب المدينة وقطر من أقطارها ثم سئلوا الفتنة وهى الدخول فى الكفر لكفروا سريعا ، " وَلَقَدۡ كَانُواْ عَٰهَدُواْ ٱللَّهَ مِن قَبۡلُ لَا يُوَلُّونَ ٱلۡأَدۡبَٰرَۚ " وهم لا يحافظون على الايمان ولا يستمسكون به مع أدنى خوف وفزع ويذكرهم الله بما كانوا عاهدوا الله من قبل هذا الخوف ألا يولوا الأدبار ولا يفرون من الزحف ، " وَكَانَ عَهۡدُ ٱللَّهِ مَسُۡٔولٗا "  والله تعالى سيسألهم عن ذلك العهد لابد من ذلك العهد والالتزام به وتنفيذه فالمسؤولية عنه أمام الله ، " قُل لَّن يَنفَعَكُمُ ٱلۡفِرَارُ إِن فَرَرۡتُم مِّنَ ٱلۡمَوۡتِ أَوِ ٱلۡقَتۡلِ وَإِذٗا لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلٗا "يقول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم قل لهم وبلغهم أن فرارهم هذا لا يؤخر آجالهم ولا يطول أعمارهم بل ربما كان ذلك سببا فى تعجيل أخذهم غرة ولهذا قال تعالى وَإِذٗا لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلٗا" أى بعد هربكم وفراركم لن تدوم لكم الحياة فالحياة متعتها قليلة كما قال تعالى " قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى " ، " قُلۡ مَن ذَا ٱلَّذِي يَعۡصِمُكُم مِّنَ ٱللَّهِ " يرد الله عليهم ويقول لرسوله الكريم أن يبلغهم أنه لا عاصم من قدر الله ولا راد لقضائه ولا أحد يستطيع أن يمنعهم من الله ومن قدره المقدر ، "  إِنۡ أَرَادَ بِكُمۡ سُوٓءًا أَوۡ أَرَادَ بِكُمۡ رَحۡمَة" ليس لهم ولا لغيرهم من الله مجير ولا مغيث اذا وقع بهم سوء ولا أحد يستطيع أن يمنع عنهم رحمة الله ونعمته وخيره ان أراد لهم ذلك ، "  وَلَا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّٗا وَلَا نَصِيرٗا " ليس لهم ولا لغيرهم من الله مجير ولا مغيث .

2 . " ياَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدۡنَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيۡنَ أُمَتِّعۡكُنَّ وَأُسَرِّحۡكُنَّ سَرَاحٗا جَمِيلٗا ٢٨ وَإِن كُنتُنَّ تُرِدۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَ فَإِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلۡمُحۡسِنَٰتِ مِنكُنَّ أَجۡرًا عَظِيمٗا ٢٩

" يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدۡنَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيۡنَ أُمَتِّعۡكُنَّ وَأُسَرِّحۡكُنَّ سَرَاحٗا جَمِيلٗا" هذا أمر من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم بأن يخبر نساءه بين أن يفارقهن بعد أني يعطيهن حقوقهن  فيذهبن الى غيره ممن يحصل لهن عنده الحياة الدنيا وزينتها وبين الصبر على ما عنده من ضيق الحال ولهن عند الله تعالى فى ذلك الثواب الجزيل فاخترن رضى الله عنهن اله ورسوله والدار الآخرة فجمع الله لهن بعد ذلك بينخير الدنيا وسعادة الآخرة وعن أبى سلمة بن عبد الرحمن أن عائشة رضى الله عنها زوج النبى صلى الله عليه وسلم أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءها حين أمره الله تعالى أن يخير أزواجه قالت فبدأ بى فقال " انى ذاكر لك أمرا فلا عليك أن لا تستعجلى حتى تستأمرى أبويك - وقد علم أن أبوى لم يكونا يأمرانى بفراقه فقلت له ففى أى هذا أستأمر أبوى فانى أريد الله ورسوله والدار الآخرة ثم فعل أزواج النبى صلى الله عليه وسلم ما فعلت   ،" وَإِن كُنتُنَّ تُرِدۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَ فَإِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلۡمُحۡسِنَٰتِ مِنكُنَّ أَجۡرًا عَظِيمٗا " والله يعد من تريد الله ورسوله بالأجر العظيم فى الدنيا والآخرة وقد حدث ذلك وكان تحت النبى صلى الله عليه وسلم تسع نسوة خمس من قريش وهن عائشة وحفصة وأم حبيبة وسودة وأم سلمة رضى الله عنهن وكان تحته من غير قريش صفية بنت حيى النضرية وميمونة بنت الحاث الهلالية وزينب بنت جحش الأسدية وجويرية بنت الحارث المصطلقية رضى الله عليهن وكلهن اخترن البقاء معه والدار الآخرة .  

3 . " يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ يُدۡنِينَ عَلَيۡهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّۚ ذَٰلِكَ أَدۡنَىٰٓ أَن يُعۡرَفۡنَ فَلَا يُؤۡذَيۡنَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا ٥٩

" يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ يُدۡنِينَ عَلَيۡهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّۚ " يقول الله تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمر النساء المؤمنات المسلمات - خاصة أزواجه وبناته لشرفهن - بأن يدنين عليهن من جلابيبهن ليتميزن عن سمات نساء الجاهلية وسمات الاماء ، والجلباب هو الرداء فوق الخمار وقال الجوهرى الجلباب الملحفة ، وقال ابن عباس أمر الله نساء المؤمنين اذا خرجن من بيوتهن فى حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة ، وقال محمد بن سيرين سألت عبيدة السلمانى عن ذلك فغطى وجهه وأبرز عينه اليسرى وقال عكرمة تغطى ثغرة نحرها بجلبابها تدنيه عليها ، "ذَٰلِكَ أَدۡنَىٰٓ أَن يُعۡرَفۡنَ فَلَا  يُؤۡذَيۡنَ" اذا فعلن ذلك عرفن انهن حرائر لسن باماء ولا عواهر وقال السدى كان ناس من فساق أهل المدينة يخرجن بالليل حين يختلط الظلام طرق المدينة فيعرضون للنساء وكانت مساكن أهل المدينة ضيقة فاذا كان الليل خرج النساء الى الطرق يقضين حاجتهن فكان أولئك الفساق يبتغون ذلك منهن ، فاذا رأوا المرأة عليها جلباب قالوا هذه حرة فكفوا عنها ، واذا رأوا المرأة ليس عليها جلباب قالوا هذه أمة فوثبوا عليها , وقال مجاهد يتجلبن فيعلم أنهن حرائر فلا يتعرض لهن فاسق بأذى ولا ريبة ،"وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا " كان الله غفورا ورحيما بكم لما سلف فى أيام الجاهلية حيث لم يكن عندهن علم بذلك .

4 . " يَسَۡٔلُكَ ٱلنَّاسُ عَنِ ٱلسَّاعَةِۖ قُلۡ إِنَّمَا عِلۡمُهَا عِندَ ٱللَّهِۚ وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا ٦٣

" يَسَۡٔلُكَ ٱلنَّاسُ عَنِ ٱلسَّاعَةِ"يقول تعالى مخبرا لرسول صلى الله عليه وسلم أنه لا علم له بالساعة وان سأله الناس عن ذلك ،" إِنَّمَا عِلۡمُهَا عِندَ ٱللَّهِ أرشد الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يرد علم الساعة الى الله عز وجل كما قال فى سورة الأعراف وهى مكية وهذه مدنية فاستمر الحال فى رد علمها الى الله الذى يقيمها ، " وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا " لكن الله تعالى أخبر رسوله صلى الله عليه وسلم أن الساعة قريبة كما قال تعالى " اقتربت الساعة وانشق القمر " وكما قال تعالى " أتى أمر الله فلا تستعجلوه " .

