Grammar American & British

Wednesday, July 8, 2020

شخصية الرسول صلعم -اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 9 )

اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 9 ) 

شخصية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم .

لقد اجتمعت فى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم صفات خلقية وخلقية لا يمكن أن تجتمع أبدا فى بشر أو رسول أو نبى قبلة ، تجعل الله يصطفيه على بنى آدم ، فهو خيارهم وخيرهم ، فهو الانسان الذى تجتمع فيه صفات الرحمة والجود والكرم والتسامح وقوة الشخصية وبشاشة الوجه والصبر وغيرها من الصفات التى لا تحصى التى ترشحه للتعامل مع كافة أصناف البشر ، وهو الزوج المثالى القوى الأمين الذى يحمل مسئولية بيته ويؤتمن عليه ، طيب العشرة المتسامح مع زوجاته البشوش ، الطلق الوجه ، العادل بين زوجاته ، وهو القائد الذى قاد أمة العرب من الجاهلية فى خلال عقدين من الزمان ليتركها بعده لتمتد الخلافة الاسلامية فى سنوات لتصل الى معظم أرجاء العالم القديم من الصين الى جنوب شرق آسيا الى أفريقيا ثم عبرت البحر بعد ذلك لتصل الى أوربا وتستمر حتى يومنا هذا وتغزو العقول والقلوب حتى يوم القيامة فكان صاحب رسالة سماوية ورسول من ربه وخاتم النبيين فى أصعب عصر مرت به البشرية ، فقد كانت الرسالات السابقة الى طائفة محدودة من البشر لاتتجاوزهم ، ولكن هذه الرسالة امتدت الى البشر كافة فى عصر العلم والتكنولوجيا ، مما سهل أن تبلغ كل مكان على وجه الأرض ، وقد سبق القرآن والسنة عصرهما بكثير حتى يصلا الى هذا العصر بأفكاره ويتحدياه بما فيهما من سبق واعجاز فى مجالات كثيرة ، لأنهما يرسيان منهج حياة يصلح أن يطبقه الفرد ويطبقه المجتمع وتطبقه البشرية فى التعامل مما يحتاج الى افراد كيب ومؤلفات تفصيلية يقدمها أولو العلم ، ويتفرد الاسلام بكتابه القرآن وسنة رسوله الكريم بخاصية التغلغل فى الحياة والمعاملات الخاصة والعامة والتشريعات التى تناولت كل شىء ، يقول الله فى سورة الأنعام " وما من دابة فى الأرض ولا طائر يطير بجناحيه الا أمم أمثالكم ما فرطنا فى الكتاب من شىء ثم الى ربهم يحشرون " الأنعام 38 ، هذه الآية البليغة من القرآن الكريم توضح مدى بلاغة القرآن فى التعبير عندما تتحدث عن قدرة الله فى الكون والخلق والاعجاز العلمى فى القرآن مما يحتاج شرحه الى تفصيل ، ولا يوجد دين سابق له فعل ذلك ، ونقول ذلك بعد دراسة لما حولنا من يهودية ونصرانية وهندوكية وزردشتية وبوذية وغيرها ، فكلها بدراسة مقارنة مجرد فلسفا ت وعبادات ومبادىء أخلاقية للتعامل ، ناهيك عما بها من خرافات ، ويحتاج ذلك الى بحوث منفصلة . يقول الدكتور مايكل هارث ، وهو أمريكى حصل على عدة شهادات فى العلوم والدكتوراة فى الفلك من جامعة برنستون وقد عمل فى مراكز الأبحاث والمراصد ، وهو أحد العلماء المعتمدين فى الفيزياء التطبيقية ، وله العديد من النظريات العلمية المستمدة من القرآن ، وله الكثير من المؤلفات التى يفتخر فيها بهذه المرجعية من أهمها " دراسة فى الأوائل ´ ، يقول :" ان اختيار محمد صلى الله عليه وسلم ليكون رأس القائمة التى تضم الأشخاص الذين كان لهم أعظم تأثير عالمى فى مختلف المجالات ربما أدهش كثيرا من القراء ، ولكن فى اعتقادى أن محمد صلى الله عليه وسلم كان الرجل الوحيد فى التاريخ الذى نجح بشكل أسمى وأبرز فى كلا المستويين الدينى والدنيوى ، لقد أسس محمد صلى الله عليه وسلم ونشر أحد أعظم الأديان فى العالم ، وأصبح أحد الزعماء العالميين السياسييين العظام .... فى هذه الأيام وبعد مرور ثلاثة عشر قرنا تقريبا على وفاته فان تأثيره لايزال قويا وعارما ، من وجهة النظر الدينية الصرفة يبدو أن محمدا صلى الله عليه وسلم كان له تأثير على البشرية عبر التاريخ كما كان للمسيح عليه السلام ، ان محمد صلى الله عليه وسلم يختلف عن المسيح بأنه كان زعيما دنيويا ، فضلا عن أنه زعيم ديتى ، فى الحقيقة اذا أخذنا بعين الاعتبار القوى الدافعة وراء الفتوحات الاسلامية ، فان محمدا صلى الله عليه وسلم يصبح أعظم قائد سياسى على مدى الأجيال ، ان هذا الاتحاد الفريد لا نظير له للتأثير الدينى والدنيوى بما يخول محمدا صلى الله عليه وسلم أن يعتبر أعظم شخصية مفردة ذات تأثير فى تاريخ البشرية ، ايس توسع العرب شيئا محتوما أو آليا ، وكذلك انشاء الأمة الاسلامية ، ولولا هذا المزيج الرائع من الصفات المختلفة الذى نجده عند محمد صلى الله عليه وسلم لكان من غير اللمكن أن يتم هذا التوسع ، ولأستنفذت تلك القوى الجبارة فى غارات على سوريا والعراق دون أن تؤدى لنتائج دائمة "

وقد فضل الله رسوله محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة على الرسل فى البعث ، فهو أول من يبعث فى القبور ، وفى اعطائه الشفاعة أى التوسط لانقاذها من التار عند ربه ، كما له مكانة نالها من ربه بما بلغه من رسالة تقدس الله وتوحده ولا تشرك به شيئا " ان الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى اثما عظيما " النساء 48 ، فالمسلم يمكن أن يقصر فى العبادات والمعاملات ويرتكب المعاصى ، ولكن لاينكر وجود الله ، وهذا ينطبق على كل المسلمين على النقيض ممن يقولون أن عزير ابن الله وأن المسيح ابن الله ، وهناك من يعبدون البقر ويقدسون الصور والتماثيل ، ويعبدون من غير الله حتى وصل الأمر الى عبادة الشيطان ، فالعبادة هى اقرار لله بالعبودية والوحدانية  ليس بالقول ولكن بالطاعة والعمل ، والمسلم العاصى يمكن أن يقصر فى جانب العبادة لله ولكن لايشرك به على خلاف الآخرين ، فهنا تكون الشفاعة ممكنة ميسرة من الله مقبولة من رسوله . كما أعطى الله محمدا صلى الله عليه وسلم حوضا فى الجنة من شرب منه شربة لايظما بعدها أبدا ، وهى منحة من الله ينفرد بها ، وقد تحدثت فى مقال سابق بالتفصيل عن اصطفاء الله لرسوله محمدا صلى الله عليه وسلم .

واذا استعرضنا الأحاديث التى تتحدث عن صفات الرسول صلى الله عليه وسلم الجسدية فانها توحى بشخصية اجتمعت فيها القوة والمهابة والاحترام والجمال الرجولى الذى يشد الأبصار والقلوب فى حالة فريدة فى البشر لا يمكن أن تجتمع فيها هذه الصفات الخلقية فهذا اختيار آلهى واصطفاء على البشر فى الخلق حتى سيدنا آدم نفسه ، وختم ذلك بعلامة مميزة هى خاتم النبوة ، وهذا يذكرنا بما نجده فى عصرنا الحالى فى عالم التجارة من اصطفاء الشركات بعلامة مميزة لها تمنع الغش واختلاط الأصلى بالزائف المقلد .

