Grammar American & British

Showing posts with label اصطفاء الله لرسولمحمد صلعم. Show all posts
Showing posts with label اصطفاء الله لرسولمحمد صلعم. Show all posts

Wednesday, July 8, 2020

الرسول صلعم القائد والسياسى ورجل الدولة -اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 12 )

اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 12 ) 

الرسول محمد صلى الله عليه وسلم القائد والسياسى ورجل الدولة .

اجتمعت فى رسول الله صلى الله عليه وسلم كل صفات القائد والسياسى ورجل الدولة ، كما لم تجتمع فى أحد من قبله ، كان العرب أتباعا فأصبحوا أسيادا ، وكانوا قبائل فأصبحوا اخوانا ينصر بعضهم بعضا ، وكانوا يحنون رؤوسهم لكسرى وقيصر ، ثم أصبحت جيوش كسرى وقيصر تفر من أمامهم ، حصل ذلك التحول بفعل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ةتأييد الله له فى هذا الموضوع ، لقد كان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم هو رجل الدولة الأول سياسيا وعسكريا ، وكان فى قمة لا يرقى اليها أحد ، وهو الأمى الذى لا يعرف  قراءة ولا كتابة مما يدل على أن المسألة هنا ربانية المبدأ ولا بد لنجاح القيادة السياسية من نقاط تؤدى الى النجاح ،  وسوف أحاول أن أستعرض بعضا من هذا الجانب ردا على أولئك الذين يفصلون الدين عن الدولة ، وان صدق ذلك على أى دين آخر فانه لايصدق على الاسلام ، ولا على رسول الاسلام ، فلاسلام نظام حياة شامل ، ودين ودولة ، وليس مجرد طقوس أو شعائر دينية ، ولكن نظام حياة شامل بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، فهو الدين الذى تعرض لكل أوجه الحيا للفرد وللمجتمع ، فهو ليس دين الفرد ، الذى يتعلم عبادات وطقوس يؤديها ثم تنقطع صلته به ، ويسعى الاسلام الى اقامة الدولة الاسلامية التى يحكمها خليفة المسلمين يطبق فيها ما شرع الله ، ولنا فى ذلك أسوة فى رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده ، ولقد أرسى رسول الله صلى الله وسلم أركان الدولة الاسلامية فى المدينة المنورة ، وقد بدأ رسول الله نواة الدعوة الاسلامية فى مكة وسط مجتمع مشرك يعبد الأصنام ، يقول ر . ف . بودلى ( كولونيل أمريكى اختلط بالعرب ودرس حياتهم الخاصة ، فأغراه ذلك الى دراسة حيلة نبيهم فدرسها دراسة واسعة شجعته على أن يكتب كتابا عن حياة هذا الرسول ومظاهر عظمته ) :" وان الدارس لقصة محمد لتبهره جكمته الساطعة ، وليرى محمدا شيئا مميزا لا يمت لعصره بسبب ، وانه ليعجب أحيانا من اعتدال أحكامه التى تعالج الأمور العامة ، كانت أفكاره سابقة لأفكار معاصريه ، لقد كان محمد صلى الله عليه وسلم على نقيض من سبقه من الأنبياء ، فانه لم يكتف بالمسائل الآلهية ، بل تكشف له الدنيا ومشكلاتها ، فلم يغفل الناحية العملية الدنيوية فى دينه ، فوفق بين دنيا الناس ودينهم ، وبذلك تفادى أخطاء من سبقوه من المصلحين الذين حاولوا خلاص الناس عن طريق غير عملى ، لقد شبه الحياة بقافلة مسافرة يرعلها آله ، وأن الجنة نهاية المطاف ، وظلت أخلاقه ثابتة لا تتبدل أيا كان العمل الذى يعمله ، سواء أكان يرعى غنمهم فى سكون البادية ، أم يبيع عطوره أو أنماطه فى دمشق ، ولم تتبدل أمانته ، ولم يتغير صدقه ، بل بقيت فضائه ثابتة على الأيام ، حتى لقب " بالأمين " ولم تفتنه النساء قط ، ولم تفتنه الشهوات أيضا ، وبقيت غرائزه الجنسية مهذبة ، وكان حاضر البديهة ، عذب الحديث ، ميالا الى معاشرة الناس ، معتنيا دائما بملابسه وهندامه ، فكان يلبس للخيام لبسا وللطريق لبسا ، ويعتنى بلباسه غاية العناية اذا ما كان فى الدار ، وكا يهتم بعمامته وكانت ملابسه نظيفة أبدا ، وكا يفضل البياض ، وان كان لبس الألوان الزاهية فى أيامه الأخيرة .

وما كان محمد ثرثارا ، وان كان صادق الترحاب بمن يقبل عليه ، وكان على سليقته العربية لايتكلم الا اذا كان هناك ما يصلح للحديث ، وقد أعلن أن من الأيمان الاعراض عن اللغو ، وكان متوسط الحال ، وقد قال بعضهم فيه يوما :" انه أخفر من عذراء فى خدرها " ، ولم يثبت فى تاريخه حتى اليوم أنه أتى أمرا خارقا ، وأن الحادث التالى التالى الذى يذكر على سبيل التدليل على فطنته ، ليبرهن على أنه كان يتفوق على أقرانه برجاحة عقله ، فقد أثرت الأمطار فى الكعبة فتصدعت جدرانها ، وأصبح شد بنيانها أمرا ضروريا ، وأقبلت قريش على هذا العمل بعد احجام ، ولما آن وضع الحجر فى مكانه زاد الخصام واشتد الأمر واستفحل الخطب  ، وتحدث الكاتب عن تدخل الرسول صلى الله عليه وسلم لحل هذا الأمر كما تحدثنا من قبل .

أما زهد النبى صلى الله عليه وسلم وأتباعه فقد صوره المؤلف بفقراته التالية :" ولقد أوضح ممد صلى الله عليه وسلم منذ اللحظة الأولى أن الاسلام يقوم على البساطة ، ولقد اعتنق أصحابه تلك المبادىء حتى بعد موته ، مما يروى أن خالدا قائد جيوش المسلمين فى الشام أيام خلافة عمر رضى الله عنه اجتمع بقائد الجيش الرومانى تحت خيمة كبيرة وكان الرومان يرتدون الكسى المزخرفة البراقة ويحملون سيوفا مرصعة بالجواهر المتلألئة ، أما خالد وأصحابه رضوان الله عليهم فكانوا يرتدون رداء الأعراب المقاتلين ، درعا بسيطة ، وسيوفهم الى جانبهم لا بريق فيه ولا زخرفة ، وألقى المسلمون التحية لدى دخولهم وجلسوا أرضا ، فسألهم القائد الرومانى :" لم لا يجلسون على المقاعد ، فأمعن خالد فيه النظر ثم قال :" لقد خلقت من الأرض ، منها ننبت واليها نعود ، الله خالق الأرض ، وما يخلقه الله أثمن من طنافسكم الحريرية ، وفى اليوم التالى هزم خالد وبدوه الزهاد جيش الرومان هزيمة لم يعرف لها مثيل من قبل ، واستولوا على القدس , حتى النبى عندما حقق انتصاره الأكبر ، ودخل مكة وحطم أصنام الكعبة ، وأتم فيها أهم جزء من رسالته بتطهير بيت الله من الأوثان ، نام على قطعة من الحصير ، كما كان ينام وهو أجير يقود القوافل للقرشيين ولخديجة بنت خويلد رضى الله عنها ، فلله در أولئك الزهاد الذين لم يقيسوا الدنيا بما فيها من غرور ، وانما عالجوها العلاج الذى يؤدى الى الخير ، والذين ساووا أنفسهم بأصغر صغير من أتباعهم ، لم تخدعهم المناصب ، ولم تغرهم أبهة السلطان " ، هذا ىما قاله أحد الأجانب عن الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه وما رباهم  عليه فى مدرسة النبوة التى خرجت قادة عسكريين ورجال دولة ، بالمقارنة بمن كانوا فى عصهم وبعده ، وما حملوه من صفات تصلح للتمسك بها فى كل عصر ، فالانسان هو الانسان ، وان ما يتغير هو الوسائل التى تأتى بها الحضارة ، فلو رجع المسلمون لهذه الأخلاق وهذه المبادىء لسادوا كما ساد أجدادهم ، فبلاد المسلمين مليئة بالخيرات المادية التى يحسدهم عليه العالم ، وهناك من العلماء منهم من ينتشر فى كل مكان فى العالم ، وما يطمئن النفس أن هناك ارهاصات بعودة الروح الاسلامية الى الجسد الاسلامى ، الذى خر صريعا منذ أيام الاحتلال الأوربى  .

من سمات النبى صلى الله عليه وسلم أن يكون فى كل مناحى الحياة ، فالنبى صلى الله عليه وسلم يتميز عن غيره حتى من الأنبياء والرسل بأن سيرته المحفوظة وآثاره المعروفة شاملة كل مجالات الحياة ، يجد المعلم فيه أسوة ، ويجد الأب فيه أسوة ، ويجد التاجر فيه أسوة ، ويجد الفقير فيه أسوة ، ويجد القائد فيه اسوة ، وهكذا كل أصناف الناس وكل مجالات الحياة ، فهو مدرسة آلهية عظيمة ، فقد قال الله " لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا " الأحزاب 21 ، وسنتناول الرسول القائد ، وكذلك الرسول السياسى ورجل الدولة ، فقد كان صاحب المسؤلية فى دولته الكريمة التى أسسها على تقوى من الله ورضوان ، أقام دولة راشدة عادلة كريمة وملأ الحياة فيها خيرا وبركة ، ونعدد هنا بعضا من هذه الصفات 1-) قائد والد .   كان الرسو ل صلى الله عليه وسلم يرى نفسه من أمته بمنزلة الوالد ، فالقائد والد ومسؤول مسؤلية الوالد عن الأسرة ، لصيق بهم مسؤلا عنهم أبا روحيا ، فعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" كلكم راع ومسؤول عن رعيته : فالأمير الى على الناس راع ، وهو مسؤول عنهم ، والرجل راع على أهل بيته ، وهو مسؤول عنهم ، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده ، وهى مسؤولة عنهم ، والعبد راع على مال سيده ، وهو مسؤول عنه ، ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته " رواه الشيخان وغيرهما واللفظ للبخارى ، وفى حديث عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" انما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم " أخرجه أبو داود فى كتاب الطهارة وحسنه الألبانى ، حتى دين الميت كان يقضيه ان لم يترك له قضاء ، فعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين فيسأل :" هل ترك لدينه فضلا ؟ " ، فان حدث أنه ترك لدينه وفاه صلى الله عليه وسلم ، والا قال للمسلمين :" صلوا على صاحبكم " ، فلما فتح الله عليه الفتوح قال:" أنا أولى بالمؤمنين من أنفسه ، فمن توفى من المؤمنين فترك دينا فعلى قضاؤه ، ومن ترك مالا فلورثته " أخرجه البخارى فى كتاب الكفالة / باب الدين / ومسلم فى كتاب " الفرائض " ، كان يهتم برعيته فيقول فى حديث عن معقل بن يسار المزنى :" سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو عاق لرعيته الا حرم الله عليه الجنة " ، وفى رواية :" ما من أمير يلى أمر المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح الا لم يدخل الجنة " أخرجه مسلم فى باب / استحقاق الوالى الناس لرعيته النار . 2-) قائد متواضع رفيق بالرعية.  فعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال :" كان النبى صلى الله عليه وسلم اذا استقبله الرجل فصافحه لا ينزع يده من يده حتى يكون الرجل بنزع يده ، ولا يصرف وجهه عن وجهه حتى يكون الرجل هو الذى يصرفه ، ولم ير مقدما ركبته بين يدى جليس له " أخرجه الترمذى ، وتحلى الرسول صلى الله عليه سولم بالرفق فيقول :" ان الله رفيق يحب الرفق فى الأمر كله " أخرجه البخارى ، وفى رواية :" ان الله رفيق يحب الرفق ، ويعطى على الرفق ما لايعطى على العنف وما لا يعطى على سواه " أخرجه مسلم عن عائشة رضى الله عنها  ، ويقول :" من يحرم الرفق يحرم الخير " أخرجه مسلم عن جرير ، وعن عائشة قالت :" سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فى بيتى هذا :" اللهم من ولى من أمر أمتى شيئا فشق عليهم فأشق عليه ، ومن ولى من أمر أمتى شيئا فرفق هم فارفق به " أخرجه مسلم فى كتاب " الامارة " ، وقال الله عنه " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم " التوبة 128