10 -) حكم كلمة " قل " فى القرآن الكريم

 10- ) حكم كلمة " قل " فى القرآن الكريم 

فى سورة الشعراء

1 . " فَلَا تَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ فَتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُعَذَّبِينَ ٢١٣ وَأَنذِرۡ عَشِيرَتَكَ ٱلۡأَقۡرَبِينَ ٢١٤ وَٱخۡفِضۡ جَنَاحَكَ لِمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٢١٥ فَإِنۡ عَصَوۡكَ فَقُلۡ إِنِّي بَرِيٓءٞ مِّمَّا تَعۡمَلُونَ ٢١٦ وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱلۡعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ ٢١٧ ٱلَّذِي يَرَىٰكَ حِينَ تَقُومُ ٢١٨ وَتَقَلُّبَكَ فِي ٱلسَّٰجِدِينَ ٢١٩ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ ٢٢٠

" فَلَا تَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ فَتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُعَذَّبِينَ " يقول الله تعالى آمرا بعبادته وحده لا شريك له ومخبرا بأن من أشرك به عذبه ، "  وَأَنذِرۡ عَشِيرَتَكَ ٱلۡأَقۡرَبِينَ " يقول الله ععالى آمرا لرسوله صلى الله عليه وسلم أن ينذر عشيرته الأقربين أى الأدنين اليه وأنه لا يخلص أحدا منهم الا ايمانه بربه عز وجل ، " وَٱخۡفِضۡ جَنَاحَكَ لِمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ " أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يلين جانبه لمن اتبعه من عباد الله المؤمنين ، " فَإِنۡ عَصَوۡكَ فَقُلۡ إِنِّي بَرِيٓءٞ مِّمَّا تَعۡمَلُونَ " ومن عصاه من خلق الله كائنا من كان فليتبرا منه وهذه النذارة الخاصة لا تنافى العامة بل هى فرد من أجزائها كما قال تعالى " لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون " وقال تعالى " لتنذر أم القرى ومن حولها " وفى صحيح مسلم " والذىنفسى بيده لا يسمع بى أحد من هذه الأمة يهودى ولا نصرانى ثم لا يؤمن بى الا دخل النار " وعن أبى هريرة قال : لما نزلت هذه الآية " وأنذر عشيرتك الأقربين " دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا فعم وخص فقال " يامعشر قريش أنقذوا أنفسكم من النار ، يا معشر بنى كعب أنقذوا أنفسكم من النار ، يا معشر بنى هاشم أنقذوا أنفسكم من النار ، يا معشر بنى عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار ، يا فاطمة بنت محمد أنقذى نفسك من النار ، فانى والله لا أملك لكم من الله شيئا الا أن لكم رحما سأبلها ببلالها " ، " وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱلۡعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ " يأمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يتوكل عليه فى جميع أموره فانه مؤيده وحافظه وناصره ومظفره ومعلى كلمته فهو العزيز الذى لا عز الا به وهو الرحيم بعباده  ، " ٱلَّذِي يَرَىٰكَ حِينَ تَقُومُ " الذى هو معتن بك كما قال تعالى " فاصبر لحكم ربك فانك بأعيننا " وقال أبن عباس " الذى يراك حين تقوم " يعنى الى الصلاة وقال عكرمة يرى قيامه وركوعه وسجوده وقال قتادة الذى يراك قائما وجالسا وعلى حالتك ، " وَتَقَلُّبَكَ فِي ٱلسَّٰجِدِينَ" قال قتادة يراك فى الصلاة وحدك ويراك فى الجمع ،"إِنَّهُۥ  هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ " الله هو السميع لأقوال عباده العليم بحركاتهم وسكناتهم كما قال تعالى " وما تكون فى شأن ما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل الا كنا عليكم شهودا اذ تفيضون فيه " .

فى سورة النمل

1 . " قُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ وَسَلَٰمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصۡطَفَىٰٓۗ ءَآللَّهُ خَيۡرٌ أَمَّا يُشۡرِكُونَ ٥٩

" قُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ وَسَلَٰمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصۡطَفَىٰٓ " يقول الله تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول الحمد لله أى على نعمه التى لا تعد ولا تحصى على عباده وعلى ما اتصف به من الصفات العلى والأسماء الحسنى وأن يسلم على عباد الله الذين اصطفاهم واختارهم وهم رسله وأنبياؤه الكرام عليهم السلام وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيره أن المراد بعباده الذين اصطفى هم الأنبياء وهذا كقوله "سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين " وقال الثورى والسدى هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم اصطفاهم الله لنبيه رضى الله عنهم  ، والقصد أن الله تعالى أمر رسوله صلى الله عليه وسلم ومن اتبعه بعد ذكره لهم ما فعل بأوليائه من النجاة والنصر والتأييد وما أحل بأعدائه من الخزى والنكال والقهر أن يحمدوه على جميع أفعاله وأن يسلموا على عباده المصطفين الأخيار ، "ءَآللَّهُ خَيۡرٌ أَمَّا يُشۡرِكُونَ " استفهام انكار على المشركين فى عبادتهم مع الله آلهة أخرى هل هذه الأصنام التى تشركونها فى عبادة الله التى لا تضر ولا تنفع خير من عبادة الله .

2 . " أَمَّن يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ وَمَن يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۗ أَءِلَٰهٞ مَّعَ ٱللَّهِۚ قُلۡ هَاتُواْ بُرۡهَٰنَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ٦٤

" أَمَّن يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُه" يستمر الاستفهام التقريرى الذى يقر بقدرة الله سبحانه وتعالى فهو الذى بقدرته وسلطانه يبدأ الخلق ثم يعيده كما قال تعالى " ان بطش ربك لشديد * انه هو يبدىء ويعيد " وكقوله " وهو الذى يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه " ، " وَمَن يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ " والله وحده هو الذى ينزل الرزق من السماء بما ينزل من مطر مبارك فيسلكه ينابيع فى الأرض  وينبت من بركات الأرض ورزقها من زروع وثماروغير ذلك من الرزق من أنعام وما فى باطن الأرض وبحارها ،" أَءِلَٰهٞ مَّعَ ٱللَّهِ " يستمر الاستفهام التقريرى الذى رده ليس هناك أحد غير الله سبحانه وتعالى هو الذى يفعل كل ذلك ويقدر عليه ، " قُلۡ هَاتُواْ بُرۡهَٰنَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ "يوحى الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يرد عليهم ويقول لهم  اذا كنتم صادقين فيما تشركون مع الله من أصنام وأوثان لا تضر ولا تنفع أأتوا بما لديكم من حجج وبراهين تدل على ما تدعونه ولكن لاحجة لهم ولا برهان وهذا كقوله تعالى " ومن يدع مع الله الها آخر لا برهان له به فانما حسابه عند ربه انه لا يفلح الكافرون " .

3 . " قُل لَّا يَعۡلَمُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ٱلۡغَيۡبَ إِلَّا ٱللَّهُۚ وَمَا يَشۡعُرُونَ أَيَّانَ يُبۡعَثُونَ ٦٥ بَلِ ٱدَّٰرَكَ عِلۡمُهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِۚ بَلۡ هُمۡ فِي شَكّٖ مِّنۡهَاۖ بَلۡ هُم مِّنۡهَا عَمُونَ ٦٦

" قُل لَّا يَعۡلَمُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ٱلۡغَيۡبَ إِلَّا ٱللَّهُۚ " يقول الله تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول معلما لجميع الخلق أنه لا يعلم أحد من أهل السموات والأرض الغيب الا الله عز وجل وهذا استثناء منقطع أى لا يعلم أحد ذلك الا الله وحده فانه المتفرد بذلك وحده لا شريك له كما قال تعالى " وعنده مفاتيح الغيب لا يعلمها الا هو " ، " وَمَا يَشۡعُرُونَ أَيَّانَ يُبۡعَثُونَ " وما يشعر الخلائق الساكنون فى السموات والأرض بوقت الساعة كما قال تعالى " ثقلت فى السموات والأرض لا تأتيكم الا بغتة " أى ثقل علمها على أهل السموات والأرض ، "  بَلِ ٱدَّٰرَكَ عِلۡمُهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَة " قال أبن عباس يقول الله تعالى غاب علمهم بالآخرة فلا يدركون ميعادها أو أن علمهم انتهى وعجز عن معرفة وقتها أو تساوى فى العجز علم المسؤل والسائل كما ثبت فى الصحيح لمسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجبريل وقد سأله عن وقت الساعة " ما المسؤل عنها بأعلم من السائل " أى تساوى فى العجز فى درك ذلك علم المسؤل والسائل  ، " بَلۡ هُمۡ فِي شَكّٖ مِّنۡهَا " الأكثر من ذلك أن هؤلاء المشركون شاكون فى وجود الساعة ووقوعها ، " بَلۡ هُم مِّنۡهَا عَمُونَ "بل هم فى عماية وجهل كبير فى أمر الساعة وشأنها . 