وسوف أستعرض الأحاديث الدالة على الصفات الخلقية والخلقية للرسول صلى الله عليه وسلم من خلال الأحاديث والقرآن الكريم مع شرح المعانى ، ويترك الحكم للقارىء بعد ذلك حتى يبحث بعقله وفكره فى كل البشر ليقارن فى موضع لايمكن فيه المقارنة ولا تجوز ، وأقول ذلك اذا شط العقل واحتكم الى المعايير المادية البحتة المجردة من العقئد ، وسوف نستعرض الصفات الخلقية لتكون لنا قبسا ونورا نقتدى به فىحياتنا وأقدم فى عجالة النذر اليسير فى صفحات قلائل ، بل أقتطف بعض الأزهار من بستان النبوة الزاخر الذى لايمكن أن يحيط به عقل أو يحصيه لأنه يعجز عن ذلك ، فيأخذ بقدر ما يستطيع وما يصل اليه علمه واجتهاده ، فالرسول صلى الله عليه وسلم كمال من غير نقصان ، ولكن النقصان فى الادراك لما هو موجود وعدم القدرة فى الوصول اليه ، كما نمد بصرنا للسماء لنبلغ منتهاها بكل ما أوتينا من علم وأجهزة فيرتد الينا بصرنا خاسئا وهو حسير ، ما نملك أن نقوله هو الصلاة والسلام عليه فى كل وقت وحين ونحمد الله أن هدى قلوبنا فلم تزيغ .

اصطفاء البعث والشفاعة يوم القيامة -اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 8 )

اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 8 )

اصطفاء فى البعث والحساب يوم القيامة .

1-) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أول من يبعث يوم القيامة فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ، وأول من ينشق عنه القبر ، وأول شافع ، وأول مشفع ( أى من تقبل شفاعته يوم القيامة ) رواه مسلم ، وفى حديث آخر عن أنس رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال :" أنا أول الناس خروجا اذا بعثوا ، وأنا خطيبهم اذا وفدوا ، وأنا مبشرهم اذا أيسوا ، لواء الحمد يومئذ بيدى ، وأنا أكرم ولد بنى آدم على ربى ولا فخر " رواه الترمذى ( يريد انفراده بالحمد يوم القيامة ) ، وفى حديث " حدثنا قتيبة بن سعيد واسحاق بن اباهيم قال قتيبة حدثنا جرير عن المختار بن فلفل عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أنا أول الناس يشفع فى الجنة وأنا أكثر الأنبياء يبعا " صحيح مسلم ، وفى حديث آخر " حدثنا أبى شيبة وأبو كريب واللفظ لأبى كريب قالا : حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبى صالح عن أبى هريرة قال :" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لكل نبى دعوة مستجابة فتعجل كل نبى دعوته وانى اختبأت دعوتى شفاعة لأمتى يوم القيامة ، فهى نائلة ان شاء الله من مات من أمتى لا يشرك بالله شيئا " صحيح مسلم ، وفى حديث آخر " حدثنى يونس بن عبد الأعلى الصدفى ( بفتح الصاد والدال ) أخبرنا ابن وهب قال أخبرنى عمرو بن الحارث أن بكر بن سوادة حدثه عن عبد الرحمن بن جبير عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبى صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل فى ابراهيم " رب انهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعنى فانه منى ومن  عصانى فانك غفور رحيم " ابراهيم 14 ، وقال عيسى عليه السلام " ان تعذبهم فانهم عبادك وان تغفر لهم فانك أنت العزيز الحكيم " المائدة 118 ، فرفع يديه وقال اللهم أمتى وبكى ، فقال الله عز وجل : يا جبريل اذهب الى محمد وربك أعلم فسله ما يبكيك فأتاه جبريل عليه السلام فسأله فاخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال وهو أعلم فقال الله يا جبريل اذهب الى محمد فقل انا سنرضيك فى أمتك ولا نسوءك " صحيح مسلم ، والشفاعة من المنح الربانية التى أعطاها الله لرسوله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة وفى صحيح مسلم كذلك حديث مطول عن الشفاعة ( 299 )" حدثا أبو بكر بن أبى شيبة ومحمد بن عبد الله بن نميرواتفقا فى سياق الحديث الا ما يزيد أحدهما من الحرف بعد الحرف قالا : حدثنا محمد بن بشر حدثنا أبو حيان عن أبى زرعة ( بضم الزاى ) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : " أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بلحم فرفع اليه الذراع وكانت تعجبه فنهس منها نهسة فقال : " أنا سيد الناس يوم القيامة وهل تدرون بم ذاك ؟ ، يجمع الله يوم القيامة الأولين والآخرين فى صعيد واحد فيسمعهم الداعى وينفذهم البصر وتدنوا الشمس فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون وما لا يحتملون فيقول بعض الناس لبعض ألا ترون ما أنتم فيه ألا ترون ما قد بلغكم ألا تنظرون من يشفع لكم الى ربكم فيقول بعض الناس لبعض أئتوا آدم فيأتون آدم فيقولون يا آدم أنت أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك اشفع لنا الى ربك ألا ترى الى ما نحن فيه الا ترى الى ما قد بلغنا ، فيقول آدم : ان ربى غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وانه نهانى عن الشجرة فعصيته ، نفسى نفسى ! اذهبوا الى غيرى ! اذهبوا الى نوح فيأتون نوحا فيقولون يا نوح أنت أول الرسل الى الأرض وسماك الله عبدا شكورا اشفع لنا الى ربك ألا ترى ما نحن فيه ، ألا ترى ما قد بلغنا فيقول لهم : ان ربى وقد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله ، وانه قد كانت لى دعوة دعوت بها على قومى ، نفسى نفسى اذهبوا الى ابراهيم صلى الله عليه وسلم ، فيأتون ابراهيم فيقولون : أنت نبى الله وخليله من أهل الأرض أ اشفع لنا الى ربك ألا ترى الى ما نحن فيه ! ألا ترى ما قد بلغنا ! فيقول لهم ابراهيم : ان ربى قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله ، وذكر كذباته نفسى نفسى اذهبوا الى غيرى ، اهبوا الى موسى فيأتون موسى صلى الله عليه وسلم فيقولون : يا موسى أنت رسول الله فضلك الله برسالاته وبتكليمه على الناس اشفع لنا الى ربك ألا ترى ما نحن فيه ، ألا ترى ما قد بلغنا فيقول لهم موسى صلى الله عليه وسلم : ان ربى قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وانى قتلت نفسا لم أومر بقتلها نفسى نفسى ، أذهبوا الى عيسى صلى الله عليه وسلم فيأتون عيسى فيقولون يا عيسى أنت رسول الله وكلمت الناس فى المهد ، وكلمة منه ألقاها الى مريم وروح منه فاشفع لنا الى ربك ألا ترى ما نحن فيه ألا ترى ما قد بلغنا فيقول لهم عيسى صلى الله عليه وسلم ان ربى قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله ولم يذكر لهم ذنبا نفسى نفسى اذهبوا الى غيرى اذهبوا الى محمد صلى الله عليه وسلم فيأتونى فيقولون يا محمد أنت رسول الله وخاتم الأنبياء وغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر اشفع لنا الى ربك ألا ترى ما نحن فيه ألا ترى ما قد بلغنا فانطلق فآتى تحت العرش فأقع ساجدا لربى ثم يفتح الله على ويلهمنى من محامده وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه لأحد قبلى ثم قال يا محمد ارفع رأسك سل تعطه اشفع تشفع فأرفع رأسى فأقول يارب أمتى أمتى فيقال : يا محمد أدخل الجنة من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنة وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب والذى نفس محمد بيده ما بين المصراعين من مصاريع الجنة لكما بين مكة وهجر أو كما بين مكة وبصرى " ، وفى حديث آخر ( 300 فى صحيح مسلم ) يقول وحدثنى زهير بن جرير عن عمارة بن القعقاع عن أبى زرعة عن أبى هريرة رضى الله عنه قال :" وضعت بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم  قصعة من ثريد ولحم فتناول الذراع وكانت أحب الشاة اليه فقال : أنا سيد الناس يوم اقيامة ، فلما رأى أصحابه لا يسألونه قال : ألا تقولون كيفة ، قالوا : كيفة يا رسول الله ، قال : يقوم الناس لرب العالمين وساق الحديث بمعنى حديث أبى حيان عن أبى زرعة وزاد فى قصة ابراهيم فقال وذكر قوله فى الكواكب هذا ربى وقوله لآلهتهم بل فعاه كبيرهم هذا وقوله انى سقيم ، قال والذى نفس محمد بيده ان ما بين المصراعين من مصاريع الجنة الى عضادتى الباب لكما بين مكة وهجر أو هجر ومكة قال لاأدرى أى ذلك قال " .