3-)قائد عادل يراعى الضعيف .  فهو يرعى العدل ويحث عليه فيقول :" ان المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل ، وكلتا يديه يمين ، الذين يعدلون فى حكمهم وأهليهم وما ولوا " أخرجه مسلم فىكتاب " الامارة " . 4-) حافظ لحرمات الناس لا يتنصت على رعيته .   فيقول :" من استمع الى حديث قوم يكرهونه صب فى أذنيه الأنك يوم القيامة ( أى الرصاص المذاب ) " عن أبن عباس أخرجه أحمد وححه ابن حبان ، ويرفض التجسس على الرعية ، فعن أبى برزة الأسلمى قال :" قال سول الله صلى الله عليه وسلم :" يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الايمان قلبه .... لاتغتابوا المسلمين ..... ولا تتبعوا عوراتهم ، فان من اتبع عوراتهم يتتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته يفضحه فى بيته"

 5-)الصبر على أصحابه وغيرهم .  ففى رواية أنه صلى الله عليه وسلم قال :" لا يبلغنى أحد عن أحد من أصحابى شيئا ، فانى أحب أن أخرج اليهم وأنا سليم الصدر " ، قال عبد الله :" فأتى ر سول الله صلى الله عليه وسلم بمال فقسمه ، فانتهيت الى رجلين جالسين وهما يقولان :" والله ما أراد محمد بقسمته التى قسمها وجه الله ولا الدار الآخرة ! ، فتثبت حين سمعتهما فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرته ، فاحمر وجهه وقال :" دعنى عنك فقد أوذى موسى بأكثر من هذا فصبر " أخرجه الترمذى فى كتاب المناقب 6.-) الحرص على الشورى وحرية الرأى والتعبير والاستفادة من كل امكانيات أتباعه رضوان الله عليهم  .  فهو يقول لأبى بكر وعمر رضى الله عنهما :" لو اجتمعتما فى مشورة ما خالفتكما " أخرجه أحمد ، وقد مارس الشورى فى مختلف القضايا الكبرى والصغرى التى تهم الأمة ، كان أبو هريرة يقول :" ما رأيت أحدا قط كان أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم " أخرجه أحمد وأخرجه الترمذى ، عندما تجىء غزوة بدر يجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحبه من المهاجرين والأنصار ليشاورهم فى الأمر ويقول :" أشيروا على أيها الناس " ، وينهض سعد بن معاذ زعيم الأوس ويقول :" يا رسول الله ، لقد آمنا بك ، وصدقناك ، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق ، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا ، فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك ، ووالذى بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته خضناه معك ما تخلف منا رجل واحد ، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا ، انا لصبر فى الحرب ، صدق فى اللقاء ، ولعل الله يريك ما تقر به عينك ، فسر بنا على بركة الله " ، وتألق وجه الرسول صلى الله عليه وسلم فقال للمسلمين :" سيروا وأبشروا ، فان الله وعدنى احدى الطائفتين ، والله لكأنى أنظر الى مصارع القوم " ، وقبيل يوم أحد أستشار أصحابه وأخذ برأى الأغلبية ، وفى غزوة الخندق تجمع أربعة وعشرون ألف مقاتل تحت قيادة أبى سفيان وعيينه بن حصن يقتربون من المدينة ليطوقوها وليبطشوا بطشتهم الحاسمة كى ينتهوا من محمد صلى الله عليه وسلم ودينه وأصحابه ، جيش لايمثل قريش وحدها بل ومعه كل القبائل التى رأت فى الاسلام خطرا عليها ، ، اتفق المشركون مع زعماء غطفان وهى من أكبر قبائل العرب على الانضمام لجيش قريش ، وكان اليهود يقومون بدور تخريبى داخل المدينة وحولها فأرسل الرسول صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ زعيم الأوس وسعد بن عبادة زعيم الخزرج الى " كعب ابن أسد " زعيم يهود بنى قريظة ليتبينا حقيقة موقفهم من الحرب وكان بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين يهود بنى قريظة عهود ومواثيق ، فلما التقيا بزعيم بنى قريظة فوجئا به يقول لهم :" ليس بيننا وبين محمد عهد ولا عقد ! " ، فكر الرسول صلى الله عليه وسلم فى عزل غطفان عن قريش فينقص الجيش المهاجم نصف عدده ونصف قوته ، وراح بالفعل يفاوض زعماء غطفان على أن ينفضوا أيديهم من هذه الحرب ولهم لقاء ذلك ثلث ثمار المدينة ، ورضى قادة غطفان ، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم ير من حقه أن ينفرد بالأمر فدعا اليه أصحابه ليشاورهم واهتم برأى سعد بن معاذ ، وسعد بن عبادة زعيما المدينة ، فقص عليهما حديث التفاوض مع غطفان وتقدم السعدان الى رسول الله صلى الله عليه وسلم :" يا رسول الله أهذا رأى تختاره ، أم وحى أمرك الله به ؟ ، قال الرسول صلى الله عليه وسلم :" بل أمر أختاره لكم ، والله ما أصنع ذلك الا لأننى رأيت العرب قد رمتكم عن وس واحد ، وكالبوكم من كل جانب ، فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم الى أمر ما " ، فقال سعد بن معاذ زعيم الأوس :" يا رسول الله قد كنا نحن وهؤلاء على الشرك وعبادة الأوثان لا نعبد الله ولا نعرفه ، وهم لايطمعون أن يأكلوا من مدينتنا تمرة ، الا قرى ( أى كرما وضيافة ) أو بيعا ، أفحين أكرمنا الله بالاسلام ، وهدانا له ، وأعزنا بك وبه نعطهم أموالنا ؟ والله ما لنا بهذا من حاجة ، ووالله لا نعطيهم الا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم " ، وعلى الفور عدل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن رأيه ، وأنبأ زعمء غطفان أن أصحابه فضوا مشروع المفاوضة وأنه أقر رأيهم والتزم به ، وجمع الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه ليشاورهم فى ألمر فتقدم سلمان الفاسى بمقترحه الذى لم تعهده العرب ، وكان عبارة عن حفر خندق يغطى جميع المنطقة المكشوفة حول المدينة ، وظلت قريش تحصر المدينة شهرا عاجزة عن اقتحامها حتى أرسل الله تعالى ريحا صرصرا عاتية اقتلعت الخيام وبددت الشمل . كما استشار أهل الاختصاص كما حدث فى حديث تلقيح النخل ، فقد روى رافع بن خديج رضى الله عنه قال :" قدم نبى الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يأبرون ( ى يلقحون ) النخل فقال :" ما تصنعون ؟ قالوا:" كنا نصنعه " ، قال:" لعلكم لو لم تفعلوا كان خيرا " ، فتركوه ، فتفضت أو فنقصت ، قال :" فذكر وا ذلك له فقال :" انما أنا بشر ، اذا أمرتكم بشىء من دينكم فخذوا به ، واذا أمرتكم بشىء من رأيى فانما أنا بشر " رواه مسلم فى الفضائل ، ، وفى رواية آخر عن طلحة قال :" مررت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوم على رؤوس النخل فقال :" ما يصنع هؤلاء ؟ " ، فقالوا :" يلقحونه – يجعلون الذكر فى الأنثى فيلقح " ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ما أظن بغنى ذلك شيئا " ، قال :" فأخبروه بذلك فتركوه ، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقال :" ان كان ينفعهم ذلك فليصنعوه فانى انما ظننت ظنا ، فلا تؤاخذونى بالظن ، ولكن اذا حدثتكم عن الله شيئا فخذوا به ، فانى لن أكذب على الله عز وجل " أخرجه مسلم فى كتاب الفضائل ، وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال :" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" اذا كان أمراؤكم خياركم ، وأغنياؤكم سمحاءكم ، وأموركم شورى بينكم ، فظهر الأرض خير لكم من بطنها ، واذا كان أمراؤكم شراركم ، واغنياؤكم بخلاءكم ، وأمركم الى نسائكم ، فبطن الأرض خير لكم من ظهرها " أخرجه الترمذى فى كتاب الفتن ، ويوم الحديبية أشارت عليه أم سلمة زوجته رضى الله عنها فأخذ برأيها ، وفى القرآن الكريم سورة  "الشورى " ، وفى سورة الشورى يصف القرآن الكريم المؤمنين " والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون " الشورى 38 ، وفى سورة آل عمران " فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الأمر قاذا عزمت فتوكل على الله ان الله يحب المتوكلين " 159  وكان كل من أبى بكر وعمر رضى الله عنهما يلقبهما الصحابة رضوان الله عليهم بالوزيرين له ، وكان يسمر معهما فى قضايا المسلمين ، ولما مرض أمر أبا بكر أن يصلى بالناس ، وهذا الذى جعل المسلمين يختارونه بعده خليفة ، ثم كان عمر رضى الله عنه الخليفة الثانى ، والناس يعرفون ماذا فعل أبو بكر وعمر رضى الله عنهما يوم حكما الناس هل يشك أحد أن تركيز الرسول صلى الله عليه وسلم فيهما كان فى محله ، واختار زيد بن حارثة ليقود جيش المسلمين ، واختار السفراء والمبعوثين له وكان يختار كل شخص لما منحه من سجايا ، وكان أكثر الخلق فراسة فى اختيار الرجل المناسب للمقام المناسب .