4 . " وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَءِذَا كُنَّا تُرَٰبٗا وَءَابَآؤُنَآ أَئِنَّا لَمُخۡرَجُونَ ٦٧ لَقَدۡ وُعِدۡنَا هَٰذَا نَحۡنُ وَءَابَآؤُنَا مِن قَبۡلُ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّآ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ ٦٨ قُلۡ سِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُجۡرِمِينَ٦٩

" وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَءِذَا كُنَّا تُرَٰبٗا وَءَابَآؤُنَآ أَئِنَّا لَمُخۡرَجُونَ " يقول الله تعالى مخبرا عن منكرى البعث من المشركين أنهم استبعدوا اعادة الأجساد بعد صيرورتها عظاما ورفاتا وترابا ، "  لَقَدۡ وُعِدۡنَا هَٰذَا نَحۡنُ وَءَابَآؤُنَا مِن قَبۡلُ " يقول الكافرون ما زلنا نسمع بهذا نحن وآباؤنا ولا نرى له حقيقة ولا وقوعا ، " إِنۡ هَٰذَآ إِلَّآ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ "هذا أخذه قوم عمن قبلهم من كتبهم يتلقاه بعض عن بعض وليس له حقيقة ، "  قُلۡ سِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُجۡرِمِينَ " يخبر الله تعالى رسوله محمد صلى الله وسلم أن يقول لهؤلاء المشركين المكذبين بالرسل أن يسيروا فى الأرض وينظروا ماذا حدث للمكبين بالرسل زبما جاءوهم به من أمر المعاد وغيره وكيف حلت بهم نقمة الله وعذابه ونكاله زنجى الله من بينهم رسله الكرام ومن اتبعهم من المؤمنين فدل ذلك على صدق ما جاءت به الرسل وصحته ، " وَلَا تَحۡزَنۡ عَلَيۡهِم " يقول الله تعالى مسليا لنبيه صلى الله عليه وسلم أن لا يحزن هلى هؤلاء المكذبين بما جاء به ولا ياسف عليهم وتذهب نفسه عليهم حسرات .

5 . وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا ٱلۡوَعۡدُ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ٧١ قُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعۡضُ ٱلَّذِي تَسۡتَعۡجِلُونَ ٧٢

" وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا ٱلۡوَعۡدُ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ "يقول الله تعالى مخبرا عن المشركين فى سؤالهم عن يوم القيامة واستبعادهم وقوع ذلك ، " قُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعۡضُ ٱلَّذِي تَسۡتَعۡجِلُونَ " ردف اكم معناها عجل لكم كما قال مجاهد فى رواية عنه " عسى أن يكون ردف لكم " عجل لكم  يقول الله تعالى مخبرا رسوله محمد صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين كما قال ابن عباس من المحتمل والممكن أن يكون قرب أو أن يقرب لكم بعض الذى تستعجلون وهذا كقوله تعالى "ويقولون متى هو قل عسى أن يكون  قريبا " وقال تعالى " ويستعجلونك بالعذاب وان جهنم لمحيطة بالكافرين ".

6 . " إِنَّمَآ أُمِرۡتُ أَنۡ أَعۡبُدَ رَبَّ هَٰذِهِ ٱلۡبَلۡدَةِ ٱلَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُۥ كُلُّ شَيۡءٖۖ وَأُمِرۡتُ أَنۡ أَكُونَ مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ ٩١ وَأَنۡ أَتۡلُوَاْ ٱلۡقُرۡءَانَۖ فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهۡتَدِي لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَقُلۡ إِنَّمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُنذِرِينَ ٩٢ وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ فَتَعۡرِفُونَهَاۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ٩٣

يقول الله تعالى مخبرا عن رسوله صلى الله عليه وسلم " إِنَّمَآ أُمِرۡتُ أَنۡ أَعۡبُدَ رَبَّ هَٰذِهِ ٱلۡبَلۡدَةِ ٱلَّذِي حَرَّمَهَا" أمر الله رسول صلى الله عليه وسلم أن يعبده وهو رب كل شىء وسيده ورب العالمين ورب البلدة وهى مكة وذلك تعظيم لها ولمكانتها فاختصها الله وجعلها بلدا حراما شرعا و قدرا بتحريمه كما ثبت فى الصحيحين عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة " ان هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض فهو حرام بحرمة الله الى يوم القيامة ، لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده ولا يلتقط لقطته الا من عرفها ولا يختلى خلاها " ، "وَلَهُۥ كُلُّ شَيۡء" من باب عطف العام على الخاص أى هو رب هذه البلدة ورب كل شىء ومليكه لا اله الا هو ، " وَأُمِرۡتُ أَنۡ أَكُونَ مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ " يستمر أمر الله وتوجيهه لرسوله صلى الله عليه وسلم أنه من الموحدين المخلصين المنقادين لأمره المطيعين له ، " وَأَنۡ أَتۡلُوَاْ ٱلۡقُرۡءَانَ" وأمرت أن أبلغ هذا القرآن للناس ولى أسوة بالرسل الذين أنذروا قومهم وقاموا بما عليهم من أداء الرسالة اليهم وخلصوا من عهدتهم وحساب أممهم على الله تعالى كقوله تعالى " ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم " وكقوله " نتلو عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق " أى أنا مبلغ ومنذر ، "  فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهۡتَدِي لِنَفۡسِهِ " والهدى من الله " ليس عليك هداهم " ولكن الله يهدى من يشاء ومن اهتدى فلنفسه فهو مخير ما بين الخير والشر والايمان والضلال والله عليه الحساب ، " وَمَن ضَلَّ فَقُلۡ إِنَّمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُنذِرِينَ " ومن ابتعد عن الحق فحسابه على الله وانما أنت منذر ومذكر ولست عليهم بمسيطر وهذا كقوله " فانما عليك البلاغ وعلينا الحساب " وكقوله " انما أنت نذير والله على كل شىء وكيل "  وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ " يدعو الله رسوله محمد صلى الله عليه وسلم الى حمده هو الذى لا يعذب أحدا الا بعد قيام الحجة عليه والانذار اليه ، " سَيُرِيكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ فَتَعۡرِفُونَهَا " هذا ابلاغ من الله سبحانه وتعالى للبشر فآياته فى الكون كثيرة ومع تقدم العلم نكتشف الكثير من آيات الله فى الخلق والكون وهذا لأن القرآن سابق عصره ، " وهذا كقوله " سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق " ، " وَمَا رَبُّكَ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ" الله شهيد على كل شىء ولا يغفل عنه شىء وعن أبى سعيد قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا أيها الناس لا يغترن أحدكم بالله فان الله لو كان غافلا شيئا لأغفل البعوضة والخردلة والذرة " .

فى سورة القصص

1 . " فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلۡحَقُّ مِنۡ عِندِنَا قَالُواْ لَوۡلَآ أُوتِيَ مِثۡلَ مَآ أُوتِيَ مُوسَىٰٓۚ أَوَ لَمۡ يَكۡفُرُواْ بِمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ مِن قَبۡلُۖ قَالُواْ سِحۡرَانِ تَظَٰهَرَا وَقَالُوٓاْ إِنَّا بِكُلّٖ كَٰفِرُونَ ٤٨ قُلۡ فَأۡتُواْ بِكِتَٰبٖ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِ هُوَ أَهۡدَىٰ مِنۡهُمَآ أَتَّبِعۡهُ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ٤٩ فَإِن لَّمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهۡوَآءَهُمۡۚ وَمَنۡ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ بِغَيۡرِ هُدٗى مِّنَ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ ٥٠

 " فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلۡحَقُّ مِنۡ عِندِنَا قَالُواْ لَوۡلَآ أُوتِيَ مِثۡلَ مَآ أُوتِيَ مُوسَىٰٓ " يقول الله تعالى مخبرا عن القوم الذين لوعذبهم قبل قيام الحجة عليهم لاحتجوا بأنهم لم يأتهم رسول أنهم لما جاءهم الحق من عنده على لسان محمد صلى الله عليه وسلم قالوا على وجه التعنت والعناد والكفر والجهل والالحاد أنه لم يؤتى من الآيات الكثيرة مثل ما أوتى موسى من الآيات الكثيرة مثل العصا واليد والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم وتنقيص الزروع والثمار مما يضيق على أعداء الله وكفلق البحر وتظليل الغمام وانزال المن والسلوى الى غير ذلك من الآيات الباهرة والحجج القاهرة التى أجراها الله تعالى على يدىموسى عليه السلام حجة وبرهانا له على فرعون وملئه وبنى اسرائيل ومع هذاوكله لم ينجع فى فرعون وملئه بل كفروا بموسى وأخيه هارون كما قالوا لهما " أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء فى الأرض وما نحن لكما بمؤمنين " ، " أَوَ لَمۡ يَكۡفُرُواْ بِمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ مِن قَبۡلُۖ قَالُواْ سِحۡرَانِ تَظَٰهَرَا وَقَالُوٓاْ إِنَّا بِكُلّٖ كَٰفِرُونَ " يوبخ الله هؤلاء الكفار الذين يتحدثون عن الآيات بأن الله أرسل موسى عليه السلام بالآيات أو لم يكفروا بها وقالوا ساحران تعاونا وتناصرا وصدق كل منهما الآخر  وكفروا بهما  وقال السدى يعنى صدق كل واحد منهما الآخر ،  ، قال مجاهد : امرت اليهود قريشا أن يقولوا لمحمد صلى الله عليه وسلم ذلك فرد الله عليهم بقوله فى هذه الآية  وقال ابن عباس المشركون يعنون التوراة والقرآن لأنه قال من بعده " قُلۡ فَأۡتُواْ بِكِتَٰبٖ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِ هُوَ أَهۡدَىٰ مِنۡهُمَآ أَتَّبِعۡهُ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ " وكثيرا ما يقرن الله بين التوراة والقرآن كما قال تعالى " قل من أنزل الكتاب الذى جاء به موسى نورا وهدى للناس - الى أن قال - وهذا كتاب أنزلناه مبارك " وقال فى آخر السورة " ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذى أحسن " وقال الجن " انا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه " وقد علم بالضرورة لذوى الألباب أن الله تعالى لم ينزل كتابا من السماء فيما أنزل من الكتب المتعددة على أنبيائه أكمل ولا أشمل ولا أفصح ولا أعظم ولا أشرف من الكتاب الذى أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وهو القرآن وبعده فى الشرف والعظمة الكتاب الذى أنزله على موسى عليه السلام وهو الكتاب الذى قال فيه " انا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء " والانجيل انما أنزل متمما للتوراة ومحلا لبعض ما حرم على بنى اسرائيل ولهذا قال تعالى " قُلۡ فَأۡتُواْ بِكِتَٰبٖ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِ هُوَ أَهۡدَىٰ مِنۡهُمَآ أَتَّبِعۡهُ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ " أى فيما تدافعون به عن الحق وتعارضون به من الباطل ، " فَإِن لَّمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَكَ " فان لم يجيبوك عما قلت لهم ولم يتبعوا الحق ، " فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهۡوَآءَهُمۡ " وان لم يفعلوا ذلك ولن يفعلوه فاعلم أنهم انما يتبعون أهواءهم باطلا بلا دليل ولا حجة ، "  وَمَنۡ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ بِغَيۡرِ هُدٗى مِّنَ ٱللَّه " يذم الله  من يتبع هواه بدون دليل ولا حجة مأخوذة من كتاب الله بأنه لا يوجد من أضل منه ، " إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ " والله لا يهدى من هو مصر على الكفر ظالم لنفسه بل هو يتخبط فى الكفر والضلال .