2-) أوتى الرسول صلى الله عليه وسلم حوضا من الجنة من يشرب منه شربة لايظمأ بعدها أبدا ، فقد ورد فى حديث عن نافع بن عمر الجحمى عن أبن أبى مليكة قال عبد الله أبن العاص قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حوض مسبره شهر وزواياه سواء ( مهناه طوله كعرضه ) ، وماؤه أبيض من الورق ( الفضة ) ، وريحه أطيب من المسك ، وكيزانه كنجوم السماء ، فمن شرب منه فلا يظمأ بعده أبدا ، قال : وقالت أسماء بنت أبى بكر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : انى على الحوض حتى أنظر من يرد على منكم ، وسيؤخذ أناس دونى فأقول : يا رب منى ومن أمتى فيقال : أما شهرت ما فعلوا بعدك ؟ والله ما برحوا بعدك يرجعون على أعقابهم ! قال : وكان أبن أبى مليكة يقول : اللهم انا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو أن نفتن عن ديننا " رواه الشيخان واللفظ لمسلم  ( قيل هؤلاء صنفان أحدهما عصاة مرتدون عن الاستقامة لا عن الاسلام وهؤلاء مبدلون للاعمال الصالحة السيئة ، والثانى مرندون الى الكفر حقيقة ، ناكصون على أعقابهم ) .

3- أوتى رسول الله صلى الله عليه وسلم جنة الفردوس وهى أعلى مرتبة فى الجنة وطلب من أتباعه أن يسئلوا الله أن يعطيهم الفردوس وقد أرشدهم الى لك فى حديثه " اذا سألتم الله فاسألوه الفردوس ، فانها أوسط الجنة ، وأعلى الجنة ، وفوقه عرش الرحمن ، ومنه يفجر أنهار الجنة ، ويقول الله " وسارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين " آل عمران 133 ، كما أعطى الرسول صلى الله عليه وسلم الكوثر" انا أعطيناك الكوثر * فصلى لربك وانحر * ان شانئك هو الأبتر " ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم :" الكوثر نهر فى الجنة حافتاه من الذهب ، والماء يجرى على اللؤلؤ ، وماؤه أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل " ، وفى حديث عن أبى هريرة رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" قال الله تعالى أعددت لعبادى الصالحين ما لاعين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، فاقرؤوا ان شئتم " فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاءا بما كانوا يعملون " السجدة 17 ، متفق عليه ، وفى حديث آخر عن أبى سعيد وأبى هريرة رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" اذا دخل أهل الجنة – الجنة ينادى مناد : ان لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا ، وان لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا ، وأن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا ، وان لكم أن تنعموا فلا تيأسوا أبدا " رواه مسلم  ، وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ان أدنى مقعد أحدكم من الجنة أن يقول له : تمن فيتمنى ويتمنى فيقول له : هل تمنيت ؟ فيقول : نعم فيقول له : فان لك ما تمنبت ومثله معه " رواه مسلم .

ان ذلك كله نزر يسير من فيض عظيم لاصطفاء الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم وهو نبى الرحمة وخاتم النبيين ، صلاة الله وسلامه عليه فى الملأ الأعلى فى كل وقت وفى كل حين ، واجعل اللهم هذا شهادة عندك عند مماتنا وفى قبورنا ويو بعثنا اللهم آمين .  

اصطفاء الله لرسوله بالاضطلاع على الغيب وايات الاعجاز اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 7 )

اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 7 ) 

اصطفاء فى الاطلاع على الغيب والنبوءات الدالة على صدق الرسالة .

من الخصائص والاصطفاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله أطلعه على الغيب فى أمور كثيرة ومواقف لا تحصى ، وتمثل ذلك فى مواقف تعرض لها ، وكذلك فى نبوءات ذكرها ، وكل ذلك مفصل فى كتب السنة والسيرة ، ولكن نذكر بعض الأمثلة فقط للاستشهاد بها :

1-) نزول الوحى ليضع أمامه بيت المقدس ليصفه لكفار قريش فى حلة الاسراء ، عندما سألوه عنه وعن أخبار قافلتهم . 

2-) نزول الوحى ليخبره بأمر مؤامرة اليهود لقتله بحجر ، وكذلك عندما وضعت له شاة مسممة .

 3-) عندما دعا الله أن يدخله مكة دون علم قريش ، وأرسل حاطب بن أبى بلتعة امرأة برسالة الى قريش فأخبر الله رسوله بهذا الأمر . 

4-) نبوءته لسراقة بن مالك بأنه سينال سوار كسرى عندما تبعه فى الهجرة ليبلغ عنه قريش لينال المكافأة فغاض جواده فى الرمال حتىطلب من النبى صلى الله عليه وسلم أن يعفو عنه . 

5-) نبوءته لسلمان الفارسى عند حفر الخندق بأن الله سيفتح على المسلمين بلاد الشام وفارس عندما ضرب الرسول صلى الله عليه وسلم الصخرة التى اعترضت حفر الخندق وتوهجت فظهرت قصور الشام والفرس وبصرى .6-) نبوءاته لما سيحدث للصحابة عندما كان على جبل أحد على سبيل المثال وكان معه أبى بكر وعمر وعثمان فعن ابن بشار حدث عن يحيى عن سعيد عن قتادة أن أنس بن مالك أن النبى صلى الله عليه وسلم صعد أحدا وأبو بكر وعمر وعثمان فرجف بهم فقال اثبت أحد فانما عليك نبى وصديق وشهيدان " اسناده صحيح وأخرجه أبو يعلى من حديث سعد بن سهل / صحيح البخارى .

7-) نبوءاته عن مقتل الحسين ، فقد تنبأ بمقتل الحسين وهو طفل صغير فقد ثبت عن أم الفضل بنت الحارث أنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت :" يا رسول الله ! انى رأيت حلما منكرا الليلة ، قال :" وما هو ؟ " ، قالت :" انه شديد ! ، قال :" وما هو ؟" ، قالت :" رأيت كأن قطعة من جسدك قطعت ووضعت فى حجرى " ، فقال :" رأيت خيرا ، تلد فاطمة ان شاء الله غلاما فيكون فى حجرك  فولدت فاطمة الحسين ، فكان فى حجرى كما قال رسول الله ، فدخلت يوما الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعته فى حجره ثم حانت من التفاتة فاذا عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يهريقان من الدموع قالت :" فقلت يا نبى الله بأبى أنت وأمى مالك ؟ " ، قال صلى اللعه عليه وسلم :" أتانى جبريل عليه السلام فأخبرنى أن أمتى ستقتل ابنى هذا ( يعنى الحسين ) فقلت :" هذا ؟ " ، فقال :" نعم ! وأتانى بتربة من تربته حمراء " أخرجه الحاكم .

8-) نبوءاته لسيدنا عثمان وما سيحدث له من المطالبة بترك الخلافة ودعوته له للتمسك بها وعدم خلع نفسه ، فعن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عثمان فناجاه فأطال ، وانى لم أفهم من قوله يومئذ الا أنى سمعته يقول له :" ولا تنزعن قميص الله الذى قمصك " .

9-)وقد تحدث الرسول صلى الله عليه وسلم عن أمور غيبية ستحدث بعده منها علامات يوم القيامة الصغرى والكبرى وهى كثيرة وهناك بحث كامل مطول عنها ، وكذلك من أمور الفتنة بين المسلمين وغيرها ، كما تحدث القرآن الكريم عن أمور غيبية وأمور تنبؤية مثل حديثه عن انتصار الروم على الفرس قبل أن تقع المعركة ، وكذلك فى سورة الاسراء عن بنى اسرائيل وما حدث منهم من افساد وتدمير لهم وما سيحدث فى وعد الآخرة لهم ، وهذا حديث مفصل فى موضع آخر ، وحديث عن بعث يأجوج ومأجوج ، وغير ذلك لما سيحدث فى الكون ، كل هذه الآيات تدل على صدق الرسالة حتى يوم القيامة  .

اصطفاء بآيات الاعجاز العلمى فى القرآن والسنة .

أحتوى كل من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة الكثير من آيات الاعجاز العلمى التى ألفت كتب فيها ، ولم يسبق لأحد من الرسل أوالكتب المنزلة أن احتوت على ذلك ، وهناك هيئة كاملة تسمى "ألاعجاز فى القرآن والسنة " يرأسها الدكتور زغلول النجار وتوجد فى المملكة العربية السعودية ، فالقرآن هو معجزةالله التى أيد بها رسوله الكريم حتى يوم القيامة ، وكذلك احتوت الأحاديث النبوية الشريفة الكثير من الاعجاز العلمى الذى سبق عصره ، وهناك مقالات خاصة بذلك ، وهذا اصطفاء للرسالة الاسلامية وللرسول الكريم صلى الله عليه وسلم .

اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم فى الأتباع - اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 6 )

اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 6 ) 

اصطفاء فى الأتباع .

ان أمة الاسلام وأتباع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم اصطفاهم الله على سائر الأمم ، فى سورة آل عمران " كنتم خير أمة أخرجت للناس نأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون " آل عمران 110 ، وفى حديث " حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده : " أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول فى قوله " كنتم خير أمة أخرجت للناس " قال : أنتم تتمون سبعين أمة ، أنتم خيرها وأكرمها على الله " ، وفى حديث " حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال :" حدثنا سعيد عن قتادة قال :ط ذكر لنا أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم وهو مسند ظهره الى الكعبة : نحن نكمل يوم القيامة سبعين أمة ، نحن آخرها وخيرها " ، وقد خصهم الله بنعم كثيرة وفضلهم على غيرهم ليس بالعنصرية ، ولكن بالعمل ، فهم خاتم الأمم ورسولهم خاتم الرسل والنبيين ، ويكون أفضل الشىء وأتمه آخره ، فالعمل يصل الى الكمال فى آخر مراحله  ، والبشرية مرت بمراحل فى حياتها ادت الى ما وسلت اليه من علم وتطور حضارى لم تصل اليه فى أى من مراحلها وبخاصة فى العلم والاتصال ، ورسالة الاسلام نالت هذا الكمال لأسباب كثيرة منها 1-) أن عقيدتها وكتابها ظلا نقيين لم يشوبهما تحريف وتغيير ، فالأمم السابقة فقدت كتبها السماوية وسير رسلها فلا يوجد على وجه الأرض سوى القرآن نقيا كما أنزله الله ، وما تبقى من رسالات سماوية من يهودية ونصرانية فقدت كتبها السماوية ، فالتوراة التى أنزلت على سيدنا موسى غير موجودة ، وكذلك الأنجيل وبأعتراف أتباعها ، وهذا مفصل فى بحث آخر ، بينما ظل القرآن برعاية الله محفوظا كما نزل بحروفه وآياته التى تتحدى العقول وتقول أنه منزل من عند الله " انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون " الحجر 10 ، فالله تعهد بحفظ ها الكتاب بكل وسائل الحفظ من حفظ فى الصدور وكتابة وتسجيل ، ووسائل العلم الحديث جعلت القرآن متاح بأصوات عدد لايحصى من القراء ويحفظه الملايين من المسلمين ، وسوف يظل محفوظا حتى يوم القيامة دون تحريف ، ، وهو الذى يحفظ للأمة عقيدتها ، كما حافظت الأمة على سيرة رسولها الكريم صلى الله عليه وسلم وما ورد عنه من أحاديث وسنة يمثلت فى أفعاله وأقواله وتقريره ، وهى تحفل بالكثير الذى يربى الأمة فلا تزيغ ، فالله حفظ أتباع محمد صلى الله عليه وسلم من بعده من الضلال بالحفاظ على القرآن ، وقد حافظت الأمة من بعد رسولها الكريم على كتاب الله وعلى سنته ، فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال :" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما ما تمسكتم بهما ، كتاب الله وسنتى ، ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض " أخرجه مالك مرسلا والحاكم مسندا وصححه ، وحديث أنس بن مالك قال :" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد تركت فيكم ما ان أخذتم به لن تضلوا : كتاب الله وسنة نبيه " ، وكذلك " حديث أبى سعيد الخدرى ( أخرجه الخطيب فى الفقيه والمتفقة ( ج 1 ) قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا فى مرضه الذى توفى فيه ونحن فى صلاة الغداة ، فذهب أبو كر ليتأخر فأشار اليه مكانك فصل مع الناس فلما انصرف حمد الله وأثنى عليه ثم قال : يا أيها الناس انى قد تركت فيكم الثقلين كتاب الله وسنتى فاستنطقوا القرآن بسنتى ولا تعسقوه فانه لن تعمى أبصاركم ولن تقصر أيديكم ما أخذتم بهما " ،

2-) ضاعف الله لأتباع الرسول صلى الله عليه وسلم الأجر مع قليل العمل ، فالحسنة بعشر أمثالها ، وذلك لبعوضها عن قصر عمرها وجعل السيئة بمثلها فقط ، وجعل للمسلم فى كل عمل يعمله حسنة اذا ذكر فيه الله حتى أكله وشربه ولبسه وكل عمل يعمله يثاب عليه حتى الشوكة يشاكها ، فعن صهيب رضى الله عنه قال :ط قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" عجبا لأمر المؤمن ان أمره كله خير ، وليس ذلك لأحد الا للمؤمن ، ان أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وان أصابته ضراء صبر فكان خيرا له " صحيح مسلم ، وعن أنس رضى اله عنه قال :" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" عجبت للمؤمن ان الله لايقضى للمؤمن قضاء الا كان خيرا له " مسند الامام احمد ، وقال سول الله صلى الله عليه وسلم :" من يرد الله به خيرا يصيب منه " صحيح البخارى ، وعن عبد الله قال :" دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوعك فقلت يا رسول الله انك لتوعك وعكا شديدا قال :" أجل انى أوعك كما يوعك رجلان منكم ، قلت ذلك أن لك أجرين قال :ط أجل ذلك كذلك ، ما من مسلم يصيبه أذى شوكة فما فوقها الا كفر الله بها سيئاته كما تحط الشجرة ورقها " صحيح البخارى ، وعن أبى هرير رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال :" ما يصيب المسلم من نصب ولا ةصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها الا كفر الله بها من خطاياه " صحيح البخارى ، وعن أنس قال :" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" اذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة فى الدنيا ، واذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة " صحيح الترمذى ، وقالت السيدة عائشة رضى الله عنها :" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ما من مصيبة تصيب المسلم الا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها " صحيح البخارى ، ويقول الله تعالى " قل يا عبادى الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا فى هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة انما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب " الزمر 10 ، وكل هذا الجزاء يقرب من الجنة ويباعد عن النار ، وقد سهل الله لهذه الأمة التوبة أيضا فىحديث أخرجه الترمذى وابن ماجه وأحمد وابن حبان والحاكم وأبو يعلى وغيرهم عن أبى هريرة رضى الله عنه قال :" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا يزال الله تبارك وتعالى يقبل التوبة عن عبده حتى يغرغر بنفسه " ، وفى سورة الزمر " قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم * وأنيبوا الى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون * وأتبعوا أحسن ما أنزل اليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون * أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت فى جنب الله وان كنت لمن الساخرين " الزمر 53 – 56 ، وكانت التوبة عند اليهود لاتقبل الا بقتل النفس ، ففى سورة البقرة يخاطب سيدنا موسى قومه فيقول " واذ قال موسى لقومه يا قوم انكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فيوبوا الى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم انه هو التواب الرحيم " البقرو 54 ، وفى الحديث أن سهل بن أبى أمامة دخل هو وأبوه على أنس بن مالك زمن عمربن عبد العزيز وهو أمير فصلى صلاة خفيفة كأنها صلاة المسافر أو قريب منها فلما سلم قال :" يرحمك الله ، أرأيت هذه الصلاة المكتوبة أم شىء تتفلته ؟ قال :" انها المكتوبة ، وانها صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما أخطأت الا شيئا سهوت عنه ! ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول :" لاتشددوا على أنفسكم فيشدد الله عليكم ، فان قوما شددوا على أنفسهم فشدد عليهم فتلك بقاياهم فى الصوامع والديارات " .

3-) أحل الله لهم طيبات حرمت على غيرهم مثل الغنائم التى حرمت على من قبلهم ، وكذلك الذبائح أحلت بكاملها ، بينما أحل لبنى اسرائيل من اللحم فقط ما أختلط بعظم وما حملت ظهور البقر والغنم والحوايا  ، فى سورة الأنعام " وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذى ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما الا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما أختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وانا لصادقون " الأنعام 146 وتقول الآية " ذلك جزيناهم ببغيهم ، فالبغى هو التعدى على ما شرع الله ، وهم الذين أنزل الله عليهم المن والسلوى فسألوا سيدنا موسى أن يريهم الله جهرة حتى يؤمنوا " واذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون * ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون " البقرة 55-56  ، وقد عددت سورة البقرة بغيهم ، وحرم الله على المسلمين الخبائث وأحل لهم الطيبات فحرم عليهم لحم الخنزير والخمر وما شابه وكل ما يضر بالصحة .