7-)الثقة التى كان يتمتع بها صلى الله عليه وسلم عند أتباعه .   للثقة بيت الناس وقائدهم أهمية عظيمة عند أصحاب الفكر السياسى ، لذلك نرى فى أنظمة الحكم اليمقراطية أن الحكومة تبقى حاكمة ما دامت متمتعة بثقة شعبها ، أما اذا فقدت الثقة فقد تلاشى كل شىء وفقدت الأمة قوتها وضعف روحها المعنوية وضرب اقتصادها وبالتالى يهوى به ، وان تاريخ العالم كاه لا يعرف مثلا واحدا يشبه ما كانت عليه ثقة أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم به ، ان ثقة الناس بالقائد الرسول صلى الله عليه وسلم كانت ثقة غير متناهية يكفى لادركها أن نرى بعضا من مواقف الصحابة رضوان الله عليهم فى أدق واصعب الأحوال يقول الله عن رسوله صلى الله عليه وسلم " فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك  فاعف عنهم وشاورهم فى الأمر فاذا عزمت فتوكل على الله ان الله يحب المتوكلين " آل عمران 159 ، قال أبو الهيثم بن النبهان :" يا رسول الله وان بيننا وبين الناس حبالا ( أى أحىفا وعهود ) فلعلنا نقطعه ثم ترجع لى قومك وقد قطعنا الحبال وحاربنا الناس ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله وقال :" الدم الدم ، الهدم الهدم " ، وفى رواية "بل الدم الد والهدم الهدم " ، أنا منكم وأنتم منى ، أحارب من حاربتم ، وأسالم من سالمتم ، ثم أقبل أبو الهيثم على قومه فقال :" يا قوم هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أشهد أنه لصادق ، وانه اليوم فى حرم الله وأمنه وبين ظهرى قومه وعشيرته ، فاعلموا أن تخرجوه ، رمتكم العرب عن قوس احدة  ، فان كانت طابت أنفسكم بالقتال فى سبيل الله وذهاب الأمول والأولاد فادعوه الى أرضكم فانه رسول الله حقا ، وان خفتم خذلانا فمن الآن ، فقالوا عند ذلك :" قبلنا عن الله وعن رسوله ما أعطيانا ، وقد أعطينا من أنفسنا الذى سألنا رسول الله ، فخل بيننا يا أبا الهيثم وبين رسول الهه فلنبايعه  ، فقال أبو الهيثم :" أنا أول من بايع " ، ان شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم كنت من الأسر والقوة والنفاذ بحيث لا يمكن من يخالطها الا أن يذوب فيها ، ولعل فى قصة زيد بن حارثة ما يؤكد هذا المعنى ، اذ أتى أبو زيد وأعمامه ليشروه ويرجعوا به الى أهله حرا ، ولكن زيد يختار صحبة محمد صلى الله عليه وسلم مع ( العبودية حسب تصور العرب ) على فراقه مع الحرية ولقاء الأهل ، وكان ذلك قبل النبوة ، ونذكر موقف زعيم الأنصار سعد بن معاذ عندما بايعه وقال له :" لو خضت بنا هذا البحر لاتبعناك وما تخلف منا رجل واحد " . 8-) قدرته على حل المشاكل الطارئة .   ان انهيار الدعوات والتنظيمات السياسية عادة ما يكون بسبب مشكلة طارئة لا تستطيع لقيدة حلها ، مما يؤدى الى الانقسام ، وكلما كانت القيادة قادرة على حل المشاكل كان ذلك أضمن لنجاح الدعوة ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم القائد الذى استطاع أن يدير هذه القبائل قوية المراس ، ومن أبرز الأمثلة حله مشكلة وضع الحجر الأسود فى الكعبة حين هدمها سيل وقررت قريش اعادة بناءها وذلك قبل النبوة وكان ذك يمكن أن يكون سببا للحرب بينها ، فارتضوه حكما فقال صلى الله عليه وسلم :" هلم الى ثوبا فأتى به ، فأخذ الركن فوضعه فيه بيد ثم قال :" لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعو جميعا ففعلوا حتى اذا بلغوا به موضعه وضعه هو بيده ثم بنى عليه " ، وكان حل مشاكل الصحابة اليومية الفردية والجماعية ، قال عنه بنارد شو الكاتب المسرحى :" ما أ؛وج العالم لى رجل كمحمد يحل مشاكله وهو يشرب فنجانا من القهوة " ، وكان يسوس شعبا من اعصى شعوب العالم انقيادا وطاعة وسياسة .

9-) اتسامه ببعد النظر .  ان لدارس لتصفات رسول الله صلى الله عليه وسلم يجد أنه لا يوجد تصرف الا وفيه عناية الحكمة ، وبعد النظر ويتجلى فى تخطيطه للمعارك كما حدث فى موقعتى بدر وأحد وغزوة مؤتة وغيرها ، وفى عقد الاتفاقات مثل صلح الحديبية واعطاءه العهود لأهل المدينة ، وفى زواجه من زوجاته بعد السيدة خديجة رضى الله عنها ، ان الأمثلة كثيرة ولكن يبقى أن ندرك الأفق الأعلى الذى كان ينظر منه عليه السلام وندرك أن قيادته جزء من صلته بالله المحيط بكل شىء ، فكان مسددا راشدا مهذبا .

اخلاق النبى صلعم - اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 11 )

اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 11 ) 

                           أخلاق النبى صلى الله عليه وسلم وبعضا من صفاته الخلقية .

يقول القرآن الكريم " وانك لعلى خلق عظيم "القلم 4، لو تأملنا هذه الآية لوجدنا فيها بلاغة عظيمة فى تأكيد المعنى من استخدام "واو " القسم واستخدام " ان" وكذلك " اللام " للتأكيد والتشديد على خلق الرسول صلى الله عليه وسلم وأتبع ذلك استخدام الصفة " عظيم " ، ولنا أن نصور منزلة الرسول عند ربه من هذه الآية ومدى ما يتمتع به من خلق ، و عن سعد بن هشام بن عامر قال :" أتيت عائشة رضى الله عنها فقلت :" يا أم المؤمنين أخبرينى بخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم " ، قالت :" كان خلقه القرآن ، أما تقرأ فى القرآن قول الله عز وجل " وانك لعلى خلق عظيم " ، وقال :" أدبنى ربى فأحسن تأديبى " من الجامع الصغير عن ابن مسعود ، وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال :" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا " ، وعنه رضى الله عنه قال :" لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أخذ أبو طلحة بيدى فانطلق بى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ان أنسا غلام كيس فليخدمك قال :" فخدمته فى السفر والحضر والله ما قال لى لشىء صنعته لم صنعت هذا هكذا ؟ ولا لشىء لم أصنعه لم لم تصنع هذا هكذا ؟" رواه مسلم ، وعن أنس رضى الله عنه قال :" لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا لعانا ولا سبابا ، وكان يقول عند المعتبة " ما له ترب جبينه " ( تقال ويقصد بها التلطف والترفق ) " رواه البخارى ، ، ولم يكن فاحشا أولعانا بل كان يدعو بخير ، فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال :" قيل يا رسول الله ، ادع على المشركين " ، قال :ط انى لم أبعث لعانا ، وانما بعثت رحمة " ، وذلك مصداقا لقول الله تعالى " وما أرسناك الا رحمة للعالمين " الأنبياء 107 ، ويورد هذا الحديث الآتى بعضا من خلقه ، فعن ابن أبى أوفى رضى الله عنهما قال :" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر الذكر ، ويقل اللغو ، ويطيل الصلاة ، ويقصر الخطبة ، ولايأنف أن يمشى مع الأرملة والمسكين فيقضى لهما الحاجة " رواه النسائى ، وذلك مصداقا لقول الله " قد أفلح المؤمنون * الذين هم فى صلاتهم خاشعون * والذين هم عن اللغو معرضون " المؤمنون 1-3، ومصداقا لقوله " وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما * والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما * والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم ان عذابها كان غراما * انها ساءت مستقرا ومقاما " الفرقان 63 – 66

كثرة حيائه .وعن حياء الرسول صلى الله عليه وسلم يقول أبى سعيد الخدرى : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياءا من العذراء فى خدرها ، وكان اذا كره شيئا عرفناه فى وجهه " رواه مسلم

علمه بالله وشدة خشيته منه . فعن عائشة رضى الله عنها قالت :" صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرا فترخص فيه ، فبلغ ذلك ناسا من أصحابه فكأنهم كرهوه وتنزهوا عنه ، فبلغه ذلك ، فقام خطيبا فقال :" ما بال رجال بلغهم عنى أمر ترخصت فيه فكرهوه وتنزهوا عنه ، فوالله لأنا أعلمهم بالله وأشدهم له خشية " رواه مسلم ( ترخص فى الأمر أى أخذ فيه بالرخصة ) .

اختياره من المباح أسهله .عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت :" ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمرين الا أخذ أيسرهما ، ما لم يكن اثما ، وان كان اثما كان أبعد الناس منه ، وما أنتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه الا أن تنتهك حرمة الله عز وجل " رواه مسلم ، وعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال :" ان الدين يسر ، ولن يشاد الدين أحد الا غلبه فسددوا ( أى أطلبوا السداد والاستقامة ) وقاربوا ( أقتصدوا فى الأمور ) ، وأبشروا ( أى تحدثوا بالخير السار ) ، واستعينوا بالغدوة ( بالفتح السير أول النهار ) والروحة ( السير بعد الزوال ) وشىء من الدلجة ( بالفتح السير آخر الليل وقيل الليل كله ) " أخرجه البخارى والنسائى واللفظ للبخارى ، وعن أنس بن مالك رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول :" لا تشددوا على أنفسكم فيشدد الله عليكم ، فان قوما شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم ، فتلك بقاياهم فى الصوامع ( مكان لعبادة النصارى ) والديار ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم " أخرجه أبو داود واللفظ له ، وعن أبى سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن المسيب قالا :" كان أبو هريرة يحدث أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم فانما هلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم " رواه مسلم . .

بشاشته وتسامحه .  كان اذا تبسم لم يتجاوز الحد ، فقد كان بشوشا يتبسم ، ولم يكن مقطب الجبين ، حتى مع من أساء معه الأدب ، فعن عائشة رضى الله عنها قالت :" ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعا ( بضم الميم وتسكين السين وفتح الحاء ) قط ضاحكا ، حتى ترى منه لهواته ( اللهاة اللحمة المشرفة على الحلق وجمعها لهوات ولهيات والمقصود أن أقصى ضحك للنبى صلى الله عليه وسلم التبسم وما رآه أحد يستغرق فى الضحك حتى تظهر لهواته ) ، اتما كان يتبسم " أخرجه الشيخان ، وروى جرير بن عبد الله رضى الله عنه قال :"  ما حجبنى رسول الله صلى الله عليه وسلم قط منذ أسلمت ولا رآنى الا تبسم " ، وقال عبد الله بن الحارث :" ما رأيت أحدا أكثر تبسما من سول الله صلى الله عليه وسلم" كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم متسامحا لاينتقم الا لحدود الله ومحارمه ، فعن السيدة عائشة رضى الله عنها قالت :" ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده ، ولا أمرأة ، ولا خادما ، الا أن يجاهد فى سبيل الله ! ، وما نيل منه شىء قط فينتقم من صاحبه ، الا أن ينتهك شىء من محارم الله ، فينتقم لله عز وجل ! " رواه مسلم ، وعن أنس رضى الله عنه قال :" كنت أمشى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم  وعليه برد نجرانى غليظ الحاشية ، فأدركه أعرابى فجبذه ( أى جذبه من ثوبه جذبا شديدا ) بردائه جبذة شديدة ، فنظرت الى صفحة عاتق النبى صلى الله عليه وسلم وقد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذنه ، ثم قال :" يا محمد ! مر لى من مال الله الذى عندك ! فالتفت اليه فضحك ثم أمر له بعطاء " . رواه الشيخان

رفقه ولينه وتواضعه . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رفيقا بأمته حتى فى العبادات ، فعن السيدة عائشة رضى الله عنها قالت :" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم ، وما سبح  (أى تنفل ) رسول الله صلى الله عليه وسلم سبحة الضحى قط ، وانى لأسبحها " رواه الشيخان واللفظ للبخارى ، وعن أنس بن مالك رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال :" انى لأدخل فى الصلاة وأنا أريد اطالتها فأسمع بكاء الصبى فأتجوز فى صلاتى مما أعلم من شدة وجد ( أى حزن ) أمه من بكائه ! " ، وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال :ط قام أعرابى فبال فى المسجد فتناوله الناس فقال لهم النبى صلى الله عليه وسلم :" دعوه وهريقوا على بوله سجلا ( بفتح السين وتسكين النون  الدلو العظيمة ) من ماء ، أو ذنوبا من ماء ( بمعنى السجل ) ، فانما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين " ، وعن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها وهى تبكى فقال :" أنفست ؟ ( يعنى الحيضة ) ، قالت :" نعم " ،قال :" ان هذا شىء كتبه الله على بنات آدم ، فاقضى ما يقضى الحاج ، غير أنه لا تطوفى بالبيت حتى تغتسلى " رواه مسلم ، وعن عائشة رضى الله عنها قالت :" قدم ناس من الأعراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا :" أتقبلون صبيانكم ؟ ، فقالوا :" نعم " ، فقالوا :" لكنا ما نتقبل ! ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أو أملك ان كان الله نزع منكم الرحمة " رواه مسلم ، وبقول الله عز وجل " وما أرسلناك الا رحمة للعالمين " الأنبياء 107

وعن أنس رضى الله عنه أن أمرأة كان فى عقلها شىء فقالت :" يا رسول الله ان لى اليك حاجة " ، فقال :" يا أم فلان أنظرى أى السكك شئت ، حتى أقضى لك حاجتك ! ، فخلا معها فى بعض الطرق حتى فرغت من حاجتها " ( أى وقف معها فى طريق مسلوك حتى أفتاها فيما سألت عنه ) رواه مسلم .

