شخصية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم .
لقد
اجتمعت فى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم صفات خلقية وخلقية لا يمكن أن تجتمع
أبدا فى بشر أو رسول أو نبى قبلة ، تجعل الله يصطفيه على بنى آدم ، فهو خيارهم
وخيرهم ، فهو الانسان الذى تجتمع فيه صفات الرحمة والجود والكرم والتسامح وقوة
الشخصية وبشاشة الوجه والصبر وغيرها من الصفات التى لا تحصى التى ترشحه للتعامل مع
كافة أصناف البشر ، وهو الزوج المثالى القوى الأمين الذى يحمل مسئولية بيته ويؤتمن
عليه ، طيب العشرة المتسامح مع زوجاته البشوش ، الطلق الوجه ، العادل بين زوجاته ،
وهو القائد الذى قاد أمة العرب من الجاهلية فى خلال عقدين من الزمان ليتركها بعده
لتمتد الخلافة الاسلامية فى سنوات لتصل الى معظم أرجاء العالم القديم من الصين الى
جنوب شرق آسيا الى أفريقيا ثم عبرت البحر بعد ذلك لتصل الى أوربا وتستمر حتى يومنا
هذا وتغزو العقول والقلوب حتى يوم القيامة فكان صاحب رسالة سماوية ورسول من ربه
وخاتم النبيين فى أصعب عصر مرت به البشرية ، فقد كانت الرسالات السابقة الى طائفة
محدودة من البشر لاتتجاوزهم ، ولكن هذه الرسالة امتدت الى البشر كافة فى عصر العلم
والتكنولوجيا ، مما سهل أن تبلغ كل مكان على وجه الأرض ، وقد سبق القرآن والسنة
عصرهما بكثير حتى يصلا الى هذا العصر بأفكاره ويتحدياه بما فيهما من سبق واعجاز فى
مجالات كثيرة ، لأنهما يرسيان منهج حياة يصلح أن يطبقه الفرد ويطبقه المجتمع
وتطبقه البشرية فى التعامل مما يحتاج الى افراد كيب ومؤلفات تفصيلية يقدمها أولو
العلم ، ويتفرد الاسلام بكتابه القرآن وسنة رسوله الكريم بخاصية التغلغل فى الحياة
والمعاملات الخاصة والعامة والتشريعات التى تناولت كل شىء ، يقول الله فى سورة
الأنعام " وما من دابة فى الأرض ولا طائر يطير بجناحيه الا أمم أمثالكم ما
فرطنا فى الكتاب من شىء ثم الى ربهم يحشرون " الأنعام 38 ، هذه الآية البليغة
من القرآن الكريم توضح مدى بلاغة القرآن فى التعبير عندما تتحدث عن قدرة الله فى
الكون والخلق والاعجاز العلمى فى القرآن مما يحتاج شرحه الى تفصيل ، ولا يوجد دين
سابق له فعل ذلك ، ونقول ذلك بعد دراسة لما حولنا من يهودية ونصرانية وهندوكية
وزردشتية وبوذية وغيرها ، فكلها بدراسة مقارنة مجرد فلسفا ت وعبادات ومبادىء
أخلاقية للتعامل ، ناهيك عما بها من خرافات ، ويحتاج ذلك الى بحوث منفصلة . يقول
الدكتور مايكل هارث ، وهو أمريكى حصل على عدة شهادات فى العلوم والدكتوراة فى
الفلك من جامعة برنستون وقد عمل فى مراكز الأبحاث والمراصد ، وهو أحد العلماء
المعتمدين فى الفيزياء التطبيقية ، وله العديد من النظريات العلمية المستمدة من
القرآن ، وله الكثير من المؤلفات التى يفتخر فيها بهذه المرجعية من أهمها "
دراسة فى الأوائل ´ ، يقول :" ان اختيار محمد صلى الله عليه وسلم ليكون رأس
القائمة التى تضم الأشخاص الذين كان لهم أعظم تأثير عالمى فى مختلف المجالات ربما
أدهش كثيرا من القراء ، ولكن فى اعتقادى أن محمد صلى الله عليه وسلم كان الرجل