4-) سهل الله لهم أمور عقيدتهم فجعل الله لهم الأرض مسجدا وطهورا فى الصلاة التى يتقربون بها الى الله ، فالمسلم أينما أدركته الصلاة يصلى ، ويسر الله لهم العبادة ومنحهم من الرخص فى كافة العبادات الكثير ، وهذا يضاعف من حسناتهم ويجعلهم دائما قريبين منه مما يزيد من محبته لهم لقربهم منه وطاعتهم له ، والتيسير فى الاسلام وشرائعه يحتاج الى تفصيل كثير ، وهناك فقه يسمى فقه التيسير ، فعن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال :" ان الدين يسر ، ولن يشاد الدين أحدا الا غلبه ، فسددوا ( أى اطلبوا السداد والاستقامة ) وقاربوا ( أقتصدوا فى الأمور ) وأبشروا ( أى تحدثوا بالخبر السار ) واستعينوا بالغدوة ( بالفتح أى السير أول النهار ) والروحة ( السير بعد الزوال ) وشىء من الدلجة ( بالفتح السير آخر الليل وقيل الليل كله ) " أخرجه البخارى والنسائى واللفظ للبخارى ، وعن السيدة عائشة رضى الله عنها قالت :" ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين الا أخذ أيسرهما ، ما لم يكن اثما ، وان كان اثما كان أبعد الناس منه ، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه الا أن تنتهك حروة الله عز وجل " صحيح مسلم .

5-) جعل الله أتباع الرسول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأمته خاتم الأمم ، وخاتم الشىء كماله ، يقول الله "  اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الاسلام دينا  " المائدة 3، وخاتم العمل أجوده ، فلا رسل بعد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ويصف القرآن هذا بقوله " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم فى وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم فى التوراة ومثلهم فى الانجيل كزرع أخرج شطئه فآزر فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما " الفتح 29 ، ويقول " ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شىء عليما " الأحزاب 40 ، فجعل الله فى رسولهم الكمال فى كل شىء وجعل فى رسالته الكمال ، ومن اتبع الكمال نال رضوان الله وحسن الخاتمة فى الجنة ونعيمها ، وفى حديث عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" كل أمتى يدخلون الجنة الا من أبى ، قيل ومن يأبى يارسول الله ؟! قال : من أطاعنى دخل الجنة ومن عصانى فقد أبى " حديث صحيح رواه البخارى فى الصحيح ، فالله قد باهى بهم الأمم من قبلهم فى طاعته وبما هم عليه من صفات ، يقول الله " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون " آل عمران 110  ، وفى حديث عن أبى سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن المسيب قالا : كان أبو هريرة يحدث أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم ، فانما هلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم " صحيح مسلم .

6-) لم يسلط الله عليهم الخسف والهلاك كما سلطه على الذين من قبلهم ، وجعل العقاب يخص ، ويكون الهلاك مع الساعة وكثرة العصاة ونزع الاسلام من الأرض ، فقوم نوح أهلكوا بالطوفان ،وقوم عاد وقوم ثمود وقوم لوط أهلكهم الله لعصيانهم رسلهم ، ولكن الله بدعوة رسوله رفع ذلك عن أمته حتى عندما ذهب الى الطائف ونزل عليه الملك –ملك الجبال وقال له " يا محمد أمرنى ربى أن أكون طوع ارادتك  لو شئت لأطبقت عليه الأخشبين  أى الجبلين ، قال : لا يا أخى اللهم أهد قومى فانهم لا يعلمون -  أرجوا أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا " متفق عليه عن عائشة رضى الله عنها  ، عن عامر بن سعد عن أبيه : أن ر سول الله صلى الله عليه وسلم أقبل  ذات يوم من العالية ، حتى اذا مر بمسجد بنى معاوية دخل فركع فيه ركعتين وصلينا معه ، ودعا ربه طويلا ، ثم انصرف الينا فقال :" سألت ربى ثلاثا ، فأعطانى أثنين ومنعنى واحدة ، سألت ربى أن لايهلك أمتى بالسنة ( بفتح السين أى الجوع ) فأعطانيها ، وسألته أن لا يهلك أمتى بالغرق فأعطانيها  ، وسألته أن لا يجعل بأسهم  بينهم فمنعنيها " رواه مسلم فى باب هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض من باب كتاب الفتن .

اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم بالعقيدة والرسالة -اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 5 )

اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 5 ) 

اصطفاء العقيدة والرسالة .

ان عقيدة الاسلام ورسالته تشمل العالم بأسره ، يقول الله سبحانه وتعالى " تبارك الذى نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا " الفرقان1 ، وفى سورة سبأ " وما أرسناك الا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لايعلمون " سبأ 28 ، ويقول فى حديث عن أبى هريرة رضى الله عنه :" بعثت من خير قرون بنى آدم ، قرنا فقرنا ، حتى كنت من القرن الذى كنت فيه " رواه البخارى فى باب صفة النبى صلى الله عليه وسلم ، وقال فى حديث عن ابن عباس رضى الله عنهما :" قيل للرسول صلى الله عليه وسلم أى الأديان أحب الى الله قال الحنيفية السمحة " ( المراد بالحنيفية ملة ابراهيم والسمحة أى السهلة ) أخرجه أحمد فى مسنده وعلقه البخارى فى صحيحه ووصله فى الأدب المفرد ، وفى حديث أخرجه أحمد بسند حسن عن عائشة رضى الله عنها :" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :ط بعثت بالحنيفية السمحة السهلة " ، وفى حديث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبوك قام من الليل يصلى فاجتمع وراءه رجال من أصحابه يحرسونه حتى اذا صلى انصرف اليهم فقال لهم :" لقد أعطيت الليلة خمسا ما أعطيهن أحد قبلى ! ، أما أنا فأرسلت الى الناس كلهم عامة ، وكان من قبلى انما يرسل الى قومه ، ونصرت على العدو بالرعب ، ولو كان بينى وبينهم مسيرة شهر لملىء رعبا ، وأحلت لى الغنائم آكلها ، وكان من قبلى يعظمون أكلها ، كانوا يحرقونها ، وجعلت لى الأرض مسجدا وطهورا ، أينما أدركتنى الصلاة تمسحت وصليت ، وكان من قبلى يعظمون لك ، انما كانوا يصلون فى كنائسهم وبيعهم ، والخامسة هى ما هى ؟ قيل لى : سل فان كل نبى قد سأل ، فأخرت مسألتى الى يوم القيامة ، فهى لكم ولمن شهد أن لا آله تلا الله " أخرجه أحمد ( الفتح الربانى ح 21 ) ، وأى رسول بعثقبله كان لقوم أو طائفة ، ثمود أخاهم صالح ، لوط الى قومه ، نوح الى قومه ، شعيب الى قومه ، سيدنا موسى لبنى اسرائيل ، سيدنا عيسى أيضا لبنى أسرائيل ، أما محمد صلى الله عليه وسلم أرسل للعالمين كافة انطلاقا من مكة وللعام كله ، وعقيدة الاسلام هى عقيدة الرسل والأنبياء ، ولو تأملنا كلمة " الاسلام " تعنى اسلام النفس الى الله سبحانه وتعالى والى طريق الله واتباع كل ما يؤدى الى ذلك ، وتحية الاسلام هى السلام فالسلام اذا تحقق مع الله ومع النفس ومع الناس فقد تحقق الاسلام ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :" لاتدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، ألا أدلكم على شىء اذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم " رواه مسلم ، وفى الحديث المتفق عليه أن رجلا سال رسول الله صلى الله عليه وسلم أى الاسلام خير ؟ قال : تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف " فالسلام هو المدخل للمرضاة والرضى ، لابد للمسلم أن يسلم نفسه الى الله ، ومنها كلمة التسليم وفى سورة النساء " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما " النساء 65 ، فالتسليم بما أنزل الله وبما أقره رسوله وعدم الالتفاف حوله أو اباع الهوى والجدل الذى يضل عن سبيل الله ، واختيار كلمة الاسلام فى حد ذاته يوحى بالاصطفاء فى العقيدة والرسالة ، يقول الله " وجاهدوا فى الله حق جهاده هو اجنباكم وما جعل عليكم فى الدين من حرج ملة أبيكم ابراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفى هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا سهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير " الحج 78 ، وهذه الآية تلخص العقيدة الاسلامية كما أرادها الله ، وكما وردت فى الأحاديث ، ولابد أن نفخر بذلك لأننا لو أتبعنا هذا المدلول وهذا المعنى فقد اتبعنا دين الله وشرع الله ومنهج رسوله الخاتم فهو استمرار للرسل من قبله ، وما أصطفى الله به رسوله الكريم أيضا هو القرآن الذى لا تنقضى معجزاته وعجائبه ، وهو الدليل على صدق الريالة ، فلا بد أن نتعامل معه بدراسته وتدبر كل حرف من حروفه ودلالاته بالاتباع ، وهذا موضوع كبير يحتاج لوحده لدراسة مفصلة .