حب الصحابة للرسول صلى الله عليه وسلم .  كان الصحابة رضوان الله عليهم يحبون الرسول صلى الله عليه وسلم حبا كبيرا ، فعن أنس رضى الله عنه قال :" لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم والحلاق يحلقه وأطاف به أصحابه ، فما يريدون أن تقع شعرة الا فى يد رجل " رواه مسلم ، وقال أنس ضى الله عنه :" كان خدم المدينة يأتون فيها الماء فيغمس ( الرسول صلى الله عليه وسلم ) يده فيها للتبرك "

كرم الرسول صلى الله عليه وسلم وسخاؤه .   كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سخى شديد الانفاق ، وعن موسى بن أنس عن أبيه قال :" ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا الا أعطاه ( أى ما سئل من متاع الدنيا ) ، قال :" فجاءه رجل فأعطاه غنما بين جبلين فرجع الى قومه فقال :" يا قوم أسلموا ، فان محمدا صلى الله عليه وسلم يعطى عطاء من لا يخشى الفاقة " رواه مسلم ، وعن ابن عباس قال :" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير ، وكان أجود ما يكون فى شهر رمضان ، ان جبريل عليه السلام كان يلقاه فى كل سنة فى رمضان حتى ينسلخ فيعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن فاذا لقيه جبريل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة " رواه مسلم ، وفى صحيح البخارى عن ابن عباس قال:ط كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكا أجود ما يكون فى رمضان حين يلقاه جبريل ، وكان يلقاه فى كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن ، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة " ، وعن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" لو كان لى مثل أحد ذهبا لسرنى أن لا تمر على ثلاث ليال وعندى منه شىء الا شىء أرصده لدين " أخرجه الشيخان ، وعن أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه قال :" كان النبى صلى الله عليه وسلم اذا أتاه طالب حاجة أقبل على جلسائه فقال :" اشفعوا تؤجروا ، ويقضى الله على لسان نبيه ما أحب " رواه الشيخان .

شجاعة الرسول صلى الله عليه وسلم . عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال :" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس ، وكان أجود الناس ، وكان أشجع الناس ، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق ناس قبل الصوت فتلقاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعا وقد سبقهم الى الصوت وهو على فرس لأبى طلحة فى عنقه السيف وهو يقول :" لم تراعو ، لم تراعوا " ، فقال :ط وجدناه بحرا ، أو انه لبحر وكان فرسا يبطىء " رواه مسلم ، وقال على رضى الله عنه :" كنا اذا أحمر البأس ولقى القوم القوم أتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم فما يكون منا أحد أدنى من القوم منه " رواه الامام أحمد فى المسند ، وفى غزوة حنين ثبت الرسول صلى الله عليه وسلم مع نفر قليل وأخذ يصيح :" أنا النبى لا كذب ، أنا ابن عبد المطلب " واجتمع حوله نفر من الصحابة حتى انقلب ميزان المعركة لصالح المسلمين ، وهناك الكثير من الأمثلة على بلائه فى الغزوات .

زهده فى الدنيا .  كان رسول الله صلى الله عليه وسلم زاهدا فى الدنيا معرضا عنها ، وكان يكثر من الصدقات ، وينفق انفاق من لايخشى الفقر ابتغاءا للآخرة ولرضوان الله ، فعن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال :" نام رسول الله صلى الله عليه وسام على حصير فقام وقد أثر فى جنبه ! قلنا :" يا رسول الله لو اتخذنا لك وطاء ؟ ( فراشا ناعما لينا ) ، فقال :" ما لى وللدنيا ( أى لا حاجة لى بها ) ما أنا فى الدنيا الا كراكب استظل تحت شجرة ، ثم راح وتركها " رواه الترمذى وقال حديث صحيح ، وعن ثابت بن أنس قال :" كان النبى صلى الله عليه وسلم لا يدخر شيئا لغد " رواه الترمذى وقال حديث غريب ، وعن عائشة رضى الله عنها قالت :" كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسام من آدم ( أى جلد ) حشوه ليف " رواه البخارى ، وعن عائشة رضى اله عنها قالت :" توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودى فى شلاشين صاعا من شعير " رواه الشيخان ، وعن عمرو بن الحارث أخى جويرية بنت الحارث أم المؤمنين رضى الله عنهما قال :" ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا أمة ولا شيئا الا بغلته البيضاء التى كان يركبها وسلاحه وأرضا جعلها لأبن السبيل صدقة " رواه البخارى ،  وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال :" خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم أو ليلة ، فاذا هو بأبى بكر وعمر رضى الله عنهما فقال :" ما أخرجكما من بيوتكما هذه لساعة ؟ " ، قالا :" الجوع يا رسول الله ! " ، قال :" وأنا والذى نفسى بيده لأخرجنى الذى أخرجكما ! قوما ! " ، فقاما معه فأتى رجلا من الأنصار قاذا هو ليس فى بيته فلما رأته المرأة قالت :" مرحبا وأهلا " ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أين فلان ؟ " قالت :" ذهب يستعذب لنا الماء ( أى يطلب الماء العذب ) ، اذ جاء الأنصارى فنظر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ثم قال :" الحمد لله ، ما أحد اليوم أكرم أضيافا منى ! " ، فانطلق فجاءهم بعذق ( بكسر العين وتسكين النون أى الغصن الذى فيه بلح ) فيه بسر ( بضم الباء ) وتمر ورطب فقال :" كلوا وأخ المدبة ( بضم الميم السكين ) فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اياك والحلوب ( أى ذات اللبن ) فذبح لهم فأكلوا من الشاة ، ومن ذلك العذق وشربوا ، فلما أن شبعوا ورووا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبى بكر وعمر رضى الله عنهما :" والذى نفسى بيده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة ، أخرجكم من بيوتكم الجوع ، ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم " رواه مسلم ، وهذا الأنصارى الذى أتوه هو أبو الهيثم بن التيهان كما جاء مبينا فى بعض الروايات عن الترمذى وغيره ، وعن عائشة رضى الله عنها قالت :" ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم من خبز شعير يومين متتابعين حتى قبض ! " رواه الشيخان ، وعن أبن عباس رضى الله عنهما قال :" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبيت الليالى المتتابعة طاويا ( أى جائع ) وأهله لا يجدون عشاءأ ، وكان أكثر خبزهم خبز الشعير " رواه الترمذى وقال حديث حسن صحيح ، وعن النعمان بن بشير رضى الله عنهما قال :" لقد رأيت نبيكم صلى الله عليه وسلم وما يجد من القل ما يملأ به بطنه ( الدقل تمر ردىء ) " رواه مسلم ، وعن أنس ضى الله عنه قال :" لم يأكل النبى صلى الله عليه وسلم على خوان ( بكسر أوله اسم ما يوضع عليه الطعام ) حتى مات ! وما أكل خبزا مرققا ( الأرغفة الواسعة الرقيقة ) " رواه البخارى ، وفى رواية له " ولا رأى شاة سميطا بعينه قط ( السميط هى الشاة التى تشوى بالنار بعد أن يزال عنها صوفها بالماء الحار ) ، وعن عروة عن عائشة رضى الله عنها أنها كانت تقول :" والله يا ابن أختى ان كنا لننظر الى الهلال ثم الهلال ثم الهلال ، ثلاثة أهلة فى شهرين ، وما أوقد فى أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار ! ، قلت :" يا خالة فما كان يعيشكم " ، قالت :" الأسودان : التمر والماء ، الا أنه قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار ، وكانت لهم منايح ( مفرده منيحة وهى فى الأصل اسم لما يعطى من الشاة أو الناقة ، يقصد يشرب لبنها ) ، وكانوا يرسلون الى رسول الله صلى الله عليه وسلم من ألبانها فيسقينا " رواه الشيخان .

أوصاف الرسول صلعم الخلقية - اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 10 )

اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 10 ) 

