منهج
الاسلام لاسقاط الفرعونية فى النفوس.
جاء الاسلام بالعدل فى ظل آله واحد
، والاسلام والفرعونية على النقيض ، فالاسلام ينظر الى الحاكم أنه بشر من الشعب
، ومسؤلية الحاكم تمتد لتشمل كل رعيته ، والمبادىء التى رسخها الاسلام فى النفوس
لاتجتمع مع أى من صفات الرعونية فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم " لايدخل
الجنة من كان فى قلبه ذرة من كبر " ، والمنهج الاسلامى متسع وهو نظام حياة
متكامل للتربية والحياة لينعم المسلم والمجتمع بالخير فى الدنيا وصلاحها وصلاح
الآخرة ، والعبادات فى الاسلام الهدف منها اصلاح النفوس من صلاة وزكاة وصيام وحج ،
وبالتالى اصلاح المجتمع لأن صلاح المجتمع بصلاح الفرد ، ونظام الزكاة على سبيل
المثال للقضاء على الفقر فى المجتمع ، ولا يدعو الاسلام الى الاكتناز " ولا
يحسبن الذين يبخلون بما آتهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون بما
بخلوا به يوم القيامة ولله ميراث السماوات والأرض والله بما تعملون خبير " آل
عمران 180 .
لا فرعونية فى الاسلام فهما طرفى نقيض ، وقد جاء القرآن وشدد على شخصية
فرعون وما فعله لينفر منها ويحذر من عواقب أفعالها التى تورد النار وجهنم وتلحق
الضرر والهلاك فى الدنيا والدمار ، كما حدث من تسع آيات عانى منها كل مصر مع فرعون
حتى من كان يعيش ويكتم ايمانه ، فالعقاب يعم الجميع والفرعونية تجر الخراب على
نفسها خاصة وعلى الشعب عامة .
وكل آيات القرآن تحث على الوحدة والترابط بين المسلمين كأمة واحدة سواسية
" ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر واولئك
هم المفلحون * ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات واولئك
لهم عذاب عظيم " آل عمران 104 – 105 .
لقد وضع الاسلام منهاجا للحكم يعتمد على الشورى والعدل والمساواة بين الناس
فهو يقضى على الدكتاتورية للحاكم وأرسى نظام الشورى ، فلايستبد الحاكم بالقرار ،
وهناك سورة فى القرآن تسمى سورة "الشورى " ، والشورى من صفات المسلمين
المؤمنين " والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وامرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون "
الشورى 38 ، يقول الله فى القرآن "
ان الله يأمركم أن تؤدوا الآمانات الى اهلها واذا حكمتم بين الناس أن تحكموا
بالعدل ان الله نعما يعظكم به ان الله كان سميعا بصيرا " النساء 58 ، وتمضى آيات القرآن لتحث على
كل فضيلة وتنهى عن كل رذيلة ، وهذا وحده يحتاج الى كتب لتوضيحه .
وهناك أمثلة كثيرة للشورى فى الاسلام ، فالرسول فى غزوة بدر أخذ برأى أحد
الصحابة عند اختيار الموقع الذى يلاقى فيه الكفار ، وعندما سأله الصحابى اذا كان
ذلك من الوحى أو هو الأى والمشورة أخبره أنه الرأى والمشورة فأشارعليه بالتمركز
عند عين ماء بدر ، بحيث يكون جيش المسلمين بجوار الماء ويحرم الكفار منها ، وكذلك
فى غزوة الخندق عندما أشار سليمان الفارسى رضى الله عنه على الرسول صل الله عليه
وسلم بحفر خندق للدفاع عن المدينة ، وعندما تولى أبو بكر الصديق رضى الله عنه
الحكم خطب فى المسلمين وقال لهم "وليت عليكم ولست بخيركم فان أصبت فأعينونى ، وان أخطأت فقومونى "
، فرد عليه أحد الحاضرين " فقال لو أخطأت لقومناك بسيوفنا " ، وكان عمر
بن الخطاب رضى الله عنه نموذجا للحاكم العادل الذى يجب أن يكون قدوة ، فقد كان
يعتبر نفسه مسؤولا عن كل شؤون الدولق فقال " لو أن دابة عثرة فى أرض الشام
لسئل عنها عمر " ، وكان يخرج فى الليل لتفقد أحوال الرعية ، ومن ألأمثلة
الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز ألذى فاض المال فى عهده ، وعاشت مصر فى رخاء لم
تره فى أى عصر وحتى الآن .
ان الاسلام دين ونظام حياة ،وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "
اوصيكم بما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبدا ، كتاب الله وسنتى ".
مهما تحدثنا عن منهج الاسلام فى اصلاح النفوس فلن نوفيه حقه ، فهذا يحتاج
الى كتب وليس أسطر .