واذا ناقشنا هذا الموضوع لماذا الاسلام ؟ ولماذا القرآن ؟ من وجهة نظر موضوعية لآمنت النفوس واطمئنت القلوب دون الدخول فى المهاترات الجانبية " ، وفى سورة البقرة " وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وأليك المصير " البقرة 285.

اصطفاء الرسول صلعم فى الذرية والاسراء والمعراج اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 4 )

اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 4 ) 

اصطفاء فى الذرية .

أراد الله سبحانه وتعالى أن تكون ذرية الرسول صلى الله عليه وسلم من السيدة خديجة وأن يتوفى كل أبنائه من الذكور حتى ابراهيم ابنه من السيدة مارية القبطية مات وحزن عليه حزنا شديدا ، كل من عاش من أبنائه الاناث وكان فى ذلك حكمة من الله ، فالعرب كانت تأد البنات ، فكرم الله البنات فى ذلك ، ونعرف قصة جد الرسول صلى الله عليه وسلم ونذره اذا رزق بعشرة من الذكور أن يذبح أحدهم تقربا لله وقصة الافتداء ، ما يهمنا من القصة مدى حب العرب للذكور وبخاصة عبد المطلب الجد ، فكانت فلسفة الدين الاسلامى بث روح جديدة وانصاف المرأة والأنثى " ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون *  واذا بشر أحدهم بالانثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم  * يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه فى التراب ألا ساء ما يحكمون" النحل 57 -  59

والسيدة فاطمة زوجة الامام على رضى الله عنهما هى التى كان منها ذرية الرسول صلى الله عليه وسلم متمثلة فى أبناء سيدنا على ابن أبى طالب – الحسن والحسين ، وذلك على خلاف سيدنا ابراهيم وأبنائه فهم من الذكور – اسماعيل واسحاق ويعقوب ، وسيدنا عيسى عليه السلام هو معجزة الله خلق روحه فى بطن أمه دون أن تمر بمرحلة الأب ، وهذا أمر محسوم ، فالله هو الخالق والانسان مجرد وسيلة لكسب الروح الوجود المادى ، فروح سيدنا عيسى عليه السلام كانت مخلوقة عند الله منذ خلق آدم عليه السلام ، وأكتست الوجود المادى فى بطن أمه مباشرة ، وهذا أمر غير صعب فأيسر شىء على الله الوجود المادى ، فسيدنا عيسى عليه السلام هو روح من الله مخلوقة كسائر البشر منذ خلق آدم ولكنها نفخت دون المرور بمرحاة الأب مرحلة معاشرة الرجال للزوجات ، " ان مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون " آل عمران 59  ، وفى سورة النساء " يا أهل الكتاب لا تغلوا فى دينكم ولا تقولوا على الله الا الحق انما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمة منه ألقاها الى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم انما الله اله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما فى السموات وما فى الأرض وكفى بالله وكيلا " النساء 171 وتكفل الله عيسى عليه السلام ونسبه الى أمه ، فهل النطفة أو الماء المهين هو الذى يخلق بشرا ، ان الذى يخلق هو الله سبحانه وتعالى ، فالماء المهين يقذف ولا ينشأ عنه ميلاد الا بمشيئة الله سبحانه وتعالى ، فكم منسيدة عاقر وكم منرجدل عقيم وكم من سيدة ورجل يتعاشرا ولا ينتج من ذلك ذرية ، فما الفرق أن يخلق سيدنا عيسى من أم وأن تنفخ فيه الروح مباشرة .

قلت ذلك حتى نعرف أن الله هو الذى يسير الأمور ، قيجعل سيدنا ابراهيم الذى تربى على الحنفية أبا لسلسلة من الأنبياء على الكبر " الحمد لله الذى وهب لى على الكبر اسماعيل واسحاق ان ربى لسميع الدعاء " ابراهيم 39 ، وجعل مريم البتول العذراء أما لنبى ، وجعل محمد عليه الصلاة والسلام رسولا ينشأ يتيما وتكن ذريته من ابنته ، فحكم الله فى خلقه وفى رعايته وفى بعثه واختياره لرسله كثيرة .

اصطفاء برحلة الاسراء والمعراج ولقاء الله فى السموات العليا .

لقد اصطفى الله سبانه وتعالى رسوله الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم برحلة أرضية للمسجد الأقصى هى رحلة الاسراء من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى " سبحان الذى أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذى باركنا حوله لنريه من آياتنا انه هو السميع البصير " الاسراء 1 ، ورحلة المعراج التى فرضت فيها الصلاة ، وكانت هذه الرحلة فى عام الحزن ، وهو العام الذى توفيت فبه زوجته السيدة خديجة وعمه أبو طالب وهما السند له فى الدعوة ، واشتداد أذى قريش له ولاصحابه ، ووقف ينادى ربه بعد أن توجه الى الطائف وأدميت قدماه بعد أن تعرض للرضخ بالحجارة من صبيان وسغهاء ثقيف وآوى الى بستان يحتمى بحائطه وناجى ربه :" اللهم اليك أشكو ضعف قوتى ، وقلة حيلتى وهوانى على الناس ...... " ، وقد تم التطرق الى رحلة الاسراء والمعراج وما فيها من اصطفاء فى بحث مطول ، ولكنها رحلة لم تكن لرسول أو نبى قبله ، فحتى سيدنا موسى عندما كان بالطور وأراد أن ينظر الى الله دك الجبل وخر على الأرض " ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرنى أنظر اليك قال لن ترانى ولكن أنظر الى الجبل فان استقر مكانه فسوف ترانى فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت اليك وأنا أول المؤمنين * قال ياموسى انى اصطفيتك على الناس برسالاتى وبكلامى فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين " الأعراف 143 – 144 ،فسيدنا موسى كلمه الله ، أما رحلة الاسراء والمعراج وما كان فيها من تجليات من الله على حبيبه ورسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فهذا اختصاص مابعده وما قبله اختصاص ونعلم كيف أم النبيين فى بيت المقدس ، ويعتبر اصطفاء ما قبله ولا بعده اصطفاء " لقد رأى من آيات ربه الكبرى " النجم 18.

رعاية الله لرسوله محمد صلعم قبل البعثة - اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 3 )

اصطفاء الله لرسوله محمد صلعم ( 3 ) 
رعاية الله لرسوله محمد صلعم قبل البعثة .