                            أوصاف الرسول صلى لله عليه وسلم الخلقية     

  عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال :ط كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن ( أى المفرط الطول ) ولا بالقصير ، وليس بالأبيض الأمهق ( أى الذى بياضه خالص كلون الثلج واللبن لا تشوبه حمرة ) ، ولا بالآدم ( أى شديد السمرة ) ، وليس بالجعد القطط ( أى شديد الجعودة وهى تلبد الشعر ) ، ولا بالسبط ( أى الشعر المسترسل ومعنى الجملة أن شعره كان وسط بين الجعد والمسترسل ) ، بعثه الله على رأس أربعين سنة ، فأقام بمكة عشر سنين ، وبالمدينة عشر سنين ، وتوفاه الله على راس ستين سنة وليس فى رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء " رواه الشيخان واللفظ لمسلم فى كتاب الفضائل ( الصحيح عند أهل العلم أنه بعث على رأس ثلاث وأربعين سنة ، وأن عمره صلى الله عليه وسلم بلغ ثلاث وستون سنة ) ، وعن على بن أبى طالب رضى الله عليه وسلم قال :ط بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم الى اليمن ، فانى لأخطب يوما على الناس ، وحبر من أحبار اليهود ( بكسر الحاء أى عالم دين ) واقف ، فى يده سفر ينظر فيه فنادى الى فقال :" صف لنا أبا القاسم ، فقال على رضى الله عنه :" رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالقصير ولا بالطويل البائن ، وليس بالجعد القطط ولا بالسبط ( القطط شديد الجعودة وهى خشونة الشعر وتلبده ، والسبط من الشعر المنبسط المسترسل ) ، هو رجل الشعر ( بفتح الحاء أى شعره كان وسطا بين الجعودة والسبوطة أسود اللون ) أسود ، ضخم الراس ، مشرب لونه حمرة ( بضم الميم وتسكين الشين وفتح الراء المراد لونه كان أبيض يميل الى الحمرة ) ، عظيم الكراديس ( هى رؤوس العظام واحدها كردوس وقيل هى ملتقى كل عظمتيمن ضخمتين كالركبة والمرفقين والمنكبين أراد أنه ضخم الأعضاء ) ، شتن الكفين والقدمين ( أى أنهما يميلان الى الغلظ والقصر وقيل الشتن هو الذى فى أنامله غلظ بلا قصر ويحمد ذلك فى الرجال) ، طويل المسربة ( بتسكين السين وضم الراء هو الشعر الذى يكون فى النحر الى السرة ) ، أهدب الأشفار ( الشفر هو حرف جفن العين الذى نبت عليه الشعر وكان أهدب الأشفار أى طويل شعر الأجفان ) ، مقرون الحاجبين ( القرن بفتح أوله وثانيه التقاء الحاجبين ) ، صلت الجبين ( أى واسعة جبينه ، وقيل الصلت الأملس وقيل البارز والجبين جانب الجبهة وهما جانبان عن يمين الجبهة وشمالها ) ، بعيد ما بين المنكبين ( المنكب مجتمع رأس العضد والكتف ) ، اذا مشى يتكفأ كأنما ينزل من صبب ( الصبب  بفتحتيم ، الموضع المنحدر ومعنى يتكفأ يتمايل الى قدام ) ، لم أر قبله مثله ، ولم أر بعده مثله ! ، قال على :" ثم سكت " ، فقال لى الحبر :" وماذا ؟ " ، قال على :" هذا ما يحضرنى " ، قال الحبر :" فى عينيه حمرة ، حسن اللحية ، حسن الفم ، تام الأذنين ، يقبل جميعأ ويدبر جميعا ( أى سريع الخطى ) ، فقال على :" هذه والله صفته " ، قال الحبر :" وشىء آخر" فقال على :" وما هو ؟ " ، قال الحبر :" وفيه جنأ ( ميل فى الظهر وقيل العنق وتفسير الجنأ بالأنكباب والميل وهو المناسب لتفسير على كرم الله وجهه ) ، قال على :" هو الذى قلت لك كأنما ينزل من صبب " ، قال الحبر :ط فانى أجد هذه الصفة فى سفر آبائى ، ونجده يبعث من حرم الله وأمنه وموضع بيته ، ثم يهاجر الى حرم يحرمه هو ويكون له حرمه كحرمة الحرم الذى حرم الله ، ونجد أنصاره الذين هاجر اليهم قوما من ولد عمرو بن عامر ، أهل نخل وأهل أرض قبلهم يهود " ، قال على :" هو هو ، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم " ، فقال الحبر :ط فانى أشهد أنه نبى الله وأنه رسوله صلى الله عليه وسلم الى الناس كافة ، فعلى ذلم أحيا وعليه أموت ، وعليه أبعث ان شاء الله " ، قال :" فكان يأتى عليا فيعلمه القرآن ويخبره بشرائع الاسلام ، ثم خرج على والحبر هنالك ، حتى مات فى خلافة أبى بكر ، وهو مؤمن برسول الله صلى الله عليه وسلم يصدق به " رواه أبن سعد قال :ط أخبرنا محمد بن عمر الأسلمى حدثنى عبد الله بن محمد بن عمر بن على أبى طالب عن أبيه عن جده عن على ( طبقات أبن سعد الكبرى )  ، وعن سماك أنه سمع جابر بن سمرة يقول :" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شمط ( الشمط بفتحتين اختلاط بياض الشعر بسواده ) مقدم رأسه ولحيته ، وكان اذا أدهن لم يتبين ، واذا شعث رأسه تبين ، وكان كثير شعر اللحية " ، فقال رجل :" وجهه مثل السيف ؟ " ، قال :" لا بل كان مثل الشمس والقمر ، وكان مستديرا ، ورأيت الخاتم عند كتفيه مثل بيضة الحمامة يشبه جسده ( كان بين كتفيه صلى الله عليه وسلم قطعة لحم فى مثل بيضة الحمامة تشبه جسده ) ، وقال أبن عباس رضى الله عنه :" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلج ( الفلج بفتحتين تباعد ما بين القدمين وتباعد ما بين الأسنان ) الثنيتين ، اذا تكلم رؤى كالنور يخرج من بين ثناياه " رواه الدرامى والترمذى فى الشمائل ، وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال :" ما رأيت شيئا أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كأن الشمس تجرى فى جبهته ! وما رأيت أحدا أسرع مشيا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كأنما الأرض تطوى له ! ، انا لنجهد أنفسنا وانه لغير مكترث ! " رواه الترمذى وأبن سعد ،وعن أنس رضى الله عنه قال :" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهر اللون ( أى أبض منيرأ ) ، كأن عرقه اللؤلؤ ، اذا مشى تكفأ ( أى تمايل الى قدام كما تتمايل السفينة فىجريها ) ، ما مسست ديباجة ولا حريرا ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا شممت مسكا ولا عنبرا أطيب من رائحة النبى صلى الله عليه وسلم " رواه الشيخان ، وعن جابر بن سمرة قال :" صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الأولى ثم خرج الى أهله وخرجت معه فاستقبله ولدان فجعل يمسح خدى أحدهم واحدا واحدا " ، قال :" وأما أنا فمسح خدى " ، قال :" فوجدت ليده بردا أو ريحا كأنما أخرجها من جونة ( التى يعد فيها الطيب ) عطار ! " أخرجه مسلم ، وعن أنس عن أم سليم أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يأتيها فيقيل عندها فتبسط له نطعا ( فراش من جلد ) فيقيل عليه وكان كثير العرق فكانت تجمع عرقه فتجعله فى الطيب والقوارير فقال النبى صلى الله عليه وسلم :" يا أم سليم ما هذا ؟ " ، قالت :" عرقك أدوف به طيبى ( معناه أخلطه ) " أخرجه الشيخان واللفظ لمسلم ، وأم سليم رضى الله عنها خالته صلى الله عليه وسلم من الرضاع " ، روى مسلم عن أنس رضى الله عنه قال :" ما شممت شيئا قط مسكا ولا عنبرا أطيب من ريح رسول الله صلى الله علي وسلم .

شخصية الرسول صلعم -اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 9 )

اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 9 ) 

شخصية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم .

لقد اجتمعت فى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم صفات خلقية وخلقية لا يمكن أن تجتمع أبدا فى بشر أو رسول أو نبى قبلة ، تجعل الله يصطفيه على بنى آدم ، فهو خيارهم وخيرهم ، فهو الانسان الذى تجتمع فيه صفات الرحمة والجود والكرم والتسامح وقوة الشخصية وبشاشة الوجه والصبر وغيرها من الصفات التى لا تحصى التى ترشحه للتعامل مع كافة أصناف البشر ، وهو الزوج المثالى القوى الأمين الذى يحمل مسئولية بيته ويؤتمن عليه ، طيب العشرة المتسامح مع زوجاته البشوش ، الطلق الوجه ، العادل بين زوجاته ، وهو القائد الذى قاد أمة العرب من الجاهلية فى خلال عقدين من الزمان ليتركها بعده لتمتد الخلافة الاسلامية فى سنوات لتصل الى معظم أرجاء العالم القديم من الصين الى جنوب شرق آسيا الى أفريقيا ثم عبرت البحر بعد ذلك لتصل الى أوربا وتستمر حتى يومنا هذا وتغزو العقول والقلوب حتى يوم القيامة فكان صاحب رسالة سماوية ورسول من ربه وخاتم النبيين فى أصعب عصر مرت به البشرية ، فقد كانت الرسالات السابقة الى طائفة محدودة من البشر لاتتجاوزهم ، ولكن هذه الرسالة امتدت الى البشر كافة فى عصر العلم والتكنولوجيا ، مما سهل أن تبلغ كل مكان على وجه الأرض ، وقد سبق القرآن والسنة عصرهما بكثير حتى يصلا الى هذا العصر بأفكاره ويتحدياه بما فيهما من سبق واعجاز فى مجالات كثيرة ، لأنهما يرسيان منهج حياة يصلح أن يطبقه الفرد ويطبقه المجتمع وتطبقه البشرية فى التعامل مما يحتاج الى افراد كيب ومؤلفات تفصيلية يقدمها أولو العلم ، ويتفرد الاسلام بكتابه القرآن وسنة رسوله الكريم بخاصية التغلغل فى الحياة والمعاملات الخاصة والعامة والتشريعات التى تناولت كل شىء ، يقول الله فى سورة الأنعام " وما من دابة فى الأرض ولا طائر يطير بجناحيه الا أمم أمثالكم ما فرطنا فى الكتاب من شىء ثم الى ربهم يحشرون " الأنعام 38 ، هذه الآية البليغة من القرآن الكريم توضح مدى بلاغة القرآن فى التعبير عندما تتحدث عن قدرة الله فى الكون والخلق والاعجاز العلمى فى القرآن مما يحتاج شرحه الى تفصيل ، ولا يوجد دين سابق له فعل ذلك ، ونقول ذلك بعد دراسة لما حولنا من يهودية ونصرانية وهندوكية وزردشتية وبوذية وغيرها ، فكلها بدراسة مقارنة مجرد فلسفا ت وعبادات ومبادىء أخلاقية للتعامل ، ناهيك عما بها من خرافات ، ويحتاج ذلك الى بحوث منفصلة . يقول الدكتور مايكل هارث ، وهو أمريكى حصل على عدة شهادات فى العلوم والدكتوراة فى الفلك من جامعة برنستون وقد عمل فى مراكز الأبحاث والمراصد ، وهو أحد العلماء المعتمدين فى الفيزياء التطبيقية ، وله العديد من النظريات العلمية المستمدة من القرآن ، وله الكثير من المؤلفات التى يفتخر فيها بهذه المرجعية من أهمها " دراسة فى الأوائل ´ ، يقول :" ان اختيار محمد صلى الله عليه وسلم ليكون رأس القائمة التى تضم الأشخاص الذين كان لهم أعظم تأثير عالمى فى مختلف المجالات ربما أدهش كثيرا من القراء ، ولكن فى اعتقادى أن محمد صلى الله عليه وسلم كان الرجل الوحيد فى التاريخ الذى نجح بشكل أسمى وأبرز فى كلا المستويين الدينى والدنيوى ، لقد أسس محمد صلى الله عليه وسلم ونشر أحد أعظم الأديان فى العالم ، وأصبح أحد الزعماء العالميين السياسييين العظام .... فى هذه الأيام وبعد مرور ثلاثة عشر قرنا تقريبا على وفاته فان تأثيره لايزال قويا وعارما ، من وجهة النظر الدينية الصرفة يبدو أن محمدا صلى الله عليه وسلم كان له تأثير على البشرية عبر التاريخ كما كان للمسيح عليه السلام ، ان محمد صلى الله عليه وسلم يختلف عن المسيح بأنه كان زعيما دنيويا ، فضلا عن أنه زعيم ديتى ، فى الحقيقة اذا أخذنا بعين الاعتبار القوى الدافعة وراء الفتوحات الاسلامية ، فان محمدا صلى الله عليه وسلم يصبح أعظم قائد سياسى على مدى الأجيال ، ان هذا الاتحاد الفريد لا نظير له للتأثير الدينى والدنيوى بما يخول محمدا صلى الله عليه وسلم أن يعتبر أعظم شخصية مفردة ذات تأثير فى تاريخ البشرية ، ايس توسع العرب شيئا محتوما أو آليا ، وكذلك انشاء الأمة الاسلامية ، ولولا هذا المزيج الرائع من الصفات المختلفة الذى نجده عند محمد صلى الله عليه وسلم لكان من غير اللمكن أن يتم هذا التوسع ، ولأستنفذت تلك القوى الجبارة فى غارات على سوريا والعراق دون أن تؤدى لنتائج دائمة "

وقد فضل الله رسوله محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة على الرسل فى البعث ، فهو أول من يبعث فى القبور ، وفى اعطائه الشفاعة أى التوسط لانقاذها من التار عند ربه ، كما له مكانة نالها من ربه بما بلغه من رسالة تقدس الله وتوحده ولا تشرك به شيئا " ان الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى اثما عظيما " النساء 48 ، فالمسلم يمكن أن يقصر فى العبادات والمعاملات ويرتكب المعاصى ، ولكن لاينكر وجود الله ، وهذا ينطبق على كل المسلمين على النقيض ممن يقولون أن عزير ابن الله وأن المسيح ابن الله ، وهناك من يعبدون البقر ويقدسون الصور والتماثيل ، ويعبدون من غير الله حتى وصل الأمر الى عبادة الشيطان ، فالعبادة هى اقرار لله بالعبودية والوحدانية  ليس بالقول ولكن بالطاعة والعمل ، والمسلم العاصى يمكن أن يقصر فى جانب العبادة لله ولكن لايشرك به على خلاف الآخرين ، فهنا تكون الشفاعة ممكنة ميسرة من الله مقبولة من رسوله . كما أعطى الله محمدا صلى الله عليه وسلم حوضا فى الجنة من شرب منه شربة لايظما بعدها أبدا ، وهى منحة من الله ينفرد بها ، وقد تحدثت فى مقال سابق بالتفصيل عن اصطفاء الله لرسوله محمدا صلى الله عليه وسلم .

واذا استعرضنا الأحاديث التى تتحدث عن صفات الرسول صلى الله عليه وسلم الجسدية فانها توحى بشخصية اجتمعت فيها القوة والمهابة والاحترام والجمال الرجولى الذى يشد الأبصار والقلوب فى حالة فريدة فى البشر لا يمكن أن تجتمع فيها هذه الصفات الخلقية فهذا اختيار آلهى واصطفاء على البشر فى الخلق حتى سيدنا آدم نفسه ، وختم ذلك بعلامة مميزة هى خاتم النبوة ، وهذا يذكرنا بما نجده فى عصرنا الحالى فى عالم التجارة من اصطفاء الشركات بعلامة مميزة لها تمنع الغش واختلاط الأصلى بالزائف المقلد .