2 . " قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمُ ٱلَّيۡلَ سَرۡمَدًا إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ مَنۡ إِلَٰهٌ غَيۡرُ ٱللَّهِ يَأۡتِيكُم بِضِيَآءٍۚ أَفَلَا تَسۡمَعُونَ ٧١ قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمُ ٱلنَّهَارَ سَرۡمَدًا إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ مَنۡ إِلَٰهٌ غَيۡرُ ٱللَّهِ يَأۡتِيكُم بِلَيۡلٖ تَسۡكُنُونَ فِيهِۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ ٧٢وَمِن رَّحۡمَتِهِۦ جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ لِتَسۡكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ ٧٣

 " قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمُ ٱلَّيۡلَ سَرۡمَدًا إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ مَنۡ إِلَٰهٌ غَيۡرُ ٱللَّهِ يَأۡتِيكُم بِضِيَآءٍۚ أَفَلَا تَسۡمَعُونَ " يقول الله تعالى ممتنا على عباده بما سخر لهم من الليل والنهار فهم لا قوام لهم بدونهما وبين الله تعالى أنه لو جعل الليل عليهم دائما سرمدا الى يوم القيامة لأضر ذلك بهم ولسئمته النفوس وانحصرت منه فهو وحده الذى جاء بالضياء الذى يضىء ظلمة الليل ليبصر به الخلائق وتستأنس  وخص الله الليل بالسمع لأنه فى الظلام تتعطل حاسة الرؤيا وتعمل حاسة السمع ، "  قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمُ ٱلنَّهَارَ سَرۡمَدًا إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ مَنۡ إِلَٰهٌ غَيۡرُ ٱللَّهِ يَأۡتِيكُم بِلَيۡلٖ تَسۡكُنُونَ فِيهِۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ " وكذلك اذا جعل الله النهار مستمرا سرمدا دائما الى يوم القيامة لأضر ذلك بعباده ولتعبت الأبدان وكلت من كثرة الحركات والأشغال فلا أحد غيره يأتى بالليل لستريح الأبدان وتسكن من حركاتها وأشغالها وخص البصر فى قوله أفلا تبصرون لأنه الحاسة الأولى فى النهار التى يعتمد عليها البشر فى حركاتهم برؤية الأشياء والتحرك فمن حرم من نعمة البصر تكون حياته ليل دائم وتكون باقى حواسه محدودة الحركة لأنه لا يرى فيتصرف كمن هو أعمى فقد حاسة البصر ولديه كل الحواس ، "  َمِن رَّحۡمَتِهِۦ جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ لِتَسۡكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ " من رحمة الله أن جعل هناك توازن بين الليل والنهار بين السكون والحركة فالنهار أنسم بالحركة والليل بالسكون لتستمر الحياة والانسان فى حياته فى حاجة الى كل منهما وهذه النعمة تستوجب الشكر لله بأنواع العبادات بالليل والنهار .

3 . " إِنَّ ٱلَّذِي فَرَضَ عَلَيۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٖۚ قُل رَّبِّيٓ أَعۡلَمُ مَن جَآءَ بِٱلۡهُدَىٰ وَمَنۡ هُوَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ ٨٥

" إِنَّ ٱلَّذِي فَرَضَ عَلَيۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَاد" اختلف فى تفسير هذه الآية بسبب تفسير كلمة " معاد"  فقيل يوم القيامة ويكون التفسير أن الله تعالى يأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ببلاغ الرسالة وتلاوة القرآن على الناس ومخبرا له بأنه سيرده الىمعاد وهو يوم القيامة فيسأله عما استرعاه من أعباء النبوة كقوله " فلنسألن الذين أرسل اليهم ولنسألن المرسلين " وقال تعالى " يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم " وقال السدى عن ابن عباس لرادك الى الجنة ثم سائلك عن القرآن وقال مجاهد يحييك يوم القيامة وقال الحسن البصرى ان له لمعادا فيبعثه الله يوم القيامة ثم يدخله الجنة وعن عكرمة عن ابن عباس "لرادك الى معاد " قال مكة أى لرادك الى مكة كما أخرجك منها وعن الضحاك قال لما خرج النبى صلى الله عليه وسلم من مكة فبلغ الحجفة اشتاق الى مكة فأنزل الله عليه الآية وهذا الكلام يقتضى أن تكون السورة مدنية وان كان مجموع السورة مكيا ،ووجه الجمع بين هذه الأقوال أن ابن عباس فسر ذلك تارة برجوع الرسول صلى الله عليه وسلم الى مكة وهو الفتح الذى هو عند ابن عباس أمارة على اقتراب أجل النبى صلى الله عليه وسلم كما فسر ابن عباس " اذا جاء نصر الله والفتح " أنه أجل الرسول صلى الله عليه وسلم نعى اليه وكان ذلك بحضرة عمر بن الخطاب ووافقه عمر على ذلك ، وفسر ابن عباس تارة أخرى بالموت وتارة بيوم القيامة الذى هو بعد الموت وتارة بالجنة التى هى جزاؤه ومصيره على أداء رسالة الله وابلاغها الى الثقلين الانس والجن ولأنه أكمل خلق الله وأفصح خلق الله وأشرف خلق الله على الاطلاق ، "  قُل رَّبِّيٓ أَعۡلَمُ مَن جَآءَ بِٱلۡهُدَىٰ وَمَنۡ هُوَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِين" يعقب الله تعالى على ذلك أنه قال لرسوله أن يبلغ أنه هو الذى أعلم من هو مهتد ومن هو فى ضلال واضح ممن خالفه وكذبه من قومه المشركين ومن تبعهم على كفرهم قل ربى أعلم بالمهتدى منكم ومنى وستعلمون لمن تكون له عاقبة الدار والنصرة فى الدنيا والآخرة  .