أربعون عاما من حياة النبى صلى الله عليه وسلم قبل بعثته كلها صفاء ونقاء وتجلت فيها الصفات الحميدة وظهرت فيها العناية الربانية فى اعداد سيد البرية  ، توفى الوالد قبل الولادة ودفن فى أرض يثرب حتى جاء ميلاد ممد صلى الله عليه وسلم فيولد بشعب بنى هاشم فى صبيحة يوم الأثنين التاسع من شهر بيع الأول لأول عام من حادثة الفيل ، وقيل الثانى عشر من شهر ربيع على الأرجح ، وهو الذى نحتفل فيه بميلاده كل عام من حادثة الفيل ، وقبل هجرته بثلاث وخمسين سنة ، ويوافق ذلك العشرين أو الثانى والعشرين من ابريل 571 م حسبما ذكره بعض المحققين ، ولد بين أحضان أمه وأم أيمن وثويبة مولاة أبى لهب ، وانتقل مع أمه حليمة السعدية لترضعه فى مضارب بنى سعد بن بكر على عادة العرب ، ونشأ فيها صغيرا ولعب مع أقرانه الصغار ورعى الغنم حتى بلغ أربع سنين ، وبينما هو يلعب مع الغلمان اذ به يصرع ويضجع من رجلين عليهما ثياب بيض لينطلق المنادى الى أمه بنداء الرعب والخوف " لقد قتل محمد ! " ، فكان ذلك القتل هو شق الصدر ، فقد أضجعه الرجلان ثم أخرجا منه علقة سوداء وألقياها فانتهت حظوظ الشيطان منه ، ثم غسلا قلبه فى طست من ذهب بماء زمزم ، ثم أعادا قلبه الى مكانه ، فجاء الصغير الى القوم وهو متقع اللون ، يقول أنس رضى الله عنه :" وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط فى صدره " ، فلما رأت حليمة ذلك خافت على لصغير من أن يصبه شىء فاتخذت قرارا برده الى أمه فرجع الى أحضان أمه ترعاه وتحنو عليه حتى بلغ ست سنين ، فعزمت على السفر الى يثرب ومكثت شهرا ، وفى رحلة الرجوع بين يثرب ومكة توفيت ودفنت فى مكان يقال له الأنواء ، وروى بريدة رضى الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم مر يوما على قبر فانتهى اليه وجلس ، وجلس الناس حوله ، فجعل يحرك رأسه كامخاطب ثم بكى بكاءا لم يبكه من قبل ، فاستقبله عمر فقال :" يا رسول الله ما يبكيك ؟ " ، فقال :" هذا قبر آمنة بنت وهب " ، وبعد وفاة الأم انتقل الى جده عبد المطلب الذى كان يعطف عليه وجعله مقدما على أولاده وبنيه ، ويروى أن لعبد المطلب فراشا لايجلس عليه غيره اجلالا له واحتراما ، فكان ممد الصغير هو الوحيد المصرح له بالجلوس ، فيأتى الأولاد والأبناء ليبعدوه فيقول الجد :" دعوه والله ان لهذا شأنا ! " ، وتمر الأيام حتى يبلغ ثمان سنين ويموت جده لينتقل الى عمه أبا طالب ، فنهض باليتيم على أكمل وجه ، وضمه الى بنيه وقدمه عليهم واختصه بمزيد احترام وتقدير ، وتمر الأيام .... ويأتى على قريش سنون عجف : أجدبت الأرض ، وكاد يهلك بها القوم ، فبات الناس فى شظف من العيش ، فما كان من قريش الا أن طلبوا من سيدهم أبا طالب أن يستسقى لهم ، فخرج أبو طالب يستسقى والسماء ما فيها من قزعة ! ، ومعه الغلام اليتيم الصغير وهو يتذكر كلمات عبد المطلب ( والله ان لهذا شأنا ) ، فألصق ظهره بالكعبة واستسقى فأقبل السحاب من كل جانب وانفجرت السماء بماء منهمر فقال أبو طالب : وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * بمال اليتامى عصمة للأرامل .

وبلغ النبى صلى الله عليه وسلم اثنتى عشرة سنة ورافق ركائب قريش نحو الشام فاصطبه عمه ، فلما وصلوا الى بصرى نزل القوم للراحة ، فخرج اليهم بحيرى الراهب ، ولم تكن من عادته الخروج اليهم ، فتخللهم حتى جاء الى الفتى الصغير وأخذ بيده وقال :" هذا سيد العالمين ! هذا رسول رب العالمين ! هذا يبعثه الله رحمة للعالمين ! " ، فقال أبو طالب وأشياخ قريش : " وما علمك بذلك ؟ " ، فقال :" انكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق حجر ولا شجر الا خر ساجدا ، ولا يسجد الا لنبى ، وانى أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة ، وانا نجده فى كتبنا " ، ثم سأل أبا طالب ألا يذهب به الى الشام خوفا عليه من الروم واليهود ، فرده أبو طالب بغلمان معه الى مكة ، وتمر الأيام وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يرعى الغنم الذى رعاها فى بنى سعد ثم فى مكة على قراريط لأهلها ، ويتحدث النبى الكريم صلى الله عليه وسلم عن نفسه فى تلك الفترة فيقول :" ما هممت بشىء مما كان أهل الجاهلية يهمون به من النساء ، الا ليلتين ، كلتاهما عصمنى الله تعالى منهما ، قلت ليلة لبعض فتيان من مكة – ونحن فى رعاية غنم أهلنا – فقلت لصاحبى :" أبصر لى غنمى حتى أدخل مكة ، فأسمر فيها كما يسمر الفتيان فقال :" بلى ! " ، فدخلت حتى اذا جئت أول دار من دور مكة سمعت عزفا بالغرابيل والمزامير ، فقلت :" ما هذا ؟ " ، فقيل :" تزوج فلان فلانة " ، فجلست أنظر ، وضرب الله على أذنى ، فو الله ما أيقظنى الا مس الشمس ، فرجعت الى صاحبى فقال :" ما فعلت ؟" ، فقلت :" ما فعلت شيئا " ، ثم أخبرته بالذى رأيت ، ثم قلت له ليلة أخرى :" أبصر لى غنمى حتى أسمر بمكة ففعل "، فدخلت فلما جئت مكة سمعت مثل الذى سمعت تلك الليلة ، فسألت فقيل فلان نكح فلانة ، فجلست أنظر ، وضرب الله على أذنى ، فوالله ما أيقظنى الا مس الشمس ، فرجعت الى صاحبى فقال :" ما فعلت ؟" ، قلت:" لا شىء " ، ثم أخبرته بالخبر ، فو الله ما هممت ولا عدت بعدها لشىء ، حتى أكرمنى الله بنبوته "