وسوف أستعرض الأحاديث الدالة على الصفات الخلقية والخلقية للرسول صلى الله عليه وسلم من خلال الأحاديث والقرآن الكريم مع شرح المعانى ، ويترك الحكم للقارىء بعد ذلك حتى يبحث بعقله وفكره فى كل البشر ليقارن فى موضع لايمكن فيه المقارنة ولا تجوز ، وأقول ذلك اذا شط العقل واحتكم الى المعايير المادية البحتة المجردة من العقئد ، وسوف نستعرض الصفات الخلقية لتكون لنا قبسا ونورا نقتدى به فىحياتنا وأقدم فى عجالة النذر اليسير فى صفحات قلائل ، بل أقتطف بعض الأزهار من بستان النبوة الزاخر الذى لايمكن أن يحيط به عقل أو يحصيه لأنه يعجز عن ذلك ، فيأخذ بقدر ما يستطيع وما يصل اليه علمه واجتهاده ، فالرسول صلى الله عليه وسلم كمال من غير نقصان ، ولكن النقصان فى الادراك لما هو موجود وعدم القدرة فى الوصول اليه ، كما نمد بصرنا للسماء لنبلغ منتهاها بكل ما أوتينا من علم وأجهزة فيرتد الينا بصرنا خاسئا وهو حسير ، ما نملك أن نقوله هو الصلاة والسلام عليه فى كل وقت وحين ونحمد الله أن هدى قلوبنا فلم تزيغ .

اصطفاء البعث والشفاعة يوم القيامة -اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 8 )

اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 8 )

اصطفاء فى البعث والحساب يوم القيامة .

1-) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أول من يبعث يوم القيامة فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ، وأول من ينشق عنه القبر ، وأول شافع ، وأول مشفع ( أى من تقبل شفاعته يوم القيامة ) رواه مسلم ، وفى حديث آخر عن أنس رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال :" أنا أول الناس خروجا اذا بعثوا ، وأنا خطيبهم اذا وفدوا ، وأنا مبشرهم اذا أيسوا ، لواء الحمد يومئذ بيدى ، وأنا أكرم ولد بنى آدم على ربى ولا فخر " رواه الترمذى ( يريد انفراده بالحمد يوم القيامة ) ، وفى حديث " حدثنا قتيبة بن سعيد واسحاق بن اباهيم قال قتيبة حدثنا جرير عن المختار بن فلفل عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أنا أول الناس يشفع فى الجنة وأنا أكثر الأنبياء يبعا " صحيح مسلم ، وفى حديث آخر " حدثنا أبى شيبة وأبو كريب واللفظ لأبى كريب قالا : حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبى صالح عن أبى هريرة قال :" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لكل نبى دعوة مستجابة فتعجل كل نبى دعوته وانى اختبأت دعوتى شفاعة لأمتى يوم القيامة ، فهى نائلة ان شاء الله من مات من أمتى لا يشرك بالله شيئا " صحيح مسلم ، وفى حديث آخر " حدثنى يونس بن عبد الأعلى الصدفى ( بفتح الصاد والدال ) أخبرنا ابن وهب قال أخبرنى عمرو بن الحارث أن بكر بن سوادة حدثه عن عبد الرحمن بن جبير عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبى صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل فى ابراهيم " رب انهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعنى فانه منى ومن  عصانى فانك غفور رحيم " ابراهيم 14 ، وقال عيسى عليه السلام " ان تعذبهم فانهم عبادك وان تغفر لهم فانك أنت العزيز الحكيم " المائدة 118 ، فرفع يديه وقال اللهم أمتى وبكى ، فقال الله عز وجل : يا جبريل اذهب الى محمد وربك أعلم فسله ما يبكيك فأتاه جبريل عليه السلام فسأله فاخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال وهو أعلم فقال الله يا جبريل اذهب الى محمد فقل انا سنرضيك فى أمتك ولا نسوءك " صحيح مسلم ، والشفاعة من المنح الربانية التى أعطاها الله لرسوله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة وفى صحيح مسلم كذلك حديث مطول عن الشفاعة ( 299 )" حدثا أبو بكر بن أبى شيبة ومحمد بن عبد الله بن نميرواتفقا فى سياق الحديث الا ما يزيد أحدهما من الحرف بعد الحرف قالا : حدثنا محمد بن بشر حدثنا أبو حيان عن أبى زرعة ( بضم الزاى ) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : " أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بلحم فرفع اليه الذراع وكانت تعجبه فنهس منها نهسة فقال : " أنا سيد الناس يوم القيامة وهل تدرون بم ذاك ؟ ، يجمع الله يوم القيامة الأولين والآخرين فى صعيد واحد فيسمعهم الداعى وينفذهم البصر وتدنوا الشمس فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون وما لا يحتملون فيقول بعض الناس لبعض ألا ترون ما أنتم فيه ألا ترون ما قد بلغكم ألا تنظرون من يشفع لكم الى ربكم فيقول بعض الناس لبعض أئتوا آدم فيأتون آدم فيقولون يا آدم أنت أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك اشفع لنا الى ربك ألا ترى الى ما نحن فيه الا ترى الى ما قد بلغنا ، فيقول آدم : ان ربى غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وانه نهانى عن الشجرة فعصيته ، نفسى نفسى ! اذهبوا الى غيرى ! اذهبوا الى نوح فيأتون نوحا فيقولون يا نوح أنت أول الرسل الى الأرض وسماك الله عبدا شكورا اشفع لنا الى ربك ألا ترى ما نحن فيه ، ألا ترى ما قد بلغنا فيقول لهم : ان ربى وقد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله ، وانه قد كانت لى دعوة دعوت بها على قومى ، نفسى نفسى اذهبوا الى ابراهيم صلى الله عليه وسلم ، فيأتون ابراهيم فيقولون : أنت نبى الله وخليله من أهل الأرض أ اشفع لنا الى ربك ألا ترى الى ما نحن فيه ! ألا ترى ما قد بلغنا ! فيقول لهم ابراهيم : ان ربى قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله ، وذكر كذباته نفسى نفسى اذهبوا الى غيرى ، اهبوا الى موسى فيأتون موسى صلى الله عليه وسلم فيقولون : يا موسى أنت رسول الله فضلك الله برسالاته وبتكليمه على الناس اشفع لنا الى ربك ألا ترى ما نحن فيه ، ألا ترى ما قد بلغنا فيقول لهم موسى صلى الله عليه وسلم : ان ربى قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وانى قتلت نفسا لم أومر بقتلها نفسى نفسى ، أذهبوا الى عيسى صلى الله عليه وسلم فيأتون عيسى فيقولون يا عيسى أنت رسول الله وكلمت الناس فى المهد ، وكلمة منه ألقاها الى مريم وروح منه فاشفع لنا الى ربك ألا ترى ما نحن فيه ألا ترى ما قد بلغنا فيقول لهم عيسى صلى الله عليه وسلم ان ربى قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله ولم يذكر لهم ذنبا نفسى نفسى اذهبوا الى غيرى اذهبوا الى محمد صلى الله عليه وسلم فيأتونى فيقولون يا محمد أنت رسول الله وخاتم الأنبياء وغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر اشفع لنا الى ربك ألا ترى ما نحن فيه ألا ترى ما قد بلغنا فانطلق فآتى تحت العرش فأقع ساجدا لربى ثم يفتح الله على ويلهمنى من محامده وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه لأحد قبلى ثم قال يا محمد ارفع رأسك سل تعطه اشفع تشفع فأرفع رأسى فأقول يارب أمتى أمتى فيقال : يا محمد أدخل الجنة من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنة وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب والذى نفس محمد بيده ما بين المصراعين من مصاريع الجنة لكما بين مكة وهجر أو كما بين مكة وبصرى " ، وفى حديث آخر ( 300 فى صحيح مسلم ) يقول وحدثنى زهير بن جرير عن عمارة بن القعقاع عن أبى زرعة عن أبى هريرة رضى الله عنه قال :" وضعت بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم  قصعة من ثريد ولحم فتناول الذراع وكانت أحب الشاة اليه فقال : أنا سيد الناس يوم اقيامة ، فلما رأى أصحابه لا يسألونه قال : ألا تقولون كيفة ، قالوا : كيفة يا رسول الله ، قال : يقوم الناس لرب العالمين وساق الحديث بمعنى حديث أبى حيان عن أبى زرعة وزاد فى قصة ابراهيم فقال وذكر قوله فى الكواكب هذا ربى وقوله لآلهتهم بل فعاه كبيرهم هذا وقوله انى سقيم ، قال والذى نفس محمد بيده ان ما بين المصراعين من مصاريع الجنة الى عضادتى الباب لكما بين مكة وهجر أو هجر ومكة قال لاأدرى أى ذلك قال " .

2-) أوتى الرسول صلى الله عليه وسلم حوضا من الجنة من يشرب منه شربة لايظمأ بعدها أبدا ، فقد ورد فى حديث عن نافع بن عمر الجحمى عن أبن أبى مليكة قال عبد الله أبن العاص قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حوض مسبره شهر وزواياه سواء ( مهناه طوله كعرضه ) ، وماؤه أبيض من الورق ( الفضة ) ، وريحه أطيب من المسك ، وكيزانه كنجوم السماء ، فمن شرب منه فلا يظمأ بعده أبدا ، قال : وقالت أسماء بنت أبى بكر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : انى على الحوض حتى أنظر من يرد على منكم ، وسيؤخذ أناس دونى فأقول : يا رب منى ومن أمتى فيقال : أما شهرت ما فعلوا بعدك ؟ والله ما برحوا بعدك يرجعون على أعقابهم ! قال : وكان أبن أبى مليكة يقول : اللهم انا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو أن نفتن عن ديننا " رواه الشيخان واللفظ لمسلم  ( قيل هؤلاء صنفان أحدهما عصاة مرتدون عن الاستقامة لا عن الاسلام وهؤلاء مبدلون للاعمال الصالحة السيئة ، والثانى مرندون الى الكفر حقيقة ، ناكصون على أعقابهم ) .

3- أوتى رسول الله صلى الله عليه وسلم جنة الفردوس وهى أعلى مرتبة فى الجنة وطلب من أتباعه أن يسئلوا الله أن يعطيهم الفردوس وقد أرشدهم الى لك فى حديثه " اذا سألتم الله فاسألوه الفردوس ، فانها أوسط الجنة ، وأعلى الجنة ، وفوقه عرش الرحمن ، ومنه يفجر أنهار الجنة ، ويقول الله " وسارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين " آل عمران 133 ، كما أعطى الرسول صلى الله عليه وسلم الكوثر" انا أعطيناك الكوثر * فصلى لربك وانحر * ان شانئك هو الأبتر " ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم :" الكوثر نهر فى الجنة حافتاه من الذهب ، والماء يجرى على اللؤلؤ ، وماؤه أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل " ، وفى حديث عن أبى هريرة رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" قال الله تعالى أعددت لعبادى الصالحين ما لاعين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، فاقرؤوا ان شئتم " فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاءا بما كانوا يعملون " السجدة 17 ، متفق عليه ، وفى حديث آخر عن أبى سعيد وأبى هريرة رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" اذا دخل أهل الجنة – الجنة ينادى مناد : ان لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا ، وان لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا ، وأن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا ، وان لكم أن تنعموا فلا تيأسوا أبدا " رواه مسلم  ، وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ان أدنى مقعد أحدكم من الجنة أن يقول له : تمن فيتمنى ويتمنى فيقول له : هل تمنيت ؟ فيقول : نعم فيقول له : فان لك ما تمنبت ومثله معه " رواه مسلم .