9- ) حكم كلمة " قل " فى القرآن الكريم

9- ) حكم كلمة " قل " فى القرآن الكريم

فى سورة المؤمنون

1 . "قُل لِّمَنِ ٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِيهَآ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ٨٤ سَيَقُولُونَ لِلَّهِۚ قُلۡ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ٨٥ قُلۡ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱلسَّبۡعِ وَرَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِيمِ ٨٦ سَيَقُولُونَ لِلَّهِۚ قُلۡ أَفَلَا تَتَّقُونَ ٨٧ قُلۡ مَنۢ بِيَدِهِۦ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيۡءٖ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيۡهِ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ٨٨ سَيَقُولُونَ لِلَّهِۚ قُلۡ فَأَنَّىٰ تُسۡحَرُونَ ٨٩ بَلۡ أَتَيۡنَٰهُم بِٱلۡحَقِّ وَإِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ ٩٠

يقرر الله تعالى وحدانيته واستقلاله بالخلق والتصرف والملك ليرشد الى أنه الله الذى لا اله الا هو ولا ينبغى العبادة الا له وحده لا شريك له  " قُل لِّمَنِ ٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِيهَآ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ " قال الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين العابدين معه غيره من له الأرض وما فيها وما عليها من الحيوانات والنباتات والثمرات وسائر صنوف المخلوقات ان كان لهم عقول وأفهام تعى وتفهم وتعلم ،"  سَيَقُولُونَ لِلَّهِۚ قُلۡ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ " لايملكون الا أن يقولوا كل ذلك لله فهم يعترفون أن الذين عبدوهم لا يخلقون شيئا ولا يملكون شيئا ولا يستبدون بشىء بل اعتقدوا أنهم يقربوهم الى الله زلفى كقوله " ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى " ، "  قُلۡ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱلسَّبۡعِ وَرَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِيمِ " قل لهم من خالق العالم العلوى بما فيه من الكواكب والملائكة وكل شىء وهو رب العرش العظيم الذى هو سقف المخلوقات فى الحديث " ما السموات السبع والأرضون السبع وما بينهن وما فيهن فى الكرسى الا كحلقة ملقاة بأرض فلاة ، وان الكرسى بما فيه بالنسبة الى العرش كتلك الحلقة فى تلك الفلاة " وقال أبن عباس العرش لا يقدره أحد الا الله عز وجل وفى هذه الآية " رب العرش العظيم " أى الكبير وفى آخر السورة " رب العرش الكريم" أى الحسن البهى فقد جمع العرش بين العظمة فى الاتساع والعلو والحسن الباهر  ، " سَيَقُولُونَ لِلَّهِۚ قُلۡ أَفَلَا تَتَّقُونَ " لا يملكون الا أن يقولوا ان كل ذلك لله فقل لهم اذا كنتم تعترفون بأنه رب السموات ورب العرش العظيم أفلا تخافون عقابه وتحذرون عذابه فى عبادتكم معه غيره واشراككم به ، " قُلۡ مَنۢ بِيَدِهِۦ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيۡء" قل لهم يا محمد أيضا من بيده الملك متصرف فيه ملكوت كل شىء  ، "وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيۡهِ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ" وهوالله السيد العظيم الذى لا أعظم منه يجير من استجار به وينصره الذى له الخلق والأمر لا معقب لحكمه وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن وكانت العرب اذا كان السيد فيهم فأجار أحدا ليس لمن دونه أن يجير عليه   " سَيَقُولُونَ لِلَّهِۚ " سيعترفون أن السيد العظيم الذى يجير ولا يجار عليه هو الله تعالى وحده لا شريك له  " قُلۡ فَأَنَّىٰ تُسۡحَرُونَ " قل لهم فكيف تذهب عقولكم فى عبادتكم معه غيره مع اعترافكم وعلمكم بذلك  ، " بَلۡ أَتَيۡنَٰهُم بِٱلۡحَقِّ " الحق هو ما أتى الله به من اعلام بأنه لا اله الى الله وأقام الأدلة الصحيحة الواضحة القاطعة على ذلك ، " وَإِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ "  وهم كاذبون فى عبادتهم مع الله غيره ولا دليل لهم على ذلك كما قال تعالى " ومن يدع مع الله الها آخر لا برهان له به فانما حسابه عند ربه انه لا يفلح الكافرون " فالمشركون لا يفعلون ذلك عن دليل قادهم الى ماهم فيه من الافك والضلال ، وانما يفعلون ذلك اتباعا لآبائهم وأسلافهم كما قال تعالى عنهم " انا وجدنا آباءنا على أمة وانا على آثارهم مقتدون " .

2 . "قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ ٩٣ رَبِّ فَلَا تَجۡعَلۡنِي فِي ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّٰلِمِينَ ٩٤ وَإِنَّا عَلَىٰٓ أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمۡ لَقَٰدِرُونَ ٩٥ ٱدۡفَعۡ بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ ٱلسَّيِّئَةَۚ نَحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَصِفُونَ ٩٦ وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنۡ هَمَزَٰتِ ٱلشَّيَٰطِينِ ٩٧ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحۡضُرُونِ ٩٨

يقول الله تعالى آمرا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يدعو بهذا الدعاء عند حلول النقم " قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ *  رَبِّ فَلَا تَجۡعَلۡنِي فِي ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّٰلِمِينَ " رب ان عاقبت القوم الظالمين وأنا أشاهد ذلك فلا تجعلنى فيهم كما جاء فى الحديث الذى رواه الامام أحمد والترمذى وصححه " واذا أردت بقوم فتنة فتوفنى اليك غير مفتون " ،  وَإِنَّا عَلَىٰٓ أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمۡ لَقَٰدِرُونَ " يقول الله تعالى لو شئنا بقدرتنا لأريناك ما نحل بهم من النقم والبلاء والمحن ، " ٱدۡفَعۡ بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ ٱلسَّيِّئَةَۚ نَحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَصِفُونَ " قال الله لرسول صلى الله عليه وسلم مرشدا له الى الترياق النافع فى مخالطة الناس وهو الاحسان الى من يسىء اليه ليستجلب خاطره فتعود عداوته صداقة وبغضه محبة كما قال " ادفع بالتى هى أحسن فاذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه وليم حميم * وما يلقاها الا الذين صبروا وما يلقاها الا ذو حظ عظيم " وما يلقى الجزاء الحسن فى الدنيا والآخرة الا الذين صبروا على أذى الناس فعاملوهم بالجميل مع اسدائهم اليهم القبيح ، " وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنۡ هَمَزَٰتِ ٱلشَّيَٰطِينِ " أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ به من الشياطين لأنهم لا تنفع معهم الحيل ولا ينقادون بالمعروف وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول " أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه " ، " وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحۡضُرُونِ " وأعوذ بك ربى أن تحضر الشياطين فى شىء من أمرى ولهذا أمربذكر الله فى ابتداء الأمور وذلك لطرد الشيطان عند الأكل والجماع والذبح وغير ذلك من الأمور وروى أبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول " اللهم انى أعوذ بك من الهرم ، وأعوذ بك من الهدم ومن الغرق ، وأعوذ بك أن يتخبطنى الشيطان عند الموت " وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال :كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات يقولهن عند النوم من الفزع " بسم الله أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون " .

3 . "وَمَن يَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ لَا بُرۡهَٰنَ لَهُۥ بِهِۦ فَإِنَّمَا حِسَابُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦٓۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡكَٰفِرُونَ ١١٧ وَقُل رَّبِّ ٱغۡفِرۡ وَٱرۡحَمۡ وَأَنتَ خَيۡرُ ٱلرَّٰحِمِينَ ١١٨

" وَمَن يَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ لَا بُرۡهَٰنَ لَهُۥ بِهِ " يقول الله تعالى متوعدا من أشرك به غيره وعبد معه سواه ومخبرا أن من أشرك بالله لا برهان له أى لا دليل له على قوله ، " فَإِنَّمَا حِسَابُهُۥ عِندَ رَبِّهِ" الله يحاسبه على كفره ، " إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡكَٰفِرُونَ " والكافرون لا فلاح لهم ولا نجاة يوم القيامة ، " وَقُل رَّبِّ ٱغۡفِرۡ وَٱرۡحَمۡ وَأَنتَ خَيۡرُ ٱلرَّٰحِمِينَ " هذا ارشاد من الله تعالى الى هذا الدعاء والغفر هو محو الذنب وستره عن الناس والرحمة معناها أن يسدده الله ويوفقه فى الأقوال والأفعال فهو خير الراحمين فلا ترجى المغفرة والرحمة الا منه .