انها الرعاية الربانية تقف للحيلولة بينه وبين النوازع ، ولذلك جاء فى الأثر " أدبنى ربى فأحسن تأديبى " ، وتمر الأيام ليبلغ النبى صلى الله عليه وسلم عشرن عاما ليشهد حربا وقعت فى شهر محرم – هى حرب الفجار ، وقعت تلك الحرب سوق عكاظ بين قريش ومعهم كنانة وبين قيس عيلان ، وكان النبى صلى الله عليه ةسلم يجهز النبل للرمى ، وكثر القتل فى الطرفين ، حتى تدخل عقلاء القوم لهدم ما وقع من عداوة وشر فحدث " حلف الفضول " ، حيث تداعت قبائل من قريش فى ذى القعدة فى دار عبد الله بن جدعان التيمى فتعاهدوا وتعاقدوا على ألا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها وغيرهم من سائر الناس الا قاموا معه ، وشهد هذا الحلف النبى صلى الله عليه وسلم وقال عنه بعد أن أكرمه الله بالنبوة :" لقد شهدت فى دار عبد الله بن جدعان حلفا ما أحب أن لى به حمر النعم ، ولو أدعى به فى الاسلام لأجبت " ، ولا عجب فى ذلك فهو نبى الرحمة والعدالة ، وتمضى الأيام حتى يبلغ النبى صلى الله عليه وسلم الخامسة والعشرين من عمره ليخرج الى بلاد الشام للتجارة فى مال خديجة بنت خويلد بعد أن سمعت بأخبلر الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم ، وجعلت معه غلام لها يقال له ميسرة ، وبعد أن رجع رأت خديجة فى ما لها من الأمانة والبركة ما لم تره من قبل ، وحدثها ميسرة بما رآه من حال الصادق الأمين ، وكان سادة قريش قد تقدموا للزواج منها ولكنها أبت ، وبعد أن رأت ما رأت من محمد صلى الله عليه وسلم عزمت على نية أفصحتها لصديقتها نفيسة بنت منبه ، وهى رغبتها فى الزواج منه قذكرت ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم فرضى بذلك ، لا أن والد خديجة حاول عبثا الوقوف أمام هذا الزواج الميمون ، الا أن حبلة خديجة كانت حكما قاضيا فى الموضوع ، ويتزوج الشريف الشريفة وتمر الأيام والأعوام ويرزق منها البنين ، ويجرف مكة سيل عرم وتتصدع جدران الكعبة حتى أوشكت على الأنهيار ، فتتفق قريش على اعادة بنائها بشرط " الا يدخل فى بنائها الا طسبا " ، فلا يدخل فيها مهر بغى ، ولا بيع ربا ، ولا مظلمة لأحد من الناس " ، ويشارك النبى صلى الله عليه وسلم صاحب الخمس وثلا ثين علما فى البناء ، حتى يحدث الخلاف على شرف وضع الحجر الأسود أربع ليال أو خمس حتى كادت تقع حرب ضروس ، الا أن أبا أمية بن المغيرة المخزومى عرض عليهم أن يحكموا فيما شجر بينهم أول داخل عليهم من باب المسجد ، فكان ممد صلى الله عليه وسلم الذى اقترح أن يوضع الحجر فى رداء ويمسك الجميع بأطراف ذلك الرداء ويرفعوه حتى اذا أوصلوه الى موضعه أخذه بيده فوضعه فى مكانه ، وتمر الأيام وكان صلى الله عليه وسلم لا يحضر عيدا لوثن ولا يشهد احتفالا عند صنم ولا يحلف للآت ، ولا يتقرب بعزى ، ولا يشرب خمرا ، ولا يأكل مذبوحا على نصب ، فأبغض ذلك كله ، يقول مولاه زيد بن حارثة رضى الله عنه :" ... فو الذى أكرمه وأنزل عليه الكتاب ما أستلم صنما حتى أكرمه الله بالذى أكرمه وأنزل عليه ، فكان صلى الله عليه وسلم موحدا على ملة ابراهيم الخليل عليه السلام ، لقد جمع الصادق الأمين من الأوصاف والشمائل ما جعلت محبته لاتقف عند البشر بل تتعداه الى الحجر والشجر يقول صلى الله عليه وسلم بعد أن أكرمه الله بالرسالة :" انى لا أعرف حجرا بمكة كان يسلم على قبل أن أبعث !! ، وتمر الأيام حتى بدأ طورا جديدا من حياته فكان يرى الرؤية ثم لا يلبث حتى يراها واقعا مشهودا أمامه ، فكان ذلك باية بشرى النبوة والرسالة والاصطفاء لتكون البداية الحقيقية فى الغار ، غار حراء حيث كلن يتعبد ونزل عليه الوحى ، وهكذا نرى من رعاية الله لرسوله الكريم من خلال الوقائع السابقة قبل بعثه ، فعندما ولد الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتيم الأب وماتت الأم وهو طفل صغير ، فكان يتيم الأب فتكفل الله برعا يته  وتربيته وأجريت له عملية شرح الصدر عندما كان صغيرا حتى يخرج منه كل أثر للشيطان ، فكان بعيدا عن شباب العرب لاينغمس فى لهوهم ، وحتى فى المرة التى كان ينوى فيها حضور عرس ضرب الله على أذنيه فنام حتى لايمسه أى شىء ، ولو كان صغيرا فى هذه البيئة الجاهلية التى كانت الخمر فيها سائدة وكانت هناك القينات والمعازف التى تلهى القلب ، فكان للعرب مجالس اللهو ، ، فحتى مستصغر الشرر حفظ الله رسوله منه حتى يظل نقيا لايمس أذنيه أو فمه أو قلبه أو صدره النذر اليسير من ما به شبهة أو كان محرما ، فنشأ فى عبادة الله ، ويمكن أن نقارن بين نشأته ونشأة سيدنا يوسف مثلا ، فسيدنا يوسف نشأ فى الصحراء ثم انتقل ليعيش فى قصر عزيز مصر والت كانت تعتبر أفضل دول العالم حضارة ، وتعرض لأمرأة العزيز وفتنتها ، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعرضه الله حتى لهذه الفتنة وهو فى كفالة جده عبد المطلب ثم عمه أبى طالب ، يقول القرآن الكريم " انك بأعيننا ووحينا " ، فكان بطبعه واجتباء ربه له يعيش بعيدا عن لهو الشباب ، وكان يتعبد فى غار حراء الذى كان يشرف على بيت الله الحرام ، فيذكر الله فى خلوة حتى نزل عليه الوحى فى هذه الخلوة ، وكان من العرب من لايزال على دين ابراهيم ومن اتبع اليهودية أو النصرانية ، ولكن اليهود أو النصارى لم يعيشوا فى مكة ، أما من كان فى مكة فهم العرب الوثنيون أو من بقى على دين سيدنا ابراهيم الحنيفية السمحة مثل ورقة ابن نوفل ، وقد اختار الله له اسمه فلم يسبقه الى هذا السم أحد من العرب وهو محمد من الحمد ، فهو محمد من الله على وزن ممجد صيغة مفعل " حمد / مجد " من حمد بفتح الحاء وكسر الميم ، أى أثنى بخير على الشخص ، وحمد الشىء رضى عنه وارتاح عليه ، ويقال أحمد الرجل وغيره صار محمودا ، وفعل ما يحمد عليه ، ويقال أحمد فلانا رضى فعله أو مذهبه ، والأسم من " حمد " فلانا أثنى عليه مرة بعد مرة ، وتحمد فلان الناس واليهم بصنيعه أراهم أنه يستحق الحمد عليه ، وأستحمد الى الناس باحسانه اليهم أستوجب عليهم حمدهم له ، والحمد هو الثناء الجميل ، والحمدة وصف للمبالغة وهو الذى يكثر حمد الأشياء ويقول فيها أكثر مما فيها ، والمحمد ما يحمد المرء به أو عليه وجمعها محامد .

ونستنتج من كل ذلك أن هذا الفعل ومشتقاته كلها تندرج تحت الحمد أى الثناء والمدح سواء الذى يقع على الشخص أو الذى يصدر من الشخص ، وكل مشتقات الفعل واستخداماته حتى بتغيير حرف الجر أو الفاعل أو المفعول أو أسم الفاعل أو أسم المفعول كلها حسنة فمحمد يقع عليه الثناء من ربه الذى أطلق عليه الأسم ، ومحمد أسم مفعول من حمد فهو محمد اذا كان كثير الخصال التى يحمد عليها ولذلك كان أبلغ من محمود فان محمودا من الثلاثى المجرد زمحمد من المضاعف للمبالغة فهو الذى يحمد أكثر مما يحمد غيره من البشر ولهذا والله أعلم سمى به فى التوراة لكثرة الخصال المحمودة التى وصف الله بها هو ودينه وأمته فى التوراة حتى تمنى موسى عليه السلام أن يكون منهم ، وأما أحمد فهو أسم على زنة أفعل للتفضيل مشتق أيضا من الحمد ، وقد اختلف الناس فيه هل هو بمعنى فاعل أو مفعول فقالت طائفة بمعنى الفاعل أى حمده لله أكثر من حمد غيره له فمعناه أحمد الحامدين لربه ورجحوا هذا القول بأن قياس أفعل التفضيل أن يصاغ من فعل الفاعل لا من الفعل الواقع على المفعول ، ومدح الله لرسوله ورد فى القرآن فله سورة باسمه " سورة محمد " ومدحه الله فى خلقه " وانك لعلى خلق عظيم " ، ويقول " ورفعنا لك ذكرك " ، ويقول " انا أعطيناك الكوثر " ، وصيغ المدح والخطاب والتكريم للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فى القرآن كثير ويحتاج الى بحث آخر .

وكان ممدوحا ومحمدا من العرب ، فعرف بالصادق الأمين ، وهما أهم صفتان لمن أراده الله أن يحمل الرسالة ، الصدق والأمانة – صدق التبليغ والأمانة عليه بحيث لا يمسه التحريف " وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحى يوحى " ، فبلغ قرآن ربه الذى أنزل عليه كما أنزل وحافظ عليه مع صحابته فسجل على كل ما تيسر من مواد من جانب كتاب الوحى ، فالامانة فى تبليغ الرسالة نقية بيضاء لايشوبها تحريف على يد الصادق الأمين ، ولاننسى قصة وضع حجر الكعبة التى احتكم فيها العرب اليه ، ولا ننسى الأمانات التى كانوا يتركونها عنده حتى مع خلافهم معه ، والتى أضطر بسببها أن يترك الامام على فى مكة ليسلمها الى أصحابها رغم حرج الموقف وحالة العداء التى كانوا عليه ضده والتى وصلت الى محاولة القتل وكان ذلك ممكن أن يثير الهواجس ، وكانت رعاية الله وتربيته له ، فهو نشأ أميا لايعرف القراءة والكتابة ، فلم يقرأ شيئا من الآخرين أو عنهم وانما كان تعليمه بالتلقى من الله ، وكان الالهام له من الله فى قوله وفعله ، فهو الذى يوحى اليه ، وهو الذى يسيره بقدره ، ومن يتناول أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وما بها من معجزات وشروحات سوف يلمس ذلك ، فهو الرسول المتلقى للوحى ، وهو المبلغ ، وهو الرسول المعلم الذى يعلم دين الله ويشرحه وهذا مجال آخر .

واستمر الرسول صلى الله عليه وسلم يرعى الغنم ويعرف بالصادق الأمين حتى وصل خبره الى السيدة خديجة بنت خويلد وهى من كبار نساء قريش فتزوجته بعد أن أعجبت بخلقه وجربت هذا الخلق فى رعاية تجارتها فقد ائتمنته فكان الصادق الأمين .

184- ] English Literature

184- ] English Literature Jane Austen  Austen’s novels: an overview Jane Austen’s three early novels form a distinct group in which a stro...