ان ذلك كله نزر يسير من فيض عظيم لاصطفاء الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم وهو نبى الرحمة وخاتم النبيين ، صلاة الله وسلامه عليه فى الملأ الأعلى فى كل وقت وفى كل حين ، واجعل اللهم هذا شهادة عندك عند مماتنا وفى قبورنا ويو بعثنا اللهم آمين .  

اصطفاء الله لرسوله بالاضطلاع على الغيب وايات الاعجاز اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 7 )

اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 7 ) 

اصطفاء فى الاطلاع على الغيب والنبوءات الدالة على صدق الرسالة .

من الخصائص والاصطفاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله أطلعه على الغيب فى أمور كثيرة ومواقف لا تحصى ، وتمثل ذلك فى مواقف تعرض لها ، وكذلك فى نبوءات ذكرها ، وكل ذلك مفصل فى كتب السنة والسيرة ، ولكن نذكر بعض الأمثلة فقط للاستشهاد بها :

1-) نزول الوحى ليضع أمامه بيت المقدس ليصفه لكفار قريش فى حلة الاسراء ، عندما سألوه عنه وعن أخبار قافلتهم . 

2-) نزول الوحى ليخبره بأمر مؤامرة اليهود لقتله بحجر ، وكذلك عندما وضعت له شاة مسممة .

 3-) عندما دعا الله أن يدخله مكة دون علم قريش ، وأرسل حاطب بن أبى بلتعة امرأة برسالة الى قريش فأخبر الله رسوله بهذا الأمر . 

4-) نبوءته لسراقة بن مالك بأنه سينال سوار كسرى عندما تبعه فى الهجرة ليبلغ عنه قريش لينال المكافأة فغاض جواده فى الرمال حتىطلب من النبى صلى الله عليه وسلم أن يعفو عنه . 

5-) نبوءته لسلمان الفارسى عند حفر الخندق بأن الله سيفتح على المسلمين بلاد الشام وفارس عندما ضرب الرسول صلى الله عليه وسلم الصخرة التى اعترضت حفر الخندق وتوهجت فظهرت قصور الشام والفرس وبصرى .6-) نبوءاته لما سيحدث للصحابة عندما كان على جبل أحد على سبيل المثال وكان معه أبى بكر وعمر وعثمان فعن ابن بشار حدث عن يحيى عن سعيد عن قتادة أن أنس بن مالك أن النبى صلى الله عليه وسلم صعد أحدا وأبو بكر وعمر وعثمان فرجف بهم فقال اثبت أحد فانما عليك نبى وصديق وشهيدان " اسناده صحيح وأخرجه أبو يعلى من حديث سعد بن سهل / صحيح البخارى .

7-) نبوءاته عن مقتل الحسين ، فقد تنبأ بمقتل الحسين وهو طفل صغير فقد ثبت عن أم الفضل بنت الحارث أنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت :" يا رسول الله ! انى رأيت حلما منكرا الليلة ، قال :" وما هو ؟ " ، قالت :" انه شديد ! ، قال :" وما هو ؟" ، قالت :" رأيت كأن قطعة من جسدك قطعت ووضعت فى حجرى " ، فقال :" رأيت خيرا ، تلد فاطمة ان شاء الله غلاما فيكون فى حجرك  فولدت فاطمة الحسين ، فكان فى حجرى كما قال رسول الله ، فدخلت يوما الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعته فى حجره ثم حانت من التفاتة فاذا عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يهريقان من الدموع قالت :" فقلت يا نبى الله بأبى أنت وأمى مالك ؟ " ، قال صلى اللعه عليه وسلم :" أتانى جبريل عليه السلام فأخبرنى أن أمتى ستقتل ابنى هذا ( يعنى الحسين ) فقلت :" هذا ؟ " ، فقال :" نعم ! وأتانى بتربة من تربته حمراء " أخرجه الحاكم .

8-) نبوءاته لسيدنا عثمان وما سيحدث له من المطالبة بترك الخلافة ودعوته له للتمسك بها وعدم خلع نفسه ، فعن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عثمان فناجاه فأطال ، وانى لم أفهم من قوله يومئذ الا أنى سمعته يقول له :" ولا تنزعن قميص الله الذى قمصك " .

9-)وقد تحدث الرسول صلى الله عليه وسلم عن أمور غيبية ستحدث بعده منها علامات يوم القيامة الصغرى والكبرى وهى كثيرة وهناك بحث كامل مطول عنها ، وكذلك من أمور الفتنة بين المسلمين وغيرها ، كما تحدث القرآن الكريم عن أمور غيبية وأمور تنبؤية مثل حديثه عن انتصار الروم على الفرس قبل أن تقع المعركة ، وكذلك فى سورة الاسراء عن بنى اسرائيل وما حدث منهم من افساد وتدمير لهم وما سيحدث فى وعد الآخرة لهم ، وهذا حديث مفصل فى موضع آخر ، وحديث عن بعث يأجوج ومأجوج ، وغير ذلك لما سيحدث فى الكون ، كل هذه الآيات تدل على صدق الرسالة حتى يوم القيامة  .

اصطفاء بآيات الاعجاز العلمى فى القرآن والسنة .

أحتوى كل من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة الكثير من آيات الاعجاز العلمى التى ألفت كتب فيها ، ولم يسبق لأحد من الرسل أوالكتب المنزلة أن احتوت على ذلك ، وهناك هيئة كاملة تسمى "ألاعجاز فى القرآن والسنة " يرأسها الدكتور زغلول النجار وتوجد فى المملكة العربية السعودية ، فالقرآن هو معجزةالله التى أيد بها رسوله الكريم حتى يوم القيامة ، وكذلك احتوت الأحاديث النبوية الشريفة الكثير من الاعجاز العلمى الذى سبق عصره ، وهناك مقالات خاصة بذلك ، وهذا اصطفاء للرسالة الاسلامية وللرسول الكريم صلى الله عليه وسلم .

اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم فى الأتباع - اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 6 )

اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 6 ) 

اصطفاء فى الأتباع .

ان أمة الاسلام وأتباع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم اصطفاهم الله على سائر الأمم ، فى سورة آل عمران " كنتم خير أمة أخرجت للناس نأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون " آل عمران 110 ، وفى حديث " حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده : " أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول فى قوله " كنتم خير أمة أخرجت للناس " قال : أنتم تتمون سبعين أمة ، أنتم خيرها وأكرمها على الله " ، وفى حديث " حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال :" حدثنا سعيد عن قتادة قال :ط ذكر لنا أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم وهو مسند ظهره الى الكعبة : نحن نكمل يوم القيامة سبعين أمة ، نحن آخرها وخيرها " ، وقد خصهم الله بنعم كثيرة وفضلهم على غيرهم ليس بالعنصرية ، ولكن بالعمل ، فهم خاتم الأمم ورسولهم خاتم الرسل والنبيين ، ويكون أفضل الشىء وأتمه آخره ، فالعمل يصل الى الكمال فى آخر مراحله  ، والبشرية مرت بمراحل فى حياتها ادت الى ما وسلت اليه من علم وتطور حضارى لم تصل اليه فى أى من مراحلها وبخاصة فى العلم والاتصال ، ورسالة الاسلام نالت هذا الكمال لأسباب كثيرة منها 1-) أن عقيدتها وكتابها ظلا نقيين لم يشوبهما تحريف وتغيير ، فالأمم السابقة فقدت كتبها السماوية وسير رسلها فلا يوجد على وجه الأرض سوى القرآن نقيا كما أنزله الله ، وما تبقى من رسالات سماوية من يهودية ونصرانية فقدت كتبها السماوية ، فالتوراة التى أنزلت على سيدنا موسى غير موجودة ، وكذلك الأنجيل وبأعتراف أتباعها ، وهذا مفصل فى بحث آخر ، بينما ظل القرآن برعاية الله محفوظا كما نزل بحروفه وآياته التى تتحدى العقول وتقول أنه منزل من عند الله " انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون " الحجر 10 ، فالله تعهد بحفظ ها الكتاب بكل وسائل الحفظ من حفظ فى الصدور وكتابة وتسجيل ، ووسائل العلم الحديث جعلت القرآن متاح بأصوات عدد لايحصى من القراء ويحفظه الملايين من المسلمين ، وسوف يظل محفوظا حتى يوم القيامة دون تحريف ، ، وهو الذى يحفظ للأمة عقيدتها ، كما حافظت الأمة على سيرة رسولها الكريم صلى الله عليه وسلم وما ورد عنه من أحاديث وسنة يمثلت فى أفعاله وأقواله وتقريره ، وهى تحفل بالكثير الذى يربى الأمة فلا تزيغ ، فالله حفظ أتباع محمد صلى الله عليه وسلم من بعده من الضلال بالحفاظ على القرآن ، وقد حافظت الأمة من بعد رسولها الكريم على كتاب الله وعلى سنته ، فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال :" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما ما تمسكتم بهما ، كتاب الله وسنتى ، ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض " أخرجه مالك مرسلا والحاكم مسندا وصححه ، وحديث أنس بن مالك قال :" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد تركت فيكم ما ان أخذتم به لن تضلوا : كتاب الله وسنة نبيه " ، وكذلك " حديث أبى سعيد الخدرى ( أخرجه الخطيب فى الفقيه والمتفقة ( ج 1 ) قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا فى مرضه الذى توفى فيه ونحن فى صلاة الغداة ، فذهب أبو كر ليتأخر فأشار اليه مكانك فصل مع الناس فلما انصرف حمد الله وأثنى عليه ثم قال : يا أيها الناس انى قد تركت فيكم الثقلين كتاب الله وسنتى فاستنطقوا القرآن بسنتى ولا تعسقوه فانه لن تعمى أبصاركم ولن تقصر أيديكم ما أخذتم بهما " ،

2-) ضاعف الله لأتباع الرسول صلى الله عليه وسلم الأجر مع قليل العمل ، فالحسنة بعشر أمثالها ، وذلك لبعوضها عن قصر عمرها وجعل السيئة بمثلها فقط ، وجعل للمسلم فى كل عمل يعمله حسنة اذا ذكر فيه الله حتى أكله وشربه ولبسه وكل عمل يعمله يثاب عليه حتى الشوكة يشاكها ، فعن صهيب رضى الله عنه قال :ط قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" عجبا لأمر المؤمن ان أمره كله خير ، وليس ذلك لأحد الا للمؤمن ، ان أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وان أصابته ضراء صبر فكان خيرا له " صحيح مسلم ، وعن أنس رضى اله عنه قال :" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" عجبت للمؤمن ان الله لايقضى للمؤمن قضاء الا كان خيرا له " مسند الامام احمد ، وقال سول الله صلى الله عليه وسلم :" من يرد الله به خيرا يصيب منه " صحيح البخارى ، وعن عبد الله قال :" دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوعك فقلت يا رسول الله انك لتوعك وعكا شديدا قال :" أجل انى أوعك كما يوعك رجلان منكم ، قلت ذلك أن لك أجرين قال :ط أجل ذلك كذلك ، ما من مسلم يصيبه أذى شوكة فما فوقها الا كفر الله بها سيئاته كما تحط الشجرة ورقها " صحيح البخارى ، وعن أبى هرير رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال :" ما يصيب المسلم من نصب ولا ةصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها الا كفر الله بها من خطاياه " صحيح البخارى ، وعن أنس قال :" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" اذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة فى الدنيا ، واذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة " صحيح الترمذى ، وقالت السيدة عائشة رضى الله عنها :" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ما من مصيبة تصيب المسلم الا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها " صحيح البخارى ، ويقول الله تعالى " قل يا عبادى الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا فى هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة انما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب " الزمر 10 ، وكل هذا الجزاء يقرب من الجنة ويباعد عن النار ، وقد سهل الله لهذه الأمة التوبة أيضا فىحديث أخرجه الترمذى وابن ماجه وأحمد وابن حبان والحاكم وأبو يعلى وغيرهم عن أبى هريرة رضى الله عنه قال :" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا يزال الله تبارك وتعالى يقبل التوبة عن عبده حتى يغرغر بنفسه " ، وفى سورة الزمر " قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم * وأنيبوا الى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون * وأتبعوا أحسن ما أنزل اليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون * أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت فى جنب الله وان كنت لمن الساخرين " الزمر 53 – 56 ، وكانت التوبة عند اليهود لاتقبل الا بقتل النفس ، ففى سورة البقرة يخاطب سيدنا موسى قومه فيقول " واذ قال موسى لقومه يا قوم انكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فيوبوا الى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم انه هو التواب الرحيم " البقرو 54 ، وفى الحديث أن سهل بن أبى أمامة دخل هو وأبوه على أنس بن مالك زمن عمربن عبد العزيز وهو أمير فصلى صلاة خفيفة كأنها صلاة المسافر أو قريب منها فلما سلم قال :" يرحمك الله ، أرأيت هذه الصلاة المكتوبة أم شىء تتفلته ؟ قال :" انها المكتوبة ، وانها صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما أخطأت الا شيئا سهوت عنه ! ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول :" لاتشددوا على أنفسكم فيشدد الله عليكم ، فان قوما شددوا على أنفسهم فشدد عليهم فتلك بقاياهم فى الصوامع والديارات " .