فى سورة النور

1 ."قُل لِّلۡمُؤۡمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِمۡ وَيَحۡفَظُواْ فُرُوجَهُمۡۚ ذَٰلِكَ أَزۡكَىٰ لَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا يَصۡنَعُونَ ٣٠

 " قُل لِّلۡمُؤۡمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِمۡ " هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم عما حرم عليهم فلا ينظروا الا الى ما أباح لهم النظر اليه وأن يغمضوا أبصارهم عن المحارم فان اتفق أن وقع البصر على محرم من غير قصد فليصرف بصره عنه سريعا كما رواه مسلم فى صحيحه عن جرير بن عبد الله البجلى رضى الله عنه قال : سألت النبى صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة فأمرنى أن أصرف بصرى وفى رواية لبعضهم فقال " اطرق بصرك " يعنى أنظر الى الأرض ،والصرف أعم فانه قد يكون الى الأرض والى جهة أخرى وعن عبد الله بن بريده عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلى " يا على لا تتبع النظرة النظرة فان لك الأولى وليس لك الآخرة " وفى الصحيح عن أبى سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اياكم والجلوس على الطرقات " قالوا : يا رسول الله لابد لنا من مجالسنا نتحدث فيها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ان أبيتم فاعطوا الطريق حقه " قالوا : وما حق الطريق يا رسول الله ؟ " قال : غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر " ، كما أمر الله بحفظ الأبصار فلا تنظر الى حرام أمر حفظ الفروج  " وَيَحۡفَظُواْ فُرُوجَهُمۡ " حفظ الفرج يكون تارة بمنعه من الزنا كما قال تعالى " والذين هم لفروجهم حافظون " وتارة يكون بحفظه من النظر اليه كما جاء فى الحديث فى مسند أحمد والسنن " احفظ عورتك الا من زوجتك أو ما ملكت يمينك " ، " ذَٰلِكَ أَزۡكَىٰ لَهُمۡ " ذلك الفعل وهو غض البصر وحفظ الفرج أطهر لقلوب المؤمنين وأنقى لدينهم كما قيل من حفظ بصره أورثه الله نورا فى بصيرته ، ويروى فى قلبه وعن أبى أمامة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال " ما من مسلم ينظر الى محاسن امرأة ثم يغض بصره الا أخلفه الله له عبادة يجد حلاوتها " وعن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ان النظر سهم من سهام ابليس مسموم ، من تركها مخافتى أبدلته ايمانا يجد حلاوته فى قلبه " وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة ، فزنا العينين النظر ، وزنا اللسان النطق ، وزنا الأذنين الاستماع ، وزنا اليدين البطش ، وزنا الرجلين الخطى ، والنفس تمنى وتشتهى ، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه " رواه البخارى ومسلم  ، " انَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا يَصۡنَعُونَ " الله يعلم ما يصنع البشر فى السر والعلن كما قال " يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور " .  

2 . " وَقُل لِّلۡمُؤۡمِنَٰتِ يَغۡضُضۡنَ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِنَّ وَيَحۡفَظۡنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنۡهَاۖ وَلۡيَضۡرِبۡنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّۖ وَلَا يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوۡ ءَابَآئِهِنَّ أَوۡ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوۡ أَبۡنَآئِهِنَّ أَوۡ أَبۡنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوۡ إِخۡوَٰنِهِنَّ أَوۡ بَنِيٓ إِخۡوَٰنِهِنَّ أَوۡ بَنِيٓ أَخَوَٰتِهِنَّ أَوۡ نِسَآئِهِنَّ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُنَّ أَوِ ٱلتَّٰبِعِينَ غَيۡرِ أُوْلِي ٱلۡإِرۡبَةِ مِنَ ٱلرِّجَالِ أَوِ ٱلطِّفۡلِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يَظۡهَرُواْ عَلَىٰ عَوۡرَٰتِ ٱلنِّسَآءِۖ وَلَا يَضۡرِبۡنَ بِأَرۡجُلِهِنَّ لِيُعۡلَمَ مَا يُخۡفِينَ مِن زِينَتِهِنَّۚ وَتُوبُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ٣١

هذا أمر من الله تعالى للنساء المؤمنات وغيرة منه لأزواجهن عباده المؤمنين وتمييز لهن عن صفة نساء الجاهلية وفعال المشركات ، وكان سبب نزول الآية ما ذكره مقاتل بن حيان: بلغنا أن جابر بن عبد الله الانصارى حدث أن أسماء بنت مرتد كانت فى محل لها فى بنى حارثة فجعل النساء يدخلن عليها غير متزرات فيبدو ما فى أرجلهن من الخلاخل وتبدو صدورهن وذوائبهن فقالت أسماء ما أقبح هذا فأنزل الله تعالى"وَقُل لِّلۡمُؤۡمِنَٰتِ يَغۡضُضۡنَ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِنَّ " أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بتبليغ النساء المؤمنات أن الله حرم عليهن من النظر الى غير أزواجهن ، ولهذا ذهب كثير من العلماء الى أنه لا يجوز للمرأة النظر الى الرجال الأجانب بشهوة ولا بغير شهوة أصلا عن نبهان مولى أم سلمة أنها حدثته أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وميمونة قالت فبينما نحن عنده أقبل أبن أم مكتوم وعن كفيف البصر فدخل عليه وذلك بعدما أمرنا بالحجاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " احتجبا منه " فقلت : يا رسول الله أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا ؟ " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أوعمياوان أنتما ؟ أو لستما تبصرانه ؟ " ، " وَيَحۡفَظۡنَ فُرُوجَهُنَّ " قال سعيد بن جبير يحفظن فروجهن عن الفواحش وقال مقاتل عن الزنا وقال أبو العالية كل آية نزلت فى القرآن يذكر فيها حفظ الفروج فهومن الزنا الا هذه الآية " ويحفظن فروجهن " أن لايراها أحد ، " وَلَا يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنۡهَا " لايظهرن شيئا من الزينة للأجانب الا ما لايمكن اخفاؤه قال أبن عباس وجهها وكفيها والخاتم فعن عائشة رضى الله عنها أن أسماء بنت أبى بكر دخلت على النبى صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها وقال " يا أسماء ان المرأة اذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها الا هذا " وأشار الى وجهه وكفيه  وعن عبد الله قال الزينة القرط والدملوج والخلخال والقلادة وفى رواية عنه قال : الزينة زينتان : فزينة لا يراها الا الزوج : الخاتم والسوار ، وزينة يراها الأجانب وهى الظاهر من الثياب ، " وَلۡيَضۡرِبۡنَ " قال سعيد بن جبير وليشددن أى يغطين ، " بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ " الخمر جمع خمار وهو ما يخمر به أى يغطى به الرأس وهى التى تسميها الناس المقانع أى يشددن المقانع على النحر والصدر فلا يرى منه شىء يعنى أن المقانع يعمل لها ضيقات ضاربات على صدورهن لتوارى ما تحتها من صدرها وترائبها ليخالفن شعار نساء أهل الجاهلية فانهن لم يكن يفعلن ذلك بل كانت المرأة منهن تمر بين الرجال مسفحة بصدرها لا يواريه شىء وربما أظهرت عنقها وذوائب شعرها وأقرطة أذانها فأمر الله المؤمنات أن يستترن فى هيئاتهن وأحوالهن كما قال تعالى " يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين " وعن عائشة رضى الله عنها قالت : يرحم الله النساء المهاجرات الأول لما أنزل الله"وليضربن بخمرهن على جيبوبهن " شققن أكتف مروطهن فاختمرن بها " ، " وَلَا يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ " لا يظهرن الزينة الا لأزواجهن ، " أَوۡ ءَابَآئِهِنَّ أَوۡ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوۡ أَبۡنَآئِهِنَّ أَوۡ أَبۡنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوۡ إِخۡوَٰنِهِنَّ أَوۡ بَنِيٓ إِخۡوَٰنِهِنَّ أَوۡ بَنِيٓ أَخَوَٰتِهِنَّ " الأب والحما أى أب الزوج أو الابن أو ابناء الزوج أو الأخ أو ابن الأخ أو ابن الأخت هؤلاء هم المحارم للمرأة يجوز لها أن تظهر بزينتها ولكن من غير تبرج ولا تضع خمارها عند العم والخال فأما الزوج فان ذلك كله من أجله فتتصنع له بما لا يكون بحضرة غيره ، " أَوۡ نِسَآئِهِنَّ " يعنى تظهر بزينتها أيضا للنساء المسلمات دون نساء أهل الذمة لئلا تصفهن لرجالهن وذلك ان كان محذورا فى جميع النساء الا أنه فى نساء أهل الذمة أشد فانهن لا يمنعهن من ذلك مانع فأما المسلمة فانها تعلم أن ذلك حرام فتنزجر عنه ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تباشر المرأة المرأة تنعتها لزوجها كأنه ينظر اليها " وعن الحارث بن قيس أن عمر بن الخطاب كتب الى أبى عبيدة : أما بعد فانه بلغنى أن نساء من نساء المسلمين يدخلن الحمامات مع نساء أهل الشرك فانه من قبلك فلا يحل لأمرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن ينظر الى عورتها الا أهل ملتها " ,قال مجاهد فى قوله" أو نسائهن " نساؤهن المسلمات ليس المشركات من نسائهن وليس للمرأة المسلمة أن تنكشف بين يدى مشركة وقال أبن عباس هن المسلمات لا تبديه ليهودية ولا نصرانية وهو النحر والقرط والوشاح وما لايحل أن يراه الا محرم ، وقال مجاهد لا تضع المسلمة خمارها عند مشركة فليست من نسائهن وعن مكحول وعبادة بن نسى أنهما كرها أن تقبل النصرانية واليهودية والمجوسية المسلمة ، " أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُنَّ " قال أبن جرير يعنى من نساء المشركين فيجوز لها أن تظهر زينتها لها وان كانت مشركة لأنها أمتها وعن أم سلمة ذكرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " اذا كان لاحداكن مكاتب وكان له ما يؤدى فلتحتجب منه " ، " أَوِ ٱلتَّٰبِعِينَ غَيۡرِ أُوْلِي ٱلۡإِرۡبَةِ مِنَ ٱلرِّجَالِ " يعنى كالأجراء والأتباع ليسوا بأكفاء وهم مع ذلك فى عقولهم وله وقال أبن عباس هو المغفل الذى لا شهوة له وقال مجاهد هو الأبله ولا هم لهم الى النساء ولا يشتهونهن قال عكرمة هو المخنث الذى لا يقوم ذكره وعن عائشة رضى الله عنها قالت : كان رجل يدخل على أزواج النبى صلى الله عليه وسلم مخنث وكانوا يعدونه من غير أولى الاربة فدخل النبى صلى الله عليه وسلم وهو عند بعض نسائه وهو ينعت امرأة فقال : انها اذا أقبلت أقبلت بأربع واذا أدبرت أدبرت بثمان " فقال النبى صلى الله عليه وسلم " ألا أرى هذا يعلم ما ههنا لا يدخلن عليكم هذا " فحجبوه ، " أَوِ ٱلطِّفۡلِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يَظۡهَرُواْ عَلَىٰ عَوۡرَٰتِ ٱلنِّسَآءِ " الأطفال الصغار الذين لم يبلغون الحلم لا يفهمون أحوال النساء وعوراتهن من كلامهن وحركاتهن وسكناتهن فاذا كان الطفل صغيرا لا يفهم ذلك فلا بأس بدخوله على النساء فأما ان كان مراهقا أو قريبا منه بحيث يعرف ذلك ويدريه ويفرق بين الشوهاء والحسناء فلا يمكن من الدخول على النساء وقد ثبت فى الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " اياكم والدخول على النساء " قيل يا رسول الله أفرأيت الحمو ؟ قال " الحمو والموت " ، " وَلَا يَضۡرِبۡنَ بِأَرۡجُلِهِنَّ لِيُعۡلَمَ مَا يُخۡفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ" كانت المرأة فى الجاهلية اذا كانت تمشى فى الطريق وفى رجلها خلخال صامت لا يعلم صوته ضربت برجلها الأرض فتسمع الرجال طنينه فنهى الله المؤمنات عن مثل ذلك ، وكذا اذا كان شىء من زينتها مستورا فتحركت بحركة لتظهر ما هو خفى دخل فى هذا النهى ، ومن ذلك أنها تنهى عن التعطر والتطيب عند خروجها من بيتها فيشم الرجال طيبها فعن أبى موسى رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال " كل عين زانية والمرأة اذا استعطرت فمرت بالمجلس فهى كذا وكذا " يعنى زانية ، ومن ذلك أيضا أنهن نهين عن المشى فى وسط الطريق لما فيه من التبرج وعن حمزة بن أبى أسيد الأنصارى عن أبيه أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم وهو خارج من المسجد ، وقد اختلط الرجال مع النساء فى الطريق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء " استأخرن فانه ليس لكن أن تحتضن الطريق ، عليكن بحافات الطريق " فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى أن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به ،" وَتُوبُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ " يأمر الله المؤمنين أن يفعلوا ما أمرهم به من هذه الصفات الجميلة والأخلاق الجليلة وأن يتركوا ما كان عليه أهل الجاهلية من الأخلاق والصفات الرذيلة فان الفلاح كل الفلاح فى فعل ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم وترك ما نهيا عنه .