الوحيد فى التاريخ الذى نجح بشكل أسمى وأبرز فى كلا المستويين الدينى والدنيوى ، لقد
أسس محمد صلى الله عليه وسلم ونشر أحد أعظم الأديان فى العالم ، وأصبح أحد الزعماء
العالميين السياسييين العظام .... فى هذه الأيام وبعد مرور ثلاثة عشر قرنا تقريبا
على وفاته فان تأثيره لايزال قويا وعارما ، من وجهة النظر الدينية الصرفة يبدو أن
محمدا صلى الله عليه وسلم كان له تأثير على البشرية عبر التاريخ كما كان للمسيح
عليه السلام ، ان محمد صلى الله عليه وسلم يختلف عن المسيح بأنه كان زعيما دنيويا
، فضلا عن أنه زعيم ديتى ، فى الحقيقة اذا أخذنا بعين الاعتبار القوى الدافعة وراء
الفتوحات الاسلامية ، فان محمدا صلى الله عليه وسلم يصبح أعظم قائد سياسى على مدى
الأجيال ، ان هذا الاتحاد الفريد لا نظير له للتأثير الدينى والدنيوى بما يخول محمدا
صلى الله عليه وسلم أن يعتبر أعظم شخصية مفردة ذات تأثير فى تاريخ البشرية ، ايس
توسع العرب شيئا محتوما أو آليا ، وكذلك انشاء الأمة الاسلامية ، ولولا هذا المزيج
الرائع من الصفات المختلفة الذى نجده عند محمد صلى الله عليه وسلم لكان من غير
اللمكن أن يتم هذا التوسع ، ولأستنفذت تلك القوى الجبارة فى غارات على سوريا
والعراق دون أن تؤدى لنتائج دائمة "
وقد
فضل الله رسوله محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة على الرسل فى البعث ، فهو أول من يبعث فى القبور ، وفى
اعطائه الشفاعة أى التوسط لانقاذها من التار عند ربه ، كما له مكانة نالها من ربه
بما بلغه من رسالة تقدس الله وتوحده ولا تشرك به شيئا " ان الله لا يغفر أن
يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى اثما عظيما "
النساء 48 ، فالمسلم يمكن أن يقصر فى العبادات والمعاملات ويرتكب المعاصى ، ولكن
لاينكر وجود الله ، وهذا ينطبق على كل المسلمين على النقيض ممن يقولون أن عزير ابن
الله وأن المسيح ابن الله ، وهناك من يعبدون البقر ويقدسون الصور والتماثيل ،
ويعبدون من غير الله حتى وصل الأمر الى عبادة الشيطان ، فالعبادة هى اقرار لله
بالعبودية والوحدانية ليس بالقول ولكن
بالطاعة والعمل ، والمسلم العاصى يمكن أن يقصر فى جانب العبادة لله ولكن لايشرك به
على خلاف الآخرين ، فهنا تكون الشفاعة ممكنة ميسرة من الله مقبولة من رسوله . كما
أعطى الله محمدا صلى الله عليه وسلم حوضا فى الجنة من شرب منه شربة لايظما بعدها
أبدا ، وهى منحة من الله ينفرد بها ، وقد تحدثت فى مقال سابق بالتفصيل عن اصطفاء
الله لرسوله محمدا صلى الله عليه وسلم .
واذا
استعرضنا الأحاديث التى تتحدث عن صفات الرسول صلى الله عليه وسلم الجسدية فانها
توحى بشخصية اجتمعت فيها القوة والمهابة والاحترام والجمال الرجولى الذى يشد
الأبصار والقلوب فى حالة فريدة فى البشر لا يمكن أن تجتمع فيها هذه الصفات الخلقية
فهذا اختيار آلهى واصطفاء على البشر فى الخلق حتى سيدنا آدم نفسه ، وختم ذلك
بعلامة مميزة هى خاتم النبوة ، وهذا يذكرنا بما نجده فى عصرنا الحالى فى عالم
التجارة من اصطفاء الشركات بعلامة مميزة لها تمنع الغش واختلاط الأصلى بالزائف
المقلد .