3-) أحل الله لهم طيبات حرمت على غيرهم مثل الغنائم التى حرمت على من قبلهم ، وكذلك الذبائح أحلت بكاملها ، بينما أحل لبنى اسرائيل من اللحم فقط ما أختلط بعظم وما حملت ظهور البقر والغنم والحوايا  ، فى سورة الأنعام " وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذى ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما الا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما أختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وانا لصادقون " الأنعام 146 وتقول الآية " ذلك جزيناهم ببغيهم ، فالبغى هو التعدى على ما شرع الله ، وهم الذين أنزل الله عليهم المن والسلوى فسألوا سيدنا موسى أن يريهم الله جهرة حتى يؤمنوا " واذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون * ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون " البقرة 55-56  ، وقد عددت سورة البقرة بغيهم ، وحرم الله على المسلمين الخبائث وأحل لهم الطيبات فحرم عليهم لحم الخنزير والخمر وما شابه وكل ما يضر بالصحة .

4-) سهل الله لهم أمور عقيدتهم فجعل الله لهم الأرض مسجدا وطهورا فى الصلاة التى يتقربون بها الى الله ، فالمسلم أينما أدركته الصلاة يصلى ، ويسر الله لهم العبادة ومنحهم من الرخص فى كافة العبادات الكثير ، وهذا يضاعف من حسناتهم ويجعلهم دائما قريبين منه مما يزيد من محبته لهم لقربهم منه وطاعتهم له ، والتيسير فى الاسلام وشرائعه يحتاج الى تفصيل كثير ، وهناك فقه يسمى فقه التيسير ، فعن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال :" ان الدين يسر ، ولن يشاد الدين أحدا الا غلبه ، فسددوا ( أى اطلبوا السداد والاستقامة ) وقاربوا ( أقتصدوا فى الأمور ) وأبشروا ( أى تحدثوا بالخبر السار ) واستعينوا بالغدوة ( بالفتح أى السير أول النهار ) والروحة ( السير بعد الزوال ) وشىء من الدلجة ( بالفتح السير آخر الليل وقيل الليل كله ) " أخرجه البخارى والنسائى واللفظ للبخارى ، وعن السيدة عائشة رضى الله عنها قالت :" ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين الا أخذ أيسرهما ، ما لم يكن اثما ، وان كان اثما كان أبعد الناس منه ، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه الا أن تنتهك حروة الله عز وجل " صحيح مسلم .

5-) جعل الله أتباع الرسول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأمته خاتم الأمم ، وخاتم الشىء كماله ، يقول الله "  اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الاسلام دينا  " المائدة 3، وخاتم العمل أجوده ، فلا رسل بعد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ويصف القرآن هذا بقوله " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم فى وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم فى التوراة ومثلهم فى الانجيل كزرع أخرج شطئه فآزر فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما " الفتح 29 ، ويقول " ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شىء عليما " الأحزاب 40 ، فجعل الله فى رسولهم الكمال فى كل شىء وجعل فى رسالته الكمال ، ومن اتبع الكمال نال رضوان الله وحسن الخاتمة فى الجنة ونعيمها ، وفى حديث عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" كل أمتى يدخلون الجنة الا من أبى ، قيل ومن يأبى يارسول الله ؟! قال : من أطاعنى دخل الجنة ومن عصانى فقد أبى " حديث صحيح رواه البخارى فى الصحيح ، فالله قد باهى بهم الأمم من قبلهم فى طاعته وبما هم عليه من صفات ، يقول الله " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون " آل عمران 110  ، وفى حديث عن أبى سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن المسيب قالا : كان أبو هريرة يحدث أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم ، فانما هلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم " صحيح مسلم .

6-) لم يسلط الله عليهم الخسف والهلاك كما سلطه على الذين من قبلهم ، وجعل العقاب يخص ، ويكون الهلاك مع الساعة وكثرة العصاة ونزع الاسلام من الأرض ، فقوم نوح أهلكوا بالطوفان ،وقوم عاد وقوم ثمود وقوم لوط أهلكهم الله لعصيانهم رسلهم ، ولكن الله بدعوة رسوله رفع ذلك عن أمته حتى عندما ذهب الى الطائف ونزل عليه الملك –ملك الجبال وقال له " يا محمد أمرنى ربى أن أكون طوع ارادتك  لو شئت لأطبقت عليه الأخشبين  أى الجبلين ، قال : لا يا أخى اللهم أهد قومى فانهم لا يعلمون -  أرجوا أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا " متفق عليه عن عائشة رضى الله عنها  ، عن عامر بن سعد عن أبيه : أن ر سول الله صلى الله عليه وسلم أقبل  ذات يوم من العالية ، حتى اذا مر بمسجد بنى معاوية دخل فركع فيه ركعتين وصلينا معه ، ودعا ربه طويلا ، ثم انصرف الينا فقال :" سألت ربى ثلاثا ، فأعطانى أثنين ومنعنى واحدة ، سألت ربى أن لايهلك أمتى بالسنة ( بفتح السين أى الجوع ) فأعطانيها ، وسألته أن لا يهلك أمتى بالغرق فأعطانيها  ، وسألته أن لا يجعل بأسهم  بينهم فمنعنيها " رواه مسلم فى باب هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض من باب كتاب الفتن .

اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم بالعقيدة والرسالة -اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 5 )

اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 5 ) 

اصطفاء العقيدة والرسالة .

ان عقيدة الاسلام ورسالته تشمل العالم بأسره ، يقول الله سبحانه وتعالى " تبارك الذى نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا " الفرقان1 ، وفى سورة سبأ " وما أرسناك الا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لايعلمون " سبأ 28 ، ويقول فى حديث عن أبى هريرة رضى الله عنه :" بعثت من خير قرون بنى آدم ، قرنا فقرنا ، حتى كنت من القرن الذى كنت فيه " رواه البخارى فى باب صفة النبى صلى الله عليه وسلم ، وقال فى حديث عن ابن عباس رضى الله عنهما :" قيل للرسول صلى الله عليه وسلم أى الأديان أحب الى الله قال الحنيفية السمحة " ( المراد بالحنيفية ملة ابراهيم والسمحة أى السهلة ) أخرجه أحمد فى مسنده وعلقه البخارى فى صحيحه ووصله فى الأدب المفرد ، وفى حديث أخرجه أحمد بسند حسن عن عائشة رضى الله عنها :" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :ط بعثت بالحنيفية السمحة السهلة " ، وفى حديث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبوك قام من الليل يصلى فاجتمع وراءه رجال من أصحابه يحرسونه حتى اذا صلى انصرف اليهم فقال لهم :" لقد أعطيت الليلة خمسا ما أعطيهن أحد قبلى ! ، أما أنا فأرسلت الى الناس كلهم عامة ، وكان من قبلى انما يرسل الى قومه ، ونصرت على العدو بالرعب ، ولو كان بينى وبينهم مسيرة شهر لملىء رعبا ، وأحلت لى الغنائم آكلها ، وكان من قبلى يعظمون أكلها ، كانوا يحرقونها ، وجعلت لى الأرض مسجدا وطهورا ، أينما أدركتنى الصلاة تمسحت وصليت ، وكان من قبلى يعظمون لك ، انما كانوا يصلون فى كنائسهم وبيعهم ، والخامسة هى ما هى ؟ قيل لى : سل فان كل نبى قد سأل ، فأخرت مسألتى الى يوم القيامة ، فهى لكم ولمن شهد أن لا آله تلا الله " أخرجه أحمد ( الفتح الربانى ح 21 ) ، وأى رسول بعثقبله كان لقوم أو طائفة ، ثمود أخاهم صالح ، لوط الى قومه ، نوح الى قومه ، شعيب الى قومه ، سيدنا موسى لبنى اسرائيل ، سيدنا عيسى أيضا لبنى أسرائيل ، أما محمد صلى الله عليه وسلم أرسل للعالمين كافة انطلاقا من مكة وللعام كله ، وعقيدة الاسلام هى عقيدة الرسل والأنبياء ، ولو تأملنا كلمة " الاسلام " تعنى اسلام النفس الى الله سبحانه وتعالى والى طريق الله واتباع كل ما يؤدى الى ذلك ، وتحية الاسلام هى السلام فالسلام اذا تحقق مع الله ومع النفس ومع الناس فقد تحقق الاسلام ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :" لاتدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، ألا أدلكم على شىء اذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم " رواه مسلم ، وفى الحديث المتفق عليه أن رجلا سال رسول الله صلى الله عليه وسلم أى الاسلام خير ؟ قال : تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف " فالسلام هو المدخل للمرضاة والرضى ، لابد للمسلم أن يسلم نفسه الى الله ، ومنها كلمة التسليم وفى سورة النساء " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما " النساء 65 ، فالتسليم بما أنزل الله وبما أقره رسوله وعدم الالتفاف حوله أو اباع الهوى والجدل الذى يضل عن سبيل الله ، واختيار كلمة الاسلام فى حد ذاته يوحى بالاصطفاء فى العقيدة والرسالة ، يقول الله " وجاهدوا فى الله حق جهاده هو اجنباكم وما جعل عليكم فى الدين من حرج ملة أبيكم ابراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفى هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا سهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير " الحج 78 ، وهذه الآية تلخص العقيدة الاسلامية كما أرادها الله ، وكما وردت فى الأحاديث ، ولابد أن نفخر بذلك لأننا لو أتبعنا هذا المدلول وهذا المعنى فقد اتبعنا دين الله وشرع الله ومنهج رسوله الخاتم فهو استمرار للرسل من قبله ، وما أصطفى الله به رسوله الكريم أيضا هو القرآن الذى لا تنقضى معجزاته وعجائبه ، وهو الدليل على صدق الريالة ، فلا بد أن نتعامل معه بدراسته وتدبر كل حرف من حروفه ودلالاته بالاتباع ، وهذا موضوع كبير يحتاج لوحده لدراسة مفصلة .

واذا ناقشنا هذا الموضوع لماذا الاسلام ؟ ولماذا القرآن ؟ من وجهة نظر موضوعية لآمنت النفوس واطمئنت القلوب دون الدخول فى المهاترات الجانبية " ، وفى سورة البقرة " وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وأليك المصير " البقرة 285.

150-] English Literature

150-] English Literature Letitia Elizabeth Landon     List of works In addition to the works listed below, Landon was responsible for nume...