3  " وَأَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ لَئِنۡ أَمَرۡتَهُمۡ لَيَخۡرُجُنَّۖ قُل لَّا تُقۡسِمُواْۖ طَاعَةٞ مَّعۡرُوفَةٌۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ ٥٣. قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا عَلَيۡهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيۡكُم مَّا حُمِّلۡتُمۡۖ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهۡتَدُواْۚ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ ٥٤

" وَأَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ" يقول الله تعالى مخبرا عن أهل النفاق الذين كلنوا يحلفون للرسول صلى الله عليه وسلم لئن أمرتهم بالخروج فى الغزو أقسموا بالله عظيم الأيمان والقسم ، " لَئِنۡ أَمَرۡتَهُمۡ لَيَخۡرُجُنَّۖ " ان أمرتهم بالخروج معك للغزو أنهم سيخرجون ، " قُل لَّا تُقۡسِمُواْۖ " قل لهم لا تحلفوا ، " طَاعَة مَّعۡرُوفَةٌ " طاعتكم طاعة معروفة أى قد علم الله طاعتكم انما هى قول لا فعل معه وكلما حلفتم كذبتم ،" كما قال تعالى " يحلفون لكماترضوا عنهم " وقال تعالى " اتخذوا أيمانهم جنة " ، "إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ " والله خبير بكم وبمن يطيع ممن يعصى ، فالحلف واظهار الطاعة والباطن خلافه وان راج على المخلوق فالخالق تعالى يعلم السر وأخفى لا يروج عليه شىء من التدليس بل هوخبير بضمائرعباده وان أظهروا خلافها، " قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ " اتبعوا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم " فَإِن تَوَلَّوۡاْ " فان تتولوا عنه وتتركوا ما جاءكم به ، "فَإِنَّمَا عَلَيۡهِ مَا حُمِّلَ " فان عليه ما حمل أى ما كلف من ابلاغ الرسالة واداء الأمانة ، " وَعَلَيۡكُم مَّا حُمِّلۡتُمۡ " أى عليكم أنتم ما كلفتم به كذلك بقبول ذلك وتعظيمه والقيام بمقتضاه ، " وَإِن تُطِيعُوهُ تَهۡتَدُوا" وان تطيعوا الرسول صلى الله عليه وسلم تهتدوا لأنه يدعو الى صراط مستقيم كقوله " فانما عليك البلاغ وعلينا الحساب " ،" وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ " مهمة الرسول هوالتبليغ لما أنزل اليه من ربه تبليغا واضحا لا ريب فيه كقوله " فذكر انما أنت مذكر ليس عليهم بمسيطر" .

فى سورة الفرقان

1 . " وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّآ إِفۡكٌ ٱفۡتَرَىٰهُ وَأَعَانَهُۥ عَلَيۡهِ قَوۡمٌ ءَاخَرُونَۖ فَقَدۡ جَآءُو ظُلۡمٗا وَزُورٗا ٤ وَقَالُوٓاْ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ ٱكۡتَتَبَهَا فَهِيَ تُمۡلَىٰ عَلَيۡهِ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلٗا ٥ قُلۡ أَنزَلَهُ ٱلَّذِي يَعۡلَمُ ٱلسِّرَّ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّهُۥ كَانَ غَفُورٗا رَّحِيمٗا ٦

يقول الله تعالى مخبرا عن سخافة عقول الجهلة من الكفار فى قولهم عن القرآن " وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّآ إِفۡكٌ " قال الذين كفروا عن القرآن انه كذب ، " ٱفۡتَرَىٰهُ وَأَعَانَهُۥ عَلَيۡهِ قَوۡمٌ ءَاخَرُونَ " يقصدون ان النبى محمد صلى الله عليه وسلم هو الذى جاء بهذا الكذاب افتراه من الفرية وهى الكذب واستعان بجمعه بقوم آخرين يقصدون أهل الكتاب من اليهود والنصارى وأنه نقل عنهم ، " فَقَدۡ جَآءُو ظُلۡمٗا وَزُورٗا " ما يقوله هؤلاء الكفار هو قول باطل ظالم يتجاوز عن الحق وهم يعرفون أن ما يقولون باطل ويعرفون كذب أنفسهم فيما زعموه ، " وَقَالُوٓاْ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ ٱكۡتَتَبَهَا " يزعم هؤلاء أن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه نقل ونسخ ما جاء به من كتب الأوائل الذين سبقوه ، " فَهِيَ تُمۡلَىٰ عَلَيۡهِ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلٗا " وأن هذه الكتب التى ترده ممن سبقه تقرأ عليه فى أول النهار وآخره وهذا الكلام لسخافته وكذبه وبهته منهم يعلم كل أحد بطلانه فانه قد علم بالتواتر وبالضرورة أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يعانى شيئا من الكتابة لا فى أول عمره ولا فى آخره فهو أمى لا يعرف القراءة والكتابة وقد نشأ بين أظهرهم من أول مولده الى أن بعثه الله نحوا من أربعين سنة وهم يعرفون مدخله ومخرجه وصدقه ونزاهته وبره وأمانته وبعده عن الكذب والفجور وسائر الأخلاق الرذيلة حتى أنهم كانوا يسمونه فى صغره والى أن بعث بالصادق الأمين لما يعلمونه من صدقه وبره فلما أكرمه الله بما أكرمه به من النبوة والرسالة نصبوا له العداوة ورموهبهذه الأقوال التى يعلمكل عاقل براءته منها وحاروا فيما يقذفونه به فتارة من افكهم يقولون ساحر وتارة يقولون شاعر وتارة يقولون مجنون وتارة يقولون كذاب ، " قُلۡ أَنزَلَهُ ٱلَّذِي يَعۡلَمُ ٱلسِّرَّ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ " قال الله تعالى فى جواب ما عاند الكفار وافتروا أنه هو الذى أنزل القرآن المشتمل على أخبار الأولين والآخرين اخبارا حقا صدقا مطابقا للواقع فى الخارج ماضيا ومستقبلا الذى يعلم السر الذى يعلم غيب السموات والأرض ويعلم السرائر كعلمه بالظواهر ، " إِنَّهُۥ كَانَ غَفُورٗا رَّحِيمٗا " دعاء من الله للكفار الى التوبة والانابة واخبار لهم بأن رحمته واسعة وأن حلمه عظيم وأن من تاب تاب عليه فهؤلاء مع كذبهم وافترائهم وفجورهم وبهتانهم وكفرهم وعنادهم وقولهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما قالوا يدعوهم الى التوبة والاقلاع عما هم فيه الى الاسلام والهدى وقال الحسن البصرى انظروا الى هذا الكرم والجود قتلوا أولياءه وهو يدعوهم الى التوبة والرحمة .

2 " . بَلۡ كَذَّبُواْ بِٱلسَّاعَةِۖ وَأَعۡتَدۡنَا لِمَن كَذَّبَ بِٱلسَّاعَةِ سَعِيرًا ١١ إِذَا رَأَتۡهُم مِّن مَّكَانِۢ بَعِيدٖ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظٗا وَزَفِيرٗا ١٢ وَإِذَآ أُلۡقُواْ مِنۡهَا مَكَانٗا ضَيِّقٗا مُّقَرَّنِينَ دَعَوۡاْ هُنَالِكَ ثُبُورٗا ١٣ لَّا تَدۡعُواْ ٱلۡيَوۡمَ ثُبُورٗا وَٰحِدٗا وَٱدۡعُواْ ثُبُورٗا كَثِيرٗا ١٤ قُلۡ أَذَٰلِكَ خَيۡرٌ أَمۡ جَنَّةُ ٱلۡخُلۡدِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَۚ كَانَتۡ لَهُمۡ جَزَآءٗ وَمَصِيرٗا ١٥ لَّهُمۡ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ خَٰلِدِينَۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعۡدٗا مَّسُۡٔولٗا ١٦

بَلۡ كَذَّبُواْ بِٱلسَّاعَةِۖ وَأَعۡتَدۡنَا لِمَن كَذَّبَ بِٱلسَّاعَةِ سَعِيرًا " هؤلاء الكفار كذبوا بيوم القيامة وبالبعث بعد الموت وأرصد الله لمن كذب بيوم القيامة عابا أليما حارا لا يطاق فى نار جهنم ، " إِذَا رَأَتۡهُم مِّن مَّكَانِۢ بَعِيدٖ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظٗا وَزَفِيرٗا " يتحدث الله عن جهنم أنها اذا رأت الكافرين يردون اليها من بعيد قال السدى من مسيرة مائة عام سمع هؤلاء الكافرون حنق جهنم عليهم وغضبها منهم كما قال تعالى " اذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهى تفور تكاد تميز من الغيظ " أى يكاد بعضها ينفصل من بعض من شدة غيظها على من كفر بالله وعنخالد بندريك باسناده عن رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من يقل على ما لم أقل أو ادعى الى غير والديه أو انتمى الى غير مواليه فليتبوأ مقعده من النار - وفى رواية - فليتبوا بين عينى جهنم مقعدا " قيل يا رسول الله وهل لها عينين ؟ قال " أما سمعتم الله يقول " اذا رأتهم من مكان بعيد " ، " وَإِذَآ أُلۡقُواْ مِنۡهَا مَكَانٗا ضَيِّقٗا مُّقَرَّنِينَ دَعَوۡاْ هُنَالِكَ ثُبُورٗا لَّا تَدۡعُواْ ٱلۡيَوۡمَ ثُبُورٗا وَٰحِدٗا وَٱدۡعُواْ ثُبُورٗا كَثِيرٗا " يتحدث الله تعالى عن حال الكفار عند القائهم فى النار قال الضحاك الثبور الهلاك والأظهر أن الثبور يجمع الهلاك والويل والحسرة والدمار كما قال موسى عليه السلام لفرعون " وانى لأظنك يا فرعون مثبورا " أى هالكا فهى تضيق عليهم فيدعون وينادون يا ثبوراه فيقال لهم لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا وقال أبن عباس لا تدعوا اليوم ويلا واحدا وادعوا ويلا كثيرا ،  " قُلۡ أَذَٰلِكَ خَيۡرٌ أَمۡ جَنَّةُ ٱلۡخُلۡدِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَۚ كَانَتۡ لَهُمۡ جَزَآءٗ وَمَصِيرٗا " يقول تعالى : يا محمد هذا الذى وصفناه لك من حال الأشقياء الذين يحشرون على وجوههم الى جهنم فتلقاهم بوجه عبوس وتغيظ وزفير ويلقون فى أماكنها الضيق مقرنين لا يستطيعون حراكا ولا استنصارا ولا فكاكا مما هم فيه أهذا خيرا أم جنة الخلد التى وعدها الله المتقين من عباده التى أعدها لهم وجعلها لهم جزاءا ومصيرا على ما أطاعوه فى الدنيا ، " لَّهُمۡ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ " جعل الله لهم مآلهم اليها من الملاذ من مآكل ومشارب وملابس ومساكن ومراكب ومناظر وغير ذلك مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، " خَٰلِدِينَ" وهم فى ذلك خالدون أبدا دائما سرمدا بلا انقطاع ولا زوال ولا انقضاء ولا يبغون عنها حولا وهذا من وعد الله الذى تفضل به عليهم وأحسن به اليهم ، "  "كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعۡدٗا مَّسُۡٔولٗا " وهذا وعد الله الواجب الذى يجب أن يقع وعن أبن عباس قال يقول تعالى سلوا الذين واعدتكم وقال أبوحازم اذا كان يوم القيامة قال المؤمنون ربنا عملنا لك بالذى أمرتنا فأنجز لنا ما وعدتنا فذلك قوله " وعدا مسؤلا " .  

3 .  " وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا مُبَشِّرٗا وَنَذِيرٗا ٥٦ قُلۡ مَآ أَسَۡٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ مِنۡ أَجۡرٍ إِلَّا مَن شَآءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِيلٗا ٥٧ 

" وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا مُبَشِّرٗا وَنَذِيرٗا " يقول الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم أنه أرسله بشيرا للمؤمنين ونذيرا للكافرين ، مبشرا بالجنة لمن أطاع الله ونذيرا بين يدى عذاب شديد لمن خاف أمر الله ، "  قُلۡ مَآ أَسَۡٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ مِنۡ أَجۡرٍ " يقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن يقول أنه لا يريد عن هذا البلاغ وهذا الانذار من أجرة يطلبها من أموالهم    ، " إِلَّا مَن شَآءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِيلٗا " أنى أفعل ذلك ابتغاء وجه الله تعالى لم يريد أن يتبع سبيل الله ويتخذه طريقا ومسلكا ومنهجا يقتدى فيه بما جئت به من عند الله .

4 . " قُلۡ مَا يَعۡبَؤُاْ بِكُمۡ رَبِّي لَوۡلَا دُعَآؤُكُمۡۖ فَقَدۡ كَذَّبۡتُمۡ فَسَوۡفَ يَكُونُ لِزَامَۢا ٧٧

" قُلۡ مَا يَعۡبَؤُاْ بِكُمۡ رَبِّي لَوۡلَا دُعَآؤُكُمۡ " أبلغهم يامحمد أن الله لا يكترث بهم اذا لم يعبدوه فانه انما خلق الخلق ليعبدوه ويوحدوه ويسبحوه بكرة وأصيلا  ، " فَقَدۡ كَذَّبۡتُمۡ فَسَوۡفَ يَكُونُ لِزَامَۢا " وأخبر تعالى الكفار أنه لا حاجة له بهم اذ لم يخلقهم مؤمنين ولو كان له بهم حاجة لحبب اليهم الايمان كما حببه الى المؤمنين فقد كذبوا بما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم من عنده فسوف يكون تكذيبهم لزاما لهم مفضيا لعذابهم وهلاكهم ودمارهم فى الدنيا والآخرة وقال الحسن البصرى يلقون العذاب وسوء المنقلب يوم القيامة .

150-] English Literature

150-] English Literature Letitia Elizabeth Landon     List of works In addition to the works listed below, Landon was responsible for nume...